الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأجلِ ذلك أمرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد الحج أن تعتمرَ من التَّنْعِيم، تلافيًا لما فاتها، وجبرًا لانكسارها، ولو كان المقصودُ منه تطييبُ خَاطِرِها فقط، لما احتاج إلى هذا التطويل، واكتفى بتعليمِ المسألة إياها فقط، أو بإِخبارها عن نفسه أنه لم يؤد أفعالها مستقلة أيضًا. ولو أخبَرَها أنه لم يَطف للعمرة أيضًا، كما أنها لم تطف لها لطابتْ نفسًا، ولآثرت موافقتها إيَّاه في الأفعال على ألف عمرة، ولم يرفع إليها رأسًا أصلا، فهذه قرائن أو دلائل على أنها كانت مفردةً قطعًا، ولم تكن قارنةً إن شاء الله تعالى.
34 - باب التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالْحَجِّ، وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ
1561 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا نُرَى إِلَاّ أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ قَالَ «وَمَا طُفْتِ لَيَالِىَ قَدِمْنَا مَكَّةَ» . قُلْتُ لَا. قَالَ «فَاذْهَبِى مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّى بِعُمْرَةٍ ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا» . قَالَتْ صَفِيَّةُ مَا أُرَانِى إِلَاّ حَابِسَتَهُمْ. قَالَ «عَقْرَى حَلْقَى، أَوَمَا طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ» . قَالَتْ قُلْتُ بَلَى. قَالَ «لَا بَأْسَ، انْفِرِى» . قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَلَقِيَنِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهْوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 15984
أحال الفصل على الناظرين.
1561 -
قوله: (لا نرى إلا الحج)، مع أنها قالت من قبل:«خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حَجَّة الوداع، فأهللنا بعمرة، كما مر في: باب كيف تهل الحائض، وكلاهما صحيحان. فإنها كانت تريدُ الحجَّ بعد العمرة، أو قولُها: «لا نرى إلا الحج» ، بيانٌ لحالهم إلى ذي الحُلَيفة، فإذا بلغوا ذا الحُلَيفة افترقوا على أحوال. على أنَّ الحصر فيه بالنسبة إلى الأفعال الأخر، لا بالنسبة إلى التمتع والقِرَان، أي ما كنا نريد الدنيا وزينَتَها، إنَّما كنا نريدُ الحج، لأنَ الموسم كان له، وهذا عرفٌ جيد
(1)
، وهو العرفُ في الهند، فإنَّ الناس إذا خرجوا لزيارة البيت لا يقولون إلا: إنا نريد الحج، وإن كانت من نيتهم العمرة، أو القِرَان، أو الإِفراد، فكأن الحج عندهم في مرتبة المقْسَم، والتمتع وغيره من أقسامه. أو لكونه متبُوعًا، والعمرة تابعة له.
(1)
يقول العبد الضعيف: وشهد له ما أخرجه أبو داود في: باب إفراد الحج من حديث جابر: "فأهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج خالصًا لا يخالِطُه شيء".
قوله: (فلما قدمنا تطوفنا بالبيت)
…
إلخ، بيانٌ لحال سائر الصحابة رضي الله عنهم، لا لحال نفسها، فإنَّها كانت حائضةً، لم تَطُف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة. وهو كحديث أبي هريرة في قِصة ذي اليدين:«صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد به صلينا نحن معاشرَ المسلمين، ولم يرد نفسه، فإنه أسلمَ السنةَ السابعة، وقِصة ذي اليدين متقدِّمة، كما ذكرها الطحاوي. ثم إن في قوله: «فلما قدمنا»
…
إلخ، دليلٌ على أن هذا الطوافَ كان طوافُ العمرة، لا طوافَ الحج، وكذا في قوله:«وما طفت ليالي قدمنا مكة»
…
إلخ، أيضًا دليلٌ على أنها لو أتت به في تلك الليالي لكان لها عمرةٌ كما كانت لسائر الناس، ولَمَا احتاجت إلى قضائها بعد الحج، وهذا استنباطٌ مني، واستحسنه مولانا وشيخنا، شيخ الهند.
قوله: (أو ما طفت يوم النحر)
…
إلخ، يدل على أن طوافَ الصَّدَرِ سقط بالعذر.
واعلم أنَّ الحنفية قالوا: إنه لا فرق بين الواجب والفرض عملا، وليس بصواب عندي، لتطرُّقِ الأعذار إلى الواجبات دون الأركان، كما رأيت في طواف الصَّدر، فإنه يسقطُ لعلة الطَمْث، ولا تكون جناية، ولو كان ركنًا لما سقط، ولوجَبَ عليها أن تنتظرَه حتى تطهُرَ، فتأتي به، فظهر الفرقُ بينهما عملا أيضًا. وهكذا قال أرباب الفتاوى: إنه لو سها في العيدين، أو صلاة الخوف تسقطُ عنه سجدة السهو. وتردد صاحب «الدر المختار» فيما إذا وجب عليه السهو وطلعت الشمس قَبْله. وعندي يسقطُ عنه، فالواجباتُ تسقطُ عند الأعذار، بخلاف الأركان (مصعد) أي ذاهبٌ إلى خارج البلد، والهبوط ضده، أي الدخول في البلد.
1562 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 16389 - 175/ 2
1562 -
قوله: (فمنا من أهلّ بعمرة)
…
إلخ، أراد به من حَلُّوا بعد عمرتهم، لأنه ذكرهم في مقابلة القارنين، وأنهم لم يحلوا.
قوله: (ومنا من أهل بالحج)
…
إلخ، صريح في أنه كان منهم مفرِدُون أيضًا. وأنكر ابن تيمية أن يكون في تلك السنة مفردٌ، فحكم عليه بالوَهَم من رأيه فقط.
قوله: (وأهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج)
…
إلخ، واعلم أنَّ المدارَ فيه على النية فقط، ولا يجب التلفظ بما نوى في التلبية أيضًا، فيصح للقارِنِ أن يكتفيَ في تلبيتِهِ بالحج، والنية لا تُعلم إلا بالبيان من قِبَلِه. وحينئذٍ لا إشكال في بيان الأحوال المختلفة. وقوله فيما يأتي:«ولم تحلل أنت من عمرتك» ، صريح في كونه قارنًا، ودلَّ أيضًا دَلالة لطيفة على أنَّه كان أتى بأفعال العمرة، إلا أنَّه لم يكن تحلل بعدها، وإلا لكان المناسب أن يقول: ولم تحلل أنت من عمرة، بدون الإِضافة، والإِضافة تدلُّ على أنها كانت، ثم لم يكن بعدها حِلٌّ. وفي مثله وصيةٌ عن عبد القاهر في «دلائل الإِعجاز» يأخذ على شعر المتنبي:
*عجبًا له حفظ العنان بأنمُلٍ!
…
ما كفها الأشياء من عاداتها
فإنَّ المقام مقام النفي رأسًا، فينبغي أنْ تُحذف الإِضافة، لدلالتها على أن كف الأشياء، وإن لم تكن لها عادة، إلا أنها قد تفعله، فلا يناسبُ التعرُّض إلى المتعلقات في مقام النفي. وهكذا في قوله:«من عمرتك» ، فإنَّ العمرةَ إذا كانت منفيةً رأسًا، ناسبَ أن يقول: ولم تحلل أنت من عمرة، بقطعها عن الإِضافة.
واستشعره الإِمام الشافعي، فقال: إن معناه إن الناس حَلُّوا، فلو اعتمرتَ لتحللت أيضًا. كأنها تتمناه. ونقل الحافظُ جوابَ الإِمام، ثم لم يفهمه، لأنَّ الإِمامَ في الذُّرْوَة العُليا من الفصاحة، ودَرْكُ مرادِه عسيرٌ، وبمثله قرروا في قوله تعالى:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} [النساء: 157]، ففيه دليلٌ على أنه كان هناك مقتولا، أو مصلوبًا غيره، وذلك لانصباب النفي إلى القيد. وإلا فالأظهر أن يقال: وما قتل وما صلب، فإنَّه يكفي لبيان نفي القتل عنه، فاعلمه.
1563 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا - رضى الله عنهما - وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا. فَلَمَّا رَأَى عَلِىٌّ، أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ قَالَ مَا كُنْتُ لأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ أَحَدٍ. طرفه 1569 - تحفة 10274
1564 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِى الأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَدِمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْحِلِّ قَالَ «حِلٌّ كُلُّهُ» . أطرافه 1085، 2505، 3832 - تحفة 5714
1565 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَرَهُ بِالْحِلِّ. أطرافه 1559، 1724، 1795، 4346، 4397 - تحفة 9008، 9010
1566 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ - رضى الله عنهم - زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ «إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» . أطرافه 1697، 1725، 4398، 5916 - تحفة 15800
1567 -
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِىُّ قَالَ تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِى نَاسٌ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَأَمَرَنِى، فَرَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّ
رَجُلًا يَقُولُ لِى حَجٌّ مَبْرُورٌ وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ سُنَّةَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِى أَقِمْ عِنْدِى، فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِى. قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِمَ فَقَالَ لِلرُّؤْيَا الَّتِى رَأَيْتُ. طرفه 1688 - تحفة 6527 - 176/ 2
1568 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لِى أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ تَصِيرُ الآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً. فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ «أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِى قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً» . فَقَالُوا كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ فَقَالَ «افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ، فَلَوْلَا أَنِّى سُقْتُ الْهَدْىَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِى أَمَرْتُكُمْ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّى حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» . فَفَعَلُوا. أطرافه 1557، 1570، 1651، 1785، 2506، 4352، 7230، 7367 - تحفة 2490
1569 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اخْتَلَفَ عَلِىٌّ وَعُثْمَانُ - رضى الله عنهما - وَهُمَا بِعُسْفَانَ فِى الْمُتْعَةِ، فَقَالَ عَلِىٌّ مَا تُرِيدُ إِلَاّ أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِىٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا. طرفه 1563 - تحفة 10114، 9806
1568 -
قوله: (واجعلوا التي قدمتم بها متعة)
…
إلخ، فأمَرَهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفسخوا حجَّهم، ويُحرموا لعمرة، ثم يحرِمُوا بالحج يوم التَّروية
(1)
.
(1)
يقول العبد الضعيف: وأيضًا، وجدتُ فيما ضبطت عن الشيخ رحمه الله أنَّ فسخَ الحج إلى العمرة، لم يكن لردِّ زعم الجاهلية، كما فهموا، بل الأمرُ أنَّهم لم يكونوا يعرفون ما التمتُّع بغير سَوْق الهدي، فأراد أن يُعلِّمهم هذا النوع أيضًا، فأمرهم بفسخ حجِّهم لذلك.
وتفصيله أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يردُ في حجَّة الوداع فسخ الحج إلى العمرة، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم استيفاءَ أقسامِ الحج، وتعليمَ أحكامها. ولما لم يكن فيهم المتمتعون بغير سَوق الهدي، أحب أن يكون هذا النوع أيضًا، ولذا أمرهم بالحِلِّ، فلما لم يفعلوا للاستنكات عن الحل في أيام الحج، عزم عليهم، فكان أول أمرهم رخصةً، ثم صار عزيمةً عليهم، من حيث إنَّهم لم يمتثلوا أمرَه صلى الله عليه وسلم، فهذا الذي سموه بالفسخ. لا أقولُ: إنهم لم يفسخوا حجهم، فإنه باطلٌ، بل أقول: إنهم لم يؤمروا بالفسخ، لكونه مقصودًا في هذه السنة، كما ذهب إليه الجمهور، أو مشروعًا للأبد، كما فهِمَه أحمد، بل المقصودُ كان استيفاءُ أقسام الحج، فاحتاج الناسُ إلى الفسخ بهذا، وكم من فَرق بين النظرين، وشتان بين مشرق ومغرب.
ثم إنهم ما ذكروا من حكمة الفسخ ليس بسديدٍ عندي، فإنَّهم قالوا: إن العمرة في أشهر الحج كانت من أفجر الفجور عندهم، فأمرهم بالفسخ لرد هذا الزعم. قلت: ويا للعجب كيف! وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم اعتمرَ قبله عدة عُمرات، وكلُّها كانت في أشهرَ الحج، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم أن يكون كبُرَ ذلك عليهم، بل الوجهُ أنهم استعظموا الحل، وهم على شَرَفِ الحج.