الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن حديث معاوية هذا لما نُقل عند ابن عباس، قال: لا أراه إلا حجةً عليه، فإِنه إذا رَوى أنه قصَّر النبي صلى الله عليه وسلم على المروة ثَبَتَ أنَّه كان متمتعًا، فَلَم ينه عن التمتع.
ثم هناك قطعة أخرى عند مسلم، أشكل شرحها على الشارحين، وهي أنَّ سعدَ بن وقاص كان يرى التمتعَ جائزًا، فقيل له: إن معاوية ينهى عنه، فقال سعد: «قد فعلناه مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان هذا الرجل - معاوية - كافرًا يومئذ في عريش مكة. ولا يصحُّ أنْ تكون هذه إشارة إل قِصة حجة الوداع، فإنَّه أسلم قبل ذلك بسنتين. وكذا ليست قبلها واقعةٌ يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلم تمتع فيها، فأي قِصة هي؟.
قلتُ: المراد منه قِصة الحُدَيْبِيَة، وإنما عبَّر عنها بالتمتعِ بجامع الحِل قبل الأوان بينهما، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حل في الحديبية قبل أوانه، وكذا المتمتع يحل قبل أوان الحج، ولذا كان الناسُ يتأخرون عن الحِل حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم به. فحاصل مقالةِ سعدٍ أنَّ معاوية إنما ينهى عن التمتع، لأنه يوجِبُ الحِلَّ قبل أوانه، مع أنا قد حللنا في الحُدَيْبِيَة مع الني صلى الله عليه وسلم قبل أوانه.
والجوابُ عندي عن أصلِ الإِشكال أنَّه يمكنُ أنْ تكونَ هذه قِصة قبل الهجرة. وفي السير أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يحج قبل الهجرة، ثم تتبَّعْتُ عُمْرَ معاوية يومئذ، فظهر أنه كان ابن ستة عشر، أو اثنين وعشرين، وهذا صالح للقصر، وحينئذ لا حاجة إلى إعلال رواية النسائي، نعم يرد عليه، أنه لا يتم حينئذٍ ردّ ابن عباس عليه، فإنه لما جعل قصرَه على المروة حجةً عليه في منعِهِ عن التمتع، عُلِمَ أنه حَمَلَه على القصر في عمرة. هذا ما قصدنا إلقاءَه عليك بالاقتصار. والكلام فيه أطول من هذا، ذكره الحافظ في «الفتح» ، فراجعه إن شئت.
129 - باب تَقْصِيرِ الْمُتَمَتِّعِ بَعْدَ الْعُمْرَةِ
1731 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّوا، وَيَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا. طرفاه 1545، 1625 - تحفة 6368
130 - باب الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ
وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - أَخَّرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الزِّيَارَةَ إِلَى اللَّيْلِ. تحفة 6452، 17594 وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِى حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ أَيَّامَ مِنًى. تحفة 6461
1732 -
وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقِيلُ ثُمَّ يَأْتِى مِنًى - يَعْنِى يَوْمَ النَّحْرِ -. وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. تحفة 7899، 8026
1733 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ حَجَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ. قَالَ «حَابِسَتُنَا هِىَ» . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ «اخْرُجُوا» . وَيُذْكَرُ عَنِ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ وَالأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 17733، 17521، 15927 ل، 15946 ل، 15984 ل
واختلفت الروايات في طوافه صلى الله عليه وسلم يوم النحر، ولا سبيل في بعضها إلا إلى الترجيح، والأظهرُ أنَّه طافَه بعد الظهر، فأدَّاه بعضهم أنه أخره إلى الليل، كما عند الترمذي. ومن مارَس توسُّعات الرواةِ في التعبيراتِ لا يَستبْعِدُ منهم ذلك.
قوله: (كان يزور البيت أيام منى)، وهذا طوافه للنفل بعد يوم النحر. إما أنه طاف بين القدوم والإِفاضة أم لا؟ فنفاه البخاري، وأثبته البيهقي.
قوله: (وقال لنا) يعني أنه سمعه منه بلا واسطة، إلا أنه تأوَّل لضعفِ عنده.
قوله: (طوافًا واحدًا)، وأراد به ههنا طوافَ الإِفاضة، وهو الطّوافُ الثاني، فاختلف الرواة في مِصْدَاق هذا اللفظ عن ابن عمر، فجعل بعضهم مِصْدَاقه الطواف الأول، أي القدوم، وبعضهم طوافُ الزيارة. وحينئذٍ لم تبق فيه حجة للشافعية، فإنَّ الطوافَ الواحدَ عن الحج والعمرة هو الزيارة عندهم، ولم يتعين بعد أن أيهما المراد ههنا.
ولنا أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم وإن طافَ لهما طوافين. إلا أنهما لم يكونا متميزين، أيهما عن الحج، وأيهما عن العمرة، لعدم تخلل الحِل بينهما، فعبَّرَ عنه الراوي هكذا، كأنه طاف لهما طوافًا واحدًا، أي لكل واحدٍ منهما طوافًا طوافًا. ولكنه جعل الواحد عن اثنين في العبارة، لعدم تميزهما في الحِسِّ. وبعبارة أخرى إن طوافَه الواحدَ كان عن الحج والعمرة، لعدم التميز، لا لعدم التعدد، فلو شئت اعتبرتَه عن الحج، فعلت، وإن أردتَ جعلتَه عن العمرة، فذاك أيضًا إليك.
والحاصل: أنه طاف لهما دَفْعة واحدة طوافًا. ونُوضح لك مزيد الإِيضاح: أن الذين أهلوا بالعمرة، ثم بالحج، وأحلوا في الوسط، كان طوافُهم للعمرة متميِّزًا عن طوافهم للحج، لتخلُّل الحِل في البين، فصح أن تقول: إن هذا للعمرة، وهذا للحج، ولا يصح أن تقول فيهم: إنهم طافوا لهما طوافًا واحدًا، بخلاف القارنين، فإِنهم أهلوا بالحج والعمرة معًا، ثم يُحِلوا في الوسط حتى طافوا طواف الزيارة، فلم يتميز طوافهم للحج عن طوافِهم للعمرة.
وإذا لم يتميز في الحسّ أحد الطوافين عن الآخر، عبَّر عنه الراوي بالطواف الواحد، فهم فهموا أنه طاف لهما طوافًا واحدًا حقيقة، ونحن فهمنا أنه طاف طوافًا لكلٍ منهما، ولكنه لم يتميَّز في الحِسِّ، فعبر عنه الراوي كذلك. وبعبارة أخرى هم جعلوا الطواف الواحدَ مسألة،