الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِى الْعُمْرَةَ. فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، قَالَ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَاّ وَاحِدٌ. ثُمَّ اشْتَرَى الْهَدْىَ مِنْ قُدَيْدٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. أطرافه 1639، 1640، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - تحفة 7523
قوله: (فطاف حين قدم مكة)
…
إلخ، وفي الحديث تصريحٌ بأنَّه طاف أطوفةً، فدل على أنَّ من حكى عن طوافه أنَّه لم يكن إلا واحدًا، فقد اعتبر في ذِهنه اعتبارًا.
قوله: (ثم حل)
…
إلخ، هذا هو محطُّ الفائدة. كما علمتَ أنَّ المقصودَ بيانُ الفرقِ بين القَارِنين وغيرهم في حق الحلّ. ثم إن ابن عمر، وإن أطلق لفظ التمتع في حقِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلا أنه صرَّحَ بعدم الحلِّ في البين.
107 - باب مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ
وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا أَهْدَى مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ، يَطْعُنُ فِى شِقِّ سَنَامِهِ الأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ، وَوَجْهُهَا قِبَلَ الْقِبْلَةِ بَارِكَةً. تحفة 8549
1694 و 1695 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ قَالَا خَرَجَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِى بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِى الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الْهَدْىَ وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. حديث 1694 أطرافه 1811، 2712، 2731، 4158، 4178، 4181 تحفة 11250، 11270 - 207/ 2 حديث 1695 أطرافه 2711، 2732، 4157، 4179، 4180 - تحفة 11270، 11250
1696 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَىْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ. أطرافه 1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 - تحفة 17433
واعلم أنَّ أبا حنيفة
(1)
لم يُنكر أصلَ الإِشعار، بل إشعارُ زمانه، كما ذكره الطحاوي.
(1)
قال القاضي أبو بكر بن العربي في "العارضة": وأنكره أبو حنيفة، وقال: إنه مُثْلَة. ويُروى ذلك عن إبراهيم النَّخعي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أشعر بها، لئلا تنالُها يد المشركين، وقد كانوا يعظمونها ويجتنبونها، فلما استقر الإِسلام سقط ذلك. وقد رُوي عن ابن عباس التخييرُ فيه، والرخصة، وعن عائشة تركه، فرجَّح أبو حنيفة التركَ، لأنه جهة المُثْلة، وهي حرام. وتركُ الندبِ أولى من اقتحامِ التحريم. ثم أجابَ عنه القاضي، فراجعه.
ثم ههنا كلام عن الحافظ فضل الله التُّورِبِشتي، جديرٌ أن يعتني به، قال: كان هذا الصنيعُ معمولًا به قبل الإِسلام، وذلك لأن القوم كانوا أصحاب غارات، لا يتناهون عن الغصب والنهب، وكانوا مع ذلك يعظمون البيت، وما أهدِي إليه، وكانوا يَعلَمون الهدايا بالإِشعار، والتقليد، فلما جاء الله بالإِسلام، أقر ذلك، لغير المعنى الذي ذكرناه، بل لتكون مُشعرًا بخروج ما أشعَر عن ملك ما يتقرب إلى الله تعالى، وليعلم أنه هَدي. =
ورُوي عن عمر بن عبد العزيز أن الإِشعار مستحبٌّ، ويجيء زمان يجعله الناس نَكالا، وهو بالإِفراط فيه. وأخرج الترمذي عن وكيع حين روى حديث ابن عباس في الإِشعار، قال: لا تنظروا إلى قولِ أهل الرأي في هذا، فإِن الإِشعارَ سنةٌ، وقولَهم: بدعةٌ. وحمَلَه القاصرون على أنَّ وكيعًا لم يكن في بردِ صدرٍ من الإِمام الهُمَام. قلتُ: وليس كذلك، فإِن قوله لا يُبنى على مخالفته أصلا، بل من سجيةِ النقي التُّقى، أنه إذا عَرَضَ عليه شيء مما خالف الحديث، يأخذه غضبٌ وسخطٌ في الله، من غير نظر إلى القائل، وهذا الذي اعتراه ههنا، لا أنه تعصُّبٌ، كيف وأنه كان يفتي بمذهب أبي حنيفة، كما في «كتاب الضُّعفاء» لأبي الفتح الأَزدي، و «التهذيب» في ترجمته.
قوله: (وقلد بذي الحليفة)
…
إلخ، يدل على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أحرمَ من ذي الحُلَيفة، وهذا في الحُدَيْبِيَة، كما في الحديث. فدلَّ على تعينِ المواقيت قبلها، وأنكرها الشافعية ليفيدهم في نكاح المحرم، كما سيجيء تفصيله.
= وقد صادفت بعض علماء الحديث تشدد في النكير على من يأباه، حتى أفضتْ به مقالته إلى الطعن فيه، والادِّعاء بأنه عاندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في قَبُول سُنَنه، ويغفر الله لهذا الفرح بما عنده، أو لم يدر أنَّ سبيل المجتهد غير سبيل الناقل، وأن ليس للمجتهد أن يتسارَع إلى قَبُول النقل، والعمل به إلا بعد السَّبكِ والإِتقان، وتصفُّحِ العلل والأسباب.
وأقصى ما يرى به المجتهد في قضيةٍ يوجدُ فيها حديث فخالفه أن يقال: لم يبلغه الحديث. أو بلغه من طريق لم ير قَبُوله، مع أَّنَّ الطاعن لو قُيِّضَ له دو فَهمِ، فألقى إليه القولَ من مَعدِنه. وفي نصابه، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم جميع هداياه إما ست وثلاثون، أو سبع وثلاثون بَدَنة، والإِشعار لم يُذكر إلا في واحدةٍ منا، أفلا يحتمِلُ أن يتأملَ المجتهدُ في فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيرى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إنما أقام الإِشعار في واحدة، ثم تركه في البقية، حيث رأى التركَ أولى، لا سيما والتركُ آخر الأمرين، أو اكتفى عن الإِشعار بالتقليد، لأنه يسُدُّ مسدُّه في المعنى المطلوب منه. والإِشعارُ يُجهد البَدَنة، وفيه ما لا يخفى من أذية الحيوان، وقد نَهى عن ذلك قولًا. ثم استغنى عنه بالتقليد.
ولعله مع هذه الاحتمالات رأى القولَ بذلك، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حج، وقد حضرَه الجمُّ الغفير، ولم يرو حديثَ الإِشعار إلا شِرذِمة قليلون. رواه ابن عباس، ولفظ حديثه على ما ذكرناه رواه المِسوَر بن مَخرَمة، وفي حديثه ذكرَ الإِشعارَ من غير تعرضِ للصبغة، ثم إن المِسوَر، وإن لم يُنكر فضلُه وفقهه، فإنَّه ولد بعد الهجرة بسنين. وروته عائشة، وحديثها ذلك أورده المؤلف في هذا الباب، ولفظ حديثها:"فتلتُ قلائد بُدن النبي صلى الله عليه وسلم بيَدَي. ثم قَلَّدها وأشعَرَها وأهداها، فما حَرُمَ عليه شيء كان أُحل له"، ولم يتعلق هذا الحديث بحجة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان ذلك عام حَجَّ أبو بكر، والمشركون يومئذٍ كانوا يحَضُرون الموسم، ثم نُهوا. وروى عن ابن عمر أنه أشعر الهدي، ولم يرفعه، فنظر المجتهد إلى تلك العلل والأسباب، ورأى على كراهة الإِشعار جمعًا من التابعين، فذهب إلى ما ذهب. لسارع في العذر قبل مسارعتِه في اللوم وإلا أسمع نفسه:
ليس بعشك فادرجي
والله يغفر لنا ولهم، ويجيرنا من الهوى، فإنه شريك العمى. انتهى مختصرًا.
قلت: ونظيرُه ما وقع للصحابة في نزول الأبطح، فإنَّه ثابت قطعًا، ومع ذلك لم يره بعضهم من المناسك، وقالوا: إنه كان لأنه كان أسمح لخروجه، واستحبَّه بعضهم، وكذا القصر بمنى. ذهب الجمهور أنه كان لأجل السفر، واختار مالك أنه من النُّسك، وهكذا فليُقَس في الإِشعار.