الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِياض أَيْضا فِي الشفا، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيم فِي الدَّلَائِل، لَكِن بِإِسْنَاد فِيهِ مَجَاهِيل، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ ضَعِيف أَو حسن لَا مَوْضُوع، وَلَا مِمَّا لَا أصل لَهُ. وَقد نقل الْقُسْطَلَانِيّ عَن السخاوي أَيْضا أَنه قَالَ: لكنه ورد فِي الْجُمْلَة فِي عدَّة أَحَادِيث يَتَقوى بَعْضهَا بِبَعْض، أوردهَا شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي وَالله سبحانه وتعالى أعلم.
(
[الْعَزِيز] )
(وَالثَّالِث: الْعَزِيز، وَهُوَ أَن لَا يرويهِ) الْأَظْهر هُوَ مَا لَا يرويهِ.
(أقل من اثْنَيْنِ عَن اثْنَيْنِ) قَالَ السخاوي: فَيشْمَل مَا وجد فِي بعض طبقاته ثَلَاثَة فَأكْثر انْتهى. لأنّ تواليَ رِوَايَة اثْنَيْنِ فَقَط عَن اثْنَيْنِ فَقَط لَا تكَاد تُوجد، وَلذَا نُوقِشَ فِي عبارَة الشَّرْح فَقيل: الأولى أَن يَقُول: وَهُوَ مَا يرد بِاثْنَيْنِ فِي بعض الْمَوَاضِع، وَلَا يرد بِأَقَلّ فِي مَوضِع حَتَّى لَا يصدق على الْمُتَوَاتر وَالْمَشْهُور. وَأَيْضًا يرد على مَا قَالَ: أَنه يُتَوهَّم مِنْهُ أنّ اثنينية الْمَرْوِيّ عَنهُ شَرط، وَيَنْبَغِي أَن لَا يرد، فَلَو قَالَ: أقل من اثْنَيْنِ عَن أقل من اثْنَيْنِ لم يلْزم ذَلِك.
ثمَّ أعلم أنّ الْعَزِيز اختُلف فِي تَفْسِيره فَقَالَ ابْن مَنْدَه - وَقَررهُ ابْن الصّلاح وَالنَّوَوِيّ -: أَنه مَا يرويهِ اثْنَان، أَو ثَلَاثَة، فعلى هَذَا يكون بَينه وَبَين الْمَشْهُور عُمُوم وخصوص من وَجه، وخَص بَعضهم الْمَشْهُور بِالثَّلَاثَةِ، والعزيز بالاثنين، وَاخْتَارَهُ المُصَنّف، وَلذَا قَالَ فِيمَا سبق: أَو بهما فَقَط.
(وسُمِّي) أَي الحَدِيث الْمَذْكُور (بذلك) أَي بالعزيز (إِمَّا لقلّة وجوده) فَإِنَّهُ يُقَال: عَزّ الشَّيْء يعِزُّ بِكَسْر الْعين فِي الْمُضَارع عِزّاً وعزازة إِذا قلّ / 20 - أ / بِحَيْثُ لَا يكَاد يُوجد. (وَإِمَّا لكَونه عَزّ) من قَوْلهم: عَزّ يَعزُّ بِفَتْح الْعين فِي الْمُضَارع عِزاً وعَزازة أَيْضا، إِذا اشْتَدَّ وَقَوي، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فعززنا بثالث} أَي قويناهما بِهِ.
(أَي قوي) أَي الحَدِيث، (لمجيئه) بلام الْعلَّة، وَفِي نُسْخَة: بمجيئه أَي [25 - ب] بِسَبَب وُرُود ذَلِك الحَدِيث بِعَيْنِه (من طَرِيق) أَي إِسْنَاد (آخر) وَفِي نُسْخَة: أُخْرَى، بِنَاء على أنّ الطَّرِيق كالسبيل يذكَّر ويؤنثُ على مَا فِي كتب اللُّغَة
(وَلَيْسَ) أَي وَكَون الحَدِيث عَزِيزًا لَيْسَ (شرطا للصحيح) إذِ الصَّحِيح / مَا وُجِد لَهُ إِسْنَاد صَحِيح، وَلَو وَاحِدًا على الصَّحِيح. (خلافًا لمَن زَعمه وَهُوَ) أَي مَن زَعمه (أَبُو عَليّ الجُبَّائي) بِضَم الْجِيم، وَتَشْديد الْمُوَحدَة، وهمزة قبل يَاء النِّسْبَة (من الْمُعْتَزلَة) أَي من جُمْلَتهمْ، بل من أئمتهم.
(وَإِلَيْهِ) أَي إِلَى هَذَا القَوْل، (يوْمئ) - بِسُكُون الْوَاو، وهمزة فِي آخِره
ويدلّ أَي يُشِير (كَلَام الْحَاكِم أبي عبد الله فِي " عُلُوم الحَدِيث ") اسْم كتاب لَهُ، (حَيْثُ قَالَ:) أَي فِيهِ (الصَّحِيح هُوَ الَّذِي يرويهِ) وَفِي نُسْخَة: الصَّحِيح أَن يرويهِ (الصَّحَابِيّ) أَرَادَ بِهِ الْجِنْس. وَلذَا قَالَ: (الزائل عَنهُ) أَي الْمُرْتَفع عَن الصَّحَابِيّ (اسْم الْجَهَالَة) أَرَادَ بهَا ضد الْمعرفَة التامّة الْمُعْتَبرَة فِي حد الصَّحِيح، (بِأَن يكون لَهُ) أَي للصحابي. وَقيل: للْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الصَّحَابِيّ، (راويان ثمَّ يتداوله) أَي يتناوبه فِي الرِّوَايَة عَنهُ (أهل الحَدِيث) أَي الحُذّاق من الْمُحدثين (إِلَى وقتنا) أَي فِي كل طبقَة وَهُوَ يُؤَيّد أنّ ضمير لَهُ للْحَدِيث، كَمَا يقوِّيه قَوْله:
(كَالشَّهَادَةِ على الشَّهَادَة) أَي كتداول الشَّهَادَة على الشَّهَادَة، بِأَن يكون لكل شاهدِ أصلٍ شَاهِدَا فرعٍ، فَإِنَّهُ يجب فِي الشَّهَادَة على الشَّهَادَة بِأَن يكون لكلٍ من الشَّاهِدين شَاهِدَانِ على شَهَادَته. وَمِمَّا يُؤَيّد أَن ضمير لَهُ للصحابي، أنّ قَوْله: بِأَن يكون تفسيرٌ لقَوْله: الزائل عَنهُ اسْم الْجَهَالَة، ثمَّ إِذا كَانَ ضمير لَهُ للصحابي كَمَا
هُوَ الظَّاهِر فَلَا تكون اثنينية الصَّحَابِيّ مُعْتَبرَة فِي الصَّحِيح، فُيشْكِل الِاعْتِذَار الْآتِي عَن تفرُّد عمر فِي الْجَواب وَإِن جعل للْحَدِيث على مَا قيل دفعا لهَذَا الْإِيرَاد فَلم يظْهر وَجه [26 - أ] تَخْصِيص السُّؤَال بتفرد عَلْقَمَةَ عَن عمر، لَكِن الْأَمر يسهل.
وَسَيَجِيءُ لهَذَا مزِيد تَحْقِيق، ومزية تدقيق، وَقد أَشَارَ المُصَنّف إِلَى ضعف احْتِمَال الضَّمِير للْحَدِيث بقوله: وَإِلَيْهِ يُومِئ كَلَام الْحَاكِم، وتوضيحه أنّ كَلَام الْحَاكِم يحْتَمل احْتِمَالَيْنِ.
أَحدهمَا: أَن يكون الضَّمِير فِي قَوْله: أَن يكون لَهُ راويان راجعان إِلَى الحَدِيث، وَيكون الْبَاء فِي قَوْله: بِأَن يكون بِمَعْنى مَعَ، فعلى هَذَا: الصَّحِيح الَّذِي رَوَاهُ عَن الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور بالرواية راويان، وَرَوَاهُ عَن هذَيْن الروايين أَرْبَعَة وهَلُمّ جَرّاً، وَلَا يخفي بُعْدُهُ.
وَثَانِيهمَا: أَن يكون الضَّمِير رَاجعا إِلَى الصَّحَابِيّ، فعلى هَذَا: الصَّحِيح الَّذِي / 20 - ب / رَوَاهُ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور بِأَن يكون لَهُ راويان وَإِن كَانَ يروي الحَدِيث عَنهُ أَحدهمَا، وَكَذَا لكلِّ مَن يروي عَنهُ راويان، وَإِن كَانَ يروي الحَدِيث عَنهُ أَحدهمَا. وَيكون الْغَرَض من هَذَا الشَّرْط تَزْكِيَة الراويين، واشتهار ذَلِك الحَدِيث بصدوره عَن قوم مشهورين بِالْحَدِيثِ وَالرِّوَايَة عَن مشهورين بهما. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر، وَهُوَ الْمُعْتَمد عِنْد أهل الحَدِيث على الصَّحِيح.
(وصرّح القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي " شرح البُخَارِيّ " بأنّ ذَلِك) أَي كَون الحَدِيث لَهُ راويان، (شَرط البُخَارِيّ) أَي تَصْحِيحه، أَو فِي صَحِيحه.
(وَأجَاب) أَي القَاضِي (عمَا) أَي عَن اعْتِرَاض (أُورِد عَلَيْهِ) أَي على البُخَارِيّ بِفَرْض صِحَّته، أَو على القَاضِي لتصريحه بذلك (من ذَلِك) أَي من أجل هَذَا الِاشْتِرَاط (بِجَوَاب) مُتَعَلق ب: أجَاب، (فِيهِ) أَي / فِي جَوَابه (نظر) أَي تَأمل وَبحث، (لِأَنَّهُ) أَي القَاضِي (قَالَ) أَي فِي جَوَابه عَمَّا يَرِد عَلَيْهِ.
(فَإِن قيل: حَدِيث " الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ ") أَي مَعَ كَونه صَحِيحا بِلَا نزاع.
(فردٌ) أَي مُنْفَرد فِي طبقَة الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ. وبيَّنه بقوله:(لم يروه) أَي ذَلِك الحَدِيث (عَن عمر) رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
(إِلَّا عَلْقَمَة! قَالَ: قُلْنَا: قد خطب [26 - ب] بِهِ عمر على الْمِنْبَر بِحَضْرَة الصَّحَابَة) أَي بحضورهم عِنْد منبره، (فلولا أَنهم يعرفونه) أَي الحَدِيث (لأنكروه) فِيهِ: أَنه لَا يلْزم من سكوتهم وَعدم إنكارهم وجود سماعهم، وَعدم تفرد عمر كَمَا لَا يخفى، مَعَ أَنه لَو سُلِّم أَنه يلْزم من سكوتهم عدم تفرد عمر لَا نُسَلِّم أَنه يلْزم عدم تفرد عَلْقَمَة كَمَا هُوَ ظَاهر.
وَلذَا، قَالَ التلميذ: حَاصِل السُّؤَال: أَنه لم يروه عَن عمر إِلَّا وَاحِد
وَحَاصِل الْجَواب: أَنه قد رَوَاهُ عمر وَغَيره، فَلَا يحسن هَذَا الْجَواب للسؤال بِوَجْه. قلت: قد يُوَجَّه بِأَن خُطبة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا كَانَت خَالِيَة عَن حُضُور التَّابِعين، فبالنسبة إِلَى التَّابِعِيّ بل إِلَى صَحَابِيّ لم يسمع من النَّبِي عليه الصلاة والسلام يخرج [عَلْقَمَة] عَن التفرد، وبالنسبة إِلَى الصَّحَابَة الَّذِي سَمِعُوهُ من النَّبِي عليه الصلاة والسلام على تَقْدِير سماعهم يخرج عمر عَن التفرد. وَلَعَلَّه خاطبهم وَقَالَ: أما سمعتموه، أَو وَقد سَمِعْتُمْ رَسُول الله عليه الصلاة والسلام، قَالَ كَذَا، فَحِينَئِذٍ عدم إنكارهم معرفةٌ بِالْحَدِيثِ وتصريح بِالْمَقْصُودِ، هَذَا مَا خطر لي بالخاطر الفاتر وَالله أعلم بالسرائر والظواهر.
فَيكون حَاصِل كَلَام القَاضِي: جَوَابا عَن سؤالين: أَحدهمَا مَذْكُور وَالْآخر مُقَدّر. بل يُمكن أَن السُّؤَال يتَوَجَّه على وَجه يَرِد على تفرُّدِ عمر وعلقمة جَمِيعًا بِأَن يُقَال: المُرَاد من قَوْله: فردٌ أَنه فَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَاوِيه الأول، وَهُوَ عمر، وَمن قَوْله: لم يروه، أَنه فَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَلْقَمَة، نعم، يبْقى / 21 - أ / عَلَيْهِ تفرد مَن بعد عَلْقَمَة؛ وَلذَا قَالَ المُصَنّف:
(كَذَا قَالَ) أَي القَاضِي فِي الْجَواب عَن السُّؤَال الْوَارِد عَلَيْهِ.
(وتُعُقِّب) بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي اعْترض عَلَيْهِ، مِن تَعَقَّبْتُ الرجل [27 - أ] إِذا أَخَذته بذنبٍ صَدَرَ مِنْهُ. وَقيل التعُّقب إبِْطَال الْكَلَام، مِن تَعَقَّب على فلَان إِذا مَشى على ممشاه، وَجعل عَقِبه مَوْضُوع عَقِبه كَأَنَّهُ أخْرَبَ أَثَر مَشْيه فِي طَرِيقه، أَي وأبطل جَوَابه.
(بِأَنَّهُ لَا يلْزم من كَونهم سكتوا عَنهُ أَن يَكُونُوا سَمِعُوهُ من غَيره) وَقد سبق مَا يفِيدهُ.
(وبأنَّ هَذَا لَو سُلِّم فِي تفرُّد عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مُنِع فِي تفرد عَلْقَمَة عَنهُ) يَعْنِي لَو سُلِّم أنّ هَذَا الْجَواب يمْنَع تفرد عمر، لَكِن لَا يمْنَع تفرد عَلْقَمَة. وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن التفرد مَمْنُوع كَمَا يُتَوَهّم من ظَاهر الْعبارَة. وَقَالَ التلميذ: ظَاهر التعقب أَنه على اشْتِرَاط التَّعَدُّد فِي الصَّحَابِيّ. وَظَاهر كَلَام الْحَاكِم، وَابْن الْعَرَبِيّ أَنه لَا يشْتَرط التَّعَدُّد فِي الصَّحَابِيّ، وَإِنَّمَا يشْتَرط فِي مَن بعده. أَقُول: قد خفت الْمُؤْنَة وحَقّتْ المعونة.
(ثمَّ تفرد مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم) أَي ثمَّ منع فِي تفرده. (بِهِ) أَي بِهَذَا الحَدِيث (عَن عَلْقَمَة، ثمَّ تفرد يحيى بن سعيد) أَي منع فِي تفرده. (بِهِ) أَي بِالْحَدِيثِ. (عَن مُحَمَّد) أَي ابْن إِبْرَاهِيم، ثمَّ اشْتهر عَن يحيى / حَتَّى كتبه عَنهُ سبع مئة. (على مَا هُوَ) أَي الْمَنْع الْمَذْكُور، أَو التفرد المسطور بِنَاء على مَا هُوَ (الصَّحِيح الْمَعْرُوف) أَي الْمَشْهُور. (عِنْد الْمُحدثين) وَلَعَلَّه أَرَادَ بِهِ الْجُمْهُور. قَالَ الْحَاكِم: لم يَصح هَذَا الحَدِيث عَن النَّبِي عليه الصلاة والسلام إِلَّا من رِوَايَة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلَا عَن عمر إِلَّا من رِوَايَة عَلْقَمَة، [وَلَا عَن عَلْقَمَة] إِلَّا من رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَلَا عَن مُحَمَّد إِلَّا من رِوَايَة يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَعَن يحيى انْتَشَر.
وروى عَنهُ أَكثر من مئتي إِنْسَان أَكْثَرهم أَئِمَّة. فَلِذَا قَالَ الْأَئِمَّة: لَيْسَ هُوَ
متواتر، وَإِن كَانَ مَشْهُورا عِنْد الْخَاصَّة والعامة، لِأَن فَقَدَ شَرط التَّوَاتُر فِي أَوله كَذَا فِي " شرح مُسلم ". قلت: وَكَذَا فَقَدَ شَرط الْمَشْهُور المصطَلَحِ فِي أَوله كَمَا سبق. قَالَ البِقَاعي فِي " النُكَت الوَفِيّة بِمَا فِي شرح الألفية ": قَوْله: وَتعقب
…
الخ، [27 - ب] غير مُصِيب للمِحَزِّ أَي المِقْطَع من الحَزِّ، وَهُوَ الْقطع.
وَالصَّوَاب فِي تعقبه أَن يُقَال: أَنْت فرضت أَن الْمُعْتَرض أورد عَلَيْك تفرُّد عَلْقَمَة بِهِ عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثمَّ أجبْت بِمَا ظَنَنْت أَنه يَنْفِي تفرُّد عمر بِهِ، فَلَا أَنْت أجبْت عَمَّا أوردهُ السَّائِل، وَلَا أصبت فِيمَا ظَنَنْت، فَإِن سكُوت المُخْبَر عِنْد إِخْبَار مخبِره لَهُ لقَبُول للْخَبَر، لَا لكَونه شَاركهُ فِي رِوَايَته عَمَّن رَوَاهُ عَنهُ. انْتهى. وَقد عرفتَ مَا فِيهِ، ودُفع مَا يُنَافِيهِ.
ثمَّ لما أحسَّ المُصَنّف بِمَا قد يرد عَلَيْهِ من سُؤال مُتَضَمّن لاعتراض بِأَن يُقَال: إنّ الحَدِيث رُوِيَ عَن غير عَلْقَمَة، وَمِنْه غير مُحَمَّد، وَمِنْه غير يحيى، فَلَا يكونُونَ متفردين فَأجَاب / 21 - ب / بقوله:
(وَقد وَردت لَهُم) أَي للمتفردين فِي ذَلِك الحَدِيث. (متابَعَات) بِفَتْح الْمُوَحدَة، وَهِي جمع المتابَعَة، وَيَأْتِي مَعْنَاهَا فِي محلهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (لَا يعْتَبر) أَي الحَدِيث (بهَا) أَي بِتِلْكَ المتابَعات. قَالَ التلميذ: أَفَادَ المُصَنّف فِي تَقْرِيره هَذَا بِأَن هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن المتابعات الَّتِي وَردت لهَذَا الحَدِيث لَا تُخْرِجه
عَن كَونه فَردا. (لِضعْفِهَا، وَكَذَا نُسَلِّم) يحْتَمل أَن يكون من تَتِمَّة كَلَام المتعقب، أَو من زِيَادَة إِفَادَة الْمُؤلف. (جوابَه) أَي جَوَاب القَاضِي. (فِي غير حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) أَي فِي الْأَحَادِيث الَّتِي تفرَّد [بهَا] غير عمر من الصَّحَابَة، وَغير عَلْقَمَة من التَّابِعين وأتباعهم مِمَّا أوردهُ البُخَارِيّ وَغَيره من أَرْبَاب الصِّحَاح.
(قَالَ ابْن رُشَيد:) بِصِيغَة التصغير. (وَلَقَد كَانَ يَكْفِي القَاضِي) مَنْصُوب على أَنه مَفْعُوله. (فِي بطلَان مَا ادّعى، أَنه) أَي عدم التفرد أَو الْعَزِيز وَهُوَ بدل من مَا. (شَرط البُخَارِيّ) أَي كَمَا قيل. (أول حَدِيث) مَرْفُوع على أَنه فَاعل يَكْفِي. (مَذْكُور فِيهِ) أَي فِي البُخَارِيّ يَعْنِي فَإِنَّهُ مَرْوِيّ بالآحاد، وَهُوَ حَدِيث:" الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " فَإِنَّهُ من أَوَائِل حَدِيث البُخَارِيّ وَلَيْسَ المُرَاد [28 - أ] أَنه أول حَقِيقِيّ، فَإِنَّهُ هُوَ حَدِيث بَدْء الْوَحْي. قَالَ البِقاعي: وَكَذَا آخر حَدِيث مَذْكُور فِيهِ وَهُوَ: " كلمتان خفيفتان على اللِّسَان ". فَإِن أَبَا هُرَيْرَة تفرد بِهِ عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] . [وَتفرد بِهِ عَنهُ أَبُو زُرْعَة، وَتفرد بِهِ عَنهُ عُمَارة بن القَعْقَاع] ، وَتفرد بِهِ عَنهُ مُحَمَّد بن الفُضَيل، وَعنهُ انْتَشَر فَرَوَاهُ عَنهُ إشْكَاب، وَغَيره.
(وادَّعى ابْن حِبّان) بِكَسْر الْحَاء، وَتَشْديد الْمُوَحدَة (نقيض دَعْوَاهُ) أَي ضد دَعْوَى القَاضِي (فَقَالَ) أَي ابْن حِبّان:(إِن رِوَايَة اثْنَيْنِ عَن اثْنَيْنِ) أَي وَهَكَذَا (إِلَى أَن يَنْتَهِي) أَي إِسْنَاد الحَدِيث. (لَا تُوجد) أَي تِلْكَ الرِّوَايَة فِي الحَدِيث الصَّحِيح، أَو فِي مُطلق الحَدِيث (أصلا) أَي لَا قَليلَة، وَلَا كَثِيرَة.
(قلت:) قَائِله المُصَنّف (إِن أَرَادَ) أَي ابنُ حِبّان (أَن رِوَايَة اثْنَيْنِ فَقَط عَن اثْنَيْنِ فَقَط لَا تُوجد أصلا، فَيمكن) أَي عقلا، ونقلاً (أنْ يُسَلّم) أَي مَا أَرَادَ بِهِ.
(وَأما صُورَة الْعَزِيز الَّتِي حررناها) أَي ذكرنَا حدّها، وقررناها. (فموجودة بِأَن لَا يرويهِ أقلّ من اثْنَيْنِ) [عَمَّن أقل وَفِي نُسْخَة:] (عَن أقل من اثْنَيْنِ) حقّ الْعبارَة تَأْخِير قَوْله: فموجودة إِلَى هُنَا، وَأما على كَلَامه فتقديره: فَهِيَ مَوْجُودَة، وَهِي جملَة مُعْتَرضَة بَين المبيِّن، والمبين.
(ومثاله:) أَي مِثَال الْعَزِيز على مَا قَرَّرْنَاهُ، أَو مِثَال مَا حررناه. وَالْمرَاد بالمثال الصُّورَة الْجُزْئِيَّة الَّتِي هِيَ فَرد من مَفْهُوم الْقَاعِدَة الْكُلية. (مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) أَي البخاريُّ، وَمُسلم كِلَاهُمَا. (من حَدِيث أَنس وَالْبُخَارِيّ) أَي وَحده / 22 - أ /. (من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" لَا يُؤْمِن أَحَدُكُم ") أَي حَقِيقَة الْإِيمَان، أَو كَمَاله.
(حَتَّى أكونَ أحَبّ إِلَيْهِ من وَالدِهِ وَوَلَدِه ") أَي حبا اختيارياً مُسْتَندا إِلَى الْإِيمَان الحاصلِ من الِاعْتِقَاد، لَا حُبَّاً طبعياً، لِأَن حُبّ الْإِنْسَان نفسَه ووالدَه وولدَه مركوزٌ فِي الطَّبْع خارجٌ عَن حد الِاسْتِطَاعَة. وَالْمعْنَى لَا يصدّق بِي حَتَّى يُفدي فِي طَاعَتي نفسَه، ويُؤثِر على هَوَاهُ رضائي، وَإِن كَانَ [28 - ب] فِيهِ هلاكُهُ (الحَدِيث) بِتَثْلِيث الْمُثَلَّثَة. وَتَمَامه:" والناسِ أَجْمَعِينَ ".
(وَرَوَاهُ) أَي الحَدِيث كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (عَن أنس رضي الله عنه، قتادَة وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيب) بِالتَّصْغِيرِ. (وَرَوَاهُ عَن قَتَادة شُعبة، وَسَعِيد، وَرَوَاهُ عَن عبد الْعَزِيز إِسْمَاعِيل بن عُلَيّة) بِضَم الْعين، وَفتح اللَّام، وَتَشْديد التَّحِيَّة (وعبدُ الوَارِث) .
(وَرَوَاهُ عَن كلٍ) أَي كل من الراويين المذكورَين. (جمَاعَة) أَي أَكثر من اثْنَيْنِ. هَذَا، وَكَأَنَّهُ لم يذكر رُوَاة أبي هُرَيْرَة اكْتِفَاء بِمَا ذكر من رُوَاة أنس، أَو لعدم تعدد رُوَاته فَحِينَئِذٍ يُقَال: إنْ كَانَ الْمُعْتَبر فِي العِزّة اثنينية الصَّحَابِيّ، وَأَن يكون لكل مِنْهُمَا راويان وَهَكَذَا، يَنْبَغِي أَن يبين رَاوِي أبي هُرَيْرَة أيضاُ. وَإِن لم تعْتَبر فَمَا