الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروق كتاب الجنايات
1103 -
وإنما قالوا إذا سب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم (مسلم)(1) يقتل ولا يستتاب باتفاق واختلف إذا سب الله (تعالى)(2) أو رسوله (3) كافر بغير ما به كفر ثم أسلم هل يقتل أم لا، والجميع سب، لأن الكافر يعلم منه اعتقاد ذلك، وإنما يقتل على إظهاره وإفشائه ولا كذلك المسلم، فإِنه يعلم منه اعتقاد تعظيمه (صلى الله عليه وسلم)(4) فسبه له دلالة على ردته فلذلك افترقا.
1104 -
وإنما قالوا فيمن قتل له ولي في الحرابة لا يجوز له العفو عن قاتله (5)، وإذا قتل له في غير حرابة فله العفو أو القود (6)؛ لأن الحرابة صار حدها حقًّا لله عز وجل (7) لا لآدمي (8) بعينه من قبل أن المحارب إنما قصد الجملة لا الأعيان فصار الحق بسبب ذلك لا لواحد بعينه؛ لأنه إنما يريد القتل من أجل أخذ المال لا لعداوة فصار ضرره (9) أعظم من ضرر (من)(10) قصد
(1) الزيادة من (ح).
(2)
الزيادة من الأصل.
(3)
(ح): ورسوله.
(4)
ساقطة في الأصل.
(5)
المثبت من (ح)، وفي بقية النسخ: قتاله.
(6)
(ح): والقود.
(7)
في الأصل: حقًّا لله تعالى.
(8)
(ح): الآدمي.
(9)
(ح): ضرورة.
(10)
ساقطة في (ب).
قتل واحد بعينه فيكون أمر هذا إلى وليه، وأمر المحارب إلى الإِمام، لأنه لم يقصد واحدًا (بعينه)(1) فيقوم وليه به.
1105 -
وإنما يقتل الزنديق الذي يظهر الإِسلام (2) ويسر الكفر ولا يستتاب، ولا يقتل المرتد إلا بعد الإِستتابة (3)، والجميع ردة لأن توبة المرتد تعلم بترك الظاهر، ولا كذلك الزنديق فإنا لا نتوصل إلى العلم بتوبته؛ لأنه لم يزل على ذلك وهكذا (4) الحكم في كل مسر بفعله إذا أخذ فإِن توبته لا تضع عنه الحد كالسارق والزاني بخلاف المرتد والمحارب إذا تاب عن محاربته قبل القدرة عليه.
1106 -
وإنما أباحوا كفر اللسان بالإِكراه حفظًا (5) للدماء (مع كونه من أعظم المفاسد ولم يبيحوا القتل والزنى واللواط بالإِكراه)(1) مع كون (6) مفاسدها (7) دونه لأن المترتب عن كلمة الكفر حق لله (تعالى)(8) وحده، والمترتب عن (9) الزنى والقتل واللواط حق لله ولعباده فشدد (10) الأمر فيه. وأيضًا يمكن أن يقال مفسدة القتل والزنى واللواط تتحقق ومفسدة كفر الأقوال والأعمال لا تتحقق؛ لأن مفسدتها (11) هي الاستهزاء والاحتقار والمكره غير (12) مستهزئ ولا محتقر إذ لا يتحقق ذلك مع الإكراه، وأيضًا
(1) الزيادة من (ح).
(2)
(ح): الإيمان.
(3)
(ح): الاستتاب.
(4)
(ح): وهذا.
(5)
(ح): حفظ.
(6)
(ح): كونها.
(7)
المثبت من (ح)، وفي بقية النسخ: مفاسدهما.
(8)
ساقطة من الأصل.
(9)
في الأصل: على.
(10)
(ب): فسد، وهو تحريف.
(11)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ مفسدتهما.
(12)
(ب): غيره.
الإِكراه على الكفر أمر غالب والإِكراه على غيره من القتل والزنى واللواط نادر.
1107 -
وإنما قال بعض شيوخ اللخمي في أم الولد تجني جنايات وكانت قيمتها مثل أقل الجنايات أن القيمة تكون بين المجني عليهم بالسواء (لأنه)(1) لو انفرد أحدهم كان له جميعها (2) فلا يزيد الأكثر على الأقل وقال في المفلس يتحاصص غرماؤه فيما يوجد له وإن كان أقل الديون يغترق ما يوجد له وفي كلا الموضعين لو انفرد صاحب الأقل (3) لكان الجميع له؛ لأن معاملة المفلس يكثر ما في يده ويقل من أجل ما أسلمه إليه كل واحد من الغرماء. وأيضًا لغريم له ذمة تتبع بعد ذلك ولا كذلك أم الولد. قالهما اللخمي رحمه الله.
1108 -
وإنما قال سحنون في أم الولد تقتل سيدها عمدًا أنها تقتل به فإِن عفا عنها أولياء القتيل عتقت وليس ما جنت بالذي يحل منها ما عقد لها من العتق القوي، وقال في المدبرة تقتل سيدها عمدًا وعفا الأولياء عنها (لا تعتق)(4)، والجميع جناية عمد ممن فيه عقد حرية؛ لأن المدبرة تعتق من الثلث ويلحقها الدين ويتسلط (5) عليها الغرماء. قاله ابن رشد رحمه الله.
1109 -
وإنما قال في المدونة (6) إذا جنت أمة ثم وطئها السيد فحملت إن لم يعلم بالجناية أدى (7) الأقل من قيمتها يوم حملت والأرش (8)، وقال في أم الولد (إذا جنت)(4) يؤدي الأقل من قيمتها أو الأرش يوم الحكم؛ لأن الأمة كانت يوم الجناية ممن تسلم ولا كذلك أم الولد فإِنها لم تكن يوم الجناية ممن تسلم فلذلك اعتبر يوم الحكم فيها.
(1) ساقطة في (ب).
(2)
(ح): جميعًا.
(3)
التصويب من (ح)، وفي بقية النسخ: الأول.
(4)
ساقطة في (ح).
(5)
في الأصل: ويسلط.
(6)
انظر جـ 4/ 464.
(7)
المثبت من (ح)، وفي بقية النسخ "ودي".
(8)
المثبت من (ح)، وفي بقية النسخ أو الأرش.
1110 -
وإنما قال (في المدونة)(1) إذا جنت (أمة)(2) فوطئها فحملت إن لم يعلم بالجناية ودي الأقل من قيمتها والأرش (3) فإِن لم يكن له مال اتبع به وقال إذا لم يعلم بالجناية وأعتقها وهو عديم يرد العتق مع أن الإيلاد (4) يجر إلى العتق، لأن الإِيلاد (4) عنده أقوى لأنه (5) تتعلق به أحكام منها حق الولد. ألا ترى كيف اختلف قوله في الأمة المستحقة على ثلاثة أقوال فجعل في القولين الأولين القيمة وفي الثالث يأخذها وقيمة الولد، ولم يختلف قوله (6) في العتق إن مستحقه يأخذه. قاله الشيخ أبو الحسن.
1111 -
وإنما اتفق ابن القاسم وغيره في هذه الأمة الموطوءة بعد الجناية ثم حملت أنها تقوم بمالها إن كان لها مال واختلفوا في تقويم أم الولد بمالها، لأن هذه الأمة تعلقت الجناية برقبتها ومالها، والوطء الذي حملت منه حادث منع من رقبتها فلا بد أن يقال كم قيمتها بمالها لأن الرقبة والمال (كان)(7) قد وجب أن يسلما وأم الولد الجانية (8) ولها مال من حيث جنت ممنوع (9) من رقبتها فوقع الاضطراب في تقويمها بمالها لذلك (10). قاله عبد الحق (11).
1112 -
وإنما قال في المدونة إذا وطئ بعد علمه بالجناية يلزمه الأرش بالغًا ما بلغ ولم يقل يحلف أنه لم يقصد التزام (12) الأرش وقال إذا أعتق العبد بعد الجناية فيحلف ما قصد تحمل الأرش ثم لا يلزمه؛ لأن العبد إذا أعتقه
(1) الزيادة من الأصل. انظر المدونة جـ 4/ 464.
(2)
ساقطة في الأصل.
(3)
(ح) أو الأرش.
(4)
(ح): الإيلاء، وهو تحريف.
(5)
(ح): ولا تتعلق.
(6)
في (ب): قود، وهو تحريف.
(7)
ساقطة في (ح).
(8)
المثبت من الأصل، وفي سائر النسخ "الجناية".
(9)
(ح) ممنوعة.
(10)
المثبت من (ح) وفي بقية النسخ: بذلك.
(11)
انظر النكت والفروق كتاب الجنايات ص 279، 280.
(12)
(ب): الزام.
بعد الجناية يحتج بأن يقول أردت أن تكون متبوعًا بالأرش (1) في ذمتك ولا كذلك في هذه لأن (2) بعد حملها هو مخاطب بما يطرأ من جنايتها فلا مقال له. قاله عبد الحق (3) رحمه الله (تعالى)(4).
تنبيه: قال ابن يونس إنما ألزمناه (5) جميع الأرش (لأنه منع بوطئه من إسلامها فكأنه رضي بافتكاكها بالأرش)(6).
1113 -
وإنما قال في المدونة (7) إذا وجب تسليم الأمة وقد حملت بكون (8) الواطئ عديمًا وعلمه (9) بالجناية لا شيء عليه في قيمة الولد، وإذا وطئ الابن من تركة أبيه أمة فحملت فتبادر الغرماء فإِنه يلزمه قيمة الولد؛ لأن الأمة الجانية وجدناها في الأصل لا تسلم في الجناية بولدها وإن (10) كان حادثًا بعد جنايتها وتباع في الدين مع ولدها فلذلك افترقا. قاله عبد الحق (11).
1114 -
وإنما قال في المدونة (12) في الذي وطئ الأمة من تركة أبيه فحملت إنما عليه (13) الأقل من قيمتها أو الدين وإن وطئها عالمًا (بالدين ولا يلزم (14) الدين كله، وقال في الأمة الجانية يطؤها سيدها عالمًا] (15) بالجناية يلزمه
(1) في الأصل: . في الأرش وفي (أ) و (ب): فالأرش.
(2)
(ح): لأنها.
(3)
انظر النكت ص 280.
(4)
ساقطة في الأصل.
(5)
(ح): التزمناه.
(6)
مكررة في (أ) و (ب).
(7)
انظر جـ 4/ 464.
(8)
(ح) و (ب): يكون.
(9)
(ح): وعدمه.
(10)
المثبت من (ح) وفي بقية النسخ "وإذا".
(11)
انظر النكت ص 280.
(12)
انظر جـ 4/ 464 والتهذيب ورقة 200 "ظ".
(13)
في النكت "إنما يكون عليه".
(14)
في النكت: ولا يلزمه.
(15)
الزيادة من (ح).
الأرش كله؛ لأن الدين لا يتعلق بعينها خاصة، وإنما حكم ذلك أن يباع (1)، فيدفع للغرماء ثمنها، فإِذا كان ثمنها أقل من الدين فهو الذي أتلف على الغرماء، فلا يلزمه غيره، وإذا كان دينهم (2) أقل فلا حجة لهم، وأما الجناية فهي متعلقة بالرقبة ولو هلكت الرقبة بطلت (الجناية)(3)، فإِذا وطئ عالمًا بجنايتها عد ذلك منه رضي بتحمل (4) ما تعلق بعينها من الأرش، قاله عبد الحق (5).
1115 -
وإنما قال في المدونة (6) إذا عفي عن الحر القاتل عمدًا على أن تؤخذ منه الدية لا يجبر، وإذا عفي عن العبد (7) القاتل عمدًا على أن يؤخذ كان ذلك للعافي، وخير السيد بين إسلامه وافتكاكه بالأرش مع أنه في كلا المسألتين إنما وجب (له)(8) الدم؛ لأن العبد سلعة تملك، فلما جاز قتله وإتلافه على سيده جاز استرقاقه وخروجه عن ملك سيده، والحر لا يتملك، فلا يجوز أخذ ماله إلا بطوعه، وأيضًا فإِنه يقول أودي (9) قصاصي وأبقي مالي لورثتي، والعبد لا حكم له في نفسه، فلا حجة لسيده، لأن قتله (وأخذه)(10) عليه سواء، إلا أن يدفع الأرش، فلا حجة لورثة المقتول، لأنهم (11) رفعوا عنه القود، فصار (12) فعله كالخطأ، ولا يستقيم ذلك في الحر؛ لأنه كان تكون الدية على عاقلته، وهي
(1) كذا في جميع النسخ، والذي في النكت تباع، وهو الصواب.
(2)
(ح): الدين.
(3)
ساقطة: في (ح).
(4)
(ح): لتحمل وفي (أ) و (ب) يتحمل.
(5)
انظر النكت والفروق (ص: 280).
(6)
انظر جـ 4/ 460.
(7)
(ح): لا يجرؤ إذا عفي من العمد.
(8)
الزيادة من (ح).
(9)
(ح): أود.
(10)
المثبت من (ح)، وفي الأصل بياض وفي (أ) و (ب): وازره.
(11)
(ح) لأنهم لو.
(12)
(ح) صار.
لا تحمل شيئًا من عمده، فأمرها مفترق، قاله عبد الحق (1).
1116 -
وإنما قال في المدونة (2) ليس لغرماء المكاتب والعبد في قيمتهما إذا قتلا شيء، وقال في الحر يقتل ويعفو أولياؤه على الدية أنها تورث على الفرائض، ويقضي منها دينه، مع أن الدية عوض عن الغريم المطلوب فيها؛ لأن الحر يقدر أنه ملك الدية في آخر جزء من أجزاء (3) حياته؛ لأنه (4) ممن يصح منه الملك، ولا كذلك (5) العبد والمكاتب فإِنهما ممن لا يصح أن يقدر ذلك فيهما.
1117 -
إنما قال في المدونة (6) إذا عجل عتق مكاتبه أو عبده على مال يكون عليهما دينًا ثم فلسا [فإنه](7) لا يدخل السيد مع الغرماء، وهو شيء لزم الذمة، وقال فيمن عليه دين عن أرش جناية لا يحاص المجني عليه بجنايته الغرماء، وهذا ليس أصله من بيع ولا قرض؛ لأن دين الجاني إنما وجب بسبب (8) جنايته التي هي فعله، فأشبه ما استحدثه من ديون (9) المبايعات، وما عجل عليه عتق عبده ومكاتبه مال (10) أجبر السيد العبد عليه، وأوجبه في ذمته، لا منع (11) للعبد فيه، ففارق حكم الجناية لهذا المعنى، قاله عبد الحق (12). وأيضًا عتق عبده على مال يكون عليه ككتابته إياه، فكما لا يحاص (بالكتابة الغرماء فكذلك لا يحاص)(7) بهذا قاله ابن يونس.
(1) انظر النكت ص 280، وقد نقل المصنف هذا التفريق بتصرف.
(2)
انظر جـ 4/ 473.
(3)
(أ) و (ب) أجزائه.
(4)
في الأصل: مما.
(5)
(ح) ولأن ملك العبد.
(6)
انظر جـ 4/ 124.
(7)
ساقطة في (ح).
(8)
(ح) إنما هو سبب.
(9)
(أ) و (ب): ديوان، وهو تحريف.
(10)
في الأصل و (أ): قال، وهو تصحيف.
(11)
كذا في جميع النسخ، والذي في النكت لا صنع "وهو الصواب".
(12)
انظر النكت والفروق ص 282.
تنبيه: تعقب الشيخ أبو الحسن، رحمه الله، فرق ابن يونس قائلًا: وفي هذا نظر؛ لأن هذا ثابت في الذمة لما عجل عتقه، والكتابة ليست بثابتة (1) في الذمة، ألا ترى أن الحمالة لا تجوز بها؛ لأن ذلك يصيرها في الذمة، فإِذا عجل عتق المكاتب جازت الحمالة وصار دينًا ثابتًا والله أعلم (2).
1118 -
وإنما قال في أول كتاب الجنايات (3): وإذا قتل العبد رجلًا له وليان فعفا أحدهما، ثم قال: عفوت ليكون (4) لي (5) نصف العبد، لم يصدق إلا أن يأتي بدليل، وقال في آخر كتاب العارية (6): ومن ركب دابة رجل إلى بلد وادعى أنه إنما أعاره إياها، وقال ربها: أكريتها (7) منه، فالقول قول ربها، إلا أن يكون مثله ليس يكري الدواب لشرفه وقدره، والجامع أنه في كلا المسألتين ادعى عليه المعروف وهو ينكره؛ لأن الحق في مسألة الجنايات بالأصالة إنما هو القصاص، ولما أسقطه، وهو ليس (بمتمول)(8)، فمدعي العفو (9) على غير مال ادعى ما يشبه من إرسال ما ليس (بمتمول)(10) على غير مال، ولا كذلك مسألة العارية إذ هي مال.
تنبيه: قال بعض الشيوخ: لقائل أن يقول: هذا الفرق إنما يصح لو كانت المسألة في العمد نصًّا، وظاهر المدونة عمدًا أو خطأ، وقد تقرر أن الخطأ مال، فمدعي (11) المعاوضة فيه مدع للأصل والله (تعالى)(8) أعلم.
(1)(ح): ليست ثابتة.
(2)
(أ) و (ب): والله المستعان.
(3)
انظر المدونة 4/ 448.
(4)
(ح): فكان.
(5)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ "في".
(6)
انظر المدونة 4/ 365.
(7)
(ح): أكتريتها.
(8)
ساقطة في (ح).
(9)
(ح): بمدعي العبد.
(10)
بياض في (ح).
(11)
(أ) و (ب): بمدعي.
واستقرئ من تعليله للكتاب مثل ما في رسم العارية من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح فيمن أتى إلى رجل فقال: أعطني ثمن جاريتي التي بعت منك، وقد ولدت من المشتري، وقال المشتري: بل زوجتني إياها، قال ابن القاسم: إن كان مثله لا يتزوج الإِماء لشرفه وحسبه، فالقول قول ربها، ويقضي له بالثمن، وإن كان مثله يتزوج الإِماء لم يلزمه الثمن.
1119 -
وإنما قال في المدونة (1): من (2) جنى عبده جناية فقال أبيعه وأدفع الأرش من ثمنه فليس له ذلك إلا أن يضمن وهو ثقة مأمون أو يأتي بضامن ثقة، وقالوا لو اشترى رجل سلعة، ولم (3) يدفع ثمنها، وهو ملي له بيعها بغير رضي البائع، وإن خيف فلس المشتري؛ لأن الجناية تعلقت بعين العبد، ولذا (4) سقطت بموته، ولا كذلك الثمن فإن متعلقه الذمة، فلما اختلف المتعلق اختلف الحكم لذلك، قاله ابن عرفة.
تنبيه: ولما لم يقو هذا الفرق عند الشيخ الفاضل القاضي الجليل أبي عبد الله محمد بن عبد السلام التونسي رحمه الله (تعالى)(5) أجرى مسألة المشتري على مسألة الجناية، فيجوز إذا كان ثقة مأمونًا، ولا يجوز إن كان على خلاف ذلك والله [تعالى](6) أعلم.
1120 -
وإنما قال في المدونة (7): ومن أخدم رجلًا عبده (8) سنين معلومة أو حياة الرجل فجنى العبد خير مالك رقبته، فإن فداه بقي في خدمته (9) وإن أبي خير المخدم، فإن فداه خدمه، فإِذا تمت خدمته، فإِن دفع إليه السيد
(1) انظر جـ 4/ 448.
(2)
(ح): ومن.
(3)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ:"لم".
(4)
(ح) وإذا.
(5)
ساقطة في (ح).
(6)
ساقطة في (ح) و (أ).
(7)
انظر جـ 4/ 453.
(8)
في الأصل: عبدًا، وفي (أ) و (ب): عبد.
(9)
(ح) ذمته.
ما فداه به أخذه، وإلا أسلمه إلى المخدم رقا، وقال بأثرها: وأما الموصي بخدمته لرجل سنة وبرقبته لآخر والثلث يحمله إذا جنى فإِن صاحب الخدمة يبدأ، وفي كلا المسألتين العبد الجاني رقبته (لرجل وخدمته)(1) لآخر، فإما أن يبدأ بصاحب الرقبة فيهما (2)(أَوْ لَا فيهما (2)) (3)؛ لأن صاحب الرقبة إنما قدم في الأولى لسبقية حقه، وهو أصالة ملكه له، وهو سابق عن (4) الخدمة، وصاحب (5) الرقبة في الثانية سبب حقه لا حق فلا يلزم من تقديم ذي الرقبة في الأولى كونه كذلك في الثانية.
تنبيه: ولأجل ظهور هذا الفرق رد بعض حذاق المشائخ على (6) القاضي أبي الوليد بن رشد رحمه الله (تعالى)(1) تخريجه تخير ذي الرقبة من الثانية في الأولى، وتخريج وتقديم ذي الرقبة في الثانية من الأولى.
1121 -
وإنما قال في كتاب الجنايات (7): إذا جنى المدبر في حياة سيده، وعلى سيده دين يغترق قيمة المدبر أو لا يغترقها، فأهل الجناية أحق بخدمته إلا أن يدفع إليهم الغرماء الأرش فيأخذوه ويؤاجروه حتى يستوفوا دينهم، فإِن لم يأخذه الغرماء وأسلم للمجني (8) عليه بخدمته ثم مات السيد، وعليه دين، وفي قيمة (9) المدبر (10) كفاف الدين والجناية وفضلة بيع منه لذلك (11)، وبدئ (12) بالبيع للجناية ثم للدين ثم عتق ثلث ما بقي، وإن
(1) ساقطة في (ح).
(2)
في الأصل: يفيهما و (أ) و (ب) ففيهما.
(3)
ساقطة في (ب).
(4)
في الأصل: على.
(5)
في الأصل: وعين.
(6)
المثبت من (ح) وفي بقية النسخ (قول).
(7)
انظر المدونة 4/ 454، 455.
(8)
المثبت من (ح) وفي سائر النسخ "المجني عليه".
(9)
المثبت من (ح) وفي سائر النسخ "رقبة".
(10)
في الأصل: المكفر، وهو تحريف.
(11)
(ح): وفضلت بيع منه ذلك.
(12)
(ح) ويولي، مصوبة في الهامش.
كان لا فضل (1) في قيمته عنها أو قيمة أقل منها قيل للغرماء: أهل الجناية أحق به منكم إلَّا أن تزيدوا (2) على قيمة الجناية فتأخذوه (3)، ويحط عن الميت بقدر الذي زدتم، فذلك لكم، ثم إن باعوه بنقص (4) كان منهم لا من السيد على ما فسرت به المدونة، وقال في كتاب العيوب؛ وإذا وجد أمته التي باع بيد المبتاع بعد أن فلس كان أحق بها إلَّا أن يعجل (5) له الغرماء (6) جميع الثمن فإِن (7) فعلوا ثم هلكت الأمة قبل أن (8) تباع كانت من المديان (9)، وعليه خسارتها وله ربحها، مع أن في كل منهما فداء رقبة تعلق حق الغير بها فيهما، فجعل النقصان هناك عليه وهنا عليهم؛ لأن الغرماء في العيوب أدوا عنه ما لزمه، ولا كذلك (10) هنا (11) إذ لم يؤدوا عنه شيئًا لزمه؛ لأنها متعلقة برقبة العبد، قاله بعض حذاق المتأخرين.
1122 -
وإنما لم يجعل في المدونة للغرماء في مسألة الجنايات المتقدمة مقالًا (إلَّا)(12) بزيادة على قيمة الجناية (13)[وبحط عن الميت](14) بقدرها، وفي مسألة التفليس لم يشترط الزيادة على الثمن، مع أن الغرماء في كلا المسألتين استلزم (15) دفعهم، فك ما (16) تعلق به حق لغيرهم؛ لأن الجناية
(1)(أ) و (ب): الأفضل.
(2)
في الأصل "يزيدوا".
(3)
المثبت من (ب)، وفي بقية النسخ فيأخذوه.
(4)
في الأصل: فنقضي، (أ): بمنقص، (ب) لمنقص.
(5)
المثبت من (ح)، وفي بقية النسخ (بجعل).
(6)
(ح): بقيمة الغرماء، (ب): قسمة الغرماء.
(7)
في الأصل: ففعلوا.
(8)
في الأصل: قبل ارتفاع، وهو تحريف.
(9)
في الأصل: العديان، وهو تحريف.
(10)
في الأصل: وليس كذلك.
(11)
في الأصل: هذا.
(12)
الزيادة في (ح).
(13)
بعد هذه الكلمة بياض في (ب).
(14)
ساقطة في (ح).
(15)
(ح): استلزام.
(16)
في الأصل: فكما، وهو تحريف.
تعلقت بعين (1) الرقبة، ولذا (2) لم يخير المجني عليه، ولا كذلك الثمن في مسألة التفليس، فإنَّه تعلق بالذمة، ولذا (3) لو اختار صاحب السلعة المحاصة لكان مختارًا لما دخل عليه بالأصالة، قاله ابن عرفة رحمه الله.
تنبيه: تعقب القاضي الفاضل أبو عبد الله بن عبد السلام رحمه الله (تعالى)(4) هذا الفرق بأن الزيادة هنا ينتفع بها المدبر، فيكون المتعلق بالعين وصفًا طرديًّا، فالمدبر هنا بمنزلة المشتري والاستخـ[ـلاص هو](5) لهما مع النفع (6)، وأجاب ابن عرفة رحمه الله (تعالى)(7) بأن المشتري لما (8) خرج من يده ثمن لم يكن ضرر في دفعه له من غير زيادة عليه ولم تحصل هنا معاوضة بين المدبر والمجني عليه فلا بد من زيادة على أرش جنايته يترجح بها الذي زاد عليه، وانظر لم (9) قال ابن القاسم في فرع مسألة المدبر هذه، لو أسقط الغرماء دينهم كان السيد كمن لم يكن عليه دين ويعتق ثلث المدبر، وقال في الزكاة: لا زكاة على الموهوب له الدين حتَّى يتم له حول من (يوم)(7) الهبة، فلم يجعله كاشفًا لملكه (10) أول الحول، وجعله هنا كأنه لم يكن، وفي كلا الفرعين (11) أسقاط حق مال (12) تقرر وجوبه، فناقض أصله، ولعل الفرق قوة تشوف الشرع (13) إلى العتق، بخلاف الزكاة، (والله أعلم)(14).
(1) المثبت من (ح) وفي بقية النسخ "بغير".
(2)
(ح): ولذلك.
(3)
(ح): وإذا، وفي هامشها تصويب "وأيضًا".
(4)
الزيادة في (ح).
(5)
بياض في (ح).
(6)
(ح): معًا لنفع، وفي هامشها مقابل هذا:"والمحاصة جرت"، ولم يجعل إشارة تدل على أن في الصلب سقطًا أو خطأ.
(7)
ساقطة في (ح).
(8)
(ب): أما.
(9)
في الأصل: "لما".
(10)
(ب): في أول.
(11)
في الأصل: الموضعين.
(12)
(ح) لله، وهو تحريف.
(13)
في الأصل: الشارع.
(14)
الزيادة من الأصل.