الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يُنهى عن التهاجُر والتقاطُع واتباع العورات
من الصحاح
4042 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام".
قلت: رواه الشيخان وأبو داود ثلاثتهم في الأدب والترمذي في البر كلهم من حديث أبي أيوب الأنصاري (1) واسمه: خالد بن زيد.
وفي الحديث دليل على: تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال، وإباحتها في الثلاث الأولى بنص الحديث والثاني بمفهومه.
وفيه دليل: لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة، ويرفع الإثم، وقال أحمد: إن كان يؤذيه فلا يقطع السلام هجره، قال أصحابنا: ولو كاتبه أو راسله عند غيبته عنه هل تزول الهجرة؟ فيه وجهان: أصحهما نعم، لزوال الوحشة، وإنما قيد صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات بالمسلم لأنه هو الذي يقبل الخطاب الشرعي، وينتفع به لا لإخراج الكافر فإن الصحيح أنهم مخاطبون.
قال في شرح السنة (2): أما هجران الوالد الولد، والزوج زوجته، ومن كان في معناهما، فلا يضيّق بثلاث، وقد هجر صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، وكذا هجران أهل المعاصي والريب في الدين، مشروع إلى أن يتوبوا.
4043 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسّسوا ولا تجسّسوا ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا".
(1) أخرجه البخاري (6077)، ومسلم (2560)، وأبو داود (4911) والترمذي (1923).
(2)
شرح السنة (13/ 101). وانظر كذلك: أعلام الحديث للخطابي (3/ 2188)، ومعالم السنن (4/ 114).
ويروى: "ولا تنافسوا".
قلت: رواه الشيخان وأبو داود كلهم في الأدب من حديث أبي هريرة واللفظ للبخاري، ولم يقل البخاري:"ولا تنافسوا" بل هي في مسلم (1) والظن المنهي عنه في الحديث هو ظن السوء.
قال الخطابي (2): هو تحقيق الظن وتصديقه دون ما يهجس في النفس فإن ذلك لا يملك.
قال النووي (3): مراد الخطابي ما يقر صاحبه عليه، ويستقر في قلبه دون ما يعرض في القلب، ولا يستقر، قال سفيان الثوري: والظن الذي يأثم به هو ما ظنه وتكلم به فإن لم يتكلم به لم يأثم.
قوله: ولا تحسسوا ولا تجسسوا، الأول بالحاء، والثاني بالجيم، قال بعض العلماء: التحسس: بالحاء الاستماع لحديث القوم، وبالجيم: البحث عن العورات، وقيل: بالجيم البحث عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال: في الشر، والجاسوس صاحب سر الشر، والناموس صاحب سر الخير، وقيل: هما بمعنى واحد، وهو: طلب الأخبار الغائبة والأحوال.
والنجش: هو الزيادة في الثمن ليغر غيره من غير رغبة فيه (4).
قال القاضي عياض (5): ويحتمل أن المراد هنا بالتناجش: ذم بعضهم بعضًا، والتدابر: المعاداة، وقيل: المقاطعة؛ لأن كل واحد منهما يولى صاحبه دبره.
(1) أخرجه البخاري (6066)، ومسلم (2563)، وأبو داود (4917).
(2)
انظر: أعلام الحديث للخطابي (3/ 2189)، ومعالم السنن (4/ 114).
(3)
المنهاج (16/ 179).
(4)
انظر: المنهاج للنووي (16/ 180 - 181).
(5)
انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض (2/ 5).
4044 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنْظِروا هذين حتى يصطلحا".
قلت: رواه مسلم في البر وأبو داود في الأدب والترمذي في الأدب وابن حبان في صحيحه كلهم من حديث أبي هريرة (1) ولم يخرجه البخاري، قال أبو داود: كانت الهجرة لله، فليس من هذا بشيء، وإن عمر بن عبد العزيز غطى وجهه عن رجل.
ووهم الشيخ محب الدين الطبري فنسبه لتخريج البخاري فلا تغتر بذلك.
ومعنى: فتح أبواب الجنة، قال الباجي: هو كثرة الصفح والغفران ورفع المنازل وإعطاء الثواب الجزيل، وقال عياض (2): ويحتمل أن يكون على ظاهره، وأن فتح أبوابها علامة لذلك، والشحناء: العداوة كأنه شحن قلبه بغضًا أي ملأه.
وأنظروا هذين: بقطع الهمزة أي: أخروهما (3).
4045 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين: يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدًا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا".
قلت: رواه مسلم في البر من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري (4) أيضًا وفي نسخة مسلم: اتركوا هذين، أو أركو بالشك حتى يفيئا، أو معنى اتركوا ظاهر: أي أخروهما، وأما اركوا: فهو بالراء الساكنة وضم الكاف والهمزة في أوله همزة وصل،
(1) أخرجه مسلم (2565)، وأبو داود (4916)، والترمذي (747)، وابن حبان (3644).
(2)
انظر قول القاضي عياض في إكمال المعلم (8/ 33)، وهو نقل قول الباجي هذا أيضًا.
(3)
انظر: المنهاج للنووي (16/ 184 - 185).
(4)
أخرجه مسلم (2565).
أي أخروا يقال: ركاه يركوه ركوا إذا آخره، قال بعضهم: ويجوز أن يروى بقطع الهمزة المفتوحة، من قولهم: أركيت الأمر إذا أخرته، وقال آخرون: روي بقطعها ووصلها.
قوله صلى الله عليه وسلم: حتى يفيئا أي يرجعا عما هما عليه من العداوة، والفيء: الرجوع (1).
4046 -
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم".
قلت: رواه مسلم في صفة عرش إبليس قبل صفة الجنة، والترمذي في الزهد كلاهما من حديث جابر ولم يخرجه البخاري. (2)
4047 -
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرًا، وينمي خيرًا"، قالت: ولم أسمعه تعني: النبي صلى الله عليه وسلم يُرخّص في شيء مما يقول الناس كذبًا، إلا في ثلاثة: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.
قلت: رواه الشيخان: البخاري في الصلح ومسلم في الأدب (3) إلا قولها: ولم أسمعه يرخص في شيء إلى آخره، فإن البخاري رواه موقوفًا ولم يرفعه، وقفه على ابن شهاب ومسلم رفع الجميع هذا قاله الحافظ عبد الحق والحميدي (4).
ورواه أبو داود في الأدب والترمذي في البر والنسائي في السير كلهم من حديث أم كلثوم.
قوله صلى الله عليه وسلم: ينمي بفتح الياء وتخفيف الميم، إذا بلغته على وجه الإصلاح والخير وأصله الرفع، ونميت الحديث تنميه إذا بلغته على وجه النميمة والإفساد، هكذا قاله الجوهري
(1) انظر: المنهاج للنووي (16/ 185).
(2)
أخرجه مسلم (2812)، والترمذي (1937).
(3)
أخرجه البخاري (2692)، ومسلم (2605)، والترمذي (1938)، وأبو داود (4920)(4921).
(4)
انظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (4/ 276 - 277).