المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(9) - (88) - باب الرخصة في ذلك - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الطهارة وسننها

- ‌(1) - (80) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ

- ‌(2) - (81) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى

- ‌(3) - (82) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّضْحِ بَعْدَ الْوُضُوءِ

- ‌(4) - (83) - بَابُ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَبَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(5) - (84) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ الْوُضُوءِ

- ‌(6) - (85) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالصُّفْرِ

- ‌(7) - (86) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌(8) - (87) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌(9) - (88) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(10) - (89) - بَابُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

- ‌(11) - (90) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(12) - (91) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌(13) - (92) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ

- ‌(14) - (93) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ

- ‌(15) - (94) - بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ

- ‌فائدة

- ‌(16) - (95) - بَابُ وُضُوءِ النَّوْمِ

- ‌(17) - (96) - بَابُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌(18) - (97) - بَابُ الْوُضُوءِ عَلَى الطَّهَارَةِ

- ‌(19) - (98) - بَابُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ

- ‌(20) - (99) - بَابُ مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يُنَجَّسُ

- ‌(21) - (100) - بَابُ الْحِيَاضِ

- ‌(22) - (101) - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ

- ‌(23) - (152) - بَاب: الْأَرْضُ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ كيْفَ تُغْسَلُ

- ‌(24) - (103) - بَاب: الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا

- ‌(25) - (104) - بَابُ مُصَافَحَةِ الْجُنُبِ

- ‌(26) - (105) - بَابُ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌تتمة

- ‌(27) - (106) - بَابٌ: فِي فَرْكِ الْمَنِيِّ مِنَ الثَّوْبِ

- ‌(28) - (107) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ

- ‌(29) - (108) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌(30) - (109) - بَابٌ: فِي مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ

- ‌(31) - (110) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ

- ‌فائدة

- ‌(32) - (111) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ

- ‌(33) - (112) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ

- ‌(34) - (113) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ

- ‌تتمة

- ‌أَبْوَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(35) - (114) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ

- ‌(36) - (115) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً

- ‌(37) - (116) - بَابٌ: فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَتَيْنِ

- ‌(38) - (117) - بَابٌ: فِي الْمَجْرُوحِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إِنِ اغْتَسَلَ

- ‌(39) - (118) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(40) - (119) - بَاب: فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(41) - (120) - بَابٌ: فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(42) - (121) - بَاب: فِي الْجُنُبِ يَسْتَدْفِع بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ

- ‌(43) - (122) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ يَنَامُ كهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً

- ‌(44) - (123) - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

- ‌(45) - (124) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ تَوَضَّأَ

- ‌(46) - (125) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ غُسْلًا وَاحِدًا

- ‌(47) - (126) - بَابٌ: فِيمَنْ يَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ غُسْلًا

- ‌(48) - (127) - بَابٌ: فِي الْجُنُبِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ

- ‌(49) - (128) - بَابُ مَنْ قَالَ يُجْزِئُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ

- ‌(50) - (129) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ

- ‌(51) - (130) - بَابٌ: تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةٌ

- ‌(52) - (131) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ

- ‌(53) - (132) - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النِّسَاءِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(54) - (133) - بَابُ الْجُنُبِ يَنْغَمِسُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ أَيُجْزِئُهُ

- ‌(55) - (134) - بَابُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ

- ‌(56) - (135) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ

- ‌(57) - (136) - بَابُ مَنِ احْتَلَمَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا

- ‌(58) - (137) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِتَارِ عِنْدَ الْغُسْلِ

- ‌(59) - (138) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ لِلْحَاقِنِ أَنْ يُصَلِّيَ

- ‌(60) - (139) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي قَدْ عَدَّتْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهَا الدَّمُ

- ‌(61) - (140) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ فَلَمْ تَقِفْ عَلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا

- ‌(62) - (141) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِكْرِ إِذَا ابْتُدِئَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ فَنَسِيَتْهَا

- ‌(63) - (142) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(64) - (143) - بَابُ الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ

- ‌(65) - (144) - بَابُ الْحَائِضِ تَتَنَاوَلُ الشَّيءَ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (145) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا

- ‌(67) - (146) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌(68) - (147) - بَابٌ: فِي كفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌(69) - (148) - بَابٌ: فِي الْحَائِضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ

- ‌(70) - (149) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي مُؤَاكلَةِ الْحَائِضِ وَسُؤْرِهَا

- ‌(71) - (150) - بَابٌ: فِيمَا جَاءَ فِي اجْتِنَابِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ

- ‌(72) - (151) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَائِضِ تَرَى بَعْدَ الطُّهْرِ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ

- ‌(73) - (152) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النُّفَسَاءِ كَمْ تَجْلِسُ

- ‌(74) - (153) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌(75) - (154) - بَابٌ: فِي مُؤَاكلَةِ الْحَائِضِ

- ‌(76) - (155) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْحَائِضِ

- ‌(77) - (156) - بَابٌ: إِذَا حَاضَتِ الْجَارِيَةُ لَمْ تُصلِّ إِلَّا بِخِمَارٍ

- ‌(78) - (157) - بَابُ الْحَائِضِ تَخْتَضِبُ

- ‌(79) - (158) - بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ

- ‌(80) - (159) - بَابُ اللُّعَابِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(81) - (160) - بَابُ المَجِّ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(82) - (161) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَرَى عَوْرَةَ أَخِيهِ

- ‌(83) - (162) - بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَبَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(84) - (163) - بَابُ مَنْ تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ

الفصل: ‌(9) - (88) - باب الرخصة في ذلك

(9) - (88) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

(28)

- 479 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ طَلْقٍ الْحَنَفِيَّ،

===

(9)

- (88) - (باب الرخصة في ذلك)

أي: في ترك الوضوء من مس الذكر.

* * *

(28)

- 479 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.

(حدثنا وكيع حدثنا محمد بن جابر) بن سيار بن طلق السحيمي الحنفي أبو عبد الله اليمامي، أصله كوفي، وكان أعمى. روى عن: قيس بن طلق، وسماك، وأبي إسحاق السبيعي، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم، ويروي عنه:(د ت ق)، ووكيع، وعبد الله بن عون، والثوري، وآخرون.

قال ابن معين: ضعيف، وقال العجلي: ضعيف، وقال في "التقريب": صدوق ذهبت كتبه، فساء حفظه، وخلط كثيرًا، وعمي فصار يُلقّن، من السابعة، مات بعد السبعين ومئة.

(قال) محمد بن جابر: (سمعت قيس بن طلق) بن علي بن المنذر (الحنفي) اليمامي. روى عن: أبيه، ويروي عنه:(عم)، ومحمد بن جابر، وعبد الله بن بدر، وغيرهم.

قال العجلي: يمامي تابعي ثقة، وأبوه صحابي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من الثالثة، ووهم من عدّه من الصحابة.

ص: 83

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ: "لَيْسَ فِيهِ وُضُوءٌ؛ إِنَّمَا هُوَ مِنْكَ".

===

(عن أبيه) طلق بن علي بن المنذر بن قيس بن عمرو بن عبد الله بن عمرو الحنفي السحيمي -بالضم وسكون التحتية وبالميم مصغرًا- نسبة إلى سحيم؛ بطن من بني حنيفة، أبي على اليمامي، وفد رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم قديمًا، وعمل معه في بناء المسجد؛ وذلك في السنة الأولى من الهجرة، وروى عنه، ويروي عنه:(عم)، وابنه قيس، وابنته خالدة، وعبد الله بن بدر، وعبد الرحمن بن علي بن شيبان، ذكره ابن السكن.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن محمد بن جابر قد تكلم فيه بعض أهل الحديث.

(قال) طلق بن علي: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن مس الذكر) هل ينقض الوضوء أم لا؟ وفي رواية أبي داوود قال: قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل كأنه بدوي، فقال: يا نبي الله؛ ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما توضأ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "هل هو إلا مضغة منه، أو بضعة منه" والظاهر من هذه الرواية: أن السائل رجل بدوي لا يُعرف اسمه.

(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل: (ليس فيه) أي: في مس الذكر (وضوء؛ إنما هو) أي: الذكر جزء (منك)، فلو كان مسه ناقضًا .. لنقض كل جزء من أجزاء بدنك، ففي الحكم بنقض الوضوء حرج مدفوع شرعًا، وصنيع المؤلف يشير إلى ترجيح الأخذ بهذا الحديث آخر الباب، وسماه: باب الرخصة بعد العزيمة، ويؤخذ بالمتأخر من الأمرين؛ وذلك لأن بالتعارض حصل الشك في النقض، والأصل عدمه، فيؤخذ به، ولأن حديث من مس ذكره

ص: 84

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يحتمل التأويل؛ بأن يجعل مس الذكر كناية عن البول؛ لأنه غالبًا يراد في خروج الحدث، فعُبّر به عنه، كما عُبّر بالمجيء من الغائط عما يُقصد الغائط لأجله في قوله تعالى:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (1).

قلت: ومثل هذا من الكنايات كثير فيما يستقبح التصريح بذكره، ويؤيده أن عدم انتقاض الوضوء بمس الذكر قد عُلّل بعلة ذاتية؛ وهي أن الذكر جزء من الإنسان، فالظاهر دوام الحكم بدوام علته، ودعوى أن حديث قيس بن طلق منسوخ .. لا تعويل عليه، وفي تسمية المؤلف إياه رخصة .. إشارة إلى أن العمل بالأول لا يخلو عن احتياط، وبالثاني جائز. انتهى من "السندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في الطهارة، باب الرخصة في مس الذكر، برقم (182)، والترمذي في الطهارة، باب (62) ترك الوضوء من مس الذكر، رقم (85)، والنسائي في الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الذكر، رقم (165)، وأحمد بن حنبل (4/ 22 - 23)، قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي أمامة، وقد رُوي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض التابعين أنهم لم يروا الوضوء من مس الذكر، وهو قول أهل الكوفة وابن المبارك، وهذا الحديث أحسن شيء رُوي في هذا الباب، واستدل هؤلاء بحديث طلق بن علي المذكور في هذا الباب.

والظاهر: أن حديث بسرة هو الأثبت والأقوى والأرجح، قال البيهقي: يكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق أن حديث طلق لم يخرجه الشيخان، ولم يحتجا بأحد رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته، كذا في "التلخيص".

(1) سورة النساء: (43).

ص: 85

(29)

- 480 - (2) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ،

===

قلت: الراجح المعوّل عليه هو أن حديث بسرة وحديث طلق كلاهما صحيحان، لكن حديثها أصح وأثبت وأرجح من حديثه لأسباب؛ منها: نكارة سنده، وركاكة روايته.

قلت: وهذا الحديث؛ أعني: حديث طلق .. درجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، كما مر، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.

ولكن يعارضه حديث بسرة؛ لكونه أصح منه وأرجح؛ لكثرة شواهده ولاحتمال نسخه؛ لأنه مقدّم في أول الإسلام وحديث بسرة متأخر عنه، والقاعدة: أن المتأخر هو الناسخ، والمتقدم هو المنسوخ، لا العكس، والله أعلم.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث أبي أمامة رضي الله عنه، فقال:

(29)

- 480 - (2)(حدثثا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار) القرشي أبو حفص (الحمصي) مولى بني أمية. روى عن: مروان بن معاوية، ومروان بن محمد، والوليد بن مسلم، وغيرهم، ويروي عنه:(د س ق)، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والذهلي، وغيرهم.

قال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ).

(حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث بن أسماء الفزاري أبو عبد الله الكوفي. يروي عنه: (ع).

ص: 86

عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ: "إِنَّمَا هُوَ حِذْيَةٌ مِنْكَ".

===

قال في "التقريب": ثقة حافظ، وكان يدلس أسماء الشيوخ، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ).

(عن جعفر بن الزبير) الحنفي أو الباهلي الدمشقي نزيل البصرة. روى عن: القاسم أبي عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ويروي عنه:(ق)، ومروان بن معاوية، وعيسى بن يونس، وحماد بن سلمة، ووكيع، وآخرون.

قال ابن معين: شامي لا يُكتب حديثه، وقال عمرو بن علي: متروك الحديث، وكان رجلًا صدوقًا كثير الوهم، وقال ابن عمار: ضعيف، وقال في "التقريب": متروك الحديث، وكان صالحًا في نفسه، من السابعة، مات بعد الأربعين ومئة.

(عن القاسم) بن عبد الرحمن الدمشقي أبي عبد الرحمن، صاحب أبي أمامة، صدوق يغرب كثيرًا، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن أبي أمامة) صُدي بن عجلان الباهلي الصحابي المشهور رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه جعفر بن الزبير، وقد اتفقوا على ضعفه وعلى ترك حديثه واتهموه.

(قال) أبو أمامة: (سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر) أي: عن مس الرجل ذكر نفسه، ومس ذكر غيره من باب أولى هل ينقض الوضوء أم لا؟ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل:(إنما هو) أي: الذكر (حذية) أي: قطعة وجزء (منك)، فكيف ينقض الوضوء جزء منك كسائر أجزاء بدنك؟ !

ص: 87

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال السندي قوله: "إنما هو حذية منك" والحذية - بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة بعدها ياء مثناة من تحت - ما قُطع طولًا من اللحم، أو القطعة الصغيرة، وفي بعض النسخ:(جزء)، وفي بعضها:(حذوة) - بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة بعدها واو- بمعنى القطعة من اللحم.

وفي "الزوائد": هذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، وفي إسناده جعفر بن الزبير، وقد اتفقوا على ترك حديثه واتهموه.

فسنده ضعيف جدًّا، وكذا الحديث ضعيف؛ لضعف سنده، ولا شاهد له،

فالحديث: ضعيف متنًا وسندًا (3)(75)، وغرضه: الاستئناس به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: حديثان:

الأول: حديث طلق بن علي، ذكره للاستدلال به على الترجمة، وهو وإن كان حسنًا يعارض بحديث بسرة بنت صفوان؛ لأنه أثبت وأرجح وأقوى منه؛ لكثرة رواته، حتى قال بعضهم: إنه من المتواتر، فلا يصح الاحتجاج بحديث طلق على الترخيص.

والثاني: حديث أبي أمامة، ذكره للاستئناس للترجمة؛ لأنه ضعيف متنًا وسندًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 88