الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» . طرفه 3195 - تحفة 17740 - 171/ 3
2454 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِخُرَاسَانَ فِى كِتَابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَمْلَاهُ عَلَيْهِمْ بِالْبَصْرَةِ. طرفه 3196 - تحفة 7029
قوله: (طُوَقَه مِنْ سَبْعِ أَرَضِين) فيطوّق بِقَدْر ما غصبه من ذلك الأَرض، ويطوّق من الستَّةِ الباقية مِثْل ذلك أيضًا. وفيه دليلٌ على أن الأَصْل هو هذه الأَرْضُ، والباقيةَ تابعةٌ لها.
14 - باب إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لآخَرَ شَيْئًا جَازَ
2455 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِى بَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَصَابَنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إِلَاّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. أطرافه 2489، 2490، 5446 - تحفة 6667
2456 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ كَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ اصْنَعْ لِى طَعَامَ خَمْسَةٍ لَعَلِّى أَدْعُو النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ. وَأَبْصَرَ فِى وَجْهِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ - فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ هَذَا قَدِ اتَّبَعَنَا أَتَأْذَنُ لَهُ» . قَالَ نَعَمْ. أطرافه 2081، 5434، 5461 - تحفة 9990
15 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204]
2457
- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ» . طرفاه 4523، 7188 - تحفة 16248
تحقيق في طبقات الأرض
واعلم أَنَّ السموات سَبْعٌ كما قد صَدَع به القرآنُ في غير واحدةٍ من الآيات؛ أما كون
الأرض أيضًا سبعًا، فلم يُومِ إليه القرآن إلا في سروة الطلاق. فقال {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}
(1)
[الطلاق: 12] وفيه أيضًا إبهامٌ شديد؛ فإِنَّ المِثْلية مبهمةٌ لا ندري ماذا أُريد منها؟ فيمكنُ أن يكون المرادُ المِثْلية في العدد، ويمكنُ أن تكونَ الأرضُ واحدةً
(2)
، ثم تكون لها طبقاتٌ تُسمَّى كلُّ طبقةٍ منها أرضًا؛ ألا ترى أنَّه لم يَقُل: ومَنْ الأَرضين مِثْلهن، بل قال:{وَمِنَ الْأَرْضِ} فأَبْهم غايةَ الإِبهام؛ نعم ما في البخاري: طوِّقَه من سَبْع أَرْضين، صريح فيه؛ وأَصْرحُ منه ما عند الحاكم في «مستدرَكه» ، والبيهقي في كتاب «الأسماء والصفات» ، وصحَّحه عن ابن عباس
(3)
، وفيه أنَّ الله تعالى خَلَق سَبْعَ أَرَضين، في كلِّ أرضٍ آدمُ كآدمنا، ونوحٌ كنوحِنا، إلى أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أي محمدٌ كمحمدنا، اهـ بالمعنى.
قلت: وهذا الأَثَرُ شاذٌ بالمرّة، والذي يجب علينا الايمانُ به هو ما ثبت عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم فإِن ثبت قَطْعًا أَكْفرنا مِنْكرَه، وإلا نَحْكُم عليه بالابتداع؛ وأما غيرُ ذلك مما لم يَثْبت عنه صلى الله عليه وسلم فلا يلزمُنا تَسْلِيمُه والإِيمانُ به، والذي أَظُنُه أنَّ هذا الأَثَرَ مُركَّب من إبهام القرآن وتَصْريحِ الحديث، فقال القرآن:{مِثْلَهُنَّ} وصرَّح الحديثُ بكونها سبعًا، فتركَّب منه التفصيلُ المذكورُ في الحديث.
والظاهر أنه ليس بمرفوعٍ، وإذا ظَهَر عندنا مَنْشَؤه، فلا ينبغي للإِنسان أن يُعَجِّز نَفْسَه في شَرْحه، مع كونه شاذًّا بالمرَّة. وقد ألَّف مولانا النانوتَويُّ رسالة مستقلة في شَرْح الأَثَر المذكور، سماها «تحذير الناس عن إنكار أَثَرِ ابن عباس» وحقق فيها أَنَّ خاتميتَهُصلى الله عليه وسلّم لا يخالف أن يكون خاتَمٌ آخرُ في أَرْضٍ أُخْرى، كما هو مذكورٌ في أَثَرِ ابن عباس
(4)
. ويلوح من كلامِ مولانا النَّانُوتُويّ أن يكون لكلِّ أَرْض سماءٌ أيضًا، كما هو لأَرْضِنا، والذي يَظْهُر مِن القرآن كونُ السمواتِ السَّبْعِ كلِّها لتلك الأَرِيضَة، لأَن السَّبع موزعةٌ على الأَرضِين كذلك.
(1)
قال الداودي: في قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} دلالةٌ على أن الأرَضين بَعْضها فوق بعضٍ مِثْل السموات.
ونقل عن بعض المتكلمين أن المِثْلية في العدد خاصة، وحكى ابنُ التِّين عن بَعْضِهم أن الأرض واحدةٌ، قال: وهو مردودٌ بالقرآنِ والسُّنة. ثم أخرج الحافِظ عن أحمدَ، والترمذي من حديثِ أبي هريرة مرفوعًا:"إن بين كلِّ سماءٍ وسماء خَمْسَمائة عام، وأن سمك كلِّ سماءٍ كذلك، وأنَّ بين كلِّ أرْضٍ وأرضٍ خمس مائة عام" اهـ "فتح الباري" من بدء الخلق".
(2)
واستدل الداودي -من التطويق- على أن السَّبْع الأرَضين بعضها على بعض، لم يفتق بَعْضُها من بعض، قال: لأنه لو فتقت لم يطوق منها ما ينتفع به غيره، وقيل: بين كل أرض وأرض خمسمائة عام. اهـ.
(3)
أخرجه الحافِظ في "الفتح" من كتاب "بدء الخلق" وأخرج عن ابن عباس، قال:"لو حَدَّثْتُكم بتفسير هذه الآيةِ لكَفَرْتُم، وتكفيركم تكذيبكم بها"، وزاد من وجه آخر: وهنَّ مكتوباتٌ بَعْضُهنَّ على بَعْض".
(4)
قلت: ولقد كان الشيخُ النانوتوي تتفجَّر من صدرِه أنهارُ العلومِ اللَّدُنيِّة، ْ فأتى فيها ما تعجز عن إدراكه العقولُ، ويتحيَّر منه الفُحول، ولا يمكن لنا أن نلخصها، فعليك بأصلها، فإِنَّ فيها أبوابًا من العلوم: وحينئذٍ تَعْرف أن العِلْم بحرٌ لا ساحل له، وكم ترك الأولُ للآخِر؛ ولو أمكن لنا تلخيصُ كلامِه للخَّصْناه، لأنه لا بد علينا من توضيح كلام الشيخ، ولكنا رأينا أنفسَنا جاثيةً على رُكِبها، خارةً على وجهها، دون تخليصها، فلسنا نقدر؛ فإِن شئت فراجعها أنت، والله ناصرُك.
والحاصل أنا إذا وجدنا الأثَر المذكور شاذًّا، لا يتعلُق به أمرٌ من صلاتنا وصيامنا، ولا يتوقف عليه شيءٌ من إيماننا، رأينا أن نترك شَرْحَه
(1)
؛ وإن كان لا بدَّ لك أن تَقْتحم فيما ليس لك به علم، فقلْ على طريق أرباب الحقائق: إنَّ سَبْعَ أَرْضين لعلها عبارةٌ عن سَبْعةِ عوالم؛ وقد صحَّ منها ثلاثةٌ؛ عالم الأجسام؛ وعالم المثال؛ وعالم الأرواح، أما عالم الذِّر، وعالم النَّسمة، فقد ورد به الحديثُ أيضًا، لكنا لا ندري هل هو عالمٌ برأسه أم لا؟ فهذه خمسةُ عوالم، وأخرج
(2)
نحوها اثنين أيضًا. فالشيءُ الواحِد لا يمرّ من هذه العالم إلا ويأخذ أحكامه؛ وقد ثبت عند الشَّرْع وجوداتٌ للشيء قبل وجوده في هذا العالم؛ وحينئذٍ يمكن لك أن تَلْتزم كونَ النبيِّ الواحد في عوالم مختلفةٍ بدون محذور. وسنعود إلى تفصيلِ النَّسمة أيضًا، وقد ذكرناه من قبل أيضًا.
والتُّوربِشْتي الحنفي لما مرَّ على أحاديثِ النَّسمة لم يفسره بالروح، بل وَضَع هذا اللفظَ بعينه، ففهمت منه أنه شيءٌ يُغاير الروح عنده، ولذا لا يضعُ لعفْظ الروحَ مكانه، ولا يترك هذا اللفظ، فكأَنَّه حقيقةٌ أخرى؛ فيُخْشى أن لا تتبدل تلك الحقيقةُ بِتَرْك لفظه. وقد مرَّ عليه الشاه وليُّ الله في «الطاف القُدْس» ، وقال: إنَّ النَّسمة جِسمٌ هوائي سارٍ في بدن الإِنسان، محفوظٌ من التلاشي، وقال: إنه يبقى كذلك بعد الموتِ أيضًا، والله تعالى أعلم.
أما شَرْحُ حديث البخاري، فيمكنُ أن تكونَ الأَرَضُون فيه سَبْعًا، كالسَّموات، ويمكن أن تكون سَبْع طبقاتٍ، كلّ طبقة منها سُميت أرضًا، وقد ثبت اليوم عند ماهِري عِلْم الطبقات أن لها طبقاتٍ. فذكروا أنَّ هذه الأَريضة إلى ستةٍ وثلاثينَ ميلا فقط، وبعدها غاز. ونعوذُ بالله أَنْ نَفْقُوا ما ليس لنا به عِلْم. وأما مَنْ أراد به الأقاليمَ السَّبْعةَ فباطِلٌ قَطْعًا. وأجاب عنه بَعْضُهم أنه يمكنُ أن يكون المرادُ منه السَّبْعَ السياراتِ، وقد شاهدوا اليوم فيها جبالا، وبحارًا، وقناطر، وأُناسًا، وهم بصدد المكالمة معهم، وقالوا: إنَّ هذه الأرضَ في نظر سُكانِ القمر، كالقمر في نظر سُكَّان الأَرْض؛ وحينئذٍ يستقيمُ عددُ السَّبع، بل يزيدُ عليه على تحقيقهم، ولا بأس فإِنَّ الشَّرْع لم يَنْف ما فوقه
(3)
.
(1)
وقد تعرض إليه في "آكام المرجان" شيئًا، قال بعد نَقْل الحديث المذكور: قال شيخُنا الذهبيُّ: هذا حديث على شَرْط البخاري، ومسلم رجاله أئمة، اهـ "آكام المرجان".
(2)
ومن ههنا ظهر أن الشيخَ لم يجزم إلا بوجودِ العوالم التي ورد بها السمع: نعم قد جزم بتعدُّد الوجوداتِ لشيءٍ واحد، فإِنه أيضًا ثَبَت من الأحاديث، كما مرَّت شواهِدهُ في غيرِ واحدٍ من المواضع من هذا التقرير. أما كونُ تلك العوالِم سَبْعة، فإِنما هو اعتبارٌ منه على نحو اعتبار أرباب الحقائق، تمشيةً للمقام؛ فلذا فَوَّضه إلى الناظر، وهذا هو الحق، فإِن عددَ العوالم مما لا يدخلُ فيه القياس، فلا بدَّ له مِن دليل من جهةِ الشَّرْع ليجزم به، ومَنْ لا يمعن النَّظَر في مثل هذه المواضع يأخذ، ويعترض، وينكر، فافهم، وقد مرَّ في "باب العلم والعظة من كتاب العلم".
(3)
قلت: والشيخُ لم يُرِد به التطبيقَ بين الشريعة، وما عندهم مِن مشاهداتهم، كيف! وأنَّهم يثبتون شيئًا اليوم، ثم ينكرونه غدًا؛ فهل يتبدَّل من ذلك إخبار الشَّرْع أيضًا؟ كلا، لا تبديلَ لكلمات الله، إنما أراد بذلك أنه ليس لإِنكار ما ثبت عند الشرع وَجْهٌ، فإِنَّه إذا ثبت نَحْوُه عندهم أيضًا: فلو ساغ لهم تَسْلِيمُه بعد مشاهدةِ أعْينَهم لساغ لنا أن نؤمن بما شاهدته أعينُ الرسل، أو أخبر به خالق السمواتِ والأَرْضين؛ نعم لو حَصَل التطبيقُ فلا بأس أيضًا، فإِنه يكونُ تشييدًا لمشاهدتِهم من جهة الشرع، لا أنه تَحْصُل قوةٌ في إخبار الشَّرْع، من بعد مشاهدتهم، والعياذ بالله، ومَنْ أَصدقُ مِن الله حديثًا؟!