الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - بابٌ
1945 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِى يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَاّ مَا كَانَ مِنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَابْنِ رَوَاحَةَ. تحفة 10978 - 44/
3
36 -
باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، وَاشْتَدَّ الْحَرُّ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِى السَّفَرِ»
1946 -
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِىُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهم - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا، وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ «مَا هَذَا» . فَقَالُوا صَائِمٌ. فَقَالَ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِى السَّفَرِ» . تحفة 2645
ذهب داود الظاهريِّ إلى أن الصومَ في السفر باطلٌ لأجل هذا الحديث. وذهب الفقهاءُ الأربعةُ إلى أنه أفضلُ لمن استطاع، ولم يَشُقَّ عليه. وأجاب الجمهورُ عن الحديث المذكور بأنه محمولٌ على المَشَقَّة، كما أشار إليه البخاريُّ في الترجمة، ودَلَّ عليه مَوْرِدُ نطقه.
قلتُ: وقد أَصَابُوا في ذلك، إلا أنهم لم يَذْكُرُوا وِجْهَةَ التعميم في الحديث، أيَّ عمومٍ، فإنه يَدُلُّ على أن الصومَ في السفر ليس من البِرِّ في شيءٍ. وقد عضَّ به الظَاهريُّ بالنواجذ، وقضى بمقتضاه. قلتُ: وانكشف عندنا من غير واقعةٍ واحدةٍ أن الصومَ في السفر جائزٌ، وإذن فليس مَدَار المسألة على التعبير. نعم نَطْلُب له وجهًا، فإن انكشف فيها، وإلا فالمسألةُ بحالها، فإن التعاملَ أبينُ حُجَّةً. ولم أَرَ أحدًا منهم توجَّه إلى بيان وجه هذا التعبير، وها أنا ذا أُلْقي عليك ما سَنَحَ لي فيه، وقد وَعَدْنَاك في الإِيمان: أنا نَذْكُرُ لك في الصيام سرَّ نفي البِرِّ عمَّا يكون من أبرِّ البرِّ.
فاعلم أن الحديثَ مُقْتَبَسٌ من قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] إلخ، وفي مثله ينبغي النظر في المُقْتَبَس عنه، لأن المُقْتَبَس يكون تابعًا له في التعبير. وإذن التعميمُ في قوله صلى الله عليه وسلم ليس قَصْدِيًّا وابتدائيًّا، بل جاء لحال الاقتباس. نعم، يكون مقصودًا في المُقْتَبَس عنه.
فأقولُ: إن النصَّ وَرَدَ لإِصلاح الطبائع السافلة التي تكون لهم بالأمور الصغار عنايةٌ، ولا تكون لهم بالأمور المهمَّة عباية. كما ترى اليهودَ، فإن جُلَّ بحثهم كان مقصورًا على أمر التحويل، وأن القِبْلَةَ هي بيت الله، أو بيت المقدس، ولا يَدْرُونَ أن التوجُّهَ ليس لكون الله سبحانه في تلك الجهة {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] فليس هذا بأمرٍ أهمّ. ولم يكن لهم بحثٌ عمّا هو مِلاك الأمر ومَدَارُ النجاة، وهو الإِيمان بالله، والإِيمان بالرسول، فينبغي لهم أن