المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(25) - (104) - باب مصافحة الجنب - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الطهارة وسننها

- ‌(1) - (80) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ

- ‌(2) - (81) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى

- ‌(3) - (82) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّضْحِ بَعْدَ الْوُضُوءِ

- ‌(4) - (83) - بَابُ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَبَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(5) - (84) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ الْوُضُوءِ

- ‌(6) - (85) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالصُّفْرِ

- ‌(7) - (86) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌(8) - (87) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌(9) - (88) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(10) - (89) - بَابُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

- ‌(11) - (90) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(12) - (91) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌(13) - (92) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ

- ‌(14) - (93) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ

- ‌(15) - (94) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ

- ‌فائدة

- ‌(16) - (95) - بَابُ وُضُوءِ النَّوْمِ

- ‌(17) - (96) - بَابُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌(18) - (97) - بَابُ الْوُضُوءِ عَلَى الطَّهَارَةِ

- ‌(19) - (98) - بَابُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ

- ‌(20) - (99) - بَابُ مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يُنَجَّسُ

- ‌(21) - (100) - بَابُ الْحِيَاضِ

- ‌(22) - (101) - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ

- ‌(23) - (152) - بَاب: الْأَرْضُ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ كيْفَ تُغْسَلُ

- ‌(24) - (103) - بَاب: الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا

- ‌(25) - (104) - بَابُ مُصَافَحَةِ الْجُنُبِ

- ‌(26) - (105) - بَابُ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌تتمة

- ‌(27) - (106) - بَابٌ: فِي فَرْكِ الْمَنِيِّ مِنَ الثَّوْبِ

- ‌(28) - (107) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ

- ‌(29) - (108) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌(30) - (109) - بَابٌ: فِي مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ

- ‌(31) - (110) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ

- ‌فائدة

- ‌(32) - (111) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ

- ‌(33) - (112) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ

- ‌(34) - (113) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ

- ‌تتمة

- ‌أَبْوَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(35) - (114) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ

- ‌(36) - (115) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً

- ‌(37) - (116) - بَابٌ: فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَتَيْنِ

- ‌(38) - (117) - بَابٌ: فِي الْمَجْرُوحِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إِنِ اغْتَسَلَ

- ‌(39) - (118) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(40) - (119) - بَاب: فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(41) - (120) - بَابٌ: فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(42) - (121) - بَاب: فِي الْجُنُبِ يَسْتَدْفِع بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ

- ‌(43) - (122) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ يَنَامُ كهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً

- ‌(44) - (123) - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

- ‌(45) - (124) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ تَوَضَّأَ

- ‌(46) - (125) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ غُسْلًا وَاحِدًا

- ‌(47) - (126) - بَابٌ: فِيمَنْ يَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ غُسْلًا

- ‌(48) - (127) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ

- ‌(49) - (128) - بَابُ مَنْ قَالَ يُجْزِئُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ

- ‌(50) - (129) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ

- ‌(51) - (130) - بَابٌ: تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةٌ

- ‌(52) - (131) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ

- ‌(53) - (132) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النِّسَاءِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(54) - (133) - بَابُ الْجُنُبِ يَنْغَمِسُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ أَيُجْزِئُهُ

- ‌(55) - (134) - بَابُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ

- ‌(56) - (135) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ

- ‌(57) - (136) - بَابُ مَنِ احْتَلَمَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا

- ‌(58) - (137) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِتَارِ عِنْدَ الْغُسْلِ

- ‌(59) - (138) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ لِلْحَاقِنِ أَنْ يُصَلِّيَ

- ‌(60) - (139) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي قَدْ عَدَّتْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهَا الدَّمُ

- ‌(61) - (140) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ فَلَمْ تَقِفْ عَلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا

- ‌(62) - (141) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِكْرِ إِذَا ابْتُدِئَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ فَنَسِيَتْهَا

- ‌(63) - (142) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(64) - (143) - بَابُ الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ

- ‌(65) - (144) - بَابُ الْحَائِضِ تَتَنَاوَلُ الشَّيءَ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (145) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا

- ‌(67) - (146) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌(68) - (147) - بَابٌ: فِي كفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌(69) - (148) - بَابٌ: فِي الْحَائِضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ

- ‌(70) - (149) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي مُؤَاكلَةِ الْحَائِضِ وَسُؤْرِهَا

- ‌(71) - (150) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي اجْتِنَابِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ

- ‌(72) - (151) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَائِضِ تَرَى بَعْدَ الطُّهْرِ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ

- ‌(73) - (152) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّفَسَاءِ كَمْ تَجْلِسُ

- ‌(74) - (153) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌(75) - (154) - بَابٌ: فِي مُؤَاكلَةِ الْحَائِضِ

- ‌(76) - (155) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْحَائِضِ

- ‌(77) - (156) - بَابٌ: إِذَا حَاضَتِ الْجَارِيَةُ لَمْ تُصلِّ إِلَّا بِخِمَارٍ

- ‌(78) - (157) - بَابُ الْحَائِضِ تَخْتَضِبُ

- ‌(79) - (158) - بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ

- ‌(80) - (159) - بَابُ اللُّعَابِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(81) - (160) - بَابُ المَجِّ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(82) - (161) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَرَى عَوْرَةَ أَخِيهِ

- ‌(83) - (162) - بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَبَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(84) - (163) - بَابُ مَنْ تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ

الفصل: ‌(25) - (104) - باب مصافحة الجنب

(25) - (104) - بَابُ مُصَافَحَةِ الْجُنُبِ

(78)

- 529 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَقِيَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

===

(25)

- (104) - (باب مصافحة الجنب)

أي: جواز مصافحته لغيره.

* * *

(78)

- 529 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بـ (ابن علية) اسم أمه، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حميد) الطويل ابن أبي حميد، اسمه تير، أبي عبيدة البصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين، ويقال: ثلاث وأربعين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن بكر بن عبد الله) بن عمرو بن هلال المزني البصري، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي رافع) الصائغ نفيع بن رافع المدني العدوي مولاهم؛ مولى ابنة عمر بن الخطاب نزيل البصرة، ثقة، من الثانية. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(أنه) أي: أن أبا هريرة (لقيه النبي صلى الله عليه وسلم، واستقبله

ص: 225

فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَانْسَلَّ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ .. قَالَ:"أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؟ لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ".

===

(في طريق من طرق المدينة) أي: في زقاق من زقاق المدينة (وهو) أي: والحال أن أبا هريرة (جنب، فانسل) أبو هريرة -بتشديد اللام- من باب (انفعل)، وبناؤه للزوم؛ أي: ذهب عنه خفية وغاب، (ففقده النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: فطن لغيبته، فطلبه فلم يجده، ثم رجع إليه بعدما اغتسل.

(فلما جاء) أبو هريرة .. (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (أين كنت؟ ) أي: أين ذهبت وكنت فيه إلى الآن؟ فأين اسم استفهام، يُستفهم به عن المكان في محل النصب على الظرفية المكانية .. خبر كان مقدم عليها وجوبًا للزومه الصدارة؛ أي: أين شردت وكنت فيه إلى الآن؟ (يا أبا هريرة، قال) أبو هريرة: (يا رسول الله؛ لقيتني) أنت؛ أي: استقبلتني (وأنا) أي: والحال أني (جنب) أي: محدث حدثًا أكبر، (فكرهت أن أجالسك) أي: أن أجلس معك (حتى أغتسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن لا ينجس) -بفتح الجيم وضمها- أي: لا يصير نجسًا بما يصيبه من الحدث أو الجنابة.

والحاصل: أن الحدث ليس بنجاسة فيمنع من المصاحبة والمصافحة للغير، وإنما هو أمر تعبدي، يمنع عما جُعل مانعًا منه، ولا يُقاس عليه غيره. انتهى "سندي".

وقوله: "لا ينجس" يقال: بضم الجيم وفتحها لغتان، وفي ماضيه لغتان؛ نجس من باب (فرح)، وضمها من باب (كرم) فمن كسرها في الماضي .. فتحها في المضارع، ومن ضمها في الماضي .. ضمها في المضارع أيضًا. قاله

ص: 226

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

النووي، ومعنى قوله:"لا ينجس" أي: بالحدث سواء كان أصغر أو أكبر، ويدل عليه المقام؛ إذ المقام مقام الحدث، فلا يرد أنه يتنجس بالنجاسة، وقد يقال: إن المراد نفسه لا يصير نجسًا؛ لأنه إن صحبه شيء من النجاسة .. فنجاسته بسبب صحبته بذلك، لا أن ذاته صار نجسًا، فإذا زال ما كان معه من النجاسة .. فالمؤمن على حاله من الطهارة، فصدق أن المؤمن لا ينجس أصلًا.

والحاصل: أن مقتضى ما فعله أبو هريرة أن المؤمن يصير نجسًا بحيث يحترز عن صحبته ومصافحته حالة الجنابة، فرده صلى الله عليه وسلم بأن المؤمن لا يصير كذلك أصلًا، وذلك لا ينافي أن المؤمن قد يحترز عنه بالنظر إلى ما يصحبه من بعض الأنجاس؛ لأنه أمر معلوم من خارج. قاله الفاضل السندي في "حواشي الترمذي".

قال الحافظ: والحديث فيه جواز تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوبه، وبوّب عليه ابن حبان: الرد على من زعم أن الجنب إذا وقع في البئر، فنوى الاغتسال .. أن ماء البئر ينجس، واستدل به البخاري على طهارة عرق الجنب؛ لأن بدنه لا ينجس بالجنابة، فكذلك ما تحلب منه. انتهى، انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي، وفي لفظ البخاري والترمذي:(فانسللت)، وفي لفظ للبخاري:(فانخنست)، وفي لفظ مسلم والنسائي وابن ماجه:(فانسل). انتهى من "المنذري".

فدرجة هذا الحديث: أنه في أعلى الدرجات؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.

* * *

ص: 227

(79)

- 530 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِل الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَقِيَنِي

===

ثم استشهد له بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(79)

- 530 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.

(حدثنا وكيع ح وحدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري.

(أنبأنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي أبو سعيد القطان البصري.

(جميعًا) أي: كل من وكيع، ويحيى رويا:

(عن مسعر) بن كدام بن ظهير الهلالي أبي سلمة الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة ثلاث أو خمس وخمسين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن واصل) بن حيان (الأحدب) الأسدي الكوفي، ثقة، من السادسة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي وائل) الأسدي شقيق بن سلمة الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(ع).

(عن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي حليف الأنصار رضي الله عنه.

وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما كلهم ثقات.

(قال) حذيفة: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم من منزله، (فلقيني)

ص: 228

وَأَنَا جُنُبٌ، فَحِدْتُ عَنْهُ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ:"مَا لَكَ"، قُلْتُ: كُنْتُ جُنُبًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ".

===

أي: رآني (وأنا جنب) أي: استقبلني والحال أني جنب، (فحدت عنه) أي: ملت عن قبالته، من حاد يحيد إذا مال عن جادة الطريق ووسطه، (فاغتسلت) من جنابتي، (ثم جئتـ) ـه، (فقال) لي:(ما لك) يا حذيفة، أين تغيبت؟ (قلت) له:(كنت جنبًا) فتغيبت للاغتسال، (قال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المسلم) وكذا المسلمة (لا ينجس)، ففي الحديث دليل على أن عرق الجنب طاهر؛ لأن المسلم لا ينجس، وإذا كان لا ينجس .. فعرقه لا ينجس.

وهذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيًا وميتًا، فأما الحي .. فطاهر بإجماع المسلمين حتى الجنين، وكذلك الصبيان أبدانهم وثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتيقن النجاسة، فيجوز الصلاة في ثيابهم، والأكل معهم من المائع إذا غمسوا أيديهم فيه، ودلائل هذا كله من السنة والإجماع مشهورة، وأما الميت .. ففيه خلاف للعلماء، وذكر البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس تعليقًا:"المسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا". انتهى.

وتمسك بمفهوم الحديث بعض أهل الظاهر، فقال: إن الكافر نجس العين، وقواه بقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (1) وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد: أن المؤمن طاهر الأعضاء؛ لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك؛ لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد: أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم أن الله تعالى أباح نكاح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يأمن منه من يضاجعهن ومع ذلك، فلم يجب عليه من غسل الكتابية

(1) سورة التوبة: (28).

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إلا مثل ما يجب من غسل المسلمة، فدل على أن الآدمي الحي ليس بنجس العين؛ إذ لا فرق بين النساء والرجال. كذا في "فتح الباري".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم وأبو داوود والنسائي.

فدرجته: أنه صحيح، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: حديثان:

الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ذكره للاستدلال.

والثاني: حديث حذيفة، ذكره للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 230