الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب خُرُوجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ
1533 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّى فِى مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى، وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ. أطرافه 484، 1532، 1799 - تحفة 7801، 7803 - 167/ 2
واعلم أنَّ الشجرةَ صارت اسمًا بالغلبةِ لذي الحُلَيْفة. ويقال لها الآن: بئر على. وهذا غير علي بن أبي طالب. ولفظ الراوي يُشعرُ بالتغاير بين الشجرة، وذي الحُليفة. ثم المُعَرَّسُ موضعٌ قريب منها، ولكن لا تتميزان لاندِراس الرسوم والمعالم. والذي يُظن أن أولها ذو الحُلَيْفة، ثم المُعَرَّس، ثم العقيق - وادي -. وتلك المواضعُ كلها متقاربةٌ، كما ذكره السَّمْهُودي في «الوفا» .
ثم اعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة يوم السبت بعد الظهر
(1)
، لخمسٍ بَقَيْنَ من ذي القعدة، وكان الشهر تِسعًا وعشرين، ودخلَ مكةَ يوم الأحد، لأربع ليالٍ خَلَونَ من ذي الحجة، فتلك تسعة أيام. وبعد حذفِ يومي الدخولِ والخروج، تبقى سبعة أيام، لسفره صلى الله عليه وسلم.
16 - باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: «الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ»
1534 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِىُّ قَالَا حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِى الْعَقِيقِ يَقُولُ «أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّى فَقَالَ صَلِّ فِى هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِى حَجَّةٍ» . طرفاه 2337، 7343 - تحفة 10513
(1)
قال الحافظ في شرح حديث ابن عباس من باب ما يَلبَس المحرم من الثياب والأردية الأزر، الآتي بعد عدة أبواب.
قوله: "وذلك لخمسٍ بَقَينَ من ذي القعدة، فقدِمَ مكةَ لأربع ليالٍ خَلَوْنَ من ذي الحجَّة"، أخرج مسلم مثله من حديث عائشة رضي الله عنها. احتج به ابن حَزم في "كتاب حَجَّة الوداع" له على أن خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة كان يوم الخميس، قال: لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس بلا شك، لأن الوَقفةَ كانت يوم الجمعة، بلا خلاف، وظاهر قول ابن عباس: لخمس، يقتضي أن يكون خروجه من المدينة يوم الجمعة، بناءً على ترك عدِّ يوم الخروج. وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعًا، كما سيأتي قريبًا من حديث أنس، فتبيَّنَ أنه لم يكن يومُ الجمعة، فتعيَّن أنه يوم الخميس. وتعقَّبهُ ابن القيم بأن المتعيَّنَ أن يكونَ يومُ السبت، بناءً على عدِّ يوم الخروج، أو على ترك عده، ويكون ذو القعدة تسعًا وعشرين يومًا. اهـ.
ويؤيده ما رواه ابن سعد، والحاكم في "الإِكليل": أن خروجَه صلى الله عليه وسلم من المدينة كان يوم السبت، لخمس بَقَيْنَ من ذي القعدة. وفيه ردٌ على منعِ إطلاق القول في التاريخ، لئلا يكون الشهر ناقصًا، فلا يصح الكلام، فيقول مثلًا:"خمس إن بقين، بزيادة أداةَ الشرط. وحجةُ المُجيز أن الإطلاقَ يكون على الغالبِ، ومقتضى قوله: إنه دخل مكة لأربع خلون من ذي الحجة، أن يكون دخلها صُبْحُ يوم الأحد، وبه صرح الواقدي. اهـ: ص 262 - ج 3 "فتح الباري".
1535 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رُئِىَ وَهُوَ فِى مُعَرَّسٍ بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى قِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ، يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِبَطْنِ الْوَادِى، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه 483، 2336، 7345 - تحفة 7025
1534 -
(وقل: عمرة في حَجّة)، وهذا نصٌ للحنفية أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان قارنًا من أول إحرامه، فإنَّ وادي العقيق عند ذي الحليفة، وهي ميقات أهل المدينة.
وبالجملة قد ثبت قِرَانُه صلى الله عليه وسلم ثبوتًا لا مردَّ له، وإنما اختلف الصحابة في نقل حجه صلى الله عليه وسلم
(1)
،
(1)
قلت: وقد ذكر القوم في سر اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في إحرام النبي صلى الله عليه وسلم وجوهًا، نذكر منها ثلاثة:
أحراها عندي ما ذكره الشاه ولي الله قُدِّس سِرُّه، قال الشيخ ولي الله المحدث الدِّهلوي في "المسوى شرح الموطأ": التحقيق في هذه المسألة أنَّ الصحابة لم يختلفوا في حكاية ما شاهدوه من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، من أنه أحرم من ذي الحليفة، وطاف أولَ ما قَدِم، وسعى بين الصفا والمروة، ثم خرج يومَ التروية إلى مِنَىً، ثم وقف بعرفات، ثم بات بمزدلفة، ووقف بالمشعر الحرام، ثم رجع إلى منى، ورمى، ونحر، وحلق، ثم طاف طواف الزّيارة، ثم رمى الجمار في الأيام الثلاثة، وإنما اختلفوا في التعبير عما فعل باجتهادِهم وآرائهم. فقال بعضهم: كان ذلك حَجًا مفردًا، وكان الطوافُ الأول للعمرة، كأنهم سَمَّوا طوافَ القدومِ والسعيَ بعده عمرةً، وإن كان للحج. وقال بعضهم: كان ذلك قِرَانًا، والقِرَانُ لا يحتاجُ إلى طَوَافين وسعيين، وهذا الاختلاف في الاجتهاديات، أما إنَّه سعى تارةً أخرى، بعد طواف الزيارة، فإنَّه لم يثبت في الروايات المشهورة، بل ثبت عن جابرٍ أنه لم يَسْع بعده. انتهى.
والثاني: ما ذكره ابن العربي في الجزء الرابع من شرحه، المسمى بـ:"العارضة" قال: وأكثر مَنْ روى الإفراد في الإِحرام، يرجعُ حديثُه في آخر الأمر إلى أنه كان قارنًا، أو متمتعًا. ودارت الروايات على عَشَرة من أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: عمر، وابن عمر، وعلي، وعائشة، وحفصة، وأنس، وجابر، وابن عباس، وأبو موسى، وأسماء. وقد رُوي أيضًا في "الصحيح" عن عمر. وفي الأحاديث اختلافٌ عظيم في "الصحيح" لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، جَعَلنا الله منهم برحمته. قال الطبري: جملة الحال أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن مُحِلًا، لأنه قال:"لو استقبلت من أمري ما استَدبرتُ ما سُقتُ الهدى، ولا جعلتها عمرة"، ولو كان مفردًا كان معه واجبًا، كما قال (*) وذلك لا يكون إلا للقارن، ولأن الروايات الصحيحة قد تكاثرت، فإن لبى بهما جميعًا، فكان من زاد أولى.
ووجه الاختلاف أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما عقد الإِحرام، جعل يُلبي تارةً بالحج، وتارةً بالعمرة، وتارةً بهما جميعًا، لعله أن يَبينُ له واحدةً منهما، وهو في ذلك كله يقصدُ الحج ويطلب كيفية العمل، حتى نزل عليه جبريل في وادي العقيق، وقال له: قل: عمرة في حجة؛ فانكشف الغطاء، وتبين المطلوب: ص 36، و 37 - ج 4.
قلت: جواب القاضي أيضًا لطيفٌ، فإنَّه جعله من باب قوله تعالى:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] فكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يترقَّبُ ويتحرى في أمر حجه أن يُعينَ له إحرامًا من قبل الوحي. حتى قيل له: قل: حجة في عمرة، فحينئذ قرن به، على ما هو نظر الحنفية، كثرهم الله تعالى. كما أنه انتظرَ أن تحوَّلَ قِبلتُه إلى البيت، فنزل الوحي به "التنبيه". قوله:"ولا جعلتها عمرة" هكذا وجدناه في الأصل، ولكن الصواب "لجعلتها عمرة"، وفي عبارته بعض سهو من الناسخ بعد. =