الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(69) - (148) - بَابٌ: فِي الْحَائِضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ
(180)
- 631 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا وَكَانَتْ حَائِضًا:"انْقُضِي شَعْرَكِ وَاغْتَسِلِي"، قَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ:"انْقُضِي رَأْسَكِ".
===
(69)
- (148) - (باب: في الحائض كيف تغتسل)
(180)
- 631 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي.
(قالا: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير.
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها) أي: عند إحرام الحج، (و) قد (كانت حائضًا: انقضي) أي: فكي (شعرك واغتسلي) من حيضتك.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" بزيادة في آخره، وفي "مصنفه" هكذا مثل ما رواه ابن ماجه في "سننه"، (قال علي) بن محمد (في حديثه) أي: في روايته: (انقضي) أي: فكي (رأسك) أي: شعر رأسك بدل ما قال أبو بكر: انقضي شعرك، والمعنى واحد، قوله:(قال لها) قال السندي: أي: لعائشة عند إحرام الحج في حجة الوداع، (وكانت حائضًا) أي: باقية على حيضها لم ينقطع عنها، (انقضي شعرك) أي: للتسريح، وبهذا ظهر أن الحديث ليس في الاغتسال من الحيض، فلا وجه لذكره ها هنا إلا أن يقال: يفهم منه حكم الاغتسال من الحيض بالدلالة،
(181)
- 632 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ صَفِيَّةَ
===
ولعل هذا هو وجه إدراج صاحب الصحيح هذا الحديث في هذا الباب، وفي "الزوائد": هذا إسناد رجاله ثقات. انتهى.
قلت: ليس الحديث من الزوائد، بل هو في الصحيح وغيرهما. انتهى من "السندي".
ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فقال:
(181)
-632 - (2)(حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر) غندر.
(حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر) بن جابر البجلي الكوفي، صدوق لين الحفظ، من الخامسة. روى عن: صفية بنت شيبة، وطارق بن شهاب، وإبراهيم النخعي، ويروي عنه:(م عم)، وشعبة، والثوري، وزائدة بن قدامة.
قال الثوري وأحمد: لا بأس به، وقال العجلي: جائز الحديث، وقال النسائي في "الكنى": ليس بالقوي في الحديث، وقال في موضع آخر: ليس به بأس، وقال ابن سعد: ثقة، وقال ابن حبان: هو كثير الخطأ.
(قال) إبراهيم بن المهاجر: (سمعت صفية) بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية المدنية لها رؤية. روت عن: عائشة، وأم حبيبة، وأم سلمة
تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْمَحِيضِ فَقَالَ: "تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَهَا فَتَطْهُرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ أَوْ تَبْلُغُ فِي الطُّهُورِ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى
===
أمهات المؤمنين، ويروي عنها:(ع)، وإبراهيم بن المهاجر، والحسن بن مسلم، وقتادة.
(تحدث عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه إبراهيم بن المهاجر، وهو مختلف فيه.
(أن أسماء) بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصارية الأشهلية أم سلمة، ويقال لها: أم عامر رضي الله تعالى عنها، وما في "مسلم" هنا من أنها أسماء بنت شكل .. تحريف، والصواب ما قلنا، راجع "التهذيب".
(سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) كيفية (الغسل من المحيض) أي: من الحيض، وهو في بيت عائشة، (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان كيفية غسلها من المحيض:(تأخذ إحداكن) يا معشر المؤمنات (ماءها وسدرها فتطهر) أي: تنظف إحداكن موضع الدم، (فتحسن الطهور) -بضم الطاء- أي: تبالغ إحداكن في تنظيف الدم من موضعه وهو الفرج، (أو) قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تبلغ) إحداكن؛ أي: تبالغ وتتحرى إحداكن (في الطهور) أي: في تنظيف الدم عن موضعه وهو بمعنى تحسن و (أو) للشك من عائشة أو ممن دونها.
(ثم) بعد تنظيف موضع الدم (تصب) إحداكن الماء (على رأسها فتدلكه) أي: فتدلك رأسها (دلكًا شديدًا) أي: دلكًا مبالغًا الغاية (حتى
تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطْهُرُ بِهَا، قَالَتْ أَسْمَاءُ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟ قَالَ: "سُبْحَانَ اللهِ؛ تَطَهَّرِي بِهَا"، قَالَتْ عَائِشَةُ - كَأَنَّهَا
===
تبلغ) إحداكن الماء (شؤون رأسها) أي: تدلكه حتى توصل الماء إلى أصول شعور رأسها، (ثم) بعدما غسلت الرأس (تصب عليها) أي: على سائر جسدها (الماء) يعني: أمرها بصب الماء على رأسها أولًا بعد تنظيف موضع الدم بأن قال لها: تطهري فأحسني الطهور، ثم صبي على رأسك فادلكيه دلكًا شديدًا حتى يبلغ الماء شؤون رأسك؛ أي: أصوله، ثم صبي الماء على سائر جسدك.
(ثم) بعدما فرغت من الاغتسال (تأخذ فرصة) بوزن سدرة؛ أي: قطعة قطن أو خرقة (ممسكة) أي: ملطخة بمسك فتحشوها في فرجك (فتطهر) أي: تطيب فرجك (بها) أي: بتلك الفرصة، والفرصة على وزان سدرة: قطعة من قطن، كما مر آنفًا، وقال القسطلاني: بتثليث الفاء بمعنى قطعة، وقيل: بفتح القاف والصاد المهملة، أي: شيئًا يسيرًا من مسك مثل القرصة بطرف الإصبعين، و (مِن) في قوله:(من مسك) بمعنى الباء، والمسك - بكسر الميم -: ما ينعقد من دم الغزال تحت السرة، والمعنى: ثم تأخذي قطعة من قطن أو خرقة ملطخة مطيبة بمسك، فتحشوها في فرجك، (فتطهر بها) أي: فتطيّب بتلك الفرصة فرجك وتزيل عنه رائحة الدم، (قالت أسماء) بنت يزيد:(كيف أتطهر) وأتنظف (بها) أي: بتلك الفرصة يا رسول الله؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: (سبحان الله! ) أي: عجبًا لله في شؤونه التي منها خفاء هذا الأمر الظاهر عليك الذي لا يحتاج الإنسان في فهمه إلى فكر وتأمل (تطهري) أي: تطيبي (بها) أي: بفرصة مسك.
(قالت عائشة) لأسماء لتبين لها كيفية التطهير بها (كأنها) أي: كأن
تُخْفِي ذَلِكَ -: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ، قَالَتْ: وَسَأَلَتْهُ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ: "تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا فَتَطْهُرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ أَوْ تَبْلُغُ فِي الطُّهُورِ، حَتَّى تَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهَا
===
عائشة (تخفي ذلك) التبيين عن غير أسماء؛ أي: قالت عائشة: (تتبعي) أي: أزيلي (بها) أي: بتلك الفرصة (أثر الدم) أي: رائحة الدم عن الفرج، قوله:(كأنها تخفي ذلك) أي: قالت لها عائشة كلامًا خفيًا تسمعه أسماء المخاطبة ولا يسمعه الحاضرون، وفي رواية:(تتبعي آثار الدم) بصيغة الجمع؛ أي: تمسحي بتلك الفرصة مواضع الدم؛ تعني بها الفرج بصيغة الجمع، ونقل النووي عن المحاملي أنه قال: تطيب كل موضع أصابه الدم من بدنها، وفي ظاهر الحديث حجة له. انتهى.
وهذه الجملة؛ يعني: قوله: (كأنها تخفي ذلك) مدرجة، أدخلها الراوي بين الحكاية والمحكي؛ أي: بين القول؛ يعني: قالت عائشة: ومقوله؛ يعني: قولها؛ تتبعي أثر الدم.
(قالت) عائشة بالسند السابق: (وسألته) صلى الله عليه وسلم أيضًا أسماء بنت يزيد (عن) كيفية (الغسل من الجنابة) من جماع أو احتلام، (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تأخذ إحداكن ماءها) أي: ماء طهورًا لطهارتها من الجنابة، (فتطهر) من باب نصر؛ أي: فتتوضأ بذلك، (فتحسن) من أحسن الرباعي (الطهور) أي: الوضوء بإسباغ مواضع الفرض وآدابه، (أو) قال لها:(تبلغ) من أبلغ الرباعي (في الطهور) و (أو) للشك من الراوي أو ممن دونه؛ أعني: عائشة؛ أي: تكمل إحداكن الوضوء بالإسباغ.
و(حتى) في قوله: (حتى تصب الماء على رأسها) بمعنى ثم، كما في رواية مسلم؛ أي: ثم بعد إكمال وضوئها تصب إحداكن؛ أي: تفرغ إحداكن
فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جَسَدِهَا"، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ؛ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ.
===
الماء على رأسها، (فتدلكه) أي: فتدلك شعر رأسها (حتى تبلغ) وتصل إحداكن بدلكها (شؤون رأسها) أي: أصول شعرها، (ثم تفيض) وتفرغ (الماء على) سائر (جسدها، فقالت عائشة) رضي الله تعالى عنها عندما حدّثت هذا الحديث: (نِعْم النساء) أي: حسن، والمخصوص بالمدح (نساء الأنصار؛ لم يمنعهن الحياء) من الناس؛ أي: لم يحجزهن الحياء من الناس من (أن يتفقهن) ويتعلّمن (في) أحكام (الدين) رضي الله تعالى عنهن جُمَع.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحيض (13)، باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض، رقم (314) مختصرًا، ومسلم في الحيض (13)، باب استحباب استعمال فرصة من مسك في موضع الدم في الغسل من الحيض (61)، وأبو داوود في الطهارة، باب الاغتسال من الحيض (314).
فهذا الحديث: في أعلى درجات الصحة، وإن كان سنده حسنًا، لما مر؛ لأنه من الحديث المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: حديثان:
الأول للاستدلال، وفيه نظر كما مر، والثاني للاستشهاد، كلاهما لعائشة رضي الله عنها.
والله سبحانه وتعالى أعلم