المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فروق كتاب الطهارة - عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق

[الونشريسي]

فهرس الكتاب

- ‌تَمْهيد

- ‌رموز استعملتها أثناء الدراسة والتحقيق:

- ‌المقَدِّمَة

- ‌الحالة السياسية في المغربين الأوسط والأقصى (الجزائر والمغرب):

- ‌رحلته إلى فاس وسببها:

- ‌الحالة السياسية بالمغرب الأقصى:

- ‌الحالة الاجتماعية والثقافية في تلمسان وفاس في عصر المؤلف وما قاربه:

- ‌أولًا- تلمسان:

- ‌ثانيًا- في فاس:

- ‌الفصْل الأوّلفي بيان نسبه ونشأته:

- ‌اسمه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته وتعليمه:

- ‌عودة إلى الكلام عن أبي العباس:

- ‌صفاته الخُلُقية والجسمية:

- ‌الفصْل الثانيشيوخه:

- ‌الفصْل الثالثمكَانته العِلميّة وتلَاميذه:

- ‌تلاميذه

- ‌وفاته:

- ‌الفصْل الرابعآثاره:

- ‌ أشهر كتبه:

- ‌خَاتِمَة في الكلَام عَن كتاب عدة البروق

- ‌1 - نسبته للمؤلف:

- ‌2 - عنوانه:

- ‌3 - تاريخ تأليفه:

- ‌4 - الغرض من تأليفه:

- ‌5 - ملاحظات على الكتاب:

- ‌6 - قيمة الكتاب العلمية:

- ‌7 - مصادره:

- ‌8 - نسخ الكتاب:

- ‌9 - ملاحظات عامة على كتابة هذه النسخ الخطية كلها:

- ‌10 - عملي في التحقيق:

- ‌فروق كتاب الطهارة

- ‌فروق كتاب الصلاة

- ‌فروق كتاب الزكاة

- ‌فروق كتاب الصيام

- ‌فروق كتاب الاعتكاف

- ‌فروق كتاب الحج

- ‌فروق كتاب الصيد والذبائح والضحايا

- ‌فروق كتاب الأيمان

- ‌فروق كتاب النذور

- ‌فروق كتاب الجهاد

- ‌فروق كتاب النِّكَاح

- ‌فروق كتاب الخلع

- ‌فروق كتاب الطلاق

- ‌فروق كتاب التخيير والتمليك

- ‌فروق كتاب الرجعة

- ‌فروق كتاب الإِيلاء

- ‌فروق كتاب الظهار

- ‌فروق كتاب اللعان

- ‌فروق كتاب العدّة

- ‌فروق كتاب الرضاع والنفقات والحضانة

- ‌فروق كتاب العتق

- ‌فروق كتاب المدبر

- ‌فروق كتاب المكاتب

- ‌فروق كتاب الولاء

- ‌فروق كتاب أمهات الأولاد

- ‌فروق كتاب الصرف

- ‌فروق كتاب السلم

- ‌فروق كتاب البيوع

- ‌فروق كتاب بيع الخيار

- ‌فروق كتاب التدليس بالعيوب

- ‌فروق كتاب الصلح

- ‌فروق كتاب الأقضية

- ‌فروق كتاب الشهادات والدعاوي

- ‌فروق كتاب الوكالات

- ‌فروق كتاب الشركة

- ‌فروق كتاب الجعل والإِجارة

- ‌فروق كتاب الحجر والتفليس

- ‌فروق كتاب الحمالة

- ‌فروق كتاب الحوالة

- ‌فروق كتاب الرهون

- ‌فروق كتاب الغصب

- ‌فروق كتاب الاستحقاق

- ‌فروق كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فروق كتاب الوصايا

- ‌فروق كتاب العطايا

- ‌فروق كتاب الوديعة

- ‌فروق كتاب اللقطة

- ‌فروق كتاب الحدود (في الزنى)

- ‌فروق كتاب القطع في السرقة

- ‌فروق كتاب القذف

- ‌فروق كتاب الجنايات

- ‌فروق كتاب الجراحات [والديات]

- ‌المصادر والمراجع

- ‌القرآن والتفسير

- ‌الحديث

- ‌الفقه وأصوله

- ‌التاريخ والتراجم والسير

- ‌اللغة

- ‌المجلات

- ‌مراجع بلغة أجنبية

الفصل: ‌فروق كتاب الطهارة

‌فروق كتاب الطهارة

1 -

وإنما يكره أن يتوضأ بماء قد توضئ به مرة (1)، ولا يكره أن يتيمم بتراب قد تيمم به؛ لأن الماء لا بد أن يتعلق (2) به أوساخ، ولا كذلك التراب. قاله عبد الحق (3) وابن رشد (4).

(1) انظر المدونة 1/ 4.

(2)

(أ): تتعلق.

(3)

انظر النكت والفروق لمسائل المدونة ورقة 2؛ 3 مخطوط بالخزانة الملكية بالرباط تحت رقم 261، لأبي محمد عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القرشي، من أهل صقلية، تفقه بشيوخ القيروان، كأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي وعبد الله بن الأجدابي، وشيوخ صقلية كأبي بكر بن العباس، وتفقه مع التونسي والسيوري، وحج فلقي القاضي عبد الوهاب وأبا ذر الهروي، وحج أخرى بعد أن كبر وبعد صيته فلقي بمكة سنة 450 هـ إمام الحرمين أبا المعالي فباحثه وسأله عن أشياء مشهورة ببن الناس، نقلها الونشريسي في معياره. من تأليفه كتاب النكت والفروق لمسائل المدونة، وهو كتاب مفيد، وكتابه المسمى بتهذيب الطالب، وله استدراكات على مختصر البرادعي، وله عقيدة رويت عنه، وله جزء في بسط ألفاظ المدونة. توفي بالاسكندرية سنة 466 هـ.

ممن ترجم له:

ابن فرحون في الديباج المذهب (دار الكتب العلمية بدون تاريخ بيروت) ص 174، ومحمد بن مخلوف في شجرة النور الزكية (طبعة مصورة عن الطبعة الأولى 1349 هـ) دار الكتاب العربي بدون تاريخ بيروت) ص 116.

الحجوي: الفكر السامي 2/ 214 المكتبة العلمية المدينة المنورة 1397 هـ- 1977 م.

(4)

أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المالكي القرطبي، زعيم فقهاء وقته بالأندلس، كانت الدراية أغلب عليه من الرواية، روي عن أبي جعفر أحمد بن رزق وعن أبي مروان بن سراج وأبي عبد الله ابن خيرة وأبي علي الغساني وغيرهم، وعنه أخذ ابنه أحمد والقاضي عياض وأبو بكر الإشبيلي وغيرهم. له تآليف كثيرة منها البيان والتحصيل وكتاب المقدمات واختصر بعض الأمهات. توفي سنة 520 هـ.=

ص: 81

2 -

وإنما لا يطهر ناب الفيل بالصلق (1) على المشهور، ويطهر جلد الميتة بالدباغ (2)؛ لأن تأثير الدبغ (3) في الجلد أقوى من تأثير الصلق في ناب الفيل.

3 -

وإنما أثر القليل من النجاسة في الكثير من الطعام، ولم يؤثر في الكثير من الماء؛ لأن الماء له مزية التطهير، أي أنه يطهر غيره بخلاف سائر المائعات.

4 -

وإنما استحب مالك للمرضع أن تتخذ ثوبًا للصلاة (4)، ولم يستحب لذي الدمل والجرح؛ لأن سبب عذر الأول منفصل عنه (5)، وسبب عذر الثاني متصل به (6).

5 -

وإنما يستحب غسل الخارج من الجرح والدمل إذا تفاحش ويجب (7) غسل ما تفاحش من دم البراغيث (8)، لأن ملازمة الدمل والخارج [منها](9) أكثر، لأنه لا يختص بزمن (10) النوم دون اليقظة، ولا بزمن (10) اليقظة دون النوم، فكان غسله لذلك أشق (11).

6 -

وإنما يعفى عما يصيب الخف والنعل من أرواث الدواب وأبوالها (12)، ولا يعفى

= ممن ترجم له: -

ابن فرحون: الديباج ص 278، 279، أبو الحسن النباهي: المرقبة العليا ص 98، 99، محمد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 129.

(1)

كذا في جميع النسخ بالصاد والمعروف في اللغة السلق بالسين: الطبخ بالماء الحار انظر القاموس والمصباح (سلق).

(2)

هذا على غير مشهور المذهب بالنسبة لجلد الميتة ولو أن ذلك رأى جمهور العلماء، انظر المواق 1/ 101 عند قول خليل (وجلد ولو دبغ) وانظر المدونة 1/ 91. أما بالنسبة لناب الفيل فإِن ذلك هو المشهور. ويرى ابن الماجشون جواز بيعه انظر مختصر ابن عرفة جـ 1، ورقة 2 (و)، مخطوط بدار الكتب الوطنية رقم 10846 بتونس.

(3)

(ب) الدباغ.

(4)

المدونة 1/ 27.

(5)

في الأصل، (ب): به.

(6)

في الأصل، (ب)، (أ): منفصل عنه.

(7)

(أ): ويستحب.

(8)

المدونة 1/ 19، 23 وانظر مختصر ابن عرفة جـ 1، ورقة 4 (ظ).

(9)

ساقطة من (أ).

(10)

(ح) و (أ): بزمان.

(11)

(ب) أشد.

(12)

المدونة 1/ 20، 21.

ص: 82

عما يصيبهما من غيرهما كالدم والعذرة؛ لأن الطرقات لا تسلم -في الأغلب- من أرواث الدواب وأبوالها، فخفف ذلك للضرورة، والدم والعذرة لا يصيبان الطرقات إلا نادرًا؛ إذ ليس شأن الناس أن يطرحوا ذلك فيها، وأيضًا نجاسة الدم [والعذرة](1) متفق عليها، وأرواث الدواب وأبوالها مختلف فيها فكانت أخف (2).

تنبيه: قيد سحنون (3) العفو بالمواضع التي تكثر فيها الدواب، وأما ما لا تكثر فيه الدواب فلا يعفى عنه. وظن بعض جهلة الطلبة أن تقييد سحنون لا يحتاج إليه؛ لأنه عين (4) ما علل به مالك من مشقة التحرز منها، وليس كما ظن؛ إذ لا يلزم من عسر التحرز منها في الطرقات وجود كثرة الدواب في محلها، والله تعالى أعلم.

7 -

وإنما قال ابن حبيب (5) بالعفو عن الخف دون النعل؛ لأن المشقة في الخف أشد منها في النعل من جهة نزعه وإفساده، وهي في النعل أشد منها في الرِّجل.

8 -

وإنما قال ابن وهب (6) ورواه عن مالك: ينضح بول الغلام ويغسل بول

(1) ساقطة من (ح).

(2)

هذا التفريق لعبد الحق انظر النكت ص 7.

(3)

أبو سعيد عبد السلام سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي القيرواني. ولد سنة 160 هـ أو 161 هـ أصله من تنوخ. أخذ العلم بالقيروان عن مشائخها كأبي خارجة وعلي بن زياد وابن غانم وابن أشرس وغيرهم. ثم رحل إلى مصر فسمع من ابن القاسم وقرأ عليه المدونة وأعاد ترتيبها وسمع كذلك ابن وهب وأشهب وغيرهم. تولى القضاء بالقيروان، من تآليفه المدونة المذكورة والمشهورة لدى الفقهاء توفي سنة 240 هـ.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج 160، 161.

محمد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 69، 70. بروكلمان تاريخ الأدب العربي 3/ 280 / 284.

(4)

في (أ) و (ب) غير.

(5)

أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون السلمي. أصله من طليطلة، روى بالأندلس عن صعصعة بن سلام والغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن، ثم رحل فسمع من ابن الماجشون ومطرف وإبراهيم بن المنذر الخزامي وغيرهم. ومنه ابناه وتقي الدين بن مخلد وابن وضاح وغيرهم. من تآليفه: الواضحة والجامع وفضائل الصحابة وغيرها. توفي سنة 238 هـ وقيل سنة 239 هـ.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج 154، محمد بن مخلوف شجرة النور: 1/ 74، 75.

(6)

أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، مولاهم الإِمام، الجامع بين الفقه والحديث. روى عن =

ص: 83

الجارية (1)؛ لأن الصبي خلق من تراب فإِذا مسه الماء طابت رائحته والمرأة [خلقت](2) من ضلع، فإِذا (3) مسه الماء زاد نتنًا.

تنبيه: قال ابن بشير (4): وتفرقة ابن وهب بأن الذكر خلق من تراب والأنثى من ضلع ليس بشيء؛ لأن المخلوق من تراب ومن ضلع [هو](5) آدم وحواء، وأما من بعدهما فهو مخلوق من نطفة ومتغذ في الرحم بدم الحيض، فلا يقال فيه يرجع إلى الأصل.

9 -

وإنما قال مالك في الإِناء يلغ فيه الكلب، إن كان يغسل سبعًا، ففي الماء (وحده)(6) دون الطعام (7)، مع أن الحديث (8) ليس فيه تخصيص الماء من غيره؛ لأن أواني الماء هي التي يجدها الكلاب غالبًا ويبتذلها الناس، ولا تكاد (9) تصان (10)، وأما أواني الطعام فشأن الناس التحفظ عليها، وهي المصونة عن

= خلق لا يحصى، منهم الليث وابن أبي ذئب والسفيانان، ومالك، وصحبه عشرين عامًا. من تأليفه سماعه لمالك وموطأهُ الكبير والصغير وجامعه الكبير وغيرها. روى عنه سحنون وابن عبد الحكم وأصبغ وغيرهم. خرج له البخاري. توفي سنة 197 هـ. وكان مولده سنة 125.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج 132، 133، محمد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 58، 59.

(1)

في المدونة قال مالك في الجارية والغلام بولهما سواء 1/ 27.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في سائر النسخ: وإذا.

(4)

أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي كان من العلماء المبرزين في المذهب. تفقه على أبي الحسن اللخمي الذي كانت تربطه به قرابة، وتعقبه في كثير من مسائله في التبصرة، وقد أخذ عن الإِمام السيوري. ومن تآليفه كتاب التنبيه، وكتاب جامع الأمهات، والتذهيب على التهذيب، وكتاب المختصر، ذكر فيه أنه أكمله سنة 526. ذكر أنه قتل شهيدًا، قتله قطاع الطريق في عقبة، وقبره معروف بها. قال صاحب الديباج: إنه لم يقف على تاريخ وفاته.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج: ص 87، محمد بن محمد بن مخلوف: شجرة النور الزكية: جـ 1/ 126.

(5)

الزيادة من (ح).

(6)

ساقط من الأصل.

(7)

المدونة 1/ 5.

(8)

يعني قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا" متفق عليه انظر فتح الباري 1/ 239، 248 والنووي على مسلم جـ 3/ 182، 183.

(9)

(أ) يكاد، وكذلك (ح) مصوبة في الهامش.

(10)

في (أ): يصان.

ص: 84

الكلاب في الأغلب، فحمل [مالك](1) الحديث على ما تجده الكلاب في الأغلب (2). وأيضًا الماء لما كان يطرح غسل الإِناء منه سبعًا، ولما كان الطعام يؤكل ولا يطرح لم يغسل [الإِناء](3) منه سبعًا.

تنبيه: لم يرتض عبد الحق وغيره هذا الفرق (4) من أجل أن (5) غسل الإِناء سبعًا في الأصل إنما هو عبادة لا للنجاسة (6)، فلا فرق في هذه العبادة بين طرح ما في الإِناء وتركه.

10 -

وإنما قال مالك فيمن صلى بثوب نجس أوعلى مكان نجس أنه يعيد في الوقت (7)، والوقت في الظهر والعصر إلى الاصفرار، وفي المغرب والعشاء الليل كله؛ لأن النهي [قد](8) ورد عن إيقاع النافلة بعد الاصفرار، فإِعادة الصلاة فيه يجري مجرى (9) النافلة، بخلاف الليل، فإِنه لم يرد فيه نهي، فيعيد الصلاة في جميعه إلى طلوع الفجر.

تنبيه: لم يرتض الشيخ أبو الحسن اللخمي (10) رحمه الله هذا الفرق وقال: لا يتم، لأن الإِعادة بنية الفرض لا بنية النفل.

(1) الزيادة من (ح).

(2)

هذا الفرق لعبد الحق في النكت ص 3.

(3)

الزيادة من (أ).

(4)

الذي لم يرتضه عبد الحق هو التفريق الأخير من قول المصنف وأيضًا؛ إذ التفريق الأول له. انظر النكت ص 3.

(5)

في (ح) من أجل من.

(6)

(أ) و (ب): النجاسة.

(7)

المدونة 1/ 38.

(8)

ساقطة من (ح).

(9)

(ب) تجري مجرى.

(10)

أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي، قيرواني نزل صفاقس. تفقه بابن محرز والسيوري والتونسي وابن بنت خلدون وغيرهم، وبه تفقه جماعة، منهم الإِمام المازري وأبو الفضل ابن النحوي وابن منور وابن الضابط. له تعليق على المدونة سماه التبصرة مشهور معتمد في المذهب. توفي سنة 478 هـ بصفاقس، وقبره معروف بها.

ممن ترجم له: ابن فرحون الديباج ص 203، محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور الزكية جـ 1/ 117.

ص: 85

11 -

وإنما قال مالك إذا لم يتميز موضع النجاسة من الثوب يغسل جميعه، وقال إذا اختلط ثوب نجس وطاهر، ولم يتميز الطاهر منهما، يتحرى واحدًا؛ لأن الأصل في كل واحد من الثوبين على انفراده الطهارة، فيستند اجتهاده إلى أصل، وليس كذلك في الثوب الواحد؛ لأن [حكم](1) الأصل قد بطل منه لتحقق حصول النجاسة فيه فيجب غسله. قاله الأشياخ، ولا يخفى ما فيه.

12 -

وإنما قال مالك إذا صلى بثوب نجس ثم (2) وجد غيره أو ما يغسله به يعيد في الوقت، وإذا طاف وفي ثوبه نجاسة في الطواف الواجب أنه لا يعيده (3)؛ لأن الطواف ليس له وقت محدود فأشبه الصلاة الفائتة. قاله ابن رشد.

13 -

وإنما تجوز بالظهر إلى وقت الضرورة، وجعل المكلف إذا صلاها بثوب نجس أو بدن نجس أو على مكان نجس يعيدها إلى الاصفرار، ولم يجعل ذلك في العصر، بل اقتصر فيه على وقت الاختيار؛ لأن الإِعادة في الوقت إنما هي استحباب فأشبهت النفل، فكما أن النفل لا يوقع في [هذا](4) الوقت، كذلك ما أشبهه. فإِن قلت النفل إنما يمنع [من](4) يعد صلاة العصر، لامن الاصفرار، قيل ذلك مسلم ولكن يتأكد المنع بعد الاصفرار ما لا يتأكد قبله وبعد العصر.

14 -

وإنما جاز تفريق النية على الأعضاء عند بعض أصحابنا (5)، ولا يجوز تفريقها على [عدد](6) ركعات الصلاة وأركانها، مع أن كلاهما (7) عبادة تبطل

(1) ساقطة من (أ).

(2)

في (ح) ووجد.

(3)

انظر المدونة 1/ 38، 39.

(4)

الزيادة من (ح).

(5)

راجع إيضاح المسالك ص 180 - 184. ونقل ابن عرفة كلام ابن بشير في هذه المسألة وعلق عليه ونصه: "ابن بشير وفي صحتها مفرقة على الأعضاء قولان، على طهر كل عضو بانفراده أو بالكل، وخرجها عز الدين على تعدد فعلات الوضوء واتحادهما. قلت: يريد نفي شرطية اعتبار هيئة الاجتماع ولزومها، ولذا منع تفريقها على ركعات الفرض للإجماع على اعتبارها فيها". مختصر ابن عرفة جـ 1 ورقة 10 (وجه).

(6)

ساقطة من (ح).

(7)

في جميع النسخ كلاهما، والصحيح كليهما. وفي هامش (ح) كلًّا منهما أو كليهما.

ص: 86

بالحدث؛ لأن الوضوء يجوز أن يتخلله ما ليس من جنسه، ولا يفسده التفريق اليسير، [فجاز تفريق النية على أركانه (1)، ولا كذلك الصلاة فإِنه لا يجوز أن يتخللها ما ليس من جنسها، ولا يجوز فيها التفريق اليسير](2)، فلا يجوز تفريق النية على أركانها وفيه نظر.

15 -

وإنما قال سحنون في الجنب تحيض والحائض تجنب فتنوي (3) الحيض أنه يجزيها وإذا نوت الجنابة لم يجزها؛ لأن (4) الحيض آكد، إذ موانعه أكثر؛ لأنه يمنع الوطء والصلاة والصوم ووجوب الصلاة، فكان حكمه أشد وأغلظ من حكم الجنابة، فإِذا اغتسلت له أجزاها عن الجنابة، بخلاف العكس (5).

تنبيه: خرج الباجي (6) نفي التأكيد بقراءة الحائض.

16 -

وإنما يجبر المسلم زوجته (7) الكتابية على الغسل من الحيض، ولا يجبرها على الغسل من الجنابة؛ لأن المسلم لا يجوز له وطء زوجته حتى تغتسل من الحيض، فلما كان الحيض مانعًا من الوطء، كان له إجبارها على

(1)(أ) أركانها.

(2)

الزيادة من (أ).

(3)

في (أ) فتقوى.

(4)

(ب) كان.

(5)

انظر المقدمات 1/ 60 والمواق والحطاب 1/ 374.

(6)

أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث الباجي، أصلهم من بطليوس، ثم انتقلوا إلى باجة الأندلس، أخذ عن أبي الأصبغ ومحمد بن إسماعيل وأبي محمد مكي وغيرهم. رحل إلى الشرق سنة 426 هـ فبقي يتجول في بلاد الشرق (13) سنة. سمع من المطوعي وأبي بكر سحنويه وابن محرز وابن محمد الوراق. ودرس في بغداد فترة. سمع من الفقهاء في بغداد كأبي الفضل بن عروس، ثم رجع إلى الأندلس. تفقه به خلق كثير من أجلة العلماء، منهم أبو بكر الطرطوشي وأبو عبد الله الحميدي وأبو علي الجياني، سمع منه حافظا المشرق والمغرب: الخطيب البغدادي وابن عبد البر، وجرى بينه وبين ابن حزم الظاهري مناظرت. من تآليفه التسديد إلى معرفة التوحيد، وسنن المنهاج، وأحكام الفصول في أحكام الأصول والاستيفاء شرح به الموطأ، والمنتقى كذلك في شرح الموطأ، وهو انتقاء لكتابه الأول، وكتاب الإِشارات في أصول الفقه. توفي سنة 474 هـ. ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج ص 120 - محمد بن مخلوف: شجرة النور الزكية جـ 1/ 120 - 121 أبو الحسن النباهي: المرقبة العليا (دار الآفاق الجديد بيروت 1400 هـ 1980 م ص 95)، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 408 - 409.

(7)

(ح) زوجه.

ص: 87

الغسل ليستوفي حقه في (1) الوطء، بخلاف الجنابة، فإِنها غير مانعة من الوطء، فلم يكن له إجبارها عليه (2).

17 -

وإنما قال مالك يكرر الغسل، ولا يكرر المسح، مع أن الجميع طهارة؛ لأن الغسل موضوع على التثقيل فدخله التكرار؛ لأنه لا يخرجه عن موضوعه، والمسح موضوع على التخفيف فلم يدخله التكرار؛ لأنه يخرجه عن موضوعه.

18 -

وإنما لم يجز المسح على العمامة والخمار، ويجوز على الخفين (3)؛ لأن المشقة في نزع الخف عند إرادة الوضوء لاحقة، ولا تلحق في مسح الرأس.

تنبيه: خالف أبو حنيفة فقال: يجوز المسح على العمامة (4)، وحجته وجهان، الأول ما روي "أن (5) النبي صلى الله عليه وسلم مسح ناصيته وعلى العمامة"(6)، وذلك عندنا محمول على أنه فعله لعذر للدلائل الدالة على وجوب التعميم وهذا الحديث حجة لنا على التعميم إذ لولا التعميم لاقتصر على مسح الناصية، والآخر أن العمامة حائل بينه وبين الرأس، فجاز المسح [عليها قياسًا](7) على الشعر.

قال ابن راشد (8): وهذا سمعته من بعض المدرسين بالمدرسة الظاهرية،

(1)(ح) من.

(2)

انظر المدونة 1/ 37.

(3)

المدونة 1/ 16.

(4)

انظر هذا مع قول الكاساني: ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة. بدائع الصنائع 1/ 5.

(5)

(ب) عن.

(6)

متفق عليه انظر فتح الباري 1/ 266 والنووي على مسلم 3/ 172.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القفصي. أخذ عن أئمة المشرق والمغرب. رحل إلى الإسكندرية فلقي قاضي القضاة ناصر الدين بن المنير، والكمال بن التنسي، وناصر الدين بن الأبياري، ومحيي الدين حافي رأسه، والقرافي، وابن دقيق العيد، وغيرهم. حج سنة 680 هـ ثم رجع بعلم جم، وتولى قضاء قفصه. أخذ عنه جماعة منهم: ابن مرزوق الجد والشيخ عفيف الدين المصري. له تآليف كثيرة، منها تلخيص المحصول في علم الأصول، واللباب في الفقه، والفائق في معرفة الأحكام والوثائق، والمذهب في ضبط مسائل المذهب، والنظم البديع في اختصار التفريع والشهاب الثاقب شرح ابن الحاجب. قال صاحب الديباج: إنه لم يقف على وفاته إلا أنه كان حيًّا عند وصول أبي الحسن المريني، وقد أورد ذلك صاحب نبل الابتهاج قائلًا إن أبا الحسن هذا دخل تونس =

ص: 88

فقلت له مولانا الواجب: إنما هو مسح البشرة فلمَّا تعذرت البشرة انتقل الحكم للشعر، والقاعدة الأصولية أن الحقيقة إذا تعذرت وكان لها مجاز واحد تعين الحمل عليه، وإن كان لها مجازان أحدهما أقرب حمل على الأقرب أوإذا حمل على الأقرب، (1)، لم يحمل على الأبعد والعمامة والشعر (2) حائلان بيننا وبين (3) البشرة، لكن المراد الشعر، لأنه مجاز أقرب فيتعين (4) الحمل عليه، وإذا تعين الحمل عليه. لم يحمل على العمامة عملًا بالقاعدة، فنهض رحمه الله قائما وأجلسني بإِزائه واستحسن ذلك غاية.

19 -

وإنما قال مالك لا يعيد مسح رأسه إذا حلقه (5) ويغسل رجليه إذا خلعهما (6) بعد أن مسح (7) عليهما، مع أنه في كلا الموضعين ماسح على حائل دون البشرة؛ لأن شعر الرأس أصل بنفسه، وليس ببدل عن غيره، فإِذا مسح عليه ثم زال فقد سقط الفرض عنه، كما لوغسل وجهه ثم سقطت جلدته، ولا كذلك الخفان لأنهما بدل من الرجلين والبدل يبطل حكمه بظهور مبدله، وأيضًا الشعر إذا حلق [فقد](8) بقيت أصوله ملتصقة بالبشرة فلم تظهر البشرة ظهور (9) الرجل [عند](10) زوال الخف فلذلك لم يؤمر (11) بالإِعادة.

= سنة 748 هـ. أما صاحب الشجرة فقال إنه توفي سنة 736 هـ. وقد حضر جنازته ابن عرفة وابن عبد السلام وابن الحباب وابن هارون.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج المذهب 334.

أحمد بابا: نيل الابتهاج (على هامش الديباج) ص 235.

محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور الزكية ص 207 - 208.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

كذا في الأصل بتقديم العمامة وفي سائر النسخ والشعر والعمامة.

(3)

في (ح): ساتران للبشرة.

(4)

(ح) و (ب): فتعين.

(5)

المدونة 1/ 18، 44 و 1/ 14.

(6)

(ب) نزعهما أي الخفين.

(7)

(ب) يمسح.

(8)

ساقطة من (ح).

(9)

(ح) بظهور.

(10)

ساقطة من (أ).

(11)

في (ح) يامر.

ص: 89

تنبيه: ألزم بعض الشيوخ القاضي أبا الوليد (1) القائل إن مسح الشعر أصل لا بدل (2) أن يسقط المسح على (3) الأصلع، كما يسقط الغسل عن الأقطع، ولا قائل به.

20 -

وإنما أوجبوا الوضوء على من تيقن الطهارة وشك في الحدث (4) على المشهور، خلافًا لأبي يعقوب الرازي (5)، ولم يوجبوا الفراق على من تيقن العصمة وشك في الطلاق؛ لأن الوضوء أيسر من الطلاق، وأيضًا أسباب نقض الوضوء متكررة غالبًا بخلاف أسباب الطلاق.

تنبيه: لما قرر القاضي الفاضل أبو عبد الله بن عبد السلام (6) الفرق بمشقة الطلاق دون الوضوء، قال: ما أشار إليه في المدونة من الفرق أحسن، وذلك أنه جعل الشك في الحدث من الشك في الشرط، والشك في الشرط شك في المشروط، وذلك مانع من الدخول في الصلاة، والشك في الطلاق شك في حصول مانع من استصحاب العصمة، والشك في المانع لا يوجب التوقف بوجه، والنكتة أن المشكوك فيه مطرح (7)، فالشك في حصول الشرط يوجب

(1) لم أستطع الجزم هل هو الباجي أو ابن رشد، وقد مضت ترجمتاهما.

(2)

في (ب) لا بد.

(3)

كذا في جميع النسخ والصواب عن.

(4)

ما لم يكن مستنكحًا انظر المدونة 1/ 14.

(5)

أبو يعقوب إسحاق بن أحمد بن عبد الله الرازي، من كبار أصحاب القاضي إسماعيل، كان فقيهًا عالمًا عابدًا زاهدًا. ولي قضاء الأهواز. وهو أحد كبار الفقهاء البغداديين في المذهب المالكي. توفي مقتولًا، وهو يقوم بواجبه في النهي عن المنكر. ابن النديم: الفهرست 283، عياض: ترتيب المدارك 1/ 50، 5/ 17، 18.

(6)

أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير التونسي، قاضي الجماعة بها، سمع أبا العباس البطراني، وأخذ عن أبي عبد الله بن هارون وابن جماعة وغيرهم. من تآليفه شرحه على مختصر ابن الحاجب وتقاييد أخرى.

كانت ولايته القضاء سنة 734 هـ وتوفي سنة 749 هـ.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج المذهب ص 336.

محمد بن مخلوف: شجرة النور الزكية جـ 1/ 210.

أبو الحسن النباهي: المرقبة العليا ص 161 - 163.

(7)

يوجد تعليق في هامش الأصل شبه ممحو لم أستطع قراءته.

ص: 90

طرح الشرط، وذلك يمنع الإِقدام على المشروط، والشك في المانع يوجب طرحه، وذلك موجب للتمادي (1). قال ابن عرفة (2)، رحمه الله: من تأمل وأنصف علم أن الشك في الحدث شك في مانع لا في شرط، لكنه في مانع لأمر هو شرط في غيره، والمعروف أن الشك في المانع لغو [مطلقًا](3)، ويؤيده قوله: النكتة أن المشكوك فيه مطرح (4)، والمشكوك فيه في مسألة الوضوء إنما هو الحدث لا الوضوء.

21 -

وإنما قال إسماعيل القاضي (5): يستحب الغسل للكافر إذا أسلم وإن كان

(1) في (ب) التمادي.

(2)

أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمّي التونسي. تفقه على الإِمام أبي عبد الله محمد بن عبد السلام، ومحمد بن هارون، ومحمد بن حسن الزبيدي، ومحمد بن الحباب، وابن قداح وغيرهم.

وأخذ عنه كثيرون منهم البرزلي والأبي وابن ناجي وعيسى الغبريني وابن علوان والوانوغي وابن مرزوق الحفيد والدماميني وابن فرحون. لم يرض لنفسه الدخول في الولايات، بل اقتصر على الإِمامة والخطابة بجامع الزيتونة، وانقطع للعلم. له تآليف منها: تقييده الكبير في المذهب، وله كتاب في أصول الدين عارض به كتاب الطوالع للبيضاوي، وحدوده الفقهية، ومختصر في المنطق، وتفسير، وإملاء في الحديث. ولد سنة 716 هـ وتوفي سنة 803 هـ.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج المذهب ص 337 - 340.

محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور الزكية جـ 1، ص 227.

ابن القاضي: درة الحجال 2/ 280، 283.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في هامش الأصل: قوله مطرح يقال فيه ما قيل في سابقه.

(5)

أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم بن لامك الجهضمي الأزدي، من بيت علم مشهور. كان إمامًا في علوم شتى، محصلًا لدرجة الاجتهاد، معدودًا في طبقات القراء. أخذ القراءة عن قالون. سمع أباه والقعنبي والطيالسي ومحمد بن عبد الله الأنصاري وحجاج بن منهال وسليمان بن حرب وأبا بكر بن أبي شيبة وابن المديني وغيرهم. تفقه بابن المعذل العبدي.

روى عنه موسى بن هارون وعبد الله بن الإِمام أحمد بن حنبل وأبو القاسم البغوي وغيرهم. وتفقه به وروى عنه وسمع منه ابن أخيه إبراهيم بن حماد، وأبنا بكير والنَّسائي وأبو الفرج القاضي وبكر القشيري ويحيى بن عمر الأندلسي وقاسم بن أصبغ الأندلسي وخلق كثير، به تفقه المالكية من أهل العراق وانتشر هناك المذهب. وكان في اللغة من نظراء المبرد.

له تآليف كثيرة مفيدة، أصول في فنونها، منها: موطأه، وأحكام القرآن، والمبسوط في الفقه، ومختصره، وكتاب في الرد على محمد بن الحسن، وكتاب في الرد على أبي حنيفة، وكتاب في الرد على الشافعي في مسألة الخمس وغيرها كثير.=

ص: 91

جنبًا، لجبّ الإِسلام ما قبله، ولم يقل باستحباب الوضوء، مع أن مقتضى عموم الإِسلام يجب [ما قبله](1) شامل لأسباب الطهارتين (2)، لأن الوضوء خرج بمقتضى عموم قوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} (3)، وبمقتضى عموم قوله عليه الصلاة والسلام:"لا يقبل الله [صلاة] (4) أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"(5) فبقي (6) الغسل داخلًا في العموم الأول ولم يعارضه شيء.

قاله شيخ شيوخنا (7) أبو عبد الله بن مرزوق (8)، رحمه الله تعالى (9).

22 -

وإنما شرع التيمم في الوجه واليدين دون الرأس والرجلين؛ لأن العرب من عادتها ألا تعمل التراب على رأسها إلا لحزن أو لأمر طارئ، والرجلان

= أصله من البصرة سكن بغداد، وولي القضاء، ثم قضاء القضاة إلى أن توفي سنة 282 هـ. وكان مولده عام (200 هـ).

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج ص 92 - 95.

محمد بن مخلوف: شجرة النور: جـ 1، ص 65.

أبو الحسن النباهي: المرقبة العليا: ص 32 - 36.

محمد بن إسحاق النديم، الفهرست ص 282.

(1)

ساقطة من (ح). وهذه قطعة من حديث رواه أحمد في مسنده 1/ 93، 94. ورواه مسلم في حديث طويل بلفظ "أما علمت أن الإِسلام يهدم ما كان قبله". النووي على مسلم 2/ 138.

(2)

في الأصل و (أ): الطهارة والتصويب من (ب) و (ح).

(3)

المائدة / 6.

(4)

ساقطة من (أ) مضافة في الهامش.

(5)

متفق عليه، وهذا اللفظ لأبي داوود 1/ 14 وانظر فتح الباري 1/ 206 والنووي على مسلم 3/ 104.

(6)

(ح): فيبقى.

(7)

(أ)، (ب) الشيخ.

(8)

أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق الحفيد العجيسي التلمساني. وصفه صاحب النيل بأوصاف كثيرة لم يصف بها إلا القليل. أخذ عن أئمة منهم أبو محمد عبد الله ابن الإمام الشريف التلمساني وسعيد العقباني وابن عرفة وغيرهم. وعنه جماعة كالثعالبي والقلشاني وابن العباس وقاضي غرناطة ابن أبي يحيى وأخوه أبو الفرج والقلصادي والمازوني وابن زكري وابن مرزوق الكفيف والحافظ التنسي وغيرهم. له تآليف كثيرة في فنون مختلفة، وله فتاوي مختلفة نقل منها الونشريسي في معياره والبرزلي في نوازله. توفي سنة 842 هـ.

ممن ترجم له: أحمد بابا: نيل الابتهاج 293 - 299.

الحفناوي: تعريف الخلف (عن النيل) 1/ 128 - 140.

(9)

انظر تفصيل هذا الفرق في المعيار 1/ 41 - 46.

ص: 92

لا يمسح عليهما بالتراب؛ لأن محلهما بالتراب بكرة وعشيًّا. قاله الشاشي (1) في محاسن الشريعة (2). وأيضًا وضع التراب على الرأس علامة الفراق من الحبيب، والله عز وجل حبيب العارفين، ولا تكون بينهما فرقة، فلذلك لم يؤمر به. قاله القشيري (3) في كنز اليواقيت (4).

23 -

وإنما لا يبطل التيمم بوجود الماء في الصلاة على المعروف من المذهب (5)، خلافًا لما في الكافي (6) عن بعض الأصحاب، معللًا بالقياس [على](7) معتدة

(1) أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال الفقيه الشافعي الكبير. ولد سنة 291 هـ بشاش وراء نهر سيحون. رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام، وعنه انتشر المذهب الشافعي في بلاد ما وراء النهر. ممن أخذ عنهم ابن جرير الطبري. من تآليفه أصول الفقه، ومحاسن الشريعة، وشرح رسالة الشافعي. توفي بشاش سنة 365 هـ. وقيل 366 هـ. من أشهر تلاميذه الحاكم النيسابوري. ممن ترجم له: بروكلمان: تاريخ الأدب العربي جـ 3/ 303، الزركلي: الأعلام جـ 6/ 274، ابن هداية الله الحسيني: طبقات الشافعية ص 88، 89 - فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي جـ 2/ 187 - 188.

(2)

"والتيمم على الوجه واليدين دون الرأس والرجلين، لأن وضع التراب على الرأس مكروه في العادات إلا في المصائب ونحوها. والرجلان لا تخلوان من أن تكونا قد علق بهما تراب في أكثر الأحوال، وتتريب الوجه يقع به التعظيم لله في السجود في الصلاة ويقع مثل هذا في العبيد للسادة إذا قبلوا الأرض وأظهروا الخشوع بالسجود. وليس في تتريب الرجلين هذا المعنى". انظر محاسن الشريعة للشاشي، مصورة خاصة في مكتبة الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني باب ذكر طهارة التيمم ص 22.

(3)

لم أستطع معرفته، وأغلب الظن أنه أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري الصوفي الشهير، صاحب الرسالة المتوفى سنة 465 هـ. إلّا أن أصحاب التراجم لم يذكروا له كتاب كنز اليواقيت. فالله أعلم. ممن ترجم له: ابن عساكر: تبين كذب المفتري ص 271، الزركلي: الأعلام 4/ 75.

(4)

كتاب للقشيري لم أجد أحدًا ذكره فيما توفر لدي من مراجع إلا صاحب الكشف ولم ينسبه لأحد.

(5)

في المدونة 1/ 50 (وقال مالك في رجل تيمم ودخل في الصلاة ثم طلع عليه رجل معه ماء قال: يمضي في صلاته ولا يقطعها).

(6)

الكافي كتاب في فقه أهل المدينة لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي الحافظ. تفقه بكثير من العلماء منهم أبو الوليد ابن الفرضي، وابن المكوي، وخلف بن القاسم الدباغ وغيرهم. وأجازه جماعة منهم الحافظ عبد الغني بن سعيد، وأبو ذر الهروي. وعنه أخذ خلق كثير منهم أبو علي الغساني وأبو عبد الله الحميدي وابن حزم وطاهر بن مفوز الشاطبي. من تآليفه التمهيد في شرح الموطأ، والاستذكار كذلك، والكافي في فقه أهل المدينة والاستيعاب وغيرها.

توفي بمدينة شاطبة سنة 463 هـ. ترجم له: ابن فرحون: الديباج ص 357 - 359، محمد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 119، القاضي عياض: ترتيب المدارك 8/ 127 - 130، مصطفى العلوي ومحمد البكري: التمهيد 1 / يا -كه.

(7)

ساقطة من صلب الأصل، مضافة في الهامش. وساقطة في (أ).

ص: 93

الشهور ترى دمًا أثناء عدتها، ومال إليه سحنون. قال في الكافي: وهو صحيح نظرًا واحتياطًا (1)، وتبطل في حق العريان يجد ثوبًا في الصلاة، وذاكر صلاة، وناوي الإِتمام، ومن قدم عليه وال في صلاة الجمعة، لأن العريان لا بدل له، والذاكر مفرط، وتسبب (2) ناوي الإِتمام، وتقرر العزل بالنزول لا بالوصول في الأخير (3).

تنبيه: رد ابن عرفة رحمه الله قياس صاحب الكافي في مسألة التيمم على معتدة الشهور ترى دمًا أثناء عدتها فإِن (4) نظير [الدم](5) أثناء العدة وجود الماء أثناء التيمم، ونظيره في الصلاة وجود الدم بعد حلية التزويج، وهو جواب معارضة المعروف في التيمم بالمعتدة (6).

24 -

وإنما لزمه قبول الماء إذا وهب له، ولم يلزمه قبول ثمنه؛ لأن المنة في الأول ضعيفة، بخلاف الثاني، فإِن فيه من المنة ما ليس في الماء (7).

تنبيه: قال ابن [عبد](8) السلام، رحمه الله: إذا كانت الهبة إنما [هي](8) لأجل تحصيل الماء، حتى إن الموهوب له لو شاء صرف الثمن في غير الماء منعه الواهب من ذلك، فكأنه إنما وهبه الماء، فلِمَ لا يلزِمه القبول؟ ويحتمل أن يقال في هذه الصورة إنها غير جائزة كما لووهب له ثوبًا وشرط عليه ألا يبيع ولا يهب.

فإِن قلت: هذا لازم (9) في الماء؛ لأنه إذا وهب له للطهارة لم يجز

(1) انظر الكافي جـ 1/ 184.

(2)

(ب) سبب.

(3)

سائر النسخ الآخر، والمثبت من (ح)، وانظر المعيار 1/ 66 وإيضاح المسالك ص 268 - 269.

(4)

كذا في جميع النسخ والصواب بأن المناسب لكلمة ورد.

(5)

ساقطة في الأصل، ومثبتة في بقية النسخ.

(6)

انظر مختصر ابن عرفة جـ 1 ورقة 20 (أ) مخطوط بالمكتبة الوطنية بتونس تحت رقم 10846.

(7)

في (ب): في الثاني، وفي (ح): في الأول.

(8)

ساقطة في الأصل.

(9)

في جميع النسخ: هذا لازم، والذي في ابن عبد السلام: هذا الأمر لازم جزء 1 ورقة 35 (و).

ص: 94

للموهوب له صرفه في غيرها، ففي هبة الماء من الحجر [ما](1) في هبة الدراهم والثوب.

قلت: الحجر المانع من نقل الملك في الهبة هو أن لا يكون للموهوب له من التصرف في الموهوب مثل ما للواهب، وفي هبة الماء قد ساوى الموهوب له الواهب، ألا ترى أن الواهب لو اضطر إلى الماء مثل اضطرار الموهوب له لما جاز له إخراجه عن ملكه بهبة أوغيرها (2).

تنبيه: قال سيدي أبو عبد الله بن مرزوق [رحمه الله](3): السؤال في غاية القوة، والجواب في غاية السقوط؛ إذ لايتم إلا في واهب عرض له من الحاجة إلى الموهوب كحاجة (4) الموهوب له إليه؛ لأنهما حينئذٍ يتساويان، [وهو] (3) قد قال: لا يصح للواهب في هذه الصورة إخراج الماء عن ملكه ببيع ولا هبة، فمتى يصح فرض المسألة؟ فقد ظهر أن تقدير ثبوت هذا الجواب يؤدي إلى رفعه، وكل ما أدى ثبوته إلى نفيه محال (5)، فهذا الجواب محال. وظهر أيضًا أن ما سبق إلى الذهن من الاعتراض (على)(6) هذا الجواب بأنه خاص والسؤال عام فاسد؛ لأنه لا ثبوت له، فلا خصوص ولا عموم أهـ.

25 -

وإنما لزم شراء الماء بالدين، ولم يلزم اقتراض الثمن ليشتريه (7)، والجامع أن في كل منهما عمارة الذمة في الحالين؛ لأن الشراء بالدين لا منة [فيه](1)؛ إذ هو أحد أنواع البيع، وقرض الثمن فيه المنة، فلا يلزمه تحملها. وهذا الفرق شبيه من بعض الوجوه بالفرق بين هبة الماء والثمن.

26 -

وإنما منعوا المحرم من لبس الخفين، وإن (8) رفع عليه في النعلين، وأجازوا

(1) ساقطة من (ب).

(2)

انظر ابن عبد السلام على ابن الحاجب جـ 1، ورقة 35 (و).

(3)

ساقطة من (ح).

(4)

(ح): لحاجة.

(5)

انظر تفصيل ذلك في القاعدة الثامنة عشر والمائة في إيضاح المسالك ص 405، 406.

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

(أ)، (ب): ليشتري به.

(8)

في هامش الأصل تعليق غير مقروء.

ص: 95

للمحدث التيمم إذا رفع عليه في ثمن الماء؛ لأن المحرم مختار للبس الخف، ولو شاء لمشى من غير خف، وفي التيمم هو مضطر غير مختار، فكان أعذر. قاله عبد الحق (1).

27 -

وإنما يقطع الصلاة من سقطت جبيرته فيها، ولا يقطع من طرأ عليه الماء في أثناء الصلاة، مع أن المسح على جبيرة القرحة مشروط بكونها على القرحة، إذ لو مسح على الجبيرة وهي بالأرض ثم وضعها على القرحة بعد المسح لم يجزه باتفاق، والصلاة بالتيمم مشروطة بفقدان الماء، والشرط قد بطل في كلا (2) الصورتين فيلزم بطلان المشروط؛ لأن مسألة الجبيرة المشروط فيها، وهو المسح، قد انتفي عن العضو انتفاءً حسيًّا، ضرورة سقوط الجبيرة التي باشرها المسح عنه، فيلزم انتفاؤه حكمًا؛ لأن موضعها حينئذٍ لمعة، ومسألة التيمم المشروط فيها هو (3) التيمم، ولم ينتف عن العضو حسًا، وإنما النظر الآن في حكمه هل يبطل أم لا؟ ولا يلزم من بطلان حكم المشروط، حيث أن المشروط منتف حسًا، بطلان حكمه حيث هو غير منتف حسًا.

وإنما (4) سقوط الجبيرة بمثابة قطع إصبع ونحوها من بعض أعضاء التيمم في الصلاة؛ لأنه حينئذٍ ينتفي المشروط وهو التيمم عن (5) تلك اللمعة حسًا لبقاء موضع القطع لمعة فينتفي حكمه كالجبيرة ففي هذا يقطع كما يقطع في الجبيرة (6).

28 -

وإنما يعيد في الوقت من تيمم على موضع نجس (7)، ويعيد أبدًا [من](8) توضأ بماء غير طاهر مع أن الكل طهارة حدثية؛ لأن الماء يتوصل إلى حقيقة نجاسته بالحواس، والصعيد لا يعلم ذلك فيه، وإنما تعلم طهارته بالاجتهاد،

(1) لم أجد هذا الفرق في النكت فلعله ذكره في كتاب آخر.

(2)

كذا في جميع النسخ والصواب كلتا. وفي هامش الأصل تعليق غير مقروء.

(3)

في الأصل و (أ): وهو.

(4)

سائر النسخ وأما والمثبت من (ح).

(5)

في الأصل على.

(6)

انظر المعيار جـ 1/ 66.

(7)

المدونة 1/ 41 - 48.

(8)

في الأصل: إدا، وفي (أ) ساقطة.

ص: 96

فإذا تيمم باجتهاده فقد أدى (1) فرضه، ولو أمرناه بالتيمم على أرض أخرى لنقلناه من اجتهاد إلى اجتهاد آخر. قاله أبو بكر النعالي (2).

تنبيه: هذا الفرق ضعيف جدًّا؛ لأن القدر (3) الذي يتوصل إليه بالحواس في الماء هو ما [غلب](4) عليه من النجاسة، وبذلك يتوصل إليه في التراب، ولأن الاجتهاد في المياه تجويز (5) طرو النجاسة، التي لم تغيرها (6)، عليها ممكن تجويزه في الأرض أيضًا، مع أن ما تحل فيه النجاسة من الأرض في جنبة الطاهر منها قليل، وهو في الكثير غير معتبر، مع أن اعتبار التجويزات بغير علامات لا أصل له في الشرع، وهو من الوساوس (7).

29 -

وإنما قالوا فيمن افتتح الصلاة بالمسح على الخفين تبطل صلاته إذا بدت قدمه في الصلاة، وقالوا فيمن وجد الماء في صلاته بالتيمم إنها لا تبطل؛ لأن من افتتح الصلاة بالمسح على الخفين إنما بطلت ببطلان المسح الذي قام مقام الغسل، وصارت القدم [لا](8) مغسولة ولا ممسوحة، ولا كذلك وجود الماء؛ إذ ما يجب بوجوده بطلان (9) الصلاة، ألا ترى أن المريض يتيمم مع وجود الماء، ولا يجوز له أن يصلي بالمسح مع ظهور القدمين وعدم غسلهما على

(1)(أ) و (ب) ودي.

(2)

في جميع النسخ أبو بكر الثعالبي والتصويب من (م).

وهو محمد بن سليمان، وقال بعضهم محمد بن إسماعيل، وقال آخر محمد بن بكر بن الفضل النعالي، نسب إلى عمل النعال. أخذ عن أبي إسحاق بن شعبان، وأبي بكر بن رمضان، وبكر بن العلاء القشيري وغيرهم. وعنه أبو بكر بن عبد الرحمن القروي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبو بكر بن عقال الصقلي، وأبو عبد الله بن الحذاء. جالسه القابسي وأثنى عليه. توفي سنة ثمانين وثلاثمائة للهجرة. ترجم له القاضي عياض: ترتيب المدارك: 6/ 202، 203.

(3)

في الأصل و (أ) العذر.

(4)

ساقطة في الأصل.

(5)

في (أ) تجدير طرو الماء النجاسة.

(6)

(ب) تغير مما.

(7)

يوجد تعليق في هامش الأصل لكنه غير مقروء. وفي (ب) و (ح): من الوسواس.

(8)

ساقطة في (ب).

(9)

في (أ): وجد أن.

ص: 97

حال (1). قاله ابن القصار (2).

30 -

وإنما جاز المسح على الخفين عقب الطهارة [المائية ولم يجز عقب الطهارة](3) الصعيدية (4)، مع أن الجميع طهارة تستباح بها الصلاة؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث (5) فلم يجز له أن يمسح بلبسه؛ لأن برؤية الماء يلزمه غسل رجليه، وليس كذلك الطهارة المائية، فإِنها ترفع الحدث، فهي أقوى من التيمم فافترقا.

31 -

وإنما [لا](3) يجوز القصر والفطر والتنفل على الدابة إلا في السفر الطويل (6)، ويجوز التيمم في كل سفر على أحد القولين؛ لأن الخروج عن محل الإِقامة مظنة عدم الماء، فصح التيمم حينئذٍ، ولا كذلك القصر والفطر؛ لأن الحكم فيهما منوط بالمشقة، ومظنتها الطول المقيد باليوم ونحوه، أو ثمانية وأربعين (7) ميلًا ونحوها (8)، فيفترق البابان.

(1) في الأصل: على كل حال.

(2)

أبو الحسن علي بن أحمد البغدادي المعروف بابن القصار، قاضي بغداد، تفقه بأبي بكر الأبهري وغيره. وبه تفقه أبو ذر الهروي والقاضي عبد الوهاب ومحمد بن عمروس وغيرهم. له كتاب كبير في مسائل الخلاف توفي سنة 398 هـ.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج 199، محمد مخلوف: شجرة النور: 1/ 92.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

المدونة: 1/ 45.

(5)

هذا هو القول المشهور في مذهب مالك. قال في المقدمات (1/ 42): "والتيمم لا يرفع الحدث الأكبر ولا الأصغر عند مالك، رحمه الله، وجميع أصحابه، وجمهور أهل العلم، خلافًا لسعيد بن المسيب وابن شهاب في قولهما أنه يرفع الحدث الأكبر لا الأصغر، وخلافًا لقول أبي سلمة بن عبد الرحمن في أنه يرفع الحدثين جميعًا، حدث الجنابة والحدث الذي ينقض الوضوء". وقد أورد بعضهم على عدم رفعه للحدث إشكالات، وأجيب عن بعضها وبنوا على الخلاف فروعًا.

انظر لباب اللباب ص 15، وحاشية البناني على الزرقاني عند قول خليل "ولا يرفع الحدث" 1/ 120.

(6)

المدونة 1/ 81، 113، 114.

(7)

في الأصل، (أ): وأربعون. ويجب التنبيه هنا على أن حكم الفطر منوط بالسفر نفسه باعتباره وصفًا مناسبًا للحكم لظهوره وانضباطه، وليس منوطًا بالمشقة لعدم انضباطها، واختلافها باختلاف أحوال الناس وظروفهم ووسائل سفرهم.

(8)

في الأصل: ونحوهما.

ص: 98

32 -

وإنما لم يوجبوا الإِعادة أبدًا (1) على من نسي الماء في رحله وصلى بالتيمم (2)، ومن نسي رقبة ظهاره ونحوه (3) ولم يتذكرها حتى صام أنه لا يجزيه صومه (4)؛ لأن التيمم قد يجوز مع وجود الماء للعذر في استعماله، فقد جوز ترك الماء مع وجوده على وجه، والصوم لا يكون مع وجود الرقبة على وجه، وأيضًا التيمم روعي فيه وقت الصلاة، وليست الرقبة معلقة (5) بوقت يخاف (6) فوته (7)، فمتى وجدت الرقبة فهو وقت لها، فوجب أن لا يجزيه الصوم، كوجود الماء في الوقت، لأنه كان في حين الأداء واجدًا للماء (8) والوقت، فلم يجزه ما أدى. قاله ابن يونس (9).

تنبيه: هذا الذي قاله ابن يونس يحسن إذا قلنا بأن الكفارة على التراخي، وأما إذا قلنا بأنها على الفور ففيه نظر، والله أعلم.

33 -

وإنما قال مالك تصلى النافلة بتيمم الفريضة، ولا تصلى الفريفة بتيمم النافلة (10)، مع أن الكل صلاة؛ لأن الأصول مبنية على أن النوافل تجع [للفرائض؛ لأن الفرائض أصول، فلما كان الأصل (11) كذلك، جاز أن تصلى النافلة بتيمم الفريضة لأنها تبع](12) لها، ولم يجز أن تصلى الفريضة بتيمم

(1) ساقطة من (ب).

(2)

انظر المدونة: 1/ 50.

(3)

من كل ما يجب فيه ترتيب أنواع الكفارة.

(4)

المدونة 1/ 47.

(5)

(ح): متعلقة.

(6)

في سائر النسخ بخلاف والتصويب من (ح).

(7)

هذا الفرق ذكره عبد الحق في النكت ص 10، 11.

(8)

(ح) واجد الماء: (ب) واجد للماء

(9)

أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي كان فقيهًا فرضيًّا. أخذ عن أبي الحسن الحصائري وعتيق ابن الفرضي وغيرهما. ألف كتابًا في الفرائض، وكتابًا جامعًا للمدونة، أضاف إليها غيرها من الأمهات وعليه اعتماد طلبة العلم للمذاكرة. توفي سنة 451 هـ.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج 274، محمد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 111.

(10)

المدونة 1/ 51.

(11)

(ح): الأمر.

(12)

ساقطة من الأصل ومن (أ).

ص: 99

النافلة؛ لأن ذلك خلاف الأصول؛ إذ تصير الفريضة حينئذٍ تبعا للنافلة.

34 -

وإنما قال مالك: لا يمسح على الخفين إلا من لبسهما على طهارة بالماء كاملة، ويمسح على الجبائر (1) والعصائب وإن شدت بغير طهارة؛ لأن لبس الخفين (2) موقوف على إرادته واختياره، بخلاف لبس الجبائر والعصائب فإِنه غير موقوف على اختياره، فإِنه قد يحتاج إليها وهو على غير وضوء.

35 -

وإنما صحت طهارة غاصب الخف إذا مسح عليه، كالصلاة في الدار المغصوبة (3)، والحج بالمال الحرام، والمتوضئ بالماء المغصوب، والصلاة بالثوب المغصوب، والذبح بالسكين المغصوب، ولا يصح مسح المحرم العاصي بلبس (4) الخفين؛ لأن المحرم مخاطب في طهارته بالغسل ولم يأت به، فلم تحصل حقيقة المأمور به، وغاصب الخف أتى بحقيقة المأمور به، ولكنه جنى على صاحب الخف، وكذلك ما بعدها من المسائل، المأمور به قد وجد فيها والعلة في المجاورة (5).

تنبيه: قال ابن عرفة [رحمه الله تعالى](6): "لا نص في الخف المغصوب. وفيه [نظر] (7). وقياسه على المحرم يرد بأن حق الله آكد، وقياسه على مغصوب الماء يتوضأ به، والثوب يصلى به، والمدية يذبح بها، والكلب يصاد به، والمال يحج به، والصلاة في الدار المغصوبة، يرد بأنها عزائم، لا من باب الرخص، فلا تقاس الرخصة -وهي المسح- على العزائم"(8). ورد

(1)(ب) الجبيرة.

(2)

(ب) الخف.

(3)

للفقهاء في حكم الصلاة في الدار المغصوبة خلاف مبني على خلافهم في قاعدة هل النهي يقتضي الفساد أوْ لا؟ انظر فروق القرافي 2/ 82 - 86.

(4)

(أ) و (ب) يلبس.

(5)

(ح) و (ب) المجاور، وهذا الفرق للقرافي في فروقه فانظر جـ 2/ 85.

(6)

ساقطة من (ح).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

المختصر جـ 1، ورقة 28 (ظ) وسيأتي تعريف الرخصة والعزيمة عند التعليق على الفرق (90).

ص: 100

الشيخ أبو العباس بن إدريس البجائي (1) قياس القرافي (2) في المسح على الخف المغصوب على المتوضئ بالماء المغصوب بأن (3) الماء [المغصوب](4)، بنفس استعماله في الوضوء فات وتعلقت قيمته بذمة الغاصب، وبطل وجوب رد عينه، سواء قلنا كل عضو يطهر بانفراده أم لا، فما حصل الوضوء به إلا حالة فواته وتعلق قيمته بذمته (5)، لا حالة وجوب رد عينه (6).

وأجاب القاضي أبو عبد الله بن عقاب التونسي (7) عن المناقضة بالفرق بين النهي العام والنهي الخاص، وذلك أن المحرم النهي في حقه نهي خاص، وهو لبس الخف وقت الإِحرام بخصوصيته، فقويت المنافاة بين الإِحرام ولبس الخف.

(1) في (ح) البجاوي. أبو العباس أحمد بن إدريس البجائي، كبير علماء بجاية في وقته. أخذ عن جماعة. وعنه أخذ أبو زيد عبد الرحمن الوغليسي وأضرابه كيحي الرهوني. ذكر ابن فرحون في الديباج أنه رآه بمكة، وذكر أنه توفي بعد سنة 760 هـ. له شرح على ابن الحاجب نقل عنه كثيرون.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج ص 81، الحفناوي: تعريف الخلف 1/ 34، محمد مخلوف شجرة النور 1/ 233.

عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر ص 18 الطبعة الأولى 1971، المكتبة التجارية بيروت. ابن القاضي: درة الحجال 1/ 80 تحقيق الأحمدي أبو النور الطبعة الأولى 1390 هـ 1970 م دار التراث القاهرة - المكتبة العتيقة. تونس.

أحمد بابا: نيل الابتهاج 71.

(2)

شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي المصري، الفقيه الأصولي. أخذ عن عز الدين بن عبد السلام وابن الحاجب وشرف الدين الفاكهاني وغيرهم. ألف كتبًا عديدة، منها كتاب الذخيرة في الفقه وكتاب الفروق وشرح التهذيب وشرح الجلاب وشرح محصول الرازي والتنقيح في أصول الفقه والأجوبة الفاخرة والأمنية وغيرها توفي بمصر سنة 684 هـ. ترجم له: ابن فرحون: الديباج ص 67/ 62، محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور: 1/ 188 - 189.

(3)

في سائر النسخ فإِن، والتصويب من (ح).

(4)

ساقطة من الأصل ومن (ح).

(5)

(ح): بالذمة.

(6)

انظر المعيار: 1/ 71.

(7)

أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عقاب التونسي، قاضي الجماعة بتونس، وخطيب الجامع الأعظم. أخذ عن ابن عرفة وأجازه الإمام سعيد العقباني، وأخذ عنه جلة منهم القلصادي ومحمد بن عمر القلشاني وابن مرزوق الكفيف وغيرهم. له أجوبة مفيدة توفي سنة 851 هـ. ترجم له: محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور: 1/ 246.

ص: 101

والمتوضئ النهي في حقه نهي عام؛ لأنه ممنوع من لبس الخف المغصوب وقت الوضوء وقبله وبعده فلا منافاة بين لبس الخف والوضوء بخصوصيته، فيتنزل الأول منزلة [دلالة](1) المطابقة، والثاني منزلة التضمن، وقد علم من مذهب ابن القاسم (2) أن النهي العام أخف من النهي الخاص (3)، لما قاله فيمن لم يجد إلا ثوبين حريرًا ونجسًا أنه يصلي بالحرير لا بالنجس، وما ذلك إلا لأن الحرير النهي [عنه](4) عام في الصلاة وفي (5) غيرها.

فالمنافاة بينه وبين الصلاة بخصوصيتها، والنهي عن النجس خاص بالصلاة فقويت المنافاة بينه وبينها. وأيضًا فقد يفرق بأن النهي في حق المحرم من حق الله [تعالى](6)، وفي حق الغاصب من حق الآدمي، والأول أشد. وأيضًا فالمحرم عاص بلبس الخف من حيث كونه خفًا لا بذي صفة زائدة، والغاصب لم يعص بلبس الخف من حيث كونه خفًا، بل من حيث وصفه العارض له، فلا يلزم من منع الأول منع الثاني (7).

36 -

وإنما قال مالك إذا انقطع دم الحيض عن المرأة وعدمت الماء تتيمم وتصلي، ولا يطأها زوجها بطهر التيمم (8)، مع أن الحيض مانع من جميع ذلك؛ لأن

(1) ساقطة من الأصل وثابتة في (ب) وموجودة في كلام ابن عقاب الذي نقله المصنف في المعيار 1/ 70، 71.

(2)

أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي، من أصحاب مالك وأثبتهم عنه. خرج له البخاري عنه، وروى عن الليث وعبد العزيز بن الماجشون ومسلم بن خالد وغيرهم. أخذ عنه جماعة منهم أصبغ ويحيى بن دينار والحارث بن مسكين ويحيى بن يحيى الليثي، وقد روى عنه سحنون المدونة التي رجح القاضي عبد الوهاب مسائلها وتبعه من بعده. وبالجملة فهذا الرجل علمه مشهور وسيرته معروفة مدحه كثير من الأئمة منهم النسائي. توفي سنة 191 هـ. وكان مولده سنة 132 هـ أو 128 هـ. ممن ترجم له: ابن حجر: تهذيب التهذيب 6/ 252 - 254، ابن فرحون الديباج 146 - 147، محمد بن محمد مخلوق شجرة النور 1/ 58، ابن النديم: الفهرست 281، ابن عبد البر الانتقاء ص 50، 51.

(3)

في (ب) كما قاله.

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في بقية النسخ وغيرها.

(6)

ساقطة من (أ) ومن (ح).

(7)

انظر كلام ابن عقاب في المعيار 1/ 71، 72.

(8)

المدونة 1/ 53.

ص: 102

التيمم طهارة ضرورة سوغها الشرع لاستباحة الصلاة احتياطًا لها أن تفوت، ولا كذلك الوطء؛ إذ لا ضرورة تدعو إليه، لأنه لا يفوت. وأيضًا بملاقاة الختان ينتقض التيمم وتعود إلى حالتها الأولى، فلم يجز أن يستباح الوطء بالتيمم.

37 وإنما تقضي الحائض الصوم (1) ولا تقضي الصلاة، وكلاهما عبادة بدنية، لأن المشقة تلحق في قضاء الصلاة لتكررها فلو ألزمت القضاء لشق ذلك عليها، ولأنها متى تشاغلت به تعطلت عن أشغالها وعما يصلح من شأنها، ولا كذلك الصوم، إذ لا مشقة في قضائه؛ إذ هو غير متكرر في السنة (2)، وربما حاضت فيه وربما لم تحض.

تنبيه: قال في القبس (3): "نكتة: ومن الغريب أنه سئل بعض الأشياخ لم لا تقضي الحائض الصلاة كما تقضي الصوم (4)، وكلاهما فرض؟ فأجاب عن ذلك قال: نعم، لأن (5) حواء رضي الله عنها أتاها الحيض وهي في الصلاة فسألت آدم، عليه السلام، عن ذلك فأوحى الله إليه أن مرها تترك الصلاة. قال: ثم أتاها الحيض وهي صائمة فتركت الصيام قياسًا على الصلاة ولم تسأل عن ذلك فأوحى [الله] (6) إلى آدم أن مرها تقضي الصيام عقوبة لترك السؤال. قلنا هذه دعوى فارغة طويلة عريضة، لا برهان عليها ولا أثر ولا خبر، وهي من أعظم حجج أهل الظاهر في إبطال القياس"(7).

38 -

وإنما جاز للحائض أن تقرأ (8)، ولا يجوز للجنب أن يقرأ، مع أن حدث كل منهما (9) موجب لغسل البدن كله؛ لأن الأصول مبنية على أن الضرورات تبيح

(1) في الأصل: ولم.

(2)

في "ب" في الصلاة.

(3)

كتاب شرح به ابن العربي موطأ الإمام مالك، وقد حقق في دار الحديث الحسنية من قبل الأستاذ علي آيات علي، بإِشراف الدكتور التهامي الراجي، وستأتي ترجمة ابن العربي قريبًا.

(4)

في (أ)، (ب) الصيام.

(5)

(ح) أن.

(6)

في (ب) ساقطة.

(7)

انظر حجج أهل الظاهر في إبطال القياس في أحكام الأصول لابن حزم 7/ 53 وما بعدها.

(8)

في المقدمات قراءة القرآن ظاهرًا اختلف فيه قول مالك 1/ 59.

(9)

(ح): كل واحد منهما.

ص: 103

ما لا يبيح غيرها، والضرورة داعية إلى قراءة الحائض، لأنها متى منعت من القراءة أدى ذلك إلى نسيانها لطول أمرها، ولأنها (1) لا يمكنها رفعه عن نفسها، بخلاف الجنب فإِنه لا ضرورة به إلى ذلك، لأنه يمكنه رفع ذلك عن نفسه.

39 -

وإنما قال مالك يتوضأ الجنب إذا أراد النوم (2)، ولا تتوضأ الحائض، مع أن كلا المانعين موجب للغسل؛ لأن الجنب قادر على رفع حدثه بالاغتسال، فلما ترك غلظ عليه بالوضوء، ولا كذلك الحائض، لأنها غير قادرة على رفع حدثها، فلم يتوجه عليها (3) تغليظ، لأنها معذورة بترك الاغتسال.

(1) في (ب) وإنها.

(2)

المدونة 1/ 34.

(3)

(ب): عليه.

ص: 104