الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3850 -
ويروى: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، وقولوا ما شاء الله وحده". (منقطع).
قلت: قال البغوي في شرح السنة: روي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد منقطع. (1)
باب البيان والشعر
من الصحاح
3851 -
قال: قدم رجلان من المشرق، فخطبا، فعجب الناس لبيانهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن من البيان لسحرًا".
قلت: رواه البخاري في النكاح وفي الطب وأبو داود في الأدب والترمذي في البر من حديث ابن عمر والرجلان: الزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم ولهما صحبة. (2)
والأهتم بفتح التاء ثالثة الحروف وكان قدومهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع من الهجرة.
والبيان: إظهار المقصود بأبلغ لفظ من الفهم وذكاء القلب مع اللسان.
واختلف العلماء في مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فقيل: أورده مورد الذم لتشبيهه بعمل السحر في قلب الأعيان، وتزيينه القبيح، وتقبيحه الحسن، وإليه أشار الإمام مالك رضي الله عنه فإنه ذكر هذا الحديث في الموطأ في باب ما يكره من الكلام (3)، وقيل: هو مدح أي أنه تمال به القلوب ويترضا به الساخط، ويستنزل به الكذب ويشهد له "إن من
(1) أخرجه البغوي في شرح السنة (12/ 361). وقال الشيخ الألباني رحمه الله وقد وصله أحمد من حديث الطفيل انظر: الصحيحة (138).
(2)
أخرجه البخاري في الطب (5767)، وأبو داود (5007)، والترمذي (2028).
(3)
انظر: موطأ مالك (2/ 986).
الشعر حكمة"، وهذا لا ريب فيه أنه مدح، فكذلك مصراعه الذي بإزائه فقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن من البيان سحرًا وإن من الشعر حكمة (1).
3852 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر لحكمة".
قلت: رواه البخاري وأبو داود وابن ماجه كلهم في الأدب من حديث أبي بن كعب. (2)
3853 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون"، قالها ثلاثًا.
قلت: رواه مسلم في القدر وأبو داود في السنة من حديث ابن مسعود. (3)
قال العلماء: ويعني كلمة المتنطعين أي المبالغين في الأمور المتعمقين في الكلام ويكون الذين يتكلمون بأقصى حلوقهم.
3854 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصدق كلمة قالها الشاعر، كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل".
قلت: رواه البخاري في أيام الجاهلية وفي الأدب وفي الرقاق ومسلم في الشعر والترمذي في الاستئذان وفي الشمائل وابن ماجه في الأدب من حديث أبي هريرة. (4)
3855 -
قال: ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيئًا؟ " قلت: نعم، قال:"هيه"، فأنشدته بيتًا فقال:"هيه"، ثمَّ أنشدته بيتًا فقال:"هيه"، حتى أنشدته مائة بيت.
قلت: رواه مسلم في الشعر من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه، وفي طريق أخرى قال: يعني النبي صلى الله عليه وسلم إن كاد ليسلم، ولم يخرج البخاري هذا الحديث. (5)
(1) انظر: معالم السنن للخطابي (4/ 127).
(2)
أخرجه البخاري (6145)، وأبو داود (5010)، وابن ماجه (3755).
(3)
أخرجه مسلم (2670)، وأبو داود (4608).
(4)
أخرجه البخاري (6147)، ومسلم (2256)، وابن ماجه (3757)، والترمذي (2849).
(5)
أخرجه مسلم (2255). وهو: الشريد بن سويد الثقفي الصحابي رضي الله عنه.
والشريد: بشين معجمة مفتوحة ثم راء مخففة مكسورة.
قوله: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت" قال النووي (1): هكذا وقع في جميع النسخ "شيئًا" بالنصب، وفي بعضها: بالرفع، وعلى رواية النصب فيقدر محذوف أي هل معك فتنشدني شيئًا انتهى. ولو قدره الشيخ: هل تجد معك شيئًا لكان أحسن.
قوله صلى الله عليه وسلم: "هيه" بكسر الهاء وإسكان الياء وكسر الهاء الثانية والهاء الأولى بدل من الهمزة وأصله من ايه، وهي كلمة للاستزادة من الحديث، قالوا: وهي مبنية على الكسر.
قال في شرح السنة (2): ويروى: "إيه" أي: زِدْ، ويروى: أنه قيل لعبد الله بن الزبير: يا ابن ذات النطاقين، فقال: إيه، أي: زدني من هذه النقيبة.
وابن أبي الصلت يقفي من شعر الجاهلية، أدرك منادي الإسلام ولم يسلم، وفي بعض طرق الحديث:"أسلم شعره، وكفر قلبه"، وإنما استنشد الشريد لأنه يقفي مثله (3).
3856 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض المشاهد، وقد دميت إصبعه، فقال:
"هل أنت إلا إصبع دميت
…
وفي سبيل الله ما لقيت".
قلت: رواه البخاري في الجهاد ومسلم في المغازي والترمذي في التفسير والنسائي في اليوم والليلة كلهم من حديث جندب بن عبد الله. (4)
وقد ذهب جمع من العلماء إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان لم يعلم الشعر وهو الأصح، حتى قيل لم ينشد بيتًا تامًّا قط، ألا ترى أنه حين ذكر بيت طرفة. قال:
ويأتيك من لم تزود بالأخبار.
(1) انظر: المنهاج للنووي (15/ 18 - 19).
(2)
شرح السنة (12/ 371).
(3)
انظر ترجمة أمية بن أبي الصلت في الإصابة (1/ 249 - 252).
(4)
أخرجه البخاري (2802)، ومسلم (1796)، والترمذي (3345)، والنسائي في الكبرى (10393).
وذهب قوم إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن الشعر ولكن لا يقوله: وتأولوا قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} وأنه رد على المشركين في قولهم (بل هو شاعر) ومن ذكر بيتًا واحدًا لا يلزمه هذا الاسم.
واختلفوا في الرجز هل هو شعر أم لا؟ فقال: قوم إنه ليس بشعر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتجز، ولو كان شعرًا لكان ممنوعًا عنه، وذهب قوم إلى أنه شعر، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذه الكلمات على طريق النظم، بل قال:"هل أنت إلا أصبع دميت". من غير مد "دميت" وقال: "أنا النبي لا كذب" بفتح الباء، "أنا ابن عبد المطلب" بالخفض أو لم يكن عن نيّة ورويّة وإن استوى على وزن الشعر، ومثله موجود في نثر الفصحاء وأما التمثيل ببيت من شعر فكان مباحًا له صلى الله عليه وسلم. (1)
3857 -
قال النبي صلى الله عليه وسلم: يوم قريظة لحسان بن ثابت: "اهج المشركين، فإن جبريل معك".
قلت: رواه الشيخان. (2)
3858 -
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: "أجب عني، اللهم أيده بروح القدس".
قلت: رواه الشيخان من حديث أبي هريرة: أن عمر مر بحسان، وهو ينشد الشعر في المسجد، فلحظ إليه، فقال: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة وقال: أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أجب عني، اللهم أيده بروح القدس؟ " قال: اللهم نعم، البخاري: في بدء الخلق وفي الأدب وفي الصلاة ومسلم في الفضائل وأبو داود في الأدب والنسائي في الصلاة وفي اليوم والليلة كلهم من حديث أبي هريرة (3).
(1) انظر هذا الكلام في شرح السنة للبغوي (12/ 372 - 373).
(2)
أخرجه البخاري (4124)، ومسلم (2486).
(3)
أخرجه البخاري (6152)، و (453)، ومسلم (2485)، وأبو داود (3212)، والنسائي في الكبرى (795)، وفي عمل اليوم والليلة (171).
وروح القدس قيل: هو جبريل عليه السلام وسمي بالروح لأنه يأتي بما فيه حياة القلب وأضيف إلى القدس لأنه مجبول على الطهارة.
3859 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اهجوا قريشًا، فإنه أشد عليهم من رشق النبل".
قلت: رواه مسلم في فضائل حسان من حديث عائشة. (1)
3860 -
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك، ما نافحت عن الله ورسوله"، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هجاهم حسان فشفاء وأشفا".
قلت: هذا الحديث رواه مسلم في الفضائل (2) هو والحديث الذي قبله في حديث واحد، أحببت ذكره كله لاشتماله على فوائد، وروي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أهجو قريشًا، فإنه أشد عليها من رشق النبل" فأرسل إلى ابن رواحة، فقال:"اهجهم". فهجاهم، فلم يُرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذَنَبه ثمَّ أَدلع لسانه فجعل يحرّكه، فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا، حتى يخلص لك نسبي"، فأتاه حسان، ثم رجع، فقال: يا رسول الله لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلّنك منهم كما تُسل الشعرة من العجين، قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسّان بن ثابت: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك، ما نافحت عن الله ورسوله"، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هجاهم حسان فشفى وأشفى".
هجوت محمدًا فأجبتُ عنه
…
وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدًا برًّا حنيفا
…
رسول الله شيمته الوفاء
(1) أخرجه مسلم (2490).
(2)
أخرجه مسلم (2490).
فإن أبي ووالده وعرضي
…
لعرض محمدٍ منكم وقاء
ثَكِلْتُ بنَيتي إن لم تروها
…
تثير النقع غايتها كداء
يُبارين الأعِنّة مُصْعدات
…
على أكتافها الأسَل الظماء
تظل جيادها متمطرات
…
تلطمهن بالخُمُر النساء
فإن أعرضتموا عنّا اعتمرنا
…
وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لضراب يوم
…
يعز الله فيه من يشاء
وقال الله: قد أرسلت عبدًا
…
يقول الحق ليس به خَفاء
وقال الله: قد يسرت جندًا
…
هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد
…
سِباب أو قتال أو هِجاء
فمن يهجو رسول الله منكم
…
ويمدحه وينصره سواء
وجبريل رسول الله فينا
…
وروح القدس ليس له كِفاء (1)
المنافحة: المخاصمة، وروح القدس: جبريل عليه السلام، والتأييد: التقوية، ورشق النبل: رمي النبل بالفتح المصدر، يقول: رشقت رشقًا وبالكثير لوجهه من الرمي إذا رموا بأجمعهم قالوا: رمينا رِشقًا.
وأدلع لسانه: أي أخرجه، ودلع لسانه، يتعدى ولا يتعدى.
ولأفرينهم: أي لأقطعنهم على جهة الإفساد، يقول: أفريت الشيء إذا قطعته على وجه الإفساد، وفريته: إذا قطعته على وجه الإصلاح.
وفري الأديم قطع الجزّار إياه.
والبر: بفتح الباء الواسع الخير والنفع، والمراد هنا الأول، ومصعدات أي: مقبلات إليكم، والخمر: بضم الخاء المعجمة ويروى بالخمر بفتح الميم جمع خمرة والأول أشهر وأبلغ، وعرضتها بضم العين أي مقصودها ومطلوبها، وأكتافها: بالتاء المثناة فوق. والحنيف: المائل عن الأديان إلى الإسلام.
(1) أخرجه مسلم (2490).
وشيمته أي خلقه، وقد احتج ابن قتيبة بقول حسان فإن أبي ووالده
…
البيت، لمذهبه أن عرض الإنسان هو نفسه لا أسلافه، لأنه ذكر عرضه وأسلافه بالعطف، وقال غيره: عرض الإنسان هو أموره كلها، التي يحمد بها ويذم من نفسه وأسلافه، وكل ما لحقه نقص بسببه.
والنقع: الغبار، وإثارته نشره، وإظهاره في الحق.
وكداء: الممدود بفتح الكاف، وهو بأعلى مكة عند المقبرة، وتسمى الناحية: المعلا.
وهنالك المحصّب وليس بمحصب مني، وكدى بالقصر والضم مصروفا وهو بأسفل مكة، وهو شعب الشافعين عند قعيقعان.
والأسل: الرماح، وهو في الأصل: نبات له أغصان دقاق طوال.
والظماء: جمع ظامىء، وهو العطشان، جعل الرماح عطاشًا، إلى ورود الدماء استعارة، فهي إلى ذلك أسرع كمسارعة العطشان إلى ورود الماء.
ومتمطّرات: مسرعات يقال: مطر الفرس يمطر مطرًا إذا أسرع، وتمطّر تمطّرًا: مثله (1).
واللطيمة: الحمال الذي يحمل العطر، والزفير المبرة، ولطائم المسك أو عينه، ومعنى يلطمهن بالخمر النساء أي ينفضن ما عليها من العبار فاستعار له اللطم (2).
3861 -
قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق، حتى اغبّر بطنه، ويقول:
"والله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
…
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا
…
إذا أرادوا فتنة أبينا"
يرفع بها صوته: "أبينا، أبينا".
(1) نقله المؤلف من جامع الأصول لابن الأثير (5/ 177 - 179).
(2)
انظر: إكمال المعلم (7/ 528 - 532)، والمنهاج للنووي (16/ 73 - 75).
قلت: رواه البخاري في القدر وفي غيره ورواه مسلم مع بعض تغيير في ألفاظه في المغازي. (1)
3862 -
قال: جعل المهاجرون والأنصار، يحفرون الخندق، وينقلون التراب، وهم يقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا
…
على الجهاد ما بقينا أبدا
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يجيبهم:
"اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
…
فاغفر للأنصار والمهاجرة".
قلت: رواه الشيخان البخاري في الجهاد وفي المغازي وفي غيرهما ومسلم في المغازي والنسائي في السير من حديث أنس. (2)
3863 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف رجل قيحًا يريه: خير من أن يمتلىء شعرًا".
قلت: رواه البخاري في الأدب ومسلم في أواخر الطب في باب الشعر وأبو داود والترمذي وابن ماجه في الأدب من حديث أبي هريرة. (3)
ولم يذكر أبو داود: يريه، والقيح: الصديد الذي يسيل من الدمل والجرح.
ومعنى: يريه قال الجوهري: ورى القيح جوفه يَريه وَرْيًا: أكله.
قال ابن الأثير (4): وقال فيه قوم: إن معنى يريه أي حتى يصيب رئته وأنكره آخرون، وقالوا: لأنَّ الرئة مهموزة وإذا بَنَيْت فعلًا في معنى أصابته الرئه تقول رآه، يرآه مهموز فيكون القياس يرآه، ولفظ الحديث: إنما هو يريه، قال: ورأيت
(1) أخرجه البخاري (6620)، ومسلم (1803).
(2)
أخرجه البخاري (6155)، ومسلم (2257)، والنسائي في الكبرى (8316).
(3)
أخرجه البخاري (6155)، ومسلم (2257)، وأبو داود (5009)، والترمذي (2851)، وابن ماجه (3759).
(4)
انظر: جامع الأصول (5/ 165 - 166)، والنهاية (5/ 178 - 179).