الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّيِّبِيّ: وتحديث أبي الدَّرْدَاء بِمَا حَدثهُ يحْتَمل أَن يكون مَطْلُوب الرجل بِعَيْنِه، وَأَن يكون بَيَانا أَن سَعْيه مشكور عِنْد الله تَعَالَى، وَلم يذكر هَهُنَا مَا هُوَ مَطْلُوبه، وَالْأول أغرب وَأقرب، وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.
(وَيكون اعتناؤه) أَي وَيَنْبَغِي أَن يكون اهتمام الطَّالِب (بتكثير المسموع) أَي فِي الحَدِيث.
(أَكثر من اعتنائه بتكثير الشُّيُوخ) أَي والأسانيد لِأَن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ هُوَ الدارية لَا مُجَرّد الرِّوَايَة، نعم قد يحْتَاج إِلَى تَكْثِير الرِّوَايَة لتصحيح الدِّرَايَة، وَمن اقْتصر على تَكْثِير الشُّيُوخ دون المسموع محتجاً بِمَا قيل: ضَيَّعْ ورقة وَلَا تضيع شَيخا، فقد ضيع الأَصْل، وَقد قَالَ الْعلمَاء: تَحْصِيل الفُضول تَضْييع الْأُصُول.
(
[صفة تصنيف الحَدِيث] )
(وَصفَة تصنيفه) أَي وَمن المهم معرفَة كَيْفيَّة تصنيف الطَّالِب، أَو تصنيف مسموعه، (وَذَلِكَ) أَي [224 - أ] التصنيف، (إِمَّا على المسانيد) أَي ترتيبها.
(بِأَن يجمع مُسْند كل [صَحَابِيّ] على حِدة) بِكَسْر الْمُهْملَة، وَتَخْفِيف الثَّانِيَة، كعِدة أَي مُنْفَرِدَة بِأَن يجمع مَا عِنْده وَاحِدًا وَاحِدًا من غير نظر لصِحَّة وَضعف، ومناسبة بَاب، وَفصل، ومراعاة تَرْتِيب حُرُوف هجاء، وَغَيرهَا وَإِن اخْتلف
أَنْوَاع أَحَادِيثه فِي ذَلِك كمسند الإِمَام أَحْمد، / ومسانيد الإِمَام أبي حنيفَة، ومسند الإِمَام الشَّافِعِي، والدارمي وَغَيرهم، وهم الْأَكْثَرُونَ، وَمِنْهُم من يقْتَصر على الصَّالح [للحجة] كالضياء الْمَقْدِسِي.
(فَإِن شَاءَ رتبه) أَي مُسْنده (على سوابقهم) أَي مَن سبق من الصَّحَابِيّ فِي الْإِسْلَام، فأولاً يَبْتَدِئ بِأبي بكر، وَعلي، وَخَدِيجَة وبلال، وهَلُم جَراً، أَو فِي الْفضل، فَيبْدَأ بِالْعشرَةِ المبشرة، ثمَّ بِأَهْل بدر، ثمَّ بِأَهْل الْحُدَيْبِيَة، ثمَّ بِمن أسلم وَهَاجَر بَين الْحُدَيْبِيَة وَالْفَتْح، ثمَّ بَمن أسلم يَوْم الْفَتْح، ثمَّ يخْتم بأصاغر الصَّحَابَة سِناً كَأبي الطُّفَيْل، والسائب بن يزِيد، ثمَّ بِالنسَاء.
(وَإِن شَاءَ رتب) أَي مُسْنده (على حُرُوف المعجم) فِي أَسمَاء الصَّحَابَة كَأَن يَبْتَدِئ بِالْهَمْزَةِ، ثمَّ مَا بعْدهَا على ترتيبها، فيبتدأ بِأبي بكر، وَأنس وَنَحْوهمَا، ثمَّ بالبراء بن عَازِب، وبلال وَغَيرهمَا، وَأجْمع مَا صنف فِيهِ كَذَلِك المعجم الْكَبِير للطبراني غير مُتقيدٍ بالمقبول / 154 - ب /، وَغَيره. قَالَ ابْن الصّلاح:
(وَهُوَ اسهل تناولاً) وَالْأول أحسن، ثمَّ شيخ مَشَايِخنَا السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى رتب جامعيه: الصَّغِير وَالْكَبِير على حُرُوف المعجم، بِاعْتِبَار أَوَائِل الْأَحَادِيث القولية كعمل ابْن طَاهِر فِي أَحَادِيث الْكَامِل لِابْنِ عَديّ، وَجعل الْأَحَادِيث الفعلية فِي جَامعه الْكَبِير مرتبَة على الْأَسَانِيد، وَمِنْهُم من [224 - ب] رتب على الْكَلِمَات لكنه غير مُقَيّد بحروف المعجم مُقْتَصرا على أَلْفَاظ النُّبُوَّة فَقَط، كالشهاب و " الْمَشَارِق " للصغاني.
(أَو تصنيفه) بِالرَّفْع عطفا على ذَلِك (على الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة) أَي الْأَبْوَاب الْمُشْتَملَة على أَحْكَام الْفِقْه كالمصابيح وفرعه، من غير تَقْيِيد فِي التَّبْوِيب إِلَى حُرُوف المعجم، وَمِنْهُم من رتب الْأَبْوَاب على الْحُرُوف كجامع الْأُصُول، وتيسير الْوُصُول، وتبعهما شَيخنَا مَوْلَانَا عَليّ المتقي، فبوب الجامعين للسيوطي على هَذَا الْمِنْهَاج.
(أَو غَيرهَا) أَي غير الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة كالصحيحين، وَكتب السّنَن وَغَيرهَا، (بِأَن يجمع) أَي على التبويبين (فِي كل بَاب مَا ورد فِيهِ مِمَّا يدل على حُكمِهِ إثباباً، أَو نفيا) بِحَيْثُ يتَمَيَّز مَا يدْخل فِي الْجِهَاد مثلا عَمَّا يتَعَلَّق بالصيام، وَأهل هَذِه الطَّرِيقَة مِنْهُم من يتَقَيَّد بِالصَّحِيحِ كالشيخين، وَمِنْهُم من لم يتَقَيَّد بذلك كباقي الْكتب السِّتَّة.
(وَالْأولَى أَن يقْتَصر على مَا صَحَّ، أَو حسن، فَإِن جمع الْجَمِيع، فَليبين عِلّة الضَّعِيف) أَي سبَبه. قَالَ التلميذ: مثل الِانْقِطَاع وَالْوَقْف وَنَحْوهَا. فَقَالَ بعض من يَدعِي علم هَذَا الْفَنّ: ويبوب عَلَيْهِمَا، [قلت: لَيْسَ هَذَا من تَقْرِير مَا ذكر انْتهى. وَفِيه أَنه لَا شكّ أَن التَّبْوِيب عَلَيْهِمَا] أسهل للوصول إِلَيْهَا، وَيعْتَبر من تَقْرِير مَا ذكر اسْتِطْرَادًا، فَلَا تنَافِي لديهما.
(أَو تصنيفه) أَي فِي الطريقتين السابقتين كَمَا بِهِ النَّوَوِيّ.
(على العِلل) بِكَسْر الْعين جمع عِلّة، (فيذكر الْمَتْن وطرقه) أَي أسانيده.
(وَبَيَان اخْتِلَاف نَقَلته) بِفتْحَتَيْنِ جمع ناقل، وَكَانَ الأولى أَن يَقُول: وَيبين اخْتِلَاف نقلته فِيهِ، يَعْنِي بِحَيْثُ يَتَّضِح إرْسَال مَا يكون مُتَّصِلا، ووقف مَا يكون مَرْفُوعا، وَغير ذَلِك كَمَا فعل [255 - أ] يَعْقُوب بن شيبَة فِي مُسْنده، وَهُوَ غَايَة مَا فِي بَابه، لكنه / لم يُكمل وَنَحْوه للدارقطني، كَمَا فعل ابْن أبي حَاتِم فِي علله المبوبة وَهِي أَعلَى مرتبَة من كَثْرَة الرِّوَايَة، فَإِن معرفَة الْعِلَل من أجل أَنْوَاع علم الحَدِيث حَتَّى قَالَ ابْن مهْدي: لأنْ أعرف عِلّة حَدِيث هُوَ عِنْدِي، أحب إليّ من [أَن] أكتب عشْرين حَدِيثا لَيْسَ عِنْدِي.
(وَالْأَحْسَن أَن يرتبها) أَي الْعِلَل، (على الْأَبْوَاب لِيسهُلَ تنَاولهَا) أَي أَخذهَا، وتحصيلها.
(أَو يجمعه) أَي تصنيفه بجمعه (على الْأَطْرَاف، فيذكر طرف الحَدِيث) أَي أول مَتنه (الدَّال على بَقِيَّته، وَيجمع أسانيده) أَي ذَلِك الحَدِيث.
(إِمَّا مستوعِباً / 155 - أ / بِكَسْر الْعين أَي مُسْتَوْفيا لتِلْك الْأَسَانِيد، وَلم يتَقَيَّد