الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروق كتاب الحج
180 -
وإنما قالوا لا يعتبر بقاؤه فقيرًا، بل (1) يبيع عروضه وأسبابه وإن أدى ذلك إلى أن يترك ولده في الصدقة، وقالوا إن كان لا يتوصل إلى الحج إلا بعد بذل مال يجحف به لظالم أن فرض الحج ساقط [عنه](2)؛ لأن الإِعطاء هنا إعانة للظالم على ظلمه وبغيه، ولا كذلك [في](3) الأول.
181 -
وإنما قالوا يحرم ركوب البحر إلى الحج إذا علم تعطيل الصلاة أو بعض أحكامها، ولا يحرم ركوبه إلى الجهاد وإن أدى إلى تضييع فرض من فروض الصلاة، بل يجب، مع أن كلًّا منهما عبادة دينية مهمة؛ لأن المراد [من الجهاد](4) أن تكون كلمة الله هي العليا، والقيام بها أشرف من القيام بالصلاة؛ لأن عدم القيام بالتوحيد كفر، وعدم القيام بالصلاة ليس بكفر على المعروف، وبضدها تتميز الأشياء. والحج مع الصلاة بالعكس (5) إذ هي أفضل.
تنبيه: ذهب الباجي (6)[رحمه الله](3) إلى ركوب البحر إلى الحج وإن
(1) في (ح) بأن.
(2)
في الأصل: عليه، وهي ساقطة من (ب)، (ح).
(3)
ساقطة من الأصل.
(4)
ساقطة من (ب).
(5)
في الأصل بالحج، سهو، وفي (ب) بياض.
(6)
انظر المنتقى 2/ 270.
أدى إلى تعطيل بعض أحكام الصلاة (1)، وحمله بعض الشيوخ (2) على ما تعين منه، [قال: وأما ما لم يتعين] (3) فبعيد (4) أن يقال بركوبه (5) وإن (6) أدى إلى تعطيل (7) بعض أحكام الصلاة، [يريد](8) لأن الصلاة على الفور إجماعًا، والحج مختلف فيه.
182 -
وإنما كره مالك في الموازية للمرأة المشي البعيد إلى حجة الإِسلام، وأوجب (9) عليها المشي البعيد في الحجة المنذورة، وكلاهما واجب؛ لأن المرأة لو كلفت المشي في حجة الإِسلام للزم منه عموم الفتنة والحرج، بخلاف النذر؛ لأنه ضرورة (10) نادرة، وقد ألزمت نفسها ذلك بيمينها، ألا ترى أن الإِنسان إذا لم يكن عنده إلا قوت يوم الفطر فإِنه لا يلزمه إخراجه في زكاة الفطر، ولو نذر إخراجه للزمه، والله [تعالى](11) أعلم.
183 -
وإنما تسقط زيادة [النفقة](3) عن ولي الصبي إذا خاف عليه الضيعة إن لم [يحمله](12) معه إلى الحج، ولا تسقط عنه الفدية ولا جزاء الصيد إن أحرم به وفعل موجبهما؛ لأن الولي إنما يضطر (13) إلى الخروج به، لا إلى إحرامه، فكأنه هو الذي فعل.
184 -
وإنما قالوا في الصبي إذا أحرم بغير إذن وليه فحلله ثم بلغ أن له أن يحرم ولو في ليلة النحر، ويجزيه عن فرضه، وفي العبد إذا أحرم بغير إذن سيده
(1) في الأصل: الأحكام للصلاة.
(2)
في الأصل: الأشياخ.
(3)
ساقطة من (ب).
(4)
في (ب) فيبعد.
(5)
في الأصل: له ركوبه.
(6)
في (ب): أن.
(7)
في الأصل: تضييع.
(8)
ساقطة من الأصل.
(9)
في الأصل: وأوجبوا.
(10)
في (ب) سورة.
(11)
ساقطة من (ح) مضافة في هامشه، وهي ساقطة من (ب).
(12)
مضافة في هامش الأصل.
(13)
في (ب) يضمر.
فحلله ثم عتق (1) أنه لا يحرم بفريضته (2) في قول (3)؛ لأن العبد مكلف فيقدم قضاء ما ترتب عليه إذا عتق لتسببه (4) مع عدم إذن سيده (5).
185 -
وإنما قالوا إذا اشترط عليه الإفراد بوصية الميت فقرن انفسخت، وإذا تمتع أعاد، والجميع مخالفة لغرض الموصي (6)، لأن عذر (7) المتمتع ظاهر، فلهذا (8) مكن من العود. وأيضًا القارن شرك في العمل (9)، فأتى ببعض ما استؤجر عليه، والمتمتع لم يشرك، وإنما (10) أتى بما عليه فيه دم، والدم ليس بموصم (11) في الحج. وأيضًا القارن استؤجر على عام بعينه، والمتمتع استؤجر على عام مضمون.
تنبيه: اعترض الفرق الأول بأنا لو راعينا أمر النية لم تجز هذه الإِجارة من أجل (12) الاحتمال أن يحرم عن نفسه، واعترض الثاني بأن التمتع أيضًا لا يجزئه، وهو مخاطب بالإِعادة، واعترض الثالث بأنه إحالة للمسألة عن موضوعها" (13).
186 -
وإنما قالوا إذا أحرم بالحج قبل أشهر الحج أنه ينعقد على المشهور، وإذا أحرم بالصلاة قبل دخول الوقت لم ينعقد؛ لأن أصل الحج مباين للصلاة في أمور شتى. قاله عبد الحق. وأيضًا الحج إذا أحرم به قبل الوقت [لا يمكن أن
(1) في (ح) أعتق.
(2)
في (ب) بفريضة.
(3)
انظر المدونة 1/ 304.
(4)
بياض في (ب).
(5)
في (ب): السيد.
(6)
في الأصل الوصي، وهو تحريف.
(7)
في الأصل عذار، وفي (ح) و (ب) عداء وفي (م) إعادة، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(8)
في الأصل: وهذا.
(9)
في الأصل: الفعل.
(10)
في الأصل: وأيضًا.
(11)
في الأصل بموصي، وفي (ب) يصوم، تحريف. والتصويب من المدونة.
(12)
في الأصل و (ب) من أصل. تحريف.
(13)
في (ح) عن موضعها.
يفرغ قبله (1)؛ لأن وقته عرفة.
تنبيه: لا يقال ينتقض بمن أحرم بالصلاة قبل الوقت] (2) بيسير، ولم يفرغ إلا بعد دخوله؛ لأنا نقول لا بد أن يأتي بشيء منها قبل الوقت وإن لم يكن غير الإِحرام، وببطلان (3) جزء الماهية يبطل جميعها.
187 -
وإنما صح إنشاء الحج من مكة، ولا يصح إنشاء العمرة منها (4)؛ لأن كل واحد من النسكين لا بد أن يجمع فيه بين الحل والحرم، وذلك حاصل في الحج لخروجه إلى عرفة وهو حل، ولا كذلك العمرة، فلا بد إن أراد إنشاءها من الخروج إلى الحل، والأفضل أن يحرم بها من الجعرانة أو (5) التنعيم.
188 -
وإنما قال في المدونة (6): لا يحرم الماشي حتى يشرع في المشي، والراكب يحرم بنفس ركوبه؛ لأن الراكب لا يركب [على](7) دابته إلا للسير، والقائم قد يقوم لحوائجه، فشروعه في المشي كاستوائه على دابته. قاله أبو عمران.
189 -
وإنما يرفع صوته بالتلبية في المسجد الحرام ومسجد منى، ولا يرفع في غيرهما؛ لأن هذين المسجدين بنيا (8) للحج. وأيضًا الأمن فيهما من الرياء حاصل، بخلاف غيرهما.
190 -
وإنما قال ابن القاسم فيمن أحرم بحج وفاته الحج [فاراد](2) أن يطوف [ويسعى](2) بين الصفا والمروة قبل [دخول](2) أشهر الحج المستقبل لا يفعل، وأخاف أن لا يجزئه وفيمن أحرم قبل أشهر الحج له ذلك؛ لأن الذي فاته الحج لما كان له أن (9) يحل منه في عمرة ولم يفعل، لم يجز له
(1) في (ب) قلبه، وهو تصحيف.
(2)
ساقطة في الأصل.
(3)
في الأصل ببطلان.
(4)
انظر المدونة 1/ 300.
(5)
في (ح) إلى التنعيم سهو.
(6)
جـ 1 ص 315.
(7)
ساقطة في (ح) و (ب).
(8)
في الأصل تميا، تحريف.
(9)
في الأصل: بأن.
أن يطوف ويسعى قبل أشهر الحج، وهذا الذي أحرم قبل أشهر الحج قد تورط في الإِحرام وليس له أن يتحلل (1) منه.
191 -
وإنما يجب دم التمتع والقران على الآفاقي دون المكي (2)؛ لأن الآفاقي من حقه أن يأتي بالحج في سفر وبالعمرة (3) في سفر ثان، فلما تمتع بإِسقاط أحد السفرين أوجب الله عليه الهدي، والمكي لم يسقط سفرًا فلزمه الهدي لذلك.
تنبيه: أنكر بعض المتأخرين من القرويين (4) اعتلالهم بإِسقاط أحد السفرين، وقال يلزم على قولهم أن من اعتمر في غير أشهر الحج، ثم حج من عامه أن يكون متمتعًا؛ لأنه أسقط أحد السفرين، وهذا خلاف الإِجماع. قال: وإنما سمي متمتعًا لإِحلاله بين حجة وعمرة. [ابن يونس وما احتج به هذا القروي لا يلزم؛ لأنه إنما يراعي إسقاط أحد السفرين في أشهر الحج ولو لزم [من](5) ذلك في اعتماره في غير أشهر الحج لعكس الجواب عليه، فيقال له: أرأيت لوحل من عمرته في غير أشهر الحج أليس (6) هذا قد حل بين حجة وعمرة] (7) فيلزم على قوله أن يكون متمتعًا، فصح أن المراعى إسقاط أحد السفرين في أشهر الحج.
192 -
وإنما جعل ميقات أهل المدينة أبعد من غيرها من المواقيت؛ لأن أهل المدينة لما (8) كانوا بالقرب من مكة، لا يبلغهم الجهد في سيرهم (9) طول عليهم الإِحرام لينالهم ما نال غيرهم من الآفاقيين من الجهد.
(1) في (ح) يحلل. تحريف.
(2)
انظر المدونة 1/ 302، 303، 306، 311.
(3)
في (ح): والعمرة.
(4)
في الأصل: الفرق بين، تحريف للعبارة.
(5)
ساقطة من (ب).
(6)
في (ح): ليس والتصويب من (ب).
(7)
ساقطة في الأصل.
(8)
في (ب) إنما، وهو تصحيف.
(9)
في (ب): شريهم، تحريف.
193 -
وإنما جاز بيع العبد والأمة المحرمين (1) وبيع الأمة المعتدة، وإذا آجر (2) عبده شهرًا لم يجز بيعه؛ لأن العبد [المحرم](3) منافعه لمشتريه، وكذلك الأمة المعتدة (4)، وفي الإِجارة منافعه قد بيعت فيستخف من كان في الإِحرام لهذا (5)، فإِن كان المشتري محرمًا، كان ذلك أخف، وإن كان الموضع بعيدًا، لأنه خارج معه، ومسافر (6) به، وإن كان غير محرم فذلك فاسد إلا أن يكون الموضع قريبًا والأيام يسيرة. قاله اللخمي.
194 -
وإنما يحرم بالصبي والمجنون ولا يحرم بالمغمى عليه (7)؛ لأن الإغماء عارض (8) يزول، ويمكن أن يتربص به إلى أن يبرأ، وهو [بصدد](9) أن يبرأ في الحال، وليس الصبا والجنون المطبق مما يذهب في الحال.
195 -
وإنما أوجب في المدونة (10) الدم على من نسي الطواف جملة، ولم يوجبه على الذي طاف على غير وضوء، لأن الذي طاف على غير وضوء أتى بصورة الطواف، فأثبت لصورته حكمًا، ألا ترى أن الإِمام إذا صلى بالناس وهو جنب أن صلاة القوم (11) مجزئة، وإن كان (12) يؤمر بالإِعادة، وكذلك إن صلى بهم الجمعة أجزأتهم وأعاد هو، فأثبت لصورة الإِمام حكمًا، ومراعاة للخلاف، إذ
(1) انظر المدونة 1/ 364.
(2)
في (ب) وأجر.
(3)
ساقطة في الأصل.
(4)
في الأصل والأمة المحرمة، والظاهر أنها مقحمة.
(5)
في الأصل، (ح): هذا.
(6)
في الأصل وسافر، تحريف.
(7)
انظر المدونة 1/ 304، 1/ 321.
(8)
في (ب): عرض.
(9)
ساقطة من (ب).
(10)
هذا في طواف القدوم إذ بالنسبة لطواف الإفاضة ركن لا يجبر بالدم، ومن شروطه الطهارة، ولا يجزي إذا طاف بدونها إلا أن يكون طاف تطوعًا بعد طوافه هذا، انظر المدونة 1/ 317.
(11)
في الأصل الفذ، وهو تحريف.
(12)
في (ح) وكان.
أبو حنيفة (1) لا يشترط الطهارة في الطواف (2). قاله أبو عمران.
196 -
وإنما قال في المدونة (3)[إذا](4) نسي شوطًا (5) من طواف العمرة أنه (6) يرجع إليه من بلده، وإن (7) نسي ركعتي الطواف وقد أصاب النساء فليركعهما ببلده ويهدي؛ لأن من نسي شوطًا (8) من الطواف قد نسي ما هو من صلب العبادة، فكأنه لم يأت بتلك العبادة أصلًا فيجب عليه الرجوع إليها، والذي نسي الركعتين لم ينس ما هو من صلب العبادة، وإنما نسي ما هو شرط فيها، والشرط أضعف من الركن.
197 -
وإنما كان المحصور بعدو يحل مكانه، والمحصور (9) بمرض لا يحله من إحرامه إلا البيت، وإن تطاول به ذلك سنين (10)؛ لأن الواجب على من أحرم بحج أو عمرة إتمام ما دخل فيه، لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (11)، إلا أن يأتي ما لا يمكنه الوصول معه إلى البيت، وهو خوف العدو، فيحل مكانه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية (12)، فأما المرض ونحوه فإِنه يمكن معه الوصول إلى البيت، وقد قال الله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيتِ
(1) قال الكاساني: فأما الطهارة عن الحدث والجنابة والحيض والنفاس فليست بشرط لجواز الطواف، وليست بفرض عندنا بل واجبة". انظر بدائع الصنائع 2/ 129 وانظر كذلك ابن عابدين 2/ 183.
(2)
(ح): في ركعتي الطواف. والظاهر أنها سهو من الناسخ إذ لم يقل أحد بعدم اشتراط الطهارة في الصلاة.
(3)
جـ 1/ 314.
(4)
ساقطة في الأصل و (ب).
(5)
في (ب) شرطًا تصحيف.
(6)
بياض في (ب)، بعده مرجع.
(7)
في (ب) وإذا.
(8)
في (ح) و (ب) شرطًا، تحريف.
(9)
في (ب) والمحصر.
(10)
انظر المدونة: 1/ 297.
(11)
البقرة / 196.
(12)
إذ قد أحل النبي صلى الله عليه وسلم، مكانه بالحديبية عندما صد عن المسجد الحرام، فنحر بدنته، وحلق، وفعل المسلمون كذلك. انظر تفصيل ذلك في الحديث الطويل الذي رواه البخاري، فتح الباري 5/ 240 - 256.
الْعَتِيقِ} (1)، قيل محل الشعائر (2) من الإِحرام وغيره من شعائر الحج، والخروج منها بالطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، فكان ذلك مفارقًا للإِحصار بالعدو. قاله ابن يونس. وأيضًا مقتضى الدليل أن كل من شرع في حج أو عمرة لزمه كمالها، فجاء ما جاء في المحصور بعدو، وبقي (3) ما سواه على الأصل.
198 -
وإنما يحل من أحصر بعدو ولا يحِل من حبس في (4) حق على القول (5) به: لأن المحبوس قد حصر حصرًا خاصًّا لم يعدم معه ما (6) هو شرط في وجوب الحج، وهو سلوك الطريق؛ لأن الطريق مسلوكة. وأيضًا الحصر لما (7) كان خاصًّا فليس في إيجاب القضاء معه مشقة شديدة، [وإذا كان عامًا ففي إيجاب القضاء مشقة شديدة](8)، فلم يجب فيه القضاء.
199 -
وإنما قالوا فيمن أقيمت عليه صلاة الجماعة وهو في السعي أنه لا يقطع، وإذا أقيمت عليه وهو في الطواف [أنه](9) يقطع؛ لأن الطائف لما كان في المسجد لو لم يقطع لأدى إلى مخالفة الإِمام، بخلاف الساعي بين الصفا والمروة. قاله في الموازية (10) والعتبية.
200 -
وإنما قالوا فيمن وطئ بعد عرفة وقبل طواف الإِفاضة ورمي جمرة العقبة أو أحدهما في يوم النحر أو قبله يفسد (11) حجه، [وإذا كان قبلهما وبعد (12) يوم
(1) الحج / 33.
(2)
في (ح) الشرائع.
(3)
في (ب) بقي بدون واو، وهو سهو.
(4)
في الأصل على.
(5)
قال الشيخ خليل في مختصره: "وإن منعه عدو أو فتنة أو حبس لا يحق بحج أو عمرة فله التحلل" انظر المختصر بشرح الدردير، وحاشية الدسوقي 2/ 93 وانظر المدونة 1/ 330.
(6)
في (ح) وما هو، سهو.
(7)
في الأصل: إذا، وكذلك في (ب).
(8)
ساقطة من الأصل.
(9)
ساقطة في (ح) و (ب).
(10)
في (ب) المدونة.
(11)
في (ب) فسد.
(12)
في الأصل أو بعد.
النحر لم يفسد حجه] (1)، وعليه الهدي؛ لأن جمرة العقبة لما خرج يوم النحر صارت قضاء وصار الطواف كالقضاء لخروجه عن وقته الفاضل المقدر شرعًا، والقضاء أضعف من المقضي (2)، ألا ترى أن من أفطر في رمضان عليه القضاء والكفارة، وإذا أفطر في قضاء رمضان فإِنما عليه القضاء (3).
201 -
وإنما قال ابن القاسم: يجب عليه إذا أفسد قضاء الحج المفسد أن يقضيه، ولا يجب عليه أن يقضي قضاء رمضان؛ لأن الحج لما كانت كلفته (4) شديدة شدد فيه بقضاء القضاء سدًّا للذريعة لئلا يتهاون فيه. وأيضًا القضاء في الحج على الفور، وإذا كان على الفور صارت حجة القضاء كأنها حجة معينة في زمن معين، فيلزمه القضاء في فاسدها كحجة الإِسلام، وأما زمان (5) قضاء الصوم فليس بمعين. وأيضًا الحج عمل، فإِذا أفسده فعليه قضاؤه. قاله أصبع (6) وليس بذلك.
202 -
وإنما قالوا فيمن أكره زوجته على الجماع وهي محرمة بحجها يكفر (7) عنها، وإن نكحت غيره، وإذا أكرهها في رمضان فلا يكفر عنها على قول (8)؛ لأن الصوم إذا قضته ليس فيه غرامة مال، بخلاف الحج؛ لأن الوطء في الحج يفسده (9)، بخلاف الصوم، فإِنه لا يوجب (10) الكفارة عليها.
(1) ساقطة من (ب) وانظر المدونة 1/ 340.
(2)
(ح) القضاء.
(3)
هذا الفرق لعبد الحق نقل المصنف بعضه بالمعنى وبعضه باللفظ. انظر النكت ص 50.
(4)
في الأصل كلفة.
(5)
في الأصل وأما من قضاء تحريف، وفي (ب): زمن.
(6)
أبو عبد الله أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع مولى عبد العزيز بن مروان. روى عن الدراوردي ويحيى بن سلام وغيرهما، ورحل إلى المدينة ليسمع من مالك فدخلها يوم مات. وصحب ابن القاسم وأشهب. روى عنه الذهبي والبخاري وغيرهما. وبه تفقه ابن المواز وغيره. له تصانيف كثيرة منها كتاب الأصول وسماعة من ابن القاسم. مات بمصر سنة 225 هـ. له ترجمة في ابن فرحون: الديباج 97، ابن حجر: تهذيب التهذيب 1/ 361. 362 محمد بن مخلوف: شجرة النور 1/ 66.
(7)
في الأصل، (ب) بحجها ويكفر.
(8)
هذا قول خلاف المشهور. وانظر في الفرق المدونة 1/ 191.
(9)
في (ب): يفسد.
(10)
في (ح): لا يجب.
203 -
وإنما قالوا في الحلال يدخل الحرم بصيد أنه يملكه، وإذا أحرم الحلال بصيد زال ملكه عنه ووجب إرساله (1)؛ لأن زمن الإِحرام قريب، بخلاف الحلال في الحرم، فإِنه يطول ويؤدي (2) ذلك إلى المشقة (3) لا سيما في [حق](4) من هو من أهل مكة ونحوهم.
تنبيه: وأورد على المشهور أن الحلال إذا أحرم وبيده صيد أن ملكه يزول، والخمر يؤمر من هي بيده من المسلمين بإِراقتها فيمسكها حتى تخللت (5) بنفسها فإِنه لايجب عليه إراقتها على المشهور.
204 -
وإنما يجب عليه دم التمتع والقران المفسدين، ولا يجب عليه دم المتعة والقران الفائتين قبل الفساد أو (6) بعده؛ لأن الفوات يبيح (7) القطع فتذهب صورة القرآن والتمتع في الصورة والحكم، بخلاف الإِفساد، لأنه (8) يجب عليه (9) التمادي فتبقى صورتهما (10) ظاهرة، فلذلك وجب ترتيب أثرها، وهو [الهدي](11) كما في الصحيح.
205 -
وإنما كان ما صاده المحرم أو ذبحه كالميتة الحلال والحرام (12)، والشاة المغصوبة إذا ذبحها الغاصب لاتكون كالميتة؛ لأن النهي في الصيد عن القتل والذبح يستلزمه، بخلاف الغاصب، لأنه لما قصد الشارع الزجر عن قتله كان جعله ميتة على من صاده موافقًا لذلك؛ إذ لو لم يجعل ميتة لتذرع
(1) انظر المدونة 1/ 333.
(2)
في الأصل ويرد، وهو تحريف.
(3)
في (ح): مشقة.
(4)
ساقطة في (ح).
(5)
في الأصل: تتخلل.
(6)
في (ب): وبعده.
(7)
في (أ): يبيع، تحريف.
(8)
في الأصل: فإنه.
(9)
(ب) معه.
(10)
(ح): صورتها.
(11)
ساقطة من (ب).
(12)
انظر المدونة 1/ 332.
الناس إلى إمساك الصيد وقتله، ويعطون جزاءه (1) لخفة إمره؛ لأن طالبه غير معين، ولا (2) كذلك المغصوبة، فإِنها صورة نادرة، و (3) طالبها معين.
206 -
وإنما يأكل المهدي من سائر الهدايا، ويطعم منها الغني الفقير، إلا جزاء الصيد ونسك (4) الأذى ونذر المساكين (5) بعد محله؛ لأن جزاء الصيد قيمة متلف، وفدية الأذى [بدل](6) عن الترفه (7). وأيضًا لما كان [في](6) فدية الأذى وجزاء الصيد مخيرًا بين الدم والطعام ابتداءً، ثم أهدي صار كأنه بدل الطعام، فكما [لا يأكل من الطعام](8) لا يأكل من بدله.
207 -
وإنما يجزي ما نحر غيرك عنك من الهدايا مقلدًا وإن لم تأذن له (9)، والأضحية بخلاف ذلك؛ لأن الهدي إذا قلد لم يرجع ملكًا ولا ميراثًا، والأضحية تبدل بخير منها.
208 -
وإنما كان في حمام مكة والحرم شاة، وفي حمام الحل القيمة (10)؛ لأن حمام مكة يألف الناس، فشدد فيه حتى لا تسرع أيدي الناس إليه.
209 -
وإنما يجزئ [نحر الهدي قبل](11) ذبح الإِمام ونحره، ولا تجزئ الأضحية (12) إلا بعده (13)؛ لأن الإِمام في العيد لما كان يصلي بالناس توقف
(1) في الأصل ويعطو زجره، وفي (ح) جزاء.
(2)
في الأصل: وليس كذلك.
(3)
في الأصل: طالبها بدون واو.
(4)
في الأصل: فدية، (ح): منسك.
(5)
انظر المدونة 1/ 306، 337 وقد سها المصنف رحمه الله عن تعليل عدم الأكل من نذر المساكين.
(6)
ساقطة من (ب).
(7)
(ب): الترحب.
(8)
بياض في (ب).
(9)
قال الشيخ خليل: "وأجزأ إن ذبح غيره مقلدًا، ولو نوى عن نفسه إن غلط". وقال شارحه أحمد الدردير: بخلاف الضحية فتجزي عن ربها ولو تعمد غيره ذبحها عن نفسه، لكن لا بد من إنابة ربها له دون الهدي". انظر الشرح الكبير على خليل 2/ 92 وأصل هذا في المدونة انظر 1/ 356.
(10)
انظر المدونة 1/ 335.
(11)
مضافة في هامش (ح) بلفظ الهدايا وكذلك في (ب).
(12)
في (ب): في الضحية.
(13)
انظر المدونة 1/ 323، 1/ 357.
الذبح على ذبحه، بخلاف الحج، فإِنه (1) لا صلاة عيد عليهم.
210 -
وإنما استحب (2) في المدونة (3) للقارن والمتمتع إذا أيسر بالهدي بعد أن صام يومًا أو يومين أن يهدي ولا يصوم، ولم يستحب لمن طرأ عليه الماء في الصلاة بعد أن دخل فيها بالتيمم قطعها (4)؛ لأن المصلي لو أمرناه بالانتقال إلى الأصل لزم إبطال ما مضى من صلاته، بخلاف الصوم، فإِنه يحصل له أجر اليومين المتقدمين.
211 -
وإنما قال ابن القاسم: إذا مات المتمتع بعد [رمي](5) جمرة العقبة فالهدي من رأس ماله، والمالك تجب عليه الزكاة وقد عرف ذلك، ثم يموت ولم يفرط في إخراجها أنه إن أوصى بها كانت من رأس المال (6)، وإن لم يوصِ بها لم تكن في ثلث ولا رأس مال إلا أن يشاء الورثة ذلك، لأن الهدي [لو أهدي](7) لم يَخْفَ (8)، إذ من شأنه أن يقلد ويشعر ويساق من الحل إلى الحرم، وليس ذلك مما يفعل سرًّا، ألا ترى أنهم لا يختلفون في إخراج الزكاة من الزرع الذي يموت صاحبه وقد بدا صلاحه، وإن لم يوص بإِخراج الزكاة، للعلم بأن صاحبه لم يؤد زكاته، وأشهب (9)[يرى](10) إخراج زكاة المال الناض على الورثة واجبًا وإن لم يوص الميت بإِخراجها إذا مات عند وجوبها ولم يفرط. قاله في البيان (11).
(1) في (ح): لأنه (ب) إذ، وكل ذلك بمعنى.
(2)
في (ب): تستحب.
(3)
الذي في المدونة قلت فإِن كان أول يوم صام وجد ثمن الهدي؟ فقال: قال مالك إن شاء أهدى وإن شاء تمادى في صيامه" 2/ 319.
(4)
في (ب) قطعًا.
(5)
الزيادة من (ب).
(6)
في (ح) ماله.
(7)
في (ح) ولو أهدى وساقطة في (ب).
(8)
في الأصل و (ح) لم يجب، وهو تصحيف.
(9)
في الأصل وأشبه، وهو تحريف.
(10)
بياض في الأصل.
(11)
انظر البيان والتحصيل جـ 3/ 411.
212 -
وإنما قالوا إن رمى سبع حصيات في مرة لم (1) تجزه إلا واحدة وبرمي بعدها ستًّا (2)، وإذا حلف ليضربن عبده مائة سوط أنه إذا جمعها وضربه [بها](3) ضربة [مرة](3) واحدة أنه لا يبر ولا [يبني](4) على واحدة؛ لأن المقصود في الأيمان الإِيلام بالضرب، [وهو](5) لا يحصل إذا جمع (6) الأسواط وضربه بها ضربة (7) واحدة؛ قاله ابن يونس.
213 -
وإنما قالوا: إذا أنتجت الشاة أو البقرة أو الناقة، وهي هدي، يجب حمل ولدها معها إلى مكة ويذبح أوينحر معها، وإذا ولدت الضحية يحسن أن يذبح ولدها معها من غير إيجاب (8)، لأن الضحية لا تتعين بالاشتراء، والهدي يتعين بالتقليد والإِشعار، وولد الهدي (9) كبعض أمه ويجري فيه من العقد ما جرى في أمه.
214 -
وإنما لا يصوم الثلاثة أيام في الحج والسبعة إذا وجع من وجد مسلفًا وهو غني ببلده (10)، ويصومها إذا لم يجد مسلفًا وإن كان غنيًّا ببلده، ولا يؤخر الصيام ليهدي (11) ببلده، والحالف بيمين حنث فيها وماله غائب عنه لا يصوم؛ لأن كفارة اليمين له سعة (12) في تأخيرها، فلذلك لم يجزه (13) الصوم، والآخر مخاطب بثلاثة أيام يوقعها في الحج لا سعة له في تأخيرها، فجاز له
(1) في (ب): لا تجزه.
(2)
انظر المدونة 1/ 325.
(3)
ساقطة من (ب).
(4)
ساقطة من (ح).
(5)
ساقطة في الأصل.
(6)
في الأصل و (ب) اجتمع.
(7)
في (ح): وهو مرة واحدة وهو سهو، وعلها سقطت من العبارة التي قبلها.
(8)
انظر المدونه 1/ 356، 2/ 3.
(9)
في جميع النسخ الهدية والتصويب من هامش (ح).
(10)
انظر المدونة 1/ 309.
(11)
في (ب) وليهدي.
(12)
في (ب): سبعة تصحيف.
(13)
في الأصل يجز.
الصوم لهذا. قاله عبد الحق (1).
215 -
وإنما لم يوجبوا الفدية على من طرح قميصًا له على ظهره (2)، وأوجبوا عليه الكفارة إذا حلف [أن](3) لا يلبس ثوبًا، [وجعله على ظهره أو على منكبيه؛ لأن المحرم إنما منع من الترفه والانتفاع بالمخيط، ولم يحصل له ذلك بطرح قميصه على ظهره، وأما الحالف أن لا يلبس ثوبًا](4) فإنما أحنثوه بجعله طي ظهره؛ لأن الحنث يقع بأقل الأسباب (5) ولأن (6) ذلك لباس لغة (7).
216 -
وإنما قالوا في المحرم إذا لم يجد [النعلين](4) إلا بثمن مجحف يشتريهما، ولا يلبس الخفين ويقطعهما أسفل من الكعبين (8)، ولو بيع الماء بغبن مجحف لم يلزمه، وانتقل إلى التراب (9)؛ لأن المحرم مختار للبس الخفين، ولو شاء مشى حافيًا، والمتيمم مضطر غير مختار فكان أعذر.
217 -
وإنما أوجبوا الفدية على المحرم إذا انقلب في نومه على جراد أو ذباب أو غيره، ولم يوجبوا عليه فيما جره في نومه على وجهه من لحاف أوغيره، ثم انتبه فنزعه شيئًا (10)؛ لأن المحرم إذا قتل جرادًا أو ذبابًا في نومه كان ذلك إتلافًا للنفس [وإتلاف](3) النفس يستوي عمده وخطؤه، لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ
(1) انظر النكت والفروق ص 52.
(2)
انظر المدونة 1/ 343.
(3)
ساقطة في الأصل.
(4)
ساقطة من (ب).
(5)
في (ب) و (ح): الأشياء.
(6)
في الأصل: بان وفي (ب) لأن.
(7)
في الأصل: له.
(8)
هذا خلاف المشهور من المذهب من أنه إذا كان ثمن النعلين مجحفًا انتقل إلى الخفين، وفسر الأشياخ الأجحاف بأن تزيد على الثلث، وفي المدونة جـ 1، ص 359 "قلنا له: أرأيت إن وجد نعلين فسام صاحبهما بهما ثمنًا كثيرًا؟ قال: أما ما يشيبه ثمن النعال أوفوق ذلك قليلًا فإني لا أرى ذلك عليه أن يشتري، وأرجو أن يكون في سعة أهـ " وانظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/ 56.
(9)
انظر المدونة 1/ 50.
(10)
انظر المدونة 1/ 345، 346.
مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (1)، وقوله:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} (2) خرج مخرج الغالب (3)، فلا مفهوم له. [قاله](4) أبو عمران.
218 -
وإنما لم يوجبوا الجزاء ولا (5) الإِرسال على من أحرم وفي بيته صيد، وأوجبوه على من أحرم ومعه صيد في قفص (6)؛ لأن القفص هو حامل له، ومنتقل به (7)، فهو كالذي بيده، وما كان في البيت فليس هو بيده (8)، وهو مرتحل عنه، غير مصاحب له. قاله ابن يونس.
219 -
وإنما جعل الله الحكمين في جزاء الصيد وفي النشوز اثنين دون سائر الأحكام؛ لأن الحاكم لما كان لا يحكم بعلمه للتهمة جعلت عليه البينة شاهدة، والحاكم في جزاء الصيد والنشوز إنما يحكم بعلمه، فأضيف إليه ثان بمثابة البينة (9) في سائر الأحكام، لتنتفي التهمة. قاله ابن العربي (10).
وأيضًا التحكيم في جزاء الصيد والنشوز نادر، وسائر الأحكام تكثر، فلو جعل فيهما حاكمان لتوقف (11) أحدهما على الآخر، وأدى إلى تعذر الفصل وبقاء الحرج [والفساد](4).
220 -
وإنما كان رمي الجمار تحليلًا من شيء دون شيء، وطواف الإِفاضة تحليل أكبر، لأن الإِحرام يمنع إلقاء التفث والصيد [والطيب](4) والنساء وسائر الترفهات، ثم إن رمي جمرة العقبة ندب المحرم فيه إلى إلقاء التفث، وهو الحلاق، فلم يصح أن يكون مندوبًا إلى بعض دون بعض، فجاز له ذلك
(1) سورة المائدة / آية 95.
(2)
في جميع النسخ فمن والتلاوة ومن كما أثبتها المائدة / 95.
(3)
في (ب) أخرج الغالب.
(4)
ساقطة من (ب).
(5)
في (ح): والإِرسال، وفي الأصل إلا الإِرسال، تصحيف، والتصويب من (ب).
(6)
انظر المدونة 1/ 333.
(7)
في الأصل ومثقل له.
(8)
في (ح): في بيده.
(9)
في (ب) السنة تصحيف.
(10)
انظر أحكام القرآن 1/ 425.
(11)
في الأصل: توقف.
بأجمعه (1) وما هو في بابه، وبقي الإحرام على بابه فيما عدا (2) ذلك، وهو المنع من النساء والطيب والصيد (3) حتى يأتي الطواف.
221 -
وإنما لا يؤكل من هدي التطوع إذا عطب قبل محله، ويؤكل من الهدي الواجب (4)، مع أن الجميع هدي، [لأن هدي التطوع](5) يتهم أن يكون نحره ليأكل منه، وادعى عطبه قبل محله، وهو لا يتهم في غيره.
(1) في (ح) بإجماعه.
(2)
في (ح) أعدي و (ب) عد.
(3)
في (ح) والصيد والطيب.
(4)
انظر المدونة 1/ 306.
(5)
ساقطة من (ب).