الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروق كتاب الشركة
813 -
وإنما منع مالك الشركة بالطعامين المتفقين بالنوع والصفة، وأجاز الشركة بالدنانير والدراهم، مع أن المناجزة [الحكمية](1) حاصلة فيهما كما حصلت (2) في (3) الدنانير [والدراهم](4)؛ لأن الشركة بالطعامين تؤدي إلى بيعه قبل قبضه، وذلك أن كل واحد منهما باع نصف طعامه بنصف طعام صاحبه ولم يحصل قبض لبقاء (5) يد كل واحد على ما باع فإِذا باعا يكون (6) كل منهما بائعًا (7) للطعام قبل استيفائه. قاله عبد الحق (8) عن بعض شيوخه. وأيضًا لو سوغت الشركة بالطعامين (9) لأدى ذلك إلى خلط الطعام الجيد بالرديء: قاله ابن المواز، وفيه نظر؛ لأن الفرض (10) اتفاقهما، وما اعتل به إحالة للمسألة عن موضوعها (11)؛ إذ صورة الاختلاف تمنع الشركة فيهما (12)
(1) ساقطة في (ب).
(2)
(ح) جعلت.
(3)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: بالدنانير.
(4)
الزيادة من الأصل.
(5)
في الأصل و (أ) ليبقى.
(6)
(ح) فيكون.
(7)
(أ) و (ب): بائع.
(8)
انظر النكت كتاب الشركة ص 202.
(9)
في الأصل و (أ) بالطعام.
(10)
في الأصل: الفرق.
(11)
(ح) موضعها.
(12)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ فيها.
باتفاق مالك وابن القاسم. وأيضًا الإجماع المنعقد على جواز الشركة بالدنانير والدراهم إجماع معدول به عن سنن القياس فلا يقاس عليه عند الناس. وأيضًا الشركة في الطعام مشروطة بالمساواة في القدر والصفة، وذلك متعذر عادة. قاله القاضي إسماعيل. قال: ولا ينقض [هذا](1) ببيع (2) الطعام بعضه ببعض؛ لأن المطلوب في البيع حصول المساواة في القدر فقط ورده ابن يونس بأنه تفريع على خلاف أصل مالك وابن القاسم، وذلك أن طرده يقتضي جواز الشركة بالطعامين (3) المختلفين في النوع إذا حصلت المساواة في القيمة. ورده ابن عبد السلام بأن قال: إذا كان التساوي في القيمة مع اتحاد النوع [متعين فأحرى أن يكون](4) متعذرًا مع اختلاف النوع، وقال بعضهم: في قول القاضي نظر؛ لأنه لولا حصول المساواة لم تكن من ذوات الأمثال. وأيضًا الطعام مما (5) تختلف فيه الأغراض مطلقًا لفسخ بيعه باستحقاقه، وعدمه في العين لعدم الفسخ فيه فيصير متماثلي الطعام كمختلفيه (6). قاله بعضهم، وفيه نظر؛ لأنه يرجع إلى قول القاضي. وأيضًا علل الطعام كثيرة، بخلاف الدنانير والدراهم. [قاله بعضهم](4)، وفيه أيضًا نظر؛ لأنه يرجع لما نقله عبد الحق عن بعض شيوخه.
814 -
وإنما جازت الشركة بالعروض (7) من جانب والنقد من جانب علي المشهور، ولم تجز بالدنانير مع الدراهم على المشهور؛ لأن العين والعرض ليس فيهما إلا مانع واحد، وهو البيع والشركة، وهو مغتفر في أصل الشركة، بخلاف الدنانير مع (8) الدراهم، فإِن فيهما علتين البيع والشركة والصرف من غير مناجزة فافترقا.
(1) ساقطة في الأصل (أ)، وفي (ح): هنا، والمثبت من (ب).
(2)
(ح) بيع، وفي (ب) كلمة غير واضحة.
(3)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ في الطعامين.
(4)
ساقطة في (ح).
(5)
في الأصل و (أ): ما.
(6)
(ح) و (ب): كمختلفة.
(7)
(ح)، (ب) بالعرض.
(8)
(أ) و (ب) والدراهم.
تنبيه [لا (1)] يقال: إذا كان البيع والشركة مغتفرين فأين قولهم لا يجوز اجتماع البيع والشركة؛ لأنا نقول: البيع المغتفر مع الشركة هنا ما كان داخلًا فيها، والممنوع ما كان خارجًا عنها فافهم.
815 -
وإنما منع في المدونة بيع دينار ودرهم بدينار ودرهم، وبيع [مد](2) قمح مع (3) مد دقيق بمثلهما، وأجاز في الشركة أن يخرج هذا ذهبًا وورقًا والآخر مثله ذهبًا وورقًا (4)، مع أن المتعدد من الجانبين إما أن يكون متماثلًا من كل وجه، فيلزم جواز البيع، أو متفاوتًا فتمتنع (5) الشركة، إذ لا يجوز اختلاف رأس المال والتساوي في الربح على سبيل الشركة إلا طوعًا؛ لأن التساوي في تقابل العوضين متعذر، ولو تساويا لما فعله عاقل، فلا بد من شيء زائد في أحد الجانبين اغتراه (6) الآخر، وهو عين (7) ربا الفضل (المعنوي)(1) فامتنع لذلك بيع دينار ودرهم بدينار ودرهم؛ لأن ذلك الزائد يغتريه (8) كل واحد على سبيل المبايعة (9) الحقيقية يستبد به عن صاحبه، ولما فقد هذا المعنى في الشركة ضعف اتهامهما لعدم استبدادهما، ولعدم المبايعة الصريحة. قاله بعض (10) من تكلم على المدونة.
تنبيه: لأجل انتفاء المبايعة الصريحة في الشركة جوزوا في الشركة (في)(1) الحرث لكل واحد من الشريكين فيها إخراج الزريعة وإخراج أحدهما العمل والآخر الأداة (11) والبقر.
(1) ساقطة في (ح).
(2)
ساقطة في (ب).
(3)
(ح) و (ب): ومد.
(4)
(ح): والآخر مثله مثله وذهبا.
(5)
في الأصل و (أ): فتمنع.
(6)
كذا في الأصل (أ) وفي (ح) و (ب) اعتزاه فوقها (كذا). ولعل الأنسب اغتره ففي القاموس اغتره أتاه على غفلة.
(7)
(ح) و (ب): غير، وهو تحريف.
(8)
كذا في (ح) و (ب)، وفي الأصل يعتريه وفي (ب): ينقش.
(9)
في الأصل: المبالغة، وهو تحريف.
(10)
في الأصل: بعضهم.
(11)
(ح) الآلات.
816 -
وإنما لم يختلفوا (1) في عدم قبول إقرار أحد الشريكين بدين لمن (2) يتهم عليه كأبويه وولده أو جده أو جدته أو صديقه الملاطف، واختلفوا في إقرار من تبين فلسه لمن يتهم عليه؛ لأن المفلس يبقى الدين في ذمته بعد الإِقرار، ولا كذلك (3) الشريك. قاله التونسي.
تنبيه: [أنكر](4) الشيخ أبو الحسن اللخمي هذا الفرق وقال: لا وجه له، والمفلس (5) أبين في التهمة؛ لأنه ينتزع (6) ماله ويبقى مفلسًا لا شيء له فيعطي ماله لمثل هؤلاء ليعيده إليه فيعيش به.
817 -
وإنما قال اللخمي: لا يقبل إقرار أحد الشريكين بدين بعد المفاصلة والافتراق، ويقبل بعد موت صاحبه؛ لأن الافتراق لا يكون إلا عن محاسبة ومفاصلة وقطع الدعاوي، ولا كذلك الموت لأنه أمر طرأ قبل التفاصل والإبراء.
818 -
وإنما قال ابن المواز في عامل القراض يدعي بعد المقاسمة أنه أنفق من عنده في مال القراض ونسي ذكره عند المحاسبة يحلف ويكون له ذلك، والشريك بعد المفاصلة إذ أقر بدين لا يكون له ذلك؛ لأن عامل القراض لا يقبل إلا بيمين (7)، وهي من إقرار الشريك لا تصح، إذ [لا](8) يحلف أحد ويستحق غيره، ولا تصح من المقر له أيضًا لأنها تصير قول الشريك شهادة، والفرض (9) أنه إقرار، هذا خلف. قاله ابن عرفة (10)، رحمه الله (11).
(1) انظر المدونة 4/ 45.
(2)
في الأصل: إذا لم.
(3)
في الأصل: و (أ) ولكن كذلك.
(4)
(ح) ضعف وهي ساقطة في (أ) و (ب).
(5)
(ح) المفلس.
(6)
(ح) ينزع.
(7)
(ب) باليمين.
(8)
ساقطة في (ب).
(9)
(ب) في الفرض.
(10)
(ح) ابن عمران.
(11)
ساقطة في الأصل.
تنبيه: بهذا الفرق يتضح (بطلان)(1) تخريج اللخمي قبول إقرار الشريك على قبوله من العامل، وعلى (2) صحته فلا يحتاج إليه لوجوده نصًّا. قال ابن يونس: لابن سحنون عن أبيه: إقرار أحد الشريكين بعد التفرق (3) يلزمهما في أموالهما.
819 -
وإنما قال في المدونة (4) بمنع (5) الشركة في الدنانير مع الدراهم، فإِن وقع وعملا فلكل واحد رأس ماله، ويقتسمان الربح لكل عشرة دنانير دينار، ولكل عشرة دراهم درهم، وكذلك الوضيعة، وإن (6) عرف كل واحد السلعة التي اشتريت بماله بيعت السلع (7) وقسم كل ثمنها كما (8) ذكرنا، وقال: إذا وقعت الشركة في العرضين (9) فاسدة فرأس مال كل واحد منهما ما بيع به (10) عرضه، وبه يكون شريكًا إن عملا بعد ذلك، فكذا ينبغي إن اشتريا بالدنانير والدراهم عرضًا أن (11) يكون لصاحب ذلك المال كما كان ثمن العرض (12) في شركة العرضين الفاسدة لصاحب ذلك العرض؛ لأن أصل المذهب عدم إيجاب العين واختصاص (13) ربها بعوضها إذا حركها غيره بخلاف العرض في ذلك. قال في صرف المدونة (14): ومن أودعته دنانير فابتاع بها سلعة فليس لك (15) أخذها، إنما لك أخذ دنانيرك (16). ولو أودعته
(1) الزيادة من (ح).
(2)
(ح) من العامل على صحته.
(3)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ التفريق.
(4)
انظر جـ 4/ 35.
(5)
(ح) تمتنع.
(6)
(ب) إن عرف.
(7)
(ح) السلعة.
(8)
(ح) عما.
(9)
في الأصل الغرضين.
(10)
(ب) به في عرضه.
(11)
(ح) أو.
(12)
في الأصل العوض وفي (ب) القرض.
(13)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ اختصاص.
(14)
انظر جـ 3/ 95.
(15)
(ب) له.
(16)
(ح) دنانير.
عرضًا فباعه بعرض أو طعام، فلك أخذ ثمن ما باعه به، أو المثل فيما له مثل، أو القيمة (1) فيما لا مثل له، فإذا وقفت على هذا علمت أنه لا يلزم من اختصاص رب العرض بثمنه اختصاص رب العين بعوضها خلاف ما توهمه التونسي وابن يونس، والله أعلم.
820 -
وإنما قالوا في الجدار يكون بين الرجلين (2) فينهدم فيريد أحدهما بناءه ويأبى الآخر أن الآبي لا يجبر في الرواية المشهورة، وإذا كانت البئر بينهما فغارت كان إصلاحها عليهما، ومن أبى منهما جبر؛ لأن البئر يتحقق النفع بإصلاحها، وفي ترك إصلاحها إضاعة للمال، وليس (3) كذلك الجدار، فإِنه قد يستغنى عنه بأن يستر كل (4) منهما على نفسه بزرب أو (5) غير ذلك.
821 -
وإنما قال ابن القاسم (6) فيمن زرع زرعًا فغارت (7)، وانقطع سقيه، وخيف على زرعه، وبجاره فضل عن شربه، فعليه أن يمكن صاحب الزرع المخوف عليه من فضل مائه حتى يصلح بئره، فإِن امتنع من ذلك جبير عليه من غير ثمن، وقال: إذا أطعمه الطعام في مخصمة فإِنه يضمن له قيمة الطعام؛ لأن الماء يسلك فيه مسلك المسامحة إذ هو الموجود فيه كثيرًا عادة، ولأنه ورد فيه [ولا يمنع نفع بئر](8)، ولا يوجد (9) ذلك في الطعام.
(1)(ح) والمثل فيما له مثل والقيمة فيما لا مثل له.
(2)
في الأصل و (أ) رجلين.
(3)
المثبت من الأصل، وفي بقية النسخ ولا كذلك.
(4)
المثبت من (ح) وفي بقية النسخ الأبي منهما.
(5)
(ح) برق أو غيره. والرق هو الجلد، والزرب بفتح الزاي وقد تكسر موضع الغنم كما في القاموس والمصباح ولعل الأنسب ما ورد في (ح).
(6)
انظر المدونة 4/ 374.
(7)
في الأصل: فهرت، (أ): فعرت، (ب) فمرت.
(8)
كذا في جميع النسخ نفع بالفاء، والصواب نقع بالقاف، ونقع البئر فضل مائها. والحديث أخرجه ابن ماجه 2/ 828 بلفظ "لا يمنع فضل الماء ولا يمنع نقع البئر" وسنده ضعيف، وأخرجه مالك في الموطأ مرسلًا ص 638 باب القضاء في المياه بلفظ "لا يمنع نقع بئر"، قال في التمهيد 13/ 123:"زاد بعضهم في هذا الحديث يعني فضل مائها". وقد تحدث عن وروده مسندًا في غير الموطأ.
(9)
في الأصل و (أ): ولا يوجب، وهو تحريف.
تنبيه: عكس أشهب هذا الحكم فقال: يغرم في سقي الماء، ولا يغرم في المخمصة، والفرق (له)(1) بأن (2) حرمة النفوس أعظم من حرمة الأموال؛ لأنه لما خاف الموت يجب إحياؤه بلا عوض (3)، وليس خوفه على النفس كخوفه على الزرع وغيره من الأموال، [والله أعلم](4).
(1) ساقطة في الأصل و (أ).
(2)
في الأصل و (أ) لأن.
(3)
(ب): عرض.
(4)
الزيادة من (ح).