الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[تَعْرِيف الْخَبَر والْحَدِيث والأثر] )
(الْخَبَر عِنْد عُلَمَاء هَذَا الْفَنّ) أَي عِنْد جمهورهم بِدَلِيل قَوْله بعد قيل: وَقيل، وَفِيه إِشَارَة إِلَى الْمُبَالغَة فِي تَضْعِيف الْقَوْلَيْنِ الْأَخيرينِ، قيل: وَهَذَا إِذا جعل الْقَائِل فِي قيل من عُلَمَاء هَذَا الْفَنّ، وَأما لَو جعل من غَيرهم فَلَا حَاجَة إِلَى التَّفْسِير بالجمهور.
(مرادف) خبرُ للْخَبَر. وَقيل: الأولى أَن يبين معنى الحَدِيث، ثمَّ يَقُول: وَالْخَبَر يرادفه، وَيُمكن دَفعه بِأَن المفاعلة للمشاركة، فبينهما مُلَازمَة. وتُرك التَّعْرِيف للوضوح، أَو اعْتِمَادًا على مَا يُفهم من الْمَتْن، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْخَبَر الْآتِي مرادف (للْحَدِيث) وَهُوَ [فِي اللُّغَة] ضد الْقَدِيم ويُستعمل فِي قَلِيل الْكَلَام [وَكَثِيره]، قَالَ تَعَالَى:{فليأتوا بِحَدِيث مثله إِن كَانُوا صَادِقين} وَفِي اصطلاحهم: قَول رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، وَفعله، وَتَقْرِيره، وَصفته حَتَّى فِي الحركات، والسَّكَنَات، فِي الْيَقَظَة، والمنام ذكره السخاوي، وَفِي " الْخُلَاصَة ": أَو الصَّحَابِيّ، أَو التَّابِعِيّ
…
. إِلَخ. ويرادفه السُّنة عِنْد الْأَكْثَر. وَأما الْأَثر: فَمن اصْطِلَاح الْفُقَهَاء: فَإِنَّهُم يستعملونه فِي كَلَام السّلف، وَالْخَبَر فِي حَدِيث الرَّسُول عليه الصلاة والسلام. وَقيل: الْخَبَر والْحَدِيث: مَا جَاءَ عَن النَّبِي عليه الصلاة والسلام. والأثر: أَعم مِنْهُمَا، وَهُوَ الْأَظْهر.
(وَقيل: الحَدِيث مَا جَاءَ) أَي كَلَام جَاءَنَا مَنْقُولًا. أَو مَا نقل (عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ) فَيشْمَل الْمَوْضُوع. واندفع مَا قيل: الأولى مَا نسب، أَو هُوَ مَا صدر، وَظهر عَنهُ عليه الصلاة والسلام قولا، وفعلاً، أَو تقريراً، ووصفاً خَلْقياً، أَو نعتاً خُلقياً.
(وَالْخَبَر مَا جَاءَ عَن غَيره) أَو مَوْقُوفا عَلَيْهِ لَا مَرْفُوعا إِلَيْهِ [صلى الله عليه وسلم] ، فهما متباينان.
(وَمن ثمَّة) أَي وَمن أجل هَذَا التَّعْرِيف، أَو من جِهَة الْفرق، (قيل) أَي يُقَال [12 - ب] (لمن يشْتَغل بالتواريخ) جمع التَّارِيخ: وَهُوَ الْإِعْلَام بِالْوَقْتِ الَّذِي يُضبط بِهِ الوفَيات، والمواليد، ويُعلم بِهِ مَا يُلحق بذلك من الْحَوَادِث والوقائع الَّتِي من أفرادها الولايات، كالخلافة والتملك وَنَحْوه، كالاستيلاء على الْبِلَاد واستخلاصها، والطواعين، والغلاء، والمعاملات، والأمور العجيبة، وَالْأَحْوَال الغريبة.
(وماشاكلها) أَي من أَخْبَار أهل الْكتاب من الْقَصَص، وحكايات الْمُلُوك، وَغَيرهم (الإخباري، وَلمن يشْتَغل بِالسنةِ النَّبَوِيَّة / 10 - ب: المحدِّث) فِيهِ أَن مُقْتَضى الْمُقَابلَة أَن يكون الْمُحدث مُخْتَصًّا بروايات الْأَحَادِيث المرفوعة، وَالْحَال أَنه أَعم لشُمُوله رِوَايَة الصَّحَابِيّ، والتابعي، وَلَعَلَّه على التغليب.
(وَقيل: بَينهمَا عُمُوم وخصوص مُطلق) فَالْخَبَر / أَعم من الحَدِيث حَيْثُ
يصدُق على كل مَا جَاءَ عَن النَّبِي عليه الصلاة والسلام وَغَيره، بِخِلَاف الحَدِيث، فَإِنَّهُ يخْتَص بِالنَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام، وبيانُه قَوْله:
(فَكل حَدِيث خبر) إِذا الْخَبَر مَا جَاءَ عَنهُ عليه الصلاة والسلام، وَعَن غَيره، (من غير عكس) أَي لَا كل خبر حَدِيث، لاخْتِصَاص الحَدِيث بِهِ عليه الصلاة والسلام، وَفِيه مناقشة، لِأَن الْخَبَر يعم خبر غَيره عليه الصلاة والسلام مُطلقًا، بل ينْحَصر عِنْد الْمُحدثين فِي الصَّحَابِيّ، والتابعي؛ وَلذَا قيل: الْفَاء للتَّعْلِيل لَا للتفريع، لعدم ظُهُور أعمية الْخَبَر مِمَّا ذُكر مُطلقًا حَقِيقِيًّا بل اصطلاحياً إضافياً وَبِهَذَا تنْدَفع المناقشة. وَقيل: الْفَاء للتفصيل، فَإِنَّهُ لمِّا قيل بَينهمَا عُمُوم وخصوص مُطلق، وَاحْتمل عُمُوم أَحدهمَا فصُله بقوله: فَكل حَدِيث
…
إِلَخ
وَأغْرب محشٍ هُنَا وَقَالَ: وَفِيه أَن الحَدِيث قد يكون إنْشَاء، فَكيف يَصدُق كل حَدِيث خبر! فَإِن الظَّاهِر أَن المُرَاد بالْخبر مَا يحْتَمل الصدْق وَالْكذب، فبينهما عُمُوم من وَجه. انْتهى. وَوجه غرابته مِمَّا لَا يخفى.
ثمَّ أعلم أَن [13 - أ] علم الحَدِيث علم يُعْرف بِهِ حَال الرَّاوِي والمروي من حَيْثُ الْقبُول وَالرَّدّ. وموضوعه: الرَّاوِي والمروي من حَيْثُ ذَلِك. وغايته مَا يُقبل، وَمَا يُرَدّ من ذَلِك. ومسائله: مَا يذكر فِي كتبه من الْمَقَاصِد، كَذَا ذكره الشَّيْخ زَكَرِيَّا فِي " شرح ألفية الْعِرَاقِيّ ".
وَقَالَ الْجلَال السُّيُوطِيّ فِي ألفيته:
(علمُ الحَدِيث ذُو قُواَنينَ يُحد
…
يُدرَى بهَا أحوالُ متنٍ وسَند)
(فَذانِكَ الموضُوعُ والمقصُودُ
…
أَن يُعَرفَ المقبول والمَرْدُودُ)
وَقيل: علم الحَدِيث حدّه أَنه علم يشْتَمل على نقل مَا أضيف إِلَى النَّبِي عليه الصلاة والسلام، قيل: وَإِلَى الصَّحَابِيّ، والتابعي من قَول، أَو فعل، أَو تَقْرِير، أَو صفة
وموضوعه: ذاتُ النَّبِي عليه الصلاة والسلام، وغايته: الْفَوْز بسعادة الدَّاريْنِ، فَدخل فِيهِ الْأَحَادِيث الْمُتَعَلّقَة بصفاته عليه الصلاة والسلام، فَإِنَّهَا أَحَادِيث مَرْفُوعَة بِإِجْمَاع الْمُحدثين، وَهَمُّهُ كَحَدِيث أَنه عليه الصلاة والسلام همُ بقلب الرّداء فِي الاسْتِسْقَاء، فَإِنَّهُ دَاخل فِي قسم الْفِعْل، فَإِن الهَمّ فِعلُ الْقلب. (وعَبر) الْمُؤلف (هُنَا) أَي فِي الْمَتْن، (بالْخبر) أَي دون الحَدِيث، جَوَاب سُؤال مقدّر، وَهُوَ أَن الحَدِيث خَاص بِهِ عليه الصلاة والسلام على جَمِيع الْأَقْوَال، فَهُوَ أولى أَن يكون مُعَرفا فِي علم الحَدِيث، فَأجَاب بِأَنَّهُ عبر عَنهُ بالْخبر
(ليَكُون أشمل) أَي على القَوْل الْأَخير حَتَّى يكون مَا ذكره بعده من الْأَحْكَام يتَنَاوَل خبر الرَّسُول / 11 - أ / عليه الصلاة والسلام وَغَيره، وَقَالَ تلميذ المُصَنّف: لِأَنَّهُ يتَنَاوَل الْمَرْفُوع عِنْد الْجُمْهُور بِاعْتِبَار الترادف، ويتناول الْمَوْقُوف، والمنقطع عِنْد من عدا الْجُمْهُور.
وَقَالَ المُصَنّف: قولي ليَكُون أشمل بِاعْتِبَار الْأَقْوَال، فَأَما على الأول، فَوَاضِح. وَأما على الثَّالِث، فَلِأَن الْخَبَر أَعم مُطلقًا، فَكلما ثَبت الْأَعَمّ ثَبت الْأَخَص. وَأما على الثَّانِي، فَلِأَنَّهُ إِذا اعُتبرت هَذِه الْأُمُور فِي الْخَبَر الَّذِي هُوَ وَارِد من غير النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَلِأَن يعْتَبر ذَلِك فِيمَا ورد عَنهُ وَهُوَ الحَدِيث من بابِ الأولى، بِخِلَاف مَا إِذا [13 - ب] اعْتبرت فِي الحَدِيث، فَإِنَّهُ لَا يلْزم اعْتِبَارهَا فِي الْخَبَر لِأَنَّهُ