الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَلَيهِ بِمَعْرِِفَة اخْتِصَاصه، وَهَذَا مُخل بِاعْتِبَار الشَّرْح، أما بِاعْتِبَار الْمَتْن فَوَاضِح، والأوضح أَن يُقَال: التَّقْدِير فلْيُعْلم أَنه باختصاصه. (أَي الرَّاوِي) .
(بِأَحَدِهِمَا) أَي الشَّيْخَيْنِ، (يتَبَيَّن المهمل) وَبَيَانه أَن يكون تلميذ أَحدهمَا دون الآخر، أَو يكون تلميذاً لَهما لَكِن لَهُ بِأَحَدِهِمَا زِيَادَة اخْتِصَاص، كملازمة أَو بلدٍ أَو قَرْيَة لَيْسَ للْآخر. قَالَ التلميذ: قَوْله: فباختصاصه، هَذَا الضَّمِير يرجع إِلَى غير مَذْكُور، وَتقدم ذكر الرَّاوِي، فيوهم عوده إِلَيْهِ، فَصَارَ الْمحل قلقاً، فَكَانَ حَقه أَن يَقُول: فباختصاص أَحدهمَا بِالْآخرِ يتَبَيَّن المهمل.
(وَمَتى [171 - أ] لم يتَبَيَّن ذَلِك) بِأَن لم يخْتَص بِأَحَدِهِمَا، (أَو كَانَ مُخْتَصًّا بهما مَعًا فإشكاله شَدِيد) ، أَي صَعب وَمَعَ ذَلِك، (فَيرجع) على بِنَاء الْمَجْهُول، أَي فيُرَد الْأَمر (فِيهِ) أَي فِي هَذَا الْإِشْكَال (إِلَى الْقَرَائِن، وَالظَّن الْغَالِب) أَي النَّاشِئ مِنْهَا، وَالْوَصْف بياني أَي ظن غالبي، وَقَالَ ابْن الصّلاح: وَرُبمَا قيل: بِظَنّ لَا يقوى.
(
[إِنْكَار الرَّاوِي لحديثه] )
(وَإِن روى عَن شيخ) أَي ثِقَة عَن ثِقَة، (حَدِيثا فَجحد الشَّيْخ مَرْوية) أَي نَفَاهُ، (فَإِن كَانَ) أَي جحدُه، (جزما) هُوَ بِاعْتِبَار الْمَتْن تَمْيِيز، وَبِاعْتِبَار الشَّرْح خبر كَانَ، وَمَعْنَاهُ: على سَبِيل الْجَزْم.
(كأنْ يَقُول) أَي الشَّيْخ: (كذب عليَّ، أَو مَا رويت هَذَا، وَنَحْو ذَلِك) أَي لَيْسَ هَذَا من حَدِيثي، أَو مَا رويت لَهُ هَذَا، أَو مَا رويت هَذَا.
(فَإِن وَقع) أعَاد الشَّرْط للتَّأْكِيد، فَقَوْل تِلْمِيذه:" هَذَا " حَشْو [لَا مَحل لَهُ] ، وَكَأَنَّهُ تبعه شَارِح وأسقطه (مِنْهُ) أَي من الشَّيْخ (ذَلِك) أَي الْجحْد أَو الْجَزْم، [أَو الْجحْد] على سَبِيل الْجَزْم، (رد ذَلِك الْخَبَر) أَي الْمَرْوِيّ على الْمُخْتَار، وَهُوَ محكي عَن الشَّافِعِي، وَبَعْضهمْ بَالغ فِي ذَلِك فَنقل الْإِجْمَاع عَلَيْهِ (لِكَذب وَاحِد مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِه) .
قَالَ تِلْمِيذه: أَي لكذب الأَصْل فِي قَوْله: كذب عَليّ، أَو مَا رويت، إِن كَانَ الْفَرْع صَادِقا، ولِكَذب الْفَرْع فِي الرِّوَايَة إِن كَانَ الأَصْل صَادِقا فِي قَوْله: كذب [عَليّ] ، وَمَا رويت، إِلَّا أَن عَدَالَة الأَصْل تمنع كذبه، فَيجوز النسْيَان على الْفَرْع، وعدالة الْفَرْع تمنع كذبه، فَيجوز [النسْيَان] على الأَصْل، وَلم يتَبَيَّن مُطَابقَة الْوَاقِع مَعَ أَيهمَا، فَلذَلِك / 119 - أ / لَا يكون قادحاً. انْتهى.
فَإِن قيل كَذِبُ الشَّيْخ مُسْتَلْزم لصِحَّة الحَدِيث لَا لرده، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الشَّيْخ كَاذِبًا فِي قَوْله: كذب عَليّ، فَكَانَ التلميذ صَادِقا، فَيكون الحَدِيث صَحِيحا، أُجيب بِأَنا سلَّمنا ذَلِك لكنه إِذا ظهر مِنْهُ الْكَذِب، فَلَا يُعتمد على قَوْله، وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.
(وَلَا يكون) أَي رد (ذَلِك الْخَبَر قادحاً، فِي وَاحِد / مِنْهُمَا) أَي من الشَّيْخ والتلميذ [171 - ب]، وَأغْرب شَارِح فَقَالَ: أَي فِي شَيْء مِنْهُمَا، (للتعارض) ؛ إِذْ
لَيْسَ أَحدهمَا أولى بِقبُول مَا تضمن الْجرْح من الآخر، فَلَا يكون رد [الحَدِيث] الْمَرْوِيّ بِخُصُوصِهِ قادحاً فِي عُمُوم الرِّوَايَات الْبَاقِيَة عَنْهُمَا.
(أَو كَانَ جَحده احْتِمَالا) أَي على سَبِيل الِاحْتِمَال (كَأَن يَقُول: مَا أذكر هَذَا) أَي الحَدِيث، (أَو: لَا أعرفهُ) أَي الرَّاوِي، أَو نَحوه، ك: لَا أذكر أَنِّي حدثته، مِمَّا يَقْتَضِي جَوَاز أَن يكون نَسيَه.
(قُبل ذَلِك الحَدِيث فِي الْأَصَح) وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور أهل الحَدِيث، وَأكْثر الْفُقَهَاء والمتكلمين.
(لأنّ ذَلِك يُحمل على نِسْيَان الشَّيْخ) وَالْحكم للذاكر إِذْ المُثْبِت الجازِم مقدم على النَّافِي المتردد.
(وَقيل:) الْقَائِل بِهِ بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة (لَا يُقْبَلُ لِأَن الْفَرْع تبع للْأَصْل فِي إِثْبَات الحَدِيث) أَي مُطلقًا، (بِحَيْثُ إِذا أثبت الأَصْل الحَدِيث تثبت رِوَايَة الْفَرْع، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يكون) أَي حَدِيثه أَو رِوَايَته (فرعا عَلَيْهِ، وتبعاً لَهُ فِي النَّفْي) وَفِي كثير من النّسخ: فِي التَّحْقِيق، وَلَعَلَّ التَّقْدِير: فِي تَحْقِيق النَّفْي، يَعْنِي وَقد
أنكرهُ أَصله، فَلَا يقبل حَدِيثه.
(وَهَذَا) أَي القَوْل، (مُتَعقبُ) أَي معترض، (فَإِن عَدَالَة الْفَرْع تَقْتَضِي صدقه، وَعدم علم الأَصْل لَا يُنَافِيهِ) أَي صدقه وَهُوَ مُثْبِتٌ جَازِم.
(فالمثبِت مقدم على النَّافِي) يَعْنِي الْمُثبت الْجَازِم مقدم على النَّافِي المتردد كَمَا سبق قبيل ذَلِك، وَأبْعد التلميذ حَيْثُ قَالَ: هَذَا لَيْسَ بجيد، لِأَن فِي مَسْأَلَة تَكْذِيب الأَصْل جزما الأَصْل نافٍ، وَالْفرع مُثبت، وَلَيْسَ الحكم فِيهَا للمثبت، فَالْأولى أَن يَقُول: لِأَن الْمُحَقق مقدم على المظنون، والجزم [مقدم] على الترديد.
(وَأما قِيَاس ذَلِك بِالشَّهَادَةِ) أَي على الشَّهَادَة بأنّ تَكْذِيب الأَصْل للفرع جرح للفرع فِي الشَّهَادَة، فَكَذَا فِي الرِّوَايَة، (ففاسد) لِأَنَّهُ قِيَاس مَعَ الْفَارِق، قَالَ التلميذ: ظَاهره أَنه جَوَاب سُؤال [172 - أ] مُقَدّر، وَحَاصِله: جَوَاب بالفارق وَهُوَ لَا يُؤثر حَتَّى يكون وارداً على الْعلَّة الجامعة، وَهنا لَيْسَ كَذَلِك. انْتهى. ثمَّ بَين الْفَارِق بقوله:(لِأَن شَهَادَة الْفَرْع لَا تُسْمَع) أَي اتِّفَاقًا (مَعَ الْقُدْرَة / 119 - ب / على شَهَادَة الأَصْل، بِخِلَاف الرِّوَايَة) فَإِنَّمَا تُقْبَل - مَعَ الْقُدْرَة على رِوَايَة الشَّيْخ، وَهُوَ الأَصْل - رِوَايَة التلميذ وَهُوَ الْفَرْع اتِّفَاقًا (فَافْتَرقَا) أَي فرقا مؤثراً فِيمَا نَحن فِيهِ، على أَن بعض الْمُتَأَخِّرين
أجْرى الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّهَادَة [على الشَّهَادَة] إِذا ظهر توقف الأَصْل دون إِنْكَاره.
(وَفِيه، أَي فِي هَذَا النَّوْع صنف الدَّارَقُطْنِيّ كتاب) بِالنّصب مُضَافا إِلَى قَوْله الْمَرْفُوع محلا بِاعْتِبَار الْمَتْن (من حدث وَنسي) . وَالْحَاصِل أَنه اسْم لكتابه، فَمَا ذكره شَارِح عطفا على الدَّارَقُطْنِيّ بل غير وَاحِد من الْأَئِمَّة غير صَحِيح.
(وَفِيه) أَي فِي كتاب من حدث، (مَا يدل على تَقْوِيَة الْمَذْهَب الصَّحِيح) أَي الَّذِي عبَّر عَنهُ المُصَنّف بالأصح، (لكَون كثير مِنْهُم) أَي من الْمُحدثين، (حدثوا بِأَحَادِيث، فَلَمَّا عُرِضت) أَي الْأَحَادِيث، (عَلَيْهِم) / أَي على محدثيها، (لم يتذكروها) أَي وَمَا أنكروها بل ترددوا فِيهَا.
(لكِنهمْ لاعتمادهم على الروَاة عَنْهُم) من جِهَة الْعَدَالَة، والضبط بِاعْتِبَار حسن الظَّن الْغَالِب عَلَيْهِم، (صَارُوا يَرْووُنَها) أَي تِلْكَ الْأَحَادِيث، (عَن الَّذين رَوَوْهَا عَنْهُم عَن أنفسهم) لَيْسَ تَأْكِيدًا لقَوْله: عَنْهُم، بل لسوق الْإِسْنَاد عَن تِلْكَ الروَاة إِلَى أنفسهم، وَلَا يُفِيد " عَنْهُم " إِلَّا تعْيين الروَاة، كَذَا قَالَه محشٍ.
وَقَالَ شَارِح: أَي يَنْتَهِي إِلَى أنفسهم، وَالْأَظْهَر أَن يُقَال:" عَنْهُم " مُتَعَلق
ب: رَوَوْها، و " عَن أنفسهم " مُتَعَلق ب: يَرْوُوَنَها، وَالْمعْنَى عَن قِبَلِ أنفسهم.
(كَحَدِيث سُهيل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا فِي قصَّة الشَّاهِد وَالْيَمِين) وَهُوَ أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين، وَبِهَذَا أَخذ الشَّافِعِي [172 - ب] أَنه إِذا كَانَ للْمُدَّعِي شَاهد وَاحِد يحلِف الْمُدَّعِي، فَيكون حلفه بِمَنْزِلَة شَاهد آخر.
(قَالَ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاوردي:) بِفَتْح أَوله بعده رَاء، فألف، فواو مَفْتُوحَة، فراء سَاكِنة بعده دَال، فياء نِسْبَة (حَدثنِي بِهِ ربيعَة بن عبد الرَّحْمَن) وَفِي نُسْخَة: أبي عبد الرَّحْمَن، (عَن سُهَيْل)، أَي الْمَذْكُور إِلَى آخر السَّنَد (قَالَ:) أَي الدَّرَاوردي:
(فَلَقِيت سُهَيْلاً، فَسَأَلته) أَي سُهَيْلاً، (عَنهُ) أَي عَن الحَدِيث، (فَلم يعرفهُ) أَي وَلم يُنكره بل تردد فِيهِ.
(فَقلت: إِن ربيعَة حَدثنِي عَنْك بِكَذَا، فَكَانَ سُهَيْل بعد ذَلِك يَقُول: حَدثنِي ربيعَة عني) أَو وَهُوَ ثِقَة عِنْدِي، (أَنِّي حدثته عَن أبي بِهِ) أَي بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور وَلَا