الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله الْأنْصَارِيّ من الْمَدِينَة إِلَى مصر فِي طلب حَدِيث وَاحِد. انْتهى.
وَأما مَا قَالَه بعض أكَابِر الصُّوفِيَّة من أَن حَدثنَا، بَاب من أَبْوَاب الدُّنْيَا، فمحله إِذا كَانَ الْغَرَض مِنْهُ حُصُول غَرَض دني أَو غَرَض دُنْيَوِيّ. قَالَ مُحَمَّد بن حَاتِم: إِن الله تَعَالَى قد أكْرم هَذِه الْأمة بِالْإِسْنَادِ، وَلَيْسَ لأحد من الْأُمَم إِسْنَاد، إِنَّمَا هُوَ صحف فِي أَيْديهم وَقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، فَلَيْسَ عِنْدهم تَمْيِيز بَين مَا نزل من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل، وَبَين مَا ألحقوه بكتبهم من الْأَخْبَار الَّتِي أخذوها عَن [161 - أ] غير الثِّقَات.
وَهَذِه الْأمة إِنَّمَا تنص الحَدِيث عَن الثِّقَة الْمَعْرُوف فِي زَمَانه الْمَشْهُور بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة عَن مثله، حَتَّى تتناهى أخبارهم، ثمَّ يبحثون أَشد الْبَحْث حَتَّى يعرفوا الأحفظ [فالأحفظ] ، والأضبط [فالأضبط] ، والأطول مجالسة لمن كَانَ فَوْقه مِمَّن كَانَ أقل مجالسة، ثمَّ يَكْتُبُونَ الحَدِيث من عشْرين وَجها أَو أَكثر حَتَّى يهذبوه من الْغَلَط، ويضبطوا حُرُوفه، ويعدوه عدا، فَهَذَا من أفضل نعم الله تَعَالَى على هَذِه الْأمة.
(
[الْعُلُوّ النسبي] )
(وَالثَّانِي: الْعُلُوّ النسبي) بِكَسْر النُّون، وَسُكُون السِّين، نِسْبَة إِلَى النِّسْبَة سمي بِهِ لكَونه بِالنِّسْبَةِ إِلَى شخص من رجال السَّنَد دون شخص.
(وَهُوَ) أَي الثَّانِي (مَا يقل الْعدَد فِيهِ) أَي فِي إِسْنَاد الحَدِيث (إِلَى ذَلِك الإِمَام وَلَو كَانَ الْعدَد من ذَلِك الإِمَام إِلَى منتهاه كثيرا) لِأَن الحَدِيث بِوُجُود ذَلِك الإِمَام فِي
رِجَاله تحصل لَهُ رَفعه وَاضِحَة [ومزية وَاضِحَة] بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَنَد لم يُوجد فِيهِ إِمَام، وَلم تضره الْكَثْرَة الْمُتَأَخِّرَة، إِذْ الْغَالِب أَن مَشَايِخ الإِمَام ثِقَات / عِظَام.
(وَقد عظمت رَغْبَة الْمُتَأَخِّرين) أَي زِيَادَة على الْمُتَقَدِّمين، (فِيهِ) أَي فِي تَحْصِيل علو الْإِسْنَاد مُطلقًا، (حَتَّى غلب ذَلِك) أَي مَا ذكر من الرَّغْبَة والميل إِلَى الْعُلُوّ (على كثير مِنْهُم) أَي من الْمُتَأَخِّرين.
(بِحَيْثُ أهملوا الاشتعال بِمَا هُوَ أهم مِنْهُ) أَي من الْعُلُوّ، وَهُوَ الْحِفْظ والإتقان، والعفة وَالْإِحْسَان / 112 - أ /، وأنواع عُلُوم الْقُرْآن، وَتَحْصِيل الْأَخْلَاق الحسان.
(وَإِنَّمَا كَانَ الْعُلُوّ مرغوبا فِيهِ) سَوَاء كَانَ مُطلقًا أَو نسبيا، (لكَونه أقرب إِلَى الصِّحَّة، وَقلة الْخَطَأ، لِأَنَّهُ، مَا من راو من رجال الْإِسْنَاد إِلَّا وَالْخَطَأ جَائِز عَلَيْهِ، فَكلما كثرت الوسائط وَطَالَ السَّنَد) أَي رِجَاله، وَهُوَ عطف تَفْسِير، (كثرت مظان التجويز،) أَي تَجْوِيز الْخَطَأ.
(وَكلما قلت) أَي الوسائط، (قلت) أَي المظان، مِنْهَا [161 - ب] الثلاثيات للْبُخَارِيّ، وَغَيره، والثنائيات فِي موطأ الإِمَام مَالك، والوحدان فِي حَدِيث الإِمَام
أبي حنيفَة. قَالَ السخاوي: لَكِن الْأَخير بِسَنَد غير مَقْبُول إِذْ الْمُعْتَمد أَنه لَا رِوَايَة لَهُ عَن أحد من الصَّحَابَة. يَعْنِي لصغره زمن إِدْرَاكه إيَّاهُم.
(فَإِن كَانَ فِي النُّزُول) هُوَ مُقَابل للعلو كَمَا سَيَجِيءُ، (مزية لَيست فِي الْعُلُوّ) وَإِنَّمَا ذكره وَإِن علم ذَلِك من قَوْله: مزية للتصريح بِأَن الْمَقْصُود هُوَ المزية بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُلُوّ.
(كَأَن يكون رِجَاله أوثق مِنْهُ) أَي من رِجَاله بِحَذْف الْمُضَاف، (أَو أحفظ، أَو رفقه، أَو الِاتِّصَال) أَي كَأَن يكون الِاتِّصَال (فِيهِ) أَي فِي إِسْنَاده (أظهر، فَلَا تردد) أَي لَا شكّ (فِي أَن النُّزُول حِينَئِذٍ أولى) . قَالَ تِلْمِيذه: لِأَنَّهُ تَرْجِيح بِأَمْر معنوي،
فَكَانَ أولى. انْتهى. وَقد قيل:
(إنَّ الرِّوايَة بالنُّزُو
…
لِ عَن الثِّقاتٍ الأعْدّلِينا)
(خير مِن العالي عَن ال
…
جُهال والمسْتَضْعَفِينَا)
( [وَأما من رجح النُّزُول] مُطلقًا وَاحْتج) أَي اسْتدلَّ (بِأَن كَثْرَة الْبَحْث) أَي التفحص عَن رجال الْإِسْنَاد، (يَقْتَضِي الْمَشَقَّة) أَي الزَّائِدَة، (فيعظم الْأجر)، فَإِن الْأجر على قدر الْمَشَقَّة لما رُوِيَ:" أفضل الْعِبَادَات أحْمزها " أَي أصعبها.
وَحَاصِل كَلَامه إِشَارَة إِلَى مَا حكى ابْن خلَاّد عَن بعض أهل النّظر: أَن التنزل فِي الْإِسْنَاد أفضل وأرحتج، وأحتج بِأَنَّهُ يجب على الرَّاوِي أَي يجْتَهد فِي معرفَة جرح مَن يروي عَنهُ، وتعديله، وَالِاجْتِهَاد فِي أَحْوَال رُوَاة النَّازِل أَكثر، فَكَانَ الثَّوَاب فِيهِ أوفر. قَالَ ابْن الصّلاح: وَهُوَ مَذْهَب ضَعِيف الْحجَّة.
ووَجَّهَ مَا ذكره المُصَنّف بقوله: