الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَلِكَ لتشعُّب لغاتها.
(
[اخْتِصَار الحَدِيث] )
(أما اخْتِصَار الحَدِيث)
الخ مَعَ قَوْله: وَأما الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى
…
الخ، تَفْصِيل للمسألتين، وكونهما جائزتين فِي الصَّحِيح كَمَا ذكرنَا.
(فالأكثرون على جَوَازه بِشَرْط أَن يكونَ الَّذِي يختصرهُ عَالما) اخْتلف الْعلمَاء فِي جَوَاز الِاقْتِصَار على بعض الحَدِيث، وَحذف بعضه على أَقْوَال:
أَحدهَا: الْمَنْع مُطلقًا، بِنَاء على معنى الرِّوَايَة [بِالْمَعْنَى] ، لما فِيهِ من التَّصَرُّف فِي الْجُمْلَة.
وَثَانِيها: الْجَوَاز مُطلقًا.
وَثَالِثهَا: أَنه إِن لم يكن رَواه هُوَ أَو غَيره على التَّمام مرّة أُخْرَى لم يجز، وَإِلَّا جَازَ، وَسَيَجِيءُ بَيَانه. وَرَابِعهَا: وَهُوَ الصَّحِيح الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، وَاخْتَارَهُ [118 - ب] ابْن الصّلاح، والتفصيلُ، وَهُوَ منع الْجَوَاز من غير الْعَالم، وَالْجَوَاز مِنْهُ سَوَاء جوَّزنا الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى أم لَا، وَسَوَاء رَوَاهُ هُوَ أَو غَيره على التَّمام [مرّة أُخْرَى] أم لَا.
(لِأَن الْعَالم لَا يَنْقص من الحَدِيث إِلَّا مَا لَا تعلُّق لَهُ) أَي / 84 - أ / للمنقوص والمحذوف (بِمَا يُبْقيه) بِالتَّخْفِيفِ، ويُشَدَّد أَي بِمَا يتْرك (مِنْهُ) أَي من الحَدِيث، (بِحَيْثُ لَا تخْتَلف الدّلَالَة وَلَا يخْتل الْبَيَان) أَي الحكم، (حَتَّى يكون) أَي لَا يخْتَلف، حَتَّى لَو اخْتلف لَكَانَ (الْمَذْكُور والمحذوف بِمَنْزِلَة خبرين) أَي منفصلين.
(أَو يدل / مَا ذَكَرَه على مَا حَذَفه) لَيْسَ عطفا على " مَا " فِي حَيِّز حَتَّى كَمَا لَا يخفى، بل هُوَ عطف بِحَسب الْمَعْنى على حَيِّز " إِلَّا " فِي قَوْله: إِلَّا مَا لَا تعلق
…
الخ، وَالْمعْنَى: أَن الْعَالم لَا يُنقِص إِلَّا إِذا لَا يتَعَلَّق الْمَحْذُوف بِمَا يبقيه، أَو إِلَّا إِذا يدل
…
الخ، وَيجوز أَن يكون قَوْله: أَو يدل، عطفا على قَوْله: لَا تعلق لَهُ
…
الخ، عطف الفعلية على الاسمية، وَيكون قَوْله: مَا حذفه، من وضع الظَّاهِر مَوضِع [الضَّمِير] الْعَائِد إِلَى " مَا " الْمقدرَة قبل قَوْله: يدل.
(بِخِلَاف الجاهِل) حَيْثُ لَا يجوز لَهُ اخْتِصَار؛ (فَإِنَّهُ) أَي الْجَاهِل، (قد يُنْقِص مَا لَهُ تعلُّق) أَي ضَرُورِيّ يفْسد بِتَرْكِهِ الْمَعْنى.
(كتركه الِاسْتِثْنَاء) أَي فِي نَحْو قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يُبَاع الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا سَوَاءً بسَواء "، فَإِنَّهُ لَا يجوز حذفه بِلَا خلاف، وَفِي مَعْنَاهُ ترك
الْغَايَة نَحْو قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تُبَاعُ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُزْهِيَ ". قيل: وَهَذَا الْجَوَاز للْعَالم إِنَّمَا هُوَ إِذا ارْتَفَعت مَنْزِلَته عَن التُهَمَة، فَأَما من رَوَاه تامّاً فخاف إِن رَوَاهُ ثَانِيًا نَاقِصا، أَن يُتَّهم بِزِيَادَة فِيمَا رَوَاهُ أَولا، أَو بنسيانٍ لِغَفْلَتِه وقلةِ ضَبطه فِيمَا رَوَاهُ ثَانِيًا، فَلَا يجوز لَهُ النُّقْصَان ثَانِيًا، وَكَذَا لَا يجوز للمتهم ابْتِدَاء [119 - أ] الاقتصارُ على بعضه، إِذا كَانَ قد تعيَّن عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ بِتَمَامِهِ، لِئَلَّا يخرج بذلك عَن حَيَّز الِاحْتِجَاج.
وَأما تقطيع مُصَنف الحَدِيث الواحدّ، وتفريقه فِي الْأَبْوَاب للاحتجاج بِهِ فِي الْمحَال المتفرقة المتنوعة، فَهُوَ إِلَى الْجَوَاز أقرب، وَقد فعله الْأَئِمَّة: كمالكٍ، وَأحمد، وَأبي دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَغَيرهم.
وَحكى الخَلَاّل عَن أَحْمد أَنه يَنْبَغِي أَن لَا يفعل، وَكَذَا حكى عَنهُ أَنه قَالَ: يَنْبَغِي أَن يحدث بِالْحَدِيثِ وَلَا يغيِّره. وَقَالَ ابْن الصّلاح: لَا يَخْلُو ذَلِك عَن كَرَاهَة. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَفِي قَوْله نظر، وَلَعَلَّ وَجهه أَنه لَا فرق بَين الرِّوَايَة والاحتجاج كَمَا يُشْعِر بِهِ كَلَام السخاوي فِي شرح التَّقْرِيب، وَهَذَا احتجاج، والاحتجاج بِبَعْض الحَدِيث جَائِز؛ لدلالته على الحكم المستقل.