الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[المُناولة] )
(واشترطوا فِي صِحَة الرِّوَايَة) أَي بطرِيق الأرفعية بِهِ (بالمناوَلَة) لَا يخفى أَن الْمَتْن فِي صِحَة المناولة وَأَن الْبَاء من الشَّرْح مُتَعَلقَة بالرواية، (اقترانها) ، مفعول اشترطوا، أَي اقتران المناولة (بِالْإِذْنِ بالرواية) ، مُتَعَلق بِالْإِذْنِ.
(وَهِي) ، أَي المناولة، (إِذا / حصل هَذَا الشَّرْط) ، أَي الاقتران، (أرفع أَنْوَاع الْإِجَازَة لما فِيهَا) ، أَي فِي المناولة، (من التَّعْيِين) ، أَي تعْيين الْمجَاز (والتشخيص) ، أَي باستحضاره / 125 - أ / المُشَخص.
(وَصورتهَا) ، أَي المناولة، (أَن يدْفع الشَّيْخ أَصله أَو مَا قَامَ مقَامه) ، أَي الْمَنْقُول من أَصله وَهُوَ الْفَرْع المُقَابَل بأَصله الْمُقَابلَة الْمُعْتَبرَة. (للطَّالِب)، مُتَعَلق ب: يدْفع.
(أَو يحضر الطَّالِب أصل الشَّيْخ) ، من الْإِحْضَار، أَي يَأْتِي بِهِ فيعرضه عَلَيْهِ، وَسَماهُ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة عرضا. قَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا عرض المناولة، وَمَا تقدم [180 - أ] عرض الْقِرَاءَة ليتميز أَحدهمَا عَن الآخر، فَإِذا، عرض الطَّالِب الْكتاب على الشَّيْخ تَأمله الشَّيْخ، وَهُوَ عَارِف متيقظ ليعلم صِحَّته، وَعدم الزِّيَادَة فِيهِ، أَو
النَّقْص مِنْهُ أَو يتْرك تَحت يَده فيمرّ عَلَيْهِ بالمقابلة وَنَحْوهَا، إِن لم يكن عَارِفًا متيقظاً، وكل ذَلِك كَمَا صرح بِهِ الْخَطِيب على سَبِيل الْوُجُوب.
(وَيَقُول)، أَي الشَّيْخ (لَهُ) أَي الطَّالِب (فِي الصُّورَتَيْنِ) أَي صُورَتي الدّفع والإحضار:
(هَذِه) ، أَي هَذَا الْكتاب، وأنث لتأنيث الْخَبَر وَهُوَ قَوْله:(روايتي عَن فلَان) ، [أَو سَمَاعي عَن فلَان] ، [فاروه عني] ، أَو أجزت لَك رِوَايَته عني.
(وَشَرطه) بِصِيغَة الْمصدر مَرْفُوع على الابتدائية، وَالضَّمِير إِلَى الأرفع، وَفِي نُسْخَة: شُرِط بِصِيغَة الْمَجْهُول، (أَيْضا) ، [أَي مَعَ مَا تقدم] ، (أَن يُمكنهُ) ، بتَشْديد الْكَاف أَي يَجعله مُتَمَكنًا (مِنْهُ) ، أَي من الأَصْل. وَالْمعْنَى كَمَا يشْتَرط اقترانها بِالْإِذْنِ بالرواية يشْتَرط أَن يُمكن الشيخُ الطَّالِب من أَصله، أَو فَرعه الْقَائِم مقَامه، بِأَن يقدر على الِانْتِفَاع بِهِ.
(إِمَّا بالتمليك) ، وَهُوَ أَعلَى، وَفِي مَعْنَاهُ الوَقف عَلَيْهِ، أَو على الْعَام وَالنَّظَر لَهُ، (أَو بالعارية لينقل مِنْهُ) ، أَي ينسخه مِنْهُ بِنَفسِهِ، أَو بِغَيْرِهِ، (ويقابل عَلَيْهِ) ، أَي مُقَابلَة مُصححة، (وَإِلَّا) ، أَي وَإِن لم يُمكنهُ مِنْهُ بِأَحَدِهِمَا (بِأَن نَاوَلَهُ) وَأَجَازَ لَهُ رِوَايَته (واسترده فِي الْحَال)، فَقَوله: أَن نَاوَلَهُ بدلٌ من إِلَّا، وَكَانَ الظَّاهِر أَن يَقُول: كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ، أَو يَقُول: فَإِن نَاوَلَهُ واسترده فِي الْحَال، (فَلَا تتبين) أَرْفَعِيَّته لعدم احتواء
الطَّالِب عَلَيْهِ وغيبته عَنهُ إِلَّا أَنَّهَا صَحِيحَة.
وَتجوز للطَّالِب رِوَايَته إِذا وَجَدَ ذَلِك الأَصْل، أَو مُقَابَلاً بِهِ، وَغلب على ظَنّه سَلَامَته من تَغْيِير. هَذَا، وَفِي نُسْخَة: وَأما إِن نَاوَلَهُ
…
الخ وَهُوَ ظَاهر، وَإِن شَرْطِيَّة [180 - ب] وَأما ترديد شَارِح بقوله: الظَّاهِر أنَّ إنْ شَرْطِيَّة، فَالصَّوَاب " إِن " بِالْفَاءِ، وَأَيْضًا يلْزم الِاسْتِدْرَاك، وَإِن قرئَ بِالْفَتْح - على أَنَّهَا مَصْدَرِيَّة أَي بِأَن نَاوَلَهُ لم يَتَوجه مَا ذكر إِلَّا أَنه غير ظَاهر، وَالْأولَى بِدُونِ الْفَاء - فَغير ظَاهر، وَالظَّاهِر من كَلَامه أَنه ضبط و " إِمَّا " بِكَسْر الْهمزَة فَوَقع فِيمَا وَقع. وَالله سُبْحَانَهُ أعلم. / 125 - ب /
لَكِن (لَهَا) أَي لهَذِهِ الصُّورَة من صور المناولة (زِيَادَة مَزِنّة) ، بِفَتْح الْمِيم، وَكسر الزَّاي، وَتَشْديد التَّحْتِيَّة أَي مرتبَة من الرجحان (على الْإِجَازَة المُعَينة) ، أَي عِنْد أهل الحَدِيث قَدِيما وحديثاً خلافًا لجَماعَة من الْمُحَقِّقين من الْفُقَهَاء، والأصوليين، فَإِنَّهُم قَالُوا: لَا فَائِدَة فِي هَذِه المناولة وَلَا تَأْثِير لَهَا.
(وَهِي) ، أَي الْإِجَازَة الْمعينَة (أَن يُجِيزهُ / الشَّيْخ بِرِوَايَة كتاب معِين) ، أَي من التصانيف الْمَشْهُورَة، أَو بالأحاديث الْمَعْرُوفَة الْمعينَة المسطورة، وَقَالَ ابْن كثير: إِنَّهَا فِي الْكتاب الشهير كَأَن يَقُول: أجزت لَك رِوَايَة البُخَارِيّ عني.
(ويُعَيِّن) أَي الشَّيْخ (لَهُ) أَي للطَّالِب (كَيْفيَّة رِوَايَته) أَي الشَّيْخ (لَهُ) أَي للْكتاب بِأَن يبين لَهُ أَن رِوَايتي هَذَا الْكتاب عَن الْعَسْقَلَانِي مثلا إجَازَة، أَو سَمَاعا، أَو قِرَاءَة.
قَالَ شَارِح: وَأما مَا فِي نُسْخَة: فَلَا يتَبَيَّن لَهَا زِيَادَة مزية على الْإِجَازَة
الْمعينَة
…
الخ، فمبينة على مَا لِابْنِ الصّلاح وسَبَقه القَاضِي عِيَاض، وَهُوَ أَنه لَا يكَاد يظْهر فِي هَذِه المناولة حُصُول مزية على الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة الْوَاقِعَة فِي كتاب معِين.
وَإِذا خلت المناولة) أَي تجردت (عَن الْإِذْن) أَي بِأَن يناوله الْكتاب وَيَقُول: [هَذَا من] حَدِيثي، أَو من سَمَاعي، وَلَا يَقُول لَهُ: أروِ عني، أَو أجزت لَك رِوَايَته عني وَنَحْو ذَلِك (لم يُعْتَبَرْ) أَي لَا تجوز الرِّوَايَة (بهَا عِنْد الْجُمْهُور) أَي من الْفُقَهَاء، والأصوليين. [181 - أ]
وَطَائِفَة من أهل الْعلم صححوها وأجازوا الرِّوَايَة بهَا، قَالَ ابْن الصّلاح هَذِه إجَازَة مُخْتَلِّة لَا تجوز الرِّوَايَة بهَا، قَالَ: وعابها غير وَاحِد من الْفُقَهَاء والأصوليين على الْمُحدثين الَّذين أجازوها وسوّغوا الرِّوَايَة بهَا.
(وجنَحَ) بِفَتْح جِيم، وَنون مُخَفّفَة، وحاء مُهْملَة، أَي مَال، وَفِي نُسْخَة: وَاحْتج أَي اسْتدلَّ (مَنْ اعتبرها) أَي المناولة الْمُجَرَّدَة، (إِلَى) مُتَعَلق ب: جَنَحَ على الْأَصَح، ومتعلق بمقدر على نُسْخَة: احْتج أَي اسْتدلَّ فِي اعْتِبَاره إِيَّاهَا حَال كَونه منتهياً ومائلاً إِلَى (أنّ مناولته إِيَّاه) أَي مناولة الشَّيْخ الطَّالِب (تقوم مقَام إرْسَاله) أَي تُنَزَّل منزلَة إرْسَاله (إِلَيْهِ بِالْكتاب) أَي كالبخاري أَو أصلٍ من الْأُصُول، أَو حَدِيث من الْأَحَادِيث (من بلد إِلَى بلد) مُتَعَلق ب: إرْسَاله.
وَفِي حَاشِيَة التلميذ: قَالَ المُصَنّف: أَي مَا كتبه الشَّيْخ وأرسله إِلَى الطَّالِب، وَالْمرَاد بِالْكتاب الشَّيْء الْمَكْتُوب وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بِالْكتاب أَي كَمَا سَيَأْتِي.
(وَقد ذهب إِلَى صِحَة الرِّوَايَة بِالْكِتَابَةِ المجَّردة) بِأَن يكْتب إِلَيْهِ وَلَا يَقُول: / 126 - أ / أجزت لَك مَا كتبته لَك، أَو نَحْو ذَلِك، (جمَاعَة من الْأَئِمَّة) بل كثير من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين مِنْهُم: أَيُّوب السِّختياني، وَمَنْصُور، وَاللَّيْث بن سعد، وَغَيرهم وَهُوَ وَالصَّحِيح الْمَشْهُور بَين أهل الحَدِيث.
(وَلَو لم يقْتَرن ذَلِك بِالْإِذْنِ بالرواية) ، لَو وصلية فَلَا يحْتَاج إِلَى الْجَواب، (كَأَنَّهُمْ) ، أَي الْجَمَاعَة (اكتفوا فِي ذَلِك بِالْقَرِينَةِ) ، وَهِي أَنه لَا فَائِدَة فِي إرْسَال الْكتاب سوى الْإِذْن بالرواية، وكما صحت الرِّوَايَة بِالْكِتَابَةِ [الْمُجَرَّدَة] صَحَّ بِهَذَا قَالَ الشَّيْخ:
(وَلم يظْهر [لي] فرق قوي) أَي عَيِّن بَيِّن (بَين مناولة الشَّيْخ الْكتاب [من يَده] للطَّالِب، وَبَين إرْسَاله [إِلَيْهِ] [181 - ب] بِالْكتاب من مَوضِع إِلَى مَوضِع آخر إِذا خلا كل مِنْهُمَا عَن الْإِذْن) أَي لم يتَبَيَّن لي صِحَة الرِّوَايَة فِي أَحدهمَا دون الآخر