الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مهْدي، وَيحيى بن سعيد، قبل وَإِلَّا فَلَا، وَقيل: إِن كَانَ مَشْهُورا فِي غير الْعلم كالزهد، والشجاعة، يخرج عَن اسْم الْجَهَالَة، وَيقبل حَدِيثه وَإِلَّا فَلَا.
(
[مَجْهُول الْحَال = المستور] )
هَذَا، (أَو إِن روى [عَنهُ] اثْنَان فَصَاعِدا وَلم يوثق)، قَالَ التلميذ: قيدهما ابْن الصّلاح بكونهما عَدْلَيْنِ، حَيْثُ قَالَ: وَمن روى عَنهُ عَدْلَانِ [وَعَيناهُ] فقد ارْتَفَعت عَنهُ هَذِه الْجَهَالَة، أَعنِي جَهَالَة الْعين. وَقَالَ الْخَطِيب: أقل مَا يرفع الْجَهَالَة [عَنهُ] رِوَايَة اثْنَيْنِ مشهورين بِالْعلمِ، وَالْمُصَنّف أهمل ذَلِك. انْتهى.
ثمَّ الظَّاهِر من إِظْهَار " إِن "، أَنه مَعْطُوف على: سمى، فَلَا يظْهر اعْتِبَار التَّسْمِيَة هَهُنَا لَا وجود وَلَا عدما، بل الظَّاهِر حِينَئِذٍ هُوَ الْإِطْلَاق، وَيحْتَمل أَن يَجْعَل عطفا على قَوْله: انْفَرد، بِأَن يقدر [125 - ب] لَفْظَة روى، كَمَا هُوَ ظَاهر عبارَة الْمَتْن، فَيكون التَّقْدِير: أَو إِن سمي وَرُوِيَ عَنهُ اثْنَان، بِدُونِ كلمة " إِن "، فَيلْزم اعْتِبَار التَّسْمِيَة فِيهِ أَيْضا، وَهَذَا مِمَّا يدل على اعْتِبَار التَّسْمِيَة، فِيهِ أَن مُطلق الرَّاوِي الْمُنْفَرد مَجْهُول الْعين، سمي أَو لم يسم، فَذكر التَّسْمِيَة فِيهِ مشْعر بِاعْتِبَارِهِ فِيمَا هُوَ تَوْطِئَة لَهُ، لَكِن لَا يعلم حَال:" اثْنَان فَصَاعِدا، و [لم] يوثق " مَعَ تَسْمِيَتهَا.
(فَهُوَ مَجْهُول الْحَال) أَي من الْعَدَالَة وضدها، مَعَ عرفان عينه بِرِوَايَة عَدْلَيْنِ عَنهُ، ذكره السخاوي. [وَحَاصِله: أَن جَهَالَة الْعين ارْتَفَعت بِرِوَايَة اثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ مَا لم يوثق بِهِ يبْقى مَجْهُول الْحَال] .
(وَهُوَ المستور) الظَّاهِر أَنه أدرج فِيهِ قسمي مَجْهُول الْحَال، وسمى كلا مِنْهُمَا مَسْتُورا، [وَإِن كَانَ ابْن الصّلاح وَغَيره سمى الْأَخير مَسْتُورا لوُجُود السّتْر فِي كل مِنْهُمَا] وهما مَجْهُول الْعَدَالَة الظَّاهِرَة، والبطانة. [ومجهول الْعَدَالَة الْبَاطِنَة دون الظَّاهِرَة] . وَالْمرَاد بالباطنة مَا فِي نفس الْأَمر، وَهِي الَّتِي ترجع إِلَى أَقْوَال المزكين، وبالظاهرة مَا يعلم من ظَاهر الْحَال.
(وَقد قبل رِوَايَته) أَي المستور، (جمَاعَة) مِنْهُم أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، (بِغَيْر قيد) يَعْنِي بعصر دون عصر ذكره السخاوي. وَقيل: أَي بِغَيْر قيد التوثيق وَعَدَمه، وَفِيه أَنه إِذا وثق خرج عَن كَونه مَسْتُورا، فَلَا يتَّجه قَوْله: بِغَيْر قيد. وَاخْتَارَ هَذَا القَوْل، ابْن حبَان تبعا للْإِمَام الْأَعْظَم؛ إِذا الْعدْل عِنْده: من لَا يعرف فِيهِ الْجرْح، قَالَ: وَالنَّاس فِي أَحْوَالهم على الصّلاح وَالْعَدَالَة حَتَّى يتَبَيَّن مِنْهُم مَا يُوجب الْقدح، وَلم يُكَلف النَّاس مَا غَابَ عَنْهُم، وَإِنَّمَا كلفوا الحكم للظَّاهِر، قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تجسسوا} وَلِأَن [أَمر] الْأَخْبَار مَبْنِيّ على الظَّن، و (إِن بعض الظَّن
إِثْم} ، وَلِأَنَّهُ يكون غَالِبا عِنْد من يتَعَذَّر عَلَيْهِ معرفَة الْعَدَالَة [126 - أ] فِي الْبَاطِن، فاقتصر فِيهَا على معرفَة ذَلِك فِي الظَّاهِر، [وتفارق الشَّهَادَة، فَإِنَّهَا تكون عِنْد الْحُكَّام وَلَا يتَعَذَّر عَلَيْهِم ذَلِك فَاعْتبر فِيهَا الْعَدَالَة فِي الظَّاهِر] / وَالْبَاطِن.
قَالَ ابْن الصّلاح: يشبه أَن يكون الْعَمَل على هَذَا الرَّأْي، فِي كثير من كتب الحَدِيث الْمَشْهُورَة، فِي غير وَاحِد من الروَاة الَّذين تقادم الْعَهْد بهم، وتعذرت الْخِبْرَة الْبَاطِنَة بهم، فاكتفي بظاهرهم، وَقيل: إِنَّمَا قبل أَبُو حنيفَة رحمه الله فِي صدر الْإِسْلَام حَيْثُ كَانَ الْغَالِب على النَّاس الْعَدَالَة، فَأَما الْيَوْم فَلَا بُد من التركيز لغَلَبَة الْفسق، وَبِه قَالَ صَاحِبَاه أَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد.
وَحَاصِل الْخلاف: أَن المستور من الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ وأتباعهم، يقبل بِشَهَادَتِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَهُم بقوله:" خير الْقُرُون قَرْني، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ " وَغَيرهم لَا يقبل إِلَّا بتوثيق، وَهُوَ تَفْصِيل حسن.
(وردهَا) أَي رِوَايَة المستور، (الْجُمْهُور) وَقَالُوا: لَا تقبل رِوَايَة المستور، للْإِجْمَاع على أَن الْفسق يمْنَع الْقبُول، فَلَا بُد من ظن عَدمه وَكَونه عدلا، وَذَلِكَ مغيب عَنَّا، وَقيل: إِن كَانَ الراويان أَو الروَاة عَنهُ مِمَّن لَا يروي عَن غير عدل قبل، وَإِلَّا فَلَا.
(وَالتَّحْقِيق أَن رِوَايَة المستور، وَنَحْوه) أَي من الْمُبْهم ومجهول الْعين (مِمَّا فِيهِ الِاحْتِمَال) أَي احْتِمَال الْعَدَالَة وضدها، (لَا يُطلق القَوْل بردهَا وَلَا بقبولها) وَلَعَلَّ هَذَا مُقَيّد بِمَا عدا السّلف، (بل هِيَ) أَي رِوَايَته، (مَوْقُوفَة) أَي عَن الحكم بهَا.
(إِلَى استبانة حَاله) أَي ظُهُورهَا من التوثيق وَغَيره، (كَمَا جزم) أَي بِالْوَقْفِ (إِمَام الْحَرَمَيْنِ) وَرَأى أَنا إِذا كُنَّا نعتقد على شَيْء، يَعْنِي مِمَّا لَا دَلِيل فِيهِ بِخُصُوصِهِ، بل للجري على الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة، فروى لنا مَسْتُور تَحْرِيمه، أَنه يجب الانكفاف عَمَّا كُنَّا نستحله إِلَى تَمام الْبَحْث عَن حَال الرَّاوِي، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف من عَادَتهم وشيمهم، وَلَيْسَ ذَلِك حكما مِنْهُم بالحظر الْمُرَتّب على [126 - ب] الرِّوَايَة، وَإِنَّمَا هُوَ توقف فِي الْأَمر، فالتوقف عَن الْإِبَاحَة يتَضَمَّن الانحجاز، وَهُوَ فِي معنى الْحَظْر، وَذَلِكَ مَأْخُوذ من قَاعِدَة فِي التشريعة ممهدة وَهِي: التَّوَقُّف عِنْد بَدو ظُهُور الْأَمر إِلَى استبانتها، فَإِذا ثبتَتْ الْعَدَالَة، فَالْحكم بالرواية / 89 - ب / إِذْ ذَاك، وَلَو فرض فارض التباس حَال الرَّاوِي، واليأس عَن الْبَحْث عَنْهَا بِأَن يروي مَجْهُول ثمَّ يدْخل فِي غمار النَّاس، ويعز العثور عَلَيْهِ، فَهُوَ مسالة اجتهادية عِنْدِي، وَالظَّاهِر أَن الْأَمر إِذا انْتهى إِلَى الْيَأْس [لم يجب الانكفاف،] وانقلبت الْإِبَاحَة كَرَاهِيَة،، كَذَا ذكره السخاوي.