الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7) - (86) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ
(19)
- 470 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ قَالَ الطَّنَافِسِيُّ: قَالَ وَكِيع: تَعْنِي: وَهُوَ سَاجِدٌ.
===
(7)
- (86) - (باب الوضوء من النوم)
(19)
- 470 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
(قالا: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران الكوفي، الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيرًا، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي أبي عمرو الكوفي، ثقة مخضرم، مكثر فقيه، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. يروي عنه:(ع). (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(قالت) عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام) في سجوده (حتى ينفخ) من باب (نصر) أي: يغط غطيط النائم، (ثم) يستيقظ و (يقوم) مستويًا، (فيصلي) ما بقي عليه من الصلاة، (ولا يتوضأ) الوضوء الشرعي، (قال) علي بن محمد (الطنافسي) في روايته:(قال وكيع: تعني) عائشة بقولها: كان ينام؛ أي: كان ينام (وهو ساجد) في الصلاة؛ لغلبة السهر والنوم عليه، ثم يقوم من السجود فيصلي؛ أي: يتم صلاته ولا يتوضأ.
(20)
- 471 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ،
===
قال السندي: (حتى ينفخ) أي: حتى يتنفس بصوت فيُسمع منه صوت النفخ، كما يُسمع من النائم.
قوله: (ثم يقوم، فيصلي ولا يتوضأ) لأنه تنام عينه، ولا ينام قلبه، كما جاء مصرحًا في الصحاح، فنومه غير ناقض؛ لأن النوم إنما ينقض الوضوء؛ لما خيف على صاحبه من خروج شيء منه وهو لا يعقل، ولا يتحقق ذلك فيمن لا ينام قلبه، وعلى هذا المعنى .. فلا حاجة إلى قول وكيع:(تعني وهو ساجد)، ولا إلى قول ابن عباس في حديثه الذي أخرجه الترمذي:(وهو جالس)، بل لا ينبغي ذكر أحاديث نومه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أصلًا إلا مع بيان أنه كان مخصوصًا بهذا الحكم من النبيين، فليتأمل؛ أي: بعدم نقض نومه الوضوء على أي هيئة نام. انتهى منه.
قوله: (ولا يتوضأ) أي: وضوءًا جديدًا؛ لعدم نقض نومه الوضوء من خصوصياته.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث ابن مسعود رضي الله عنهما، فقال:
(20)
- 471 - (2)(حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة) الحضرمي مولاهم أبو محمد الكوفي. روى عن: يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، وأبيه، وشريك بن عبد الله، ويروي عنه:(م د ق)، وأبو يعلى، والحسن بن سفيان.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو،
===
قال في "التقريب": صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ).
(حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني -بسكون الميم- الوادعي مولاهم أبو سعيد الكوفي. روى عن: حجاج بن أرطاة، وأبيه، والأعمش، وابن عون، وعاصم الأحول، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وعبد الله بن عامر، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابنا أبي شيجة، وآخرون.
قال ابن المديني: هو من الثقات، وقال أيضًا: لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه، وقال أيضًا: انتهى العلم إليه في زمانه، وقال النسائي: ثقة ثبت، وقال في "التقريب": ثقة متقن، من كبار التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومئة، وله ثلاث وتسعون سنة.
(عن حجاج) بن أرطاة -بفتح الهمزة- ابن ثور بن هبيرة بن شراحيل النخعي أبي أرطاة الكوفي القاضي. روى عن: فضيل بن عمرو، والشعبي، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم، ويروي عنه:(م عم)، ويحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، وشعبة، وعبد الرزاق، وخلق. قال في "التقريب": صدوق كثير الخطأ والتدليس، من السابعة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ).
(عن فضيل بن عمرو) الفقيمي -بالفاء والقاف مصغرًا- أبي النضر الكوفي. روى عن: إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، والأعمش، ومنصور، والشعبي، ويروي عنه:(م ت س ق)، وحجاج بن أرطاة، وأبان بن تغلب.
قال ابن معين: ثقة حجة، وقال العجلي: كوفي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من السادسة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ).
عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى.
===
(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن علقمة) بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامات بن كهل، ويقال: ابن كهيل بن بكر بن عوف، وقال ابن المنتشر بن النخع أبي شبل النخعي الكوفي، وُلد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عن: ابن مسعود، وعمر، وعثمان، وعلي، وخلق، ويروي عنه:(ع)، وإبراهيم النخعي، وعامر الشعبي، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وجماعة.
وقال في "التقريب": ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بالكوفة بعد الستين، وقيل: بعد السبعين.
(عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي رضي الله عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه حجاج بن أرطاة وهو مدلس، وفي "الزوائد": هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه حجاج بن أرطاة، وقد كان يدلس.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ) أي: صوّت صوت النائم المستغرق في نومه، (ثم قام) من نومه، (فصلى) بلا تجديد وضوء.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن له شاهدًا من حديث عائشة المذكور قبله، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.
ولكن رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده".
* * *
(21)
- 472 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ أَبِي مَطَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ أَبِي هُبَيْرَةَ الْأَنْصَارِيِ،
===
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(21)
- 472 - (3)(حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، حدثنا) يحيى (بن أبي زائدة) الوادعي الكوفي، تقدم البسط في ترجمتهما في الحديث قبله.
(عن حريث) مصغرًا (ابن أبي مطر) عمرو الفزاري أبي عمرو الحنّاط -بالنون- الكوفي. روى عن: يحيى بن عباد، والشعبي، والحكم بن عتيبة، وغيرهم، ويروي عنه:(ت ق)، وابن أبي زائدة، وشريك، وابن نمير، ووكيع، وغيرهم.
قال ابن معين: لا شيء، وقال عمرو بن علي: ضعيف الحديث، وقال البخاري: فيه نظر، وقال مرة: ليس بالقوي عندهم، وقال النسائي والدولابي: متروك، وقال الساجي: ضعيف عنده مناكير، وقال ابن حبان: ممن يخطئ، ولم يغلب خطؤه على صوابه، وبالجملة: اتفقوا على ضعفه، وقال في "التقريب": ضعيف، من السادسة.
(عن يحيى بن عبّاد) -بفتح العين، وتشديد الموحدة- ابن شيبان بن مالك الأنصاري السلمي (أبي هبيرة الأنصاري) الكوفي، يقال: إنه ابن بنت البراء بن عازب، ويقال: إنه ابن بنت خباب بن الأرت. روى عن: سعيد بن جبير، وأنس، وجابر، وأم الدرداء، وأرسل عن خباب بن الأرت، ويروي عنه:(م عم)، وحريث بن أبي مطر، وسليمان التيمي، وليث بن أبي سليم، ومسعر، وغيرهم.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ نَوْمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ جَالِسٌ؛ يَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
===
وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال يوسف بن سفيان: كوفي ثقة، وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة، مات بعد العشرين ومئة.
(عن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما .. مرسلة، قُتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين (95 هـ) ولم يكمل الخمسين.
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حريث بن أبي مطر، وهو ضعيف جدًّا.
(قال) ابن عباس: (كان نومه) أي: كان نوم النبي صلى الله عليه وسلم وحصل، فكان تامة، وقوله:(ذلك) بدل من فاعل كان؛ أي: وقع نومه المذكور؛ يعني: النوم الذي صلى بعده بلا وضوء (وهو) أي: والحال أنه (جالس؛ يعني: النبي صلى الله عليه وسلم غير مضطجع؛ أي: وقع النوم الذي لم يتوضأ منه وهو جالس ليس مضطجعًا.
وتمام هذا الحديث على ما رواه الترمذي: قال ابن عباس: (ثم) بعد نومه جالسًا (قام) النبي صلى الله عليه وسلم (يصلي) أي: من غير أن يتوضأ وضوءًا جديدًا، (فقلت) له:(يا رسول الله؛ إنك قد نمت) فكيف تصلي بلا وضوء؟ ! فـ (قال) لي: (إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعًا) أي: واضعًا جنبه على الأرض؛ (فإنه إذا اضطجع .. استرخت) أي: فترت وضعُفت (مفاصله) جمع مفصل؛ وهو رؤوس العظام والعروق، أخرجه الترمذي هكذا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال شارحه صاحب "التحفة": واعلم: أن الترمذي لم يحكم على حديث ابن عباس المذكور بشيء من الصحة أو الضعف ها هنا، وقد تكلم عليه في "علله المفرد"، وقد تكلم عليه غيره من أئمة الحديث، قال الحافظ في "التلخيص": مداره على يزيد أبي خالد الدالاني، وعليه اختُلف في ألفاظه، وضعّف الحديث من أصله أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في "العلل المفرد"، وأبو داوود في "السنن"، وإبراهيم الحربي في "علله"، وغيرهم، وقال البيهقي في "الخلافيات": تفرد به أبو خالد الدالاني، وأنكره عليه جميع أئمة الحديث، وقال البيهقي أيضًا في "السنن": أنكره عليه جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة، وقال الترمذي: رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله؛ أي: قول ابن عباس موقوفًا عليه، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولم يرفعه. انتهى.
قلت: وقد مر ما فيه عن "السندي" في حديث عائشة أول الباب، فراجعه، وفي "الزوائد": هذا الحديث إسناده ضعيف؛ لضعف حريث، ورواه أبو داوود والترمذي من وجه آخر عن ابن عباس بغير هذا السياق. انتهى.
قال الترمذي: وقد انفرد ابن ماجه بهذا السياق الذي ذكره؛ فقد قوي ضعفه من حيث الانفراد من حيث السند، ومن حيث المتن فهو منكر.
قلت: وقد ضعّفه أبو داوود من حيث الإسناد، ومن حيث المعنى الذي ذكرناه. انتهى "سندي".
قلت: فالحديث ضعيف منكر من حيث الإسناد ومن حيث المتن (2)(74)، غرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
(22)
- 473 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصفَّى الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ،
===
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة بحديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(22)
-473 - (4)(حدثنا محمد بن المصفّى) بن بهلول (الحمصي) القرشي، صدوق له أوهام، وكان يدلس، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ). يروي عنه:(د س ق).
(حدثنا بقية) بن الوليد بن صائد بن كعب بن حريز أبو يحمد بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم الكلاعي -بفتح الكاف- نسبة إلى ذي الكلاع؛ قبيلة من حمير الميتمي -بفتح الميم والفوقانية بينهما تحتانية ساكنة- نسبة إلى ميتم بطن من ذي الكلاع، الحمصي، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن الوضين) بفتح أوله، وكسر المعجمة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم نون (ابن عطاء) بن كنانة أبي عبد الله الخزاعي الدمشقي، صدوق سيئ الحفظ، ورُمي بالقدر، من السادسة، مات سنة ست وخمسين ومئة (156 هـ). يروي عنه:(د ق).
(عن محفوظ بن علقمة) الحضرمي أبي جنادة الحمصي، صدوق، من السادسة. يروي عنه:(دق).
(عن عبد الرحمن بن عائذ) بعين مهملة، وهمزة مكسورة (الأزدي) ويقال: الثمالي -بضم المثلثة- ويقال: الكندي، ويقال: اليحصبي أبي عبد الله
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ .. فَلْيَتَوَضَّأْ".
===
الحمصي، ثقة، من الثالثة، ووهم من ذكره في الصحابة، قال أبو زرعة: لم يدرك معاذًا. يروي عنه: (عم).
(عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن بعض رجاله مختلف فيه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العين وكاء السّه) أي: حفيظة الدُّبر وراعيته، (فمن نام .. فليتوضأ) زاد الدارقطني والبيهقي:"فإذا نامت العين .. استطلق الوكاء" أي: انحل الربط، والوكاء بكسر الواو وبالمد: ما تشد به رأس القربة ونحوها من الأوعية، والسّه -بفتح السين وتخفيف الهاء-: من أسماء الدُّبر، جعل اليقظة للاست كالوكاء للقربة؛ كما أن القربة ما دامت مربوطة بالوكاء لا تنحل في اختيار صاحبها .. كذالك الاست ما دام محفوظًا بالعين؛ أي: باليقظة لا يخرج مثه شيء في اختيار صاحبه، وكنى بالعين عن اليقظة؛ لأن النائم لا عين له تُبصر.
ثم الحديث وإن كان في النوم مطلقًا إلا أن العلماء خصصوا الحكم ببعض أقسامه؛ لما جاء في بعض أقسامه من عدم النقض به، ثم لهم في اعتبار ذلك تفاصيل مذكورة في كتب الفروع. انتهى "سندي".
ومعنى الحديث: اليقظة وكاء الدبر؛ أي: حافظة ما فيه من الخروج؛ لأنه ما دام مستيقظًا أحسّ بما يخرج منه، قال ابن الأثير: ومعناه: من كان مستيقظًا .. كان استه كالمسدودة الموكى عليها، فإذا نام .. انحل وكاؤها، كنى به عن الحدث بخروج الريح، وقال الطيبي: إذا استيقظ .. أمسك ما في بطنه، فإذا نام .. زال اختياره واسترخت مفاصله. انتهى من "العون".
(23)
- 474 - (5) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة، باب في الوضوء من النوم (62)، رقم (477).
ودرجته: أنه حديث حسن؛ لكون إسناده حسنًا؛ لأن في إسناده بقية بن الوليد، والوضين بن عطاء، وفيهما مقال، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عائشة بحديث صفوان بن عسّال رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(23)
- 474 - (5)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم) بن سليمان الأحول أبي عبد الرحمن البصري التميمي، مولاهم الحافظ.
قال في "التقريب": ثقة، من الرابعة، قال ابن سعد: مات سنة إحدى وأربعين ومئة (141 هـ)، ويروي عنه:(ع).
(عن زر) -بكسر الزاي، وتشديد الراء- ابن حُبيش -مصغرًا- ابن حُباشة -بضم المهملة بعدها موحدة ثم معجمة- الأسدي، أبي مريم الكوفي، ثقة جليل مخضرم، من الثانية، مات سنة إحدى، أو اثنتين، أو ثلاث وثمانين وهو ابن مئة وسبع وعشرين (127) سنة. يروي عنه:(ع).
(عن صفوان بن عسّال) -بتشديد السين المهملة- المرادي -بضم الميم- نسبة إلى مراد؛ بطن من مذحج، الجملي -بفتح الجيم والميم- نسبة إلى جمل؛ بطن من مراد، الصحابي المشهور رضي الله عنه، غزا مع النبي
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَلَّا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ؛ لكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ.
===
صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وسكن الكوفة، ويروي عنه:(ت س ق)، وزر بن حُبيش، وعبد الله بن سلمة المرادي، وحذيفة بن أبي حذيفة، وغيرهم.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(قال) صفوان: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا ألّا ننزع) ولا نخلع (خفافنا) لغسل الأرجل في سفرنا (ثلاثة أيام) مع لياليها، بل نمسح عليها بدلًا عن غسل الأرجل في الحدث الأصغر (إلا من) أجل (جنابة) وحدث أكبر، فنخلعها إذا أجنبنا؛ لأجل غسل الأرجل من الجنابة، فلا يُجزئ المسح على الخفين بدلًا عن غسل الرجلين في الجنابة، (لكن) نمسح على خفافنا ثلاثة أيام في السفر بدلًا عن غسل الرجلين في الحدث الأصغر، سواء كان (من غائط وبول ونوم)، ففي الحديث دليل صريح على نقض النوم الوضوء إذا كان غير ممكن مقعدته على الأرض.
قال السندي: قوله: (إلا من جنابة) أي: فمنها ننزع، ولكن لا ننزع من غائط وبول ونوم؛ ففي الكلام اختصار وتقدير بقرينة المقام. انتهى.
وقيل: في الكلام تقديم وتأخير وحذف وزيادة، والتقدير: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ألا ننزع خفافنا في السفر ثلاثة أيام مع لياليها من غائط وبول ونوم، لكن أمرنا أن ننزعها من جنابة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، الحديث رقم (96)، ولفظه مع شرحه:(قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا) -بسكون الفاء- جمع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
سافر؛ كصحب جمع صاحب؛ أي: إذا كنا مسافرين (ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم) معطوف على مقدر يدل عليه إلا من جنابة، وقوله:(من غائط) متعلق بمحذوف، تقديره: وأمرنا أن ننزع خفافنا من جنابة، ولا ننزع من غائط وبول ونوم، وفي رواية النسائي:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول ونوم، إلا من جنابة).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه الشافعي وأحمد والنسائي في الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر، الحديث رقم (126)، والحديث (127)، وأخرجه أيضًا في الكتاب نفسه، باب الوضوء من الغائط والبول، الحديث رقم (158).
فهذا الحديث درجته: أنه حسن صحيح، كما قاله الترمذي، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:
الأول: حديث عائشة، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث ابن مسعود، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث ابن عباس، ذكره للاستئناس.
والرابع: حديث علي، ذكره للاستشهاد.
والخامس: حديث صفوان، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم