الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي مُقَدّمَة " شرح مُسلم " عقيب كَلَام القَاضِي أبي بكر: وَبِه يُستدل على تَرْجِيح [150 - ب] مَذْهَب الْمُحدثين، فَإِن هَذَا الإِمَام قد نقل عَن أهل اللُّغَة أَن الِاسْم يتَنَاوَل صُحبة سَاعَة، وَأكْثر أهل الحَدِيث قد نقلوا الِاسْتِعْمَال فِي الشَّرْع، وَالْعرْف على وَفق اللُّغَة، فَوَجَبَ الْمصير إِلَيْهِ.
قَالَ السخاوي: إِلَّا أَن الْإِسْلَام لَا يُشْتَرط فِي اللُّغَة، وَالْكفَّار لَا يدْخلُونَ فِي اسْم الصُّحْبَة بالِاتِّفَاقِ، وَيُمكن أَن يُقَال:[إِن] مُرَاده بِالنَّقْلِ على وَفق اللُّغَة بِحَسب الْقلَّة وَالْكَثْرَة، لَا بِحَسب جَمِيع مَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي اللُّغَة. وَحكي عَن سعيد بن الْمسيب / أَنه لَا يَعُد صحابياً إِلَّا مَن أَقَامَ مَعَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم سنة، أَو سنتَيْن أَو غزا مَعَه غَزْوَة أَو غزوتين. وَوَجهه، أَن لصحبته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم شرفاً [عَظِيما] ، فَلَا يُنال إِلَّا باجتماع يظْهر فِيهِ الخُلق المطبوع عَلَيْهِ الشَّخْص كالغزو الْمُشْتَمل على السّفر الَّذِي هُوَ قِطْعَة من سقر، والسَنة الْمُشْتَملَة على الْفُصُول الْأَرْبَعَة الَّتِي بهَا يخْتَلف المِزاج، وعورض بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لشرف مَنْزِلَته أعطي كلُ مَن رَآهُ حكم الصُّحْبَة، وَأَيْضًا يلْزم أَن لَا يُعدّ جرير بن عبد الله وَنَحْوه صحابياً، وَلَا خلاف / 105 - أ / فِي أَنه صَحَابِيّ
(
[طرق معرفَة الصُّحْبَة] )
(ثَانِيهمَا: يعرف كَونه صحابياً بالتواتر) كَأبي بكر الصّديق المَعْني بقوله
تَعَالَى: {إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا} وَسَائِر العشَرة، ذكره السخاوي. لَكِن الْفرق بَين الصَّديق وَغَيره أَن من أنكر صُحْبَة الصّديق كَفر لاستلزام إِنْكَار صحبته إِنْكَار نَص الْقُرْآن الْمجمع على أَنه هُوَ المُرَاد بِهِ، بِخِلَاف مَن أنكر صُحْبَة غَيره، فَإِنَّهُ لَا يكفر.
(أَو الاستفاضة) ذَكَره لما سبق من الْفرق بَين المستفيض والمتواتر، وَالْمرَاد [151 - أ] بهَا هُنَا فَوق الشُّهْرَة وَلذَا قَالَ:
(أَو الشُّهْرَة،) بِنَاء على أَن الْمُغَايرَة بَينهمَا بِأَن المستفيض يكون فِي ابْتِدَائه [وانتهائه] سَوَاء، وَالْمَشْهُور أَعم من ذَلِك. قَالَ السخاوي: أَي الشُّهْرَة القاصرة عَن التَّوَاتُر، وَهِي الاستفاضة على رَأْي، كعُكاشة بن مِحْصن، وضِمَام بن ثَعْلبَة، وَغَيرهمَا. انْتهى. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بالشهرة الشُّهْرَة عِنْد الْمُحدثين
(أَو بِإِخْبَار بعض الصَّحَابَة) أَي بِأَنَّهُ صَحَابِيّ كَشَهَادَة أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ لَحَمَمَة لما مَاتَ مبطوناً بِأَن النَّبِي عليه الصلاة والسلام حكم لَهُ بِالشَّهَادَةِ، كَذَا قَالَه شَارِح. انْتهى. وَفِيه نظر لاحْتِمَال أَن يكون الضميرُ لَهُ، أَو لمن مَاتَ مبطوناً على مَا ورد فِي الْخَبَر من عُمُومه.
(أَو بعض ثِقَات التَّابِعين،) أَي بِذكر عدُول التَّبَع إِيَّاه فِي الصَّحَابَة رِوَايَة أَو كِتَابَة.
(أَو بإخباره عَن نَفسه بِأَنَّهُ صَحَابِيّ،) قَالَ التلميذ: قَيده ابْن الصّلاح بِأَن يكون مَعْرُوف الْعَدَالَة، وَكَذَا ابْن الْحَاجِب، وَغَيره.
(إِذا كَانَ دَعْوَاهُ ذَلِك،) مَنْصُوب على المفعولية أَي ادِّعاء مَا ذكر من كَونه من الصَّحَابَة، لَا أَنه مَرْفُوع على الْبَدَلِيَّة لِأَنَّهُ حينئذٍ كَانَ يُنَاسب أَن يَقُول: إِذا كَانَت دَعْوَاهُ تِلْكَ، أَي تِلْكَ الدَّعْوَى (تدخل تَحت الْإِمْكَان) . قَالَ السخاوي: يرد عَلَيْهِ أَن دَعْوَاهُ حِينَئِذٍ قادحة فِي عَدَالَته. اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال: يجوز أَن يكون مُسْتَند دَعْوَاهُ غَلَبَة ظَنّه فِي المرئي، وَقد أطلق ابْن الصّلاح والخطيب، وَقَالَ الْعِرَاقِيّ: لَا بُد من التَّقْيِيد بِمَا يدْخل تَحت الْإِمْكَان، فَإِنَّهُ لَو ادَّعَاهُ بعد مُضِيّ مئة سنة من حِين وَفَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، فَإِنَّهُ لَا يُقبل وَإِن كَانَ قد ثبتَتْ عَدَالَته قَبْلَ ذَلِك، لقَوْله [صلى الله عليه وسلم] فِي الحَدِيث الصَّحِيح: أَرأيتكم ليلتكُم هَذِه؟ فَإِنَّهُ على رَأس مئة سنة لَا يبْقى أحد مِمَّن على ظهر الأَرْض " يُرِيد انخرام ذَلِك الْقرن قَالَ ذَلِك صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي سنة وَفَاته. قَالُوا: وَهُوَ وَاضح جلي