الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[المَزيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد] )
(أَو أَن كَانَت الْمُخَالفَة بِزِيَادَة راوٍ فِي أثْنَاء الْإِسْنَاد، ومَن لم يَزِدْها أتقنُ مِمَّن زَادهَا) قَوْله: أتقن، من الإتقان، كأفيدُ من الإفادة، وأبلغ من الْمُبَالغَة، أَي أَكثر إتقاناً وإفادة ومبالغة، وأفعل التَّفْضِيل مِمَّا ماضيه على أَرْبَعَة أحرف عِنْد سِيبَوَيْهٍ قِيَاس، وَعند غَيره سَماع، كَذَا فِي " الموشّح ".
(فَهَذَا هُوَ الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد) وَهُوَ أَن يزِيد الرَّاوِي فِي إِسْنَاد حديثٍ رجلا أَو أَكثر وهْماً مِنْهُ وغَلَطاً، مِثَاله: مَا رُوِيَ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر قَالَ: حَدثنِي بٌ سْر بن عبيد الله
قَالَ: سَمِعت أَبَا إِدْرِيس يَقُول: سَمِعت واثِلَة بن الأسْقَع يَقُول: سَمِعت أَبَا مَرْثَد الغَنَويّ يَقُول: سَمِعت النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تجلسوا على الْقُبُور، وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا " فذكرُ سفيانَ وَأبي إِدْرِيس فِي هَذَا زِيَادَة ووَهَم، أمّا أَبُو إِدْرِيس، فَنَسَبَ الْوَهم فِيهِ إِلَى ابْن الْمُبَارك؛ / 80 - ب / لِأَن جمَاعَة من الثِّقَات رَوَوْه عَن ابْن جَابر، عَن بُسْر، عَن وَاثِلة، وَلم يذكرُوا أَبَا إِدْرِيس بَين بُسْر ووَاثِلَة، وصرَح بَعضهم بِسَمَاع بُسْر من وَاثِلة.
قَالَ أَبُو حاتِم الرَّازِيّ: كثيرا مَا يحدث بُسْر عَن أبي إِدْرِيس، فوَهِم ابْن الْمُبَارك وَظن أَن هَذَا مِمَّا رَوَاهُ عَنهُ وَاثِلة، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ مِمَّا سَمعه بُسْر من وَاثِلة. وَأما سُفْيَان فَوَهم فِيهِ من دون ابْن الْمُبَارك لِأَن جمَاعَة ثقاتٍ رَوَوْه عَن ابْن الْمُبَارك، عَن ابْن جَابر بِلَا وَاسِطَة، وصرّح بَعضهم بِلَفْظ الْإِخْبَار بَينهمَا.
(وَشَرطه [113 - ب] أَن يقعَ التصريحُ بِالسَّمَاعِ) أَي فِي رِوَايَة مَن لم يزدها، (فِي مَوضِع الزِّيَادَة) لَكِن ترجح جَانب الْحَذف بِقَرِينَة دَالَّة على الْوَهم كَمَا ذكره ابْن
الصّلاح فِي " الْمُقدمَة "، والجزري فِي " الْهِدَايَة "، فَانْدفع مَا قَالَ بَعضهم فِيهِ: إِنَّه على تَقْدِير التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ، لَا يتَعَيَّن الْمَزِيد، لجَوَاز أَن يكون الرَّاوِي سمع من رجل، وَهُوَ من شخص، ثمَّ سمع ذَلِك الرَّاوِي من ذَلِك الشَّخْص نَفسه. وَأما قَول شَارِح: هُوَ أَن يَجِيء رِوَايَة بِوَاسِطَة رَاوِيَيْنِ اثْنَيْنِ، وَأُخْرَى بحذفه مَعَ التَّصْرِيح فِي كل مِنْهُمَا بِالسَّمَاعِ، فَغير صَحِيح لما سبق.
(وإلاّ) أَي وَإِن لم يَقع التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ / الْمَذْكُور، (فَمَتَى كَانَ مُعَنْعناً) بِصِيغَة الْمَفْعُول، وَهِي صِيغَة مصنوعة لَا مَوْضُوعَة كالبسملة والحمدلة، أَي فَمَتَى كَانَ الْإِسْنَاد بِلَفْظ عَن فلَان [عَن فلَان](مثلا) أَي وَنَحْوه مِمَّا يحْتَمل عدم الِاتِّصَال، (ترجحت الزِّيَادَة) فَعلم أَن حَدِيث الثِّقَة كَانَ مُنْقَطِعًا لَا مُتَّصِلا، وَإِن كَانَ مُحْتملا قبل هَذِه الزِّيَادَة.
فَإِن قيل: إِن كَانَ السَّنَد الْخَالِي عَن الزَّائِد بِلَفْظ: عَن، احْتمل أَن يكون مُرْسلا، وَإِن كَانَ بِلَفْظ السماع وَنَحْوه، احْتمل أَن يكون سَمِعَه مرّة عَن رجل عَنهُ، ثمَّ سَمعه مِنْهُ، فَلَا يتَحَقَّق الْوَهم! فَالْجَوَاب: أنّ الظَّاهِر من مثل هَذَا أَن يَذْكُر السَماعَين، فلمّا لم يذكرهما، حُمِل على الزِّيَادَة. وَأَيْضًا قد يُوجد قرينَة تدل على أَنه وَهْم كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن أبي حَاتِم وَهُوَ الْمَفْهُوم من " الْمُقدمَة "، فَالزِّيَادَة حِينَئِذٍ مرادف الْغَلَط، والسهو خَارج عَمَّا يُقَال من أنّ زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة، وَأما قَول شَارِح: ترجحت الزِّيَادَة وَيعْمل بِالْإِسْنَادِ الْمُثبت، وَيجْعَل الآخر مُنْقَطِعًا أَو مُرْسلا، أَو نَحْو ذَلِك لِأَن زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة كَمَا سبق، فمردود.