الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشذ بِهِ شيخ ثِقَة أَو غَيره، فَمَا كَانَ عَن غير ثِقَة مَتْرُوك وَلَا يقبل، وَمَا كَانَ عَن ثِقَة يُوقف وَلَا يحْتَج بِهِ. فَلم يعْتَبر الْمُخَالفَة وَلَا اقْتصر على الثِّقَة.
وَقَالَ الْحَاكِم: الشاذ: هُوَ الحَدِيث الَّذِي يتفرد بِهِ ثِقَة من الثِّقَات وَلَيْسَ لَهُ أصل بمتابع لذَلِك الثِّقَة، فَلم يعْتَبر الْمُخَالفَة وَلَكِن قَيده بالثقة.
قَالَ ابْن الصّلاح: وَأما مَا حكم الشَّافِعِي عَلَيْهِ بالشذوذ فَلَا إِشْكَال فِيهِ وَأما مَا ذكرَاهُ أَي الخليلي وَالْحَاكِم فمشكل بِمَا يتفرد بِهِ الْعدْل الْحَافِظ الضَّابِط كَحَدِيث: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " وَحَدِيث " النَّهْي عَن بيع الْوَلَاء وهبته ".
(الْمَعْرُوف وَالْمُنكر)
(وَإِن وَقعت الْمُخَالفَة) كَذَا فِي نُسْخَة مصححة، وَفِي نُسْخَة: الْوَاو متن وَالْبَاقِي شرح.
(مَعَ الضعْف) بِأَن كَانَ الرَّاوِي الْمُخَالف ضَعِيفا لسوء حفظه أَو جهالته، أَو نَحْوهمَا. وَهل الشاذ ضَعِيف أم لَا؟ وَالظَّاهِر: أَن الشاذ وَالْمُنكر كِلَاهُمَا ضَعِيف، لَكِن الشاذ رَاوِيه قد يكون مَقْبُولًا، وَالْمُنكر رَاوِيه ضَعِيف.
(فالراجح) أَي الْحَدِيثين (يُقَال لَهُ:) أَي عِنْد الْمُحدثين (الْمَعْرُوف) لكَونه مَعْرُوفا عِنْدهم، (وَمُقَابِله) أَي ضِدّه، (يُقَال لَهُ:) أَي عِنْدهم: (الْمُنكر) لأَنهم أنكروه. قَالَ السخاوي: فالمنكر مَا رَوَاهُ الضَّعِيف مُخَالفا.
(مِثَاله:) أَي الْمُنكر (مَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق حبيب) بِضَم حاء مُهْملَة، وَفتح مُوَحدَة، وَتَشْديد تحتية مَكْسُورَة (ابْن حبيب) بِفَتْح، فَكسر، (وَهُوَ أَخُو حَمْزَة بن حبيب) وَفِي نُسْخَة: بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة، وَفتح الْمُوَحدَة، وَسُكُون الْيَاء فِي الثَّلَاثَة. وَالظَّاهِر: أَنه سَهْو قلم، (الزيات) بتَشْديد التَّحْتِيَّة، بَائِع الزَّيْت أَو صانعه (الْمُقْرِئ) بِضَم مِيم، وَسُكُون قَاف، وهمزة فِي آخِره يُبدل على مذْهبه وَقفا، وَهُوَ [70 - أ] إِمَام الْقُرَّاء من أَتبَاع التَّابِعين. عرض عَلَيْهِ تلميذ لَهُ مَاء فِي يَوْم حَار فَأبى تورعا قَالَ: أَنا لَا آخذ أجرا على الْقُرْآن، أَرْجُو بذلك الفردوس. قَرَأَ / على جَعْفَر الصَّادِق بِإِسْنَاد الْمُسَمّى بسلسلة الذَّهَب، وعَلى جمَاعَة آخَرين رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ.
وَالْحَاصِل: أَن أَخَاهُ روى (عَن أبي إِسْحَاق) أَي السبيعِي بِفَتْح مُهْملَة، وَكسر مُوَحدَة، بعْدهَا يَاء سَاكِنة، ثمَّ عين مُهْملَة.
(عَن الْعيزَار) بِفَتْح مُهْملَة، وَسُكُون تحتية، وَألف بَين زَاي وَرَاء.
(ابْن حُرَيْث) بِضَم مُهْملَة وَرَاء مَفْتُوحَة، وياء سَاكِنة بعْدهَا مُثَلّثَة.
(عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: " من أَقَامَ الصَّلَاة)[أَي الْمَكْتُوبَة](وَآتى) أَي أعْطى / 15 - ب /، (الزَّكَاة) أَي الْمَفْرُوضَة، (وَحج) أَي بَيت الله الْحَرَام، وفْق بالمشاعر الْعِظَام، (وَصَامَ) أَي شهر رَمَضَان بالتمام، (وقرى الضَّيْف) بِفَتْح الْقَاف وَالرَّاء، أَي أطْعمهُ إِذا وَجب عَلَيْهِ الْإِطْعَام (دخل الْجنَّة ") أَي دُخُولا أوليا بِسَلام.
(قَالَ أَبُو حَاتِم:) أَي مخرجه، (هُوَ) أَي الحَدِيث الْمَذْكُور، (مُنكر) أَي بِسَبَب إِسْنَاده، وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحا، (لِأَن غَيره) أَي غير حبيب، (من الثِّقَات) أَي الَّذِي رووا هَذَا الحَدِيث، (رَوَاهُ) أفرده بِاعْتِبَار لفظ غير.
(عَن أبي إِسْحَاق مَوْقُوفا) أَي على ابْن عَبَّاس، وَقد رَوَاهُ حبيب مَرْفُوعا.
(وَهُوَ) أَي وَغير حبيب.
(الْمَعْرُوف) أَي ضد الْمُنكر، وَفِي تَعْلِيله نظر، لِأَنَّهُ لَا يدل على أَن الضَّعِيف مُعْتَبر فِي الْمُنكر. قَالَ ابْن الصّلاح: الْمُنكر قِسْمَانِ: الأول: الْفَرد الْمُخَالف لما رَوَاهُ الثِّقَات.
وَالثَّانِي: الْفَرد الَّذِي لَيْسَ فِي رَاوِيه من الثِّقَة والإتقان مَا يحْتَمل مَعَه تفرده. وَقَالَ التلميذ: هَذَا خلاف مَا قدمه عَن الشَّافِعِي، لِأَن النُّقْصَان أضرّ بحَديثه، وَلم يكن ذَلِك دَلِيل تحريه، وَبِه عرف أَن المُرَاد مَا قلته، لَا مَا فهمه المُصَنّف. انْتهى. [70 - ب]
وَيُمكن دَفعه بِأَن كَلَامه هُنَاكَ مَبْنِيّ على زِيَادَة الثِّقَة فِي الْمَتْن، وَهنا على زِيَادَته فِي الْإِسْنَاد، مَعَ أَن الظَّاهِر من كَلَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه أَرَادَ بِهِ من لم يعرف كَونه ثِقَة كَمَا أشبعنا الْكَلَام فِيهِ، وَالله أعلم.
(وَعرف بِهَذَا) أَي بِمَا ذَكرْنَاهُ من التَّقْرِير الدَّال على الْفرق بَين الشاذ وَالْمُنكر.
(أَن بَين الشاذ وَالْمُنكر عُمُوما وخصوصا من وَجه) أَي بِحَسب الْمَفْهُوم، وَهُوَ أَن يعْتَبر فِي كل مِنْهَا شَيْء لَا يعْتَبر فِي الآخر، وَيعْتَبر فِي كليهمَا [شَيْء آخر حَيْثُ اعْتبر فِي كليهمَا] مُخَالفَة الْأَرْجَح، وَفِي الشاذ مقبولية الرَّاوِي، وَفِي الْمُنكر ضعفه، وَأما بِحَسب الصدْق فبينهما مباينة كُلية، فَانْدفع اعْتِرَاض تِلْمِيذه بِأَنَّهُ يشْتَرط فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص من وَجه، أَن يكون بَين الْمَذْكُورين مَادَّة اجْتِمَاع، يصدق
فِيهَا كل مِنْهَا، وَلَيْسَ الْمَذْكُور هُنَا كَذَلِك. وَمَا ذكره فِي تَوْجِيهه لَيْسَ على حَده عِنْد الْقَوْم. انْتهى.
وَبَيَان الدّفع أَن النِّسْبَة تعْتَبر تَارَة [بِحَسب الصدْق وَتارَة] بِحَسب الْوُجُود كَمَا فِي القضايا، وَتارَة بِحَسب الْمَفْهُوم، كَمَا يُقَال: المفهومان إِن لم يتشاركا فِي ذاتي فمتباينان، وَإِلَّا فَإِن تشاركا فِي جَمِيع الذاتيات فمتساويان كالحد والمحدود، وَإِن شَارك أَحدهمَا الآخر فِي ذاتيات دون الْعَكْس، فبينهما عُمُوم وخصوص مُطلقًا، وَإِن تشاركا فِي بَعْضهَا فبينهما عُمُوم وخصوص من وَجه كَذَا فِي " شرح الْمطَالع " للأبهري. وعَلى الِاصْطِلَاح الْأَخير ينزل / كَلَام المُصَنّف. أَو يُقَال: أَرَادَ أَن بَينهمَا عُمُوما وخصوصا من وَجه لُغَة، بِمَعْنى اجْتِمَاعهمَا من وَجه، وافتراقهما من وَجه، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله:
(لِأَن بَينهمَا اجتماعا فِي اشْتِرَاط الْمُخَالفَة، وافتراقا فِي أَن / 52 - أ / الشاذ رِوَايَة ثِقَة) بِالْإِضَافَة. وَفِي نُسْخَة: رَاوِيه ثِقَة.
(أَو صَدُوق) بِالْجَرِّ وَالرَّفْع، أَي لم ينْقل عَنهُ كذب لكنه غير ضَابِط.
(وَالْمُنكر رِوَايَة ضَعِيف) بِالْإِضَافَة، وَفِي نُسْخَة: رَاوِيه ضَعِيف أَي لسوء حفظه أَو جهالته أَو نَحْو ذَلِك على مَا ذكره السخاوي. [71 - أ] وَقيل: لَيْسَ ثِقَة وَلَا صَدُوقًا.
(وَقد غَفَل) أَي عَن هَذَا الِاصْطِلَاح، أَو عَن هَذَا التَّحْقِيق
(من سوىّ بَينهمَا) ، [أَرَادَ بِهِ ابْن الصّلاح، فَإِنَّهُ سّوى بَينهمَا حَيْثُ لم يُمّيز بَينهمَا] وَقَالَ: الْمُنكر بِمَعْنى الشاذ. قَالَ التلميذ: وَقد أطْلقُوا فِي غير مَوضِع النكارة على رِوَايَة الثِّقَة مُخَالفا لغيره، وَمن ذَلِك حَدِيث:" نزع الْخَاتم " حَيْثُ قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا حَدِيث مُنكر مَعَ أَنه راوية هّمّام بن يحيى، وَهُوَ ثِقَة، احْتج بِهِ أهل الصَّحِيح.
قلت الْعبْرَة فِي الِاصْطِلَاح للأغلب، فَإِذا جَاءَ خِلَافه يؤول مَعَ أَنه يحْتَمل أَن لَا يكون هَمَّام ثِقَة عِنْد أبي دَاوُد لِأَنَّهُ مُجْتَهد لَا يجب عَلَيْهِ تَقْلِيد غَيره. ثمَّ قَالَ: وَفِي عبارَة النَّسَائِيّ مَا يُفِيد فِي هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه أَنه يُقَابل الْمَحْفُوظ، وَكَأن الْمَحْفُوظ وَالْمَعْرُوف ليسَا بنوعين حقيقين تحتهما أَفْرَاد مَخْصُوصَة عِنْدهم، وَإِنَّمَا هِيَ أَلْفَاظ تسْتَعْمل فِي التَّضْعِيف.
(وَالله أعلم) فَجَعلهَا المُصَنّف أنواعاً، فَلم توَافق مَا عِنْدهم. انْتهى. وَفِيه أَنه تتبع منقولاتهم، وَبنى اصْطِلَاحه على أَكثر استعمالاتهم، فَيكون مذْهبه التَّحْقِيق، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.