الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروق كتاب الحجر والتفليس
857 -
وإنما قال مالك (1): إذا استدان السفيه ثمَّ فك حجره لا يتبع بالدين، وإذا (2) استدان العبد ثمَّ أعتق (اتبع)(3) بذلك (4) الدين إذا لم يكن السيد أسقطه عنه قبل العتق، وكل منهما محجور عليه؛ لأنَّ الحجر على العبد حق لغيره، وهو السيد، فإذا زال حق السيد لزم العبد كل ما كان ممنوعًا منه لحقه، والسفيه إنما ضرب الحجر عليه لنفسه؛ فإِذا لم يلزمه الدين في حال الحجر (5) لم يلزمه بعده؛ لأنه حق ثابت؛ لأنَّ في إلزامه الدين إبطالًا (6) لفائدة الحجر؛ لأنَّ فائدته حفظ ماله، فإذا لزمه الدين لم يوجد الحفظ، والعبد لا يوجد هذا المعنى فيه، فافترقا.
[وإنما قال مالك: يجوز للسفيه الوصية بالعتق، ولا يجوز له أن يعتق بتلًا (7) والكل عتق؛ لأنَّ السفيه إنما حجر عليه لئلا يضيع ماله ويبقى فقيرًا لا مال له، وما خشي منه يوجد في تبتيل العتق، ولا يوجد في الوصية (بالعتق) (3)](8).
(1) انظر المدونة 4/ 114.
(2)
(ح): (وإنما).
(3)
ساقطة في (ح).
(4)
(ح): فذلك.
(5)
في الأصل و (أ): (حجره).
(6)
(ح): ضياعًا.
(7)
في الأصل: (بتًا).
(8)
هذا الفرق مكرر انظر كتاب العتق الفرق 478.
858 -
وإنما قال المغيرة (1): إذا أعتقت المرأة ذات الزوج عبدًا هو أكثر من ثلث مالها فللزوج أن يرد الجميع، وإذا تصدقت بأكثر من ثلث (مالها)(2)، فلا خيار للزوج إلا فيما زاد؛ لأنَّ العتق لا يتبعض.
859 -
وإنما جعلوا لزوج المرأة إذا تصدقت بأكثر من الثلث أن يرد الجميع، ولم يجعلوا لورثة الموصي بأكثر من الثلث أن يردوا (إلا)(3) ما زاد على الثلث؛ لأنَّ الزوجة يمكنها استدراك غرضها بإِنشاء الثلث ثانيًا، بخلاف الموصي، فإِنا لو أبطلنا الجميع (4) لم يمكن (5) استدراك الغرض لموت الموصي، وأيضًا المرأة جعل ذلك في حقها تأديبًا لها لترتدع (6) عن إخراج فوق الثلث فيما بعد، وليس كذلك الميت فإِنه لا يمكن أن يعود فيتصدق بالثلث من بعد (7)، فلما تعذر منه لم يصح أن يبطل إلا ما زاد على الثلث.
تنبيه: ذهب بعض المتأخرين إلى أن الزوج إنما يمنع زوجته من الزيادة على الثلث في المال الذي كان معها في حالة عقد النكاح؛ لأنَّ الزوج زاد في الصداق من أجله، ويستدل له بقوله عليه الصلاة والسلام:"تنكح المرأة لمالها. ." الحديث (8)، وظاهر المذهب أن لا فرق، وأن للزوج حقًّا في مالها مطلقًا سواء أحدث لها (مال)(9) أم لا، واختلف إذا تكرر منها العتق والصدقة بالثلث في كل مرة أو أقل منه هل يبطل جميع ذلك أو يجوز الجميع أو التفصيل بين أن يتباعد ذلك (أم لا فإن تباعد جاز ذلك)(10) كله وإن تقارب
(1)(ح): في المغيرة. وقد مرت ترجمته.
(2)
ساقطة في (ح).
(3)
ساقطة في الأصل و (أ).
(4)
(ح) فإنَّه لو أبطلت الجميع.
(5)
(ب): يكن.
(6)
في الأصل: (لتردع).
(7)
(ب): من بعدها.
(8)
هذا طرف من حديث أخرجه الشيخان ولفظ مسلم (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها. ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك). انظر فتح الباري 9/ 155، 156 وشرح النووي لمسلم 10/ 51.
(9)
ساقطة في (ب).
(10)
الزيادة من (ح).
رد كله وإن توسط رد الآخر (1) من فعلها. وهذا الأخير (2) لأصبغ وقد جعل القرب كاليوم واليومين فيبطل الجميع والطول ستة أشهر فيجوز الجميع، والتوسط (3) بالشهر والشهرين فيبطل الآخر.
تفريع: اختلف هل تحمل صدقتها على الضرر أو على القربة، وثمرة الخلاف في إبطال الجميع أو الزائد على الثلث، فابن القاسم حمله على الضرر في المدونة فأبطل (4) الجميع، وقال: إذ لا يجوز إمضاء (5) بعض الضرر ورد بعضه، وحمله المغيرة على القربة (6) فأبطل (7) الزائد، واختاره الشيخ أبو الحسن اللخمي، رحمه الله.
860 -
وإنما لذات الزوج أن تنفق على أبويها وإن جاوز الاتفاق الثلث. وليس لها أن تتصدق إلا بالثلث؛ لأنَّ الإنفاق على الأبوين يوجبه الحكم، ولا كذلك تبرعها.
861 -
وإنما منعوا حمالة (8) ذات الزوج بأكثر من ثلث مالها، وجوزوا قرضها؛ لأنَّ [في](9) القرض هي الطالبة، وفي الحمالة هي المطلوبة. قاله ابن دحون.
862 -
وإنما لزم طلاق (السفيه)(10) باتفاق، واختلف في لزوم عتقه لأم ولده؛ لأنَّ أم الولد يترقب فيها (11)(المال)(9) بالجناية عليها، ولا كذلك (12) الزوجة.
863 -
وإنما يلزمه الاستلحاق، ولا يلزمه الإقرار بالمال، مع (أن)(13) الاستلحاق فيه
(1)(ح): الأخير.
(2)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ (الآخر).
(3)
(ح): والمتوسط.
(4)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ (وأبطل).
(5)
(ب): إفضاء، وهو تحريف.
(6)
في الأصل و (ح): القرب.
(7)
(ب): بإبطال، وهو تحريف.
(8)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ كفالة.
(9)
الزيادة من (ح).
(10)
ساقطة من (ح).
(11)
(ب): يتقرب فيه.
(12)
في الأصل: وليس كذلك.
(13)
ساقطة من (أ).
إثبات وارث، وهو مستلزم لإِتلاف المال؛ لأنَّ استلحاق الوارث وإن سلم (1) فيه إثبات المال لكنه لا يضره (2)؛ لأنه بعد الموت فكان كوصية.
864 -
وإنما جعلوا محجور الوصي (3) لا ينفك عنه الحجر إلا بالإِطلاق، ولا ينفك بالبلوغ والرشد، بخلاف محجور الأب فإِنه ينفك بهما، مع أن الوصية فرع الأب؛ لأنَّ الأب لما أدخله (4) في ولاية الوصي صار بمنزلة ما لو جدد (5) عليه الحجر بحداثة (6) البلوغ، وهو لو حجر (7) عليه لم يخرجه إلا الإِطلاق، والله أعلم.
865 -
وإنما قالوا: يستحب للمرأة إذا رد الزوج (عتقها)(8) ثمَّ تأيمت أن تمضيه (9)، ولم يستحبوا للعبد إذا رد السيد عتقه ثمَّ عتق أن يمضيه؛ لأنَّ الزوجة من أهل التبرع بالعتق، ولا كذلك العبد؛ لأنه لو أعتق كان الولاء لسيده (10) دونه. وأيضًا المرأة تتصرف في ثلث مالها أو في (11) جميعه عند الشافعي، فكانت أقوى بخلاف العبد.
866 -
(وإنما كان رد الزوج رد إبطال ورد الغرماء رد إيقاف؛ لأنَّ الزوج تعلق حقه بعين مال الزوجة للتجمل به، ولم يتعلق حق الغرماء بعين مال الغريم، وإنما تعلق بذمته)(12).
867 -
وإنما كان إعتاق المفلس لأم ولده أقوى من إعتاق السفيه لأم ولده؛ لأنَّ نظر
(1) في الأصل و (أ): أسلم.
(2)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: لا يضر.
(3)
(ب): الحجر والوصية.
(4)
في الأصل: دخله.
(5)
في الأصل و (أ): جد.
(6)
(ح): بحرارة.
(7)
(ح): جدد.
(8)
ساقطة من الأصل و (أ).
(9)
في الأصل: أن يمضيه.
(10)
(ج): للسيد.
(11)
(ح): وفي.
(12)
هذا الفرق ساقط من الأصل.
المفلس صحيح، وإنما حجر (1) عليه في مال مخصوص، ولو سقط الدين الذي فلس فيه زال حجره، والسفيه محجور عليه من أكثر الوجوه، وكثير من أهل العلم لا يزيل حجره بانتقال حاله للرشد حتى يحكم القاضي بانتقاله. (قاله)(2) ابن عبد السلام.
868 -
وإنما (3) جاز للمأذون بيع أمته بغير إذن سيده، ولم يجز بيعه لأم ولده إلا بإِذن سيده؛ لأنَّ أم ولده قد تكون حاملًا، وحملها للسيد فيكون قد باع عبدًا لسيده (4) بغير أمره. وأيضًا العبد إذا عتق تكون له أم ولد على قول قائل، فلا يجوز له أن يبيعها (5) لذلك إلا بإِذن السيد.
تنبيه: لا يقال: يلزم على الأول ألا يبيع كل أمة وطئها إلا بإِذن سيده؛ لأنَّ الوطء مظنة الحمل؛ لأنا نقول أم ولده قد كانت خزانة للسيد بإيلادها المتقدم، وكان سيدها أوقفها للولد. فإِن قلت: يلزم على الأول أيضًا أنَّه لا يمكن من بيعها في دينه إلا بإِذن سيده، والمنصوص خلافه، قلت: لما كان (الدين)(6) متيقنًا والحمل موهومًا، وهي ملك للعبد، فلا يترك الأمر (المحقق لأمر)(7) هل يكون أو لا؟ فلا وجه لاستئذان السيد في أمر لا يتحقق، وهو إنما يبيعها في الدين بعد استبرائها. فإِن قلت: يلزم على الثاني أيضًا ألا (8) يجوز بيعها وإن أذن سيده، قلت أذن السيد في بيعها انتزاع، وفيه بحث ونظر طويل.
869 -
وإنما قال مالك (9): لا يحل مال للمفلس أو الميت من دين، ويحل ما كان عليهما من دين، مع أنَّه (في)(7) كلا الموضعين الأجل باق؛ لأنَّ الديون التي
(1)(ب): إنما جر، وهو تحريف.
(2)
الزيادة من (ح).
(3)
في الأصل: (إنما).
(4)
في الأصل: (للسيد)، وفي (أ) و (ب):(لسيد).
(5)
(ح): (بيعها).
(6)
ساقطة في (ح).
(7)
ساقطة في (ب).
(8)
(ح): "أنَّه".
(9)
انظر المدونة 4/ 121.
عليهما قد بطل محلها الذي هو ذمتهما، ولو لم يؤخذ الدين منهما لأدى ذلك إلى إسقاطه، ولا كذلك الديون (1) التي لهما؛ لأنَّ محالها باقية، وهي ذمة من هي (2) عليه فافترقا.
870 -
وإنما لم يحل الصداق المؤجل بالطلاق، وحل بالموت مع أن الجميع فراق؛ لأنَّ الزوجة في الموت لم ترضِ غير ذمة زوجها الميت، ولا كذلك الطلاق، فإِن تلك الذمة لم تعدم.
871 -
وإنما لا يترك للمستغرق بالتباعات إلا ما يستر به عورته ويسد به جوعته، ويترك للمديان المفلس (3) لبسة (4) مثله وثوبي جمعته إذا لم يكن لها كبير ثمن، وما يعيش به هو وأهله الأيام؛ لأنَّ الغرماء إنما عاملوا المفلس باختيار منهم، فدخلوا معه على أن يلبس ما يشبهه وينفق على أهله وعياله، بخلاف هؤلاء الذين لم يعاملوه ولا دخلوا معه على ذلك ولا أذنوا له في شيء منه. قاله ابن رشد (5) وأبو حامد (6).
872 -
وإنما لا تجوز معاملة المستغرق (7) الذمة، وتجوز معاملة من أحاط الدين بماله؛ لأنَّ الغرماء (قد)(8) دخلوا (معه)(9) على أنَّه يبيع ويشتري، فهو مطلق على ذلك ما لم يضربوا على يديه ويفلسوه، بخلاف المستغرق، ولذلك لا يجوز له أن يقضي بعض أهل تباعاته دون بعض إن علمهم. قاله في الأجوبة.
(1)(ب): "الدين من".
(2)
في الأصل: "هو".
(3)
(ح): والمفلس.
(4)
في الأصل: لبسه.
(5)
انظر البيان، والتحصيل 10/ 352، 353 وانظر فتاوى ابن رشد إلَّا 1/ 631، 632.
(6)
قال في الوجيز 1/ 171 في كتاب التفليس: "الحكم الثاني بيع ماله وقسمته، وعلى القاضي أن يبادر إليه. . . إلى أن قال ثمَّ يترك عليه دست ثوب يليق بحاله حتى خفه وطيلسانه إن كان حطهما عنه يزري بمنصبه. . . ونفقته ونفقة زوجته وأولاده.".
(7)
(ح): مستغرق.
(8)
ساقطة من الأصل.
(9)
الزيادة من (ح).
873 -
وإنما قال مالك: يقبل إقرار المفلس بدين في المجلس أو بعده بالقرب، ولا يقبل قوله بَعْدَ بُعْدٍ؛ لأنَّ الغالب في حق من يعامل الناس أنَّه لا يستحضر جميع ما عليه في وقت واحد إلا بتفكر.
874 -
وإنما (1) قال (مالك)(2): لا يستأجر مستولدته، ويستأجر مدبرته؛ لأنَّ المستولدة لم يبق له فيها إلا الاستمتاع، بخلاف المدبرة فإن له مؤاجرتها لبقاء الخدمة (له)(3) فيها.
875 -
وإنما كان البائع إسوة الغرماء في الموت ولا سبيل له إلى السلعة، وفي الفلس بالخيار، مع أن الذمة قد خربت (4) فيهما؛ لأنَّ ذمة المبتاع (5) قائمة موجودة يرجع إليها (6) سائر الغرماء ولا يبطل حقهم رأسًا لرجاء عمارتها، ولا كذلك إذا مات، لأنه قد بطلت ذمته بكل وجه، فلم يجز أن يجعل صاحب السلعة أولى؛ لأنه يبطل حق سائر الغرماء ووجب النظر للفريقين جميعًا، فوجب أن يتساووا في أملاكه (7). وأيضًا إنما صار البائع أولى بما أخذه في الفلس (8) الأثر الذي جاء، وهو ما روي أن (9) رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل باع (متاعًا) (2) فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه (10) منه شيئًا فوجده بعينه، فهو أحق به من غيره، فإِن مات المشتري فصاحب المتاع إسوة الغرماء". رواه (11) ابن شهاب (12) عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن
(1) هذا الفرق ذكره في الجعل والإجارة (الفرق رقم 846) مع اختلاف في بعض وجوه التفريق، وقد ذكره من قبل في كتاب المدبر (الفرق رقم 493).
(2)
ساقطة من (ح).
(3)
ساقطة من الأصل و (أ).
(4)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: خرجت.
(5)
أي في حالة المفلس.
(6)
(ب): إليه.
(7)
(ح) أملاكهم.
(8)
(ح): المفلس.
(9)
(ب): عن.
(10)
(ح): باع.
(11)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: رواه عن ابن شهاب.
(12)
أبو بكر محمَّد بن مسلم بن عبد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري القرشي، روى عن أنس بن مالك =
الحارث (1).
تنبيه: قال بعض الشيوخ: هذا الحديث ضعيف من وجوه منها: أن أبا المعتمر (2) هو الذي روى الحديث، وهو مجهول (وفيه أبو خلدة (3)
= وعبد الله بن عمر وعبد الله بن جعفر والمسور بن مخرمة، وغيرهم. وروى عنه عطاء بن أبي رباح وأبو الزبير المكي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، اتفقوا على أنَّه من الثقات، لازمه مالك مدة طويلة. توفي سنة 125 هـ.
ممن ترجم له: أبو حاتم الرازي: الجرح والتعديل 8 (4/ 1) ص 71 - 74، ابن عبد البر: تجريد التمهيد ص 116، ابن حجر: تهذيب التهذيب 9/ 445 - 451، محمَّد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 46.
(1)
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، اسمه وكنيته واحدة، وقيل كنيته أبو عبد الرحمن، أحد الفقهاء السبعة. روى عن أبيه وعن أبي هريرة وأبي مسعود البدري وعائشة وأم سلمة وغيرهم. وعنه أولاده ومولاه سمي وابن أخيه القاسم بن محمَّد بن عبد الرحمن والزهري وآخرون. كان ثقة عالمًا فقيهًا أحد أئمة المسلمين. توفي سنة 93 هـ أو 92 هـ.
ممن ترجم له: أبو حاتم الرازي: الجرح والتعديل 9 (4/ 2) ص 336، ابن حجر: تهذيب التهذيب 12/ 30 - 32، ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 282.
وهذا الحديث رواه مالك في الموطأ كتاب البيوع ص 565 مرسلًا، ورواه أبو داوود 2/ 256. 257 مرسلًا كذلك. قال في التمهيد: 8/ 406 وكذلك رواه جميع الرواة عن مالك -فيما علمنا- مرسلًا إلا عبد الرزاق، فإنَّه رواه عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسنده، وقد اختلف في ذلك عن عبد الرزاق أهـ. وانظر أيضًا المدونة 4/ 122.
(2)
أبو المعتمر بن عمرو بن رافع المدني. روي عن عمر بن خلدة الزرقي وعن عبد الله بن علي بن أبي رافع. وعنه محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب. ذكره ابن حبَّان في الثقات. قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 12/ 241: قلت: وقال ابن عبد البر: ليس بمعروف بحمل العلم أهـ.
والحق أن هذا الوصف لم يصدر من ابن عبد البر وإنما نقله حاكيًا الخلاف بين الشافعي وغيره في حديث ابن أبي ذئب عن أبي المعتمر، ونص كلام أبي عمر "وزعم غيره (أي غير الشافعي) أن أبا المعتمر المذكور في هذا الحديث ليس بمعروف بحمل العلم، والله أعلم أهـ".
ممن ترجم له: أبو حاتم الرازي: الجرح والتعديل 9 (4/ 2) ص 443، ابن عبد البر: التمهيد 8/ 416، ابن حجر: تهذيب التهذيب 12/ 241.
(3)
أبو حفص عمر بن خلده، ويقال عمر بن عبد الرحمن بن خلده الزرقي الأنصاري المدني، قاضي أهل المدينة. روى عن أبي هريرة، وعنه أبوالمعتمر بن عمرو بن رافع المدني، وربيعة بن عبد الرحمن. قال الواقدي: كان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبَّان في الثقات، ووثقه النسائي وعمرو بن علي وغيرهما.
ممن ترجم له: أبو حاتم الرازي: الجرح والتعديل 6 (3/ 1) ص 106، ابن حجر: تهذيب التهذيب 7/ 442، 443.
وهو مجهول) (1) مشكوك فيه، والحديث لا يعبأ به، وليس (مما ينبغي)(1) للعلماء أن يحتجوا به لضعفه (2).
876 -
وإنما قالوا في الزوجة إذا مكنت الزوج من نفسها ليس لها منعه حتى تقبض الصداق، ولو قام الغرماء عليه، بل لا يبقى لها إلا المطالبة، وقالوا في البائع لو (3) سلم السلعة للمشتري كان أحق بها ما لم تفت، ويختص بها دون الغرماء، مع أن الدخول على الزوجة كقبض السلعة؛ لأنَّ السلعة لما كانت مما يتمول ولأخذها فائدة كان ذلك كالمعاوضة عما يجب له من الثمن، والزوجة لا فائدة لمنعها نفسها بعد الدخول بها لأجل الصداق؛ إذ لا تأخذ بضعها (4) فيما يجب لها. لا يقال الدخول على المرأة كتفويت السلعة في الفلس (5)، وليس الدخول كالقبض؛ لأ (نا)(6) نقول قد جعل مالك في المدونة (7) قبض السلعة في بيع الآمر والمأمور كالدخول على الزوجة في إنكاح الوليين، والله أعلم.
877 -
وإنما قال مالك (8): إذا باع أمة فولدت عند المبتاع ثمَّ أفلس المبتاع بعد موت أحدهما، كان له أخذ الباقي منهما بالثمن كله أو يحاصص بثمن الأم، وإن باع المبتاع أحدهما فإِن (9) البائع بالخيار بين أن يأخذ من وجد منهما بحسابه من الثمن الأول أو تركه والضرب مع الغرماء بجميع الثمن؛ لأنَّ
(1) الزيادة من (ح).
(2)
هذا الحديث الذي يتكلم المصنف عن ضعفه والذي جعل في رواته أبا المعتمر وأبا خلده هو ما رواه أبو داوود 2/ 257 عن ابن أبي ذئب عن أبي المعتمر عن عمر بن خلدة قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس، فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به". وانظر أيضًا التمهيد 8/ 415، 416.
(3)
(ح): إن.
(4)
(ب): بعضها وهو تحريف.
(5)
في الأصل و (أ) و (ب): في الفاسد.
(6)
ساقطة من (أ) و (ب).
(7)
انظر جـ 3/ 267.
(8)
المصدر السابق 4/ 122.
(9)
(ح): (كان).
الموت لم (1) ينتفع المشتري فيه بشيء، فلذلك يؤخذ (من بقي)(2) بجميع الثمن؛ إذ لا سبب للمبتاع في موت من مات، والبيع من سبب المبتاع (3)، وحصل له الانتفاع بما ترتب في ذمته من ثمن المبيع؛ فلذلك يؤخذ من بقي بحسابه، ويضرب بما بقي مع الغرماء.
878 -
وإنما قال هنا في بيع أحدهما أنَّه يأخذ من وجد منهما بحسابه من الثمن الأول: أي (4) تعتبر قيمته الآن (5) يوم الحكم كم تجزئتها من ثمن الأمة، فيؤخذ فيها، ويضرب بما بقي له إن لم يرد الحصاص بالثمن كله، وقال في السلع إن بيع بعضها أن الباقي يؤخذ بحسابه من الثمن، ولا تعتبر قيمته؛ لأ (ن)(6) السلعة يعرف فيها تجزئة ما بقي مما بيع، فإِن بيع النصف عرف حسابه من الثمن، وكذلك الثلث والربع، وليس كذلك الأمة والولد، إذ لا نسبة (للولد)(7) من الأم (8)، ولا للأم من الولد فلم يبق إلا القيمة.
879 -
وإنما يأخذ البائع الولد مع الأم، ولا يأخذ الثمرة المنفصلة مع الأصل؛ لأنَّ الولد كالجزء من الأم، ولا كذلك الثمرة فإِنها من الخراج التابع للضمان.
880 -
وإنما يأخذ البائع الثمرة مع الأصل في التفليس ما لم تجذ (9)، ولا يأخذها الشفيع في الشفعة إلا ما لم تيبس؛ لأنَّ الثمرة في الاستحقاق ما دامت معلقة بالغصون، فهي كأغصان الشجرة؛ وفيه نظر.
881 -
وإنما اتفقوا على أخذه للصوف قبل الانفصال، واختلفوا في الثمرة قبل الانفصال، ومذهب ابن القاسم (10) وغيره أنَّه يأخذها إذا أبرت؛ لأنَّ الصوف
(1)(ح): (لا).
(2)
الزيادة من (ح).
(3)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ (المبيع سبب المتاع).
(4)
في الأصل و (أ): "أن".
(5)
(ح): لأنَّ قيمته.
(6)
ساقطة في (أ).
(7)
ساقطة من (ح).
(8)
في الأصل "مع الأم".
(9)
(ح) و (ب): تجد.
(10)
انظر المدونة 4/ 122.
يكون للمشتري (1) بمجرد (العقد)(2)، والثمرة المأبورة لا تكون له بمطلق العقد.
882 -
وإنما يسترجع البائع الصوف مع الغنم إذا جز وكان قائمًا بعينه، ولا يسترد (3) الثمرة. (مع)(4) الأصل إذا جذت وكانت قائمة، ولكن (5) يحاصص بما ينوبها من الثمن، مع أن لكل منهما حصة من الثمن يوم البيع؛ لأنَّ الثمرة لو ردها بعد الجذ لكان كمن اشترى رطبًا وأخذ عنه تمرًا (6) يابسًا، لا سيما إذا قلنا (7) إن ردها في التفليس كابتداء شراء، وأن تغير صفاتها يخرجها عن كونها العين المبيعة، ولا كذلك الصوف؛ لأنه إن جز صار كسلعة ثانية مع أصله. قاله (8) الإِمام أبو عبد الله المازري، رحمه الله. (قال) (4): وهو أقصى ما يفرق به وأيضًا الثمرة لما لم تدخل في البيع إلا بشرط (9) أشبه مال العبد، وحده (10) كانتزاعه، والبائع لا يأخذ مال العبد بعد انتزاعه، فكذلك الثمر بعد جذه، (والصوف لما دخل في البيع دون شرط كان كجزء من المبيع، فجزه (11)(12) كتجزئة المبيع فلا يمنع أخذ جميعه. قاله ابن يونس.
883 -
وإنما قال مالك: إذا باع غزلًا وعرصة فنسج المبتاع الغزل أو بناء العرصة أن البائع يكون شريكًا بقدر قيمة الغزل والعرصة من الثوب والبنيان، وإذا استحق عرصة بعد أن بناها المستحق منه، فإِن للمستحق أن يعطي قيمة البناء وتكون
(1)(ب): للشفيع.
(2)
بياض في الأصل و (أ) وهي ساقطة من (ب).
(3)
(ح): يسترجع.
(4)
ساقطة من الأصل.
(5)
في الأصل: وكانت.
(6)
(ح) ثمرا.
(7)
في الأصل: لا سيما إذا صح، وفي (أ): لا سيما قلنا.
(8)
في الأصل و (أ): قال.
(9)
(ب): ولا يشترط.
(10)
كذا في جميع النسخ التي بأيدينا، والصواب "وجذه".
(11)
(ح): البيع فجره.
(12)
ساقطة من (ب).
الأرض والبناء له، فأخرج البناء عن ملك بانيه في الاستحقاق جبرًا (1)، ولم يخرجه عن ملكه في التفليس؛ لأنَّ أمر المشتري في الاستحقاق ضعيف (2)؛ لأنه أخطأ في اعتقاده، وبنى في أرض لا يملكها في باطن الأمر، بخلاف المشتري في التفليس، فإِنه بني في أرض مملوكة ظاهرًا وباطنًا. قاله المازري.
تنبيه: استشكل بعضهم عدم الفوات (3) في الغزل، قال: لأنه لا يسمى بعد النسج غزلًا وإنما يسمى ثوبًا أو رداءً (4)، كما أن الثوب إذا فصل سمي قميصًا أو سراويل. وأجاب آخرون بأن أئمة المذهب لم يجعلوا المقتضى (للحكم)(5) انتقال الاسم وإنما جعلوه انتقال العرض، ولم ينتقل هنا، وقال ابن محرز: القياس كون (6) النسج فوتًا، كمن غصب غزلًا فنسجه أو اشتراه فنسجه ثمَّ استحق. فإِذا بطل حق المغصوب منه والمشتري فالبائع (في التفليس)(7) أولى.
884 -
وإنما اختلف المذهب فيمن اشترى أرضًا فبنى فيها ثمَّ أطلع على عيب. هل يكون بناؤها فوتًا يمنع الرد ويوجب قيمة (8) العيب أو لا، ولم يختلفوا فيمن اشترى أرضًا فبنى فيها ثمَّ فلس أنَّه لا يكون فوتًا، وللبائع أن يشارك بقيمة العرصة (9) أو يحاصص، لأنَّ العيب وجد فيه تدليس من البائع أو تفريط أوجب له رجحان حق (10) المشتري عليه، وذلك مفقود في (11) مسألة الفلس، والله أعلم.
(1)(ح): جزءًا.
(2)
المثبت من (ح) وفي سائر النسخ: خفيف.
(3)
(ح): الفوت.
(4)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: ورداء.
(5)
ساقطة في (ح).
(6)
(ب): القياس من كون.
(7)
الزيادة من (ح).
(8)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: يمنع الرد بالعيب.
(9)
(ح): الغرامة.
(10)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ (من).
(11)
(ح): (من).
885 -
وإنما قالوا إذا فلس مبتاع عرصة بعد أن بناها (1) فلبائعها المحاصة بثمنها أو شركة الغرماء فيها مبنية بقيمتها، وهم بقيمة بنائها، وفي نسج الغزل مثله، وإذا قطع الجلد (2) أو الثياب كان فوتًا، وتعين الضرب مع الغرماء؛ لأنَّ البقعة والغزل قائم بعينه إلا أنَّه زيد فيه غيره، وقطع الجلود والثياب نقص محقق وإفاتة لها. قاله ابن رشد.
تنبيه: قال ابن رشد ومقتضى القياس على إجماعهم في الجارية يصيبها عور أو عمى أو الثوب يخلق أو يبلى أن لربه أخذه بكل ثمنه أن لا يكون (3) قطع الثوب والجلد (4) فوتًا وأن لربهما أخذهما إلا أن يكون (قطعًا مفسدًا كقطعهما لما لا يقطعان لمثله، وإن وجدهما خيطا وعملا كان له أن يكون)(5) فيهما شريكًا كبناء العرصة (6).
886 -
وإنما قالوا إذا رهن المشتري العبد ثمَّ فلس فللبائع أن يفديه ويحاصص الغرماء بفدائه، ولو جنى العبد المشتري ثمَّ فلس المشتري فللبائع أيضًا أن يفديه، لكن لا يحاصص الغرماء بفدائه، والجميع فداء؛ لأنَّ أرش الجناية لم يكن متعلقًا بذمة المفلس؛ لأنه كان له أن يسلم العبد في الجناية، وله أن يفتكه، بخلاف دين الرهن فإِنه كان في ذمته، فلذلك افترقا.
887 -
وإنما لا تحاصص الزوجة غرماء زوجها إذا فلس بصداقها في حياته، (وتحاصصهم بصداقها)(5) بعد موته، مع أن الجميع دين صداق؛ لأنَّ الزوج إذا مات بطلت ذمته، فتحاصص مع الغرماء في الموت، إذ لا ذمة تعود إليها، والمفلس ذمته قائمة فتتبعه في حال اليسر والعسر.
(1)(ب): بعد بنائها.
(2)
(ح): الجلود.
(3)
في الأصل و (ح): إلا أن.
(4)
في الأصل: الجلد والثوب.
(5)
ساقطة من (ح).
(6)
(ح): كالبناء بالعرصة. انظر كلام ابن رشد هذا في البيان جـ 10/ 435، 549.
888 -
وإنما قال مالك (1) فيمن (2) استؤجر على صنعة فصنعها، ثمَّ أفلس رب السلعة أن صاحب الصنعة أولى بالسلعة حتى يقبض أجرته، وإذا استؤجر على رعاية غنم أو حفظ متاع ثمَّ أفلس مستأجره أن الأجير أسوة الغرماء؛ لأنَّ الصانع أثر في عين السلعة، فصار بمنزلة من باع سلعة فأفلس مبتاعها ثمَّ وجدها أنَّه أحق بها، وكذلك إذا اكترى أرضًا فزرعها ثمَّ أفلس أو مات قبل أن ينقد كراءها (فرب الأرض (أحق)(3) بالزرع الذي فيها حتى يستوفي أجرتها؛ لأنَّ الأرض حائزة لما فيها، وكذلك إذا اكترى دارًا سنة ولم ينقد كراءها، وسكنها) (4) بعض السنة ثمَّ أفلس أو مات (5)، فرب الدار أحق بما بقي من مدة الكراء، ولا كذلك من استؤجر على الرعي والحفظ؛ لأنه لم يؤثر في عين الغنم ولا المتاع بالحفظ والرعي شيئًا، وإنما يثبت التأثير بخياطة الثوب وكمده وطرزه ونسجه وقصره وشبه ذلك، وأما رعاية الغنم أو حفظ بستان أو متاع فيحاصص بأجرته مع الغرماء؛ لأنه دين ترتب (له)(6) في ذمته.
889 -
وإنما كان المكتري أحق بالدابة في الكراء المضمون إن قبضها، سواء كان المكري (7) يدير تحته الدواب أم لا، ولا يكون الراعي أحق بالغنم إن أفلس (8) ربها بعد قبض الراعي؛ لأنَّ الراعي ونحوه لم يتعلق له بعين الدواب حق، فوجب (9) لذلك أن يكون حقه في ذمة المكتري، بخلاف الركاب، فإِن بقبضهم للدواب تعلق لهم بها حق؛ لأنَّ ركوبهم عليها صيرها كالمعينة، فكان كتعلق حق الصانع بعين المتاع (10). قاله ابن يونس.
(1) انظر المدونة 4/ 123.
(2)
(ح): من.
(3)
ساقطة من (أ).
(4)
ساقطة من الأصل.
(5)
المثبت من (ح)، وفي بقية النسخ: ثمَّ أفلس ومات.
(6)
ساقطة من (ح).
(7)
(ح) المكتري.
(8)
(ح): فلس.
(9)
(ب): يوجب.
(10)
(ح): المبتاع.
890 -
وإنما كان مكري الدابة أحق بما حملت (1) في الموت والفلس، وإن لم يكن معها، ولم يكن مكري الدار (2) والحانوت أحق بما فيهما (3) في الفلس والموت، بل هو إسوة الغرماء؛ لأنَّ ظهور الدواب حائزة لما عليها، وكأنها قابضة للمتاع كقابض الرهن. وأيضًا في حملها من بلد إلى بلد تنمية للمتاع (4)، والسفينة كالدابة.
891 -
وإنما لا يجوز عتق من أحاط الدين بماله ولا هبته، ويجوز قضاؤه لبعض غرمائه دون بعض؛ لأنَّ قضاءه لبعض (5) غرمائه دون بعض يؤدي إلى الثقة به في معاملاته، وإذا عومل نما ماله. قاله ابن عرفة رحمه الله.
تنبيه: بهذا الفرق يتضح الرد على القاضي أبي محمَّد عبد الوهاب في تخريجه عتقه وهبته على الخلاف في قضائه بعض غرمائه؛ (والله أعلم)(6).
(1)(ح): حمله.
(2)
في الأصل: الدابة.
(3)
المثبت من (ح)، وفي سائر النسخ: فيها.
(4)
(ح) للمبتاع.
(5)
(ح): بعض.
(6)
الزيادة من الأصل.