المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع من كِتَابه: وَقَالَ لي فلَان، [وزادنا - شرح نخبة الفكر للقاري

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَدْء التصنيف فِي عُلُوم الحَدِيث)

- ‌[الدَّاعِي لتصنيف الْكتاب] )

- ‌علما، وَعَملا، وَقَالا، وَحَالا.(على تَرْتِيب) ، أَي عَجِيب مُتَعَلق بلخصته، وَجُمْلَة سميتها مُعْتَرضَة. (ابتكرته) أَي اخترعته وَلم أسبق بِمثلِهِ. يُقَال: ابتكر الشَّيْء إِذا أَخذ باكورته، وَهِي أَوله. (وسبيل) أَي وعَلى طَرِيق غَرِيب (انتهجته) أَي جعله منهاجا أَي سَبِيلا

- ‌[تَعْرِيف الْخَبَر والْحَدِيث والأثر] )

- ‌[الْخَبَر من حَيْثُ تعدد طرقه وفردها] )

- ‌[المُتَوَاتِر] )

- ‌[الْمُتَوَاتر: لَا يبْحَث عَن رِجَاله] )

- ‌ الْأَحَادِ

- ‌[الْمَشْهُور والمستفيض] )

- ‌[الْعَزِيز] )

- ‌[الْغَرِيب] )

- ‌[تَعْرِيف الْآحَاد وأقسامه] )

- ‌[تَعْرِيف الْمَرْدُود] )

- ‌[أَنْوَاع الْخَبَر المُحْتفِّ بالقرائن] )

- ‌[أَقسَام الْغَرِيب] )

- ‌[الصَّحِيح لذاته] )

- ‌[الصَّحِيح لغيره] )(وَالثَّانِي:) أَي الْمُشْتَمل على الْأَوْسَط، والأدنى(إِن وجد) بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي علم فِيهِ. وَيُمكن أَن يكون بِصِيغَة الْفَاعِل على النِّسْبَة المجازية أَي إِن صَادف. (مَا يجْبر) أَي يُعَوّض (ذَلِك الْقُصُور) أَي عَن مرتبَة العُلوّ (ككثرة الطّرق)

- ‌[الحَسنُ لغيره] )

- ‌[تَعْرِيف العَدل] )

- ‌[تَعْرِيف الضَّبْطِ وتَقْسِيْمُه] )

- ‌[تَعْرِيف المُتَّصِل] )

- ‌[تَعْرِيف المُعَلَّل لُغةً وَاصْطِلَاحا] )

- ‌[تَعْرِيف الشَّاذِّ لُغَة وَاصْطِلَاحا] )

- ‌[أصح الْأَسَانِيد] )

- ‌[مناظرة أبي حنيفَة مَعَ الْأَوْزَاعِيّ] )

- ‌[المفاضلة بَين الصَّحِيحَيْنِ] )

- ‌[شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم] )

- ‌[عدد رجال البُخَارِيّ وَمُسلم الَّذين تُكُلِّم فيهم] )

- ‌[الْأَحَادِيث المنتقدة على البُخَارِيّ أقل عددا ممّا انتقد على مُسلم] )

- ‌[سلسلة الذَّهَب] )

- ‌[الْحسن لذاته] )

- ‌[الْكَلَام حول قَوْلهم: حسن صَحِيح] )

- ‌[زِيَادَة الثِّقَة] )

- ‌[الْمَحْفُوظ والشاذ] )

- ‌(الْمَعْرُوف وَالْمُنكر)

- ‌[المُتَابِع ومراتبه] )

- ‌[الشَّاهِد] )

- ‌ الِاعْتِبَار

- ‌[المُحْكَم] )

- ‌[مُخْتَلِفُ الحَدِيث] )

- ‌[النَّاسِخ والمنسوخ] )

- ‌[أَقسَام الْمَرْدُود] )

- ‌[الحَدِيث الْمُعَلق] )

- ‌[المُرْسَل] )

- ‌[المعضل] )

- ‌[المنُقطع] )

- ‌[المدلس] )

- ‌[المُرسْلُ الخَفِي] )

- ‌[الطعْن وأسبابه] )

- ‌[الْمَوْضُوع] )

- ‌[طرق معرفَة الوضْع] )

- ‌[أَسبَاب الْوَضع] )

- ‌[الْمَتْرُوك] )

- ‌[المُنْكَر] )

- ‌[الْوَهم فِي الْإِسْنَاد والمتن] )

- ‌[المعَلَّل] )

- ‌[المُدْرَجُ وأقسامه] )

- ‌[المقلوب] )

- ‌[المَزيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد] )

- ‌[المُضْطَرِب] )

- ‌[المُصَحَّف والمُحَرَّف] )

- ‌[اخْتِصَار الحَدِيث] )

- ‌[الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى] )

- ‌[غَرِيب الحَدِيث] )

- ‌[الْجَهَالَة وسببها] )

- ‌[الوُحْدَانِ] )

- ‌[المُبهم] )

- ‌[مَجْهُول الْعين] )

- ‌[مَجْهُول الْحَال = المستور] )

- ‌[الْبِدْعَة وَرِوَايَة المبتدعه] )

- ‌[سوء الْحِفْظ] )

- ‌[الشاذ] )

- ‌ الْمُخْتَلط

- ‌[الْحسن لغيره] )

- ‌[تَعْرِيف الْإِسْنَاد والمتن] )

- ‌[الْمَرْفُوع تَصْرِيحًا أَو حكما] )

- ‌[الْمَوْقُوف] )

- ‌ تَعْرِيف الصَّحَابِيّ

- ‌[مُرْسَلُ الصَّحَابي] )

- ‌[مَفْهُوم الصُّحْبَة] )

- ‌[طرق معرفَة الصُّحْبَة] )

- ‌[نِهَايَة زمن الصَّحَابَة] )

- ‌[التَّابِعِيّ] )

- ‌[المُخَضْرمَون] )

- ‌[تَلْخِيص الْمَرْفُوع، وَالْمَوْقُوف، والمقطوع] )

- ‌(فحصلت التَّفْرِقَة فِي الِاصْطِلَاح بَين الْمَقْطُوع، والمنقطع)

- ‌[الْمسند] )

- ‌[العالي] )

- ‌[الْعُلُوّ الْمُطلق] )

- ‌[الْعُلُوّ النسبي] )

- ‌[المُوَافَقَه] )

- ‌[الْبَدَل] )

- ‌[الْمُسَاوَاة] )

- ‌[المُصَافَحَة] )

- ‌[النَّازِل] )

- ‌[رِوَايَة الأقران] )

- ‌[المُدَبَّج] )

- ‌[رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر] )

- ‌[الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء] )

- ‌[السَّابِق واللاحق] )

- ‌[الرِّوَايَة عَن مُتفقي الِاسْم] )

- ‌[إِنْكَار الرَّاوِي لحديثه] )

- ‌[المُسَلْسَل] )

- ‌[صِيغ الْأَدَاء] )

- ‌[طرق التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[المعنعن] )

- ‌[أَحْكَام طرق التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[المُشافَهَة والمُكَاتَبَة] )

- ‌[المُناولة] )

- ‌[الوجَادَة] )

- ‌[الوَصِية بِالْكتاب] )

- ‌[الإعْلام] )

- ‌[الْإِجَازَة العَامة] )

- ‌[الْإِجَازَة للْمَجْهُول] )

- ‌[الْإِجَازَة للمعدوم] )

- ‌[الْمُتَّفق والمفترف] )

- ‌[المُؤْتَلِف والمُخْتَلِف] )

- ‌[المُتَشَابِه] )

- ‌[المُتَشَابِه المَقْلُوب] )

- ‌(خَاتِمَة)

- ‌[طَبَقَات الرُّوَاة] )

- ‌[التَّارِيخ] )

- ‌[أوطان الرُّوَاة] )

- ‌[معرفَة الثِّقَات والضُّعَفَاء] )

- ‌[مَرَاتِب الْجرْح] )

- ‌[مَرَاتِب التَّعْدِيل] )

- ‌[أَحْكَام الْجرْح وَالتَّعْدِيل] )

- ‌[تَقْدِيم الْجرْح على التَّعْدِيل] )

- ‌(فصل)

- ‌[الأسمَاء والكُنَى] )

- ‌[المَنْسُوبُون لغير آبَائِهِم] )

- ‌[نسَبٌ على خلاف ظَاهرهَا] )

- ‌[الثِّقَات والضعفاء] )

- ‌[الأسماءُ المُفْردَة] )

- ‌[الكُنَى والألقاب] )

- ‌[الْأَنْسَاب] )

- ‌[الموَالِي] )

- ‌[الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات] )

- ‌[آدَاب الشَّيْخ والطالب] )

- ‌[سِنُّ التَّحَمُّل وَالْأَدَاء] )

- ‌[كِتَابَة الحَدِيث] )

- ‌[الرَّحْلَة للْحَدِيث] )

- ‌[صفة تصنيف الحَدِيث] )

- ‌[سَبَب وُرُود الحَدِيث] )

الفصل: البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع من كِتَابه: وَقَالَ لي فلَان، [وزادنا

البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع من كِتَابه: وَقَالَ لي فلَان، [وزادنا فلَان] فَوَسَمَ كل ذَلِك بِالتَّعْلِيقِ الْمُتَّصِل من حَيْثُ الظاهرُ الْمُنْفَصِل بِحَسب الْمَعْنى. وَقَالَ: إِذا قَالَ [قَالَ] لي، أَو قَالَ لنا: فَاعْلَم أَنه ذكره للاشتهاد لَا للاحتجاج.

قَالَ: وَكَثِيرًا مَا يعبر المحدثون بِهَذَا اللَّفْظ عَمَّا جرى بَينهم فِي المذاكرات والمناظرات. وَأَحَادِيث المذاكرات قلمّا يحتجون بهَا، ورد ابْن الصّلاح هَذَا القَوْل، من حَيْثُ إِنَّه مُخَالف لما قَالَه أَبُو جَعفر بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي أَنه قَالَ: كلما قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ لي، أَو قَالَ لنا، فَهُوَ عَرْضٌ ومناولة، وَذَلِكَ أَن أَبَا جَعْفَر أقدمُ مِنْهُ وَأعرف بالبخاري، وَفِيه بحث ظَاهر.

( ‌

[المُرْسَل] )

(وَالثَّانِي) أَي من أَقسَام السقط، (وَهُوَ مَا سقط من آخِره) أَي آخر إِسْنَاده (مَن) بِفَتْح الْمِيم، أَي صَحَابِيّ كَائِن، (بعد التَّابِعِيّ) وَإِنَّمَا قيدته بصحابي، فَإِن الحَدِيث الَّذِي حذف مِنْهُ الصَّحَابِيّ (هُوَ المرسَل) وَهُوَ مَأْخُوذ من الْإِرْسَال بِمَعْنى الْإِطْلَاق، وَعدم الْمَنْع كَقَوْلِه تَعَالَى: (إِنَّا أرْسَلْنا الشَّيَاطِين على

ص: 399

الْكَافرين} فَكَأَن المرسِل / 64 - أ / أطلق الْإِسْنَاد وَلم يُقَيِّدهُ براوٍ مَعْرُوف، أَو مِن قَوْلهم: نَاقَة مِرسال، أَي سريعة السّير. كَأَن المُرسل أسْرع فِيهِ، فَحذف بعض إِسْنَاده، أَو من قَوْلهم: جَاءَ الْقَوْم أَرْسَالًا أَي مُتَفَرّقين، لِأَن بعض الإٍ سناد مُنْقَطع من بَقِيَّته.

(وَصورته أَن يَقُول التَّابِعِيّ، سَوَاء كَانَ كَبِيرا) بِأَن لَقِي كثيرا من الصَّحَابَة / وَجَالسهمْ، وَكَانَت جُلّ رِوَايَته عَنْهُم، كقيس بن أبي حَازِم، وَسَعِيد بن الْمسيب، (أم صَغِيرا) وَفِي نُسْخَة: أَو صَغِيرا، بِأَن لم يلق من [88 - ب] الصَّحَابَة إِلَّا الْعدَد الْيَسِير، أَو لَقِي جمَاعَة مَعَ كَون جلّ رِوَايَته عَن التَّابِعين، كيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. ذكره السخاوي.

(قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] كَذَا، أَو فعل كَذَا، أَو فُعِل) بِصِيغَة الْمَجْهُول (بِحَضْرَتِهِ كَذَا، أَو نَحْو ذَلِك) أَي مِمَّا يُضَاف إِلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من الرِّوَايَة، والسماعِ، والحُكْمِ، والجوابِ، والإجابِة، وَالْأَمر، وَالنَّهْي، وغيرِ ذَلِك مِمَّا يَشْمَل الحِلية وَنَحْوهَا. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد، وَقَيده بَعضهم بالكبير. وَقَالُوا: لَا يكون حَدِيث صغَار التَّابِعين مُرْسلا، بل مُنْقَطِعًا، لأَنهم لم يلْقوا مِن الصَّحَابَة إِلَّا الْوَاحِد أَو الِاثْنَيْنِ، فَأكْثر روايتهم عَن التَّابِعين، وَإِلَى هَذَا الِاخْتِلَاف أَشَارَ ابْن الصّلاح بقوله: وَصورته الَّتِي لَا خلاف فِيهَا حَدِيث التَّابِعِيّ الْكَبِير.

ص: 400

وَقَالَ المُصَنّف: لم أر التَّقْيِيد [بالكبير] صَرِيحًا [عَن أحد] ، نعم قيد الشَّافِعِي رضي الله عنه الْمُرْسل الَّذِي يُقبل إِذا اعتضد، بِأَن يكون من رِوَايَة التَّابِعِيّ الْكَبِير، وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن لَا يُسمى مَا رَوَاهُ التَّابِعِيّ الصَّغِير مُرْسلا

وَأطْلقهُ الْفُقَهَاء والأصوليون على قَول مَن دون التَّابِعِيّ، مُنْقَطِعًا كَانَ أَو معضلاً: قَالَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، وَلذَلِك قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي " مُخْتَصره ". الْمُرْسل قَول غير الصَّحَابِيّ: قَالَ رَسُول الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم. انْتهى. [وَإِلَيْهِ] ذهب الْخَطِيب، لَكِن قَالَ: إِن أَكثر مَا يُوصف بِالْإِرْسَال من حَيْثُ الِاسْتِعْمَال رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم.

وَقَالَ الْحَاكِم وَغَيره من الْمُحدثين: الْمُرْسل مُخْتَصّ بالتابعي عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم. وَفِي " الْخُلَاصَة ": التَّحْقِيق أَن الْمُرْسل فِي اصْطِلَاح

ص: 401

الْمُحدثين أَن يتْرك التَّابِعِيّ الْوَاسِطَة بَينه وَبَين رَسُول الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، [فَإِن ترك الرَّاوِي وَاسِطَة بَين الراويين] ، فَهَذَا يُسمى مُنْقَطِعًا، وَإِن ترك أَكثر من وَاحِد، فَهُوَ الْمُسَمّى بالمُعضل عِنْدهم، وَالْكل يُسمى مُرْسلا عِنْد الْفُقَهَاء والأصوليين. وَفِي " الْجَوَاهِر ": وَأما قَول الزُّهْرِيّ وَغَيره [89 - أ] من التَّابِعِيّ الصَّغِير قَالَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، فَالْمَشْهُور عِنْد من خصّه بالتابعي أَنه مرسَل كالتابعي الْكَبِير، وَقيل:[بل] مُنْقَطع. انْتهى.

وَمِنْه يعلم أَن التَّابِعِيّ إِذا لم تكن لَهُ رِوَايَة عَن الصَّحَابَة مُطلقًا وَأرْسل الحَدِيث، فَيَنْبَغِي أَن لَا يكون الْخلاف فِي كَونه مُنْقَطِعًا، كَمَا أَشَارَ / 64 - ب / إِلَيْهِ السَّيِّد جمال الدّين الْمُحدث فِي " حَاشِيَة الْمشكاة " عِنْد قَوْله: وَعَن الْأَعْمَش قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]" آفَة الْعلم النسْيَان " الحَدِيث. رَوَاهُ الدارِمي [مُرْسلا]، حَيْثُ قَالَ: المُرَاد بِالْإِرْسَال هُنَا الْمَعْنى اللّغَوِيّ، وَهُوَ الِانْقِطَاع، لِأَن الْأَعْمَش لم يسمع من أحد من الصَّحَابَة، وَإِن ثَبت سَمَاعه من أنس، فالمرسل بِالْمَعْنَى الاصطلاحي. انْتهى

وتوضيحه: أَن منشأ اخْتلَافهمْ فِي التَّابِعِيّ الصَّغِير، هُوَ أَن رِوَايَته عَن الصَّحَابِيّ قَليلَة نادرة، وَالْحكم إِنَّمَا يكون مَبْنِيا على الْغَالِب، فَإِذا تحقق عدم رِوَايَته عَن الصَّحَابِيّ، فَلَا وَجه للِاخْتِلَاف فِي كَون حَدِيثه مُرْسلا / بل يكون مُنْقَطِعًا قطعا، وَالله أعلم.

ص: 402

(وَإِنَّمَا ذكر) أَي الْمُرْسل، (فِي قسم الْمَرْدُود) مَعَ أَن الْمُعْتَمد عِنْد الْمُحدثين أَنه مَا حُذف مِنْهُ الصَّحَابِيّ وَهُوَ - لَا شكّ - أَنه ثِقَة.

وَلذَا قَالَ جُمْهُور الْعلمَاء: إِن الْمُرْسل حجَّة مُطلقًا بِنَاء على الظَّاهِر من حَاله، وَحسن الظَّن بِهِ أَنه مَا يروي حَدِيثه إِلَّا عَن الصَّحَابِيّ. وَإِنَّمَا حذفه لسَبَب من الْأَسْبَاب، كَمَا إِذا كَانَ يروي ذَلِك الحَدِيث عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، كَمَا ذكر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: إِنَّمَا أطلقته إِذا سمعته من سبعين من الصَّحَابَة، وَكَانَ قد يحذف اسْم عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بالخصوص أَيْضا لخوف الْفِتْنَة

(للْجَهْل بِحَال الْمَحْذُوف) أَي فِي الْجُمْلَة؛ (لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون) أَي الْمَحْذُوف؛ (صحابياً، وَيحْتَمل) أَي احْتِمَالا بَعيدا، وَلذَا مَا اعْتَبرهُ الْجُمْهُور من الْأُصُولِيِّينَ، (أَن يكون تابعياً) بِأَن تَابع مَذْهَب الْفُقَهَاء وَغَيرهم، أَو لعدم تقيدهم بالرواية عَن الصَّحَابَة.

ص: 403

(وعَلى الثَّانِي يحْتَمل أَن يكون ضَعِيفا، وَيحْتَمل أَن يكون ثِقَة)[89 - ب] لعدم تقيدهم بالرواية عَن الثِّقَات. وَأما على الأول: فَثِقَة جزما لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول.

(وعَلى الثَّانِي) أَي على تَقْدِير كَون التَّابِعِيّ ثِقَة، (يحْتَمل أَن يكون حَمَل) أَي أَخذ وَتحمل (عَن صَحَابِيّ، وَيحْتَمل أَن يكون حَمَل عَن تَابِعِيّ آخر) وعَلى الأول أَيْضا يحتملها، لَكِن المُرَاد بَيَان سَبَب ذكره فِي الْمَرْدُود، [وعَلى الأول ظهر الْمَرْدُود بِهِ] فَلَا حَاجَة إِلَى بَيَان الِاحْتِمَالَات فِيهِ.

(وعَلى الثَّانِي) وَهُوَ احْتِمَال كَون الثَّانِي حَامِلا عَن تَابِعِيّ آخر، (فَيَعُود) أَي يرجع (الِاحْتِمَال السَّابِق) وَهُوَ احْتِمَال كَون التَّابِعِيّ ضَعِيفا، أَو ثِقَة. وإلفاء إِمَّا لتقدير [أما] أَو لتوهمها.

(ويتعدد) أَي وَيحْتَمل تعدداً آخر ويرتقي احْتِمَاله، (أما بالتجويز الْعقلِيّ فِي احْتِمَال التَّعَدُّد، فَإلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ) أَي مَعَ قطع النّظر عَن الدَّلِيل النقلي الْخَارِجِي، فَانْدفع مَا قَالَ تِلْمِيذه: محَال عِنْد الْعقل، أَن يجوز بَين التَّابِعِيّ وَالنَّبِيّ [صلى الله عليه وسلم] من لَا يتناهى. كَيفَ وَقد وَقع التناهي فِي الْوُجُود

ص: 404

الْخَارِجِي بِذكر النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] . انْتهى.

وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ الْكَثْرَة وأتى بِمَا لَا نِهَايَة لَهُ مُبَالغَة، إِذْ من الْمَعْلُوم عِنْد الْعُقَلَاء أَن الانتساب إِلَى آدم عليه السلام / 65 - أ / أَمر متناه، فَكيف إِلَى نَبينَا صلى الله عليه وسلم، فمراده أَنه يَتَعَدَّد، أما بالتجويز الْعقلِيّ إِلَى أَتبَاع غير محصورة عِنْدهم، بِقَرِينَة الْمُقَابلَة بقوله:

(وَأما بالاستقراء) أَي بالتتبع الْحَاصِل بِالدَّلِيلِ النقلي

(فَإلَى) أَي فينتهي التَّعَدُّد إِلَى (سِتَّة أَو سَبْعَة) . قَالَ محشٍ: " أَو " للترديد، أَو بِمَعْنى بل، ثمَّ كتب فِي حَاشِيَته أَن " أَو " هَذِه تحتملهما، وحاصلهما: اخْتِيَاره أَن أَو بِمَعْنى [بل] لَكِن نقل التلميذ عَن المُصَنّف أَنه قَالَ: " أَو " هُنَا للشَّكّ لِأَن السَّنَد الَّذِي ورد فِيهِ سَبْعَة أنفس اخْتلفُوا فِي واحدهم هَل هُوَ صَحَابِيّ أَو تَابِعِيّ، فَإِن ثَبت صحبته فَإِن التَّابِعين سِتَّة، وَإِلَّا فسبعة.

(وَهُوَ) أَي هَذَا الْعدَد، (أَكثر مَا وجد من رِوَايَة بعض التَّابِعين، عَن بعض) . وَاعْلَم أَن كَون الْمُرْسل [90 - أ] حَدِيثا ضَعِيفا لَا يحْتَج بِهِ، إِنَّمَا هُوَ اخْتِيَار جمَاعَة من الْمُحدثين، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رضي الله عنه، وَطَائِفَة من الْفُقَهَاء،

ص: 405

وَأَصْحَاب الْأُصُول. وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ، وَأَبُو حنيفَة، وَأَصْحَابه، وَغَيرهم من أَئِمَّة / الْعلمَاء كأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ: أَنه صَحِيح يحْتَج بِهِ، بل حكى ابْن جرير إِجْمَاع التَّابِعين بأسرهم على قبُوله، وَأَنه لم يَأْتِ عَن أحد مِنْهُم إِنْكَاره، وَلَا عَن أحد من الْأَئِمَّة بعدهمْ، إِلَى رَأس المئتين الَّذين هم من الْقُرُون الفاضلة، الْمَشْهُود لَهَا من الشَّارِع صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالخيرية.

وَبَالغ بعض الْقَائِلين بقوله، فقواه على الْمسند مُعَللا: بِأَن من أسْند فقد أحالك، وَمن أرسل فقد تكفل لَك، وَهَذَا إِذا لم يعرف حَاله.

(فإنْ عُرِف من عَادَة التَّابِعِيّ أَنه لَا يُرْسل إِلَّا عَن ثِقَة، فَذهب جُمْهُور الْمُحدثين) أَي على زَعمه، (إِلَى التَّوَقُّف) أَي فِي قبُوله ورده. وَيرد على المُصَنّف أَنه حِينَئِذٍ لَا يَصح جعله قسما من [أَقسَام] الْمَرْدُود الْقطعِي على مَذْهَبهم (لبَقَاء الِاحْتِمَال) إِذْ يجوز أَن يكون ثِقَة عِنْده لَا فِي نفس الْأَمر كَذَا قيل.

ص: 406

وَهُوَ غير صَحِيح؛ إِذْ الْكَلَام مَبْنِيّ على فرض أَنه لَا يُرْسل إِلَّا عَن ثِقَة. وَعلم هَذَا من دأبه بالتتبع فِي نَقله، لَا بِنَاء على قَوْله. فَالصَّوَاب أَن يُقَال: لبَقَاء احْتِمَال أَن يكون هَذَا الْإِرْسَال بِخُصُوصِهِ من غير عَادَته. وَقَالَ شَارِح: إِلَى التَّوَقُّف، وَأَنه لَا يقبل. وَظَاهره منَاف للتوقف إنْ قُرئ بِفَتْح أَنه، وَأما إِذا قرئَ بِكَسْر إِنَّه، فَلهُ وَجه، وَهُوَ: أَن التَّعْلِيل إِنَّمَا هُوَ لعدم الْقبُول المستلزم لعِلَّة عدم الرَّد، وَهُوَ بَقَاء الِاحْتِمَال، إِذْ لَا يَصح الِاسْتِدْلَال مَعَ وجود الِاحْتِمَال نفيا وإثباتاً. (وَهُوَ أحد قولي أَحْمد) أَي غير الْمَشْهُور عَنهُ.

(وَثَانِيهمَا: وَهُوَ قَول المالكيين والكوفيين) فَيرد على المُصَنّف أَنه لَا يَصح جعله قسما من الْمَرْدُود بِنَاء على جَمِيع الْمذَاهب. (يقبل) أَي الْمُرْسل، (مُطلقًا)[90 - ب] .

قَالَ / 65 - ب / تِلْمِيذه: الأولى تَركه، أَو تَأْخِير قَول المالكيين والكوفيين عَن قَول الشَّافِعِي، إِذْ يُوهم الْإِطْلَاق أَنه سَوَاء عُرِفَ من عَادَته مَا ذُكرَ أوْ لَا، فيخالف مَا عِنْد الْكُوفِيّين والمالكيين. انْتهى. وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بقوله: مُطلقًا سَوَاء اعتضد بمجيئه من وَجه آخر، أَو لم يعتضد بمجيئه بِدَلِيل قَوْله:

(وَقَالَ الشَّافِعِي: يقبل) أَي [لَا] مُطلقًا [بل] فِيهِ تَفْصِيل. (إِن اعتضد) على بِنَاء الْمَجْهُول، (بمجيئه من وَجه آخر) أَي إِسْنَاد آخر (يباين) أَي يغاير

ص: 407

(الطَّرِيق الأولى) وَفِي نُسْخَة: الأول لِأَن الطَّرِيق يؤنث وَيذكر (مُسْندًا كَانَ) أَي الثَّانِي، (أَو مُرْسلا) وَسَوَاء كَانَ الثَّانِي صَحِيحا، أَو حسنا، أَو ضَعِيفا، ذكره الشَّيْخ زَكَرِيَّا. (ليترجح احْتِمَال كَون الْمَحْذُوف) أَي فِي الْإِسْنَاد الأول.

(ثِقَة فِي نفس الْأَمر) . وَفِيه بحثان: الأول: إِنَّه إِذا كَانَ الثَّانِي مُرْسلا أَيْضا لَا يظْهر وَجه التَّرْجِيح، إِذْ الضَّعِيف لَا يُقَوي الضَّعِيف، نعم، كَثْرَة الطّرق الضعيفة قد تقويه وتخرجه إِلَى حد الْحسن لغيره.

وَالثَّانِي: أَنه إِذا اعتضد بِمُسْنَد، فَالْمُسْنَدُ هُوَ الْمُعْتَمد، وَلَا حَاجَة إِلَى الْمُرْسل، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال: الْمسند قد يكون ضَعِيفا وَبَان بِهِ قُوَّة السَّاقِط وصلاحيته للاحتجاج، وَقد يُقَال: إنَّهُمَا دليلان إِذْ الْمسند دَلِيل بِرَأْسِهِ، والمرسل يعتضد بِهِ وَيصير دَلِيلا أخر، فيرجح بهما الْخَبَر عِنْد مُعَارضَة خبر لَيْسَ لَهُ طَرِيق سوى مُسْنده /.

(وَنقل أَبُو بكر الرَّازِيّ) صَاحب شرعة الْإِسْلَام (من الْحَنَفِيَّة، وَأَبُو الْوَلِيد

ص: 408