الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وسُمّيت مصافحة لِأَن الْعَادة جرت فِي الْغَالِب) أَي فِي غَالب النَّاس، أَي فِي أَكثر الْبلدَانِ، وَكَأَنَّهُ بِاعْتِبَار سَابق الزَّمَان، (بالمصافحة بَين مَن تلاقيا) بِصِيغَة الْمَاضِي من بَاب التفاعل، وَمن مُفْرد اللَّفْظ جمع الْمَعْنى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{من آمن مِنْهُم} والتثنية فِي معنى الْجمع، وَوَقع فِي نُسْخَة محشٍ بِلَفْظ: تلاقينا بِصِيغَة الْمُضَارع من الملاقاة، قَالَ الْمحشِي الْأَظْهر بَيْننَا وَبَين من يلاقينا أَي من تلميذ النَّسَائِيّ مثلا. انْتهى. وَهُوَ تكلفُّ لفظا، وتعسفٌ معنى، وَالظَّاهِر أَنه تَصْحِيف.
(وَنحن فِي هَذِه الصُّورَة) أَي فِي صُورَة استوائنا مَعَ تلميذ [164 - ب] النَّسَائِيّ (كأنا لَقينَا النَّسَائِيّ) قَالَ محش: أَي تِلْمِيذه. وَالظَّاهِر أَن لَا يحْتَاج لهَذَا الْإِضْمَار، (فَكَأَنَّمَا صافحناه.)
(
[النَّازِل] )
(ويقابل) بِكَسْر الْمُوَحدَة، (الْعُلُوّ) مفعول مقدم، (بأقسامه الْمَذْكُورَة: النُّزُول) قيل: وَهُوَ شُؤْم. وَقَالَ ابْن مَعِين: إِنَّه قَرحَةٌ فِي الْوَجْه.
(فَيكون كل قسم من أَقسَام الْعُلُوّ يُقَابله قسم من أَقسَام النُّزُول) أَي وتفصيلها يُعْلَم من تَفْصِيل أَقسَام الْعُلُوّ، فَإِن الْعُلُوّ الْمُطلق يُقَابله النُّزُول / الْمُطلق لِأَن سَنَده إِن كَانَ ثَلَاثًا كَانَ سندُ النُّزُول الْمُطلق أَرْبعا، وَكَذَا التقابل بَين الْأَقْسَام الْبَاقِيَة. قَالَ محشٍ: لَكِن صرْح ابْن الصّلاح فِي " الْمُقدمَة " بِأَن الْعُلُوّ الْمُقَابل للنزول إِنَّمَا هُوَ الْعُلُوّ النسبي.
وَيُمكن أَن يكون قَول الشَّارِح (خلافًا لمن زعم أَن الْعُلُوّ قد يَقع غير تَابع لنزوله) إِشَارَة إِلَى ذَلِك، فَيكون حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَفْرَاد الرَّاوِي. وَفِي قَوْله: غير تَابع إِشَارَة إِلَى اعْتِبَار معنى التّبعِيَّة فِي أصل المُدَّعى، وَإِلَّا كَانَ الْأَنْسَب أَن يَقُول: غير مُنَاسِب لنزوله، وَالصَّحِيح أَن المُرَاد بالزاعم هُوَ الْحَاكِم كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانه. وَقَالَ التلميذ: وَهُوَ أَي الزاعم [الشَّيْخ] زين الدّين الْعِرَاقِيّ، فَإِنَّهُ نَازع فِي ذَلِك الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الصّلاح ذكره فِي [شرح] الألفية. انْتهى.
وَهُوَ غير صَحِيح، فَإِن مَا ذكره الْعِرَاقِيّ فِي شرح ألفيته مَا نَصه: وَأما أَقسَام [النُّزُول] فَهِيَ خَمْسَة أَيْضا، فَإِن كل قسم / 114 - أ / من أَقسَام الْعُلُوّ ضِدّه قسم من أَقسَام النُّزُول، كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح، وَقَالَ الْحَاكِم فِي عُلُوم الحَدِيث: لَعَلَّ
قَائِلا يَقُول: النُّزُول ضد الْعُلُوّ، فَمن عرف الْعُلُوّ فقد عرف ضِدّه، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن للنزول مَرَاتِب لَا يعرفهَا إِلَّا أهل الصَّنْعَة.
قَالَ ابْن الصّلاح: [165 - أ] هَذَا لَيْسَ نفيا لكَون النُّزُول ضد الْعُلُوّ على الْوَجْه الَّذِي ذكرته بل نفيا لكَونه يعرف بِمَعْرِِفَة الْعُلُوّ، قَالَ: وَذَلِكَ يَلِيق بِمَا ذكره هُوَ فِي معرفَة الْعُلُوّ، فَإِنَّهُ قصر فِي بَيَانه وتفصيله، وَلَيْسَ كَذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ، فَإِنَّهُ مفصل تَفْصِيلًا مُفْهِمَاً لمراتب النُّزُول.
قَالَ الْعِرَاقِيّ: ثمَّ إِن النُّزُول حَيْثُ ذمَة ذام، فَهُوَ مَحْمُول على مَا إِذا لم يكن مَعَ النُّزُول مَا يجْبرهُ، كزيادة الثِّقَة فِي رِجَاله على العالي، أَو كَونهم أحفظ، أَو أفقه، أَو كَونه مُتَّصِلا بِالسَّمَاعِ، وَفِي العالي حُضُور، أَو إجَازَة، أَو مناولة وَنَحْو ذَلِك، فَإِن الْعُدُول حِينَئِذٍ إِلَى النُّزُول لَيْسَ بمذموم وَلَا مفضول.
روينَا عَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: لَيْسَ جودة الحَدِيث [قرب الْإِسْنَاد، بل جودة الحَدِيث] صِحَة الرِّجَال. وروينا عَن السِّلَفي قَالَ: الأَصْل الْأَخْذ عَن الْعلمَاء، فنزولهم أولى من الْعُلُوّ بِالْأَخْذِ عَن الجهلة على مَذْهَب الْمُحَقِّقين من النقلَة، والنازل حِينَئِذٍ هُوَ العالي فِي الْمَعْنى عِنْد النّظر وَالتَّحْقِيق. كَمَا روينَا عَن نظام الْملك قَالَ: عِنْدِي أَن الحَدِيث العالي مَا صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن بلغت رُوَاته مئة.
قَالَ ابْن الصّلاح: هَذَا لَيْسَ من قبيل الْعُلُوّ الْمُتَعَارف عِنْد إِطْلَاقه بَين أهل الحَدِيث، وَإِنَّمَا هُوَ علو من حَيْثُ الْمَعْنى فَحسب. انْتهى كَلَامه. قَالَ
السخاوي: وَأنزل مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا وقفت عَلَيْهِ مَا بَينهمَا وَبَين النَّبِي عليه الصلاة والسلام فِيهِ ثَمَانِيَة. وَذَلِكَ فِي غير مَا حَدِيث كَحَدِيث [تَوْبَة] كَعْب فِي تَفْسِير بَرَاءَة، وَحَدِيث [بَعْث] أبي بكر لأبي هُرَيْرَة فِي الْحَج فِي بَرَاءَة أَيْضا، وَحَدِيث: " مَن أعتق رَقَبَة فِي الْكَفَّارَات
…
" تلو الْأَيْمَان وَالنُّذُور فِي بَاب قَول الله عز وجل: {أَو تَحْرِير رَقَبَة} وَحَدِيث: " أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، طرق عليا وَفَاطِمَة
…
" فِي الْمَشِيئَة والإرادة من [165 - ب] التَّوْحِيد، وأربعتها فِي البُخَارِيّ، وَحَدِيث النُّعْمَان: " الحَلال بَيِّن
…
"، وَحَدِيث عَدِيّ بن كَعْب " لَا يَحْنَكِرُ إِلَّا خاطئ
…
" وهما فِي مُسلم، بل فيهمَا / التساعيات. انْتهى. وَهَذَا يُؤَيّد من قَالَ: إِن الِاعْتِبَار بالعلو الْمَعْنَوِيّ، وَهُوَ قُوَّة الرَّاوِي، وَلِهَذَا يقدم حَدِيث الشَّيْخَيْنِ بل أَحدهمَا مُطلقًا على حَدِيث الْمُوَطَّأ، مَعَ أَن أَحَادِيثه ثنائيات / 115 - أ / وثلاثيات.