المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال المنذري (1): وقيل: إنه أشبه بالصواب، ويروى من حديث - كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح - جـ ٤

[الصدر المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب اللباس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الخاتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب النعال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الترجل

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التصاوير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الطب والرقى

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الفأل والطيرة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الكهانة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب السلام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الاستئذان

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المصافحة والمعانقة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب القيام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العطاس والتثاؤب

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الضحك

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأسامي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البيان والشعر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الوعد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المزاح

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المفاخرة والعصبية

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البر والصلة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحب في الله

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما يُنهى عن التهاجُر والتقاطُع واتباع العورات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحذر والتأني في الأمور

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الغضب والكبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الظلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمر بالمعروف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرقاق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فضل الفقراء، وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمل والحرص

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التوكل والصبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرياء والسمعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البكاء والخوف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب تغير الناس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فيه ذكر الإنذار والتعذير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الفتن

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الملاحم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب أشراط الساعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب قصة ابن صياد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب نزول عيسي عليه السلام

- ‌من الصحاح

- ‌باب قرب الساعة، وأن من مات، فقد قامت قيامته

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب لا تقوم الساعة إلا على الأشرار

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

الفصل: قال المنذري (1): وقيل: إنه أشبه بالصواب، ويروى من حديث

قال المنذري (1): وقيل: إنه أشبه بالصواب، ويروى من حديث معاوية بن أبي سفيان، ولا يثبت، وسئل ثعلب عن معناه؟ فقال: يعمي العين عن النظر إلى مساويه، ويصم الأذن عن استماع العذل فيه وأنشأ يقول:

وكذبت طرفي فيك، والطرف صادق

وأسْمعت أذني فيك ما ليس تسمع

وقال غيره: يعمي ويصم عن الآخرة.

وفائدته: النهي عن حب ما لا ينبغي الإغراق في محبته (2).

‌باب البر والصلة

‌من الصحاح

3955 -

قال: قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك"، ويروى: من أبر؟ قال: "أمك، ثم أمك، ثم أمك ثم أباك، ثم أدناك أدناك".

قلت: أخرج الحديث الشيخان وابن ماجه في الأدب كلهم من حديث أبي هريرة وأبو حاتم والرواية: في مسلم. (3)

والصحابة. بفتح الصاد بمعنى الصحبة.

(1) انظر: مختصر السنن (8/ 31).

(2)

قال الحافظ ابن حجر في أجوبته: "

ومعنى هذا الحديث أنه خبر يراد به النهي عن اتباع الهوى، فإنه من يفعل ذلك لا يبصر قبيح ما يفعله، ولا يسمع نصح من يُرشده، وإنما يقع ذلك لمن لم يتفقد أحوال نفسه، والله أعلم، انظر هداية الرواة (4/ 406).

(3)

أخرجه البخاري (5971)، ومسلم (2548)، وابن ماجه (2706)، وابن حبان (434).

ص: 271

قوله: من أحق بحسن صحابتي ومن أبر قال: أمك ثلاث مرات، وفي الأب مرة، قال فيه بعضهم: ينبغي أن تكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببرها ثلاثًا، وبر الأب مرة، ويشهد لذلك أنها تحمل مشقة الحصل ثمَّ مشقة الوضع ثمَّ مشقة الحضانة والتربية والرضاع، دون الأب، وقال بعضهم: لها ثلثا البر: لحديث ورد ذكر الأم فيه مرتين، والأب مرة، ورواه ابن حبَّان في صحيحه، واستدل به على ذلك قلت: وليس بين الحديث الذي ظاهره أن لها ثلاثة أرباع البر، وبين الحديث المقتضي الثلثين منافاة، بل يحمل الأول على أم ربت الولد وأرضعته، والثاني على أم لم يوجد منها ذلك، وهذا سنح به الخاطر ولعله الصواب والله أعلم (1).

ونقل عن مالك أنهما في البر سواء، وذكر المحاسبي أن تفضيل الأم على الأب إجماع العلماء، والصحيح عندنا أنه إذا اجتمع الأب والأم في الاحتياج إلى النفقة وليس عند الولد إلا كفايه أحدهما، قدمت الأم، وقيل: الأب وقيل: هما سواء (2).

3956 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه"، قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما، ثم لم يدخل الجنة".

وفي لفظ: "رغم أنف، ثمَّ رغم أنف، ثمَّ رغم أنف".

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (3)

قوله: رغم أنف، أي ذل وخزي، كأنه لصق بالرغام بالفتح وهو التراب، يقال: رغم بالفتح يرغم بالضم: ذل، ورغم بالكسر يرغم بالفتح أيضًا والرَّغم والرُّغم والرِّغم

(1) انظر: إكمال المعلم (8/ 5 - 6)، والمنهاج للنووي (16/ 154).

(2)

انظر: المنهاج للنووي (16/ 154).

(3)

أخرجه مسلم (2551).

ص: 272

بالجميع الذلة، قوله: أحدهما أو كلاهما، كذا هو في نسخ المصابيح المعتمدة (1)، وكثير من نسخ مسلم وفي بعضهما: أحدهما أو كليهما بالنصب (2).

قال القرطبي (3): وهو الرواية الصحيحة لأنه بدل من والديه، وأما الرفع فعلى الابتداء ويتكلف لهما إضمار الخبر.

3957 -

قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش، فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت علي، وهي راغبة، أفأصلها؟ قال:"نعم، صليها".

قلت: رواه الشيخان: البخاري في الهبة وزاد فيه: قال ابن عيينة: فأنزل الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} ومسلم وأبو داود في الزكاة من حديث أسماء بنت أبي بكر (4) واختلفوا هل كانت أمها التي ولدتها وهي قُتَيْلة: بضم القاف وفتح التاء ثالثة الحروف وسكون الياء آخر الحروف، وقيل: قيلة: بفتح القاف وسكون الياء بنت عبد العزى القرشية العامرية، ولم يبلغنا إسلامها ولا ذكرها ابن عبد البر في الصحابيات.

وقيل: إن القادمة على أسماء لم تكن أمها من النسب بل من الرضاع، ومعنى في عهد قريش في المدة التي عاهدت قريش فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد أنها جاءت طائعة، هذا في رواية: راغبة، وجاء في أبي داود: راغمة أي كارهة الإسلام ساخطة علي، وفي رواية لابن حبان: راغبة راهبة (5).

والصلة: العطية والإنعام.

(1) كما في مشكاة المصابيح، عن الطبعة الهندية (4/ 1830).

(2)

انظر: إكمال المعلم (8/ 14).

(3)

انظر: المفهم للقرطبي (6/ 519).

(4)

أخرجه البخاري (5979)(3183)(2620)(5978)، ومسلم (1003)، وأبو داود (1668).

(5)

انظر: معالم السنن (2/ 65)، والمنهاج للنووي (7/ 124)، ومختصر السنن للمنذري (2/ 251).

ص: 273

3958 -

قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله، وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها".

قلت: رواه البخاري في الأدب ومسلم في الإيمان من حديث قيس ابن أبي حازم عن عمرو بن العاص. (1)

قوله: فلان، هو من قول بعض الرواة، خشي أن يسميه فيترتب على تسميته مفسدة فكنى عنه بفلان، والغرض إنما هو قوله صلى الله عليه وسلم: إنما وليي الله وصالح المؤمنين، فليس وليي من كان غير صالح وإن قرب نسبه.

قال القاضي عياض (2): قيل المكنى عنه هنا هو الحكم بن أبي العاص وفيه التبرؤ من المخالفين والتنبيه على موالاة الصالحين والإعلان بذلك ما لم يخف فتنة.

قلت: ويشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} على القولين في إعراب: ومن اتبعك، هل هو معطوف على الفاعل فتقديره: يكيفك الله والمؤمنون، أو على الكاف فتقديره: يكفيك ومن اتبعك الله، فعلى الأوّل يكون: وصالح المؤمنين قد عطف على الفاعل وهو الجلالة، وعلى الثاني: يكون معطوفًا على المضاف إليه، تقديره: وليي الله وولي صالح المؤمنين، كذلك يعني الله.

قوله أبلها ببلالها: قال النوويّ: هو بفتح الباء الثانية وكسرها قال القاضي عياض: رويناه بالكسر قال: ورأيت للخطابي أنَّه بالفتح، وقال صاحب المطالع ورويناه بالكسر والفتح من: بله يبله والبلال الماء شبهت قطيعة الرحم بالحرارة، ووصلها بإطفاء الحرارة، ومنه: بلوا أرحامكم أي صلوها (3).

(1) أخرجه البخاري (5990)، ومسلم (215). ولم أجد في مسلم:"ولكن لهم رحم أبلها ببلالها".

(2)

إكمال المعلم (1/ 600)، والمنهاج للنووي (3/ 109).

(3)

انظر: أعلام الحديث للخطابي (3/ 2167)، وشرح السنة للبغوي (13/ 30)، وفتح الباري (10/ 420).

ص: 274

3959 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثره السؤال، وإضاعة المال".

قلت: رواه البخاري في مواضع في الزكاة وفي الاستقراض وفي الأدب وفي الرقاق، وهذا لفظه في الاستقراض، ومسلم في الأحكام بطرق وكلها متقاربة اللفظ والنسائيُّ في الرقائق ثلاثتهم من حديث وراد كاتب المغيرة ابن شعبة (1) عن المغيرة فرفعه.

قوله: عقوق الأمهات، قال ابن الأثير (2): يقال: عق والده يعقه عقوقًا فهو عاق، إذا آذاه وعصاه، وهو ضد البر وأصله من العق: وهو الشق والقطع، وإنما خصّ الأمهات وإن كان عقوق الآباء وغيرهم من ذوي الحقوق عظيمًا فلعقوق الأمهات مزية في القبح، وقد تكرر ذكر عقوق الوالدين من الكبائر في الأحاديث، انتهى.

وسئل الحسن عن بر الوالدين فقال: أن تبذل لهما ما ملكت، وتطيعهما فيما أمراك ما لم يكن إثمًا.

قوله: ووأد البنات: بالهمز أي دفنهن أحياء.

ومنع وهات: هو بكسر التاء أي منع ما وجب عليه وهات ما ليس له. وقيل: وقال: معناه الحديث بكل ما تسمعه فيقول: قيل: كذا، وقال: فلان كذا مما لا يعلم صحته، ولا يظنها وكفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع.

واختلفوا في حقيقة هذين اللفظين على قولين: أحدهما: أنهما فعلان، فقيل مبني لما لم يسم فاعله، أو قال: فعل ماضي والثاني: أنهما اسمان مجروران منونان لأنَّ القال والقيل والقول والقالة كله بمعنى، قاله النوويّ (3).

وكثرة السؤال هو الإلحاح فيما لا حاجة إليه.

(1) أخرجه البخاري (2408)(5975)، ومسلم (593)، في كتاب الأقضية بعد حديث رقم (1715)، والنسائيُّ في الكبرى تحفة الأشراف (11536). ولم أجده في المطبوع من الكبرى.

(2)

انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 277).

(3)

انظر: المنهاج للنووي (12/ 16).

ص: 275

وإضاعة المال: تبذيره وصرفه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الآخرة والدنيا، وترك حفظه مع إمكان الحفظ، ويدخل فيه سوء القيام على ما يملكه من الرقيق، والدواب، حتى يضيع فتهلك، وقسمة ما لا ينتفع به الشريك كاللؤلؤة والسيف والحمام الصغير، واحتمال الغبن الفاحش في البياعات ونحوها، وكذلك دفع المال لمن لم يؤنس رشده.

3960 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من الكبائر شتم الرجل والديه"، قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: "نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه".

قلت: رواه البخاري في الأدب ومسلم في الإيمان وأبو داود في الأدب والترمذي في البر كلهم من حديث حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو بن العاص (1) وفي الحديث دليل على أنَّه من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء.

قال النوويّ (2): وفيه سد الذرائع، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير ممن يتخذ الخمر، والسلاح ممن يقطع الطريق ونحو ذلك، انتهى.

والذريعة: هي الامتناع مما ليس ممنوعًا في نفسه مخافة الوقوع في محظور، والحديث قد جاء على وفق قوله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} .

وقال في المفهم (3): إن قوله صلى الله عليه وسلم "من الكبائر شتم الرجل أباه": يعني من أكبر الكبائر، لأنَّ شتم المسلم الذي ليس بأبٍ كبيرة، فشتم الآباء أكبر منه، انتهى.

(1) أخرجه البخاري (5973)، ومسلم (90)، وأبو داود (5141)، والترمذي (1902).

(2)

المنهاج (2/ 117).

(3)

المفهم للقرطبي (1/ 285).

ص: 276

قلت: وهذا فاسد من وجهين أحدهما: أنا لا نسلم أن شتم المسلم كبيرة مطلقًا بل يختلف إن كان الشتم بقذف ونحوه فكبيرة، وإلا فليس بكبيرة فليس مطلق الشتم في حق الأجانب كبيرة.

والثاني: أنا وإن سلمنا أنَّه كبيرة في حق الأجانب فذاك مباشرة الشتم، أما التسبب فلا، فيكون التسبب كبيرة في حق الولد لوالده فبطل تقدير من أكبر الكبائر، والله أعلم.

3961 -

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من أبرّ البر: صلة الرجل أهل ودّ أبيه بعد أن يولي".

قلت: رواه مسلم وأبو داود كلاهما في البر (1) من حديث عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر ولم يخرجة البخاري.

قال النوويّ (2): الود هنا: بضم الواو، وفي هذا صلة أصدقاء الأب، والإحسان إليهم، وإكرامهم، وهو متضمن لبر الأب وإكرامه، لكونه بسببه، وتلتحق به أصدقاء الأم والأجداد والمشايخ، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل صدائق خديجة رضي الله عنها برًّا بها صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها.

قوله: بعد أن يولي أي بعد أن يولي الأب أي يموت؛ لأنَّ ذلك أعظم في إكرام الأب ومحبته، ومقتضاه أنَّه إذا بره في حياته لا يكون أبر البر، بل هو بر وليس بأبر البر وهذا ظاهر.

3962 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يُبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه".

قلت: رواه البخاري في البيوع ومسلم في الأدب وأبو داود في الزكاة والنسائيُّ في التفسير كلهم من حديث يونس عن ابن شهاب عن أنس به. (3)

(1) أخرجه مسلم (2552)، وأبو داود (5143).

(2)

المنهاج (16/ 165).

(3)

أخرجه البخاري (2067)، ومسلم (2557)، وأبو داود (1693)، والنسائيُّ (449).

ص: 277

وبسط الرزق: توسعته وكثرته. قوله صلى الله عليه وسلم: ينسأ، مهموز أي يؤخر، يقال: نسأته أي أخرته، وكذلك أنسأته، فعلت وافتعلت بمعنى. والأثر: الأجل، سمي بذلك لأنه يتبع العمر، وأصله من أثر مشيه في الأرض، فإذا مات لا يبقى لقدمه أثر، وهذا محمول عند بعضهم على أن المراد به البركة في عمره، والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، وقيل: هذا بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة في اللوح المحفوظ، ونحو ذلك فيظهر لهم أن في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله ما سيفعل من ذلك، وهو من معنى قوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} وبالنسبة إلى علم الله وما قدره، لا زيادة بل مستحيلة، وبالنسبة إلى ما يظهر للمخلوقين تتصور الزيادة وهو مراد الحديث، وقيل: إن المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت، وهو ضعيف أو باطل.

وصلة الرحم: درجات بعضها أرفع من بعض فأدناها ترك المهاجرة وأدنى صلتها بالسلام، وهذا بحسب القدرة عليها والحاجة إليها، فمنها: ما يتعين ويلزم، ومنها: ما يستحب ويرغب فيه، وليس من لم يبلغ أقصى الصلات يسمى قاطعًا، ولا من قصر عما ينبغي له وتعدى عليه يسمى واصلًا.

واختلفوا في الرحم التي تجب صلتها، فقيل: كل رحم محرم، فلا يجب في بني الأعمام والعمات وبني الأخوال والخالات، واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال، وقيل: عام في كل ذي رحم محرم، كان أو غير محرم، وارثًا كان أو غير وارث، قال النوويّ: وهذا أصح (1).

3963 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله الخلق، فلما فرغ منه، قامت الرحم، فأخذت بحقوي الرحمن، فقال: مَهْ؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك"

(1) انظر هذا الكلام في المنهاج للنووي (16/ 169 - 171).

ص: 278

قلت: رواه البخاري في التفسير وفي التوحيد وفي الأدب ومسلم في الأدب والنسائيُّ في التفسير ثلاثتهم من حديث أبي هريرة (1) والحقو: الإزار، ضبطه صاحب الصحاح بفتح الحاء المهملة وأصله لمعقدة الإزار، ثمَّ استعير للإزار، لمجاورته، وذلك على سبيل التجوز والتمثيل، ومنه قولهم: عذت بحقو فلان، أي استجرت واعتصمت، قوله: مه، معناه ماذا، فأبدلت الألف هاء للوقف والسكت والتقدير: ماذا تطلبين، والعائذ: المستجير.

3964 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله".

قلت: رواه الشيخان في الأدب وعزاه الطبري لمسلم خاصة وليس بصحيح وقد ذكره الحميدي وغيره فيما اتفق عليه الشيخان من حديث عائشة. (2)

3965 -

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرحم شُجنة من الرحمن، قال الله تعالى: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته".

قلت: رواه البخاري في الأدب من حديث أبي هريرة (3) يرفعه.

قوله: شجنة هو بالشين المعجمة وبالجيم ثمَّ النون قال الجوهري (4): الشِجنة والشُجنة بكسر الشين وضمها، عروق الشجر المشتبكة، وبيني وبينه شجنة رحم: أي قرابة مشتبكة، وذكر هذا الحديث، وقال: معناه الرحم مشتقة من الرحمن، يعني أنها قرابة من الله مشتبكة كاشتباك العروق، انتهى كلامه.

(1) أخرجه البخاري (5987)(7502)، ومسلم (2554)، والنسائيُّ في الكبرى (11497).

(2)

أخرجه البخاري (5989)، ومسلم (2555). وانظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (4/ 146).

(3)

أخرجه البخاري (5988).

(4)

الصحاح (5/ 2143).

ص: 279

وقال ابن حبَّان (1): إنها قرابة مشتبكة كاشتباك العروق ومعنى شجنة من الرحمن أي مشتقة من اسم الرحمن، واستدل بحديث عبد الرحمن بن عوف الآتي في الحسان، واختلفوا في أن الذي تقوله الرحم هل هو في الدنيا أو يوم القيامة؟ واختاره أبو حاتم وأورد فيه حديثًا، وترجمه بباب بيان أن تشتكي الرحم إنما يكون يوم القيامة لا في الدنيا. وروي: "الرحم شجنة من الرحمن فإذا كان يوم القيامة تقول

" الحديث.

3966 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة قاطع".

قلت: رواه الشيخان في الأدب وأبو داود في الزكاة والترمذي في البر. (2)

قال سفيان: يعني قاطع رحم، وأخرجه أحمد وأبو حاتم كلهم من حديث جبير بن مطعم.

3967 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافىء، ولكن الواصل الذي إذا قَطَعت رحمُه وصلها".

قلت: رواه البخاري (3) وأبو داود كلاهما في الزكاة والترمذي في البر وابن حبَّان في صحيحه كلهم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.

وقطعت: بفتح القاف والطاء. ورحمه مرفوع.

3968 -

أن رجلًا قال: يا رسول الله إن لي قرابة، أصلهم ويقطعون، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي؟، فقال:"لئن كنت كما قلت، فكأنما تُسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك".

قلت: رواه مسلم في الأدب ولم يخرجه البخاري. (4)

(1) صحيح ابن حبَّان (الإحسان)(2/ 186، 188).

(2)

أخرجه البخاري (5984)، ومسلم (2555)، وأبو داود (1696)، والترمذي (1909)، وأخرجه أحمد في المسند (4/ 84)، وابن حبَّان (الإحسان)(454)، والبغويُّ في شرح السنة (3437).

(3)

أخرجه البخاري (5991)، وأبو داود (1697)، والترمذي (1908)، وابن حبَّان (445).

(4)

أخرجه مسلم (2558).

ص: 280