الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(29) - (108) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
(87)
-538 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: بَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا؟ ! قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ،
===
(29)
- (108) - (باب ما جاء في المسح على الخفين)
(87)
- 538 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.
(حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي.
(عن همام بن الحارث) بن قيس بن عمرو النخعي الكوفي، ثقة عابد، من الثانية، مات سنة (65 هـ). يروي عنه:(ع).
(قال) همام: (بال جرير بن عبد الله) بن جابر البجلي اليماني رضي الله عنه، مات سنة إحدى وخمسين (51 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
أي: أخرج جرير حدث البول، (ثم توضأ) جرير في الأعضاء الثلاثة؛ الوجه واليدين والرأس، (ومسح على خفيه) بدلًا عن غسل الرجلين، (فقيل له) أي: لجرير؛ أي: سئل عن مسح الخفين بدلًا عن غسل الرجلين، فقيل له:(أتفعل هذا) المسح مع أنه لم يذكر في آية الوضوء، وأن المذكور فيها غسل الرجلين؟ (قال) جرير في جواب الاعتراض عليه:(وما يمنعني) أي: وأي مانع يمنعني عن فعله (و) الحال أني (قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله؟ ) أي: يفعل المسح بدلًا عن غسل الرجلين في الوضوء، فلي أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنا متبع لا مبتدع.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ (الْمَائِدَةِ).
===
قال الأعمش: (قال) لنا (إبراهيم) النخعي بالسند المذكور: (كان يعجبهم) أي: يعجب أصحاب ابن مسعود ويحبهم ويبشرهم (حديث جرير) بن عبد الله، في رواية البخاري: قال إبراهيم: فكان يعجبهم، وفي رواية لمسلم: فكان أصحاب عبد الله بن مسعود يعجبهم حديث جرير؛ (لأن إسلامه) أي: إسلام جرير (كان) في السنة العاشرة (بعد نزول المائدة) أي: وقد رآه بعد الإسلام يمسح على الخفين، ولو لم يتحقق أنه رآه بعد إسلامه يمسح على الخفين .. لما تم الاستدلال به؛ لاحتمال أنه رآه في حالة كفره.
ومعنى هذا الكلام: أن الله تعالى قال في سورة المائدة: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} (1)، فلو كان إسلام جرير متقدمًا على نزول المائدة .. لاحتمل كون حديثه في مسح الخفين منسوخًا بآية المائدة، فلما كان إسلامه متأخرًا عن نزول المائدة .. علمنا أن حديثه يعمل به، وهو مبين أن المراد بآية المائدة غير صاحب الخف، فتكون السنَّة مخصصة للآية. قاله النووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري؛ أخرجه في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الخفاف، ومسلم في الطهارة، باب المسح على الخفين، وأبو داوود في الطهارة، باب المسح على الخفين، والترمذي في الطهارة، باب المسح على الخفين، قال أبو عيسى: وحديث جرير حديث حسن صحيح، والنسائي في الطهارة، باب المسح على الخفين، وأحمد بن حنبل.
(1) سورة المائدة: (6).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فالحديث: في أعلى درجات الصحة، وغرض المؤلف بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.
والمراد بقوله: (بعد نزول المائدة) أي: بعد نزول الآية التي فيها ذكر الوضوء، وليس المراد جميع (المائدة) فإن منها ما تأخر نزوله عن إسلامه كآية:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. . .} الآية (1)؛ فإنها نزلت في حجة الوداع، وإسلام جرير كان في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة، وآية الوضوء نزلت في غزوة بني المصطلق سنة خمس، أو أربع، وهذا من باب الاستدلال بالتاريخ، ومن الاستدلال بالتاريخ قوله تعالى: {لِمَ تُحَاجُّونَ
…
} إلى قولى: {وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ. . .} الآية (2).
لا يقال: غالب أحاديث الباب ليس فيها ذكر التاريخ، فيحتمل التقدم على نزول (المائدة)، فلا يتم بها الاستدلال على بقاء المسح على الخفين بعد نزول (المائدة) وأنى يتم بحديث جرير، وحديث جرير من أخبار الآحاد فلا يعارض الكتاب؛ لأنا نقول: الكتاب يحتمل على قراءة الجر، فيحمل على مسح الخفين توفيقًا وتطبيقًا بين الأدلة، أويقال: تواتر مسح الصحابة بعده صلى الله عليه وسلم؛ فإن كثيرًا منهم صلوا به، ومثله يكفي في إفادة التواتر، ونسخ الغسل في حق لابس الخفين. انتهى "سندي".
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جرير بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(1) سورة المائدة: (3).
(2)
سورة آل عمران. (65).
(88)
-539 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيع ح وحَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبِي وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،
===
(88)
- 539 - (2)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.
(وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.
(قالا: حدثنا وكيع ح وحدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد) بن قيس السكوني أبو همام بن أبي بدر الكوفي، نزيل بغداد، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(م د ت ق).
(حدثنا أبي) شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، أبو بدر الكوفي، صدوق ورع له أوهام. يروي عنه:(ع)، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ).
(و) سفيان (بن عيينة و) يحيى بن زكريا (بن أبي زائدة) خالد بن ميمون بن فيروز الهمداني الوادعي، مولاهم أبو سعيد الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومئة. روى عن: الأعمش، وأبيه زكرياء، وابن عون، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، والوليد بن شجاع، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين.
(جميعًا) أي: كل من الأربعة؛ يعني: وكيعًا، وشجاع بن الوليد، وابن عيينة، ويحيى بن زكريا، رووا:
(عن الأعمش عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مئة سنة. يروي عنه:(ع).
عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.
(89)
- 540 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ،
===
(عن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي رضي الله تعالى عنهما، وأبوه صحابي استشهد يوم أحد، ومات حذيفة في أول خلافة على سنة ست وثلاثين (36 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذه الأسانيد كلها من خماسياته، وحكمها: الصحة؛ لأن رجالها كلهم ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه) بدلًا عن غسل الرجلين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري؛ أخرجه في كتاب الوضوء، باب البول عند صاحبه والتستر، ومسلم؛ أخرجه في الطهارة (22)، باب ما جاء في المسح على الخفين، رقم (72)، وأبو داوود في الطهارة، باب البول قائمًا، والنسائي في الطهارة، باب ترك الإبعاد باب الرخصة في البول، وأحمد بن حنبل (5/ 402).
والحديث: في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جرير بحديث المغيرة رضي الله عنهما، فقال:
(89)
- 540 - (3)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري.
(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري.
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
===
(عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري النجاري أبي سعيد المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني قاضيها ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن نافع بن جبير) بن مطعم النوفلي أبي محمد المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وتسعين (99 هـ)، ويروي عنه:(ع).
(عن عروة بن المغيرة بن شعبة) الثقفي، أبي يعفور الكوفي، أميرها، ثقة، من الثالثة، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه المغيرة بن شعبة) بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، أبي محمد الكوفي، الصحابي المشهور رضي الله عنه، له (130) حديثًا.
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أنه) صلى الله عليه وسلم (خرج) من منزله (لحاجته) حاجة الإنسان، (فاتبعه) أي: تبعه ولحقه (المغيرة) بن شعبة الثقفي (بإداوة) أي: بمطهرة (فيها) أي: في تلك المطهرة (ماء)، فانتظره (حتى فرغ من) قضاء (حاجته)، ثم سلمه الإداوة، فاستنجى بها (فتوضأ) في الأعضاء الثلاثة (ومسح على الخفين) بدلًا عن غسل الرجلين.
(90)
- 541 - (4) حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ،
===
وهذا الحديث: في أعلى درجات الصحة، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به ثانيًا لحديث جرير؛ لأنه من المتفق عليه.
أخرجه البخاري في مواضع كثيرة؛ منها: كتاب الصلاة، وكتاب الجهاد، وكتاب اللباس، باب الرجل يوضئ صاحبه، باب المسح على الخفين، باب (7) الصلاة في الجبة الشامية، رقم (313)، باب الصلاة في الخفاف وغيرها، وأخرجه مسلم في الطهارة، وفي كتاب الصلاة (22)، باب في المسح على الخفين، باب في تقديم الجماعة من يصلي بهم، وأبو داوود في كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، والترمذي في الطهارة، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الطهارة وفي كتاب القبلة وغيرهم.
قال السندي: (والإداوة) -بكسر الهمزة-: إناء صغير من جلد.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث جرير بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(90)
- 541 - (4)(حدثنا عمران بن موسى) القزاز (الليثي) أبو عمرو البصري، صدوق، من العاشرة. يروي عنه:(ت س ق)، مات بعد الأربعين ومئتين.
(حدثنا محمد بن سواء) -بتخفيف الواو وبالمد- السدوسي العنبري بنون وموحدة، أبو الخطاب البصري المكفوف، صدوق، رمي بالقدر. يروي عنه:(خ م ت س ق)، من التاسعة، مات سنة بضع وثمانين ومئة.
(حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري،
عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ سَعْدٌ لِعُمَرَ: أَفْتِ ابْنَ أَخِي فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ عُمَرُ: كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَمْسَحُ عَلَى خِفَافِنَا لَمْ نَرَ بِذلِكَ بَأْسًا،
===
ثقة حافظ، أثبت الناس في قتادة، من السادسة. يروي عنه:(ع)، لكنه كثير التدليس، مات سنة ست وخمسين ومئة (156 هـ)، وقيل: سبع وخمسين ومئة.
(عن أيوب) بن أبي تميمة -كيسان- السختياني العنزي البصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن نافع) مولى ابن عمر.
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما (أنه) أي: أن ابن عمر (رأى سعد بن) أبي وقاص (مالك) بن أهيب بن عبد مناف الزهري المدني، الصحابي المشهور رضي الله عنه؛ أي: رآه ابن عمر (وهو) أي: والحال أن سعدًا (يمسح على الخفين، فقال) ابن عمر: (إنكم) يا سعد يا أكابر الصحابة (لتفعلون ذلك) أي: المسح على الخفين؟ قال ابن عمر: (فاجتمعنا) أي: اجتمعت أنا وسعد بن أبي وقاص (عند) والدي (عمر) بن الخطاب، (فقال سعد لعمر) بن الخطاب:(أفت) من الإفتاء؛ أي: أخبر (ابن أخي) عبد الله بن عمر -يعني: أخوة الدين- الحكم الوارد (في المسح على الخفين، فقال عمر) لأهل المحضر بقصد الإفتاء لي: (كنا) معاشر قدماء الصحابة (ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نمسح على خفافنا) بدلًا عن غسل أرجلنا، (لم نر) ولا نعلم ولا نعتقد (بذلك بأسًا) أي: منعًا في
ذلك؛ أي: في مسح الخفين.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
(91)
- 542 - (5) حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدَنِيُّ،
===
(فقال ابن عمر) لعمر بن الخطاب: أيفعل لابس الخفين المسح عليهما (وإن جاء) وخرج (من الغائط) أي: من الخلاء ولم يكن له وضوء؟ (قال) عمر: (نعم) يفعل المسح على الخفين بدلًا عن غسل الرجلين وإن كان محدثًا ليس له وضوء، قال السندي: قوله: (وإن جاء من الغائط) أي: ذلك المتوضئ، وهو كناية عن حدثه، يعني: ليس وضوءه مجددًا.
وهذا الحديث سنده من سباعياته، لأن سعدًا ليس داخلًا في عداد السند، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وسعيد بن أبي عروبة وإن اختلط بأخرة .. فقد روى عنه محمد بن سوار قبل الاختلاط.
ومتنه صحيح، وإن انفرد به ابن ماجه؛ لكون سنده صحيحًا، وهو في "صحيح البخاري" بغير هذا السياق في كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين، وفي "النسائي" في الطهارة، باب المسح على الخفين، وذكره أحمد في "مسنده".
وغرضه: بسوقه الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث جرير بن عبد الله بحديث سهل بن سعد رضي الله عنهم، فقال:
(91)
- 542 - (5)(حدثنا أبو مصعب المدني) اسمه: أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، أبو مصعب الزهري، المدني الفقيه، صدوق، عابه أبو خيثمة للفتوى بالرأي،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَمَرَنَا بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
===
من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). روى عن: مالك "الموطأ" والدراوردي، وابن أبي حازم، والمغيرة بن عبد الرحمن، وغيرهم؛ كعبد المهيمن بن العباس، ويروي عنه:(ع)، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقالا: صدوق، والذهلي.
(حدثنا عبد المهيمن بن العباس بن سهل بن سعد الساعدي) الأنصاري المدني، ضعيف، من الثامنة، مات بعد السبعين ومئة. يروي عنه:(ت ق).
(عن أبيه) العباس بن سهل بن سعد الساعدي، ثقة، من الرابعة، مات في حدود العشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(خ م د ت ق).
روى العباس (عن جده) سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الخزرجي الساعدي، له ولأبيه سعد صحبة رضي الله تعالى عنهما، مات سنة ثمان وثمانين (88)، وقيل بعدها، وقد جاوز المئة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أُبي بن كعب وعاصم بن عدي، ويروي عنه (ع) وابنه عباس والزهري وأبو حازم بن دينار وغيرهم.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الضعف؛ لضعف عبد المهيمن، قال البخاري: فيه منكر الحديث.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، وأمرنا بالمسح على الخفين) أمر ترخيص، لا أمر عزيمة.
(92)
-543 - (6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
===
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ودرجة الحديث: أنه صحيح بما قبله؛ لأن أصله في "الصحيحين" من حديث جرير بن عبد الله وحديث حذيفة وغيرهما، وفي "مسلم" من حديث المغيرة بن شعبة، وغرضه: الاستشهاد به، فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فقال:
(92)
-543 - (6)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.
(حدثنا عمر بن عبيد) بن أبي أمية (الطنافسي) -بفتح الطاء والنون وبعد الألف فاء مكسورة ثم سين مهملة- الكوفي، صدوق، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ) وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عمر بن المثنى) الأشجعي الرقي -بفتح الراء بعدها قاف مشددة- مستور، من الثامنة. روى عنه:(ق).
(عن عطاء) بن عبد الله أبي مسلم، أو ميسرة مولى المهلب بن أبي صفرة أبي أيوب، أو أبي عثمان (الخراساني) نزيل الشام وأحد الأعلام، صدوق، من الخامسة يهم كثيرًا، ويرسل ويدلس. يروي عنه:(م عم)، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ).
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه.
قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَقَالَ: "هَلْ مِنْ مَاءٍ؟ "، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ لَحِقَ بِالْجَيْشِ فَأَمَّهُمْ.
(93)
- 544 - (7) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ الْكِنْدِيُّ،
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن عطاء الخراساني لم يسمع من أنس، قال السندي: وفي "الزوائد": هذا إسناد ضعيف منقطع، قال أبو زرعة: عطاء الخراساني لم يسمع من أنس، وقال العقيلي: عمر بن المثنى حديثه غير محفوظ عندهم.
(قال) أنس: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر) من سفراته، (فقال) لي النبي صلى الله عليه وسلم:(هل) يوجد عندك شيء (من ماء) أتوضأ به؟ فقلت له: نعم، عندي ماء، فأخذه مني (فتوضأ) به في الأعضاء الثلاثة الأولى، (ومسح على خفيه) بدلًا عن غسل الرجلين، (ثم) بعدما توضأ (لحق بالجيش، فأمهم) أي: صلى بهم إمامًا لهم.
فهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه؛ فدرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده، كما مر آنفًا؛ فهو ضعيف متنًا وسندًا (10)(82)، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث جرير بحديث بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(93)
- 544 - (7)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.
(حدثنا وكيع حدثنا دلهم) بفتحتين بينهما لام ساكنة (ابن صالح الكندي) الكوفي، ضعيف، من السادسة. روى عن: حجير بن عبد الله الكندي، وعطاء،
عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْكِنْدِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ
===
وعكرمة، والشعبي، وجماعة، ويروي عنه:(د ت ق)، ووكيع، وأبو نعيم، وعبيد الله بن موسى.
ضعفه ابن معين، وقال أبو داوود: ليس به بأس، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا، ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، "تهذيب".
(عن حجير بن عبد الله الكندي) روى عن: عبد الله بن بريدة، ويروي عنه:(د ت ق)، ودلهم بن صالح، أخرجوا له حديثًا واحدًا في مسح الخف، وحسنه الترمذي.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": حجير -مصغرًا- ابن عبد الله بن الكندي، مقبول، من الثامنة.
(عن) عبد الله (بن بريدة) بن الحصيب الأسلمي المروزي، قاضيها، ثقة، من الثالثة، مات سنة خمس ومئة (105 هـ)، وقيل: بل خمس عشرة ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن أبيه) بريدة بن الحصيب -بالتصغير فيهما- قيل: اسمه عامر، وبريدة لقبه، أبو سهل الأسلمي الصحابي المشهور رضي الله عنه، أسلم قبل بدر، مات سنة ثلاث وستين (63 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن في رجاله دلهم بن صالح، وهو مختلف فيه.
(أن النجاشي) -بفتح النون على المشهور، وقيل: تكسر وتخفيف الجيم، وأخطأ من شددها، وبتشديد الياء، وحكى المطرزي التخفيف ورجحه الصنعاني -هو أصحمة بن بحر النجاشي ملك الحبشة، واسمه بالعربية: عطية، والنجاشي لقب له، أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
أَهْدَي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ سَاذِجَيْنِ فَلَبِسَهُمَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
===
ولم يهاجر إليه، وكان ردءًا للمسلمين نافعًا، وقصته مشهورة في المغازي في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام. انتهى من "العون".
(أهدى) من الإهداء؛ وهو تمليك مال بلا مقابل إكرامًا للمهدى إليه (للنبي صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين) -بفتح الذال المعجمة وكسرها- أي: منقوشين ولا شعر عليهما أو على لون واحد لم يخالط سوادهما لون آخر، (فلبسهما) النبي صلى الله عليه وسلم بفاء التفريع أو التعقيب، (ثم توضأ، ومسح عليهما) بدلًا عن غسل الرجلين.
ففيه: أن المهدى إليه ينبغي له التصرف في الهدية عقيب وصولها إليه بما أهديت لأجله؛ إظهارًا لقبولها ووقوعها الموقع، وفيه: قبوله الهدية حتى من أهل الكتاب؛ فإنه أهدى له قبل إسلامه، كما قاله ابن العربي وأقره زين الدين العراقي. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، رقم (155)، وأخرجه الترمذي في كتاب الأدب، باب ما جاء في الخف الأسود، الحديث (2820)، وحسنه الترمذي.
فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وله شواهد في "أبي داوود" و"الترمذي" بأسانيد أخر، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: سبعة أحاديث:
الأول: حديث جرير، ذكره للاستدلال به على الترجمة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والثاني: حديث حذيفة، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث المغيرة بن شعبة، ذكره للاستشهاد.
والرابع: حديث عمر بن الخطاب، ذكره للاستشهاد.
والخامس: حديث سهل بن سعد، ذكره للاستشهاد.
والسادس: حديث أنس بن مالك، ذكره للاستئناس.
والسابع: حديث بريدة، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم