المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المفاضلة بين الصحيحين] ) - شرح نخبة الفكر للقاري

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَدْء التصنيف فِي عُلُوم الحَدِيث)

- ‌[الدَّاعِي لتصنيف الْكتاب] )

- ‌علما، وَعَملا، وَقَالا، وَحَالا.(على تَرْتِيب) ، أَي عَجِيب مُتَعَلق بلخصته، وَجُمْلَة سميتها مُعْتَرضَة. (ابتكرته) أَي اخترعته وَلم أسبق بِمثلِهِ. يُقَال: ابتكر الشَّيْء إِذا أَخذ باكورته، وَهِي أَوله. (وسبيل) أَي وعَلى طَرِيق غَرِيب (انتهجته) أَي جعله منهاجا أَي سَبِيلا

- ‌[تَعْرِيف الْخَبَر والْحَدِيث والأثر] )

- ‌[الْخَبَر من حَيْثُ تعدد طرقه وفردها] )

- ‌[المُتَوَاتِر] )

- ‌[الْمُتَوَاتر: لَا يبْحَث عَن رِجَاله] )

- ‌ الْأَحَادِ

- ‌[الْمَشْهُور والمستفيض] )

- ‌[الْعَزِيز] )

- ‌[الْغَرِيب] )

- ‌[تَعْرِيف الْآحَاد وأقسامه] )

- ‌[تَعْرِيف الْمَرْدُود] )

- ‌[أَنْوَاع الْخَبَر المُحْتفِّ بالقرائن] )

- ‌[أَقسَام الْغَرِيب] )

- ‌[الصَّحِيح لذاته] )

- ‌[الصَّحِيح لغيره] )(وَالثَّانِي:) أَي الْمُشْتَمل على الْأَوْسَط، والأدنى(إِن وجد) بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي علم فِيهِ. وَيُمكن أَن يكون بِصِيغَة الْفَاعِل على النِّسْبَة المجازية أَي إِن صَادف. (مَا يجْبر) أَي يُعَوّض (ذَلِك الْقُصُور) أَي عَن مرتبَة العُلوّ (ككثرة الطّرق)

- ‌[الحَسنُ لغيره] )

- ‌[تَعْرِيف العَدل] )

- ‌[تَعْرِيف الضَّبْطِ وتَقْسِيْمُه] )

- ‌[تَعْرِيف المُتَّصِل] )

- ‌[تَعْرِيف المُعَلَّل لُغةً وَاصْطِلَاحا] )

- ‌[تَعْرِيف الشَّاذِّ لُغَة وَاصْطِلَاحا] )

- ‌[أصح الْأَسَانِيد] )

- ‌[مناظرة أبي حنيفَة مَعَ الْأَوْزَاعِيّ] )

- ‌[المفاضلة بَين الصَّحِيحَيْنِ] )

- ‌[شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم] )

- ‌[عدد رجال البُخَارِيّ وَمُسلم الَّذين تُكُلِّم فيهم] )

- ‌[الْأَحَادِيث المنتقدة على البُخَارِيّ أقل عددا ممّا انتقد على مُسلم] )

- ‌[سلسلة الذَّهَب] )

- ‌[الْحسن لذاته] )

- ‌[الْكَلَام حول قَوْلهم: حسن صَحِيح] )

- ‌[زِيَادَة الثِّقَة] )

- ‌[الْمَحْفُوظ والشاذ] )

- ‌(الْمَعْرُوف وَالْمُنكر)

- ‌[المُتَابِع ومراتبه] )

- ‌[الشَّاهِد] )

- ‌ الِاعْتِبَار

- ‌[المُحْكَم] )

- ‌[مُخْتَلِفُ الحَدِيث] )

- ‌[النَّاسِخ والمنسوخ] )

- ‌[أَقسَام الْمَرْدُود] )

- ‌[الحَدِيث الْمُعَلق] )

- ‌[المُرْسَل] )

- ‌[المعضل] )

- ‌[المنُقطع] )

- ‌[المدلس] )

- ‌[المُرسْلُ الخَفِي] )

- ‌[الطعْن وأسبابه] )

- ‌[الْمَوْضُوع] )

- ‌[طرق معرفَة الوضْع] )

- ‌[أَسبَاب الْوَضع] )

- ‌[الْمَتْرُوك] )

- ‌[المُنْكَر] )

- ‌[الْوَهم فِي الْإِسْنَاد والمتن] )

- ‌[المعَلَّل] )

- ‌[المُدْرَجُ وأقسامه] )

- ‌[المقلوب] )

- ‌[المَزيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد] )

- ‌[المُضْطَرِب] )

- ‌[المُصَحَّف والمُحَرَّف] )

- ‌[اخْتِصَار الحَدِيث] )

- ‌[الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى] )

- ‌[غَرِيب الحَدِيث] )

- ‌[الْجَهَالَة وسببها] )

- ‌[الوُحْدَانِ] )

- ‌[المُبهم] )

- ‌[مَجْهُول الْعين] )

- ‌[مَجْهُول الْحَال = المستور] )

- ‌[الْبِدْعَة وَرِوَايَة المبتدعه] )

- ‌[سوء الْحِفْظ] )

- ‌[الشاذ] )

- ‌ الْمُخْتَلط

- ‌[الْحسن لغيره] )

- ‌[تَعْرِيف الْإِسْنَاد والمتن] )

- ‌[الْمَرْفُوع تَصْرِيحًا أَو حكما] )

- ‌[الْمَوْقُوف] )

- ‌ تَعْرِيف الصَّحَابِيّ

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابي] )

- ‌[مَفْهُوم الصُّحْبَة] )

- ‌[طرق معرفَة الصُّحْبَة] )

- ‌[نِهَايَة زمن الصَّحَابَة] )

- ‌[التَّابِعِيّ] )

- ‌[المُخَضْرمَون] )

- ‌[تَلْخِيص الْمَرْفُوع، وَالْمَوْقُوف، والمقطوع] )

- ‌(فحصلت التَّفْرِقَة فِي الِاصْطِلَاح بَين الْمَقْطُوع، والمنقطع)

- ‌[الْمسند] )

- ‌[العالي] )

- ‌[الْعُلُوّ الْمُطلق] )

- ‌[الْعُلُوّ النسبي] )

- ‌[المُوَافَقَه] )

- ‌[الْبَدَل] )

- ‌[الْمُسَاوَاة] )

- ‌[المُصَافَحَة] )

- ‌[النَّازِل] )

- ‌[رِوَايَة الأقران] )

- ‌[المُدَبَّج] )

- ‌[رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر] )

- ‌[الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء] )

- ‌[السَّابِق واللاحق] )

- ‌[الرِّوَايَة عَن مُتفقي الِاسْم] )

- ‌[إِنْكَار الرَّاوِي لحديثه] )

- ‌[المُسَلْسَل] )

- ‌[صِيغ الْأَدَاء] )

- ‌[طرق التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[المعنعن] )

- ‌[أَحْكَام طرق التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[المُشافَهَة والمُكَاتَبَة] )

- ‌[المُناولة] )

- ‌[الوجَادَة] )

- ‌[الوَصِية بِالْكتاب] )

- ‌[الإعْلام] )

- ‌[الْإِجَازَة العَامة] )

- ‌[الْإِجَازَة للْمَجْهُول] )

- ‌[الْإِجَازَة للمعدوم] )

- ‌[الْمُتَّفق والمفترف] )

- ‌[المُؤْتَلِف والمُخْتَلِف] )

- ‌[المُتَشَابِه] )

- ‌[المُتَشَابِه المَقْلُوب] )

- ‌(خَاتِمَة)

- ‌[طَبَقَات الرُّوَاة] )

- ‌[التَّارِيخ] )

- ‌[أوطان الرُّوَاة] )

- ‌[معرفَة الثِّقَات والضُّعَفَاء] )

- ‌[مَرَاتِب الْجرْح] )

- ‌[مَرَاتِب التَّعْدِيل] )

- ‌[أَحْكَام الْجرْح وَالتَّعْدِيل] )

- ‌[تَقْدِيم الْجرْح على التَّعْدِيل] )

- ‌(فصل)

- ‌[الأسمَاء والكُنَى] )

- ‌[المَنْسُوبُون لغير آبَائِهِم] )

- ‌[نسَبٌ على خلاف ظَاهرهَا] )

- ‌[الثِّقَات والضعفاء] )

- ‌[الأسماءُ المُفْردَة] )

- ‌[الكُنَى والألقاب] )

- ‌[الْأَنْسَاب] )

- ‌[الموَالِي] )

- ‌[الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات] )

- ‌[آدَاب الشَّيْخ والطالب] )

- ‌[سِنُّ التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[كِتَابَة الحَدِيث] )

- ‌[الرَّحْلَة للْحَدِيث] )

- ‌[صفة تصنيف الحَدِيث] )

- ‌[سَبَب وُرُود الحَدِيث] )

الفصل: ‌[المفاضلة بين الصحيحين] )

(فِي أَيهمَا أرجح) قيل: الصَّوَاب: فِي أنّ أَيهمَا أرجح فَإِن حرف الْجَرّ لَا يدْخل الْجُمْلَة، وَهَذَا الِاخْتِلَاف لَا يُوجب عدم تفاضل مَا اتفقَا على غَيره.

قَالَ المُصَنّف: مَا انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ راجحٌ أَيْضا لترجيح أفضليته، فَإِنَّهُم إِذا قَصَرُوا اخْتلَافهمْ عَلَيْهِمَا استفيدَ مرجوحية غَيرهمَا، وترجيحهما، أَي البُخَارِيّ وَمُسلم إِذا اتفقَا: أَفَادَ تَصْرِيح الْجُمْهُور بِتَقْدِيم البُخَارِيّ.

قَالَ تِلْمِيذه: لَيْسَ فِي هَذَا أَكثر مِمَّا فِي الشَّرْح فِي الْمَعْنى لَكِن فِي اللَّفْظ

قلت: زِيَادَة المبنى تدل على زِيَادَة الْمَعْنى، فَأَقل مَا يكون أَنه أوضَحَ مَا أُغْلِق فِي الشَّرْح.

( ‌

[المفاضلة بَين الصَّحِيحَيْنِ] )

(فَمَا اتفقَا عَلَيْهِ أرجح من هَذِه الْحَيْثِيَّة [مِمَّا لم يتَّفقَا عَلَيْهِ] ) قَالَ المُصَنّف: أَي من حَيْثُ تلقي كتابَيْهما بالقَبول، وَقد يعرض عَلَيْهِ عَارض يَجْعَل المَفُوقَ فائقاً.

قَالَ تِلْمِيذه: فَيكون من حيثية أُخْرَى وَهُوَ الْمَفْهُوم من [48 - ب] الْحَيْثِيَّة

(وَقد صرَّح الْجُمْهُور بِتَقْدِيم " صَحِيح البُخَارِيّ " فِي الصِّحَّة) إِشَارَة إِلَى

ص: 267

دَلِيل تَقْدِيم مَا انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ على مَا انْفَرد بِهِ مُسلم.

(وَلم يُوجد عَن أحد التَّصْرِيح بنقيضه) أَي بِتَقْدِيم مُسلم على البُخَارِيّ وَيُطلق عَلَيْهِ النقيض فِي العُرْف وَلم يُرْوَ عدم تَقْدِيم البُخَارِيّ على مُسلم كَمَا هُوَ متعارَف أهل الِاصْطِلَاح، يدل عَلَيْهِ قَوْله الْآتِي: فَلم يُصَرح بِكَوْنِهِ أصح من صَحِيح البُخَارِيّ.

فَإِن قيل: اخْتِلَاف بَعضهم فِي أيِّهما أرجح يُشْعِر بقول بَعضهم فِي أرجحية مُسلم، فَهَذَا تَصْرِيح بنقيضه. قُلْنَا: لعلَّ مَا ذكره من اخْتلَافهمْ مبنيّ على إطلاقاتهم وَمَا يفهم من كَلَامهم، وَلَا يكون مِنْهُم تَصْرِيح بذلك، وَمَا نُقِل عَن الشَّافِعِي من قَوْله: مَا أعلم بعد كتاب الله عز وجل أصح من موطأ مَالك، فَقبل وجود الْكِتَابَيْنِ، كَذَا فِي الْجَوَاهِر.

(وَأما مَا نُقِل عَن أبي عَليّ النَيْسابُورِيّ) بِفَتْح النُّون، وَسُكُون الْيَاء، بعْدهَا سين مُهْملَة.

(أَنه قَالَ: مَا تَحت أَدِيم السَّمَاء) أَي على ظَاهرهَا، أَو جِرْمِها.

ص: 268

(أصح من " كتاب مُسلم "، فَلم يصرِّح) فَاعله عَائِد إِلَى " مَا نُقِل "، والإسناد مجازي أَو إِلَى أبي عليّ، فجواب أمّا مَحْذُوف / 36 - ب / وَهَذَا تَعْلِيل للجواب، وَالْمعْنَى: وَأما مَا نقل فَلَا يُنَافِي مَا ذكر لأنّ ذَلِك النَّاقِل، أَو الْمَنْقُول عَنهُ لم يُصَرح (بِكَوْنِهِ) أَي كتاب مُسلم.

(أصح من " صَحِيح البُخَارِيّ "، لِأَنَّهُ إِنَّمَا نفى وجود كتابٍ أصح من " كتاب مُسلم "؛ إِذْ الْمَنْفِيّ إِنَّمَا هُوَ مَا تَقْتَضِيه صِيغَة أفعل من زِيَادَة صِحَة فِي كتاب شارَك " كتاب مُسلم " فِي الصِّحَّة يمتاز) أَي ذَلِك الْكتاب.

(بِتِلْكَ الزِّيَادَة عَلَيْهِ) أَي على " كتاب مُسلم ". (وَلم يَنْفِ الْمُسَاوَاة) فَإِن قلت هَذَا إِنَّمَا هُوَ بِحَسب [اللُّغَة، وَأما بِحَسب] العُرْفِ فَلَا. وَالْمُعْتَبر هُوَ الْمَفْهُوم العُرْفيّ كَمَا حُقِّق فِي حَدِيث: " مَا رأيتُ أحْسَنَ مِن رَسُول [صلى الله عليه وسلم] " وَقد صرَّح السَّيِّد فِي " شرح الْمِفْتَاح " وَغَيره بِأَن الْمَقْصُود من [مثل] هَذَا التَّرْكِيب نفي الْأَفْضَلِيَّة والمساواة مَعًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ المتبادَر [49 - أ] من الْكَلَام.

قلت: فَلَا يكون صَرِيحًا بِأَن مُسلما أصح من البُخَارِيّ لاحْتِمَال أنْ يُرَاد الْمَعْنى لُغَة، وَلذَا قَالَ: فَلم يُصَرح، فِيهِ أَنه نقيض مَا قَالُوا من أَن البُخَارِيّ أصح من مُسلم سَوَاء أَرَادَ بِهِ نفي الْأَفْضَلِيَّة، أَو نَفيهَا مَعَ نفي الْمُسَاوَاة.

ص: 269

قَالَ المُصَنّف: فَإِن قيل: الْعرف يقْضِي فِي قَوْلنَا: مَا فِي الْبَلَد أعلم من زيد، بِنَفْي من يُسَاوِيه أَيْضا، قُلْنَا: لَا نُسَلِّم، أنّ عرفهم كَذَلِك. قَالَ تِلْمِيذه: يرد هَذَا قَول النَّسَفِيّ فِي " الْعُمْدَة " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: " مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلَا غَرَبَتْ بعد النَّبِيين على أحدٍ / أفضل من أبي بكر ". قَالَ النَّسَفِيّ: فَهَذَا يَقْتَضِي أَن أَبَا بكر أفضل من كل من لَيْسَ بِنَبِي. انْتهى. قَالَ المُصَنّف: سَلّمْنَا، لَكِن يجوز إِطْلَاق مثل هَذِه الْعبارَة، وَإِن وجد مساوٍ، إِذْ هُوَ مقَام مدح ومبالغة، وَهُوَ يحْتَمل مثل ذَلِك.

قَالَ تِلْمِيذه: فتفوت فَائِدَة اخْتِصَاصه بِالذكر، وَهُوَ خلاف الْقَصْد. انْتهى وَهُوَ غَرِيب لأنّ كَلَام الشَّيْخ أَن الْفَائِدَة قد تكون الْمُبَالغَة، وَلِهَذَا صرح الْعلمَاء: بِأَنَّهُ لَيْسَ نصّ فِي أَفضَلِيَّة الصِّدِّيق وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

قَالَ ابْن القَطَّان: ذهب مَن لَا يعرف معنى الْكَلَام إِلَى أنّ مثل قَوْله [صلى الله عليه وسلم] : " مَا أَقَلّتْ الغَبْرَاءُ، وَلَا أَظَلَّتْ الخَضْرَاءُ أصدقَ لَهْجَةُ من أبي ذَرّ " مُقْتَضَاهُ أَن يكون أَبُو ذَر صدق العالَم أجمع. قَالَ: وَلَيْسَ الْمَعْنى كَذَلِك

ص: 270

وَإِنَّمَا نفى أَن يكون أحد أَعلَى رُتْبَة مِنْهُ فِي الصدْق، وَلم ينف أَن يكون فِي النَّاس مثله فِي الصدْق، وَإِلَّا لَكَانَ أصدق من الصِّديق [رضي الله عنه]، وَلَيْسَ كَذَلِك بل قُصارى أمره الْمُسَاوَاة لَهُ. وَلَو أَرَادَ [صلى الله عليه وسلم] مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لقَالَ: أَبُو ذَر أصدق من كل مَا أقَلّتْ

وَأما قَول شَارِح: وَيُمكن أنْ يُقَال: إِن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أورد كَلَامه على اللُّغَة لَا العُرْف، وَإِلَّا لَكَانَ أَبُو ذَر أصدق من النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَكَذَا من الصّديق، فغفلة عَظِيمَة، بل زلَّة جسيمة [49 - ب] / 37 - أ / لِأَن أَبَا ذرّ لَا يَصح أَن يُسَاوِي صدقه صدقَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بِالْإِجْمَاع، فَهُوَ وَسَائِر الْأَنْبِيَاء مُسْتَثْنى عقلا وَشرعا، وَيُرَاد الحَدِيث أَنه أصدق مِن أقرانه كَمَا أنّ كَلَام [الله تَعَالَى] مُسْتَثْنى فِي كَلَام النَّيْسَابُورِي، وَإِلَّا فَيلْزم الْمُسَاوَاة قطعا وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع.

وَقَالَ البِقَاعي: الْحق أَن هَذِه الصِّيغَة تَارَة تُستعمل على مُقْتَضى أصل اللُّغَة، فتنفي الزِّيَادَة فَقَط، وَتارَة على مُقْتَضى مَا شاع من الْعرف فتنفي الْمُسَاوَاة. وَمثل قَول عليه الصلاة والسلام: " مَا طَلَعَتْ شمسٌ، وَلَا غَرَبَتْ على أَحَدٍ

" الحَدِيث، وَإِن كَانَ ظَاهره نفي أَفضَلِيَّة الْغَيْر لكنه إِنَّمَا ينساق لإِثْبَات أَفضَلِيَّة الْمَذْكُور.

والسِّرُّ فِي ذَلِك أنّ الْغَالِب فِي كل اثْنَيْنِ هُوَ التَّفَاضُل دون التَّسَاوِي، فَإِذا نُفي أَفضَلِيَّة أَحدهمَا ثَبت أَفضَلِيَّة الآخر. وبمثل هَذَا ينحلُّ الْإِشْكَال الْمَشْهُور على قَوْله [صلى الله عليه وسلم] : " مَنْ قَالَ حينَ يُصْبحُ، وَحين يُمْسِي: سُبْحَاَن اللهِ

ص: 271

وَبِحَمْدِهِ مئةً مرّة لم يأتِ أحدٌ يَوْم الْقِيَامَة بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أحدٌ قَالَ مِثْلَ ذَلِك، أَو زَادَ عَلَيْهِ ". فالاستثناء بِظَاهِرِهِ من النَّفْي، وبالتحقيق من الْإِثْبَات وَيصير ذَلِك كالحديث الَّذِي رُوِيَ عَن أبي المُنْذِر قَالَ: قلت يَا نبيّ الله: عَلِّمني أفضل الْكَلَام قَالَ: " يَا أَبَا المُنْذِر، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله وحدَه لَا شَرِيكَ لَهُ، لهُ المُلْكُ، وَله الحمدُ، يحيي ويُمِيتُ بيدِه الخيرُ وَهُوَ على كل شيءٍ قدير، مئةَ مرّة فِي كل يَوْم، فَإنَّك يؤمئذ أفضل النَّاس عملا إِلَّا مَن قَالَ مثلَ مَا قلت ". انْتهى

وَالْحَاصِل: أَن الْحمل على الْمَعْنى اللّغَوِيّ كافٍ لنفي التَّصْرِيح وَمنعه

(وَكَذَلِكَ) أَي وَمثل مَا تقدم فِي عدم إِفَادَة تَصْرِيح تَقْدِيم صَحِيح مُسلم من جَمِيع الْوُجُوه.

(مَا نُقلِ عَن بعض المغاربة أنّه) أفرد الضَّمِير بِاعْتِبَار / لفظ الْبَعْض، وَالْمرَاد أنّ جمعا مِنْهُم.

(فضَّل " صَحِيح مُسلم " على " صَحِيح البُخَارِيّ ")[50 - أ] لَكِن أوَّله الْجُمْهُور وَقَالُوا: إنْ صَحّ. (فَذَلِك) أَي فترجيح مُسْلِم مُسَلَّم (فِيمَا يرجع إِلَى حسن السِّياق) أَي بَين الْأَحَادِيث (وجَوْدَة الْوَضع) أَي فِي الثُّبُوت (وَالتَّرْتِيب) فَإِنَّهُ يبْدَأ بالمجمل، والمُشْكِل والمنسوخ، والمُعَنْعَن، والمُبْهَم ثمَّ يُردِف بالمبين،

ص: 272

والناسِخ، والمصرِّح، والمعين، والمنسوب. كَذَا نَقله الْبَعْض عَن شرح السخاوي " للتبصرة والتذكرة ". وَقد اخْتصَّ مُسلم فِي كِتَابه أَيْضا بِجمع طرق الحَدِيث فِي مَكَان وَاحِد لُيُسَهِّل الْكَشْف مِنْهُ بِخِلَاف البُخَارِيّ كَمَا فِي " شرح التَّقْرِيب ".

(وَلم يُفْصِح) أَي لم يبين، وَلم يُصَرِّح. (أحدٌ مِنْهُم) أَي من المغاربة، وَغَيرهم من الْمُحدثين (بِأَن ذَلِك) أَي التَّفْضِيل (رَاجع إِلَى الأصَحِّية) أَي أصَحِّية مُسلم من البُخَارِيّ. (وَلَو أفصحوا بِهِ) أَي وَلَو أوضحُوا بِكَوْنِهِ أصح. (لرده) أَي إفصاحهم (عَلَيْهِم شَاهد / 37 - ب / الْوُجُود) الْإِضَافَة للْبَيَان، يَعْنِي إِن أظهرُوا رُجُوع التَّفْضِيل إِلَى الأصَحِّية لرَدّ شاهدُ الْوُجُود - الَّذِي إِنْكَاره مُكَابَرَة - ذَلِك الرُّجُوع عَلَيْهِم، وَدفعه إِلَيْهِم لِأَنَّهُ خلاف مَا عَلَيْهِ الْوُجُود.

(فالصفات الَّتِي تَدور عَلَيْهَا الصِّحَّة) أَي من الْعَدَالَة، وَتَمام الضَّبْط، وَغَيرهمَا من وجود الِاتِّصَال، وَعدم الشذوذ (فِي كتاب " البُخَارِيّ " أتم مِنْهَا) أَي من تِلْكَ الصِّفَات الْوَاقِعَة (فِي " كتاب مُسلم " وأسدُّ) بِفتح السِّين الْمُهْملَة، وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة، أَي أَكثر سداداً، وَأظْهر صَوَابا.

ص: 273