المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قلت: هذه الرواية ليست في شيء من الصحيحين إنما هي - كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح - جـ ٤

[الصدر المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب اللباس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الخاتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب النعال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الترجل

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التصاوير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الطب والرقى

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الفأل والطيرة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الكهانة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب السلام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الاستئذان

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المصافحة والمعانقة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب القيام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العطاس والتثاؤب

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الضحك

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأسامي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البيان والشعر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الوعد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المزاح

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المفاخرة والعصبية

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البر والصلة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحب في الله

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما يُنهى عن التهاجُر والتقاطُع واتباع العورات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحذر والتأني في الأمور

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الغضب والكبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الظلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمر بالمعروف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرقاق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فضل الفقراء، وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمل والحرص

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التوكل والصبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرياء والسمعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البكاء والخوف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب تغير الناس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فيه ذكر الإنذار والتعذير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الفتن

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الملاحم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب أشراط الساعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب قصة ابن صياد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب نزول عيسي عليه السلام

- ‌من الصحاح

- ‌باب قرب الساعة، وأن من مات، فقد قامت قيامته

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب لا تقوم الساعة إلا على الأشرار

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

الفصل: قلت: هذه الرواية ليست في شيء من الصحيحين إنما هي

قلت: هذه الرواية ليست في شيء من الصحيحين إنما هي في الترمذي فكان من حق المصنف أن يذكرها في الحسان. (1)

‌من الحسان

3819 -

قال: ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: رواه الترمذي في المناقب من حديث عبد الله بن الحارث بن جَزْء، وفي سنده ابن لهيعة القاضي. (2)

‌باب الأسامي

‌من الصحاح

3820 -

قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في السوق، قال رجل: يا أبا القاسم! فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما دعوت هذا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سموا باسمي، ولا تكنّوا بكنيتي".

قلت: رواه البخاري في البيوع ومسلم في الأسماء والكنى والترمذي في الاستئذان من حديث أنس بن مالك. (3)

وهذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة في هذا المعنى دليل لما ذهب إليه الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه من أنه لا يجوز لأحد من خلق الله تعالى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكنى بأبي القاسم سواء كان اسمه محمدًا أو غيره.

(1) أخرجه الترمذي (2850).

(2)

أخرجه الترمذي (3641) وقال: حسن غريب، وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف.

وقد أخرجه الترمذي أيضًا (3642) فرواه يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن الحارث، وإسناده صحيح، انظر: هداية الرواة (4/ 353).

(3)

أخرجه البخاري (2120)، ومسلم (2131)، والترمذي (2841).

ص: 202

وفي المسألة مذاهب: أحدها: هذا الذي ذهب إليه الشافعي، ومن وافقه من العلماء وقد روى عن الشافعي هذا الأئمة الحفاظ المتقنون الأثبات منهم أبو بكر البيهقي والبغوي في تهذبيه في أول كتاب النكاح وأبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق (1).

والمذهب الثاني: مذهب مالك أنه يجوز التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره ويجعل النهي خاصًّا بحياته صلى الله عليه وسلم.

والمذهب الثالث: لا يجوز لمن اسمه أحمد ويجوز لغيره، قال أبو القاسم الرافعي ويشبه أن يكون هذا الثالث أصح لأن الناس لم يزالوا يكتنون به وجميع الأعصار من غير إنكار انتهى كلامه.

وظاهر الأحاديث مع الشافعي رضي الله عنه ولكن قد يكني به جماعات من الأئمة الأعلام وأهل الحل والعقد الذين يقتدى بهم في الدين، وهذا فيه تقوية لمذهب مالك ويكونون قد فهموا من النهي الاختصاص بحياته صلى الله عليه وسلم (2).

3821 -

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، فإني إنما جعلت قاسمًا أقسم بينكم".

قلت: رواه البخاري في الأدب ومسلم في الأسماء جميعًا من حديث جابر ابن عبد الله ورواه أبو داود مختصرًا. (3)

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإني إنما جعلت قاسمًا أقسم" قال القاضي عياض (4): هذا يشير إلى أن الكنية إنما تكون بسبب وصف صحيح في المكنى أو بسبب اسم ابنه، وأما غير أبي

(1) انظر: دلائل النبوة للبيهقي (1/ 162 - 164)، وتاريخ دمشق (3/ 35 - 39)، والمنهاج للنووي (14/ 160)، وإكمال المعلم (7/ 7 - 10).

(2)

انظر: فتح الباري (10/ 571).

(3)

أخرجه البخاري (6187)، ومسلم (2133).

(4)

انظر: إكمال المعلم (7/ 9 - 10).

ص: 203

القاسم من الكنى فأجمع المسلمون على جوازه سواء كان له ابن أو بنت يكنى بها أو به أو لم يكن له ولد أو كان صغيرًا أو كني بغير ولده (1).

3822 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن".

قلت: رواه مسلم في الأسماء وأبو داود في الأدب والترمذي في الاستئذان كلهم من حديث ابن عمر. (2)

وفي هذا الحديث تفضيل التسمية بهذين الاسمين وتفضيلهما على سائر ما سمي به، ولعل هذا محمول على من أراد أن يسمي نفسه بالعبودية، فتقديره: أحب أسمائكم إلى الله إذا تسميتم بالعبودية عبد الله وعبد الرحمن، لأنهم كانوا يسمون بعبد الدار وعبد شمس أو يكون محمولًا على غير اسم محمد، وإلا فمحمد وأحمد وجميع أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلى الله من جميع الأسماء غيرها، فإن الله تعالى لم يختر لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا ما هو أحب إليه، هذا هو الصواب، ولا يجوز حمله على الإطلاق.

3823 -

قال صلى الله عليه وسلم: "لا تسمين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجيحًا، ولا أفلح، فإنك تقول: أثم هو؟ فلا يكون، فيقال: لا".

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث سمرة بن جندب (3) وأول الحديث قدمه المصنف في باب الدعاء، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا يضرك بأيهن بدأت، لا تسمين غلامك .. إلى آخره ولم يخرجه البخاري، ويلحق بهذه الأسماء ما في معناها.

قال أصحابنا: تكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة في الحديث وما في معناها، ولا تختص الكراهة بها وحدها، وهي كراهة تنزيه لا تحريم، والعلة في الكراهة ما بينه صلى الله عليه وسلم.

- وفي رواية عنه: "لا تسمّ غلامك رباحًا، ولا يسارًا، ولا أفلح، ولا نافعًا".

(1) انظر: المنهاج للنووي (14/ 162).

(2)

أخرجه مسلم (2132)، وأبو داود (4949)، والترمذي (2833).

(3)

أخرجه مسلم (1685).

ص: 204

قلت: رواها مسلم والترمذي كلاهما في الاستئذان وأبو داود في الأدب ثلاثتهم من حديث سمرة بن جندب (1).

ووهم ابن الأثير (2) فعزاه لأبي داود والترمذي خاصة.

3824 -

أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمّى بـ: يعلى، وببركة، وبأفلح، وبيسار، وبنافع، وبنحو ذلك، ثم رأيته سكت بعد عنها، ثم قبض ولم ينه عن ذلك.

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث جابر بن عبد الله ولم يخرجه البخاري (3).

قوله: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى عن هذه الأسماء، معناه: أنَّه أراد أن ينهى عنها نهي تحريم، وأما النهي الذي هو للتنزيه فقد نهى عنه، بدليل ما تقدم من الأحاديث.

وقد روى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عشت إن شاء الله أنهى أمتي أن يسمُّوا نافعًا وأفلح وبركة". (4)

قال الأعمش: ولا أدري ذكر نافعًا أم لا؟ فإن الرجل يقول: إذا جاء بركة فيقولون: لا.

قال أبو داود: روى أبو الزبير عن جابر نحوه ولم يذكر "بركة"(5).

3825 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخنى الأسماء عند الله يوم القيامة رجل يسمى ملك الأملاك".

قلت: رواه البخاري وأبو داود كلاهما في الأدب من حديث أبي هريرة يرفعه (6) وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك" زاد في رواية: "لا مالك إلا الله" قال شقيق: مثل شاهان شاه.

(1) أخرجه مسلم (2136)، وأبو داود (4958)، والترمذي (2836).

(2)

انظر: جامع الأصول (1/ 361) رقم (150).

(3)

أخرجه مسلم (2138).

(4)

أخرجه أبو داود (4960).

(5)

أخرجه أبو داود تحت حديث (4960). انظر: جامع الأصول (1/ 361).

(6)

أخرجه البخاري (6206)، ومسلم (2143)، وأبو داود (4961).

ص: 205

قال الإمام أحمد: سألت أبا عمرو عن "أخنع" قال: أوضع (1)، وكذلك أخنى أوضع وأذل وأرذل، والخنى: الفحش، ويكون بمعنى أهلك ومنه قولهم: أخنى عليها الدهر أي أهلكها، واختلف في معنى:"ملك الأملاك"، فقيل: ما قاله شقيق، وقيل: هو أن يسمى بأسماء الله الذي هو ملك الأملاك: كالجبار والقادر والقاهر ونحوها (2).

3826 -

قال صلى الله عليه وسلم: "أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبث: رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله".

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث أبي هريرة يرفعه ولم يخرجه البخاري. (3)

قال ابن الأثير (4): وهذا من مجاز الكلام ومعدوله عن ظاهره، فإن الغيظ صفة تغير في المخلوق عند احتداده، يتحرك لها، والله منزه عن ذلك، وإنما هو كناية عن عقوبته للمتسمِّى بهذا الاسم: أي أنه أشد أصحاب هذه الأسماء عقوبة عند الله تعالى.

3827 -

زينب بنت أبي سلمة قالت: سُمّيت برة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، سموها زينب".

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث زينب بنت أبي سلمة ولم يخرجه البخاري. (5)

3828 -

(6) أن بنتًا لعمر كانت يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة.

(1) أخرجه البخاري (6205)، ومسلم (2143)، وانظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (3/ 132).

(2)

انظر: مختصر المنذري (7/ 258).

(3)

أخرجه مسلم (2142).

(4)

النهاية (3/ 402).

(5)

أخرجه مسلم (2142).

(6)

في المطبوع من المصابيح حديث قبل هذا وهو: عن ابن عباس أنه قال: كانت جويرية اسمها: برّة، فحوّل رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برّة. أخرجه مسلم (2140).

ص: 206

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث عمر بن الخطاب ولم يخرجه البخاري. (1)

3829 -

قال: أتي بالمنذر بن أبي أسَيْد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين ولد، فوضعه على فخذه، فقال:"ما اسمه؟ " قال: فلان، قال:"لكن اسمه المنذر".

قلت: رواه الشيخان في الأدب من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي يرفعه. (2)

3830 -

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي! كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي، وفتايَ وفتاتي، ولا يقل العبد: ربي، ولكن ليقل: سيدي".

قلت: رواه مسلم في آخر الطب من حديث الأعمش عن أبي صالح أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (3)

وأخرج الشيخان معنى حديث أبي هريرة من حديث أبي ذر. (4)

وقيل: النهي عن ذلك لئلا يتخذ عادة، ولا يذكر اسم سواه، حتى يفشو ويستعمل استعمال مثله في الخالق تبارك وتعالى، والنهي نهي أدب لا تحريم.

- ويروى: "ليقل سيدي ومولاي".

قلت: رواها مسلم تلو الحديث قبله.

قوله في المصابيح: ويروى: "ولا يقل العبد لسيده: مولاي! فإن الله مولاكم".

قلت: رواه مسلم أيضًا في الأدب من حديث أبي هريرة (5).

(1) أخرجه مسلم (2139).

(2)

أخرجه البخاري (6191)، ومسلم (2149).

(3)

أخرجه مسلم (2249).

(4)

أخرجه البخاري (2552)، ومسلم (2249).

(5)

أخرجهما مسلم بعد حديث (2249)، وانظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (15/ 9 - 11).

ص: 207

3831 -

قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا: الكَرْم، فإن الكرم قلب المؤمن".

قلت: رواه مسلم وفي رواية في الصحيحين في كتاب الأدب: "لا تقولوا الكرم إنما الكرم قلب المؤمن". (1)

وفي رواية فيهما: "لا تسموا العنب الكرم، فإن الكرم المسلم" واللفظ لمسلم، وفي لفظ البخاري ومسلم:"يقولون الكرم إنما الكرم قلب المؤمن" كل هذه الروايات من حديث أبي هريرة.

قال صاحب الغريبين (2): سمي الكرم كرمًا لأن الخمر المتخذة منه تحث على السخاء والكرم، فاشتقوا اسمًا للعنب من الكرم الذي يتولد من الخمر المتولد من العنب، فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يسموا أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم، وأسقط الخمر عن هذه الرتبة تحقيرًا لها وتأكيدًا لحرمتها، يقال: رجل كرم أي كريم، وصف بالمصدر.

قوله صلى الله عليه وسلم: فإن الكرم قلب المؤمن، قال الزمخشري (3): أراد أن يقرر ويشدّد ما في قوله عز وجل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} بطريقة أنيقة، ومسلك لطيف، وليس المراد: حقيقة النهي عن تسمية العنب كَرْمًا، ولكن إشارة إلى أن المسلم التقي جدير بأن لا يشارك فيما سماه الله به.

3832 -

قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا: الكرم، ولكن قولوا: العنب، والحبلة".

قلت: رواه مسلم في الأدب (4) من حديث وائل بن حجر يرفعه ولم يخرجه البخاري ولا أخرج عن وائل في كتابه شيئًا.

(1) أخرجه البخاري (6183)، ومسلم (2247).

(2)

الغريبين للهروي (5/ 116 - 117).

(3)

الفائق للزمخشري (3/ 257).

(4)

أخرجه مسلم (2248).

ص: 208

والحبلة: بفتح الحاء والباء ويقال أيضًا بإسكان الباء. قال الجوهري (1): القضيب من الكرم.

3833 -

قال صلى الله عليه وسلم: "لا تسموا العنب الكرم، ولا تقولوا: خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر".

قلت: رواه البخاري في الأدب من حديث أبي هريرة يرفعه وروى مسلم في الأدب أيضًا مثل معناه من حديث أبي هريرة. (2)

والخيبه: بالخاء المعجمة والياء المثناة من تحت والباء الوحدة، الحرمان والخسران.

3834 -

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يسب أحدكم الدهر، فإن الله هو الدهر".

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث أبي هريرة ولم يخرج البخاري هذا اللفظ. (3)

ومعنى هو الدهر: أي فاعل الحوادث والنوازل، وخالق الكائنات سبحانه وتعالى.

3835 -

قال صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار".

قلت: رواه البخاري في كتاب التوحيد بلفظه وفي التفسير ومسلم في الأدب وأبو داود وبه ختم كتابه والنسائي في التفسير كلهم من حديث أبي هريرة يرفعه ولم يقل مسلم: وبيده الأمر (4).

ومعنى يؤذيني: يعاملني معاملة توجب الأذى في حقكم.

(1) انظر: الصحاح للجوهري (4/ 1665).

(2)

أخرجه البخاري (6182)، ومسلم (2246).

(3)

أخرجه مسلم (2247).

(4)

أخرجه البخاري (4826)، ومسلم (2246)، وأبو داود (5274)، والنسائي في الكبرى (11486).

ص: 209

وأما قوله عز وجل: "وأنا الدهر" فإنَّه برفع الراء كما قاله الشافعي وأبو عبيد وجماهير العلماء (1).

وقال محمد بن داود الأصبهاني: الظاهر إنما هو بالنصب على الظرف أي أنا مدة الدهر أقلب ليله ونهاره.

وحكى ابن عبد البر (2) هذه الرواية عن بعضهم، وقال النحاس: يجوز النصب أي فإن الله باق مقيم أبدًا لا يزول.

قال القاضي (3): قال بعضهم: هو منصوب على التخصيص، قال: والظرف أصح وأصوب، وأما رواية الرفع فيشهد له قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث قبله فإن الله هو الدهر.

قال العلماء: وهو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو غير ذلك فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر"، أي لا تسبوا فاعل النوازل، فإنكم إذا سببتم فاعلها، وقع السب على الله تعالى، لأنه هو فاعلها ومنزلها، وأما الدهر فمخلوق له، وذهب من لا تحقيق له إلى أن الدهر اسم من أسمائه تعالى ولا يصح ذلك (4).

3836 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لَقِسَت نفسي".

(1) انظر: مناقب الشافعي (1/ 336)، وغريب الحديث لأبي عبيد (1/ 285)، وغريب الحديث للخطابي (1/ 490).

(2)

انظر: التمهيد (18/ 154).

(3)

انظر: إكمال المعلم (7/ 183 - 184).

(4)

انظر هذا الكلام في المنهاج للنووي (15/ 4 - 5).

ص: 210