الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَدْنُو مِنِ امْرَأَتِهِ فَلَا يُنْزِلُ قَالَ: "إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ .. فَلْيَنْضِحْ فَرْجَهُ" يَعْنِي: لِيَغْسِلْهُ وَيَتَوَضَّأْ.
===
(أنه) أي: أن المقداد (سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن) حكم (الرجل يدنو) ويقرب (من امرأته) وزوجته ويلاعب معها بلا جماع، ويخرج منه المذي، (فلا يُنزل) المني، فماذا عليه، هل يجب عليه الاغتسال، أو الوضوء؟ فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله:(إذا وجد) ورأى (أحدكم ذلك) الماء الرقيق المسمى بالمذي .. (فلينضح فرجه) من ذلك الخارج، من النضح؛ وهو: الرش؛ أراد به الغسل الخفيف، كما أشار إليه الراوي بقوله:(يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فلينضح فرجه: (ليغسله) أي: ليغسل فرجه من الخارج الذي هو المذي؛ لنجاسته، (ويتوضأ) منه؛ لأنه ينقض الوضوء؛ لأنه خارج من أحد السبيلين.
والمعنى: إذا أمذى أحدكم .. يغسل ذكره، وكذا المرأة قبلها، وثوبه إذا أصابه؛ لأنه نجس ويتوضأ؛ لأنه خارج من أحد السبيلين، فينقض الوضوء كالبول، واستفيد منه أن المذي نجس، وأنه ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود؛ أخرجه في الطهارة (83)، باب في المذي، رقم (208)، والنسائي في الطهارة (112)، باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي، رقم (156).
فدرجته: أنه صحيح؛ لكون سنده صحيحًا، ولأن له شواهد، فغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث علي رضي الله عنه.
فائدة
واعلم: أن ها هنا ثلاثة مياه:
الأول: المني؛ وهو يوجب الغسل سواءً كان من الرجل أو المرأة، وله خواص
(51)
- 502 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ،
===
يُعرف بها: إحداها: الخروج بشهوة مع الفتور عقبه، الثانية: الرائحة كرائحة الطلع، الثالثة: الخروج بتدفق وتدفع، هذا كله في مني الرجل، وأما المرأة .. فمنيها أصفر رقيق، كذا في "النووي".
وثانيها: المذي؛ وهو الماء الرقيق الذي يخرج عند الشهوة الضعيفة والملاعبة ونحوها؛ كالقبلة من غير تدفق.
وثالثها: الودي؛ وهوماء أبيض كدر لا رائحة له، فيخرج بعد البول، أو عند الحمل بحمل ثقيل، فهذان الأخيران موجبان للوضوء لا للغُسل؛ لأنهما خرجا من أحد السبيلين كالبول. انتهى من "التحفة" بتصرف وزيادة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث على بحديث سهل بن حنيف رضي الله عنهم، فقال:
(51)
- 502 - (3)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي.
(حدثنا عبد الله بن المبارك) بن واضح الحنظلي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي، قال في التقريب: ثقة ثبت، فقيه عالم جواد مجاهد، جُمعت فيه خصال الخير، من الثامنة. يروي عنه (ع)، مات سنة إحدى وثمانين ومئة (181 هـ).
(وعبدة بن سليمان) الكلابي -بكسر الكاف- يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع)، كلاهما رويا:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً فَأُكْثِرُ مِنْهُ الاغْتِسَالَ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّمَا
===
(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم أبي عبد الله المدني. يروي عنه: (م عم)، صدوق، يدلس، ورُمي بالتشيع والقدر، إمام في المغازي، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها.
(حدثنا سعيد بن عبيد) مصغرًا بلا إضافة (بن السباق) على صيغة المبالغة الثقفي أبو السبّاق المدني، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن أبيه) عبيد بن السباق الثقفي بن سعيد المدني، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
(عن سهل بن حنيف) بن واهب الأنصاري الأوسي الصحابي المشهور رضي الله عنه، من أهل بدر، واستخلفه علي على البصرة، ومات في خلافته. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن إسحاق، وهو صدوق مدلس رُمي بالتشيع والقدر.
(قال) سهل بن حنيف: (كنت) دائمًا (ألقى) مضارع المتكلم من لقي يلقى من باب رضي يرضى؛ أي: أجد (من المذي شدة) أي: كثرة، (فأكثر منه) أي: من المذي؛ أي: من خروجه متعلق بما بعده (الاغتسال) أي: غسل جميع البدن كالجنابة، فتعبت لذلك، (فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن حكمه هل يوجب الغسل أو الوضوء؟
(فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي: (إنما
يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي؟ قَالَ: "إِنَّمَا يَكْفِيكَ كَفٌّ مِنْ مَاءٍ تَنْضِحُ بِهِ مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ".
===
يُجزيك) -بضم الياء- من الإجزاء؛ أي: إنما يكفيك (من) خروج (ذلك) المذي .. (الوضوء) ولأنه ينقض الوضوء فلا يُوجب الغسل، فـ (قلت) له صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله؛ كيف) أفعل (بما يصيب ثوبي) منه؛ أي: من المذي هل أغسله أو أمسحه؟
(قال) لي صلى الله عليه وسلم: (إنما يكفيك) ويجزيك في تطهير ثوبك منه (كف من ماء) أي: ماء قليل، فتغسل به ما أصابه من الثوب، وظاهره: أن الغُسل مرة واحدة يكفي، (تنضح به) أي: ترش بذلك الكف (من ثوبك حيث ترى)، وتظن (أنه) أي: أن المذي (أصابـ) ـه؛ يعني: تغسله غسلًا خفيفًا مرة واحدة حيث أصابه من الثوب.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في الطهارة (83)، باب في المذي، رقم (210)، والترمذي في الطهارة، باب (84) ما جاء في المذي، رقم (115)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا، قال في "التحفة": ومعنى هذا الكلام: لا نعرف مثل هذا الحديث في باب المذي من نضح الثوب إذا أصابه المذي في حديث إلا في حديث محمد بن إسحاق، والحاصل: أن محمد بن إسحاق متفرد بهذا عن سعيد بن عبيد. انتهى "تحفة الأحوذي".
وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب: فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغُسل؛ وهو قول الشافعي وإسحاق، وقال بعضهم: يجزئه النضح، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء.
(52)
- 503 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ،
===
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث علي بحديث أُبي بن كعب -رضي الله تعالى عنهما-، فقال:
(52)
-503 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا مسعر) بن كدام بن ظهير الهلالي أبو سلمة الكوفي، قال في "التقريب": ثقة ثبت فاضل، من السابعة، قال محمد بن بشر: كان عنده ألف حديث، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ) أو خمس وخمسين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن مصعب بن شيبة) بن جبير بن شيبة بن عثمان بن طلحة العبدري الحجبي المكي. روى عن: أبي حبيب بن يعلى، وأبيه، وعمة أبيه صفية بنت شيبة، ويروي عنه:(م عم)، ومسعر بن كدام، وابن جريج، وزكرياء بن أبي زائدة، وآخرون.
وثقه العجلي وابن معين، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال في "التقريب": لين الحديث، من الخامسة.
(عن أبي حبيب بن يعلى بن منية) لم أر من ذكر اسمه، التميمي. روى
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَتَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمَعَهُ عُمَرُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ مَذْيًا، فَغَسَلْتُ ذَكَرِي وَتَوَضَّأْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَ يُجْزِئُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ.
===
عن: ابن عباس عن أُبي بن كعب في غُسل المذي، وغير ذلك، ويروي عنه:(ق)، ومصعب بن شيبة.
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": مجهول، من الرابعة.
(عن ابن عباس) -رضي الله تعالى عنهما- (أنه) أي: أن ابن عباس (أتى) أي: جاء (أُبي بن كعب) رضي الله عنه في بيته، (ومعه) أي: والحال أن مع ابن عباس (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه، فنادياه وأُبي في بيته، (فخرج) أُبي من البيت (عليهما) أي: على ابن عباس وعمر، (فقال) أُبي بن كعب اعتذارًا عن تأخر خروجه عليهما:(إني وجدت) على ذكري أي: رأيت عليه (مذيًا، فغسلت ذكري) من المذي، (وتوضأت) لأنه ينقض الوضوء، فخرجت إليكما.
(فقال عمر) لأُبي بن كعب: (أ) تفعل ذلك الذي ذكرته من غسل الذكر والوضوء، (ويجزئ ذلك) الذي ذكرت في خروج المذي منه، ولم تغسل جميع بدنك؟ (قال) أُبي بن كعب لعمر:(نعم) يجزئ ذلك الذي فعلت في خروج المذي، (قال) عمر لأُبي:(أسمعته) أي: هل سمعت ذلك الذي ذكرت من غسل الذكر والوضوء؛ أي: هل سمعت إجزاءه في خروج المذي (من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال) أُبي بن كعب: (نعم)، سمعت إجزاءه في خروج المذي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه راويين مختلفًا فيهما؛ وهما مصعب بن شيبة، وأبو حبيب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ودرجة الحديث: أنه صحيح لغيره، وغرضه: الاستشهاد به؛ لأن أصله في "الصحيحين" من حديث علي بن أبي طالب والمقداد بن الأسود، ونصه عن علي بن أبي طالب قال: (كنت رجلًا مذاءً، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله، فقال:"فيه الوضوء"، ولمسلم:"يغسل ذكره ويتوضأ"، ولأحمد وأبي داوود:"يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ".
* * *
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول: حديث علي بن أبي طالب، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث المقداد بن الأسود، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث سهل بن حنيف، ذكره للاستشهاد.
والرابع: حديث أبي بن كعب، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم