الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروق كتاب الحوالة
(1)
912 -
وإنما قال مالك لا يلزم المحال (2) الكشف عن ذمة المحال عليه (قبل أن يقبل الحوالة، بل يجوز له قبول الحوالة وإن كان شاكًّا في حال المحال عليه)(3) هل هو غني أو فقير؟ وقال لا يجوز لأحد شراء دين تقرر في الذمة بعرض يجوز شراؤه به إلا بعد أن يكون من عليه الدين حاضرًا يعرف يسره من عسره، لأنَّ ذمة الغريم هي المشتراة ويختلف (4) مقدار عوضها باختلاف حال الذمة من فقر أو غنى والمبيع (لا يصح)(5) أن يكون مجهولًا، فإِذا اشترى دينًا لا يعلم حال من هو عليه هل هو فقير أو غني، فقد صار اشترى شيئًا مجهولًا وذلك مانع (6) من صحة البيع، والحوالة ليست ببيع على إحدى (7) الطريقتين (8) عند المالكية، بل طريقها المعروف فيعفي فيها عن مثل هذا الغرر، لكون الغرر يعتبر كونه مقصودًا.
913 -
وإنما قال الأئمة - (رضوان الله عليهم)(9) - إن علم المحيل (10) بإفلاس
(1) عنوان هذا الكتاب ساقط في الأصل.
(2)
في الأصل: المحلل.
(3)
ساقطة في (أ).
(4)
(ح): في مقدر.
(5)
الزيادة من (ح).
(6)
(ب): ما نفع.
(7)
في الأصل: أحد.
(8)
(ح): الطريقين.
(9)
ساقطة في الأصل.
(10)
في الأصل: المحلل، وفي (ح) الحميل.
المحال عليه يوجب للمحال الرجوع إلى ذمة المحيل إن كان المحال غير عالم، وقالوا فيمن باع سلعة بثمن إلى أجل والمشتري مفلس والبائع (لم)(1). يعلم بذلك، أن البائع لا مقال له والبيع (له)(2) لازم، لأنَّ البياعات تتكرر كثيرًا لشدة الحاجة إليها وعدم الاستغناء عنها فصار الكشف عن ذمة (المشتري مما يشق فلو (3) لم يجز البيع للبائع إلا بعد الكشف عن ذمة) (4) المبتاع والبحت عنها لتوقفت (5) أكثر البياعات، بخلاف الحوالة فإِنها لا تتكرر، فلا يعسر الكشف عن ذمة المحال عليه. قاله التونسي والمازري. وفيه عندي نظر (6)؛ لأنه بعد التدبر والتأمل (إنما)(2) ينتج العكس، ولو قيل في الفرق (7) لأنَّ (8) البياعات لكثرتها لو جعلنا للبائع النقض لأدى إلى كثرة (9) الخصومات، وذلك إبطال لغرض الشَّارع، وليس كذلك في الحوالة (لكان فرقًا حسنًا (10)، وأيضًا البائع في البيع يدفع للمبتاع سلعة تعاقب الثمن الذي يحل في ذمته فاستغنى بذلك عن الكشف هل عند المشتري زيادة عليه أم لا، وليس كذلك (11) الحوالة) (1). قاله [الإِمام](12) المازري أيضًا (13)، وهو فرق لا بأس به. وأيضًا لبائع السلعة (14) نفع في معاوضة
(1) ساقطة في (ح).
(2)
الزيادة من (ح).
(3)
في الأصل: فهو مما، وفي (أ): فهو.
(4)
ساقطة في (ب).
(5)
في الأصل و (أ): لتوقف، وفي (ب): للتوقف.
(6)
(ح): وفيه نظر عندي.
(7)
(ح): بالفرق.
(8)
المثبت من (ح): وفي سائر النسخ: بأن.
(9)
(ح): أكثر.
(10)
(ب): فرقًا حسنًا جليًّا.
(11)
(أ) و (ب): ولا كذلك.
(12)
الزيادة من الأصل.
(13)
(ح): وأيضًا.
(14)
في الأصل: وأيضًا البائع السلع. وفي (أ) لبائع السلف.
شيء بغيره والمحال لا نفع له، قاله ابن عرفة. وأيضًا البيع لما كان على المكايسة كان مظنة علم البائع بفقر المشتري. قاله ابن عرفة أيضًا. وأيضًا إعلام (1) المشتري بفقر نفسه يوجب عدم معاملته فيتضرر وإعلام المحيل بفقر المحال (2) عليه لا يضر لقدرته على بيعه. قاله ابن عرفة (أيضًا)(3).
تنبيه: قال ابن عبد السلام رحمه الله تعالى: أشبه ما قيل في الفرق أن الحوالة بيع ذمة بذمة وفلس الذمة عيب فيها فوجب أن يثبت الخيار للمحال بسبب ظهوره على ذلك العيب، والعوض في مسألة البيع المذكورة إنما هو الدين لا الذمة. قال: وهو ضعيف من وجهين، أحدهما أنَّه لا معنى لكون الذمة هي العوض في الحوالة إلا أن (4) الدين تعلق بها. وهذا مثله في مسألة المدونة قطعًا. الثاني:(سلمنا)(5) أن فلس الذمة (عيب)(3) في الحوالة، لكن العيوب لا يشترط في القيام بها علم البائع وتدليسه بل لمن اطلع على العيب القيام به سواء علم البائع به أم لا. انتهى. قلت هذا الاعتراض الثاني سبق للاعتراض به غير واحد من قدماء الشيوخ فقالوا فلس (6) المحال عليه حين (7) الحوالة إما أن يكون عيبًا أو لا، فالأول يكون للمحال الرجوع على المحيل سواء علم المحيل بفلس المحال عليه أم لا كغيره (8) من العيوب، والثاني [لا يكون له الرجوع مطلقًا، وأجاب الشيخ أبو محمد عبد الحق رحمه الله بأن البيع (مبني) (9) على المكايسة فغلط على البائع فيه، والحوالة](3) طريقها المعروف فسهل على المحيل فيها حتى يغر
(1)(ح): علم.
(2)
(ب): المحيل.
(3)
ساقطة في (ح).
(4)
(ح): لأنَّ وهو تحريف.
(5)
ساقطة في (أ).
(6)
المثبت من (م) وفي بقية النسخ "فليس" وهو تحريف.
(7)
(ح): بعين.
(8)
(ح) كتبرئة.
(9)
الزيادة من (ب).
من عدم يعلمه (1)، فهذه خديعة منه، فعليه الدرك في ذلك (2). وأجاب القاضي أبو الوليد الباجي (3) رحمه الله بأن العيب في السلعة عيب في نفس العوض، وفلس المحال عليه عيب في محل العوض لا في نفسه، وأجاب أيضًا (بأن)(4) الحوالة بمنزلة بيع البراءة، وبيع البراءة لا يرجع فيه (5) إلا بما علمه البائع، وأجاب أيضًا بأن بيع الذمة خفي كالعيوب الباطنة فإِن علمها (6) المحيل صارت كغير الباطنة (7).
914 -
وإنما لم يوجبوا البحث على من باع سلعة بثمن إلى أجل عن ذمة المشتري، وأوجبوه على مشتري الدين؛ لأنَّ بيع الديون التي في الذمم مما لا يقع إلا نادرًا، ولا يتكرر، فتكليف البحث عن ذمة من عليه (الدين)(4) المبيع (8) لا يوقف البياعات المكررة (9) ولا يشق مع كون المشتري للدين لا يدفع لمن عليه الدين الذي اشتراه (10) سلعة تثق بنفسه من أجلها، بأنه يوفيه ما اشتراه (11) من الدين (الذي عليه. وإنما يرجع ثمن الدين)(12) لبائعه لا ثمن الدين المبيع عليه. قاله الإِمام أبو عبد الله المازري رحمه الله.
915 -
وإنما جاز (13) للمكاتب أن يحيل سيده بما حل من كتابته على ما لم (14)
(1) في الأصل: حتى يضر من عدم من يعلمه، وفي (ح): حتى يغر من عدم بعلمه وفي (أ): حتى يغر من عدم من يعلمه. وفي (م): حتى يقرر عدم يعلمه.
(2)
انظر النكت ص 222.
(3)
انظر المنتقى 5/ 68، وقد نقل المصنف كلام الباجي بعضه باللفظ وبعضه بالمعنى.
(4)
ساقطة في (ح).
(5)
(ب): به.
(6)
في الأصل و (أ): علمه.
(7)
في هامش (ح): لا يخفى ما فيه من الحذف المخل بالمعنى.
(8)
(ح): البيع.
(9)
(ح): المتكررة.
(10)
(ب): اشترى.
(11)
ما اشترى.
(12)
الزيادة من (ح).
(13)
(ح): جاز ذلك للمكاتب.
(14)
(ح): على أمر لم يحل.
يحل، وما حل من كتابة مكاتبه (1)، ولا يجوز أن يحيل أجنبيًّا عليها وإن حلت؛ لأنَّ الحوالة إنما أجيزت (2) في الأجنبي إذا أحيل على مثل الدين، وها هنا قد يعجز المكاتب المحال عليه، فتصير الحوالة قد وقعت على غير جنس الدين، كما لو كان على رجل دين لأجنبي فأراد أن يحيله بذلك على مكاتبه ما جاز (3) ذلك؛ لأنه قد يعجز فتصير الحوالة قد خالفت ما أرخص فيه منها، وهو أن يكون الدين المحال عليه من جنس المحال به. قاله التونسي [رحمه الله تعالى](4).
تنبيه: لا يقال فأنتم (5) تجيزون بيع الكتابة مع إمكان أن يشتري كتابة تارة وكتابة مع رقبة أخرى (6)؛ لأنا نقول، الحوالة رخصة، لأنها الدين بالدين فلا يتعدى بها (7) ما خفف (8)[منها](9).
916 -
وإنما خالف ابن القاسم أشهب (10) فيما إذا أحال البائع على المشتري بالثمن، ثمَّ رد المبيع (بعيب)(9) أو استحق (11)، فقال تمضي الحوالة ويرجع المشتري على البائع، واتفقا على أن المفلس إذا بيع (12) ربعه وعرضه (13) في دين وجب عليه، وأخذ ثمن ذلك غرماؤه ثمَّ استحق المبيع (14)، أن للمشتري أن يسترد (15) الأثمان من يد الغرماء الذين اقتضوها؛ لأنَّ الغرماء
(1) في الأصل و (أ): كاتبه.
(2)
المثبت من (ح) وفي سائر النسخ: حيزت.
(3)
(ح) و (م): وعلى مكاتبه فأجاز ذلك.
(4)
ساقطة في الأصل وفي (ح): رحمه الله.
(5)
في الأصل: أنتم.
(6)
(ب): الآخر.
(7)
(ح): فيها.
(8)
في الأصل: ما خف.
(9)
الزيادة من الأصل.
(10)
(ح): وإنما خالف ابن القاسم وأشهب. وانظر المدونة 4/ 150.
(11)
(ح): واستحق.
(12)
في الأصل: باع.
(13)
(ح): عروضه.
(14)
(ب): الجميع.
(15)
(ح): يرد.
كأنهم (هم)(1) الذين باعوا بأنفسهم وقبضوا ثمن ما باعوه، فعليهم أن يردوه إذا استحق ما اشتراه المشتري منهم، ولا كذلك مسألة الحوالة، فإِن فيها إدخال (2) يد ثالثة، وهي (3) يد المحال، فصار ذلك كالفوت للأثمان. قاله المازري رحمه الله (4). وأيضًا في الحوالة لما حاله صار ذلك حقًّا (5) للمحال على المشتري ووجب (6) دفعه إليه، وأنه عهدته على البائع، فمتى وقع استحقاق أورد بعيب وجب له الرجوع على بائعه؛ كما قال إذا وهبت المرأة صداقها قبل الدخول ثمَّ طلقها الزوج. قاله ابن يونس.
917 -
وإنما كره (7) مالك (8) بيع الكتابة من أجنبي بشيء إلى أجل، ولم يكره الحوالة؛ (لأن الحوالة)(9) أمر بين (10) السيد ومكاتبه أسقط عنه الكتابة واعتاض ما في ذمة الأجنبي؛ لأنَّ الأجنبي لا فرق بين أن يؤدي ذلك للمكاتب أو لسيده، فلم يقع بين السيد وبين الأجنبي مبايعة، إنما وقع ذلك بينه وبين عبده (بخلاف بيع السيد الكتابة فإِنها معاملة بينه وبين أجنبي لا بينه وبين عبده)(11) فافترقا، قاله عبد الحق (12) رحمه الله (تعالى)(13).
(1) ساقطة في الأصل و (أ) ومكانها بياض في (ب).
(2)
في الأصل: أحال وفي (أ) أخال.
(3)
في الأصل: ومن، وهو تحريف.
(4)
ساقطة في الأصل.
(5)
(ح): حق.
(6)
المثبت من الأصل، وفي سائر النسخ: وواجب.
(7)
(ب): ذكره.
(8)
انظر المدونة 3/ 18، 4/ 155.
(9)
(ح): الكتابة، وهي من (ب) ساقطة.
(10)
في الأصل: بيد.
(11)
ساقطة في الأصل و (أ).
(12)
انظر النكت ص 222.
(13)
الزيادة من الأصل.