الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: " صليت وَرَاء أبي بكر، وَعمر، وَعُثْمَان - رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَعَن سَائِر الصَّحَابَة أَجْمَعِينَ - فكلهم لَا يقرؤن: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ". وَزَاد الْوَلِيد بن مُسلم عَن مَالك بِهِ: " صليت خلف رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
…
". قَالَ ابْن عبد البَرّ: وَهُوَ عِنْدهم خطأ. وَحَدِيث أنس قد أعلّه الشَّافِعِي فِيمَا ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي " الْمعرفَة ".
(وَتحصل معرفَة ذَلِك) أَي الْوَهم، (بِكَثْرَة التتبع) أَي النّظر فِي رجال الْأَسَانِيد، واختلافات الْمُتُون.
(وَجمع الطّرق) أَي الْأَسَانِيد الْمُشْتَملَة على الْمُتُون، واستقصائها من المَجاَمِع وَالْمَسَانِيد، وَالنَّظَر فِي اخْتِلَاف رُوَاة كل حَدِيث، وضبطهم، وإتقانهم - ليحصل التَّرْجِيح بذلك، ويُعْلم أَنه مَوْصُول، أَو مُرْسل، أَو نَحْوهمَا - وَرِوَايَة غَيرهم على سَبِيل التَّوَهُّم، فقد رُوِيَ عَن عَليّ بن المَديني أَنه قَالَ: الْبَاب إِذا لم تُجْمَعْ طرقه لم يتَبَيَّن خَطؤُهُ.
(
[المعَلَّل] )
(فَهَذَا / هُوَ المعَلَّل) فِيهِ مُسَامَحَة، فَإِن مَا فِيهِ الْوَهم هُوَ المعَلَّل، وَقد
وَقع فِي عبارَة كثير من الْمُحدثين، كالبخاري، وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن عَدي وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَكَذَا فِي عبارَة الْمُتَكَلِّمين والأصوليين تَسْمِيَته بالمعلول. ورده ابْن الصّلاح بِأَن ذَلِك مرذول عِنْد أهل الْعَرَبيَّة واللغة، لِأَن الْمَعْلُول من: عَلَّهُ بِالشرابِ، أَي سقَاهُ مرّة بعد أُخْرَى، وَهُوَ غير ملائم، وَسَماهُ مُعَلَّلاً.
قَالَ الْعِرَاقِيّ: الأجود فِي تَسْمِيَته: الْمُعَلل، وَكَذَا وَقع هُوَ فِي عبارَة [107 - أ] بَعضهم، وَأكْثر عباراتهم فِي الْفِعْل، أعله فلَان بِكَذَا، وَقِيَاسه مُعَلّ قَالَ الْجَوْهَرِي: لَا أَعَلكَ الله بعلته، أَي مَا أَصَابَك بمصيبته. وَأما عَلَّلَهُ، فَإِنَّمَا يَسْتَعْمِلهُ أهل اللُّغَة بِمَعْنى ألهاه بالشَّيْء وشغله بِهِ، من تَعْلِيل الصَّبِي بِالطَّعَامِ.
قَالَ السخاوي: وَمَا يَقع من اسْتِعْمَال [أهل] الحَدِيث لَهُ حَيْثُ يَقُولُونَ: علله فلَان، فعلى طَرِيق الِاسْتِعَارَة. انْتهى. وَكَأن وَجه الشّبَه الشّغل، فَإِن الْمُحدث يشْتَغل بِمَا فِيهِ من الْعِلَل.
هَذَا، وَالْعلَّة عبارَة عَن أَسبَاب خُفْيَة غامضة قادحة فِي صِحَة الحَدِيث. فَالْحَدِيث
الْمُعَلل هُوَ الَّذِي اطلع على عِلّة تقدح فِي صِحَّته، مَعَ أَن ظَاهره السَّلامَة، لَيْسَ للجرح مدْخل فِيهَا، لكَونه ظَاهر السَّلامَة.
(وَهُوَ) أَي هَذَا النَّوْع (من أغمض أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث وأدقها) عطف تَفْسِير أَي أخفاها دركاً، وأدقها إدراكاً. قيل: ومِن أشرفها، حَتَّى قَالَ ابْن المَهْدي: لِأَن أعرف علةَ حَدِيث واحدٍ أحبّ إليّ من أَن أكتب عشْرين حَدِيثا / 76 - ب / لَيْسَ عِنْدِي.
(وَلَا يقوم بِهِ) أَي بِعلم هَذَا الْفَنّ الغامض حقَّ الْقيام بِهِ، (إِلَّا مَن رزقه الله تَعَالَى فهما ثاقباً) أَي مضيئاً مُدْرِكاً، (وحفظاً وَاسِعًا) أَي شَامِلًا للأسانيد والمتون، (ومَلَكَة قَوِيَّة) أَي مهارة راسخة، وحذاقة ثَابِتَة (بِالْأَسَانِيدِ والمتون) أَي باختلافهما، وَاسْتِيفَاء الْعلم بهما، واستقصائهما.
(وَلِهَذَا) أَي وَلكَون هَذَا الْفَنّ أغمض الْأَنْوَاع، أَو لعدم الْقيام بِهِ إِلَّا مَن رزقه الله تَعَالَى ووفقه، وَقَلِيل مَا هم. (لم يتَكَلَّم فِيهِ إِلَّا قَلِيل من أهل هَذَا الشَّأْن) أَي مَعَ أَن شَأْنهمْ كلهم أَن يتكلموا فِيهِ، ويحكموا بِمَا يَقْتَضِيهِ.
(كعلي بن المَديني) بِالْيَاءِ (وَأحمد [107 - ب] ) بن حَنْبَل، وَالْبُخَارِيّ
وَيَعْقُوب بن شَيْبَة، وَأبي حَاتِم) وَفِي نُسْخَة بِزِيَادَة: الرَّازِيّ، (وَأبي زُرْعة) بِضَم الزَّاي (والدارقُطْني) وَمر ضَبطه.
(وَقد) للتَّعْلِيل، (تقصر عبارَة الْمُعَلل) بِكَسْر اللَّام، أَي النَّاقِد النَّاظر فِي عِلّة الحَدِيث الْمُعَلل، (عَن إِقَامَة الْحجَّة على دَعْوَاهُ) بِأَن يعلم أَن فِي الحَدِيث قصورا، لَكِن لَا يقدر على بَيَانه.
(كالصيرفي فِي نقد الدِّينَار وَالدِّرْهَم) . قَالَ ابْن مهْدي: إِنَّه إلهام، لَو قلت لَهُ: من أَيْن قلت هَذَا؟ لم تكن لَهُ حجَّة. وَكم مِمَّن لَا يَهْتَدِي لذَلِك.
هَذَا، وَأعلم أَن بَعضهم يُطلق الْعلَّة على غير الْمَعْنى الْمَذْكُور، ككذب الرَّاوِي، وفسقه، وغفلته، وَسُوء حفظه، وَنَحْوه من أَسبَاب تَضْعِيف الحَدِيث كالتدليس. وَالتِّرْمِذِيّ / سمى النّسخ عِلّة. قَالَ السخاوي: فَكَأَنَّهُ [أَرَادَ] عِلّة مَانِعَة من الْعَمَل لَا الاصطلاحية.