الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: رواه البخاري الترمذي كلاهما في الفتن من حديث الزبير بن عدي عن أنس. (1)
من الحسان
4296 -
قال: والله ما أدري، أَنسِيَ أصحابي أو تناسوا؟ "والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا، يبلغ من معه ثلثمائة، فصاعدًا، إلا قد سماه لنا باسمه، واسم أبيه واسم قبيلته".
قلت: رواه أبو داود (2) في الفتن من حديث قبيصة بن ذؤيب عن أبيه عن حذيفة، وفي سنده: عبد الله بن فروخ، وقد تكلم فيه غير واحد، وقال البخاري: يعرف وينكر، وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة.
قوله: يبلغ من معه أي مع قائد الفتنة، وهو جملة صفة له، والمعنى والله أعلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر لنا كل قائد فتنة يبلغ أتباعه ثلثمائة فما فوق ذلك يكون إلى يوم القيامة.
4297 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وُضع السيف في أمتي، لم يُرفع عنهم إلى يوم القيامة".
قلت: هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه كلاهما في الفتن من حديث ثوبان، وهو حديث طويل ولفظ أبي داود عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة
(1) أخرجه البخاري (7068)، والترمذي (2206).
(2)
أخرجه أبو داود (4243). وإسناده ضعيف، فيه ابن لقبيصة مجهول. التقريب (8560)، وكذلك عبد الله بن فروخ قال عنه في التقريب "صدوق يغلط" انظر: التقريب (3555)، والكاشف (2908)، والتاريخ الكبير (5/ 537)، والثقات (8/ 335).
عامة، ولا يسلط عليها عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمَّد، إني إذا قضيت قضاء فإن لا يرد ولا أهلكهم بسنة عامة ولا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها، أو قال بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضًا، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة
…
" وتمام الحديث سيذكره المصنف قبل آخر الباب بحديث عن ثوبان. (1)
4298 -
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخلافة ثلاثون سنة، ثم تكون ملكًا"، ثم يقول سفينة: أمسك: خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشرًا، وخلافة عثمان اثنتي عشرة، وعلي ستة.
قلت: رواه أبو داود في السنة والترمذي في الفتن والنسائي في المناقب من حديث سفينة، قال الترمذي: حسن، لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن جهمان انتهى. (2)
وسعيد هذا: روى له الأربعة ووثقه ابن معين وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
ومعنى الحديث: أن الخلافة حق الخلافة إنما هي للدَّين صدّقوا هذا الاسم بأعمالهم، وتمسكوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده، فإذا خالفوا السنة، وبدلوا السيرة، فهم حينئذ ملوك وإن سميناهم خلفاء (3).
4299 -
قال: قلت: يا رسول الله! أيكون بعد هذا الخير شر، كما كان قبله شر؟ قال:"نعم"، قلت: فما العصمة؟ قال: "السيف"، قلت: وهل بعد السيف بقية؟
(1) أخرج أبو داود (4252)، وابن ماجه (3952) وكذلك الترمذي (2229) وإسناده صحيح.
(2)
أخرجه أبو داود (4646)(4647)، والترمذي (2226)، والنسائي في الكبرى (8155). وأخرجه كذلك أحمد (5/ 220).
وإسناده حسن، في إسناده: سعيد بن جمهان وفيه كلام ينزل حديثه عن درجة الصحة. فقال عنه الحافظ: صدوق له أفراد، التقريب (2292).
(3)
انظر: شرح السنة للبغوي (14/ 75).
قال: "نعم، تكون إمارة على أقذاء، وهدنة على دخن"، قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم تنشأ دعاة الضلال، فإن كان لله في الأرض خليفة جلد ظهرك، وأخذ مالك، فأطعه، وإلا فمت وأنت عاضّ على جذل شجرة"، قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم يخرج الدجال بعد ذلك، معه نهر ونار، فمن وقع في ناره، وجب أجره، وحُط وزره، ومن وقع في نهره، وجب وزره، وحط أجره"، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم يُنتج المهر، ولا يُركب حتى تقوم الساعة".
قلت: رواه أبو داود والحاكم في المستدرك كلاهما في الفتن مع تغيير بعض الألفاظ من حديث حذيفة. (1)
قوله صلى الله عليه وسلم: تكون إمارة على أقذاء قال في النهاية (2): الأقذاء جمع قذى، والقذى: جمع قذاة، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك، أراد أن اجتماعهم يكون على فساد في قلوبهم، فشبهه بقَذَى العين والماء والشراب، قوله صلى الله عليه وسلم: وهدنة على دخن، أي صلح على بقايا من الضغن وذلك أن الدخان أثر من النار يدل على بقية منها.
وأما أمره صلى الله عليه وسلم: بالطاعة وإن ضرب ظهره وأخذ ماله فإنه إذا لم يصبر ثارت الفتنة.
قوله صلى الله عليه وسلم: بالطاعة وإلا فمت وأنت عاض على جذل شجرة، الجذل: بالكسر والفتح أصل الشجرة يقطع أغصانها.
وأراد صلى الله عليه وسلم: الحث على العزلة والصبر على مضض الزمان والتحمل لمشاقه وشدائده، قوله صلى الله عليه وسلم ثم ينتج المهر فلا يركب. حتى تقوم الساعة. قال الجوهري (3): المهر: ولد القوس، والجمع أمهار ومهار، الأنثى مهرة، قال بعض الشراح: فلا يركب المهر بكسر
(1) أخرجه أبو داود (4244)(4245)(4247)، والحاكم (4/ 502)، وصححه، ووافقه الذهبي.
وفي إسناده سبيع بن خالد اليشكري قال الحافظ: مقبول، التقريب (2223).
(2)
انظر: النهاية (4/ 30).
(3)
انظر: الصحاح للجوهري (2/ 821).
الكاف من قولهم: أركب المهر إذا حان وقت ركوبه، وقال بعضهم: لعل المراد به زمان نزول عيسى عليه السلام وظهور الإِسلام ووقوع العدل والأمن فلا يركب المهر إلى يوم القيامة لعدم احتياج الناس في ذلك الزمان إلى محاربة بعضهم بعضًا.
4300 -
وفي رواية: "هدنة على دخن وجماعة على أقذاء"، قلت: يا رسول الله! الهدنة على الدخن، ما هي؟ قال:"لا ترجع قلوب أقوامٍ على الذي كانت عليه"، قلت: بعد هذا الخير شر؟ قال: "فتنة عمياء صماء، عليها دعاة على أبواب النار، فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل شجرة: خير لك من أن تتبع أحدًا منهم".
قلت: رواها أبو داود في الفتن والنسائي في القرآن من حديث حذيفة. (1)
قوله صلى الله عليه وسلم: فتنة عمياء صماء أي لا يبصر فيها الحق ولا يسمع، قال ابن الأثير (2): هي التي لا سبيل إلى تسكينها لأن الأصم لا يسمع الاستغاثة، ولا يفهم بالإشارة لعدم رؤيته، وقيل: هي كالحية الصماء التي لا تقبل الرّقَى.
4301 -
قال: كنت رديفًا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا على حمار، فلما جاوزنا بيوت المدينة، قال:"كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة جوع، تقوم عن فراشك، فلا تبلغ مسجدك حتى يُجهدك الجوع؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"تعفف يا أبا ذر" قال: "كيف يا أبا ذر إذا كان بالمدينة موت يبلغ البيتُ العبَد، حتى أنه يباع القبر بالعبد؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"تصبر يا أبا ذر"، قال:"كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة قتل، تغمر بالدماء أحجار الزيت؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"تأتي من أنت منه"، قال: قلت: وألبس السلاح؟ قال: "شاركت القوم إذًا"، قلت: فكيف أصنع يا رسول الله؟ قال: "إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف، فالق ناحية ثوبك على وجهك، ليبوء بإثمك وإثمه".
(1) أخرجه أبو داود (4276)، والنسائي في الكبرى (8033).
(2)
انظر: النهاية (3/ 54).
قلت: رواه أبو داود وابن ماجه كلاهما في الفتن والحاكم في المستدرك وقال: على شرط الشيخين، والمصنف في شرح السنة بسنده المتصل بهذا اللفظ كلهم من حديث عبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر عن أبي ذر وسكت عليه أبو داود. (1)
وجهدك: قال ابن الأثير (2): قد تكرر لفظ الجهد كثيرًا، وهو بالضم: الوُسْع والطاقة، وبالفتح: المشقّة، وقيل: المبالغة والغاية، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، أما في المشقة والغاية فبالفتح لا غير.
وتعفف: التعفف هو الكف عن الحرام، والسؤال من الناس.
قوله صلى الله عليه وسلم: حتى يبلغ البيت العبد، المراد بالبيت ها هنا القبر، وأراد أن مواضع القبور تضيق فيبتاعون كل قبر بعبد.
قال الخطابي (3): قد يحتج بهذا الحديث من يذهب إلى وجوب قطع النباش وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى القبر بيتًا فدل على أنه حرز كالبيوت.
قوله صلى الله عليه وسلم: تغمر الدماء أحجار الزيت أي تسترها.
وأحجار الزيت: هو موضع بالمدينة قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء، قال بعضهم: قد وقعت هذه الوقعة في أيام يزيد، توجه إليها مسلم بن عقبة المري في عسكر، ونزل مسلم بالحرة بالقرب من المدينة واستباح حرمتها، وقيل: رجالها ثلاثة أيام، وقيل خمسة، ثم توجه إلى مكة فمات في الطريق (4).
(1) أخرجه أبو داود (4261)، وابن ماجه (3958)، والحاكم (4/ 423)، وصححه، ووافقه الذهبي، والبغوي في شرح السنة (15/ 11 - 12) رقم (4220)، وقد صححه ابن حبان (الإحسان) (5960). وفيه: مشعث بن طريف، قال الذهبي: لا يعرف، وقال الحافظ: مقبول. انظر: الميزان (4/ ت 8551)، والتقريب (6725). وقال الذهبي في الكاشف (2/ 266): وثق.
(2)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 320).
(3)
انظر: معالم السنن (4/ 314).
(4)
انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (1/ 109)، والمغانم المطابة في معالم طابة للفيروزآبادي (ص:9).
قوله صلى الله عليه وسلم: تأتي من أنت منه، معناه الانضمام إلى الفئة التي أنت منها ولفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر.
ويبهرك شعاع السيف، أي: يغلبك ضوؤه وبريقه.
قال الخطابي (1): الباهر المضيء الشديد الإضاءة.
4302 -
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس، مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا؟ " وشبّك بين أصابعه، قال: فبم تأمرني؟ قال: "عليك بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك، وإياك وعوامهم".
قلت: هذا الحديث قال فيه خلف الواسطي في أطرافه على الصحيح حديث ابن عمر فكيف أنت إذا بقيت حثالة من الناس
…
رواه البخاري في الصلاة من حديث واقد بن محمَّد عن أبيه عن ابن عمر أو عمرو، وقال المزي في الأطراف (2): رواه البخاري في باب تشبيك الأصابع في المسجد من حديث واقد بن محمَّد عن أبيه عن ابن عمر أو عمرو، ورواه الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" (3) وجعله مما انفرد به البخاري ولفظه عن واقد بن محمَّد عن ابن عمر أو ابن عمرو وقال: شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه وقال: "كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا؟ "، قال: فكيف يا رسول الله؟ قال: "تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتقبل على خاصتك، وتدعهم وعوامهم"، هكذا في حديث بشر بن الفضل عن واقد.
وفي حديث عاصم بن محمَّد بن زيد قال: سمعت هذا من أبي فلم أحفظه، فقوّمه لي واقد عن أبيه، قال: سمعت أبي وهو يقول: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن عمرو كيف أنت إذا بقيت
…
" وذكره، وليس هذا الحديث في أكثر النسخ
(1) انظر: معالم السنن (4/ 314).
(2)
انظر: تحفة الأشراف للمزي (6/ 41 رقم 7428).
(3)
انظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (2/ 278 رقم 1435).
وإنما حكى أبو مسعود أنه رآه في كتاب ابن رميح عن الفربري وحماد بن شاكر عن البخاري انتهى كلام الحميدي. (1)
ومرجت عهودهم: بفتح الميم وكسر الراء المهملة كذا ضبطه الجوهري (2) أي: اختلطت واضطربت، ومرجت أمانات الناس أيضًا: فسدت ومرج الدين فسد.
وعليك بخاصة نفسك: الظاهر أن هذا من باب قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} .
4303 -
وفي رواية: "الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة". (صح).
قلت: رواها أبو داود والنسائي كلاهما من حديث عكرمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص (3).
قال المنذري (4): وفي إسناده هلال بن خبّاب أبو العلاء، قال فيه أبو جعفر العقيلي: في حديثه وهم وتغير آخر عمره، وذكر له هذا الحديث ووثقه الإِمام أحمد ويحيى بن معين انتهى، والصواب توثيقه.
4304 -
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، القاعد فيها خير من القائم،
(1) أخرجه البخاري (478)(479) وعلقه برقم (480) ووصله إبراهيم الحربي في غريب الحديث له كما في الفتح (1/ 566، 13/ 39). وله شاهد عن أبي هريرة عند ابن حبان (5950)(5951).
(2)
انظر: الصحاح للجوهري (1/ 341).
(3)
أخرجه أبو داود (4342)، والنسائي في الكبرى (10033)، والحاكم (4/ 425).
وإسناده صحيح، انظر: الصحيحة (205، 206) ورجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب قال الحافظ: صدوق تغيّر بآخره، التقريب (7384).
(4)
انظر: تهذيب سنن أبي داود (6/ 190)، وانظر كذلك: ضعفاء العقيلي (4/ 1466 - 1467)، وقال بعد أن ذكر هذا الحديث: وهذا يُروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره بإسناد أصلح من هذا.
والماشي خير من الساعي، فكسروا فيها قِسِيّكم وقطعوا فيها أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجاوة، والزموا فيها أجواف بيوتكم، فإن دُخل على أحد منكم، فليكن كخير ابني آدم". (صح)
ويروى: أنهم قالوا فما تأمرنا؟ قال: "كونوا أحلاس بيوتكم".
قلت: رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه واللفظ لأبي داود كلهم في الفتن من حديث أبي موسى الأشعري وقال الترمذي: حديث حسن غريب انتهى. والحديث صحيح. (1)
وأحلاس بيوتكم: بالحاء والسين المهملتين يقال: فلان حلس بيته إذا لزمه لا يفارقه.
قال الجوهري (2): وأحلاس البيوت ما يفرش تحت حرّ الثياب.
4305 -
قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فقربها قلت: مَنْ خير الناس فيها؟ قال: "رجل في ماشيته، يؤدي حقها ويعبد ربه، ورجل آخذ برأس فرسه، يخيف العدو ويخوفونه".
قلت: رواه الترمذي في الفتن وسنده فيه: عن رجل عن طاوس عن أم مالك، وأم مالك: ليس لها في الكتب الستة غير هذا الحديث وهو عند الترمذي خاصة. (3)
4306 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتنة تستنظف العرب، قتلاها في النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف".
قلت: رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه كلهم في الفتن من حديث عبد الله بن عمرو
(1) أخرجه أبو داود (4259)، والترمذي (2204)، وابن ماجه (3961). وانظر: هداية الرواة (5/ 96).
(2)
انظر: الصحاح للجوهري (3/ 919). وفيه: ما يُبسط تحت الحر من الثياب، وفي الحديث:"كن حِلْس بيتك" أي لا تبرح.
(3)
أخرجه الترمذي (2177) وقال حسن غريب. وفي إسناده رجل لم يسم، لكن ذكر الشيخ الألباني رحمه الله له شاهدًا عن ابن عباس، فيصح به الحديث انظر: الصحيحة (698).
يرفعه، قال البخاري: والأصح: وقفه على عبد الله بن عمرو بن العاص. (1)
وتستنظف: بالظاء المعجمة أي تستوعبهم هلاكًا.
4307 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتنة صماء بكماء عمياء، من أشرف لها استشرفت له، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف".
قلت: رواه أبو داود في الفتن وفي إسناده: عبد الرحمن بن البيلماني وقد لينه أبو حاتم، وأدخله ابن حبان في الثقات، وقال المنذري: لا يحتج به. (2)
4308 -
قال: كنا قعودًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن فأكثر، حتى ذكر فتنة الأحلاس، قال قائل: وما فتنة الأحلاس؟ قال: "هي هَرَب وحَرب، ثم فتنة السراء، دخَنُها من تحت قدمَيْ رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني وليس مني، إنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء، لا تدع أحدًا من هذه الأمة، إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت، تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذلك فانتظروا الدجال من يومه أو من غده".
قلت: رواه أبو داود في ثالث حديث في الفتن والحاكم في المستدرك كلاهما من حديث ابن عمر بن الخطاب وسكت عليه هو والمنذري، وصححه الحاكم وأقره الذهبي. (3)
(1) أخرجه أبو داود (4265)، والترمذي (2178)، وقال: حديث غريب، وابن ماجه (3967).
في إسناده أبو أمامة زياد بن سيمين كوش: لا يعرف كما قال محمَّد بن إسماعيل وقال الحافظ: مقبول، التقريب (2092)، وليث بن سليم وهو ضعيف.
(2)
أخرجه أبو داود (4264). وعبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف، انظر: التقريب (3843)، وانظر قول المنذري في تهذيب سنن أبي داود (6/ 148).
(3)
أخرجه أبو داود (4242)، والحاكم (4/ 466) وإسناده صحيح، انظر: الصحيحة (974). وانظر: تهذيب المنذري (6/ 132).
قوله: فتنة الأحلاس، إنما أضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها، يقال للرجل إذا كان يلزم بيته وهو حلس بيته، لأن الحلس يفرش فيبقى على المكان ما دام لا يرفع، ويحتمل أن يكون لسواد لونها وظلمتها.
قوله: وحرب، بحاء وراء مهملتين مفتوحتين وهو ذهاب المال والأهل، يقال: حرب الرجل هو حريب إذا ذهب أهله وماله.
قوله: صلى الله عليه وسلم ثم فتنة السراء، سماها بذلك لأنها تسر العدو، وقيل: هي التي تدخل الباطن وتزلزله.
والدخن: بفتح الدال وبعدها خاء معجمة ونون ومعنى دخنها: آثارها، وهيجانها شبهها بالدخان الذي يرتفع، يريد صلى الله عليه وسلم أنها تثور كالدخان من تحت قدميه.
والضلع: بكسر الضاد وفتح اللام وتسكن أيضًا.
قوله صلى الله عليه وسلم: كورك على ضلع، هذا مثل ومعناه: الأمير الذي لا يثبت ولا يستقيم، وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله، يعني أن هذا الرجل غير خليق للملك ولا يستقل به.
وفتنة الدهيماء: وهي السوداء المظلمة وصغرت تصغير تعظيم، ومذمة، وقيل أراد صلى الله عليه وسلم بالدهيماء الدهماء وهي الداهية أعاذنا الله من كل بلاء، ومن أسماء الداهية الدهيم وهي في زعم العرب اسم ناقة، قالوا كان من قصتها أنه غزا عليها سبعة إخوة وقتلوا عن آخرهم، وحملوا على الدهيم حتى رجعت بهم فصارت مثلًا في كل داهية (1).
والفسطاط: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط، ويكون الفسطاط مجتمع أهل الكورة حول جامعها، ومنه فسطاط مصر، وقيل: هو ضرب من الأبنية في السفر دون السُّرادق، ويقال أيضًا للبصرة الفسطاط، وفيه ست لغات فسطاط وفستاط، وفساط وكسر الفاء لغة فيهن (2).
(1) انظر: معالم السنن (4/ 310)، وشرح السنة للبغوي (15/ 20).
(2)
انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 454)، والفائق للزمخشري (2/ 275).
4309 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ويل للعرب من شر قد اقترب! أفلح من كفّ يده".
قلت: رواه أبو داود في الفتن من حديث أبي هريرة بإسناد يحتج برجاله في الصحيح. (1)
وقوله: "ويل للعرب من شر قد اقترب" رواه الشيخان والترمذي من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها مطولًا (2)، وروى أحمد عن أبي هريرة يرفعه:"ويل للعرب من شر قد اقترب، كقطع الليل المظلم" فذكر وقال: المستمسك منهم بدينه كالقابض على الجمر (3).
4310 -
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن السعيد لمن جُنّب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جُنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر، فواها".
قلت: رواه أبو داود في الفتن من حديث المقداد بن الأسود وسكت عليه. (4)
وواها: معناه التلهف، وقد توضع أيضًا موضع الإعجاب بالشيء يقال: واهًا له.
4311 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وضع السيف في أمتي، لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي الله، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله".
قلت: رواه الترمذي في الفتن من حديث عمرو بن شريك عن ثوبان، وقال: حديث صحيح، ورواه أبو داود وابن ماجه مطولًا (5) وقد تقدم ذكر أوله في ثاني حديث الحسان
(1) أخرجه أبو داود (4249) وإسناده صحيح.
(2)
أخرجه البخاري (3346) و (3598) و (7135)، ومسلم (2880)، والترمذي (2187)، وأحمد (6: 428).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 391).
(4)
أخرجه أبو داود (4263) وإسناده صحيح. انظر: الصحيحة (975).
(5)
أخرجه أبو داود (4252) ، والترمذي (2202)، وابن ماجه (3952) وإسناده صحيح.
من هذا الباب، وروى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي إلى آخره (1).
4312 -
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو لست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن يهلكوا، فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم، يقم لهم سبعين عامًا".
قلت: أمما بقي أو مما مضى؟ قال: "مما مضى".
قلت: رواه أبو داود في الفتن من حديث البراء بن ناجية الكاهلي عن ابن مسعود، قال المنذري: قال البخاري: البراء بن ناجية، قال لي ابن أبي شيبة عن قبيصة هو المحاربي وقال ابن عيينة: الكاهلي عن ابن مسعود: لم يذكر سماعًا من ابن مسعود انتهى. (2)
قال في الميزان (3): البراء: فيه جهالة لا يعرف، إلا بحديث: تدور رحى الإسلام بخمس وثلاثين سنة، تفرد عنه ربعي بن حِراش.
قوله صلى الله عليه وسلم: تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين سنة، أو ستة وثلاثين، أو سبع وثلاثين، قال في الفائق (4): يقال: دارت رحى الحرب إذا قامت على ساقها، والمعنى أن الإسلام يمتد قوام أمره على سنن الاستقامة والبعد عن إحداثات الظلمة إلى أن تقضى هذه المدة التي هي بضع وثلاثون سنة، ووجهه أن يكون صلى الله عليه وسلم قد قاله وقد بقيت من عمره السنون الزائدة على الثلاثين باختلاف الروايات، فإذا انضمت إلى خلافة الأئمة الأربعة الراشدين وهي ثلاثون سنة: لأبي بكر سنتان وثلاثة أشهر وتسع ليال، ولعمر عشر سنين وثلاثة أشهر وخمس ليال، ولعثمان ثنتا عشرة سنة إلا اثني عشرة ليلة، ولعلي خمس سنين إلا ثلاثة أشهر كانت بالغة ذلك المبلغ.
(1) أخرجه مسلم (1920).
(2)
أخرجه أبو داود (4254). وقول المنذري في تهذيب سنن أبي داود (6/ 141)، وهو في التاريخ الكبير للبخاري (2/ 118).
(3)
انظر: ميزان الاعتدال (1/ 302) رقم (1142).
(4)
انظر: الفائق للزمخشري (2/ 49).