الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». أطرافه 1294، 1297، 3519 - تحفة 9569
ولا ريبَ في جوازِ الويل في بعض المواضع، فإنَّه قد وَقَع في التنزيل أيضًا. نعم يمنع عنه عند بَعْضَ الاحتفافات فاستقام التبعيضُ، واعتبرَ المصنِّفُ رحمه الله تعالى في مِثْلَ هذه التراجم أولا ما ينهى عامًّا. ثم بَيَّن ما كان منه ممنوعًا بمن التبعيضية. وهو الذي أجابه الجاربردى في الفَرْق بين قوله تعالى:{فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} [البقرة: 23]، وقوله: فأتوا من مثله بسورة، فإن المطلوبَ فيه هو الإتيان بهذا القدر من أوَّل الأَمْر، لا تخصيص بعد تعميم. وهذه فروق يعتبرُهَا البليغُ ويشمئز منها البليدُ.
40 - باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ
1299 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَتْنِى عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَمَّا جَاءَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ - شَقِّ الْبَابِ - فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، لَمْ يُطِعْنَهُ فَقَالَ انْهَهُنَّ. فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ «فَاحْثُ فِى أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ» . فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَنَاءِ. طرفاه 1305، 4263 - تحفة 17932
1300 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ. أطرافه 1001، 1002، 1003، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - تحفة 931
يعني يجوزُ للمُصَابِ أن يجلِسَ في ناحيةِ البيتِ ولا يُعَدّ ذلك مِنْ الجاهلية.
1299 -
قوله: (لما جَاءَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَتْلُ ابنِ حارِثَةَ) .. إلخ أي لما جاء القاصِدُ بِنْعِيْهِ، فهذا محاورة.
قوله: (فَاحْثُ في أَفُوَاهِهِنَّ التُّرَابَ) لم يُرِد به الحقيقة، ولكنَّها كلمةٌ جرت في العُرْف عند الكراهةِ لشيءٍ. وقد مر معنا التنبيه على أنه يُستفاد من هذا الحديث إباحةُ بعضِ مراتبِ النِّياحة مع بقاء الكراهة، وهي التي أشار إليها بقوله:«فاحْثُ في أفواههن»
…
إلخ. فذقه ولا تعجل ولله درِ عائشة رضي الله عنها أنها قد فهمت حقيقة الكلام حيث قالت: فقلت: - أي في نفسي - أَرْغَم اللَّهُ أَنْفَك لم تفعل ما أَمرَك رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولم تترك رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من العناءِ، أي لو كنتَ قعدت في بيتك ولم تُواجِه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بما يكرُهُه كان أحسنَ لك، فلا أَنَّك تفعلُ ما يَطِيب بنفسه، ولا تمتنِعُ عما يكرهُه. فهذا كله يأتي في محل الكراهةِ مع إمكانِ الإِغماض عنها. وهذا الذي أرادَتْ مِنْ قولها: «ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
إلخ. أي إذا كان بكاؤهُنَّ في حدِّ الإغماض، فلك أَنْ لا تُخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فتدعهن وبكاءهن. ولكنَّك لا تَقْدِر أن تفعلَ ما أُمِرت به، ولا تَرْجِعُ عن أخبَارِه أيضًا. ولو كان بكاؤهن حَرامًا ونياحةً ممنوعةً لما جاء مِثْل هذا التعبيرِ. فافهمه وفكِّر فيه
ساعةً تجد المعنى ما قلنا إن شاء اللَّهُ تعالى. وقيل: إنَّ المرادَ منه حقيقتُهُ كما كان عمر رضي الله عنه يفعله. وهو عند البخاري رَحِمه الله تعالى في باب البكاء عند المريض
(1)
.
ثم إنَّ مسألةَ العلماءِ في مَنْع الصلاة على غيرِ الأنبياء إنَّما هي عِنْد ذِكْر اسمِهم عُرْفًا وشعارًا. والأحاديثُ إنَّما جاءت في حاجاتٍ خاصَّة. وفي هذه الصِّيغة فيها نِكات خاصَّة: ففي الأموات أنهم مِنْ أهل الصلاة، أي أداء صلاةِ الجنازة عليهم، فإذا فاتت تُدُورِكت بالدعاء بِلَفْظِ الصلاة، مع أنه في أكثر الألفاظِ من لَفْظ الراوي في الحديث الفعلي، ومِنْ فِعْل الملائكة فلا يُقَاس عليه. وفي مُنْتَظِر الصلاةِ أنه في الصلاةِ حُكْمَا، والجزاء من جنس العمل. راجع «العمدة» (ج2/ 701).
وفي الزكاةِ أنها قرينةُ الصلاةِ فإذا أَتَى بها أُثِيب بالصلاة، وهي له زكاةٌ ورحمةٌ. وكذا في الصوم، مع أنَّ المُفْطِر للصَّائم في حُكْمه، وراجع المناسبة بينها وبين العيادة. وفي قصة امرأة جابر التي حكاها الحافظ كانت اقترحت بهذا اللفظ فدعا لها به. وهكذا في الصفِّ الأول صَلَّت عليهم الملائكةُ، فَصَلَّى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما عند «ابن أبي شيبة» (ص 253). وكذا في آيةٍ تلاها عُمرُ عند البخاري في الصَّبْر عند الصدمةِ الأُولى. وراجع ما في «النهاية» عن الخطَّابي في مادة الصلاة والتي ظهر من روايات «الدر المنثور» تحت:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] أنَّ الصلاةَ في كُلِّها بمعنى «نمار» ، ثُمَّ هي أقسامٌ، وعليه ما في «الكنز» وعليه ما في «الزرُّقاني على المواهب» من صلاةِ الجنازةِ عليه صلى الله عليه وسلم عَنْ عَليّ. «والقول البديع» (ص 8) وراجع ما في:«نُزُل الأبرار» (ص 123) عن الحافظ بن القيم.
وقال في «عروس الأفراح» (ص139): وقال سيبويه في باب ما ينتصِبُ على المدح: إنَّ الحمدَ لا يُطْلَقُ تعظيمًا لغير اللَّهِ تعالى. وذكر في باب آخر: أنه يُقال: حمدتُهُ إذا جزيتُهُ على حَقِّه. وهذا الكلام هو التحقيق اهـ. وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] اهـ. من سورة النور وكلام ابن القيم في «القول البديع» (ص43) هذا وقد صار شِعارًا للأنبياء فَيُترك لِغَيْرِهم مُطلقًا. ويحتمل أن يكونَ لَفْظُ الصلاةِ لا يخلو عن معنى الثناء والشكر بمعنى «درود» إن لم يكن في كلِّها بمعنى نماز. وما ذكرناه من وَجْه الترك هو في «القول البديع» (ص 42) عن البيهقي.
ولما كان فيه معنى الثناء والتعظيم لا مطلقُ الدعاء اقتصر على مَوْرد النَّص ومَنْ يستحِقُّه به. وهو في «القول البديع» (41) عن الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى وهذه اللعنة والعياذُ بالله العليِّ العظيم وهذا أَوْجَهُ وراجغ سياق «مسلم» (ج2/ 129).
واعلم أنَّ الملائكةَ تساعِدُ بني آدم فيما يحتاجُ إليها من جوابٍ، أو تأمين على دُعائه، أو إذا احتاجوا إلى ثالثٍ، وهو في كتاب الأيمان (ص 106) وتُسلِّم على بني آدم إذا لَقِيتهم، فإن رَدُّوا عليك رَدَّت عليك وعليهم الملائكة. وراجع «الروض» (ج1/ 169). وعند الترمذي (ج1/
(1)
قلت: وفكرت فيه حتى فهمته وذُقْته فلا تمترن به. وبَذَلْت الجُهْدَ في تفهيمه وإن لم أتمكن من الإِفصاح عنه كما أريد لقصور عربيتي، فعليكم أن تمعنوا أنظارَكم فإِنه لِعِلْمٍ عندي، ولذا نَبَّهْتُ عليه، والله الموفق. اهـ.