الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
72 - باب الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ
1343 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» . فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ وَقَالَ «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِى دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. أطرافه 1345، 1346، 1347، 1348، 1353، 4079 - تحفة 2382
1344 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِى الآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» . أطرافه 3596، 4042، 4085، 6426، 6590 - تحفة 9956 - 115/ 2
قال الشافعي رحمه الله تعالى: لا يُصلَّي على الشهيدِ. وفي عباراتِ بعضهم أنها حرامٌ.
قلت: وما أشبه هذا التشديد بما في حواشي «مختصر خليل» أنَّ قضاءَ السُّنة حرام مع أن في كتبِ المالكيةُ: عامةً نَفْي القضاء فقط. وقال المالكيةُ: إن المسلمينَ إن نهضوا إليهم واستُشْهِدوا لا يصلَّى عليهم، وإن نهضَ الكفارُ إلينا يصلَّى عليهم. فكأنَّهم قَسَموا على الأَحوال، وفهموا أن في معنى شهداء أُحُدهم الذين هجم عليهم الكفّارُ، وبه يتمُّ أَثَرُ الظُّلْم. بخلاف ما إذا هجمنا عليهم فإِنَّه يخِفُّ به أَثَرُ الظُّلْم ولا يكون في معنى شهداء أُحُد، فإِنَّ الكفار فيه كانوا هجموا علينا. وقال أحمد رحمه الله تعالى: إِنَّها مستحَبةٌ، وإن ترَكَها جاز، وهي واجبةٌ عندنا على كلِّ حالٍ بقي المصنِّف رحمه الله تعالى فلم يُفْصِح بشيءٍ، وأحال الفَصْل إلى الناظرين.
1343 -
قوله: (يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَين مِن قَتْلَى أُحُد في ثوبٍ واحدٍ) ولا يجوز الجَمْعُ بين الاثنين إلا بالفَصْل بينهما بنحو إِذْخِر أو غيره. وعليه حَمَله عامّةُ الناس
(1)
. وما ألطف شَرْحَ الحافظ ابنِ تيميةَ رحمه الله إن معنى الجمع في ثوب شَقُّه لهما، ليُلَفَّ واحِدٌ في نِصْفِه، والآخَر
(1)
وقال ابن العربي في "العارضة": فيه دليل على أن التكليفَ قد ارتفع بالموتِ، وإلا فلا يجوزُ أَن يُلْصقَ الرَّجُل بالآخَر إِلَّا لضرورة، أو عند انقطاع التكليفِ بالموت. اهـ. قلت: وليتَ شعْري ما حَمَله على التَّوْجِيه المذكور، مع أن مِن سُنة الشُّهداءِ الدَّفنَ في ثيابهم ودمائهم فلا يلزم أن يكونوا عريانًا فثيابُهم تكفي للفَصْل والله تعالى أعلم بالصواب، إلا أن يُقال إِنَّ الفصل بالثوب لا يكفي، كمكامعة الرجلين في ثوبِ واحدٍ، وإن كان عليهما ثِيابُهما في المضاجع إِذا عَرَفوا ما يعرِفُه الرِّجال.
في نِصْفِه الآخَر. وهذا معنى الجَمْع بين الاثنين في ثَوْبٍ، وهو واسِعٌ باعتبار العربية.
قوله: (أَكْثَرُوا أَخذًا للقرآنِ؟) والنَّظَرُ دائرٌ في أَنَّ تقديمه للتعظيم فقط، أو لكونِه أَوْلى بالإِمامة كما في قوله:«يَؤم القومَ أقرؤهم» ، وللنظر فيه مجالٌ وسيع.
قوله: (ولَم يُصَلَّ عَلَيْهم) وهو دليلٌ للشافعيِّ رحمه الله تعالى أَو لأَحْمدَ رحمه الله تعالى. وقال المحدِّثون: إنَّ مذهبَ أحمدَ أقربُ إلى الحديث. فالحديث واردٌ علينا. ولنا في جوابه سبيلان. الأول ما سَلَكه الطَّحاوي رحمه الله تعالى، ثُم تَبِعه الزَّيْلَعي، ثم تَبِعه ابن الهُمام. والآخَرُ ما اختاره العَيْني رحمه الله تعالى. والأَرْجح عندي ما قاله الزيلعي رحمه الله تعالى.
وحاصل ما ذهب إليه العَيْنيُّ رحمه اللَّهُ تعالى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ عليهم إذ ذاك، ثُم صلَّى عليهم قُبيلَ وفاتِه كما تَشْهَدُ به الرواية التالية. وفيها: فصلَّى على أَهْلِ أَحُد صلاتَه على الميتِ». وفَهِم الشيخُ العَينيُّ رحمه الله تعالى أنه بهذا الصنيعِ يفوزُ باستدلال من حديثِ البخاري، وأنت تَعْلم أنَّ علماءَ المذاهب كلَّهم يتفاخرون بموافقةِ حديث البخاري إيَّاهم لكونِه أصحَّ عندهم. وأَوَّله النوويُّ رحمه الله تعالى وقال: إنَّ المرادَ مِن الصلاة هو الدعاءُ. وردَّ عليه الشيخُ رحمه الله تعالى وقال: إنه ليس بتأويلٍ بل تحريفٌ. فإِنَّ المفعولَ المطلقَ للتشبيه، فقوله:«صلاته على الميت» صريحٌ في أنه صلَّى عليهم كما يُصَلَّى على الجنائز.
أقول: والصوابُ كما قاله النوويُّ رحمه الله تعالى. فإِنَّي تَتَبَّعْتُ الرواياتِ فتبيَّن أَنَّ صلاتَه تلك كانت في السَّنة التي مات فيها وكانت في المَسْجد النبويِّ، وإليه يشيرُ لَفْظ البِخاريُّ؛ ثم انصرفَ إلى المِنْبر»، وأين كان المِنْبر في أُحُد. فَخُرُوجُه صلى الله عليه وسلم في تلك الواقعةِ إنَّما هو في المَسْجِد لا إلى أُحُد. وإنما أراد بذلك أن يَدْعُو لهم قُبيلَ خروجِه من الدنيا أيضًا لمزيدِ فَضْلهم. وحينئذٍ ظهر ما عند أبي داود أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على قَتْلَى أُحُد بعد ثماني سنينَ، كالموَدِّع للأَحياء والأمواتِ. انتهى. فإِنَّه بعد تلك السَّنةِ لم يبق في الدنيا إلا قليلا، فأَرادَ أن يُوَدِّعَ الأمواتَ أيضًا كما ودَّعَ الأحياءَ فدعا لهم. وسها مَنْ زَعَم أن خُروجَه كان إلى أُحُد، فإِنَّه على ثلاثة أميالٍ من المدينةِ. ولكنَّ البخاريَّ لما بوَّب على هذا الحديثِ بالصلاةِ على الشهيد، صاغ للعينيِّ أن يَحْمِله على الصلاة المعهودة.
ومُحَصَّلُ مختارِ الزيلعي: أن النفيَ محمولٌ على نَفْي الصلاة مُنفرِدًا، ولكنه كان يصلِّي على العشرةِ والعشرةِ وحمزةُ رضي اللَّهُ معهم
(1)
. ويشهد له ما أخرجه الطحاويُّ عن أبي مالك
(1)
وفي قصةِ حمزةَ رضي الله عنه: "لولا أن تجدَ صفيةُ لتركته حتى تأكلَه العافيةُ فيحْشَرُ من بطونِها". ومن العجائب ما ذكر فيه ابنُ العربي فقال: فيه دليلٌ على أن الأفضل للشهيدِ عدمُ الدفن ولكن يُحتملُ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَنهم إما سترًا لهم لأنهم كانوا في عمارة أو قريب منها، وإما لئَلا يتمكنَ الأَعداء منهم، وإما لئلا يجدَ الأولياء الحزن العظيم في أنفسهم، فأراد أن يغيب آثارَهم "العارضة". قلت: وفيه من التكليف ما لا يَخْفَى، بل الأمرُ كما حققه إن شاء الله تعالى: أنه لو فَعَله لكان خاصَّة له ولم يكن تشريعًا أصلًا، وكان من بابِ محْرم مات في إحرامه.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تخمِّرُوا رأسَة فإنه يُبْعث يومَ القيامةِ يُلَبي"، فإنه أيضًا بِشارة في حَقه خاصَّة له، وليس =