الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَوْمَيْنِ إِلَاّ وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ فِى يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَاّ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِى هَذَا». أطرافه 586، 1188، 1197، 1864، 1992 - تحفة 4279
1994 -
قوله: (جَاءَ رجلٌ إلى ابن عمر)
…
إلخ، وصورة جوابه ذكرها المُحَشِّي.
68 - باب صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
1996 -
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَقَالَ لِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى كَانَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا. تحفة 17328، 19025 ب، 6636 أ
1997، 1998 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهم - قَالَا لَمْ يُرَخَّصْ فِى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَاّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْىَ. تحفة 6863
1999 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. تحفة 6918، 16606، 6802
وهي أيضًا مكروهةٌ عندنا تحريمًا: القَارِنُ، والمُتَمَتِّعُ، وغيرهما سواء. ورُوِيَ عن عائشةَ رخصة في حقِّها، عند الطحاويِّ. ولنا: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن صيام هذه الأيام من غير فصلٍ. ولعلَّ عائشةَ، وابن عمر أخذاه من قوله تعالى:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] إلخ، ولم يَبْلُغْهُمَا النهي. والله تعالى أعلم. وراجع الطحاويَّ.
ثم لا يخفى عليك أنه ما الفرقُ بين الصلاة والصيام، حيث حَمَلُوا النهيَ الواردَ في باب الصلاة على الكراهة في أكثر المواضع، بخلاف الصيام، فإنهم لم يَحْمِلُوه على الكراهة إلا في العيدين وأيام التشريق. فالوجهُ أن كلَّه من مراحل الاجتهاد. ولمَّا لم يَرَوْا النهيَ عن الصيام في تلك الأيام يَبْلُغُ مبلغ الكراهة، واستشعروا في باب الصلاة أن النهيَ عنها في جملة المواضع لمعنى الكراهة، حَمَلُوه في الصيام على معانٍ أخرى، وفي الصلاة على معنى الكراهة.
69 - باب صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
2000 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ «إِنْ شَاءَ صَامَ» . طرفاه 1892، 4501 - تحفة 6782 - 57/ 3
2001 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. أطرافه 1592، 1893، 2002، 3831، 4502، 4504 - تحفة 16470
2002 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. أطرافه 1592، 1893، 2001، 3831، 4502، 4504 - تحفة 17157
2003 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ - رضى الله عنهما - يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» . تحفة 11408
2004 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ «مَا هَذَا» . قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» . فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أطرافه 3397، 3943، 4680، 4737 - تحفة 5528
2005 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِى عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ» . طرفه 3942 - تحفة 9009
2006 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إِلَاّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ. يَعْنِى شَهْرَ رَمَضَانَ. تحفة 5866
2007 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ أَمَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِى النَّاسِ «أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ» . طرفاه 1924، 7265 - تحفة 4538 - 58/ 3
وهو عاشرُ المحرَّم. وما نُسِبَ إلى ابن عباس أنه التاسعُ فليس بشيءٍ، لما رَوَى الترمذيُّ، قال:«أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء، يوم العاشر» ، وإنما أراد أن السُّنة أن يَصُومَ التاسعَ معه، لا أنه عَاشُورَاء، فحسب.
2004 -
قوله في حديث ابن عباس: (قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ)
…
إلخ، وفيه إشكالٌ عويصٌ، وهو أنه يُسْتَفَادُ من التوراة أن موسى عليه السلام إنما نُجِّي في عاشر تشرين الأول، وهو غير عاشر المحرَّم. وأيضًا في «معجم الطبرانيِّ» ، عن زيد بن ثابت:«أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا دَخَلَ المدينةَ، وجد اليهود قد صَامُوا عَاشُورَاء، فسأل عن ذلك اليوم، فقالوا: هذا يومٌ خلَّص الله فيه نبيَّه موسى عليه السلام، فنحن نَصُومُهُ شكرًا، قال: فنحن أحقُّ» ، مع أن الشهرَ الذي دَخَلَ فيه
النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة كان ربيع الأول. فكيف أن يكونَ هذا اليوم يوم عاشوراء؟ وقد أَجَبْتُ عن الإِشكالين في مقالةٍ لي بمجلة «القاسم» مبسوطًا، فلتراجع
(1)
.
رسالةٌ عَذرَاء، في تحقيق يوم عَاشُورَاء
(1)
يقول العبدُ الضعيفُ: وقد كان بعضُ الجَهَلَةِ أوْرَدُوا إيرادات على عَاشُورَاء، فأزاحها الشيخُ في صورة رسالة، وأنا أُعْرِبُها لك لعلَّ اللهَ تعالى يَنْفَعُكَ بها وإياي. قال رحمه الله:
أما بعدُ: فإن هذه عدَّة سطورٍ، وأشتات جمل، لحل بعض إشكالات تتعلَّق بيوم عَاشُورَاء، قَصَدُت منها تحقيق المقام لا غير، والله التوفيق.
فاعلم أن عَاشُورَاء هي عاشر المحرَّم حسب ما اقتضته الأحاديث، وأجمعت عليه الأمةُ المرحومةُ. قال في "عمدة القاري": وهو مذهبُ جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم. اهـ. قال الزَّرقَاني: وقال القاضي، والنووي: الذي تَدُلُّ عليه الأحاديثُ كلها أنه العاشر، وهو مُقتَضَى اللفظ. اهـ.
ورُوِيَ عن الحسن بن عباس عند الترمذي، قال:"أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم يوم عَاشوراء، اليوم العاشر". اهـ.
وقال في "عمدة القاري": ومنها ما رواه البزَّار من حديث عائشة بلفظ: "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بصيام عَاشُورَاء يوم العاشر"، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وحديث "صحيح مسلم" عن الحَكَم بن الأَعْرَج، قال:"انتَهيتُ إلى ابن عباس، وهو متوسِّدٌ رِدَاءَهُ في زَمزَم، فقلتُ: أَخبِرني عن يوم عَاشورَاء، أي يوم أصُومُه؟ قال: إذا رَأَيتَ هلال المُحَرَّم فاعْدُد، ثم أَصْبحْ من اليوم التاسع صائمًا. قلت: أهكذا كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم". اهـ.
قلتُ: الجواب فيه على أسلوب الحكيم، حيث لا خفاء في تعيين عَاشُورَاء، فإنه العاشر قطعًا. نعم كان الأهمُّ عنده بيانَ صوم التاسع أيضًا، فتعرَّض إليه، وهو الأسلوب في قوله:"أهكذا كان يَصُومُه محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم". اهـ. حيث نَزَّلَ فيه تمنِّي النبيِّ صلى الله عليه وسلم بصوم التاسع منزلةَ صومه فيه، وإلَّا فلم يَصُمْهُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قط. ويَدُلُّ عليه سياقُ الطحاويِّ:"قلتُ لابن عباس: أَخبِرْني عن يوم عاشُورَاء، قال: عن أيِّ باله تَسْأَلُ؟ قلتُ: أَسْأَلُ عن صيامه، أيِّ يومٍ أصُومُ؟ قال: إذا أصبحت من تاسعه فأَصْبِحْ صائمًا"
…
الحديث.
قال في "عمدة القاري": فإن قلتَ: هذا الحديث الصحيح يقتضي بظاهره أن عاشورَاء هو التاسع. قلتُ أراد ابن عباس من قوله: فإذا أَصْبَحْتَ من تاسعه فأَصبح صائمًا": أي صُم التاسع مع العاشر. وأراد بقوله: "نعم": ما روى من عزمه على صوم التاسع من قوله: "لأَصُومَنَّ التاسع". وقال القاضي: ولعل ذلك على طريق الجمع مع العاشر، لئلا يتشبَّه باليهود، كما وَرَدَ في روايةٍ أخرى: "فصوموا التاسع والعاشر"، وذكر رزين هذه الرواية عن عطاء عنه.
وقيل: معنى قول ابن عباس: "نعم"، أي نعم يَصُومُ التاسع، لو عاش إلى المُقبِلِ. وقال أبو عمر: وهذا دليلٌ على أنه صلى الله عليه وسلم كان يَصُومُ العاشر إلى أن مات، ولم يَزَل يَصُومُهُ حتى قَدِمَ المدينة، وذلك محفوظٌ من حديث ابن عباس.
وقال في "فتح الباري": ثم ما هُم به من صوم التاسع، يحتمل معناه: أنه لا يَقْتَصِرُ عليه، بل يُضِيفُه إلى اليوم العاشر، إمَّا احتياطًا له، وإمَّا مخالفة لليهود والنصارى، وهو الأرجح، وبه يُشْعِرُ بعضُ روايات مسلم. ولأحمد من وجهٍ آخر، عن ابن عباس مرفوعًا:"صُومُوا عَاشُورَاء، وخَالِفُوا اليهود، صُومُوا يومًا قبله، أو يومًا بعده"، ونحوه عند الطحاوي أيضًا. وكان ابنُ عباس نفسه يَصُومُ التاسع والعاشر. وقال في "عمدة القاري": ورُوِيَ عن ابن عباس: "أنه كان يَصُومُ اليومين خوفًا من أن يفُوتَهُ، وكان يَصُومُهُ في السفر". اهـ.
فظهر أن ابن عباس إنما صَامَ التاسعَ والعاشرَ، لأنه عَلِمَ عَزمَ النبي صلى الله عليه وسلم على صوم التاسع من القابل، ولأنه يَحصُلُ منه الأمن عن فوات فضل عَاشُورَاء عند الاختلاف في هلال المُحرم. ولا تَزَاحُم في "الفوائد". ومعلومٌ أن الجوابَ على أسلوب الحكيم، طريقٌ مسلوكٌ عند البلغاء، وعليه حَمَلَ العلماءُ قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]. فإن السؤالَ كان عن علة اختلاف صُوَر القمر، والسرُّ في ازدياده وانتقاصه، =
تنبيهٌ: واعلم أن من يَقْسِمُون الطعام على المساكين بعد غروب الشمس من يوم عَاشُوراء،
= مع أنه أجِيبَ عن فوائده. وأمَّا الاستشكالُ بحديث ابن عباس، قال:"قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ فرأى اليهودَ تَصُومُ يوم عَاشُورَاء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومٌ نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصَامَهُ موسى. قال: فأنا أحقُّ بموسى منكم. فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصيامه"، اهـ.
فليس بذاك، لأنه لم يُرْوَ في روايةٍ أن صَومَهُم هذا كان في السنة التي قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليناقض كونه عاشرَ المُحرَّم.
فإن أصحابَ السِّرَ اتَّفقوا على أنه قَدِمَ الثامنة من ربيع الأول، وحينئذٍ لا يُمكِنُ أن يكونَ ذلك اليوم عاشر المُحرَّم. ووجهُ الدفع أنه لا دليلَ فيه على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم وجدهم صائمين يومَ دَخَلَ المدينةَ. كيف! وقد صَامُوا العام عَاشُورَاء قبل مَقدَمِهِ، وإنما رآهم يَصُومُون من العام المُقبِلِ حين أَقبَلَ عليه شهر المُحَرم.
قال في "فتح الباري": قد كان أول قدومه المدينة، ولا شَكَّ أن قدومَه كان في ربيع الأول، فحينئذٍ كان الأمرُ بذلك في أول السنة الثانية، وفي السنة الثانية فُرِضَ شهر رمضان. فعلى هذا لم يَقَع الَأمرُ بصيام عَاشُورَاء إلَّا في سنةٍ واحدةٍ، ثم فُوْضَ الأمرُ في صيامه إلى رأي المتطوع. اهـ.
وقال في "عمدة القاري": فإن قيل: ظاهرُ الخبر يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم لمَّا قَدِمَ المدينةَ وَجَدَ اليهودَ صِيَامًا يوم عَاشُورَاء، والحال أنه صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينةَ في ربيعِ الأول. وأُجِيبَ: بأن المرادَ أول عِلْمِهِ بذلك. وسؤاله عنه بعد أن قَدِمَ المدينةَ، لا أنه قبل أن يَقدَمَهَا عَلِمَ ذلك. وقيل: في الكلام حذفٌ، تقديره: قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأقام إلى يوم عَاشُورَاء، فوجد اليهود فيه صيامًا.
وأما ما ذكره صاحب "نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام": أن يومَ قدومه صلى الله عليه وسلم كان يومَ عَاشُوراء، واحتجَّ عليه بروايته. فمع تخليطه في نقل سِيَاق الحديث، لا يقَتضي أن يكونَ ذلك هو عَاشُورَاء المشهور فيما بين المسلمين، أي عاشر المُحَرَّم. بل كان ذلك عَاشُورَاء عند اليهود، وهو عاشرُ تشرين الأول، لأن الحسابَ عندهم كان شمسيًّا، والشهرُ الشمسيُّ يكون دائرًا في الأشهر القمرية، فقد يُوَافِقُ التشرين الأول المُحَرَّم، وقد يُوَافِقُ ذا الحجة -آخر الأشهر القمرية- واتفق في تلك السنة أن عَاشُورَاء بالحساب الشمسيِّ، يُوَافِقُ الثامنةَ من ربيعٍ الأول، وهو اليوم الذي قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه المدينة، لأنه كان عَاشُورَاء المعروف فيما بين المسلمين أو اليهود الذين كانوا يَصُومُونه بحساب القمر.
ومن ههنا اندَفَعَ الخلافُ في ألفاظ اليهود في اعتبارهم عَاشُورَاء، فعند مسلم عن أبي موسى، قال:"كان أهل خيبَرَ يَصُومُون يومَ عَاشُورَاء، يتْخِذُونَهُ عيدًا، ويُلبِسُون نساءهم حُلِيَّهم وشَارَتَهم. فقال رسولُ لله صلى الله عليه وسلم: فَصُومُوه أنتم". اهـ.
وعند البخاري من الهجرة: "وإذا أُناس من اليهود يُعَظِّمُون عَاشُورَاء، وَيصُومُونه". اهـ. فإن التقييدَ بأهل خَيبَرَ بأُناسٍ من اليهود، يَدُلُّ على اختلافهم في هذا الباب.
وقال في "فتح الباري": ويحتمل أن يكونَ أولئك اليهود كانوا يَحْسُبُونَ يوم عاشوراء بحساب السنين الشمسيَّة، فصَادَفَ يومُ عَاشُورَاء بحسابهم اليومَ الذي قَدِمَ فيه صلى الله عليه وسلم المدينةَ. وهذا التأويل مما يترجَّحُ به أولويةُ المسلمين وأَحَقَّيَتُهم بموسى عليه الصلاة والسلام، لإِضلالهم في اليوم المذكور، وهداية الله المسلمين له. اهـ. فقيَّد بقوله: أولئك اليهود، وصرَّح بأن اليهودَ ضَلُّوا في تعيين يوم عَاشُورَاء، فكانوا شِيعًا، وهدى الله المسلمين إلى الصواب.
ثم قال الحافظُ: ثم وَجَدْتُ في "المعجم الكبير" للطبراني ما يُؤَيِّدُ الاحتمال المذكور أولًا، وهو ما أَخرَجَهُ في ترجمة زيد بن ثابت من طريق أبي الزَّنَاد، عن أبيه، عن خَارِجَة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، قال:"ليس يومُ عَاشُورَاء باليوم الذي يقوله الناس، إنما كان يومٌ تُستَرُ فيه الكعبة. وكان يدور في السنة. وكانوا يَأتُونَ فلانًا اليهودي -يعني ليَحْسُبَ لهم- فلمَّا مات أتوا زيد بن ثابت فسألوه". وسندهُ حسنٌ، قال شيخنا الهيثمي في "زوائد المسانيد": لا أدري ما معنى هذا.
قلتُ: ظَفِرتُ بمعناه في كتاب "الآثار القديمة" لأبي الريحان البَيرُوني، فذكر ما حاصله: أن جَهَلَةَ اليهود يَعْتَمِدُون =
أو من الغد، فليسوا يُحْرِزُون من صواب التصدُّق في ذلك اليوم شيئًا، فينبغي أن يُقْسَمَ الطعام قبل الغروب، ليقع التصدُّق في العاشر، لا في الحادي عشر.
= في صيامهم وأعيادهم حساب النجوم، فالسنةُ عندهم: الشمسية لا الهلالية. قلتُ: فمن ثَمَّ احتاجوا إلى من يَعرِفُ الحساب ليعتمدوا عليه في ذلك اهـ.
وحاصلهُ: أن عَاشُورَاء عند بعض اليهود لم يكن هو عَاشُورَاء المعروفة بعد الإِسلام، لأنه كان عندهم اليوم الذي تُسْتَرُ فيه الكعبة. ولمَّا كان هؤلاء اليهود يَعْتَبِرُون الحسابَ الشمسيِّ، كان عَاشُورَاؤهم دائرًا في الشهور القمرية، ومن ثَمَّ احتاجوا إلى من يَعرِفُ الحساب، فهدى اللهُ المسلمين إلى الحساب القمريِّ، وذلك الحساب كان عند ربك مَرْضيًّا. ثم تقييد أبي الريحان البَيرُوني قوله: بجَهَلَة اليهود، يَدُلُّ على أن الحساب في الأصل -بحسب كُتُبهم السماوية أيضًا- كان قمريًا، وإنما هم حوَّلوه إلى الشمسيِّ. وقد وُجِدَ في بعض الزِّيج والتقاويم: أن الحسابَ العِبرِيَّ قمريٌّ من لَدُن آدم عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، إلَّا عند من بدَّله إلى الشمسيِّ. وحمل بعضُ المفسِّرين قوله تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] على هذا التحويل، لأن في هذا التحويل تحويلٌ للأوقات الشرعية، وذلك يُنَاقِضُ أوضاعها.
قال في "الكشاف": وربما زَادُوا في عدد الشهور، فَيَجعَلُونها ثلاثة عشر، أو أربعة عشر، ليتَّسعَ لهم الوقت، ولذلك قال عزَّ وعلا:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36]، يعني من غير زيادةٍ زادوها. اهـ. وهكذا حديث: "ألَا إن الزمانَ قد استَدَارَ كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السَّنةُ اثني عشر شهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثٌ مُتَوَاليَاتٌ: ذو القَعدة، وذو الحِجَّة، والمُحَرَّم، ورَجَبُ مُضَر، الذي بين جُمَادَى، وشعبان. هـ.
وجملة الكلام: أن النبي صلى الله عليه وسلم وَافَقَ في تعيين عَاشُورَاء الطائفةَ التي كانت على الحق منهم، وخالَفَ الذين حَوَّلُوا حسابهم إلى الشمسيِّ، فَضَلّوا وأضلُّوا.
ثم إن في هذا اليوم خصوصياتٌ أخرى غير نجاة موسى عليه الصلاة والسلام، قال في "فتح الباري": ولأحمد من طريق شُبَيل بن عَوْف، عن أبي هُرَيْرَة نحوه، وزاد فيه:"وهو اليوم الذي استوت فيه السفينةُ على الجُودِي، فصامه نوح شكرًا". اهـ.
وقال في "عمدة القاري": وروى ابن أبي شَيبَة بسندٍ جيدٍ، عن أبي هُرَيرَة يرفعه:"يومُ عَاشُورَاء تَصُومُه الأنبياءُ عليهم الصلاة والسلام، فصوموه أنتم". اهـ. ولا تعَارُضَ بين حديث ابن عباس المارَّ آنفًا، وبين حديث عائشة، قالت:"كان صوم عاشوراء تَصُومُه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصُومُه في الجاهلية، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ صامه، وأمر بصيامه". بل في حديث عائشة التصريح بأنه كان يَصُومُه قبل ذلك. فغايةُ ما في القصة أنه لم يَحْدُثْ له لقول اليهود تجديدُ حكمٍ، وإنما هي صفةُ حالٍ، وجوابُ سؤالٍ. ولم تَختَلِف الروايات عن ابن عباس في ذلك، ولا مُخَالفة بينه وبين حديث عائشة "أن أهلَ الجاهلية كانوا يَصُومُونه"، كما تقدّم إذ لا مانعَ من تَوَارُد الفريقين على صيامه، مع اختلاف السبب في ذلك. اهـ.
وأما الاستناد بما في التوراة: أن موسى عليه الصلاة والسلام نُجِّيَ في الثانية والعشرين من رمضان، وهي تكون الحادية والعشرين من نيسان بحسب شهورهم، لا عاشر المُحَرَّم، أو عاشر تشرين عندهم، فاستنادٌ بما ليست له عُمُدٌ. وَيظهَرُ من سياقه أنه من إلحاق الأحبار، فلا حُجَّةَ فيه، ودون صحته قطع المفاوز:
في طلعة الشمس ما يُغْنِيكَ عن زُحَل
انتهى كلامه.
وقد كانت تلك الرسالة قد شاعت في "مجلة القاسم"، فكنت أتَفَقْدُها تفقُّدًا. فما كنتُ أجدها عند أحدٍ من معارفي، حتى جرى ذكرها بيني وبين المولى محمد يوسف البَنَّوري، فبشَّرني بأنه استنسخه في مذكرته. فاستعرتها منه، وترجمت بالعربية منها ما كان بالفارسية. فإن من الشاكرين، وأشركني في دعواتك الصالحة وإياه.