المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فروق كتاب البيوع - عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق

[الونشريسي]

فهرس الكتاب

- ‌تَمْهيد

- ‌رموز استعملتها أثناء الدراسة والتحقيق:

- ‌المقَدِّمَة

- ‌الحالة السياسية في المغربين الأوسط والأقصى (الجزائر والمغرب):

- ‌رحلته إلى فاس وسببها:

- ‌الحالة السياسية بالمغرب الأقصى:

- ‌الحالة الاجتماعية والثقافية في تلمسان وفاس في عصر المؤلف وما قاربه:

- ‌أولًا- تلمسان:

- ‌ثانيًا- في فاس:

- ‌الفصْل الأوّلفي بيان نسبه ونشأته:

- ‌اسمه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته وتعليمه:

- ‌عودة إلى الكلام عن أبي العباس:

- ‌صفاته الخُلُقية والجسمية:

- ‌الفصْل الثانيشيوخه:

- ‌الفصْل الثالثمكَانته العِلميّة وتلَاميذه:

- ‌تلاميذه

- ‌وفاته:

- ‌الفصْل الرابعآثاره:

- ‌ أشهر كتبه:

- ‌خَاتِمَة في الكلَام عَن كتاب عدة البروق

- ‌1 - نسبته للمؤلف:

- ‌2 - عنوانه:

- ‌3 - تاريخ تأليفه:

- ‌4 - الغرض من تأليفه:

- ‌5 - ملاحظات على الكتاب:

- ‌6 - قيمة الكتاب العلمية:

- ‌7 - مصادره:

- ‌8 - نسخ الكتاب:

- ‌9 - ملاحظات عامة على كتابة هذه النسخ الخطية كلها:

- ‌10 - عملي في التحقيق:

- ‌فروق كتاب الطهارة

- ‌فروق كتاب الصلاة

- ‌فروق كتاب الزكاة

- ‌فروق كتاب الصيام

- ‌فروق كتاب الاعتكاف

- ‌فروق كتاب الحج

- ‌فروق كتاب الصيد والذبائح والضحايا

- ‌فروق كتاب الأيمان

- ‌فروق كتاب النذور

- ‌فروق كتاب الجهاد

- ‌فروق كتاب النِّكَاح

- ‌فروق كتاب الخلع

- ‌فروق كتاب الطلاق

- ‌فروق كتاب التخيير والتمليك

- ‌فروق كتاب الرجعة

- ‌فروق كتاب الإِيلاء

- ‌فروق كتاب الظهار

- ‌فروق كتاب اللعان

- ‌فروق كتاب العدّة

- ‌فروق كتاب الرضاع والنفقات والحضانة

- ‌فروق كتاب العتق

- ‌فروق كتاب المدبر

- ‌فروق كتاب المكاتب

- ‌فروق كتاب الولاء

- ‌فروق كتاب أمهات الأولاد

- ‌فروق كتاب الصرف

- ‌فروق كتاب السلم

- ‌فروق كتاب البيوع

- ‌فروق كتاب بيع الخيار

- ‌فروق كتاب التدليس بالعيوب

- ‌فروق كتاب الصلح

- ‌فروق كتاب الأقضية

- ‌فروق كتاب الشهادات والدعاوي

- ‌فروق كتاب الوكالات

- ‌فروق كتاب الشركة

- ‌فروق كتاب الجعل والإِجارة

- ‌فروق كتاب الحجر والتفليس

- ‌فروق كتاب الحمالة

- ‌فروق كتاب الحوالة

- ‌فروق كتاب الرهون

- ‌فروق كتاب الغصب

- ‌فروق كتاب الاستحقاق

- ‌فروق كتاب الشفعة والقسمة

- ‌فروق كتاب الوصايا

- ‌فروق كتاب العطايا

- ‌فروق كتاب الوديعة

- ‌فروق كتاب اللقطة

- ‌فروق كتاب الحدود (في الزنى)

- ‌فروق كتاب القطع في السرقة

- ‌فروق كتاب القذف

- ‌فروق كتاب الجنايات

- ‌فروق كتاب الجراحات [والديات]

- ‌المصادر والمراجع

- ‌القرآن والتفسير

- ‌الحديث

- ‌الفقه وأصوله

- ‌التاريخ والتراجم والسير

- ‌اللغة

- ‌المجلات

- ‌مراجع بلغة أجنبية

الفصل: ‌فروق كتاب البيوع

‌فروق كتاب البيوع

588 -

وإنما صحح في (1) المدونة (2) بيع المسلم من الكافر بعد الوقوع وأجبره على بيعه، ولم يصحح (3) بيع الدين من عدو المديان، بل (4) فسخه بعد الوقوع، ولم يقل يباع على مشتريه، والجامع انتقال الملك إلى العدو في المحلين (5) لأن الدين يتعذر بيعه غالبًا، بخلاف المسلم والمصحف.

589 -

وإنما يلزم السكران طلاقه وقتله، ولا يلزمه بيعه؛ لأن البيع لو لزمه لأدى إلى أن لا يبقى له شيء من المال لشدة حرص الناس على أخذ ما بيده، وكثرة وقوعه، فسددنا الباب وحسمنا الذريعة، ولا كذلك طلاقه وقتله وغير ذلك مما يتعلق به الحق لغيره فإِنا لو (لم)(6) نعتبره لتساكر (7) الناس ليتلفوا أموال الناس وأرواحهم.

590 -

وإنما قال في المدونة (8): إذا ورث الغاصب [ما غصب](6) بعد أن باعه له

(1) ساقطة من (أ).

(2)

انظر جـ 3/ 281.

(3)

في الأصل لم يصح، وهو تحريف.

(4)

سائر النسخ: قبل، والتصويب من (ح).

(5)

في الأصل في المجلس، وفي (ب): في المحلي، وكلتاهما تحريف.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

(ب) لتساد، وهو تحريف.

(8)

قال خليل في مختصره: وللغاصب نقض ما باعه إن ورثه لا اشتراه. حاشية الدسوقي 3/ 11، والحطاب على خليل 4/ 269، وانظر أيضًا المدونة 3/ 265.

ص: 403

نقض البيع، ولو اشتراه لم يكن له نقضه؛ لأن الإرث (1) جبري حل به البيع محل مورثه (2) فصار له ما كان له، لقوله عليه الصلاة والسلام:(من مات عن حق فلورثته)(3)، والمشتري متسبب في إمضاء فعله، فليس له أن ينقضه.

591 -

وإنما قال أحمد بن خالد: إن وقع بيع المغصوب فإِنه يفسخ أبدًا ولوفات، بخلاف بيع الآبق (4) فإنه يفسخ ما لم يفت؛ لأن بيع الآبق (4) وقع باختيار ربه فتحققت حقيقة البيع بتحقق [كل](5) أركانه، والبائع في الغصب غير محقق اختياره؛ لأنه مكره (6)، فاختل ركن البيع، فصار المبيع كمستحق (7).

تنبيه: قال ابن رشد في نوازله (8): نص ابن حبيب في واضحته على أن هذا البيع يفتيه (9) ما يفيت البيع (10) الفاسد، وهو مذهب مالك وأصحابه، وقول أحمد بن خالد خارج عنه، والقول به على مذهب مالك خطأ ظاهر.

(1)(ح): الأرض، وهو تحريف.

(2)

في الأصل و (أ): ورثته، وفي (ب) موروثه.

(3)

لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ والذي رواه البخاري ومسلم "من ترك مالًا فلورثته" انظر فتح الباري 5/ 46، 12/ 42 والنووي على مسلم 11/ 60. وقد ورد في سنن أبي داوود 2/ 111، 123، 221 مثل ذلك وفي رواية أخرى له "من مات وترك مالًا

".

(4)

في الأصل، والغبن، وفي (أ) و (ب): الابن، والأخير تصحيف.

(5)

ساقطة من الأصل.

(6)

في الأصل: مكروه، وهو تحريف.

(7)

في الأصل: كمتحقق.

(8)

انظر مسائل أبي الوليد بن رشد جـ 2 / ص 68 تحقيق ودراسة محمد بن الحبيب التجكاني رسالة ماجستير بإشراف الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله على الآلة الراقنة جامعة القرويين دار الحديث الحسنية.

(9)

في الأصل يعينه، وهو تحريف.

(10)

(أ) البائع، وهو تحريف.

ص: 404

592 -

وإنما منع ابن القاسم (1) بيع شاة واستثناء قدر ثلثها وزنًا وجاز بيع الصبرة (2) والثمرة واستثناء قدر ثلثها كيلًا؛ لأن الصبرة مرئية (3) فخف (4) الغرر، ولا كذلك الشاة.

593 -

وإنما منع شراء (تمر)(5) الحائط كيلًا على تركه ليصير تمرًا، وجوز شراءه جزافًا على ذلك؛ لأن ضمان المكيل من بائعه فيما قل أو كثر والجزاف لا ضمان على البائع فيه إلّا ضمان الجائحة (6) فكان الغرر في الجزاف يسيرًا (7) فلم يمنع صحة البيع وكثر في المكيل (8) فمنع ويعتبر هذا المعنى بجواز النقد في عهدة السنة لقلة الغرر وكراهته (9) في عهدة الثلاث لكثرته.

تنبيه: قال ابن عرفة رحمه الله في هذا الفرق نظر؛ لأن الضمان مهما (10) قل في حق البائع كثر في حق المشتري وكذا العكس فإن أوجب الكثرة الغرر لزم مطلقًا ولأجل هذا وهم ابن بشير في هذه المسألة فاعتقد المذهب على عكس ما نقله ابن محرز فقال ما نصه: وهل يجوز أن يشتري بعد الزهو ويشترط أخذه تمرًا (11) أما إن اشترى مكيلة فيجوز ذلك وإن اشترى جملة الحائط فلا يجوز والفرق كثرة الغرر. مع اشتراء (12) الجملة لأن الضمان من المشتري إلا حكم الجائحة (13) وقلة الغرر إذا اشترى مكيلة لأن الضمان من

(1) انظر المدونة 3/ 292.

(2)

(أ) الصبر، وهو سهو.

(3)

في الأصل: مروية، وهو تحريف.

(4)

(أ): فخفف، وفي (ب): فخففا، وكلتاهما تحريف.

(5)

ساقطة من الأصل، وفي (ح) تمر بمثله.

(6)

في الأصل: الجائزة، وهو تحريف.

(7)

في الأصل: يسير، وهو خطأ.

(8)

في الأصل: المبيع، وهو تحريف.

(9)

(ب): وكثرته، وهو تحريف.

(10)

(ح): مسمى، وهو تحريف.

(11)

(ح): تمر، وهو تحريف.

(12)

(ح): شراء.

(13)

(ح): الحائط، وهو تحريف.

ص: 405

البائع وأراد اللخمي المساواة بينهما وليس كما قال.

594 -

وإنما اعتبر أهل (1) المذهب (هنا)(2) صنعة التور (3) دون الفلوس لأن صنعة الفلوس يسيرة فلم تؤثر بخلاف صنعة التور.

595 -

وإنما أجاز مالك (4) للبائع أن يختار تمر أربع نخلات أو خمس من حائط بعد أن وقف فيها أربعين ليلة ومنع ذلك المبتاع (5) لأن البائع يعلم جيد حائطه من رديئه فكان مستثناه معلومًا فلم ينتقل.

تنبيه: قال في تهذيب الطالب: اختار قول مالك غير واحد من أهل النظر، وطعن بعض القرويين فيما فرقنا به بأنه لو كان البائع (يعلم)(6) ذلك قبل بيعه لعين (7) ما استثناه (8)، ولم يشترط اختياره انتهى. ولم يذكر عبد الحق والمازري جوابًا عنه. وأجاب ابن عرفة بأن علم البائع المدعي تقدمه هو الظن الذي هو مظنة لاختياره ما يختار لا يكذب فيه موجب اختياره (إياه)(9) لتقدم علمه المذكور، فلا ينتقل عنه لغيره لا الاعتقاد الجازم الموجب لتعيين المستثنى، وهذه المظنة (10) منتفية عن المبتاع.

596 -

وإنما قال ابن حبيب: إن فارق المشتري البائع في بيع المساومة دون إيجاب لم يلزمه بعد ذلك، بخلاف بيع المزايدة فإنه يلزمه (11) ما أعطى بعد الافتراق؛ لأن المشتري إنما فارقه في المزايدة على أنه استوجب البيع.

(1)(ح): أئمة.

(2)

ساقطة من (ح) و (ب).

(3)

قدر من نحاس يسخن فيه الماء. انظر شرح غريب ألفاظ المدونة للجبي ص 63.

(4)

انظر المدونة 3/ 241.

(5)

(ح): : للمبتاع.

(6)

ساقطة من الأصل.

(7)

في الأصل: لغى.

(8)

سائر النسخ مستثناة، والمثبت من (ح).

(9)

ساقطة من الأصل و (ح).

(10)

كذا في الأصل، وفي سائر النسخ: المطنة.

(11)

(ب) لم يلزمه، وهو خطأ.

ص: 406

تنبيه: قال المازري رحمه الله: لا وجه لهذه التفرقة إلا الرجوع إلى (1) العوائد، ولو شرط المشتري أنه يلزمه الشراء في الحال قبل المفارقة أو اشتراط البائع لزومه وأنه (2) بالخيار في أن يعرضها على غيره أمدًا معلومًا أو في حكم المعلوم (3) للزم الحكم بالشرط في بيع المساومة والمزايدة اتفاقًا، وإنما افترقا للعادة حسبما علل به ابن حبيب الفرق بينهما. قال: وإنما نبهت على هذا؛ لأن بعض القضاة ألزم أهل الأسواق في بيع المزايدة البيع بعد الافتراق، وكانت (4) عادتهم الافتراق على غير إيجاب اغترارًا (5) بظاهر قول ابن حبيب وحكاية غيره فنبهت على هذا لأجل مقتضى عوائدهم. ابن عرفة: والعادة عندنا اللزوم ما لم يبعد زمن (6) المبايعة (7) حسبما تقرر قدر ذلك عندهم، والأمر واضح إن بعد والسلعة ليست بيد المبتاع، فإِن كانت بيده موقوفة ففيه نظر، والأقرب اللزوم كقولها إن بعد زمن مضى الخيار والسلعة في يد المبتاع، والخيار للمبتاع لا حق (8) فيها للمبتاع إلا أن عرفنا [في](9) بيع المزايدة أنه لا يتم البيع ولو طال مكثها بيد المبتاع إلا بنص إمضائه (10).

597 -

وإنما قال في الكتاب (11) إذا بعته طعامًا بثمن إلى أجل فلا بأس أن تأخذ منه بالثمن طعامًا مثله في صفته وكيله، إن محمولة فمحمولة (12) وإن سمراء

(1) سائر النسخ: للعوائد والمثبت من (ح).

(2)

في الأصل: فإنه.

(3)

(ح): معلوم.

(4)

في الأصل: كان.

(5)

في الأصل اعتبارًا، وهو تصحيف، وفي (ب) اغترار وهو خطأ.

(6)

في الأصل: ما لم يبعد من المبايعة فالزاي ساقطة، وفي (ب) يبعدن من، وهو تحريف.

(7)

(أ): المبالغة، وهو تحريف.

(8)

(ح) فهي، وفي (أ) و (ب): الأحق، وكلتاهما تحريف.

(9)

ساقطة من (ح).

(10)

في الأصل أمضى به، وهو تحريف.

(11)

انظر جـ 3/ 135، 136.

(12)

(ح): بمحمولة، وهو تصحيف.

ص: 407

فسمراء (1)، وقال: وإن أقرضت (2) محمولة جاز أخذك مثل كيلها سمراء بعد الأجل، ولا خير (3) فيه قبله؛ لأن بيع الطعام بالطعام إلى أجل ممنوع، وهو لازم أخذه في القرض قبل حلول أجله وبثمن إلى (4) أجل جائز، [وهو لازم أخذه في بيع الطعام]. (5)

598 -

وإنما صح البيع بإِسقاط شرط السلف على المشهور، ولم يصح بإِسقاط شرط النقد في الخيار على المشهور؛ لأن الفساد في شرط النقد واقع في الماهية؛ لأنه غرر في الثمن. ألا ترى أنَّ المقبوض لا يدري هل هو ثمن أم لا؟ ومسألة شرط السلف الفساد فيها موهوم وخارج عن الماهية.

599 -

وإنما منع أن يبيع حاضر لباد، ولا يمنع أن يشتري له؛ لأن البدوي عند الشراء حصل له الثمن، وعليه الضرر إن ترك الشراء له فيجحف (6)(به)(7) فيما دفع فيه الاعواض (8)، وهو الثمن، بخلاف ما باعوه مما قدموا به لأنهم على الغالب يأتون (9) به بغير ثمن يدفعونه فيه أو بثمن يسير.

600 -

وإنما قال ابن القاسم (10) في الهبة للثواب إذا باعها الموهوب قبل أن يثيب عليها، ثم رجّعت إليه أنَّ القيمة قد لزمته، وفرق بين ذلك وبين البيع الفاسد بأن الموهوب له (له)(11) أن يلتزم الهبة بقيمتها وإنْ لم تفت، فلما (12) بسط يده فيها بالبيع كان ذلك اختيارًا منه للقيمة، والبيع الفاسد (13) ليس كذلك إذ

(1) في الأصل: فسمر، وهو سهو.

(2)

في الأصل: في أن اقترضته، وهو تحريف.

(3)

في الأصل: ولا خيار، وهو تحريف.

(4)

سائر النسخ: لأجل، والمثبت من الأصل.

(5)

ساقطة من الأصل، وقد كرر الناسخ بدلها عبارة من أول الفرق وهي: فلا بأس إلى فسمراء.

(6)

في الأصل: فيجب، وهو تحريف.

(7)

ساقطة من (ح).

(8)

في الأصل الإعراض، وهو تحريف.

(9)

(ح): يوتون، وهو تحريف.

(10)

انظر المدونة 4/ 324، 329.

(11)

الزيادة من (ح).

(12)

(أ) لا فلما، وهو تحريف، وفي (ب): لا حلها بسط.

(13)

(ب): والبيع بيع تدليس.

ص: 408

هما مغلوبان على فسخه فإِذا رجّعت إليه فسخ بيعه ما لم يكونا (1) قد تراجعا بالقيمة (2) وفاتت بشيء من وجوه الفوت (3).

601 -

وإنما جعل مالك وابن القاسم نقل العروض من بلد إلى بلد [في البيع الفاسد](4) فوتًا، ولم يجعلا (5) نقل الرقيق من بلد إلى بلد فوتًا إذا لم تتغير الأسواق؛ لأن الرقيق (4) لا كلفة في نقله من بلد إلى بلد؛ لأنه يمشي، بخلاف العروض فإِنه (6) يتكلف الكراء عليها.

602 -

وإنما جاز البيع على رهن غائب غيبة بعيدة ولا يجوز على حميل غائب غيبة بعيدة؛ لأن الرهن لا يمنع من دفعه إذا وجد، وتكون (السلعة)(7) موقوفة، فإِن وجد الرهن تم البيع، وإن لم يوجد كان بائعها بالخيار إن شاء أمضى البيع بلا رهن وإن شاء ارتجعها، بخلاف غيبة الحميل؛ لأنه كمن اشترط خيار غائب بعيد الغيبة.

603 -

وإنما جاز البيع على حميل بعينه إذا كان حاضرًا أو قريب الغيبة، ولا يجوز النكاح عليه إلا إذا كان حاضرًا؛ لأن النكاح لا يجوز على أن لم يرض الحميل فلا نكاح بينهما؛ إذ لا خيار في النكاح (8).

604 -

وإنما قال محمد بن المواز فيمن باع عبدًا واستثنى (9) ماله، وله جارية رهنها البائع، إن افتكها فهي للعبد، ولو كانت حاملًا منه فهي تبع له، وولدها للبائع؛ إذ ليس بمال له، ولا يفسخ البيع، وليوقف عنها (10)، ولو استثنى ماله

(1) في الأصل ما لم يكن، وفي (أ): ما لم يكن يكونا، وكلتاهما تحريف.

(2)

سائر النسخ: القيمة، والمثبت من (ح).

(3)

في الأصل: الفوات، وهو تحريف.

(4)

ساقطة من الأصل.

(5)

سائر النسخ: ولم يجعل، والمثبت من الأصل.

(6)

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

سائر النسخ نكاح، والمثبت من الأصل.

(9)

في الأصل واستثناه له، وهو تحريف.

(10)

(ح) منها، وهو تحريف.

ص: 409

وفيه عبد آبق لجاز (1) ذلك؛ لأن الآبق ظاهر (2) عدمه، فلا يقصد بشيء من الثمن، والجارية معينة فلها حصة من الثمن، فلا يجوز (بيع أمة استثنى)(3) البائع جنينها مع انعقاده على تفرقة الولد منها. قاله محمد.

تنبيه: قال ابن عرفة رحمه الله (4): تفرقته بأن الجارية لها حصة في الثمن خلاف قول المدونة في شراء الغائب وفي الجنايات، وتفرقته بأن في الجارية (تفرقة)(5) بين الأم وولدها صواب، به (6) يجاب عن معارضة محمد في توقفه مع إجازة ابن القاسم في أمهات الأولاد شراء الولد زوجته الحامل منه من أبيه (7)؛ لأن استثناء الولد فيه للحرية، والتفرقة بالحرية جائزة حسبما في التجارة لأرض الحرب (8) منها، ولم يذكر المازري في كون مال العبد لا حصة له من الثمن خلافًا. ولما (9) ذكره اللخمي، قال: ولابن القاسم في كتاب الجوائح أنه يزاد في الثمن لأجله (10).

605 -

وإنما (جعلوا)(11) خلفة القصيل والثمر المأبور ومال العبد لا يدخل في عقد

(1)(ح) فجاز، وهو تحريف.

(2)

بقية النسخ: الظاهر.

(3)

في الأصل بدل ما بين القوسين كلمة استثناء.

(4)

زيادة من (ح).

(5)

ساقطة من الأصل و (أ).

(6)

في الأصل: فيه، وهو تحريف.

(7)

انظر المدونة 3/ 52.

(8)

انظر المدونة 3/ 285.

(9)

(ب): لما.

(10)

ففي المدونة 4/ 19 ، 20 (أن الرجل يشتري العبد وله مال فيستثني ماله معه: ولو لم يستثنه كان للبائع، فيشتريه ويشترط ماله، فيصاب مال العبد ثم يجد به عيبًا أو يستحق فيرجع المشتري بالثمن كله فيأخذه، ولا يوضع عن البائع شيء لمال العبد الذي تلف: وهو مما لو لم يستثنه كان للبائع، وفيه زيادة في الثمن، فلا يوضع عنه شيء)، وهذا موافق لنقل اللخمي، لكن في التهذيب ورقة 108 (ظ) ما نصه "وكمن ابتاع عبدًا فاستثنى ماله، ثم هلك ماله، ثم رده بعيب أو استحق فإنه يرجع الثمن، ولا يحط لمال العبد من الثمن شيء، إذ لا حصة له منه".

(11)

ساقطة من (أ) و (ب).

ص: 410

الشراء إلا بالشرط (1)، (وجعلوا)(2) من ابتاع (3) سيفًا عليه حلية أن الحلية داخلة في عقد الشراء بغير شرط؛ لأن السيف يدخل تحته النصل، والحلية المرتبطة به) (4)، والنخل لا يدخل تحت مسماها التمر (5)، ولا يدخل تحت لفظ العبد المال، ولا تحت القصيّل الخلفة. قاله عبد الحق (6).

606 -

وإنما اتفقوا (7) على جواز شراء القصيل على [الإِبهام](8)، ويحمل على الجذ [والجز](4) في الحال، لا على (9) التبقية، واختلفوا في شراء التمر قبل بدو الصلاح مع الإِبهام بالجواز (10) والمنع؛ لأن العادة لم تجر في القصيل على التبقية، بخلاف الثمرة. قاله الشيخ أبو الحسن الصغير.

607 -

وإنما قال ابن القاسم حوالة الأسواق تفيت غير الربع والعقار في البيع الفاسد، ولا تفيت الربع والعقار؛ لأن (11) الرباع (إنما)(2) يبتغي منها القنية، ولا يطلب النماء فيها بزيادة الأسواق ونقصانها، فلا تؤثر فيها، وما عدا ذلك من العروض إنما يبتغي للتجارة، ويطلب النماء فيها، فيعتبر [فيه (4)] زيادة الأثمان ونقصانها (12).

608 -

وإنما قال في كتاب (13) محمد: يجوز لرب الدين أن يستعمل من عليه الدين فيما له عليه من الدين قبل الأجل، إذا كان العمل يسيرًا، ولا يجوز إن حل

(1) في الأصل: بغير شرط وفي (ب) إلا بشرط وكله بمعنى.

(2)

ساقطة من الأصل.

(3)

في الأصل: باع.

(4)

ساقطة من (ح).

(5)

في الأصل و (ح): الثمر، وهو تحريف.

(6)

انظر النكت والفروق ص 149.

(7)

في الأصل: اتفقا.

(8)

بياض في (ح).

(9)

(ح) في، وهو تحريف.

(10)

في الأصل في الجواز، وفي (ح) فالجواز.

(11)

في الأصل: لأنها.

(12)

هذا الفرق لعبد الحق في النكت ص 148 نقله المصنف بتصرف.

(13)

المثبت من (ب)، وسائر النسخ الكتاب محمد وهو خطأ.

ص: 411

الأجل، كان العمل يسيرًا أو كثيرًا؛ لأن الأجل إذا حل يدخله فسخ الدين [في الدين](1)، وقبل الأجل إنما هو الدين بالدين، (والدين بالدين)(2) أوسع من فسخ الدين في الدين. قاله ابن يونس.

609 -

وإنما أجاز في المدونة (3) لمن باع أمة ولها ولد حر رضيع أن يشترط (4) عليهم رضاعه ونفقته (5) سنة، إذا كان إن مات الصبي أرضعوا (6) له آخر، وقال في الظئر (7): لا يجوز أن يشترط عليها إن مات الولد أن يؤتى بغيره؛ لأن مسألة الأمة الغرر فيها تبع؛ لأنه انضاف (8) إلى أصل جائز وهو بيع الأم (9)، والغرر في مسألة الظئر (10) انفرد، فلذلك لم يجز، كقول مالك في بيع لبن شاة جزافًا [شهرًا](11)، أنه لا يجوز، وأجاز كراء ناقة شهرًا واستثناء حلابها، فالغرر إذا انفرد بخلافه إذا انضاف إلى أصل يكون تبعًا له. والأصل في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها (12)؛ لأنه غرر وقال:" [من باع] (13) نخلًا فيها تمر (14) [قد أبر] (13) فثمرها للبائع إلَّا أن يشترطه المبتاع"(15)، فأجاز اشتراطه لما انضاف إلى أصل، ومنع من بيعه إذا انفرد

(1) ساقطة من الأصل و (أ).

(2)

ساقطة من (ح)، بدلها في الهامش وهو.

(3)

انظر جـ 3/ 223.

(4)

(أ) و (ب): يشترطن، وهو خطأ.

(5)

(أ) و (ب): رضاعة ونفقة، وفي الأصل رضاعه ونفقة.

(6)

(أ) وأرضعوا، وهو تحريف.

(7)

في هامش (ح): المرضعة بالإجارة.

(8)

(ح) إن انضاف، وهو تحريف.

(9)

في الأصل الأمة، وهو تحريف.

(10)

في الأصل الأم الظئر، وهو تحريف.

(11)

(أ) شراء، وهو تحريف، وهي ساقطة من الأصل.

(12)

أخرجه الشيخان انظر فتح الباري 4/ 332 والنووي على مسلم 10/ 193 وأخرجه في الموطأ ص 517 مرسلًا من حديث عبد الله بن عمر.

(13)

الزيادة من (ح).

(14)

(ح) نخل وفيها تمر وفي الأصل و (أ) و (ب): نخلًا وهو تحريف.

(15)

رواه البخاري ومسلم ولفظ البخاري (من باع نخلًا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن بشترط المبتاع) انظر فتح الباري 4/ 336 و 5/ 37 والنووي على مسلم 10/ 190، 191.

ص: 412

(وقد)(1) أجمعت (2) الأمة (3) على بيع الجبة المحشوة وإن لم ير قطنها، ولا يجوز بيع قطنها مفردًا وهو محشو فيها.

تنبيه: قال ابن (أبي)(4) زمنين (5): كان سحنون يضمن مسألة الأمة هذه ويقول: لا يجوز هذا البيع إلّا على وجه الضرور، (مثل أن يبيعها عليه السلطان في دين، وأكره (6) أن تباع على غير الضرورة) (4)، لأن المبتاع ربما (7) احتاج (أن)(1) يضعن (8) بها فيتكلف للصبي المؤونة، ولا يدري قدرها، فذلك غرر. وقال أبو إسحاق: وما قاله (9) ابن القاسم صواب، وإنما أراد أنَّ الرضاع مضمون [على](4) المشتري، وليس في عين (الأمة)(10) المبيعة؛ لأن كون الرضاع في عين الأمة المبيعة يؤدي إلى فساد البيع؛ لأن المشتري يصير غير قادر على التصرف فيها، وتصير محبوسة [عليه](11) إلى فراغ الرضاع وهذا لا يجوز (12).

610 -

وإنما قال في الكتاب يبدأ في الأكرية (صاحب الدابة)(4) بالدفع، فكل ما مضى يوم أخذ (13) بمقداره من المكتري، وفي البيع لا يبدأ صاحب

(1) ساقطة من (ح).

(2)

في الأصل و (أ) اجتمعت.

(3)

(ب): الأئمة.

(4)

ساقطة من الأصل.

(5)

انظر مفيد الحكام ورقة 87 (و) مخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم د / 1730.

(6)

سائر النسخ: فأكره، والمثبت من (ح).

(7)

(ح): لما، وهو تحريف.

(8)

كذا في الأصل و (ح)، وفي (أ) و (ب): يضمن: ولعل الصواب يظعن.

(9)

في الأصل ما قاله بدون واو.

(10)

ساقطة من (ب).

(11)

ساقطة من الأصل و (أ).

(12)

(أ) و (ب): وهذا لا يجز، وهو تحريف.

(13)

في الأصل: أخذه.

ص: 413

السلعة؛ لأن تسليم (1) العوض للمكتري لا يمكن بنفس دفعه الثمن (2)؛ لأنه إنما يقتضي شيئًا بعد شيء، بخلاف السلعة المعينة. قاله اللخمي.

تنبيه: تعقب المازري فرق اللخمي هذا بأنه لو كان تبدية المكتري لكان المكتري لو جبر على الدفع لما أمكن قبضه العوض حينئذٍ لعكس هذا وقيل: لا يلزم المكري أن (3) يسلم منافع دابته أول النهار لأجل تأخيره عوضًا (4) لآخر النهار، وإذا بطل تعطيل تبدية المكري بما ذكر تعين كونه لأجل أنه بائع فيتعين (5) كونه كذلك في كل بائع، ويؤكده أن على بائع السلعة لأجل تسليمها وإن كان لا يقبض عوضها حينئذٍ لأجل ما رضي به من التأجيل، فكذلك المكتري لعلمه (6) أن ما ابتاعه من المنافع (لا)(7) يمكن قبضها دفعة واحدة.

611 -

وإنما قال ابن القاسم (8): إذا رجع المبيع بيعًا (9) فاسدًا إلى مشتريه بعد بيعه إياه بيعًا صحيحًا بشراء (أو)(7) إرث أورد بعيب أو هبة يرتفع الفوات، وإذا باع الموهوب له هبة الثواب ثم اشتراها لم يزل ما لزمه من قيمتها؛ لأن رد الهبة اختياري فبيعها دليل التزامه (10) قيمتها، ورد الفاسد جبري، فيتهم على بيعه أنه تحيل على رفع الفسخ. قاله القرويون.

تنبيه: قال عياض: في هذا الفرق نظر: وقال ابن عرفة: النظر في الرجوع واضح، وفي غيره نظر.

(1)(ح) تسلم، وهو تحريف.

(2)

(ح): التمر، وهو تحريف.

(3)

(ح): المكتري بأن، وهو تحريف.

(4)

(ح): غرضها، و (ب) عوضها.

(5)

(أ) و (ب): فتعين، وهو بمعنى.

(6)

(ح) لعله، وهو تحريف.

(7)

ساقطة من الأصل.

(8)

انظر المدونة 3/ 207.

(9)

في الأصل: فيها، وهو تحريف.

(10)

(ح): التزام.

ص: 414

612 -

وإنما قال في الكتاب (1): إذا تغير سوق السلعة ثم عادت لم ترد، وإذا عادت إليه بعد بيعها ببيع أو غيره ردت؛ لأن التي حال سوقها ثم رجع (إنما رجعت)(2)[سوق](3) أخرى (4) لا الأولى، وفي البيع عادت لعين الملك الأول. قاله القابسي، ورده ابن محرز وقال: الصواب الجمع بينهما. وأيضًا حوالة الأسواق كتغير في عين السلعة؛ لأن المقصود ثمن السلعة، وأما خروج السلعة من يد المشتري فليس بتغير في السلعة، ولا شبيه به، إنما هو مانع من ردها على ربها البائع الأول، فإِذا زال ذلك المانع بعودها إلى (يد)(3) مشتريها وجب أن يتوجه الحكم بالفسخ في عينها لقيام سببه وهو فساد البيع وزوال المانع. قاله أبو عمران (5)، واستغربه ابن عبد السلام، ورآه بعض كبار المشائخ مثل الأول. وأيضًا حوالة الأسواق ليست من فعل المشتري، والبيع من فعله، فيتهم أن يكون قصد إلى التفويت (6). قاله عبد الحق وليس بالقوي (7)؛ لأنه فرض المسألة في [المدونة](8) فيما إذا عادت إليه بميراث، (ولا تهمة في الميراث)(9).

613 -

وإنما قال في الكتاب: إذا اشترى سلعة فأشرك فيها رجلًا بنصفها، ثم إن البائع حط عن المشتري أنه يحط عن شريكه نصف ما حط عنه على ما أحب أو كره، وإذا ولي (10) سلعة اشتراها ثم حط عنه (11) بائعها من ثمنها فإِنه

(1) انظر جـ 3/ 207.

(2)

سائر النسخ: رجع، والمثبت من (ح).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في الأصل: آخر.

(5)

(ح) ابن عمران، وهو تحريف.

(6)

سائر النسخ: التفرقة، والمثبت من (ح).

(7)

كذا في جميع النسخ: قاله عبد الحق وليس بالقوي، والصواب: قال عبد الحق: وليس بالقوي؛ إذ أن هذا التعبير لعبد الحق، قاله بعد أن أتى بما فرق به القابسي -دون أن يذكر اسمه-، ثم جاء بالفرق الأخير أيضًا ولم ينسبه لأحد، ثم أتبعه بقوله وليس بالقوي انظر النكت ص 148.

(8)

ساقطة من (ح).

(9)

الزيادة من (ح).

(10)

في الأصل: أولى، وهو تحريف.

(11)

(أ) و (ب): عنها، وهو تحريف.

ص: 415

بالخيار إن وضع عن (1) المولي الذي وضع لزم البيع المولي، وإن أبي فللمولي ردها كبيع المرابحة؛ لأن الشريك لما صار بشركته مماثلًا للمبتاع في ابتياعه والبيع (2) ضرورة مساواته (3) له بما يعرض للمبيع المفروض من تلف ونماء ووضيعة وريح لزم مماثلته له في استحقاقه الوضيعة الكائنة لاستصلاح البيع ولما لم يكن المولى للمولى كذلك لم يلزم فيه ذلك وصار كمبتاع ذلك المبيع (4) مرابحة فوجب مثله. قاله ابن عرفة رحمه الله (5).

تنبيه: قال ابن محرز: يحتمل أنه أراد الشركة الجبرية فيصير كالشفعة في وجوبا طرح ما وضع عن المشتري وعن (6) الشفيع، وإن لم يكن كذلك فلا أعلم بين الشركة والتولية (فرقًا)(7).

614 -

وإنما أوجبوا الخيار في المرابحة كالتولية، وأوجبوا الوضيعة في الشركة، لأن المرابحة مكايسة، والشركة معروف (8). قاله ابن القاسم في الكتاب وارتضاه ابن رشد.

615 -

وإنما قالوا: إذا اشترى الثمرة على الجذ، ثم اشترى الأصل، (أن له أن يقر الثمرة في الأصل، ولو اشتراها على التبقية ثم اشترى الأصل)(9) لم يكن له أن يبقيها؛ لأن عقد الثمرة فاسد في الثانية لا الأولى.

تنبيه: ولو اشترى وورث الأرض بعد ذلك جازت التبقية. قاله مالك؛ لأن الثمرة إذا فسخ بيعها رجعت إليه بالإِرث.

(1) في الأصل و (أ): على، وهو خطأ.

(2)

(ح): المبيع.

(3)

(ح): مساوات، وهو تحريف.

(4)

(ح): البيع.

(5)

ساقطة من الأصل.

(6)

(أ) و (ب): عن.

(7)

ساقطة من (ح).

(8)

في الأصل: معروفة، وهو تحريف.

(9)

ساقطة من الأصل و (أ).

ص: 416

616 -

وإنما لم يجز له أن يقر الزرع حتى يبدو صلاحه إذا اشتراه على (1)(الجذ)(2) ثم اكترى الأرض، ويجوز له ذلك في الثمرة إذا اشتراها على الجذ ثم اشترى الأصل، لأن الأول لم يملك الأرض، والثاني قد ملك الأصول، ولو ملك الأول الأرض لكان كالأصل.

617 -

وإنما جعل ابن القاسم قطع الثوب المغلوط في ثمنه في المرابحة فوتًا، وقال فيمن اشترى ثوبًا فغلط البائع فأعطاه غيره، فقطعه المشتري أن له رده ولا شيء عليه في قطعه. فلم يجعل القطع فوتًا؛ لأن ثوب الكذب (3) في المرابحة لو هلك بعد القطع ببينة لكان هلاكه من بائعه، ولو هلك ثوب الغلط ببينة كان ضمانه من (بائعه)(4). قاله ابن الكاتب. وأيضًا القطع في بيع المرابحة وقع في بعض ماوقع العقد عليه، وانتقل الملك فيه للمشتري بالمعاوضة فهو كبيع فاسد فتفيته حوالة الأسواق، فالقطع أحرى أن يفيته، والذي قطع ثوب الغلط إنما قطع ملك (5) غيره ولم تجر (6) فيه مبايعة؛ والبائع مسلط للمبتاع على قطعه، فلم يكن له (7) عليه شيء، وكان لربه ارتجاعه من يده. قاله ابن يونس.

618 -

وإنما قال مالك (8): لا يجوز بيع الآبق والجمل الشارد، ويجوز بيع ملك الغير ويوقف على إجازة ربه، وفي كلا الموضعين الغرر، لأن الآبق والشارد غير مقطوع بوجودهما حال العقد، ولا مقدور على تسليمهما، فلم يجز بيعهما؛ وليس كذلك (9) بيع ملك الغير؛ لأنه موجود (10) حال العقد، ووقوف البيع على

(1)(ح) عن وهو تحريف.

(2)

بياض في الأصل، وهي ساقطة في (أ).

(3)

(ح) الكرب، وهو تحريف.

(4)

بياض في (ح).

(5)

(ح): ثوب.

(6)

في الأصل و (ح): ولم تجز.

(7)

ساقطة من (ح) و (ب).

(8)

انظر المدونة 3/ 254.

(9)

في الأصل: ولا كذلك.

(10)

في (أ): وجود، وهو تحريف.

ص: 417

إجازة ربه لا يمنع جوازه؛ لأنه كالخيار الذي لا يمنع صحة البيع.

تنبيه: ضعف بعض الشيوخ هذا الفرق وقال: قوله في ملك الغير أنه موجود، إن أراد أنه موجود في نفسه، فكذلك الآبق هو موجود في نفسه، وليس لهذا (1) الوجود اعتبار، وإنما الاعتبار بوجود ذلك بيد البائع، وذلك مفقود في الوجهين (فلا) (2) فرق (3). وقال بعض الفقهاء: الأجود أن يقال: إن بيع الآبق والجمل الشارد إِنما لم يجز على ملك ربه؛ لأنه في حكم التلف، وما هذه (4) سبيله لا يصح بيعه، وليس كذلك بيع ملك الغير؛ لأن هذا المعنى غير موجود فيه.

619 -

وإنما قال مالك: إذا بيع ملك الغير، ووقف البيع على إجازة ربه، فإِن مات ربه وانتقل الملك (5) إلى البائع كان له من الرد والإِمضاء ما كان لمالكه، وإذا باع العبد شيئًا مما يملكه وقف للبيع على إجازة سيده، فإِن أعتقه قبل علمه بذلك لزمه البيع ولم يكن له خيار، وفي كلا الموضعين العقد موقوف على الإِجازة؛ لأن العبد إنما منع من إمضاء البيع لحق السيد، فإِذا أعتق (6) زال حقه، فزال المنع بزواله، وليس كذلك بيع ملك الغير؛ لأنه موقوف على إذنه، فإِذا مات انتقل الإِذن إلى مستحق البيع فيثبت له من ذلك ما كان ثابتًا لمالكه، فكان له أن يجيز (7) أو يرد، لأنه غير ملك له أولًا بخلاف العبد فافترقا.

620 -

وإنما قال مالك (8) فيمن باع دابة واستثنى ركوبها، إن كان يسيرًا مثل اليوم واليومين جاز، وإن كان كثيرًا لم يجز، ولو شرط المشتري ركوبه جاز قليلًا

(1)(ح): هذا، وهو تحريف.

(2)

ساقطة من الأصل.

(3)

في الأصل: بارق، وهو تحريف، وفي (ب): فارق.

(4)

في الأصل: هذا.

(5)

(ح): المبيع.

(6)

في الأصل و (ح): عتق.

(7)

(ب): يخير، وهو تحريف.

(8)

انظر المدونة 3/ 422.

ص: 418

كان أو كثيرًا، وفي كلا الموضعين هو ركوب منضم (1) إلى البيع؛ لأن البائع إذا استثنى الركوب الكثير دخل البيع الغرر؛ لأن المشتري لا تسلم (2) إليه الدابة إلا بعد أن تنقضي مدة الركوب فيدخلها التغيير، وهي باقية على ملكه، وليس كذلك إذا اشترط الركوب؛ لأن المشتري يسلم الدابة، إنما يجعل ذلك إجارة وبيعًا، والإِجارة والبيع يجوز اجتماعهما؛ لأنهما عقدتين (3) غير متنافيتين.

621 -

وإنما قال مالك (4): يجوز بيع الشاة واستثناء أطرافها في السفر، ولا يجوز ذلك في الحضر، وفي كلا الموضعين فقد وجد الاستثناء للأطراف؛ لأن السفر لا قيمة للأطراف فيه فيحصل كالذي لا حكم له، وفي الحضر لها قيمة وبال فيدخل (في)(5) ذلك المخاطرة.

622 -

وإنما قال مالك (6): يجوز بيع تراب المعدن ولا يجوز بيع تراب الصاغة، وفي كلا الموضعين العين المشتراة مرئية؛ لأن ما في تراب المعدن (7) من الذهب والفضة معروف عند أهل النظر (8)، وتراب الصاغة لا يعلم ما فيه. وأيضًا تراب المعدن لا يدخله غش؛ لأنه صنعة الخالق سبحانه وتعالى، وتراب الصياغة يدخله الغش؛ لأنه صنعة مخلوق وفيه نظر.

623 -

وإنما قال (9) مالك: يجوز بيع تراب المعدن، ولا يجوز بيع تراب الغربلة، وهو بيع ما يخرج من المعدن في اليوم، وفي كلا الموضعين فهو تراب معدن، لأن الغربلة مجهولة غير معروفة؛ (لأنه)(10) لا يعلم ما يخرج في ذلك

(1) في الأصل: منظم، وفي (ح): منهم، وكلتاهما تحريف.

(2)

في الأصل: لا نسلم.

(3)

كذا في جميع النسخ، والصواب عقدتان.

(4)

انظر المدونة 3/ 291.

(5)

ساقطة من (ح) و (ب).

(6)

انظر المدونة 3/ 127، 216.

(7)

(ح): المعادن.

(8)

في الأصل و (ب): البصر.

(9)

مكررة في الأصل.

(10)

ساقطة من (ب).

ص: 419

اليوم، وليس كذلك الأمر (1) في التراب؛ لأنه معلوم غير مجهول.

624 -

وإنما يلزم بيع (2) من باع حجرًا يظنه غير ياقوت (3)، فإذا هو ياقوت، ولا يلزمه إذا قصد إلى إخراج ثوب بدينار، فأخرج ثوبًا بأربعة دنانير؛ لأن الأول جهل وقصر، ولم يسأل من يعلم ما هو؟ والثاني غالط، والغلط لا يمكن التوقي (4) منه، فيحلف ويأخذ ثوبه، إن أتى بدليل صدقه (5) من رشد (6)[أو إشهاد قوم على ما صار إليه في مقاسمة (وشبه (7) ذلك) (8). قاله ابن رشد](9).

625 -

وإنما لا ينتقل الضمان إلى المشتري في المكيلات والموزونات إلا بالكيل والوزن، وينتقل إليه في غيرهما (10) بالعقد الصحيح؛ لأن المبيع إذا كان مكيلًا أو موزنًا لا يتميز عن ملك البائع إلا بالكيل والوزن، ولا يعلم مبلغ ما باع، بخلاف العبد والثوب مثلًا فإِنهما يتميزان بذاتيهما وإبرامهما (11).

626 -

وإنما قال مالك في مختصر ابن شعبان: فيمن اشترى سلعة والمشتري من أهل البلد مليًا معروفًا أن الضمان منه، إذا بقيت السلعة بيد البائع حتى هلكت، وإن كان غريبًا فقيرًا فالضمان من البائع؛ لأن المشتري إذا كان مليًا معروفًا فإِبقاء السلعة بيد البائع إنما كان باختياره، فصار كمودعها عند بائعها وإذا كان فقيرًا ممن يمتنع (12) منه حتى يدفع (13) الثمن صار (14) المنع

(1)(ح): وليس الأمر كذلك.

(2)

المثبت من الأصل، وسائر النسخ: البيع.

(3)

(ح): ياقوتة.

(4)

(ح): التاني، وهو تحريف.

(5)

في الأصل: بصدقه، وفي البيان: على صدقه.

(6)

كذا في كل النسخ عدا (ح) ففيها: ابن رشد، وكل ذلك تحريف وصوابها: رسم، وهو الذي في البيان.

(7)

بياض في (أ)، وفي البيان: أو ما أشبه ذلك.

(8)

ساقطة من الأصل.

(9)

ساقطة من (ب). وانظر تفريق ابن رشد هذا في البيان والتحصيل 7/ 344.

(10)

(ح): وينتقل إليه غيرهما.

(11)

كذا في جميع النسخ ما عدا (ح) ففيها: وإخراجهما، وكلاهما تصحيف والصواب أجرامهما.

(12)

(ح): حتى تمنع منه.

(13)

(أ) و (ب): يرفع، وهو تحريف.

(14)

في الأصل و (أ): فصار.

ص: 420

فيها (1) من قبل البائع، فكان ضمانها منه.

تنبيه: هذا الذي نقلناه هنا عن مالك في مختصر ابن شعبان هكذا نقله المازري في كتاب التدليس (بالعيوب)(2) من شرح التلقين، وعكس اللخمي النقل والتوجيه فانظره.

627 -

وإنما كان (3) المذهب في المرأة تخالع زوجها بخمر أو خنزير (أو جنين في بطن أمه)(4)(نقض (5) المعاوضة، ولا ترد الزوجة إلى الزوج، وإذا باع إنسان عبده بخمر أو خنزير أو جنين في بطن أمه) (4) فإِنا ننقض المعاوضة ويرتجع (6) عبده الذي عاوض به، مع أن الزوجة أيضًا نعلم ونقطع بأنه إنما ترك سبيل زوجته وباع منها منافع بضعها بما بذلته (7) له: لأن الطلاق إذا وقع وبانت الزوجة لم يحل التراضي على التراجع واستباحة (8) الوطء من غير شروطه الشرعية، بخلاف البياعات فإِنها حقوق مالية إبطال أحد العوضين فيها إبطال للآخر، والخلع ليس من الحقوق المالية (المحضة)(9)، ولهذا أجيز وأمضي عقده بغرر وبكل مالا (10) يجوز في عقود المعاوضات. والحاصل أن طريقة (11) الأعواض في (الخلع بخلاف طريقة الأعواض في)(9) البيع. وأيضًا حرمة الفروج آكد في الاحتياط من حرمة الأموال.

628 -

وإنما قال مالك (12): إذا أقرضه (13) طعامًا أو غيره إلى أجل من الآجال فأتاه به

(1)(ح): فيهما.

(2)

ساقطة من (ح).

(3)

في الأصل و (أ): كان في المذهب.

(4)

ساقطة من (أ) و (ب).

(5)

ساقطة من (ح) و (ب).

(6)

في الأصل و (أ): ويرجع، وفي (ب): ويرتجع كل عبده.

(7)

في الأصل و (أ) جدلته، وهو تحريف وفي (ح): بدلته.

(8)

(ح): استباح.

(9)

ساقطة من (ب).

(10)

في (ح): وبكل ما يجوز.

(11)

في الأصل و (أ) طريق، وفي (ب): طرقه.

(12)

انظر المدونة 3/ 141.

(13)

سائر النسخ: أقرضت، والمثبت من (ح).

ص: 421

قبل (محل)(1) الأجل يلزمه أخذه، ولا يلزمه في السلم أخذه قبل محل (2) الأجل، وفي كلا الموضعين فالذمة تبرأ مما كانت مشتغلة به؛ لأن الأجل في القرض حق للمقرَض (3) دون المقرِض، فإِذا قدم ذلك قبل محل (2) الأجل فقد رضي بإِسقاط حقه، [فلزم رب المال أخذه؛ لأنه لا حق له في الأجل، والأجل في السلم حق للجميع المسلم والمسلم إليه فإِذا اختار أحدهما إسقاط حقه](4) لم يلزم الآخر إسقاط حقه.

تنبيه: فإِن قيل من أين كان الأجل (في القرض)(5) حق للمقرَض دون المقرض، وفي السلم حق للجميع، قيل: لأن المنفعة للمقرَض دون المقرِض (6). ألا ترى أنه متى حصلت فيه المنفعة للمقرض لم يجز، فلهذا كان الأجل حقًّا له، والمنفعة في السلم للجميع؛ لأنه إنما يسلم إليه لما يرجوه من نفاق (7) تلك السلعة عند تغير (8) الأسواق، وينتفع المسلم إليه بتقديم المسلم الثمن، فكل واحد منهما له منفعة. وأيضًا فإِنما (9) قدم الثمن ليسترخص تلك السلعة إذا كانت عند محل الأجل، فإِذا قدمت قبله بطل (10) هذا الغرض.

629 -

وإنما قالوا فيمن أقرض طعامًا (أو عرضًا)(11) أو حيوانًا؛ ولقي المستقرض في (غير)(1) بلد القرض يجوز اتفاقهما على القضاء بعد حلول (12) الأجل؛ لأن

(1) ساقطة من (ح).

(2)

(ح): حل.

(3)

سائر النسخ للمستقرض، والمثبت من (ح) والمعنى واحد.

(4)

ساقطة من الأصل و (أ).

(5)

بياض في (ح).

(6)

(ب): للقرض دون المقترض، وهو تحريف.

(7)

في الأصل: نفاذ، وهو تحريف.

(8)

(ح): تغيير، وهو تحريف.

(9)

في الأصل: فإِذا.

(10)

(ح): بكل، وهو تحريف.

(11)

ساقطة من (ب).

(12)

(ح): حصول.

ص: 422

ذلك معروف من الباذل والقابل، وإن كان قبل حلول الأجل لم يجز، وإن كان القرض نقودًا (1) جاز قبل حلول الأجل وبعده إذا كان مثل ما أعطاه من غير زيادة ولا نقصان، بل يجبر رب المال على ذلك ما لم يكن هناك خوف كمن (هو بمفازة)(2) فلا يجب عليه حينئذٍ للضرورة (3)؛ لأن النقود (4) وإن اختلفت البلدان فسعرها واحد على غالب أحوالها، وإن نقصت يسيرًا فإِن الشارع لم يكترث له، والعروض والحيوان والطعام يختلف سعرها باختلاف البلدان، فمنع من أخذه قبل حلول الأجل في غير المكان الذي أخذه فيه لما يتوقى ويتوقع من ضع وتعجل، وحط عني الضمان وأزيدك، إن كانت من بيع. ومن هنا يستبين لك معنى قولهم: لا ضمان في العين، والله أعلم.

تنبيه: ذهب أبو إسحاق التونسي إلى أن له تعجيل العروض ولو كانت من بيع إذا كانت على الصفة عند قرب حلولها؛ لأن حوالة الأسواق لا تكون غالبًا إذا بقي للحلول (اليوم)(5) واليومان والثلاثة، يدل على ذلك عدم جواز السلم إلى مثل ذلك الأجل في البلد الواحد على المشهور.

630 -

وإنما قال مالك إذا قرض له شيئًا فرد إليه أفضل منه جاز، وإن رد إليه أزيد منه لم يجز، وفي كلا الموضعين قد وجد الفضل؛ لأن (6) الزيادة في المثل، تخرج عن حد المماثلة (7)، وليس كذلك تغير (8) الصفة؛ لأن المماثلة حاصلة معه، والدليل لهذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استقرض بكرًا فرد جملًا رباعيًّا أفضل مما أخذه (9). وأيضًا فإِن التهمة تقوى في الزيادة في المثل ولا تقوى في الصفة، والله أعلم.

(1) في الأصل و (أ): نفودًا، وهو تصحيف.

(2)

بياض في (ح).

(3)

(ح) الضرورة، وفي (ب): لا ضرورة.

(4)

في الأصل: النفوذ، وهو تصحيف.

(5)

الزيادة من (ح).

(6)

(ح): كان، وهو تحريف.

(7)

(ب) لأن الزيادة حد مماثلة في المثل وهو سقط.

(8)

في الأصل: تغيير.

(9)

أخرجه مالك ومسلم انظر الموطأ ص 567 والنووي على مسلم 11/ 36. وانظر أيضًا المدونة 3/ 199.

ص: 423

631 -

وإنما قالوا: إذا اشترى طعامًا ثم شارك فيه ثم تلف قبل القبض كان (1) منهما إذا اشتراه الأول جزافًا (2)، وإذا اشترى طعامًا ثم ولاه غيره فهلك فالضمان في المولَى:(لأن المولي)(3) خرج له عن الجميع، والشركة في [الآخر](4) بينهما فافترقا.

632 -

وإنما جوزوا الإِقالة بلفظ التولية، ولم يجيزوا الإِقالة والتولية بلفظ البيع، لأن التولية والإِقالة من الألفاظ الدالة على المعروف، والبيع ليس كذلك، فناب أحد اللفظين عن الآخر في الإِقالة والتولية، ولا ينوب لفظ البيع عن لفظ الإقالة لاختلاف أحكامهما.

633 -

وإنما لا يوضع إلا قدر الثلث من جائحة السماء، ويوضع من العطش القليل والكثير؛ لأن ما جاء من جهة البرد والعفن (5) والجراد أمر دخل عليه المشتري على أن يسقط منها القليل ويأكل منها (6) الطائر؛ إذ لا [يكاد](7) ينفك عن ذلك، ونقصان الشرب لم يدخل عليه، وإنما دخل على استيفائه بالسقي، فإِذا نقص سقط عنه؛ إذ للبائع في ذلك كسب، بخلاف آفات السماء؛ لأنه لا كسب له في ذلك، فلذلك وضع الثلث (ولم يوضع)(8) ما دون ذلك، والله أعلم.

634 -

وإنما توضع جائحة البقل وإن قلت، ولا يوضع من جوائح الثمار إلا ما كان قدر الثلث؛ لأن غالب جائحة البقل أنها لا تكون إلا من العطش، واستبعده ابن عبد السلام. وأيضًا البقل لا يتوصل إلى مقدار ثلثه؛ لأنه يخرج أولًا فأولًا

(1)(ح): لأن، وهو تحريف.

(2)

(ح): فإِذا.

(3)

ساقطة من (ح).

(4)

الزيادة من الأصل.

(5)

كذا في كل النسخ ما عدا (ح) مكانها بياض.

(6)

في الأصل و (أ): منه.

(7)

الزيادة من (ح).

(8)

ساقطة من (ب).

ص: 424

فلا (1) يكاد يضبط قدر ما يذهب منه أعني الثلث فوجب أن يوضع قليل ذلك وكثيره. قاله الأبهري.

635 -

وإنما قالوا في الثمرة المزهية إذا اشتريت مع الأصل كانت تبعًا له أو غير تبع أنه لا جائحة فيها، وفي مكتري الدار يشترط ثمرة فيها أنها إن كانت غير تبع للكراء وطابت حين العقد أن فيها الجائحة؛ لأن ثمرة الأصول المبيعة متكونة عن الأصول متولدة عنها، فكانت في حكم التبع (2) لما هي منه، والثمر المضاف إلى كراء الدار لم يضف إلى ما هو متكون منه ومتولد عنه، فلم يكن في حيز التبع إلا أن يكون يسيرًا.

636 -

وإنما لزم المشتري ما بقي بعد الجائحة وإن قل، ولا يلزم الباقي (3)[بعد الاستحقاق إن كان الباقي](4) أقل الطعام؛ لأن المشتري دخل على (أن)(4) الجائحة قد تطرأ على البيع، فعيب تبعيض الصفقة الناشئ عن الجائحة مدخول عليه، وعيب التبعيض الناشئ عن الاستحقاق غير مدخول عليه، فلذلك لزم (الأول)(5) منهما دون الثاني.

637 -

وإنما قالوا: إذا وقع البيع على الصفة ثم تنازع البائع والمبتاع عند حضور المبيع (6) في صفته الآن هل هي التي وقع عليها التعاقد أم لا؟ فإن (7) القول قول المشتري، وإذا انعقد على رؤية متقدمة وتنازعا في بقائه على صفته أن القول قول البائع؛ لأن البيع في مسألة الرؤية معلق على بقاء صفة المبيع والأصل بقاؤها، فمن ادعى الانتقال فهو مدع وهو المشتري، بخلاف البيع على الصفة فإِن الأصل عدمها وهو موافق لقول المشتري.

638 -

وإنما جاز النقد فيما بيع على الصفة من غير الحيوان إذا كانت غيبته قريبة

(1) سائر النسخ فليس يكاد، والمثبت من الأصل.

(2)

في الأصل البيع، وهو تصحيف.

(3)

في الأصل الباني، وهو تصحيف.

(4)

الزيادة من (ح).

(5)

ساقطة من (ح).

(6)

في الأصل البيع، وهو تحريف.

(7)

في كل النسخ: لأن ولكنها في الأصل مصوبة بما أثبتناه، وهي في (ح) ساقطة.

ص: 425

ولا يجوز في الحيوان وإن قربت؛ لأن الأمن (1) في العروض أقوى منه في الحيوان.

639 -

وإنما منع بيع القمح المبلول بمثله، وجوز بيع المشوي بالمشوى والقديد بالقديد؛ لأن البلل يكثر فيه الاختلاف عادة، ولأن أسفله لا يساوي أعلاه، بخلاف الشيّ، فإِنه (2) لا يختلف في الغالب، وفيه نظر.

640 -

وإنما قالوا: إذا اجتمع في صفقة واحدة البيع والسلف وأسقط مشترط السلف شرطه يصح البيع، وإذا (باع)(3) سلعة وخمرًا فإِن البيع لا يصح ولو أسقط الخمر؛ لأن مشترط السلف مخير في أخذه وتركه، وإنما و [زان] (4) السلف لو قال: أبيعك على أني إن (5) شئت (أن تزيدني زق خمر زدتني وإن شئت)(6) تركته، فإِن تركه جاز البيع. قاله القاضي إسماعيل. وأيضًا مشترط السلف إذا (7) تركه لم يجبر على أخذه، بخلاف مشترط الخمر؛ لأنه مشتر له، ومن اشترى شيئًا أجبر على قبضه. قاله ابن زرقون. وأيضًا البيع والسلف أصلان لو انفرد كل واحد منهما (لجاز)(8)، والخمر لو انفردت وحدها لم تحل، فإِن الفساد في مسألة الخمر فساد راجع إلى ماهية البيع لفساد المعقود عليه، بخلاف البيع والسلف، فإِن الفساد خارج عن الماهية. قاله بعضهم.

641 -

وإنما قالوا: إذا كذب في بيع المرابحة يخير المبتاع في قيام السلعة بين أن يتماسك بجميع الثمن أويرد (إلا أن يشاء البائع أن يحط عنه الزيادة وما ينوبها من الربح فيلزمه البيع، وإذا غش فيه فإن المبتاع في قيام السلعة بالخيار

(1)(ح) الأصل، وهو تصحيف.

(2)

في الأصل لأنه. تحريف.

(3)

بياض في الأصل و (أ) و (ب).

(4)

بياض في (ح) وفي الأصل و (أ) وازن، وهو تحريف، والتصويب من (ب).

(5)

(ح) و (ب): لو شئت.

(6)

ساقطة من (ح).

(7)

(ح): لو.

(8)

ساقطة من الأصل و (أ).

ص: 426

بين أن يتماسك بجميع الثمن أويرد) (1)، وليس للبائع أن (يلزمه)(2) إياها وإن حط عنه بعض الثمن؛ لأن ما ينوب الغش لا يتميز بخلاف الكذب. قاله الشيخ أبو الحسن الصغير.

642 -

وإنما منع بعضهم أن يشتري هذه الغنم كل شاة بدرهم وهذه الثياب كل ثوب بدرهم إلا إذا عرف (3) عددها، وجوز أن يشتري هذه الصبرة كل قفيز (4) بدرهم؛ لأن الطعام وغيره من المكيل والموزون يباع جزافًا فجائز (5) بيعه على هذا الوجه الآخر؛ إذ (6) لم يخرجه عن الجزاف، ولا كذلك الثياب والشياه؛ لأن هذه لا يجوز بيعها جزافًا أو صبرة (7)، ولا يخرجها تسمية ما لكل واحد عن الجزاف إذا لم يعرف عددها.

643 -

وإنما منع ابن المواز من بيع الرقيق والبز كل رأس بدرهم وكل ثوب بدرهم، وأجاز أن يشتري كل ذراع بدرهم؛ لأن الدار (8) يجوز أن تباع (9) جزافًا بغير تبيين، فأشبهت الصبرة، والبز والرقيق لا يجوز بيعه جزافًا بغير عدد، فلم يجز بيعه كذلك؛ لأنه لا يخرج بتسميته من كل رأس ما يدفع (10) غرر الجزاف منها. قاله ابن محرز (11).

644 -

وإنما أجاز ابن القاسم (12) أن يكري الدابة على أن [لا](1) تقبض إلى شهرين إذا لم ينقده، ومنع بيع السلعة على أن لا تقبض إلى أجل نقد أو لم

(1) ساقطة من الأصل.

(2)

بياض في (ح).

(3)

(أ) و (ب): عرفًا.

(4)

في الأصل قفير وفي (أ) فقير وهو تحريف.

(5)

(ح) و (ب): فجاز.

(6)

في جميع النسخ إذا والتصويب من (ح).

(7)

المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: ومصبرة.

(8)

في (ح) الثياب والتصويب من بقية النسخ.

(9)

المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: تشتري.

(10)

(ح) تدفع.

(11)

في الأصل: أبو محمد.

(12)

انظر المدونة 3/ 423.

ص: 427

ينقد (1)؛ لأن ضمان المنافع من بائعها فلم يأخذ (2) بائعها لذلك ثمنًا، ولا كذلك الرقاب، فإِن ضمانها من مبتاعها فلما اشترط (3) تأخير القبض صار كأنه أخذ [للضمان](4) ثمنًا.

645 -

[وإنما](5) أجاز في المدونة (6) بيع الثوب بالثوب إلى أجل وجعله قرضًا، ولم يجز بيع الدرهم بالدرهم و [لا](7) الطعام بالطعام إلى أجل (وجعله بيعًا؛ لأن الدرهم بالدرهم والطعام بالطعام إلى أجل)(8) محل النص من الشارع على المنع من التأخير، بخلاف ثوب بثوب. وأيضًا المحرم في الربا نفس التأخير فلذلك لم يجعله قرضًا (9) كما في الثياب؛ لأن المحرم فيها سلف بزيادة أو ضمان بجعل في الأعلى والأدنى، والله أعلم.

تنبيه: من هنا تعلم أن قرض الربا (10) لا بد فيه من صيغة، وإنما الخلاف في غيره. وفي المدونة: إن أسلمت جذعًا في مثله صفة وجنسًا فهو قرض إن ابتغيت نفع الذي أقرضته (11)، وإن ابتغيت نفع نفسك رد السلف. اللخمي: اختلف إن قصد في القرض في الثوب بيعه بمثله، فقال مالك وابن القاسم وغيرهما: ذلك فاسد، وأجازه في مختصر الوقار (12) وعلى الأول فهو في

(1)(ح) إلى أجل بعيد وإن لم ينقد، و (أ) أجل بقيد وإن لم بنقد. وكلتاهما تحريف.

(2)

(ح): يؤخذ، وهو تحريف.

(3)

المثبت من الأصل، وفي سائر النسخ اشترطا.

(4)

ساقطة من (ح).

(5)

بياض في (أ).

(6)

انظر جـ 3/ 130.

(7)

ساقطة من (ح) و (أ).

(8)

ساقطة من (أ) و (ب).

(9)

(ح): اقراضًا، وفي (ب): فرقًا.

(10)

(ح) قراض الربا، وفي الأصل و (أ) و (ب) قرض الربوي.

(11)

(ح) قرضته، وفي الأصل: اقترضته.

(12)

أبو بكر محمد بن أبي يحيى زكرياء الوقار. قال ابن فرحون والوقار بتخفيف القاف. فقيه مالكي، تفقه بأبيه وابن عبد الحكم وأصبغ، وروى عن إسحاق بن إبراهيم بن نصير ومحمد بن مسلم بن بكار وغيرهم. من تآليفه: كتاب السنة ورسالة في السنة ومختصران كبير وصغير في الفقه. توفي سنة 269 هـ. =

ص: 428

فسخه وفواته (1) كبيع فاسد. ومن هنا تعلم أن ما أفتى به بعض فقهاء تلمسان من أصحابنا سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة من جواز بيع رطل من حناء بمثله إلى أجل باطل وخطأ، والله أعلم.

= ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج 234، القاضي عياض: ترتيب المدارك 4/ 189، محمد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 68.

(1)

(ح): فوته.

ص: 429