المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المتابع ومراتبه] ) - شرح نخبة الفكر للقاري

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَدْء التصنيف فِي عُلُوم الحَدِيث)

- ‌[الدَّاعِي لتصنيف الْكتاب] )

- ‌علما، وَعَملا، وَقَالا، وَحَالا.(على تَرْتِيب) ، أَي عَجِيب مُتَعَلق بلخصته، وَجُمْلَة سميتها مُعْتَرضَة. (ابتكرته) أَي اخترعته وَلم أسبق بِمثلِهِ. يُقَال: ابتكر الشَّيْء إِذا أَخذ باكورته، وَهِي أَوله. (وسبيل) أَي وعَلى طَرِيق غَرِيب (انتهجته) أَي جعله منهاجا أَي سَبِيلا

- ‌[تَعْرِيف الْخَبَر والْحَدِيث والأثر] )

- ‌[الْخَبَر من حَيْثُ تعدد طرقه وفردها] )

- ‌[المُتَوَاتِر] )

- ‌[الْمُتَوَاتر: لَا يبْحَث عَن رِجَاله] )

- ‌ الْأَحَادِ

- ‌[الْمَشْهُور والمستفيض] )

- ‌[الْعَزِيز] )

- ‌[الْغَرِيب] )

- ‌[تَعْرِيف الْآحَاد وأقسامه] )

- ‌[تَعْرِيف الْمَرْدُود] )

- ‌[أَنْوَاع الْخَبَر المُحْتفِّ بالقرائن] )

- ‌[أَقسَام الْغَرِيب] )

- ‌[الصَّحِيح لذاته] )

- ‌[الصَّحِيح لغيره] )(وَالثَّانِي:) أَي الْمُشْتَمل على الْأَوْسَط، والأدنى(إِن وجد) بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي علم فِيهِ. وَيُمكن أَن يكون بِصِيغَة الْفَاعِل على النِّسْبَة المجازية أَي إِن صَادف. (مَا يجْبر) أَي يُعَوّض (ذَلِك الْقُصُور) أَي عَن مرتبَة العُلوّ (ككثرة الطّرق)

- ‌[الحَسنُ لغيره] )

- ‌[تَعْرِيف العَدل] )

- ‌[تَعْرِيف الضَّبْطِ وتَقْسِيْمُه] )

- ‌[تَعْرِيف المُتَّصِل] )

- ‌[تَعْرِيف المُعَلَّل لُغةً وَاصْطِلَاحا] )

- ‌[تَعْرِيف الشَّاذِّ لُغَة وَاصْطِلَاحا] )

- ‌[أصح الْأَسَانِيد] )

- ‌[مناظرة أبي حنيفَة مَعَ الْأَوْزَاعِيّ] )

- ‌[المفاضلة بَين الصَّحِيحَيْنِ] )

- ‌[شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم] )

- ‌[عدد رجال البُخَارِيّ وَمُسلم الَّذين تُكُلِّم فيهم] )

- ‌[الْأَحَادِيث المنتقدة على البُخَارِيّ أقل عددا ممّا انتقد على مُسلم] )

- ‌[سلسلة الذَّهَب] )

- ‌[الْحسن لذاته] )

- ‌[الْكَلَام حول قَوْلهم: حسن صَحِيح] )

- ‌[زِيَادَة الثِّقَة] )

- ‌[الْمَحْفُوظ والشاذ] )

- ‌(الْمَعْرُوف وَالْمُنكر)

- ‌[المُتَابِع ومراتبه] )

- ‌[الشَّاهِد] )

- ‌ الِاعْتِبَار

- ‌[المُحْكَم] )

- ‌[مُخْتَلِفُ الحَدِيث] )

- ‌[النَّاسِخ والمنسوخ] )

- ‌[أَقسَام الْمَرْدُود] )

- ‌[الحَدِيث الْمُعَلق] )

- ‌[المُرْسَل] )

- ‌[المعضل] )

- ‌[المنُقطع] )

- ‌[المدلس] )

- ‌[المُرسْلُ الخَفِي] )

- ‌[الطعْن وأسبابه] )

- ‌[الْمَوْضُوع] )

- ‌[طرق معرفَة الوضْع] )

- ‌[أَسبَاب الْوَضع] )

- ‌[الْمَتْرُوك] )

- ‌[المُنْكَر] )

- ‌[الْوَهم فِي الْإِسْنَاد والمتن] )

- ‌[المعَلَّل] )

- ‌[المُدْرَجُ وأقسامه] )

- ‌[المقلوب] )

- ‌[المَزيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد] )

- ‌[المُضْطَرِب] )

- ‌[المُصَحَّف والمُحَرَّف] )

- ‌[اخْتِصَار الحَدِيث] )

- ‌[الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى] )

- ‌[غَرِيب الحَدِيث] )

- ‌[الْجَهَالَة وسببها] )

- ‌[الوُحْدَانِ] )

- ‌[المُبهم] )

- ‌[مَجْهُول الْعين] )

- ‌[مَجْهُول الْحَال = المستور] )

- ‌[الْبِدْعَة وَرِوَايَة المبتدعه] )

- ‌[سوء الْحِفْظ] )

- ‌[الشاذ] )

- ‌ الْمُخْتَلط

- ‌[الْحسن لغيره] )

- ‌[تَعْرِيف الْإِسْنَاد والمتن] )

- ‌[الْمَرْفُوع تَصْرِيحًا أَو حكما] )

- ‌[الْمَوْقُوف] )

- ‌ تَعْرِيف الصَّحَابِيّ

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابي] )

- ‌[مَفْهُوم الصُّحْبَة] )

- ‌[طرق معرفَة الصُّحْبَة] )

- ‌[نِهَايَة زمن الصَّحَابَة] )

- ‌[التَّابِعِيّ] )

- ‌[المُخَضْرمَون] )

- ‌[تَلْخِيص الْمَرْفُوع، وَالْمَوْقُوف، والمقطوع] )

- ‌(فحصلت التَّفْرِقَة فِي الِاصْطِلَاح بَين الْمَقْطُوع، والمنقطع)

- ‌[الْمسند] )

- ‌[العالي] )

- ‌[الْعُلُوّ الْمُطلق] )

- ‌[الْعُلُوّ النسبي] )

- ‌[المُوَافَقَه] )

- ‌[الْبَدَل] )

- ‌[الْمُسَاوَاة] )

- ‌[المُصَافَحَة] )

- ‌[النَّازِل] )

- ‌[رِوَايَة الأقران] )

- ‌[المُدَبَّج] )

- ‌[رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر] )

- ‌[الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء] )

- ‌[السَّابِق واللاحق] )

- ‌[الرِّوَايَة عَن مُتفقي الِاسْم] )

- ‌[إِنْكَار الرَّاوِي لحديثه] )

- ‌[المُسَلْسَل] )

- ‌[صِيغ الْأَدَاء] )

- ‌[طرق التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[المعنعن] )

- ‌[أَحْكَام طرق التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[المُشافَهَة والمُكَاتَبَة] )

- ‌[المُناولة] )

- ‌[الوجَادَة] )

- ‌[الوَصِية بِالْكتاب] )

- ‌[الإعْلام] )

- ‌[الْإِجَازَة العَامة] )

- ‌[الْإِجَازَة للْمَجْهُول] )

- ‌[الْإِجَازَة للمعدوم] )

- ‌[الْمُتَّفق والمفترف] )

- ‌[المُؤْتَلِف والمُخْتَلِف] )

- ‌[المُتَشَابِه] )

- ‌[المُتَشَابِه المَقْلُوب] )

- ‌(خَاتِمَة)

- ‌[طَبَقَات الرُّوَاة] )

- ‌[التَّارِيخ] )

- ‌[أوطان الرُّوَاة] )

- ‌[معرفَة الثِّقَات والضُّعَفَاء] )

- ‌[مَرَاتِب الْجرْح] )

- ‌[مَرَاتِب التَّعْدِيل] )

- ‌[أَحْكَام الْجرْح وَالتَّعْدِيل] )

- ‌[تَقْدِيم الْجرْح على التَّعْدِيل] )

- ‌(فصل)

- ‌[الأسمَاء والكُنَى] )

- ‌[المَنْسُوبُون لغير آبَائِهِم] )

- ‌[نسَبٌ على خلاف ظَاهرهَا] )

- ‌[الثِّقَات والضعفاء] )

- ‌[الأسماءُ المُفْردَة] )

- ‌[الكُنَى والألقاب] )

- ‌[الْأَنْسَاب] )

- ‌[الموَالِي] )

- ‌[الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات] )

- ‌[آدَاب الشَّيْخ والطالب] )

- ‌[سِنُّ التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[كِتَابَة الحَدِيث] )

- ‌[الرَّحْلَة للْحَدِيث] )

- ‌[صفة تصنيف الحَدِيث] )

- ‌[سَبَب وُرُود الحَدِيث] )

الفصل: ‌[المتابع ومراتبه] )

( ‌

[المُتَابِع ومراتبه] )

(وَمَا تقدم ذكره من الْفَرد) الْوَاو عاطفة للمتن على الْمَتْن، وللشرح على الشَّرْح، فباعتبار الْمَتْن يرفع الْفَرد، وَبِاعْتِبَار الشَّرْح يخْفض. وَمثل هَذَا المزج لَا يستحسنه الْمُحَقِّقُونَ لكنه لما غلب الشَّرْح على الْمَتْن، وَجعله ككتاب وَاحِد، سَاغَ لَهُ ذَلِك، وَلَو قَالَ: والمتقدم ذكره، وَهُوَ الْفَرد لَكَانَ أولى. وَقَوله:

(النِسبي) بِكَسْر النُّون، وَسُكُون السِّين، نِسْبَة إِلَى النِّسْبَة الْمُقَابلَة للْحَقِيقَة الَّتِي يُعَبِّر عَنْهَا المحدثون بالفرد الْمُطلق.

(إِن) شَرْطِيَّة دخلت على الشَّرْح والمتن.

(وجد بعد ظن كَونه [71 - ب] فَردا) أَي فَردا نسبياً، فَإِن الْفَرد الْمُطلق لَو تَابعه راو يخرج عَن كَونه فَردا، كَذَا قيل، وَفِيه بحث يَأْتِي.

(قد) للتحقيق (وَافقه) أَي تَابع رَاوِيه (غَيره) أَي غير رَاوِيه، فَذَلِك الْغَيْر هُوَ راو آخر يدل عَلَيْهِ قَوْله فِيمَا بعد: مُتَابعًا، وَهُوَ عبد الله.

(فَهُوَ) أَي ذَلِك الْغَيْر (المُتابع) أَي متابعه أَو المتابع لَهُ أَي للْحَدِيث.

ص: 343

(بِكَسْر الْمُوَحدَة) وَفِي نُسْخَة: الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ مُسْتَدْرك. فَإِن قلت: لِم لَمْ يَجْعَل هُوَ رَاجعا إِلَى الْفَرد؟ وَيكون المتابعُ حِينَئِذٍ بِفَتْح الْبَاء كَمَا يَقْتَضِيهِ سوق الْكَلَام سَابِقًا، حَيْثُ يعود الضَّمِير إِلَى الْفَرد، ولاحقاً حَيْثُ جعل الشَّاهِد / 52 - ب / صفة الحَدِيث لَا الرَّاوِي. وَيجوز أَن يَجْعَل ضمير فَهُوَ عَائِدًا إِلَى مَا يرويهِ ذَلِك الْغَيْر. وَالشَّاهِد والمتابع صفة الحَدِيث لَا الرَّاوِي. قلت: لَعَلَّه مُجَرّد اصْطِلَاح، فَإِن قيل: لِمَ قيد الْفَرد بالنسبي / مَعَ أَن المتابع بِهَذَا الْمَعْنى يُوجد للفرد الْمُطلق أَيْضا؟ فَإِنَّهُ إِن كَانَ وجد للراوي عَن صَحَابِيّ - بعد ظن انْفِرَاده - شريكٌ عَن ذَلِك الصَّحَابِيّ فَهُوَ المتابع، وَإِن كَانَ عَن صَحَابِيّ آخر فَهُوَ الشَّاهِد. يُقَال: سلّمنا ذَلِك، وَلَعَلَّه بِنَاء على الِاصْطِلَاح، فَإِنَّهُ فِي اصطلاحهم مُخْتَصّ بالفرد النسبي.

(والمتابعة على مَرَاتِب:) وَإِن كَانَ مآلها إِلَى مرتبتين لِأَنَّهَا، (إِن حصلت للراوي نَفسه) أَي دون شَيْخه، فضلا عَن أَن يكون مَعَ شَيْخه، (فَهِيَ) أَي الْمُتَابَعَة (التَّامَّة) أَي الْكَامِلَة المختصة بِالتَّسْمِيَةِ.

(وَإِن حصلت) أَي الْمُتَابَعَة (لشيخه) أَي دون الرَّاوِي نَفسه، (فَمن فَوْقه) أَي فَوق شيخ من مشايخه، (فَهِيَ القاصرة) وَحَاصِل كَلَامه: أَن الرَّاوِي المتفرد

ص: 344

فِي أثْنَاء السَّنَد إِن شُورِكَ من راوٍ، فَرَوَاهُ، عَن شَيْخه، أَو شُورِكَ شَيْخه فَمن فَوْقه إِلَى آخر السَّنَد، فَهُوَ المتابع.

فَالْأول: هُوَ [72 - أ] الْمُتَابَعَة التَّامَّة: وَلَا بُد فِي كَونهَا تَامَّة من اتِّفَاقهمَا فِي السَّنَد إِلَى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَإِن توبع وفارقه وَلَو فِي الصَّحَابِيّ، فَلَا تكون تَامَّة.

وَالثَّانِي: القاصرة. وَكلما قربت مِنْهَا كَانَت أتم من الَّتِي بعْدهَا، وَقد يُسمى الآخر شَاهدا، لَكِن تَسْمِيَته تَابعا أَكثر.

(وَيُسْتَفَاد مِنْهَا) أَي من الْمُتَابَعَة تَامَّة كَانَت، أَو قَاصِرَة، (التقوية) أَي للمتابَع بِفَتْح الْبَاء.

(مِثَال الْمُتَابَعَة:) أَي الشاملة للتامة والقاصرة، (مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي " الْأُم ") اسْم كتاب لَهُ.

(عَن مَالك، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر رضي الله عنهم: أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ) أَي من أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، وَهُوَ بَيَان لما رَوَاهُ، وَيجوز أَن يَجْعَل أَن النَّبِي بَدَلا لما رَوَاهُ.

ص: 345

(قَالَ: " الشَّهْر ") أَي جنسه تَارَة، أَو أَقَله (تِسْعٌ وعِشْرون) وَهَذَا مُحَقّق، وَفِيه حثِّ على طلب الْهلَال لَيْلَة الثَّلَاثِينَ، إِذْ قد يكون الشَّهْر ثَلَاثِينَ، وَقد لَا يكون، فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك، (فَلَا تَصُومُوا) أَي رَمَضَان (حَتَّى تَرَوْا) أَي تعلمُوا، وَلَو بِرُؤْيَة عدل، (الْهلَال) أَي هِلَال رَمَضَان، فَاللَّام للْعهد، (وَلَا تُفْطِرُوا) أَي لَا تدْخلُوا فِي إفطار رَمَضَان، بِأَن تتركوا صِيَامه، وتصلوا صَلَاة عيد الْفطر، وَنَحْو ذَلِك، (حَتَّى تَرَوْه) أَي الْهلَال. وَالْمرَاد هِلَال شَوَّال، (فَإِن غُمَّ) بِضَم الْغَيْن، وَتَشْديد الْمِيم، أَي خَفِي هِلَال رَمَضَان، (عَلَيْكُم) أَي على جميعكم بغيم وَنَحْوه، (فأكملوا الْعدة) أَي أَتموا عدد أَيَّام [شهر] شعْبَان (ثَلَاثِينَ) أَي يَوْمًا.

(فَهَذَا) وَفِي نُسْخَة: وَهَذَا (الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ) أَي الَّذِي تقدم، / 53 - أ /، (ظن قوم) أَي وهموا، (أَن الشَّافِعِي تفرد بِهِ) أَي بِلَفْظِهِ (عَن مَالك، فعدوه) أَي فَجعل الْقَوْم الحَدِيث الْمَذْكُور معدوداً (فِي غَرَائِبه،) أَي غرائب الشَّافِعِي، جمع غَرِيب، وَهُوَ الحَدِيث الَّذِي يتفرد بِهِ بعض الروَاة، أَو الحَدِيث الَّذِي ينْفَرد فِيهِ [72 - ب] بَعضهم، بِأَمْر لَا يذكر فِيهِ غَيره، إِمَّا فِي مَتنه، أَو فِي إِسْنَاده.

ثمَّ إِنَّمَا ظنُّوا هَذَا الظَّن بالشافعي، (لِأَن أَصْحَاب مَالك) أَي بَقِيَّتهمْ، (رَوَوْه) أَي الحَدِيث الْمَذْكُور (عَنهُ) أَي عَن مَالك، (بِهَذَا الْإِسْنَاد) أَي الَّذِي أسْندهُ الشَّافِعِي إِلَى / النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] .

ص: 346

(بِلَفْظ: " فَإِن غُمّ عَلَيْكُم ") أَي هِلَال رَمَضَان، (فاقْدِرُوا) بِضَم الدَّال، وَكسرهَا وَقيل: الضَّم خطأ. يُقَال: قَدر الشَّيْء قَدْراً بِالتَّخْفِيفِ أَو قدّرَه بِالتَّشْدِيدِ قَالَ تَعَالَى: {فقدرنا فَنعم القادرون} كَذَا فِي " شمس الْعُلُوم ".

فَالْمَعْنى: قدَّروا (لَهُ) - أَي لأجل تَحْقِيق هِلَال رَمَضَان - عَدد أَيَّام شهر شعْبَان، حَتَّى تكملوه ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثمَّ صُومُوا لرمضان وَلَو لم تروا هلاله حِينَئِذٍ بغيم وَنَحْوه. إِذْ الْمَقْصُود من الرُّؤْيَة الْعلم اليقيني، وَهُوَ إِمَّا بِرُؤْيَة الْهلَال عِنْد نُقْصَان الشَّهْر، وَإِمَّا بِحُصُول كَمَال الشَّهْر.

وَحَاصِل مَعْنَاهُ: أَتموا شهر شعْبَان ثَلَاثِينَ، فيوافق قَوْله [صلى الله عليه وسلم] :" فأكملوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ " فِي الْمَعْنى. وَقيل مَعْنَاهُ قدِّروا لَهُ منَازِل الْقَمَر، فَإِنَّهُ يدُلكم على أَن الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ، أَو ثَلَاثُونَ. قَالَ ابْن شُرَيْح: هَذَا خطاب لمن خصّه الله تَعَالَى بِهَذَا الْعلم، وَقَوله:" فأكملوا الْعدة " خطاب للعامة الَّتِي لم تُعنَ بِهِ، كَذَا فِي " النِّهَايَة " وَنَقله عَنهُ محش.

أَقُول: قَول ابْن شُرَيْح وَمن سبقه وَتَبعهُ باطلٌ، لمُخَالفَة الْإِجْمَاع على عدم الِاعْتِمَاد بقول المنجمين وَلَو اتَّفقُوا على أَنه يرى، لقَوْله تَعَالَى مُخَاطبا لخير أمة أخرجت للنَّاس خطابا عَاما:{فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَلقَوْله عَلَيْهِ

ص: 347

الصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْخِطَابِ الْعَام: " صُومُوا لِرُؤْيَتِه وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِه " وَلما فِي نفس هَذَا الحَدِيث: " لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهلَال، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْه " وَلقَوْله [صلى الله عليه وسلم][73 - أ]" إنّا أُمهٌ أُميّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ ". قَالَ الطبيي: دلّ على أَن معرفَة الشَّهْر لَيست إِلَى الكُتّاب والحُسّاب، كَمَا يزعمه أهل النُّجُوم. انْتهى.

وَأَقُول: لَو صَامَ المنجم عَن رَمَضَان قَبْلَ رُؤْيَته بِنَاء على مَعْرفَته يكون عَاصِيا، وَلَا يُحسب عَن صَوْمه، وَلَو جَعل عيد الْفطر بِنَاء على زَعمه يكون فَاسِقًا، وَتجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة فِي فعله، وَإِن عَدّ الْإِفْطَار حَلَالا، فضلا عَن عدَّة وَاجِبا صَار كَافِرًا

وَمن الْغَرِيب أَنه جعل المنجم من الْخَواص، والبقية عَامَّة لم تُعْنَ بِهِ!

وَأغْرب مِنْهُ نقل صَاحب " النِّهَايَة " قَوْله / 53 - ب / وسكوتُهُ عَلَيْهِ الموهم

ص: 348

مِنْهُ قبولّهُ، فَإِنَّهُ لَا يحل لأحد نقل كَلَامه إِلَّا بنية الرَّد عَلَيْهِ، وَأما مَا ذكره بعض عُلَمَائِنَا عَن مُحَمَّد بن مُقَاتِل أَنه كَانَ يسْأَل المنجمين، ويعتمد على قَوْلهم بعد أَن يتَّفق على ذَلِك جمَاعَة [مِنْهُم] ، فَلَعَلَّهُ مَحْمُول على مَا يكون الْأَحْوَط فِيهِ اعْتِبَارا بِغَلَبَة الظَّن.

وَلذَا ذكر السّرَخْسِيّ فِي كتاب الصَّوْم قَول من قَالَ: يُرجع إِلَى قَول أهل الْحساب عِنْد الِاشْتِبَاه [وَهَذَا] بعيد، فَإِن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" مَنْ أَتَى كَاهِناً أَو عَرَّافاً، فَصدّقَهُ بِمَا يَقُول فقد كَفَر بِمَا أَنْزلَ الله تَعَالَى على مُحمّدٍ [صلى الله عليه وسلم] . " وَقَالَ فِي " التَّهْذِيب " يجب صَوْم رَمَضَان بِرُؤْيَة الْهلَال، أَو باستكمال شعْبَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَا يجوز تَقْلِيد المنجم فِي حسابه، لَا فِي الصَّوْم وَلَا فِي الْإِفْطَار.

وَأما مَا نقل عَن " التاتارخانية ": هَل للمنجم أَن يعْمل بِحِسَاب نَفسه؟

فَفِيهِ وَجْهَان:

أَحدهمَا: / أَنه يجوز

وَالثَّانِي لَا يجوز.

ص: 349

أَقُول: الصَّحِيح أَن الأول لَا يجوز للْحَدِيث السَّابِق، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ كَاذِبًا لَا يجوز تَصْدِيقه فِي حق غَيره، فَكَذَا يكون كَاذِبًا فِي حق نَفسه بتكذيب الشَّارِع إِيَّاه، وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.

[هَذَا،] وتدل الْمُطَابقَة [73 - ب] فِي اللَّفْظ على عدم صِحَة رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى إِلَّا حَالَة الضَّرُورَة، ثمَّ هَذَا الِانْفِرَاد وَإِن كَانَ ثَابتا بِاعْتِبَار هَذَا الْإِسْنَاد (لَكِن وجدنَا للشَّافِعِيّ مُتَابعًا) بِكَسْر الْبَاء (وَهُوَ عبد الله بن مَسْلَمَة) بِفَتْح وَسُكُون، ثمَّ فتحات، (القَعْنَبي) بِفَتْح قَاف، وَسُكُون مُهْملَة، وَفتح نون.

(كَذَلِك) أَي مثل ذَلِك اللَّفْظ الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِي.

(أخرجه البُخَارِيّ) أَي إِسْنَاده بِلَفْظِهِ.

(عَنهُ) أَي عَن عبد الله الْمَذْكُور إِلَى آخر السَّنَد.

(عَن مَالك) قَالَ الشَّيْخ زَكَرِيَّا: فَدلَّ أَن على أَن مَالِكًا رَوَاهُ عَن عبد الله بن دِينَار باللفظين.

(فَهَذِهِ) وَفِي نُسْخَة: وَهَذِه أَي الْمُتَابَعَة الْمُتَقَدّمَة.

(مُتَابعَة تَامَّة، وَوجدنَا لَهُ) أَي للشَّافِعِيّ. رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ص: 350

(أَيْضا) هُوَ موهم أَن يكون لغيره أَيْضا، فَكَانَ حَقه أَن يذكر أَيْضا قبل قَوْله: لَهُ أَو بعد قَوْله:

(مُتَابعَة قَاصِرَة فِي " صَحِيح ابْن خُزَيْمَة ") بِضَم الْحَاء، وَفتح الزَّاي، مُتَعَلق ب: وجدنَا لقَوْله:

(من رِوَايَة عَاصِم بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه مُحَمَّد بن زيد، عَن جده عبد الله بن عمر بِلَفْظ:" فكمِّلوا ثَلَاثِينَ ".

وَفِي " صَحِيح مُسلم "[من رِوَايَة عُبَيْدِ الله بن عُمَر] ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رضي الله عنهم بِلَفْظ:" فاقْدِرُوا ثَلَاثِينَ ". قَالَ السخاوي: فقد توبع عبد الله بن دِينَار من وَجْهَيْن: عَن ابْن عمر رضي الله عنهما، ثمَّ لما استشعر المُصَنّف مناقشة فِي كَون المُتَابَعَتين الْأَخِيرَتَيْنِ مُتَابعَة بِنَاء على تفَاوت الْأَلْفَاظ حَيْثُ وَقع فِي الأولى مِنْهُمَا:" فكمِّلوا ثَلَاثِينَ " بدل قَوْله: " فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ ". وَفِي الثَّانِيَة مِنْهَا: " فاقِدرُوا ثَلَاثِينَ " بدله، / 45 - أ / دَفعهَا بقوله:

ص: 351