الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروق كتاب الحمالة
892 -
وإنما قال ابن لبابة: لو باع رجلان سلعة على أن كل واحد منهما حميل بالآخر لم يجز، ولو اشترياها على أن كل واحد منهما (حميل)(1) بما على صاحبه لجاز (2)؛ لأنَّ المشتريين لو دفع البائع السلعة إلى أحدهما فيما عليه وعلى صاحبه لجاز؛ لأنَّ كل واحد منهما لما تحمل بصاحبه صار كالوكيل له على قبض السلعة، ولو دفع المشتري إلى أحد (3) البائعين اللذين كل منهما حميل بصاحبه جميع الثمن لم يجز.
893 -
وإنما اشترط الحوز في الهبات، ولم يشترط في الحمالة على المعروف، مع أن الجميع تبرع؛ لأنَّ الهبة لم يتعلق بها حق سوى حق الموهوب له وأما الحمالة فهي هبة لمن عليه الدين بأن يقضي عنه دينه ثمَّ يرجع (4) به عليه إذا أيسر ولكن تعلق بهذه الهبة حق لغير الموهوب له: وهو المتحمل لمن (5) استحق (6) الدين وهو غير الموهوب له فصارت الهبة ها هنا (7) كالمقبوضة لزوال يد الموهوب له عنها (8) وحلول غيره محله فصار هذا كالحوالة، والحوالة
(1) بياض في الأصل و (أ)، وهي ساقطة في (ب).
(2)
(ح): على الآخر جاز.
(3)
في الأصل و (أ): إلى أجل.
(4)
(ب): رجع.
(5)
(ح): التحمل لما.
(6)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ المستحق.
(7)
(ح): هنا.
(8)
(ح): منها.
ها هنا كالقبض من الموهوب له فلهذا (1) أمضاها، وقد اختلف المذهب فيمن وهب سلعة لرجل فلم يقبضها الموهوب له حتى باعها من رجل آخر ثمَّ مات الواهب (2) وهي في يده (3) فقيل ببطلان الهبة لعدم الحوز وقيل بإِمضائها لتعلق حق المشتري بها، والمشتري ليس بموهوب له، وإنما يستحقها عن معاوضة، وعقود المعاوضة (4) لا تفتقر إلى حيازة. ومن هذا المعنى مسألة المدونة (5) في القائل لرجل مالك (6) على فلان فأنا حميل به فمات الحميل قبل أن يقضي بالدين عن المتحمل به فإِن ذلك يؤخذ من تركته إذا قضي به على خلاف المذكور. قاله الإِمام أبو عبد الله المازري رحمه الله (7).
تنبيه: الأشياء التي لا تتم إلا بالحيازة: الأحباس والصدقات والهبات والعمري والعطية والمنحة (8) والهدية (9) والإِسكان والعرية والعارية (10) والإِرفاق والعدة (11) والإِخدام والصلة والحبا والرهن. وضابطه كل (12) ملك انتقل بغير (13) عوض فلا بد من حيازته. واختلف في الزيادة في ثمن السلعة وصداق المرأة والوصية (بأكثر)(14) من الثلث إذا أجاز الورثة ذلك بعد الموت وإقطاع (15) الأئمة.
(1) في الأصل: فهذا، وفي (ب) فصار فلهذا.
(2)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: الموهوب.
(3)
(أ) و (ب): يديه.
(4)
في الأصل و (أ): المعاوضات.
(5)
انظر جـ 4/ 133.
(6)
في الأصل: ما ذلك. والذي في المدونة: ما ذاب لك على.
(7)
ساقطة في الأصل.
(8)
(ب): المحنة، وهو تحريف.
(9)
(أ): الهداية، وهو تحريف.
(10)
(ح): والعبارية، وهو تحريف.
(11)
بكسر العين وفتح الدال المهملة بدون تشديد.
(12)
(ب): والأنطة وكل، وهو تحريف.
(13)
في الأصل: من غير.
(14)
ساقطة من (ح).
(15)
(ب): وانقطاع، وهو تحريف.
894 -
وإنما منعت الكفالة في الحدود، وجازت في سائر الحقوق، مع أن الكل كفالة بما (1) على المكفول؛ لأنَّ غير الحدود يجوز أخذه من الكفيل، والحدود لا يجوز أخذها من الكفيل: وإنما تؤخذ ممن وجبت عليه.
تنبيه: وهذا كله في الحدود التي هي من (2)(حق)(3) الله سبحانه (وتعالى)(4) الثابتة بالبينة كالحد بالزنى وشرب الخمر والقطع (في السرقة وفي حقوق الخلق المتعلقة بالأبدان كالقتل والقطع)(5)، وأما لو كانت الحدود التي هي من حق (6) الله سبحانه، إنما تثبت بالإِقرار (7)، لكان التكفل (8) بالطلب للمقر جائزًا (9) على القول عندنا (10) أنَّ للمقر الرجوع عن إقراره، وإن لم يظهر له عذر ولا شبهة، وكذا على القول بأن هروبه كالرجوع (11) عن الإِقرار، وقد اختلفت الروايات (12) في حديث الغامدية (13) هل كفل بها رسول
(1)(ح): مما.
(2)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: في.
(3)
ساقطة من الأصل و (أ).
(4)
ساقطة من الأصل.
(5)
ساقطة من (ح).
(6)
في الأصل و (أ): من خلق، وهو تحريف.
(7)
(ح): الإقرار.
(8)
(ح): المتكفل. وفي هامشها: قوله لكان المتكفل إلى قوله عن الإِقرار، كذا بالأصل ولم يوجد غيره ليحرر فيه أهـ.
(9)
(ح): جائز.
(10)
(ب): عند فلان.
(11)
المثبت من (ح)، وفي بقية النسخ بالرجوع.
(12)
(ح): اختلف الرواة.
(13)
في الأصل: العامرية، وفي (أ): الغامرية، وكلتاهما تصحيف.
وقد روى هذا الحديث مسلم في صحيحه 11/ 201، ومالك في الموطأ ص 712، ولم يذكر في الموطأ كونها من غامد، ولفظ مسلم "ثمَّ جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله طهرني، فقال: ويحك ارجعي فاستغفري الله وثوبي إليه. فقالت: أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك. قال: وما ذاك؟ قالت: إنها حبلى من الزنى. فقال: آنت؟ قالت: نعم. فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك. قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت. قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامدية. فقال إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه. فقام رجل من الأنصار فقال: إليَّ رضاعه يا نبي الله. قال: فرجمها". قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم: "قوله =
الله صلى الله عليه وسلم لما أقرت بالزنى، وهي حامل، حتى تضع حملها، أو لم (1) تكفل، وهو جار على هذا الأصل.
895 -
وإنما لا تصح الحمالة بالكتابة وتصح بغيرها؛ لأنَّ الكتابة ليست بدين ثابت على المكاتب، والحميل (يحل)(2) محل المتحمل عنه، فإِن كان الدين ليس بثابت على الأصل فأحرى ألا يثبت على من هو فرع عنه (3) وتبع له وهو الحميل.
896 -
وإنما قال أشهب فيمن قال لرجل كاتب عبدك وعلى مائة دينار يجوز، ولا يجوز أن يتحمل بالكتابة (4) مع أن المقصود من الحميل حصول العتق للمكاتب، فإِذا عجز ولم يحصل له العتق وجب بطلان الحمالة، فلذلك بطلت من أول (الأمر)(5)، لأنَّ من كاتب عبده على أن أعطاه حميلًا بالكتابة فقد أعطاه حميلًا بدين قد لا يثبت، فلم يصح ذلك لما قدمناه (في الفرق قبله)(6)، لأنَّ المقصود من الحميل حصول العتق إلى آخر ما علل به المعترض، والله أعلم. ومسألة أشهب إنما دفع إليه مالًا على أن يستأنف الكتابة ويرفع حقه في (7) بيع العبد، وهذا مما ينظر فيه.
تنبيه: لا تجوز الكفالة في ثمانية أوجه وهي: الكتابة والصرف والقصاص والحدود والتعزير وفيما بيع بعينه وإجارة الأجير في عمل يستعمله على أن يعمله بنفسه وحمولة دابة بعينها.
897 -
وإنما قالوا بسقوط الحمالة على المعروف من المذهب إذا مات المتحمل بوجهه في البلد، وإذا تغيب عن البلد أو فيه فلا تسقط، والغرامة لازمة، لأنَّ
= فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت أي قام بمؤنتها ومصالحها، وليس هو من الكفالة التي هي بمعنى الضمان؛ لأنَّ هذا لا يجوز في الحدود التي لله تعالى أهـ".
(1)
(ح): ولم.
(2)
(ح): يحمل، وفي (ب): ساقطة.
(3)
(ح): منه.
(4)
انظر المدونة 4/ 139.
(5)
المثبت من هامش (ح)، وهي ساقطة في كل النسخ.
(6)
ساقطة من (ح).
(7)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: من.
الموت لا (يمكن)(1) اكتسابه ولا التحفظ منه، لعدم القدرة البشرية على دفع الموت عمن فرغ عمره ونفذ، ولا كذلك التغيب فإِنه مما يكتسب ويكتسب التحفظ منه.
898 -
وإنما أخذ الحميل بالوجه ليتحفظ بمن تحمل بوجهه حتى لا يغيب، وإذا (2) غاب توجهت الغرامة، لأنا إنما أجزنا الحمالة لما (3) تؤدي إليه من الغرامة، وإن القصد بها تحصين (4) ما في الذمة من الدين.
تنبيه: لو وقع الموت بعد أن تغيب المتحمل بوجهه فإِن المذهب على قولين، أحدهما سقوط هذه الحمالة بالموت (في غير البلد)(1)، كما تسقط بالموت لو كان المتحمل به (5)(في البلد)(6)، وإليه ذهب أشهب. والثاني أن الموت بغير البلد لا يسقط هذه الحمالة، وإليه ذهب ابن القاسم. ولو أن السلطان حبس المتحمل بوجهه تعديًا عليه (7) ومنع منه، ولا سبب فيه للغريم، فقال المازري: إنه يجري مجرى موته: (وموته)(8) يسقط الكفالة، فكذلك إذا كان هذا الامتناع (ليس)(1) من الغريم ولا سبب له فيه.
899 -
وإنما (لا)(8) يغرم حميل الوجه إذا أثبت (9) فقر المتحمل لوجهه، وكان حاضرًا، ويغرم إذا أثبت (9) فقره وهو غائب، لأنَّ الحكم بتفقيره إنما يتوجه مع اليمين بعد إقامة البينة إنهم (لا يعلمون)(6) له مالًا ظاهرًا ولا باطنًا (10)، فإِذا كان حاضرًا وأثبت (11) فقره وحلف سقطت الكفالة لاستيفاء شرائط الحكم
(1) الزيادة من (ح).
(2)
مكررة في الأصل.
(3)
(ح): بما.
(4)
(ح): فيها تحصيل.
(5)
(ح): له.
(6)
ساقطة من (ح).
(7)
(ب): إليه.
(8)
ساقطة من الأصل و (أ).
(9)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: ثبت.
(10)
في هامش (ح): لا مال له لا ظاهرًا ولا باطنًا.
(11)
(ح): وثبت.
بالفقر. وإذا أثبت الكفيل فقر الغريم وهو غائب بقي من تمام الحكم بالفقر يمينه، واستحلافه مع غيبته يتعذر، وإن كانت هذه اليمين يمين استظهار لأجل التهمة بأنه أخفى مالًا، ويمين الاستظهار والتهم ليس (لها من)(1) القوة ما للأيمان الواجبة على الدعاوي المحققة.
900 -
وإنما قالوا في السلم (2) المطلق الذي لم يقيد فيه القبض بموضع مخصوص، إن القبض يكون بالبلد الذي وقع فيه العقد: وإذا وقعت الحمالة بالوجه (3)، ولم تقيد (4) بموضع يحضر فيه الغريم: فإِن الحمالة تسقط إذا أحضره (5)(بموضع)(6) يتمكن فيه من الطلب أي موضع كان، لأنَّ السلع لا اختلاف البلاد (7) في أسعارها (8) -فيها أغراض للناس، ألا ترى أنَّه لو باع سلعة بدنانير إلى أجل فحل الأجل، والمتعاقدان (9) ببلد آخر، فإِنه يقضي بالدنانير لعدم اختلاف الأغراض فيها باختلاف البلاد، بخلاف غيرها فإِن للناس أغراضًا (10) تختلف باختلاف البلاد، وتسليم الكفيل بالوجه (11) المكفول بوجهه يحمل الغرض فيه للمكفول له في سائر البلاد.
901 -
وإنما قالوا في الكفيل بالوجه إذا زعم (12) -لما أمر بالخروج في طلب الغريم- أنَّه فعل يصدق في ذلك إذا كان بعد مدة يمكن أن يخرج ويرجع فيها، واختلفوا في الأجير على توصيل كتاب إلى بلد آخر فقال فعلت: هل
(1) بياض في (ح).
(2)
في الأصل و (أ): المسلم.
(3)
(ح): بوجه.
(4)
(ب): يتقيد.
(5)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: أحضر.
(6)
ساقطة من (ب).
(7)
(أ) و (ب): البلد.
(8)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: أسفارها.
(9)
(ب): والمنعقدان، وهو تحريف.
(10)
(ح): أغراض.
(11)
(ح): لوجه.
(12)
(ح): زعم الخروج.
يصدق في ذلك أم لا، لأنَّ الرسول على تبليغ (1) كتاب يحاول بمجرد دعواه إثبات دين في ذمة آخر (2)، والديون لا ثبت في الذمم إلا ببينة، ولا كذلك الحمالة، فإِنه لا يثبت (3) بدعواه دينًا (على)(4) آخر وإنما يبرئ (5) نفسه مما التزم به من الطلب، وهو مما لا يمكن فيه إقامة البينة، فكأن الغريم (6) والمكفول له داخلان على تصديق الكفيل فافترقا.
تنبيه: بقولنا (7) فكان الغريم (8) والمكفول له دخلا (9) على تصديق الكفيل يندفع إجراء الخلاف في الكفيل من مسألة الرسول كما توهمه بعضهم ويندفع النقض أيضًا بمسألة الغريم.
902 -
وإنما قالوا إذا غاب الغريم فقضى الحميل عنه الدين بعد حلول أجله ثمَّ قدم الغريم فأثبت بينة أنَّه كان قضاه (أيضًا)(10) قبل سفره أن الحميل (إنما)(11) يرجع بما أدى على القابض المتحمل له لا على من قضاه عنه، وإذا (12) أثبت (13) أن الحميل دفع بعد حلول الأجل وقبل دفع الغريم فإِن رجوعه على المضمون عنه (14) لا على المضمون له القابض؛ لأنَّ دفع الحميل بعد أداء (15) الغريم خطأ منه على نفسه وأداء (16) ما لا يلزمه أداؤه، ولا تكون له
(1)(ح): توصيل.
(2)
في الأصل و (أ): أخرى.
(3)
(ح): فإِنها لا تثبت.
(4)
ساقطة في (ب).
(5)
(ح) يبرأ في نفسه.
(6)
في الأصل: الكفيل وفي هامش (ح): صوابه أن يقول "فكان المكفول له داخلًا".
(7)
في الأصل و (ب) فقولنا.
(8)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ "الكفيل".
(9)
(ح): داخلًا، وفي (ب): دخلا فيه.
(10)
ساقطة في (ح).
(11)
ساقطة في الأصل و (أ).
(12)
في الأصل: وإن.
(13)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ:"ثبت".
(14)
في الأصل و (ب)"منه".
(15)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ "قضاء".
(16)
(ح) وأدى.
مطالبة على الغريم، لأنه أدى عنه ما لا يلزمه إذ سقط بأداء الغريم له، ولا كذلك العكس فإِنه قد دفع عنه ما لزمه والغريم هو الذي غلط على نفسه بدفع ما لا يلزمه (1).
تنبيه: إن علم تاريخ السابق منهما بالدفع في اللاحق فالحكم ما تقدم (2) الآن وإن جهلت التواريخ فنص (3) المازري على أنَّه لا يجب للحميل رجوع على الغريم مع الشك في كونه يستحق (الرجوع عليه أو لا يستحق)(4) إلا أن يكون دفعه بقضية من السلطان فيرجع على الغريم حينئذٍ؛ لأنه في صورة المجبور (5) على الدفع.
903 -
وإنما (جاز)(4) للحميل في بعض الأقوال المذهبية أن يصالح عن (6) المتحمل عنه بمقوم، ولا يجوز أن يصالح عنه بمثلي مع أن الجميع صلح (7)؛ لأنَّ المقوم لما كان يرجع فيه إلى القيمة وهو من جنس الدين، والحميل يعرف قيمة سلعته فقد دخل على القيمة إن كانت أقل من الدين وإن كانت أكثر فقد دخل على أخذ الدين وهبة (8) الزيادة بخلاف المثلي، لأنه (9)(من)(10) غير جنس الدين فلا يعرف فيه الأقل والأكثر؛ (لأن (11) الأقل والأكثر) (12) لا بد أن يشتركا في الجنس والصفة فكانت الجهالة (13) في المثلي أقوى.
(1)(ح): والغريم هو الذي رتب على نفسه ما لا يلزمه: وفي (أ) والغريم هو الذي غلط على نفسه فدفع مالًا يلزمه.
(2)
(ب): فالحكم على ما تقدم.
(3)
(ح): فذهب وفي (ب) قبض وهو تحريف.
(4)
ساقطة في الأصل و (أ).
(5)
(ح): الجبر.
(6)
(ح): على.
(7)
(أ) و (ب): صالح.
(8)
(ب): هبته.
(9)
(ب): كأنه.
(10)
الزيادة من (ح).
(11)
في الأصل: فإن.
(12)
ساقطة في (ح).
(13)
(ح): الحمالة.
904 -
وإنما قالوا في الضامن إذا صالح المضمون له يرجع على المضمون عنه بالأقل من الدين أو القيمة، وفيمن أمر رجلًا أن يشتري له سلعة بالعين ولم يدفع (1) إليه شيئًا فاشتراها بغير العين أن الآمر مخير في ترك ما اشتراه ولا إشكال (أو يدفع للمأمور (2) ما أدى عنه إن رضي بالشراء وكان ينبغي أن رضي (3) بالشراء) (4) أن يدفع له الأقل مما (5) أمره (6) به أو قيمة ما اشترى به، والجامع أن كل واحد من الكفيل والوكيل فعل غير ما أذن له فيه قصد المعروف؛ لأنَّ المأمور مأذون (له)(7) في السلف؛ لأنَّ (الفرض أن)(8) الآمر لم يعط شيئًا فإِذا أمضى الآمر فعله فإِنما أمضاه على الوجه الذي فعله وهو السلف ولا كذلك الكفيل فإِنه لم يؤذن له في شيء بوجه (9) وإنما قصد هو من جهة نفسه التطوع فلا يكون على الغريم إلا الأقل.
905 -
وإنما قال في المدونة (10) فيمن قال لرجل بايع فلانًا أو داينه فما بايعته به من شيء أو داينته فأنا ضامن [له](11) إن ذلك يلزمه: ولو لم يداينه حتى أتاه الحميل فقال لا تفعل فقد بدا لي في الحمالة فله ذلك، ولو قال (له)(7) احلف وأنا ضامن ثمَّ رجع قبل اليمين لم ينفعه رجوعه، ولزمه الحق؛ لأنَّ من حجة المدعي أن يقول أنا ادعيت أن لي عليه كذا وقد أحل هذا نفسه، محل المدعى عليه فكأنه (12) قال المدعى عليه احلف لي وأنا أغرم، لا يكون له رجوع فكذلك هذا، ولا كذلك قول الذي قال عامله وأنا ضامن، فإِنه كقول
(1) المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ ولم يرفع.
(2)
(ح): الأمر.
(3)
في الأصل و (أ): أن يرضى.
(4)
ساقطة في (ب).
(5)
(ح) أن لا يدفع له إلا ما أمره به إلخ.
(6)
في الأصل: رضي، وفي (أ) و (ب): أمر.
(7)
ساقطة في (ح).
(8)
ساقطة في الأصل.
(9)
(ب): بوجهه.
(10)
انظر جـ 4/ 133.
(11)
الزيادة من (ح).
(12)
في هامش (ح): فكما لزمه إذا قال.
العامل نفسه (عاملني)(1) وأنا أعطيت حميلًا فكما لهذا أن يرجع فلهذا أن يرجع. قاله ابن يونس.
906 -
وإنما قالوا في اختلاف الحميل ومن له الدين في كون الغريم فقيرًا فيتوجه الطلب (على الحميل من غير خلاف أو مليًّا فيجري توجه الطلب)(2) عليه على اختلاف قول مالك فيختلف (3) فيه على قولين: هل يحمل على الغني حتى ينكشف من حاله ما يدل على فقره فيجري الطلب على اختلاف قولي مالك، أو يحمل على الفقر حتى يظهر ما يدل على ملائه، وقالوا إن من اشترى سلعة ثمَّ ادعى العجز والفقر عن ثمنها لا يصدق من غير خلاف؛ لأنَّ المبتاع أخذ عونًا (4) عما يطلب منه من الثمن فيستصحب وجود ذلك (5) بيده حتى يظهر ما يدل على تلفه من يديه، والحميل لما لم يأخذ عوضًا صدق في دعوى (6) الفقر كما صدق الإِنسان في أنه فقير إذا طلب بالإِنفاق على أبويه لما كانت هذه المطالبة (7) لم يأخذ (عنها)(8) عوضا.
907 -
وإنما قال بعض الأشياخ إذا قال عامِلْ فلانًا بمائة دينار وأنا كفيل لك بها أنَّه لا يمكن من الرجوع عن التزامه وقعت المعاملة أو لم تقع، و (اما)(9) إن لم يقيد قوله فإِنه يمكن من الرجوع ما لم تقع المعاملة؛ لأنَّ الذي سمى مائة (10) دينار قد حد غاية ينتهي إليها بالطلب، ولا كذلك من أطلق ولم يحد فإِنه ليس هناك غاية تطلب فلا يمنع (11) من الرجوع عن ذلك، ألا ترى أن من
(1) ساقطة في (ح).
(2)
ساقطة في (ب).
(3)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: يختلف.
(4)
(ح): العوض.
(5)
في الأصل وجود ذلك من الثمن بيده.
(6)
(ب): معنى.
(7)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ المطالب.
(8)
الزيادة من (ح).
(9)
الزيادة من هامش (ح).
(10)
(ب): سماه أنَّه وهو تحريف.
(11)
المثبت من (ب)، وفي سائر النسخ يمكن.
أكرى (1) داره سنة فإِن العقد لازم لهما جميعًا بالقول ولو أكراها كل شهر بدينار لكان لكل واحد منهما الرجوع فيما يستقبل في السكنى (لما لم)(2) تكن (3) هنالك (4) غاية ينتهي إليها المكتري.
908 -
وإنما قالوا فيمن أعطى غريمه حميلًا بالدين ليؤخره إلى أبعد من أجله لا يجوز، وإن نزل سقطت الحمالة ولم يؤخذ الحميل بغرامة قبل انقضاء الأجل، ولو أعطاه بدل الحميل رهنًا لم يجز أيضًا وإن وقع ونزل ففي الموازية يكون قابض الرهن أحق به من الغرماء مع أن كل واحد من الرهن والحميل توثق، لأنَّ [حق](5) المرتهن تعلق بعين وقد قبضها وحازها (6)، وصار (7) ذلك كالفوات (8) في المعاملة الفاسدة، والحميل لم يحزه (9) المتحمل له، ولم يتعلق حقه بعين استحقها عليه. قاله المازري.
909 -
وإنما جوزوا صلح الكفيل عن الغريم بعرض عن عين، ثمَّ يغرم الغريم للكفيل (10) الأقل من الدين أو قيمة العرض، ومنعوا دفع عرض عن ثواب من وهب عرضًا هبة (11) ثواب مع أنَّه إنما يقضي للدافع بالأقل من قيمة العرض الذي دفع أو قيمة العرض الموهوب، لأنَّ الغالب في الثواب كونه أكثر من القيمة وهو مجهول والأقل من مجهولين أشد غررًا من الأقل من معلوم ومجهول، ولا كذلك (الدين)(12) المتحمل به؛ لأنه معلوم. قاله المازري رحمه الله (13).
(1) في الأصل و (ح): اكترى.
(2)
بياض في الأصل و (أ) وهي ساقطة في (ب).
(3)
في الأصل: تكون.
(4)
(ح): هناك.
(5)
ساقطة في (ب)
(6)
(أ): جازها.
(7)
(ب): صار حق ذلك.
(8)
(ح): كالفوت.
(9)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ يجزه.
(10)
(ح): الكفيل.
(11)
(ح): لهبة.
(12)
ساقطة في الأصل و (أ).
(13)
ساقطة في الأصل.
910 -
وإنما قال في المدونة من أمر من يشتري له سلعة فاشتراها بغير العين، فله تركها، فإِن أخذها، دفع له مثل ما دفع (لا)(1) الأقل، وقال في صلح الكفيل بعرض يرجع بالأقل في الدين أو قيمة العرض؛ لأنَّ المأمور أمره الآمر أن يسفله (دنانير ليشتري له بها، فأسلفه عرضًا والكفيل لم يأمره الغريم أن يسفله)(2)، بل تطوع واشترى له دينه بسلعة (3) فعد بائعًا لها لا مسلفًا (4)، ولو كان سأله أن يعطي عنه الدين فدفع فيه عرضًا لخير (5) الغريم في دفع مثل (6) العرض أو (ما)(1) عليه من الدين. قاله ابن يونس (7).
911 -
وإنما لم يجعلوا للذي يقول لرجل احلف أن الذي تدعى قبل فلان حق (8) وأنا له ضامن أن يرجع قبل اليمين وألزموه الضمان، وجعلوا للقائل دائن فلانًا فما داينته من شيء فأنا ضامن له، ثمَّ يقول له قبل المداينة لا تفعل فقد بدا (لي)(1) في الحمالة، أن يرجع ولا يلزمه ما التزم؛ لأنَّ (9) الذي أتاه قبل المعاملة لم يدخله في شيء حتى يعامل فلانًا فيكون قد أدخله في ذلك فيتعلق عليه ما ضمن، والآخر قد أدخله في ترك صاحبه وتسريحه ونفي الطلب عنه. وأيضًا فإِن الضمان أوجبه (10) بشرط اليمين التي هي إلى الطالب وقادر عليها بنفسه، والمعاملة لا تحسن منه لنفسه حتى يعامله فلان، وقد لا يرضى بمعاملته فلا تصح له مداينته فافترقا لهذا، والله أعلم. وأيضًا الذي
(1) ساقطة في (ب).
(2)
ساقطة في (ح).
(3)
(ح) لمدينة سلعة.
(4)
(ح): قصد بائعًا لها سلفًا، وفي (ب) قعد بائعها لا مسلفًا.
(5)
المثبت من (ح)، (م). وفي سائر النسخ يخير.
(6)
(ح): مثل دفع.
(7)
(ب): أبو يونس.
(8)
المثبت من (ح) وفي سائر النسخ وكذلك النكت "حقًّا".
(9)
(ح): ولأن.
(10)
(ب): أن أوجبه.
قيل له احلف يقول للضامن إنما ضمنت (لي)(1) حقًّا تقدم وأمرًا وجب لي، وأما الذي قيل له عامل فلانًا فلم يجب في ذلك الحق بعد؛ لأنَّ المداينة لم تكن، فليس ما وجب في الماضي كأمر يستأنف (2)(ولم يجب)(3) فهذا مفترق. والله أعلم. قاله عبد الحق (4)(رحمه الله تعالى)(5).
(1) ساقطة في (ح).
(2)
(ح): كما مر مستأنف.
(3)
الزيادة من (ح).
(4)
انظر النكت والفروق ص 219.
(5)
ساقطة في الأصل.