المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فروق كتاب الغصب - عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق

[الونشريسي]

فهرس الكتاب

- ‌تَمْهيد

- ‌رموز استعملتها أثناء الدراسة والتحقيق:

- ‌المقَدِّمَة

- ‌الحالة السياسية في المغربين الأوسط والأقصى (الجزائر والمغرب):

- ‌رحلته إلى فاس وسببها:

- ‌الحالة السياسية بالمغرب الأقصى:

- ‌الحالة الاجتماعية والثقافية في تلمسان وفاس في عصر المؤلف وما قاربه:

- ‌أولًا- تلمسان:

- ‌ثانيًا- في فاس:

- ‌الفصْل الأوّلفي بيان نسبه ونشأته:

- ‌اسمه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته وتعليمه:

- ‌عودة إلى الكلام عن أبي العباس:

- ‌صفاته الخُلُقية والجسمية:

- ‌الفصْل الثانيشيوخه:

- ‌الفصْل الثالثمكَانته العِلميّة وتلَاميذه:

- ‌تلاميذه

- ‌وفاته:

- ‌الفصْل الرابعآثاره:

- ‌ أشهر كتبه:

- ‌خَاتِمَة في الكلَام عَن كتاب عدة البروق

- ‌1 - نسبته للمؤلف:

- ‌2 - عنوانه:

- ‌3 - تاريخ تأليفه:

- ‌4 - الغرض من تأليفه:

- ‌5 - ملاحظات على الكتاب:

- ‌6 - قيمة الكتاب العلمية:

- ‌7 - مصادره:

- ‌8 - نسخ الكتاب:

- ‌9 - ملاحظات عامة على كتابة هذه النسخ الخطية كلها:

- ‌10 - عملي في التحقيق:

- ‌فروق كتاب الطهارة

- ‌فروق كتاب الصلاة

- ‌فروق كتاب الزكاة

- ‌فروق كتاب الصيام

- ‌فروق كتاب الاعتكاف

- ‌فروق كتاب الحج

- ‌فروق كتاب الصيد والذبائح والضحايا

- ‌فروق كتاب الأيمان

- ‌فروق كتاب النذور

- ‌فروق كتاب الجهاد

- ‌فروق كتاب النِّكَاح

- ‌فروق كتاب الخلع

- ‌فروق كتاب الطلاق

- ‌فروق كتاب التخيير والتمليك

- ‌فروق كتاب الرجعة

- ‌فروق كتاب الإِيلاء

- ‌فروق كتاب الظهار

- ‌فروق كتاب اللعان

- ‌فروق كتاب العدّة

- ‌فروق كتاب الرضاع والنفقات والحضانة

- ‌فروق كتاب العتق

- ‌فروق كتاب المدبر

- ‌فروق كتاب المكاتب

- ‌فروق كتاب الولاء

- ‌فروق كتاب أمهات الأولاد

- ‌فروق كتاب الصرف

- ‌فروق كتاب السلم

- ‌فروق كتاب البيوع

- ‌فروق كتاب بيع الخيار

- ‌فروق كتاب التدليس بالعيوب

- ‌فروق كتاب الصلح

- ‌فروق كتاب الأقضية

- ‌فروق كتاب الشهادات والدعاوي

- ‌فروق كتاب الوكالات

- ‌فروق كتاب الشركة

- ‌فروق كتاب الجعل والإِجارة

- ‌فروق كتاب الحجر والتفليس

- ‌فروق كتاب الحمالة

- ‌فروق كتاب الحوالة

- ‌فروق كتاب الرهون

- ‌فروق كتاب الغصب

- ‌فروق كتاب الاستحقاق

- ‌فروق كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فروق كتاب الوصايا

- ‌فروق كتاب العطايا

- ‌فروق كتاب الوديعة

- ‌فروق كتاب اللقطة

- ‌فروق كتاب الحدود (في الزنى)

- ‌فروق كتاب القطع في السرقة

- ‌فروق كتاب القذف

- ‌فروق كتاب الجنايات

- ‌فروق كتاب الجراحات [والديات]

- ‌المصادر والمراجع

- ‌القرآن والتفسير

- ‌الحديث

- ‌الفقه وأصوله

- ‌التاريخ والتراجم والسير

- ‌اللغة

- ‌المجلات

- ‌مراجع بلغة أجنبية

الفصل: ‌فروق كتاب الغصب

‌فروق كتاب الغصب

944 -

وإنَّما قال ابن القاسم فيمن وهب ثوبًا غصبه فأتلف الموهوب له عينه أن لصاحب الثوب أن يغرم الغاصب قيمته، وإن وجد الغاصب فقيرًا كان له أن يرجع بقيمته على الموهوب له، وإذا استحق من يد المشتري طعام أو ثياب وقد أفناهما فإن المستحق يخير (1) بين طلب الغاصب (2) أو المشتري، مع أن كل واحد من الموهوب له والمشتري قد انتفع؛ لأنَّ المشتري إذا ابتدأ الطالب بغرامته (كان له مرجع على من باع منه فلا يلحقه كبير ضرر، والموهوب له إذا بدأ الطالب بغرامته)(3) فلا مرجع له على أحد، وقد (4) أتلف ما أتلف مع اعتقاده أن لا غرامة عليه فيه فيلحقه من الرجوع عليه الضرر الشديد، فلذلك رئي (5) أن البداية بالغاصب لكونه هو المسلط للموهوب له على إتلاف هذا المال، فكأنه أتلفه بيده. قاله المازري رحمه الله (6).

945 -

وإنَّما قال في المدونة والموازية: والغاصب يكري الدابة من رجل فعطبت تحته أنَّه لا يغرم قيمتها وإذا استأجر رجلًا يبلغ له كتابًا إلى بلد وهو يظن أنَّه حر، فإِذا به عبد، وعطب في سفره، فإِنه يضمنه، لأنَّ العبد إذا أحيل سيده في الغرامة على عبده لم يفده ذلك، فصارت الإِجارة كالهبة ها هنا، والهبة

(1)(ح): مخير.

(2)

(ح): القاضي، وفي هامشها:"كذا فيه، ولعلّه تحريف عن الغاصب".

(3)

ساقطة في (ح)، و (أ).

(4)

(ح): فقد.

(5)

(ح): روي، (أ) رأي والمثبت من (ب).

(6)

الزيادة من (ح).

ص: 611

يرجع بها على (1) الواهب بخلاف عطب الدابة تحت من اكتراها (2) من الغاصب، فإِذا أسقطنا الغرامة عن الراكب كان لصاحب الدابة مرجع على آخر، وهو الغاصب، فلم يبطل حقه بالكلية. قاله الأشياخ.

946 -

وإنَّما قال في المدونة (3) في المكتري والمستعير يحبسان (4) الدابة الأمد الكثير تعديًا (5) تلزمهما القيمة وإن ردت الدابة سالمة، وقال في الغاصب إذا ردها بعد زمن كثير وهي سالمة أنَّه لا تلزمه غرامة القيمة؛ لأنَّ مقصود الغاصب ملك الرقبة لا تملك المنافع (6) فلم يضمن القيمة بحرمان ربها منفعتها، ومقصود المكتري والمستعير غصب المنفعة، ومن جملة المنافع بيعها إذا شاء ربها، وقد منعه بحبسها من هذه المنفعة وهي مقصودة، فضمن ما منعه (من ذلك)(7).

تنبيه: جنح ابن القاسم إلى إلزام الغاصب الغرامة ولكنه لم يلتزم (8) ذلك كراهة في مخالفة مالك، ولو تعدى المكتري على الدابة في المسافة فإِن المعتبر في تضمينه قيمتها إذا ردها سالمة ما (9) اعتبرناه في تعديه في الزمان، فإِن تعدى مسافة طويلة منع بذلك (10) ربها من أسواقها ضمن قيمتها إذا شاء ربها، وإن تعدى مسافة يسيرة لم يكن لربها أن يضمنه القيمة إذا ردها سالمة والعلة (11) في تعدي المسافة إذا كثر (12) وبعد كالعلة في تعدي الزمان (13) إذا طال وكثر. قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: ولو غصب الدابة في

(1)(ح): عن.

(2)

(ح): أكراها.

(3)

انظر جـ 3/ 431.

(4)

(ب): يحسبان، وهو تحريف.

(5)

(ب): بعد ما، وهو تحريف.

(6)

(ح): المنفعة.

(7)

الزيادة من (ح).

(8)

(ح) و (ب): يلزم، والمثبت من (ب).

(9)

(أ): وما اعتبرناه.

(10)

(ح): ذلك.

(11)

(ب): والعدة وهو تحريف.

(12)

المثبت من (ح)، وفي (أ) و (ب): إذا كثر بعد.

(13)

(ح): الزمن.

ص: 612

أمد (1) التعدي فإِنه يضمن قيمتها طال زمن التعدي أو قصر (وكذلك طالت مسافة التعدي أو قصرت)(2) حتَّى بولغ في ذلك فقيل ولو تعدى بها خطوة.

947 -

وإنَّما قالوا (3) في تعدي المسافة المحدودة والزمن المحدود إذا وقع العطب (4) في أمد التعدي أنَّه يضمن (5) مطلقًا، وقالوا في التعدي في زيادة الحمل (6) المشترط إذا اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة قمحًا فحمل عليها أحد عشر قفيزًا فعطبت فإنَّه يعتبر مقدار ما زاد، فإِن كان تعطب في مثله ضمن قيمتها، وإن كان لا تعطب في مثله لم يضمن القيمة؛ لأنَّ التعدي بالزيادة في المسافة أو الزمان (7) تعد محض لا شبهة فيه؛ إذ لا إذن (8) يخالطه، فلذلك استوى قليله وكثيره، والزيادة في الحمل لم يتمحض فيها التعدي، بل امتزج مع الإِذن، فالدابة المحمول عليها أحد عشر قفيزًا مأذون في سيرها بشرط أن يكون عليها عشرة، وغير مأذون في سيرها (9) إذا كان عليها أحد عشر قفيزًا، فوجب لأجل امتزاج التعدي بالإِذن أن (يفصل بين أن)(2) تكون الزيادة مهلكة أو غير مهلكة.

948 -

وإنَّما قال مالك فيمن بنى على حجر اشتراه من الغاصب وهو لا يعلم بكونه مغصوبًا أن بناءه لا يهدم وإذا بني عليه الغاصب نفسه فإِنه يهدم بناؤه (10) عليه مع أن العمد والخطأ في أموال النَّاس سواء؛ لأنَّ الغاصب بني ظلمًا وعدوانًا على (ملك)(11) غيره، والملك يحترم (12) لمالكه، وهذا الغاصب قد أسقط

(1)(ب): أمة.

(2)

ساقطة في (ح).

(3)

(ح): قال.

(4)

(أ) و (ب): الغصب.

(5)

(ح): لا يضمن مطلقًا، ولا هنا مقحمة.

(6)

(ب): الحميل.

(7)

(ح): الزمن.

(8)

(أ) و (ب): ولا إذن.

(9)

(أ) و (ب): في تصييرها.

(10)

المثبت من (ب)، وفي بقية النسخ بناءه.

(11)

ساقطة في (ح).

(12)

(ب): محترم.

ص: 613

(حرمة)(1) ماله ببنائه (2) على ما (لا)(3) يحل له أن يبني عليه، والذي بنى على خشبة اشتراها غير ظالم في بنائه، ولما له حرمة لم يهتكها (4)، فلا تهتك عليه بالشرع، بخلاف الغاصب الذي هتك حرمة ماله فلا يصونه الشرع عليه.

تنبيه: لو غصب لوحًا فأدخله في سفينة حتَّى صار في إنشائها كجزء من أجزائها فإِن الحكم فيه من ذكر خلاف ووفاق (5) كالحكم فيمن غصب خشبة فبنى عليها، فكما أن صاحب الخشبة المبني عليها يستحق قلعها، فكذلك يستحق صاحب هذا اللوح قلعه من السفينة، ولكن حكم هذا اللوح يختص بحكم لا يختص بمثله الحجر أو الخشبة (6) المبني عليها؛ لأنَّ هدم (7) الحجر والخشبة المبني عليه (لا يتعلق به من الإِتلاف أكثر من إتلاف بناء الغاصب، وبناء الغاصب لا حرمة له، ولكن السفينة قد يؤدي قلع هذا اللوح منها إلى إتلاف ما فيها (وقد يكون فيها حيوان إنساني أو بهيمي أو أموال، فإِن كان قلع هذا اللوح يمكن من غير إتلاف مال فيها)(8)، مثل أن يطلب ذلك رب اللوح وهو على البر أو شاطئ البحر، فإِنه يمكن من قلع اللوح، وإن فسد نظم ألواح السفينة، كما نمكنه من قلع (9) الحجر وإن فسد ما بني عليه، وأمَّا إن كانت في لجة البحر (واللوح بموضع منها، إن قلع غرقت السفينة وغرق ما فيها (10)، فإِنه إن كان (فيها)(2) حيوان آدمي لم يمكن من القلع لكون (11) ذلك إن أمكن (12) منه تضمن هلاك من (13) فيها من رجال أو نساء،

(1) ساقطة في (أ) و (ب).

(2)

(ح) و (م): ببنيانه.

(3)

ساقطة في (ح).

(4)

(أ): ولماله حرمة يهتك، وهو تحريف وسقط.

(5)

(ح) خلافًا ووفاقًا.

(6)

(أ) و (ب): والخشبة.

(7)

(أ) و (ب): عدم.

(8)

ساقطة من (ح).

(9)

(ح): كما تمكن من ذلك الحجر.

(10)

ساقطة في (ب).

(11)

(ح): من القلع أكد، وهو تحريف.

(12)

(ح): مكن.

(13)

(ح) و (م): "ما".

ص: 614

وكذلك إن كان فيها حيوان بهيمي فإِن له حرمة أيضًا تمنع من إهلاكه (1)، سواء كان للغاصب أو غيره من النَّاس وإن كان ما فيها من الوسق (2) مال عروض أو عين (3)، ولا يخشى من قلع اللوح هلاك أرواح، فإِنه يعتبر هذا المال فإِن كان لغير الغاصب (لم)(4) يقلع هذا اللوح مثل ما تقدم أعلاه فيمن اشترى حجرًا فبنى عليه، وهو لا يعلم بكونه مغصوبًا، فإِنه لا يهدم بناؤه، لكونه غير متعد في البناء، وكذلك المال الذي في السفينة إذا كان لغير الغاصب فله حرمة من جهة مالكه الذي لم يظلم ولا تعدى في جملة (5) هذه السفينة فلا يجوز أن يتلف ذلك عليه. وأمَّا إن كان ما فيها من الوسق (من)(4) مال الغاصب، وهو عروض، فإِن الأكثر ذهبوا إلى أنَّه (لا)(4) يمنع صاحب اللوح من قلعه من هذه السفينة وإن أدى ذلك لهلاك مال الغاصب؛ لأنَّ الغاصب لا حرمة لماله الذي منع به مال الغير وهو الذي هتك حرمة ماله فلا يمنع ذلك من تمكين صاحب اللوح من نزعه من هذه السفينة وإن تلف مال الغاصب كما لم يمنع كون الحجر المغصوب يمكن منه صاحبه (6) وإن أفسد (7) بناء الغاصب الذي بناه عليه، وهذه طريقة بعض الحذاق من أكابر أصحابنا كابن القصار وغيره. قاله المازري رحمه الله.

949 -

وإنَّما اختلف المذهب في التضمين بالغرور (8) ولم يختلف في تضمين الشاهدين إذا شهدا على رجل بمال فقضى عليه القاضي به وسلمه لطالبه ثم اعترفا بعد الحكم أنهما تعمدا الكذب وشهادة الزور؛ لأنَّ المغرور بالقول قادر على أن (لا)(9) يقبل قول الغار فصار قول الغار وإن كان سببًا للتلف فإِنه

(1)(ح): هلاكه.

(2)

الوسق: هو الحمل بكسر الحاء المهملة والوسق مكيال ستون صاعًا والمراد هنا الأوَّل.

(3)

كذا في جميع النسخ ما عدا (ح): "غيرها".

(4)

ساقطة في (ح).

(5)

هذا في (ح) وبقبة المخطوطات، ولعل الصواب "في حمله في هذه السفينة".

(6)

(أ): منها صاحبها، وفي (ب): منه صاحبها.

(7)

(خ): فسد.

(8)

(أ) و (ب) بالغرور الفعلي وهي غير موجودة في (ح) و (م)، ولعل الصواب بالغرور القولي والله أعلم.

(9)

ساقطة في (أ) و (ب).

ص: 615

غير ملجئ للتلف وشهادة الشهود تلجئ القاضي إلى الحكم، وشتان بين (1) سبب ملجئ وسبب غير ملجئ.

تنبيه: لا يقال هذا إنَّما يكون عذرًا (2) في حق غير الحاكم، وأمَّا الحاكم فلا؛ لأنَّه في سعة (أن)(3) لا يقبل شهادة الشاهدين؛ لأنا نقول (إذا)(4) ترك القضاء بهما وقد حرم الشرع ذلك عليه صار (5) الشاهدان هما السبب الملجئ للتلف.

950 -

وإنَّما قال في أحكام الشعبي (6) عن محمَّد بن عبد الملك الخولاني (7): إذا باع خابية مكسورة وهو عالم فصب فيها المبتاع زيتًا فهلك لا ضمان، وإذا أكراها فعليه الضمان؛ لأنَّ المشتري في الكراء (هو)(8) المنافع، ولم تحصل، بخلاف الشراء فإِنه في الذوات، والجناية في أمر خارج عنها، فقصاراه أنَّه غرر بالقول، ومذهب المدونة لا يوجب تضمينًا. قاله بعض الحذاق.

951 -

وإنَّما قال ابن سحنون عن أبيه فيمن هدد رجلًا بالقتل أو بإتلاف عضو على أن يأخذ مال رجل فيحرقه أو يغرقه ففعل أنَّه يضمن هذا المال، ولو هدده بذلك

(1)(أ) و (ب): فيمن، وهو تحريف.

(2)

(أ): غررا.

(3)

ساقطة في (أ) و (ب).

(4)

ساقطة في (ب).

(5)

(ب): فصار.

(6)

انظر النسخة المرقونة من أحكام الشعبي جـ 1/ 261 بتحقيق الأستاذ الصادق الحلوي في نطاق دكتوراة الحلقة الثالثة من كلية الزيتونة 1402 هـ-1982 م.

والشعبي هذا هو أبو المطرف عبد الرحمن بن قاسم الشعبي المالقي، فقيه بلده ومفتيها. سمع قاسمًا السبتي، وتفقَّه عنده، وكذلك سمع أبا علي بن عيسى المالقي وغيرهم، وعنه محمَّد بن سليمان وغيره، ولي قضاء بلده ثم عزل ثم دعي إليه ثانية فأبى. ألف كتابًا في نوازل الأحكام، توفي سنة 497 هـ أو 499 هـ.

ممن ترجم له: أحمد بابا: نيل الابتهاج 162، أبو الحسن النباهي: المرقبة العليا 107، 108، محمَّد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 123.

(7)

أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الخولاني، يعرف بالنحوي، أصله من بلنسية، وسكن بجانة، وكان فقيهًا حافظًا، متصرفًا في المسائل، له في المدونة اختصار مشهور. كف بصره قبل وفاته بأعوام. توفي سنة 364 هـ له ترجمة في: القاضي عياض: ترتيب المدارك 7/ 20.

(8)

ساقطة في (ح).

ص: 616

على أن يأخذ مال رجل فيحمله إلى الذي هدده بالقتل فإِن المأمور لا يضمن ما حمل من ذلك إلى الغاصب، وإنَّما يطلب (1) بذلك من صار المال في يده ظلمًا، والجامع أن كل واحد منهما وقى بهذا المال نفسه، فيلزمه غرامة ما وقى به (نفسه)(2) من مال غيره في السؤالين؛ لأنَّ المغرق أو المحرق لمال غيره (3) باشر التلف بيده، ولم يحصل من المهدد له الآمر (له)(4) بذلك غير الأمر فصار كالسبب الملجئ إلى التلف وإذا اجتمع في الإتلاف مباشر للتلف ومسبب (5) في التلف كان المباشر أولى بالتضمين، والمأمور بأن (6) يحمل مال رجل إلى الأمر (7) له بذلك وقد هدده إن عصاه بأن يفعل (به)(8) ما ذكرناه لم يباشر التلف، وإنَّما يتلفه (9) الذي حصل في يده، ونظيرها الشاهدان (يشهدان)(4) عند القاضي بما يوجب قتل رجل مسلم، فلما قتله رجعا (10) عن الشهادة، هل يقتص منهما أم لا، ومن هذا الأسلوب اختلافهم في المكره لغيره على أن يقتل رجلًا، وكذلك لو (11) هدد رجلًا بالقتل إن لم يقطع هذا الرجل المهدد يد نفسه فقطعها هل له أن يقتص من المكره (له)(12) على ذلك فتقطع يده بذلك (13) أم لا.

952 -

وإنَّما قالوا فيمن غصب حيوانًا فاستعمله أو عبدًا فاستخدمه أو دارًا فسكنها لا شيء عليه في استعماله واستخدامه وسكناه، وإذا غصب عبدًا فآجره أو دابة

(1)(ب): يطالب.

(2)

ساقطة في (ح).

(3)

(أ): لما غيره.

(4)

ساقطة في (ب).

(5)

(ح): ومتسبب.

(6)

(أ): أن.

(7)

(أ): آمر.

(8)

ساقطة في (أ) و (ب).

(9)

(أ) و (ب): يتلفها وفي (ح): يتلف والمثبت من (ح) و (م).

(10)

المثبت من (ح) وفي سائر النسخ "رجع".

(11)

(ح): إن.

(12)

ساقطة في (ب).

(13)

(أ) و (ب): به.

ص: 617

أو دارًا فأكراهما، وانتفع بكرائهما، فعليه رد غلة ذلك كله؛ لأنَّ الإجارة والكراء عوض عن منافع العين، فكان كالعين القائمة، فيلزمه ردها، بخلاف ما سكن لنفسه واستعمله واستخدمه، فإنَّه لم يأخذ (عنه)(1) عوضًا يستحق رده عليه.

953 -

وإنَّما قالوا إِذا غصب ثوبًا فلبسه يضمن ما نقصه لبسه، وإذا غصب حيوانًا فنقصت قيمته بعيب فالخيار للمغصوب منه؛ لأنَّ التغير في الحيوان بسبب إلهي (2)، لا كسب للغاصب (فيه)(3)، ولا كذلك الثوب، فإن النقص فيه من سببه، ولذا (4) لو حدث العيب في الحيوان بسبب الغاصب لكان كالثوب يأخذ ما نقص العيب إِذا اختار (أخذ)(2) الشيء المعيب.

954 -

وإنَّما قال مالك (5) من استهلك شيئًا (مما)(2) يكال أو يوزن كان عليه مثله، وإن استهلك شيئًا من العروض كان عليه قيمته؛ لأنَّ ما استهلك لا بد فيه من بدل، فإِذا كان مما له مثل، كان أقرب في المعنى للبدل الواجب؛ لأنَّه أسهل من القيمة، والقيمة تحتاج إلى اجتهاد، فما صير (6) إلى القيمة إِلا لتعذر (7) المثل الذي هو أسهل وأحق في معنى البدلية (8)، والله أعلم.

955 -

وإنَّما قال مالك (9): إذا جنس الغاصب على العين المغصوبة جناية منقصة،

(1) ساقطة في (ح).

(2)

(ح): إنه، وفي (ب): الحي.

(3)

ساقطة في (ب).

(4)

(ح): ولا كذلك.

(5)

انظر المدونة 4/ 182، 190.

(6)

(ح): فما يصير.

(7)

(ب): لعذر.

(8)

(ب): الهداية، وهو تحريف.

(9)

انظر المدونة 4/ 176، 177.

ص: 618

فإن ربها مخير بين أخذها وأخذ ما نقصت الجناية أو يأخذ قيمتها، وإذا أصابها أمر من السماء أو غير ذلك من غير الغاصب فربها مخير، إن شاء أخذها ناقصة، وإن شاء لم يأخذها؛ لأنَّ الجناية إذا كانت من فعل الغاصب فقد تعدى، فوجب (1) أن يؤخذ بتعديه كتعدي غير الغاصب، وإذا كانت من غير فعله لم يوجد منه تعد والعين المغصوبة قائمة فوجب أن يكون ربها مخيرًا كما قال مالك.

956 -

وإنَّما قالوا إذا غصب دابة فعجفت كان (2) فوتًا، وإذا غصب عبدًا فعجف لا يكون فوتًا، مع أن الجميع عجف في الحيوان؛ لأنَّ الدواب إنَّما تراد للقوة؛ لأنَّ الغرض منها الحمل، ولا كذلك الرقيق، وفيه نظر، لأنَّ الغرض من الرقيق أيضًا العمل والاستخدام، والعجف مضعف (3).

957 -

وإنَّما قال مالك (4): إذا غصب خلخالين فكسرهما فليس عليه إلَّا ما نقص الكسر فقط سواء كانت فضة أو ذهبًا، وإذا غصب دنانير أو دراهم فكسرها فربها غير، إن شاء ألزمه (5) مثلها، وإن شاء أخذها كذلك ولا يلزمه (6) ما نقص الكسر، والجميع ذهب وفضة كسرت (7) على وجه التعدي؛ لأنَّ الحلي يقتنى لأجل صنعته، فإِذا اختلفت تلك الصنعة (وجب)(8) عليه بدلها ليصل ربها إلى غرضه، كما لو أتلف عليه طستًا، وليس كذلك الدنانير والدراهم، (لأنها)(8) لا تتخذ لصنعتها وإنَّما تتخذ لأعيانها، فإذا أتلفت (9) عليه العين وجب أن يكون على الجياني مثلها.

(1)(ح): حتَّى وجب.

(2)

في (أ): كان ذلك فوتًا.

(3)

(ح): مستضعف.

(4)

الذي في التهذيب ص 175 "وأمَّا من كسر لرجل سوارين فإنَّما عليه قيمة الصياغة".

(5)

(ب): ألزمت.

(6)

(ح): ولا يلزم.

(7)

المثبت من (ح)، وفي (أ) و (ب): وكسر.

(8)

ساقطة في (ب).

(9)

(ب): تلف.

ص: 619

958 -

وإنَّما قيل فيمن غصب دارًا أو أرضًا فسكن الدار (1) وزرع الأرض أن عليه أجر ما انتفع به، وإذا غصب دابة أو عبدًا فاستعملها لا شيء عليه؛ لأنَّ الحيوان لا يبقى على حالة واحدة لسرعة التغير إليه، فجعل (فيه)(2) الخراج بالضمان، والدور والأرضون لا تكاد تتغير مع القرب، فلم يكن فيها الخراج بالضمان؛ لأنَّ الغالب سقوط الضمان فيها.

959 -

وإنَّما اتفق ابن القاسم وأشهب على عقوبة (من)(2) أضاف إلى فاضل أنَّه غصب أو سرق مالًا لإنسان، كما اتفقا على أنَّه لا يستحلف، واختلفا إذا أضاف المدعي إليه (3) أنَّه غصبه أو (4) سرق ماله، أعني مال المدعِي، فقال ابن القاسم لا يمين؛ لأنَّ (5) الدعوى لا تشبه، ويعاقب لكونه أضاف إليه معايب تحط من قدره، وقال أشهب يحلف المدعى عليه الغصب على كل حال؛ لأنَّ قصد الأذى (6) والانتقاص إنَّما يتصور عند أشهب فيمن أضاف إلى فاضل أنَّه سرق مالًا لإنسان، إذ لا منفعة له في هذه الدعوى، فعلم بذلك أنَّه قصد الانتقام والأذى، ولا كذلك إن ادعى لنفسه، إذ به ضرورة، (و)(7) من الممكن أن يكون قال حقًّا دعته الضرورة إلى (ذكر)(7) هذا الانتقاص (8)، ألا ترى أن الله سبحانه (وتعالى)(9) أوجب على قاذف (10) المحصنات المؤمنات حد القرية، ولم يوجب ذلك على الزوج إذا أضاف إلى المرأة أنها زنت لينفي (11) الولد عنه، لأجل حاجته وضرورته إلى ذكر (12)

(1) كذا في جميع النسخ ولعل الواو هنا بمعنى أو.

(2)

ساقطة في (أ).

(3)

(ح): عليه، والمثبت من بقية النسخ ويكون المعنى على ما أثبت: أضاف المدعي إلى الفاضل المذكور أنَّه غصبه أو سرق مالًا منه، وفي مسألة الاتفاق، الغصب المدعى والسرقة المدعاة كانا لغير المدعي.

(4)

(ب): لو سرق.

(5)

(ح) لكون.

(6)

(ب): لأن قصد أولا: وهو تحريف. وفي (م): لأنَّ قصده الأذى والانتقاص.

(7)

الزيادة في (ح).

(8)

(ح) الأنتقام، وفي (م): الانتفاض، وهما تحريف.

(9)

(10)

(ح): ما دف، وهو تحريف.

(11)

(ح): لينتفي.

(12)

(أ): ذلك.

ص: 620

هذا واكتفى في نفي الحد عنه بيمينه لأربع مرات على تصديق دعواه، وقد مر هذا المعنى في ترجمة من فروق (1) اللعان، والله سبحانه المستعان.

960 -

وإنَّما قالوا فيمن اشترى من الغاصب ما لا يعلم بغصبه (2) ثم يفوت بيده بأمر لا صنع للمشتري فيه، لا مطالبة للمشتري بثمنه، ولا قيمة لكونه يعتقد إباحة ما فعل من الشراء، ولا يكون للمشتري أيضًا مطالبة على الغاصب الذي باع منه بالثمن الذي دفع إليه، ولو كان العبد الذِّي مات في يده انكشف أنَّه كان حرًّا باعه منه رجل، فإنَّه يرجع المشتري ها هنا بالثمن على البائع منه، وكل منهما تبيّن أنَّه باع ما لا يملك؛ لأنَّ بائع الحر أخذ ثمنًا عمن (3) لا يصح أن يكون مثمونًا لآخر (4)، ولا كذلك إذا انكشف كون العبد الذي مات مملوكًا لغير من باعه منه؛ لأنَّ (5) الذي باع قد حصل له، ولم ينتقض (6) عنه البيع فيه بأخذ عين العبد من يده، ولا غرامة لقيمته فأشبه موت العبد في يديه ولم يأت مستحق يستحقه.

تنبيه: لو انكشف أن العبد ليس بصريح في الحرية، ولا صريح في الملك والرق، بل فيه عقد حرية مثل المعتق إلى أجل وأم الولد والمدبر والمكاتب، فإِن الحكم يفترق في هؤلاء الأربعة فمن كان منهم لا يترقب عوده (7) إلى الرق على حال بل قطع (على)(8) أنَّه سيسري به العقد (الذي)(9) فيه إلى الحرية إن لم يخترمه الأجل (10)، كأم الولد والمعتق إلى أجل، فإن ذلك يلحق بالحر الصريح فيرجع المشتري على من باع منه بما

(1)(أ) و (ب): فرق.

(2)

(أ) و (ب): بغصب.

(3)

(ح): عما.

(4)

(ح): بالآخر.

(5)

(ب): لكون.

(6)

(ح): ينتقص.

(7)

(ح): عدده.

(8)

ساقطة في (ح).

(9)

الزيادة من (ح).

(10)

(أ): يختدمه الأجل وفي (أ). و (ب): يخترمه إلى الأجل.

ص: 621

دفع إليه من الثمن في موت أم الولد والمعتق إلى أجل وهما في يده (1)، ولا يرجع بالثمن في المدبر و (لا)(2) المكاتب لكونهما مترقب (3) رقهما بأن يعجز المكاتب فيصير رقيقًا يصح بيعه وكون المدبر (قد)(4) يموت سيده فيباع في دين عليه.

961 -

وإنَّما قالوا إذا أراد صاحب السلعة المغصوبة أن يلزم الغاصب قيمتها، وهي لم تتغير في يد المشتري في سوق ولا بدن، لا يمكن من ذلك اتفاقًا، لقدرته على استرجاع سلعته المغصوبة بعينها من غير ضرر (يلحقه)(5) في ذلك، وإذا أراد صاحب العبد المغصوب أن يضمن الغاصب القيمة إذا أعتقه لينفذ عتقه فيه، فإِنه يمكن من ذلك وإن لم يتغير العبد في حكاية ابن شعبان عن المذهب، خلافًا للجماعة؛ لأنَّ العتق له حرمة (6) توجب خروجه من ملك المالك بغير اختياره، كعتق (أحد)(5) الشريكين نصيبه، وما ذلك إلَّا لحرمة العتق، ولا كذلك البيع (7).

تنبيه: لا يقال بيع الغاصب العبد مع علمه أن العبد لا يصح إلَّا فيما يملكه البائع دليل وعلم على التزامه القيمة إن شاءها المغصوب منه كما أن عتقه العبد علم على التزامه القيمة إن شاءها المغصوب منه، على قياس حكاية ابن شعبان لوضوح (8) الفارق المذكور، وهو قوة التشوف إلى الحرية، ولا كذلك غيرها، والله أعلم.

962 -

وإنَّما لا يضمن المتعدي جملة الشيء بتعديه (9) على إحداث عيب يسير (10)

(1)(ح): يديه.

(2)

الزيادة من (ح).

(3)

كذا في جميع النسخ التي بأيدينا والصَّواب مترقبًا.

(4)

ساقطة في (أ).

(5)

ساقطة في (ب).

(6)

(أ) و (ب): فرصة.

(7)

(ح): العتق.

(8)

(أ): لو صرح، وهو تصحيف.

(9)

(ب): المتعدي جملة الشيء وبتعديه.

(10)

(أ) و (ب): عيبه بيسير.

ص: 622

فيه اتفاقًا، ويضمن الغاصب (1) جملة الشيء بقيمته في المذهب المعروف؛ لأنَّ الغاصب بنفس الغصب والاستيلاء على الرقبة ضمن جملة قيمتها إذا هلكت، فإِذا (2) طرأ على أصل (3) ضمان قد أثبت بجملتها (4) وجبت (5) قيمة جملتها في العيب اليسير كالكثير، ولا كذلك المتعدي (6) فإِنه لم يجب عليه ضمان جملتها بإِحداث عيب يسير تعدى في إحداثه، فلما لم يكن هذا العيب الذي أحدثه المشتري مستندًا إلى أصل ضمان ضعف (7) حكمه حتَّى فرق فيه بين القليل والكثير.

تنبيه: وهذا الفرق مما ينظر فيه؛ لأنَّ الضمان إنَّما (8) ثبت في الغصب إذا وقع التلف، (والتلف)(9) مترقب، فإِذا وجد ما يترقب منه كشف الغيب (10) أنَّه كان ضامنًا في الأصل، فالضمان في الغاصب (11) لا يتقرر بمجرد الغصب، بل حتَّى يمنع من رد العين أو يتغير في يديه (12)، والله أعلم.

963 -

وإنَّما قال مالك (13) إذا غصب دارًا أو دابة فاغتل ذلك لا يلزمه رد الغلة، وإذا غصب غنمًا فجز أصوافها (14) وحلب ألبانها لزمه رد ذلك مع الرقاب إن كان موجودًا، أو قيمته إن كان معدومًا (15)، وفي كلا الموضعين هو (16) غصب؛ لأنَّ

(1)(ح): للغاصب، وهو تحريف.

(2)

في هامش (ح): قوله فإذا طرأ إلى قوله بجملتها، كذا وجد بالأصل ولم يظهر معنى.

(3)

(ب): على أصل -بياض- ضمان.

(4)

(أ) و (ب): ثبتت.

(5)

(ح): ووجبت.

(6)

(ب): المعتدي، وهو تحريف.

(7)

(ح): ضعيف.

(8)

(ح): إذا.

(9)

الزيادة من (ح).

(10)

(أ): العبد، وهو تحريف.

(11)

(أ): الغالب.

(12)

(أ) و (ب): (م): بدنه.

(13)

انظر المدونة 4/ 184.

(14)

(ح): صوفها.

(15)

(أ) و (ب): معروفًا.

(16)

(أ) و (ب): فهو.

ص: 623

الغلة (عين)(1) منفردة عن الشيء المغصوب، واللبن والصوف متصل بالشيء المغصوب استولد عنه وكائن (2) منه، فكانت كأنها غصبت معه، فلزم ردها (3) مع المغصوب، والعبد والدابة ليست الغلة بكائنة عنهما ولا متولدة. قاله عبد الحق (4). وأيضًا غلة العبد والدابة متكونة بسبب الغاصب وفعله، والألبان والأصواف ليس فيها فعل، إنَّما هي نامية (5) بنفسها. قاله عبد الحق (4) وابن يونس. وأيضًا تحركات (6) الغاصب ليست متميزة في الدابة، والعبد والصوف واللبن (هي)(7) متميزة فأشبهت (8) الولد، فوجب أن يكون لها حكمه. قاله الشَّيخ أبو عمران رحمه الله. وأيضًا فإِن الغلة نماء من غير العين المغصوب، والصوف واللبن نماء من نفس العين المغصوب، وهذا راجع إلى الأوَّل.

964 -

وإنَّما قال ابن القاسم إذا غصب (ثوبًا)(9)، فوهبه أو أعاره (10)، فلبسه الموهوب له والمستعير (11)، ثم استحقه ربه، فإِنه متى (شاء)(7) رجع على المستعير أو الموهوب (12) له بما نقص اللبس عند غير (13) الغاصب لم (14) يكن

(1)(ح): غير، وساقطة في (ب).

(2)

(أ) و (ب): وكان.

(3)

(أ): اد منافع.

(4)

انظر النكت ص 228.

(5)

(أ) و (ب): قائمة.

(6)

(ح): حركة.

(7)

ساقطة في (ح).

(8)

(ح): فأشبه.

(9)

بياض في (ح).

(10)

(ح): "إذا غصب فوهبها أو استعارها"، وفي هامشها كذا بالأصل وصوابه أن يقال: إذا غصب ثوبًا فوهبه أو أعاره فلبسه الموهوب له أو المستعير.

(11)

كذا في جميع ما لدي من نسخ، ولعل الأنسب أو المستعير، ولو أنَّه يمكن أن يقال أن الواو بمعنى أو.

(12)

(ح): والمستعير و (ب): إن الموهوب.

(13)

(أ) و (ب): عدم.

(14)

كذا في جميع النسخ والصَّواب ولم يكن.

ص: 624

له الرجوع على الغاصب بشيء من ذلك، وإذا آجره الغاصب فاستحقه ربه وأخذ من المستأجر ما نقصه اللبس، رجع المكتري على الغاصب بالأجرة التي دفع كلها، والجميع لبس (1) عن إذن الغاصب وتسليطه (2)؛ لأنَّ الموهوب له (3) والمستعير لم يبذلا عوضًا عن ذلك، وإنَّما دخلا على أنَّه لا شيء عليهما، فلم يكن لهما الرجوع على الغاصب بشيء مما دفعاه (4) إلى المستحق، والمستأجر بذل عوضًا ليعتاض في مقابلته منفعة، فإِذا لم يصل إلى تلك المنفعة كان له أخذ ما بذله في (5) العوض؛ لأنَّ الغاصب إنما أخذ منه العوض ليعوضه بدله المنفعة (6)، فإذا استحق ربه قيمة المنفعة فلم يوصل الغاصب ما أخذ العوض عنه، فكان عليه رد ما أخذه.

965 -

وإنَّما قالوا إذا اغتصب رجل امرأة في مرضه فوطئها أن عليه صداق مثلها من رأس ماله، وإن تزوج امرأة في مرضه فوطئها كان صداق مثلها في ثلثه؛ لأنَّ الزوجة دخلت على (علم)(7) أنَّه محجور عليه إخراج ماله فيما زاد على ثلثه، فكأنها اختارت ذلك، ولا كذلك المغصوبة فإِنها لم تدخل على ذلك؛ لأنها غير راضية بذلك وإنَّما ذلك جناية عليها، فقوي حكمها على غيرها. والله أعلم.

966 -

وإنَّما يرد الغاصب غلة ما أكراه واغتله، ولا يرد غلة ما انتفع به بنفسه؛ لأنَّ ما أكراه قد عوض منافع تلك العين، فكان كالعين القائمة، فيلزمه ردها، ولا كذلك ما سكن (8) بنفسه واستعمله واستخدمه لنفسه، فإنَّه لم يأخذ عنه عوضًا يستحق رده عليه. وأيضًا لو تلف ذلك باستخدامه وركوبه غرم القيمة

(1)(أ) و (ب): ليس، وهو تحريف.

(2)

(ح): وتسليط.

(3)

(أ) و (ب) أو المستعير.

(4)

(أ) و (ب): دفعه.

(5)

(ح): من.

(6)

(ح): منفعة.

(7)

ساقطة في (ح).

(8)

(ح): اسكن.

ص: 625

ولم يأخذ شيئًا يغرم عنه، وإذا أكراه ثم تلف أغناه الكراء الذي يغرمه (1).

967 -

وإنَّما قال في المدونة (2): إذا استعمل الغاصب الدابة حتَّى أعجفها أو أدبرها (3) فتغيرت في بدنها أن لربها أن يضمنه القيمة يوم غصبها (أو سرقها)(4)، وإلا أخذها ولا كراء له؛ ولا له أخذ ما نقصها العجف والدبر، ولو قطع لها عضوًا واختار ربها أخذها كان له ذلك، ويغرمه ما نقصه (5) القطع، وفي كلا الموضعين فهو نقص طرأ على الشيء المغصوب بسبب الغاصب؛ لأنَّ العجف ليس بأمر ثابت لا يزول، وقطع العضو أمر (6) ثابت قائم لا يعود إلى ما كان عليه (7) كزوال العجف. قاله ابن يونس. وأيضًا مستعمل الدابة لم يقصد إلى إعجافها، وإنَّما نشأ ذلك من غير قصد منه، وأمَّا في قطع العضو فهو قاصد إلى ذلك. قاله بعضهم.

تنبيه: هذا الفرق غير ظاهر؛ لأنَّه ينتقض (8) بما إذا قطع عضوًا (9) منها خطأ.

968 -

وإنَّما قال في المدونة (10) في المكتري والمستعير يتعدى (11) المسافة تعديًا بعيدًا أو يحبسها أيامًا كثيرة ولم يركبها ثم يردها بحالها أن ربها مخير في أخذ قيمتها يوم التعدي، أو يأخذها مع كراء حبسه (12) إياها بعد المسافة، وقال في الغاصب إن ردها بحالها لا قيمة عليه ولا كراء؛ لأنَّ المكتري والمستعير أخذا

(1)(أ) و (ب): الذي يغرم منه.

(2)

انظر جـ 4/ 187.

(3)

(ح): دبرها.

(4)

بياض في (ح).

(5)

(ب): ما نقصها.

(6)

(ب): من، وهو تحريف.

(7)

(أ) و (ب): إلى ما كان يعود إليه.

(8)

(ح): منتقض.

(9)

(ح): عضو، وفي (أ): عضدًا.

(10)

انظر جـ 4/ 184، 185.

(11)

(ح) فيتعدى.

(12)

(ب): أو يأخذ كراء بحبسه.

ص: 626

على غير الضمان فيما لا يغاب عليه، فكان عليهما الكراء بالتعدي (1)، والغاصب والسارق أخذا على الضمان فلم يلزمهما كراء. قاله أبو عمران. وأيضًا المستعير والمكتري إنَّما تعديا على المنافع لا على الرقاب فغرما كراء ما تعديا عليه من تلك المنافع، والغاصب إنَّما قصد غصب الرقاب، وقد كانت في ضمانه إن أصابها (2) شيء من (أمر)(3) الله فوجب أن تكون له غلتها؛ لأنها متولدة عن فعله وعما (4) في ضمانه. قاله بعض أصحاب عبد الحق (5).

تنبيه: (تعقب)(6) ابن يونس، رحمه الله، هذا الفرق ونقضه بغصب الرباع والعقار؛ لأنَّ ابن القاسم يقول: عليه رد ما أكراها به، وهو عنده (7) قد غصب الرقاب.

969 -

وإنَّما قالوا فيمن امتلخ من شجرة رجل ملخًا متعديًا فغرسه في أرضه (فنبت أن)(3) لربه قلعه بحدثانه، ولا يقلعه بعد طول الزمان وله عليه قيمته عودًا يوم ملخه (8)، إلَّا أن يضر ذلك بالشجرة فيكون عليه مع ذلك قيمة ما نقص من الشجرة، وقالوا فيمن قطع أصبع عبد رجل إنَّما (9) عليه ما نقصه لا غير ذلك؛ لأنَّ الأصبع لا منفعة (10) فيه بعد القطع، ولا كذلك الملخ، فإِنه ينتفع به [ربه](3) عودا. قاله الشَّيخ أبو الحسن الصَّغير، وتوقف ابن يونس عن الفرق بينهما فلم يجب.

970 -

وإنَّما قالوا فيمن تعدى على دابة رجل فأفسدها فسادًا يسيرًا ليس له إلَّا (قيمة)(11) ما نقصها، وليس عليه أجر المداواة، وإذا تعدى على ثوبه فأفسده

(1)(ح): في التعدي.

(2)

(ح): صابها.

(3)

ساقطة في (ح).

(4)

(ح): وهما.

(5)

انظر النكت والفروق ص 228.

(6)

ساقطة في (أ).

(7)

(ح): عندنا، وفي (ب): عندي.

(8)

(ح): قلعه.

(9)

(ح): أن.

(10)

(ب): منتفع.

(11)

الزيادة من (ح).

ص: 627

فسادًا يسيرًا، ليس له إلَّا قيمة ما نقصه، لكن بعد رفوه (1)؛ لأنَّ ما ينفق على المداواة (2) غير معلوم، ولا يعلم مع ذلك هل ترجع إلى ما كانت عليه أم لا، والرفو والخياطة معلوم ما ينفق عليهما ويرجعان كما (3) كانا. قاله ابن يونس.

971 -

وإنَّما قالوا فيمن جعل جرة على باب (دار)(4) رجل ففتح رب الدار الباب فتكسرت الجرة أنَّه يضمن، وقالوا فيمن بنى تنورًا في داره لخبزه فتحرق (5) بيوت الجيران أو الدار لا ضمان عليه، وكل منهما فعل ما يجوز له من الفتح للباب والوقيد (6)؛ لأنَّ رب الدار كان (7) فتحه للباب وجنايته في فور واحد فهو مباشر، وفي مسألة التنور أوائل فعله (8) جائز ولا جناية فيها وإنَّما نشأت بعد ذلك، وفاتح الباب كانت جنايته واقعة مع فعله فافترقا. قاله ابن أبي زيد في أجوبته، نقله عنه القابسي في تعليقه (9).

تنبيه: لا يقال في قول ابن رشد رحمه الله في أجوبته (10): لا أعرف في مسألة من أسند جرة إلى باب دار رجل ففتح بابه فانكسرت نصًّا، ويجري فيها من أصولهم قولان، الضمان وعدمه والصحيح الذي كنت أفتي به عدم الضمان، قصور، لقول ابن سهل في آخر أحكامه (11): وروي عن مالك في رجل وضع جرة زيت حذاء باب رجل ففتح الرجل بابه، ولا علم عنده بالجرة فانكسرت فضمنه مالك من قوله صلى الله عليه وسلم: "أنَّه تضمن الأموال في العمد

(1)(ح) و (ب): رجوه، وهو تحريف، وفي هامش (ح): بعد رجوعه لما كان عليه.

(2)

: المداوة.

(3)

(ح): لما.

(4)

الزيادة من (ح).

(5)

(ح) فتحترق.

(6)

(ح): القيد، وهو تحريف.

(7)

(أ): كان له فتحه.

(8)

(ح): أوائل فعله بل فعله، وفي هامشها لعله يشطب على بل.

(9)

(أ) و (ب): تعلقته.

(10)

انظر جـ 2/ 947، 948.

(11)

انظر وثائق في شؤون العمران: المساجد والدور، مستخرجة من أحكام ابن سهل ص 100، 101.

ص: 628

والخطأ) (1)، لأنا نقول الموضوع الذي لم يعرف (فيه)(2) ابن رشد (نصًّا موضوع)(3) ما إذا أسند جرة لنفس الباب، وموضوع ابن سهل (عن مالك)(2) ما إذا وضع حذاءه، والفرق بينهما ظاهر (التصور. نعم) (2) قد خفي عن ابن رشد ما لابن أبي زيد (4) فيها. فإِنه (قد) (2) سئل عن الذي يجعل جرة على باب رجل فأجاب بالفرق المذكور. وإضافة المقيدين على المدونة إلى أحكام ابن سهل قولين: الضمان وعدمه سهو لا شك فيه، ولا يلتفت (5) إليه إذ لم يذكر ابن سهل فيها قولين بل الضمان فقط حسب ما تقدم من نصه فانظره (6) في ترجمة من أحدث فرنًا قرب (فرن)(7) في آخر أحكامه، لا يقال: يتخرج على موت الصيد من رؤية المحرم، لأنَّه حق لله، وفرق بعض المشائخ بين فتحه الباب المعهود فتحه فلا يضمن وبين فتحه المعهود عدم فتحه فيضمن.

972 -

وإنَّما قال في الجلاب (8): إذا اصطدم مركبان في جريهما فانكسر أحدهما فلا ضمان على الآخر بخلاف الفرسين المصطدمين؛ لأنَّ المركب إذا غلبه (9) الرِّيح لا قدرة له على إمساكه، والفارس يقدر على إمساك فرسه،

(1) لم أجد هذا الحديث بهذا اللفظ. وقد قال ابن سهل قبل كلامه عن الجرة (ص 100): "وقد أمر الرسول عليه السلام في حديث طويل في حجة الوداع إذ جعل حرمة الدماء والأموال سواء وضمنها في العمد والخطأ

(إلى أن قال). فضمنه مالك من قول الرسول: "تضمن أموال النَّاس بالعمد والخطأ" أهـ. ولعلّه يعني ما ورد في خطبته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم. إلخ .. " فقد أطلق الحديث الأموال انظر الوصيَّة النبوية شرح وتخريج الدكتور فاروق حمادة.

(2)

ساقطة في (ح).

(3)

بياض في (ح).

(4)

انظر المعيار جـ 8/ 346، 347.

(5)

(أ)، ويلتفت إليه وهو سقط.

(6)

(أ) و (ب): أنظره.

(7)

كذا في (أ) و (ب)، وهي ساقطة في (ح)، والذي في الأحكام الكبرى لابن سهل ص 98: إحداث فرن بقرب دار، وهو الصواب.

(8)

انظر التفريع ورقة 129 (و). وفي (أ) و (ب): المدونة وهو غلط.

(9)

(ح): غلب.

ص: 629

فلما كان كل واحد منهما قادرًا على إمساك فرسه فلم يفعل، فكل واحد منهما ضامن لما أصاب فرسه، فإِن هم ماتوا جميعًا الرجال والخيل فقيمة كل فرس في مال من صدمه، ودية كل واحد على عاقلة صاحبه.

973 -

وإنَّما قال ابن أبي زيد: إذا صالح من رمى متاعه من لم يرم له شيء فأخذه جاز، ولو خرج من البحر انتقض الصلح، وقيل لا، ولو غرم المتعدي أو الغاصب قيمة الدابة ثم وجدت ملكها الغارم (1) على المشهور، ولا ترد القيمة؛ لأنَّ مسألة الدابة فيها تعد فوجب تضمينها في الذمة، والرمي في البحر ليس بعداء إنَّما (2) هو شيء توجبه الضرورة، فإِذا زالت رجع إليه متاعه.

تنبيه: وهذا الخلاف في الدابة مقيد بما إذا لم يدلس الغاصب أو المتعدي بإِخفائها، وأمَّا إذا (3) دلس [بإِخفائها، فقال في المدونة: لربها أخذها، وإذا (3) لم يدلس](4) وظهر (5) أفضل من الصفة التي قومت عليها، فلربها الرجوع بتمام القيمة، وقاله أشهب، قال: ويحلف أنَّه (6) ما أخفاها، وقال: من قال له أخذها فقد أخطأ؛ لأنَّها لو ظهرت (7) مثل الصفة لم يأخذها، وأجرى بعض الشيوخ القولين على القول بعدم (8) التكفير (9) بنفي الصفات بناءً على أن نفي الصفة الثابتة للموصوف (لا)(10) يستلزم (11) القول بنفيه.

(1)(أ): للغارم.

(2)

(ب): وإنما.

(3)

(ح): إن.

(4)

ساقطة في (ب).

(5)

(أ): أظهر.

(6)

(ح) ويحلفان.

(7)

(ب): خطرت.

(8)

(ب): بعذر.

(9)

(ح): التفكير، وهو تحريف.

(10)

ساقطة في (ح).

(11)

(أ) و (ب): تستلزم.

ص: 630

974 -

وإنَّما قال في الموازية من دفع عبده لرجل وقال له قيده، فتركه لم يقيده (1) ضمنه، ولو قال اجعل هذا الطائر في القفص وأغلق عليه، فترك بابه مفتوحًا نسيانًا لم يضمن، لأنَّ العبد دفعيله على أن يقيده والطير لم يقيده له إنَّما قال أغلق عليه.

975 -

وإنَّما قال في الموازية لو قال (له)(2) صب هذا الزيت في هذه الخابية إن كانت صحيحة، فصبه وهي مكسورة ناسيًا ضمن، ولو قال اجعل هذا الطائر في القفص وأغلق عليه فترك بابه مفتوحًا ناسيًا لم يضمن، وفي كلا الموضعين خالف (3) الأمر نسيانًا؛ لأنَّ الصب في الجرة شرطه كونها صحيحة.

976 -

وإنَّما قال ابن القاسم في العتبية: من سرق ركاب دابة واقفة بباب المسجد عليها صبي قطع إن كان منتبهًا، وإن كان نائمًا فلا، كدابة ليس معها أحد، وقال في المدونة في السارق يدع الباب مفتوحًا وأهل الدار فيها نيام أو غير نيام لا يضمن (4) ما ذهب بعد ذلك، فجعل الصبي بنومه كالعدم، دون أهل الدار؛ لأنَّ الحد يدرأ بالشبهة فلذلك (جعل الصبي بنومه كالعدم)(5) قاله ابن رشد.

977 -

وإنَّما قال أشهب فيمن أسلم في فاكهة ففرغ إبانها قبل أن يقبض (يرد)(6) رأس ماله، ولا يجوز أن يؤخره، وقال إذا فقد المثل في الغصب للمغصوب منه (7) طلب القيمة الآن، وله الصبر إلى أن يوجد، مع أنَّه فسخ دين في دين على أصله؛ لأنَّ المغصوب منه ظلم بتقدم غصبه، فلو جبر (8) على التأخير

(1)(أ): بغيره.

(2)

الزيادة من (ح).

(3)

(ح): خلاف.

(4)

(ب): ولا يضمن.

(5)

ساقطة في (ب). وانظر كلام ابن رشد في البيان والتحصيل 16/ 255، 256.

(6)

ساقطة من (ح).

(7)

(أ) و (ب): فيه.

(8)

(ح): صبر.

ص: 631

عظم ضرره والمسلم لم يتقدم ظلمه بحال، بل هو كالمختار في تراخيه بطلبه، وأيضًا التهمة على فسخ الدين (في الدين)(1) تقوى في البيع؛ لأنَّه واقع اختيارًا، بخلاف الغصب، فلذلك ضعفت فيه التهمة. قاله في التوضيح.

978 -

وإنَّما قال محمَّد من اشترى من غاصب حليًّا أو دارًا ولم يعلم بغصبه حتَّى كسر الحلي أو هدم الدار ثم استحقها رجل من يده، فإنَّه لا شيء على المبتاع، والمستحق مخير بين أن يأخذ الدار مهدومة أو الحلي مكسورًا، أو يجيز البيع ويأخذ الثمن من البائع، وإذا ذبح الشَّاة وكسر العصا وشق الثوب فلمستحقه أن يأخذ الشَّاة مذبوحة، ويأخذ ما نقص الذبح أو القطع، أو يجيز البيع ويأخذ الثمن، أو يأخذ من المشتري جميع قيمتها ما لم تكن أكثر من الثمن؛ لأنَّ العلي والدار تمكن إعادتها ولا يمكن ذلك في الثوب وغيره. [قاله محمَّد بن المواز](1). وأيضًا الذي اشترى الدار لم يهدمها على وجه الاستهلاك لها إنَّما هدمها ليردها (2). كما كانت أو خيرًا، فلم يكن عليه لهدمها شيء، والذي ذبح الشَّاةِ المشتراة وقطع الثوب المشتري إنَّما ذبحها وقطعه على وجه الاستهلاك لهما، ولا يقدر فيهما البتة أن يعيدهما كما كانا، فلذلك وجب عليهما ما نقص الذبح أو القطع وما جرى مجراهما فأعلمه. قاله محمَّد بن عمر (3) الفخار الحافظ (4)، رحمه الله.

تنبيه: لما (5) نقل ابن يونس رحمه الله هذه المسائل قال: (وهذه

(1) ساقطة في (ح).

(2)

(ح): إنَّما هو يريد ردها.

(3)

(أ) و (ب): محمَّد بن عمران، وهو تحريف.

(4)

أبو عبد الله محمَّد بن عمر بن يوسف بن بشكوال قرطبي، أحفظ النَّاس وأحضرهم علمًا وأسرعهم جوابًا، حافظًا للحديث. روى عن أبي عيسى يَحْيَى بن عبد الله بن يَحْيَى الليثي وابن عون وابن جعفر التميمي وغيرهم. سكن المدينة المنورة وشوور بها. كان يحفظ المدونة والنوادر له اختصار النوادر واختصار المبسوط: وكتاب التبصرة. ورد على وثائق ابن العطار، توفي ببلنسية سنة 419 هـ.

ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج 271، 272، الصفدي: الوافي بالوفيات 4/ 245، محمَّد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 112، الحجوي: الفكر السامي 2/ 203، 204.

(5)

(أ) و (ب): إنَّما، وهو تحريف.

ص: 632

المسائل) (1) اتبع (2) فيها النص؛ إذ (3) لم أجد خلافه، ولو قال قائل: إن الهدم (4) والذبح وكسر الحلي وركوب الدابة وبعث العبد سواء لم أعبه، ولكان قياسًا؛ لأنَّه مال (5) تبيّن أنَّه للغير، والعمد والخطأ في أموال النَّاس سواء، وهدم الدار أشد من الذبح؛ لأنَّ الدار لا تعاد لما كانت عليه إلَّا بمثل قيمتها صحيحة أو أكثر، وقد يشتري بثمن الشَّاةِ مذبوحة مثلها حية، وقوله هذه تعود وهذه لا تعود ضعيف، ونحوه قول الشَّيخ أبي الحسن اللخمي: فرق محمَّد ضعيف.

979 -

وإنَّما قال في المدونة (6): للمغصوب منه أخذ ما خاطه الغاصب بلا غرم أجرة (7) الخياطة، وقال في الصبغ يخير ربه في قيمته وأخذه بغرم (8) قيمة الصبغ، ونحوه في السارق (9) يصبغ الثوب؛ لأنَّ الصبغ فيه إدخال سلعة في المغصوب فأشبه البناء. والخياطة مجرد عمل فأشبه التزويق. قاله ابن عرفة رحمه الله (10).

980 -

وإنَّما قال في المشتري من الغاصب يدعي تلف ما يغاب عليه يحلف ثم يغرم قيمته آخر يوم رئي (11) عنده، وفي الصانع (12) والمرتهن يدعيان هلاك ما يغاب عليه يضمنان (13) القيمة يوم القبض؛ لأنَّ الصانع والمرتهن قبضاه

(1) ساقطة في (ح).

(2)

(ح): اتبعها هذا النص، وفي هامشها اتبع هذا النص.

(3)

(ح): إذا.

(4)

(ح): الهدي، وهو تحريف.

(5)

(أ) و (ب): قال، وهو تحريف.

(6)

(ح): قال محمَّد في المدونة، وكلمة محمَّد هنا مقحمة. انظر المدونة 4/ 187.

(7)

(أ) و (ب): أجر.

(8)

(أ) و (ب): بغرمه.

(9)

(أ) و (ب): في البيان ويصبغ، وهو تحريف.

(10)

الزيادة من (ح).

(11)

غير مقروءة في (ح).

(12)

(ح): الغاصب وهو تحريف.

(13)

(ح): لضمان.

ص: 633

على الضمان (1) فلما غيباه اتهما على أنهما (إنما)(2) قبضاه ليستهلكاه، فأشبه المتعدي، بخلاف المشتري، فإِنه إنَّما قبضه على أنَّه ملكه، فلم يتهم.

981 -

وإنَّما قال ابن القاسم (3): إذا قتل الغاصب الشيء المغصوب لا يلزمه إلَّا القيمة يوم الغصب، وإذا جنى عليه جناية دون التلف يخير المغصوب منه بين أن يأخذه بقيمته يوم الغصب أو يأخذه بالتعدي، فيأخذ سلعته وأرش الجناية؛ لأنَّ القتل إتلاف لجميع الذّات، وذلك موجب للتضمين، فيضمن قيمة المغصوب يوم وضع يده عليه، وأمَّا قطع اليد وشبهه فإن عين المغصوب باقية، وإذا بقيت عينه، فقد يكون لربه غرض في عين مثله (4).

982 -

وإنَّما قال أشهب فيمن فتح بابًا على دواب مسرحة فهربة يضمن وقال في السارق يدع الباب مفتوحًا وأهل الدار فيها نيام أو غير نيام فذهب من الدار بعد ذلك شيء أنَّه لا ضمان على السارق وكل من الفاتحين سبب في التلف والضياع، لأنَّ الذي فتح الباب على الدواب لو لم تضمنه (5) لزم ذهاب الدواب بغير غرم لأحد بخلاف مسألة السارق فإنا إذا لم نغرم السارق الأوَّل غرمنا (السارق)(6) الثَّاني، وتغريمه أولى لمباشرته. قاله في التوضيح.

983 -

وإنَّما كان ما أفسدته الماشية غير العادية من الحوائط والزرع بالليل على أربابها وإن جاوز قيمتها، وجناية العبيد في رقابها (7)(لَّا)(2) على أربابها إلَّا أن يشاؤوا (8)، لأنَّ الماشية لا تعقل فكأن أربابها هم المفسدون والمتلفون (لما

(1)(ب): من الضمان.

(2)

ساقطة في (ح).

(3)

انظر المدونة 4/ 176.

(4)

(ح): شيئه.

(5)

(ح) يضمنه.

(6)

ساقطة في (أ) و (ب).

(7)

(ح) رقبتها.

(8)

(ح): يشاء.

ص: 634

أصابت إذ لم يمسكوها والعبيد يعقلون فهم المفسدون والمتلفون) (1) حقيقة فكان ذلك في رقابهم، لأنَّ الأصل كان انتفاء ضمان جناية العبيد، لأنَّ العبد يقصد الفساد فيتضرر السيد وهو لم يجن ولا يتألم (2) العبد وهو قد جنى ولا تزر وازرة وزر أخرى، لكن جاءت به السنة (3) فوجب التسليم.

(1) ساقطة في (أ).

(2)

(د) ولم.

(3)

ففي الموطأ 659 آخر كتاب الأقضية "قال يَحْيَى سمعت مالكًا يقول: السنة عندنا في جناية العبيد أن كل ما أصاب العبد من جرح جرح به إنسانًا، أو شيء اختلسه، أو حريسة احترسها أو ثمر معلق جذه أو أفسده، أو سرقه سرقها لا قطع عليه فيها إن ذلك في رقبة العبد لا يعدو ذلك الرقبة قل ذلك أو كثر، فإِن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد أو عقل ما جرح أعطاه وأمسك غلامه وإن شاء أن يسلمه أسلمه وليس عليه شيء غير ذلك فسيده في ذلك بالخيار.

ص: 635