الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
49 - باب الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالأَيْتَامِ فِى الْحَجْرِ
قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم.
1466 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً، قَالَتْ كُنْتُ فِى الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» . وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامٍ فِى حَجْرِهَا، قَالَ فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَجْزِى عَنِّى أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامِى فِى حَجْرِى مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ سَلِى أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِى، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا سَلِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَيَجْزِى عَنِّى أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِى وَأَيْتَامٍ لِى فِى حَجْرِى وَقُلْنَا لَا تُخْبِرْ بِنَا. فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «مَنْ هُمَا» . قَالَ زَيْنَبُ قَالَ «أَىُّ الزَّيَانِبِ» . قَالَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ «نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ» . تحفة 15887 - 151/ 2
1467 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ {عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ} قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِىَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِى أَبِى سَلَمَةَ إِنَّمَا هُمْ بَنِىَّ. فَقَالَ «أَنْفِقِى عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ» . طرفه 5369 - تحفة 1826
5
50 -
باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60]
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِى فِى الْحَجِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ وَيُعْطِى فِى الْمُجَاهِدِينَ وَالَّذِى لَمْ يَحُجَّ. ثُمَّ تَلَا {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآيَةَ فِى أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ. وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ» . وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى لَاسٍ حَمَلَنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ.
1468 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَاّ أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهْىَ عَلَيْهِ
صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا». تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ هِىَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهَا مَعَهَا. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ حُدِّثْتُ عَنِ الأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ. تحفة 13752، 13786، 13864، 13973 أ
أي فكذلك الرِّقاب، بأن يؤدي عنه بدَل الكتابة، أو يعينَ عليه. والغارم: المديون، بشرط أن لا يكون عنده نِصاب. وعند الشافعي هو الذي تحمَّلَ غَرَامةً، وإن كان له مال. ويُعلم من كلام «البدائع»: أن تفصيل الشافعية محتملٌ عندنا أيضًا، فلتراجع عبارته.
واختلف أئمتنا في تفسير (في سبيل الله)، فقيل: مُنْقَطَع الغُزَاة؛ وقيل: مُنقَطَع الحجاج. والمراد منه عند البخاري جميع أبواب الخير، ولا يشترط فيهم الفقرُ عندنا أيضًا، ولا يُشترط عنده التمليك في الزكاة أيضًا. ولذا جوز الإِعتاق عن مال الزكاة، وعندنا يشترط التمليك. وفي «البحر» إن المراد من الإِطعام في القرآن هو الإِباحة، ومن التصدُّقِ التمليكُ. وراجع الفرقَ بين الإِباحة والتمليك من «شرح الوقاية» - من باب التيمم والعارية.
قوله: (في أيها أعطيت)
…
إلخ، وهو مذهب الحنفية، فلا يُشترطُ عندنا صرفُها إلى جميع الأصناف.
قوله: (عن أبي لاس، حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج)، قلنا: إن كان أُعطي لهم للركوب فقط، فذا جائز عندنا أيضًا، وإن كان ملَّكَهم، فراجعْ له الفِقه، فإِنه صحيحٌ أيضًا على مذهب أحد صاحبيه. والظاهرُ أنَّ فيه تمليك المنفعة دون العين.
1468 -
قوله: (ما ينقم ابن جميل) أي ما يُكْره أو (سكوابرانهين معلوم هوتا).
وقصته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان دعا لسَعةِ ذات يده، - وكان في بؤسٍ وشدَّةٍ - فأغنَاه اللهُ تعالى ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم فكان يَحضُر الجماعةَ ما دامت سارحته وَسِعتها المدينة، فلما كثرتْ من ذلك جعل يسكُن البادية، وترك الجماعةَ، وكان يحضُر الجمعة فقط، فلما صارت أكثرَ من ذلك تركَ الجمعة أيضًا، حتى إذا جاءه ساعي رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبُ زكاةَ ماله، قال: إني لأراها جِزْيةٌ، فمنع النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تؤخذَ منه الزكاة، فلم تؤخذ منه حتى لم يأخذ منه الخلفاء أيضًا رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
قلتُ: وكان ينبغي لابن جميل أن يؤديَ زكاتَه بنفسه، وإن كان الخلفاء لم يأخذوها منه، رجاءً من الله أن يتوب عليه. فإِن عدم قَبُوله صلى الله عليه وسلم زكاتَه إنما كان لأمر تكويني، ولا يرتفع عنه التشريع. وقد قدَّمنا التنبيهَ على أن التشريعَ لا يرتفعُ بحال، وإن انكشف التكوين. وأجد أن بعضهم
(1)
لُعن من لسان
(1)
ولم أتحقق عن الشيخ شيئًا في هذا البعض من هو، غير أني وجدتُ رجلًا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه:"بئس ابن العشيرة، وأخو العشيرة"، أخرجه الترمذي في "الشمائل" وغيره. وفي "المواهب اللدنية" أن الرجل هو عُيَيْنة بن حصن الفَزَاري، وكان يقال له: الأحمقُ المُطَاع، كذا فسَّره به القاضي عياض، والقرطبي، والنووي. وفي "التنبيه من شرح مُلا عبد الرؤوف المُنَاوي على الشمائل" قال القرطبي: في هذا الحديث إشارة إلى أن عُيينة خُتِمَ له بسوء، لأن المصطفى ذمه وأخبر بأن من كان كذلك كان شر الناس. ورده الحافظُ ابن حجر بأن الحديث ورد بلفظِ العمومِ، وشرطُ من اتصف بالصفةِ المذكورةِ أنْ يموتَ على ذلك. وقد ارتدَّ عُيينة، ثم أسلم، كما مر. وهذا أيضًا يكفي لإِيضاح ما قاله الشيخ إن شاء الله تعالى "جمع الوسائل".
صاحب الوحي، ثم آلَ أمرُهم إلى الخير آخرًا، فلعله يتوبُ فيتوبُ الله عليه.
قوله: (فأغناه الله ورسوله)، ونسبة الإِغناء إلى الرسول ههنا على طريق المجاورة فقط، فإِن المباشر حقيقةً هو الله تعالى، ورسولُه مسبِّبٌ فقط. إلا أنه يُسامَحُ في العرف، فيسندُ الفعل إلى المسبِّب، كالمُبَاشر، فهذه دقيقةٌ ينبغي أن لا يُغْفَل عنها. وقد نَبَّه عليها القرآن أيضًا، وهو قوله تعالى {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: 104] حيث لم ينه عنه ابتداءً، حتى إذا رأى في إطلاق هذا اللفظ مضرةً، من حيث إن اليهود كانوا يلوون ألسنتَهم فيه، نهى عنه. فالمسألة في إطلاق الألفاظ التي يكون لها وِجْهةٌ من الجَوَاز أن يُغمضَ عنها ما لم تقع منه مضرةٌ. وهذا كما ترى في نسبة الإِغناء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإِنه إن أوْهَمَ نسبتُه إليه على طريق الحقيقة فهو ممنوعٌ قطعًا، وإن لم يبالغ فيه الجهلاء، وأطلقوه على وجهِهِ فهو جائزٌ ولا ريب، كيف وقد وقع في الحديث ونحوه لفظ: يا رسول الله.
قوله: (وأما العباس) قيل: إن العباس إنما أنْكَرَ الزكاة لأنه أحسَّ ترفعًا في كلام عمر. أما عمر فإنه كان عمر، لكنَّ العباسَ كان عمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما عم الرجل صِنْو أبيه، فَكَرِه منه الكلام.
وحينئذٍ معنى قوله: (ومثلها معها)
(1)
إنكم تزعُمون أنه ينكرُ الزكاةَ، وأنا ضامنٌ له أنه يُعطي لكم زكاته مرَّتين. وقيل: إنه لم يُنكر الزكاةَ، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يستوفي منه الزكاة لسنتين، فأنكرها،
(1)
قلت: أخرج أبو عُبيد في "كتاب الأموال" ص 589، فقال -أي ابن عباس-:"قد عَجَّلتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقَة سنتين"، فرفعه عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"صدق عمي، قد تَعَجَّلنا منه صدقة سنتين". ثم أخرج هذا اللفظ، أي:"فأما العباس فصدقتُه عليه، ومِثْلُها مَعَها". قال أبو عُبيد: فهذا يبيِّنُ لك أنه قد كان أخرها عنه، ثم جعلها دَيْنًا عليه يأخذُه منه. فهو في الحديث الأول قد تَعجَّل زكاتَه منه، وفي هذا أنَّه أخرها عنه. ولعل الأمرين جميعًا قد كانا. انتهى ملخصًا. ص 593.
وفي "التعليق الصبيح" قال أبو عُبيد: تأويلُه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر زكاةَ تلك السنةِ لعباسٍ، والسنة الثانية، لأن ما يؤدَّى في السنة الثانية زكاةُ السنتين الماضيتين. لما رأى احتياجَ العباس، وضيق يده.
وقوله: "عليَّ"، يعني أنا ضامنٌ بوصولِ هذه الزكاة من العباس إلى المستحقين. وقيل: تأويله أنه عليه الصلاة والسلام أخذ زكاة سنتين من العباس قبل وُجُوبها، فلما طلب الساعي الزكاةَ من العباس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد وصلت إليَّ زكاتُه". اهـ. ثم نقل عن التُّورِبِشْتِي احتمالًا آخر، وهو أنه يحتمل أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم استسلف منه مالًا ينفقه في سبيل الله، ثم يحتسب له من الصدقة عند حلولها.
وقوله: "مثلها"، أي في كونها فريضة عام آخر. ولم يرد به المثلية في الأسنان والمقادير، فإن ذلك يتغيَّرُ بزيادةِ المال ونُقصانه، ولا يعرف ذلك إلا بعد دخول عام آخر
…
إلخ.
أما قوله صلى الله عليه وسلم في خالد" "فقد احتبس أدرَاعه وأعبُدَه في سبيل الله" فقال أبو عُبيد: إن فيه ثلاث سُنن:
إحداهن: أنها مثل قِصة العباس في تقديم الزكاة.
والثانية: أنَّه قَبِلَ الأدراع، والأعبُدَ عِوَضًا من الزكاة، لأن العبيدَ والدروعَ لا زكاة فيها. فقد عُلم أنه أخذَهَا مكان صدقةِ المواشي أو غيرها، كأخذ المالِ مكانَ غيره من الصدقة، إذا كان ذلك أوفقُ بالمأخوذ منه، وأصلحُ للمأخوذ له.
والثالثة: أنه جعل صدقَتَه كلَّها في السبيل وحده، ولم يفرِّقْها في الأصنافِ الثمانية، فرضي بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسَّنه. انتهى ملخصًا: ص 593، وص 594.