الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(62) - (141) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِكْرِ إِذَا ابْتُدِئَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ فَنَسِيَتْهَا
(167)
- 618 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ
===
(62)
- (141) - (باب ما جاء في البكر إذا ابتدئت مستحاضة أو كان لها أيام حيض فنسيتها)
(167)
- 618 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم الواسطي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا شريك) بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله بن محمد بن عقيل) بن أبي طالب الهاشمي المدني صدوق، في حديثه لين، من الرابعة، مات بعد الأربعين ومئة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن إبراهيم بن محمد بن طلحة) بن عبيد الله التيمي أبي إسحاق المدني أو الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ)، وله أربع وسبعون سنة. يروي عنه:(م عم).
(عن عمه عمران بن طلحة) بن عبيد الله التيمي المدني، له رؤية، ذكره العجلي في ثقات التابعين. يروي عنه:(د ت ق).
(عن أمه حمنة بنت جحش) الأسدية المدنية رضي الله تعالى عنها، وهي أم ولدي طلحة؛ عمران ومحمد، ويقال: كنيتها أم حبيبة، وليس بصحيح؛
أَنَّهَا اسْتُحِيضَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي اسْتُحِضْتُ حَيْضَةً مُنْكَرَةً شَدِيدَةً، قَالَ لَهَا:"احْتَشِي كُرْسُفًا"، قَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ؛ إِنِّي أَثُجُّ ثَجًّا،
===
لأن أم حبيبة زوج عبد الرحمن بن عوف، ولم أر من ذكر اسمها. انتهى "بذل المجهود". كانت حمنة تحت مصعب بن عمير، ثم تحت طلحة بن عبيد الله.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن أو الصحة؛ لأن فيه عبد الله بن عقيل وفي حديثه لين.
(أنها) أي: أن حمنة بنت جحش (استحيضت) أي: أُصيبت بدم الاستحاضة وابتليت به (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: في زمن حياته، (فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: جاءته، (فقالت) له: (إني استحضت) بالبناء للمجهول (حيضة) -بفتح الحاء - بمعنى الحيض؛ وهو اسم مصدر استحضت على حد: أنبته الله نباتًا، ولا يضره الفرق بين الحيض والاستحاضة في اصطلاح الفقهاء؛ إذ الكلام وارد على أصل اللغة. انتهى "سندي".
أي: أُصبت وابتليت بدم فساد وعلة يجري في غير أوانه (منكرة) صفة أولى لحيضة؛ أي: حضت حيضة منكرة مخالفة للعادة (شديدة) أي: كثيرة السيلان، فـ (قال لها: احتشي) أي: سُدّي فرجك واجعلي حشوه (كرسفًا) - بضم فسكون - القطن؛ أي: ضعي موضع الدم الكرسف لعله يذهب الدم وينقطع عنك، فـ (قالت له) صلى الله عليه وسلم:(إنه) أي: إن الدم الجاري مني (أشد) وأقوى وأكثر (من ذلك) أي: من أن ينقطع بالكرسف؛ (إني) أي: لأني (أثج) -بضم المثلثة من باب شد- أي: أصب الدم (ثجًا) أي: صبًا، وأجريه جريانًا كثيرًا.
قَالَ: "تَلَجَّمِي وَتَحَيَّضِي فِي كُلِّ شَهْرٍ فِي عِلْمِ اللهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ
===
قال السندي: قوله: (أثج) -بفتح الهمزة ثم مثلثة مضمومة ثم جيم مشددة- من الثج؛ وهو جري الدم والماء جريًا شديدًا، وجاء متعديًا أيضًا بمعنى الصب، وعلى هذا يقدر المفعول؛ أي: أصب الدم، وعلى الأول نسبة الجري إلى نفسها للمبالغة كأن نفسها صارت عين الدم السائل، فـ (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تلجّمي) أي: اجعلي ثوبًا على فرجك كاللجام للفرس؛ أي: اربطي موضع الدم بالثوب، وهو بمعنى استثفري المذكور سابقًا؛ أي: إن لم يكف القطن .. فاستعملي الثوب مكانه، (وتحيّضي) أي: اجعلي نفسك حائضًا (في كل شهر في علم الله) تعالى (ستة أيام، أو سبعة أيام) يقال: تحيضت المرأة؛ أي: قعدت أيام حيضها عن الصلاة والصوم؛ أي: اجعلي نفسك حائضأ، وافعلي ما تفعل الحائض.
وقوله: "ستة أيام، أو سبعة أيام" قال الخطابي: يُشبه أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم على غير وجه التخيير بين الستة والسبعة، لكن على معنى اعتبار حالها بحال من هي مثلها، وفي مثل سنها من نساء أهل بيتها، فإن كانت عادة مثلها منهن أن تقعد ستًا .. قعدت ستًا، وإن سبعًا .. فسبعًا، وفيه وجه آخر؛ وذلك أنه قد يحتمل أن تكون هذه المرأة قد ثبت لها فيما تقدم أيام ستة أو سبعة، إلا أنها قد نسيتها فلا تدري أيتهما كانت، فأمرها أن تتحرى وتجتهد وتبني أمرها على ما تيقنته من أحد العددين، ومن ذهب إلى هذا استدل بقوله:"في علم الله تعالى" قال ابن رسلان: أي: في علم الله من أمرك من الست أو السبع؛ أي: هذا شيء بينك وبين الله؛ فإنه يعلم ما تفعلين من الإتيان بما أمرتك به أو تركه، وقيل: في علم الله؛ أي: في حكم الله تعالى؛ أي: بما أمرتك به .. فهو حكم الله تعالى، وقيل: في علم الله؛ أي: فيما أعلمك الله من عادة النساء من الست أو السبع.
ثُمَّ اغْتَسِلِي غُسْلًا، فَصَلِّي وَصُومِي ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَأَخِّرِي الظُّهْرَ وَقَدِّمِي الْعَصْرَ
===
قلت: وفي الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: تحيّضي؛ أي: عُدّي نفسك حائضًا ستة أيام، أو سبعة أيام من كل شهر، وهذا حكمك الذي حكم الله عليك في علمه ودينه.
قوله: "أو سبعة أيام" قال القاري: قيل: (أو) للشك من الراوي، وقد ذكر أحد العددين اعتبارا بالغالب من حال نساء قومها، وقيل: للتخيير بين كل واحد من العددين؛ لأنه العرف الظاهر، والغالب من أحوال النساء، وقال النووي:(أو) للتقسيم؛ أي: ستة إن اعتادتها، أو سبعة إن اعتادتها إن كانت معتادة أو لعلها شكت هل عادتها ستة أو سبعة؟ فقال لها: ستة إن لم تذكري عادتك، أو سبعة إن ذكرت أنها عادتك، أو لعل عادتها كانت مختلفة فيهما، فقال: ستة في شهر الستة وسبعة في شهر السبعة. انتهى.
وقيل: للتنويع على اعتبار حالها بحال من هي مثلها من النساء المماثلة لها في السن المشاركة لها في المزاج بسبب القرابة أو المسكن، فإن كانت عادة مثلها ستًا .. فستًا، وإن سبعًا .. فسبعًا، ولعل هذا في المبتدأة أو في المتحيرة، وقيل: وهو الظاهر أنها كانت معتادة، ونسيت أن عادتها كانت ستًا أو سبعًا، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتحرى وتجتهد وتبني على ما تيقنت من أحد العددين، كما يدل عليه قوله:"في علم الله تعالى" ذكره؛ أي: فيما علم من أمرك.
(ثم) بعد الستة أو السبعة من الحيض (اغتسلي غسلًا) لرفع حدث الحيض، (فصلي وصومي) رمضان وغيره (ثلاثة وعشرين) يومًا إن كانت مدة الحيضة سبعة، (أو أربعة وعشرين) يومًا إن كانت مدة الحيض ستًا، (وأخري الظهر) إلى آخر وقتها، (وقدّمي العصر) في أول وقتها،
وَاغْتَسِلِي لَهُمَا غُسْلًا، وَأَخِّرِي الْمَغْرِبَ وَعَجِّلِي الْعِشَاءَ وَاغْتَسِلِي لَهُمَا غُسْلًا، وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ".
===
(واغتسلي لهما غسلًا) واحدًا، (وأخري المغرب) إلى آخر وقتها، (وعجلي العشاء) في أول وقتها، (واغتسلي لهما) أي: للعشائين (غسلًا) واحدًا، (وهذا) أي: الجمع بين الصلاتين بغسل واحد (أحب الأمرين إليّ) وأعجبهما عندي وأسهلهما.
والمراد بالأمرين ها هنا: هو الغسل لكل صلاة من الصلوات الخمس، والغُسل للصلاتين بعد الجمع بينهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الغُسل للصلاتين مرة واحدة بعد الجمع بينهما أحب وأسهل عندي لسهولته؛ لأنه لم يكن يحب ما هو أشق على الأمة، ولهذا نهى عن الوصال، بل يختار ما هو أيسر، كما ورد:(ما خُيّر بين أمرين .. إلا اختار أيسرهما). انتهى من "بذل المجهود".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في الطهارة (109)، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة .. تدع الصلاة، رقم (287)، والترمذي في الطهارة (95)، باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، رقم (128). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ورواه عبيد الله بن عمرو الرقّي وابن جريج وشريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران، عن أمه حمنة إلا أن ابن جريج قال: عمر بن طلحة، والصحيح عمران بن طلحة، قال: وسألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن صحيح، وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح، والحديث رواه أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطحاوي في "مشكل الآثار".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى: هذا الحديث مداره على ابن عقيل، وهو عبد الله بن محمد بن عقيل، ثقة صدوق لم يتكلم فيه بجرح أصلًا، وكان الإمام أحمد وعبد الله بن الزبير الحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون بحديثه، والترمذي يصحح له، وإنما يخشى من حفظه إذا انفرد عن الثقات أو خالفهم، أما إذا لم يخالف الثقات ولم ينفرد بما ينكر عليه .. فهو حجة. انتهى من "شرح أبي داوود" لابن القيم.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده أو حسنه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث حمنة بنت جحش.
والله سبحانه وتعالى أعلم