الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوعد
من الصحاح
3924 -
قال: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء أبا بكر مال من قبل العلاء ابن الحضرمي، فقال أبو بكر: من كان له على النبي صلى الله عليه وسلم دين، أو كانت له قِبَله عدة، فليأتنا، قال جابر: فقلت: وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعطيني هكذا وهكذا، وهكذا، فبسط يديه ثلاث مرّات، قال جابر: فحثا لي حثية، فعددتها، فإذا هي خمسمائة، قال: خذ مثليها.
قلت: رواه الشيخان البخاري في الكفالة وفي الخمس وفي المغازي وفي الشهادات بألفاظ متقاربة ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر. (1)
وفي الحديث دليل على: قضاء دين الميت وإنجاز وعده لمن تخلف بعده، وأن قضاء الدين عن الميت لا فرق فيه بين الوارث وغيره، ولقائل أن يقول: إنما كان الصديق يقضيه من مال النبي صلى الله عليه وسلم وليس النبي صلى الله عليه وسلم كغيره، لأنه لا وارث له، إنما ماله بعد دينه ونفقة أهله، صدقة لا ميراث فليس كغيره، وإنما حثى أبو بكر لجابر بيده، لأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيده قائمة مقام يده صلى الله عليه وسلم وكان له ثلاث حثيات بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب الشافعي والجمهور إلى أن الوفاء بالوعد مستحب لا واجب، وأوجبه الحسن وبعض المالكية (2).
من الحسان
3925 -
قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب، وكان الحسن بن علي رضي الله عنه يشبهه، وأمر له بثلاثة عشر قَلوصًا، فذهبنا نقبضها، فأتانا موتُه، فلما قدم أبو بكر
(1) أخرجه البخاري في الكفالة (2296)، كتاب الهبة (2598)، كتاب الشهادات (2683)، كتاب فرض الخمس (3137)(3164)(4383)، ومسلم (2314).
(2)
انظر: المنهاج للنووي (15/ 106 - 107).
رضي الله عنه قال: من كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فليجيء، فقمت إليه فأخبرته فأمر لنا بها.
قلت: قال ابن الأثير (1): اتفق البخاري ومسلم والترمذي على الفصل الأول من هذا الحديث واتفق البخاري والترمذي على الفصل الثاني وانفرد الترمذي بذكر أبي بكر وإعطائه إياهم انتهى كلامه. (2)
وقد ذكر الحميدي وعبد الحق في "الجمع بين الصحيحين" أن البخاري انفرد عن مسلم بقوله وأمر لنا النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة عشر قلوصًا فقبض النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يقبضها.
قال الحميدي (3): وزاد البرقاني وذكره أبو مسعود الدمشقي: فأبوا أن يعطونا شيئًا فأتينا أبا بكر فأعطاناها قال الحميدي: ولم أجد ما قاله البرقاني عندنا من أصل كتاب البخاري، انتهى كلام الحميدي.
قلت: فعلى قول البرقاني يكون الحديث معناه كله في البخاري والحديث ذكره البخاري في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم في فضائله صلى الله عليه وسلم، والترمذي في الاستئذان والله أعلم.
قال الجوهري (4): والقلوص من النوق الشابة وهي بمنزلة الجارية من النساء والجمع قُلُص وقلاص وقلائص.
وقال العدوي: القَلوص أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثني فإذا أثنيت فهي ناقة.
3926 -
قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، وبقيت له بقية، فوعدته أن آتيه بها في مكانه، فنسيت، ثم ذكرت بعد ثلاث، فجئت فإذا هو في مكانه، فقال:"يا فتى! لقد شققت علي، أنا ها هنا منذ ثلاث أنتظرك".
(1) انظر: جامع الأصول (11/ 238 - 239)، و (9/ 34).
(2)
أخرجه البخاري (3544)، ومسلم (2343)، وهو عند الترمذي كذلك (2826).
(3)
انظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (1/ 331).
(4)
انظر: الصحاح (3/ 1054).
قلت: رواه أبو داود في الأدب من حديث إبراهيم بن طهمان عن بديل عن عبد الكريم عن عبد الله بن شقيق عن أبيه عن عبد الله بن أبي الحمساء.
وقال: محمد بن يحيى هذا عندنا عبد الكريم بن عبد الله بن شقيق، انتهى كلام أبي داود (1).
وقال المنذري (2): قال أبو علي سعيد بن السكن في كتاب الصحابة له، روى حديثه إبراهيم بن طهمان عن بديل عن عبد الكريم المعلّم، ويشبه أن يكون قول ابن السكن الصواب، وعبد الكريم بن المعلم هو ابن أبي المخارق ولا يحتج بحديثه انتهى.
قلت: وقد أخرج له مسلم متابعة، والبخاري تعليقًا، وقال أبو عمر ابن عبد البر: لا يختلفون في ضعفه، أن منهم من يقبله في غير الأحكام خاصة ولا يحتج به. وكان مؤدب كتاب حسن السمت غر مالكًا منه سمته ولم يكن من أهل بلده، فيعرفه، ولم يخرج مالك له حكمًا بل ترغيبًا وفضلًا وقد اعتذر مالك عنه لما تبين أمره، فقال: عرف بكثرة بكائه في المسجد ونحو ذلك والله أعلم (3).
3927 -
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا وعد الرجل أخاه، ومن نيته أن يفي، فلم يف، ولم يجىء للميعاد، فلا إثم عليه".
قلت: رواه أبو داود في الأدب والترمذي في الإيمان، وقال: غريب وليس إسناده بالقوي، وفيه أبو وقاص مجهول.
(1) أخرجه أبو داود (4996) وفي إسناد الحديث اضطراب ساقه أبو داود عقب الحديث وفصله المزي في تحفة الأشراف (4/ 313).
وقال العراقي في تخريج الإحياء: اختلف في إسناده، وقال ابن مهدي: ما أظن إبراهيم ابن طهمان إلا أخطأ فيه. أ. هـ.
(2)
مختصر السنن (7/ 284)، وعبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية المعلّم، قال الحافظ بن حجر: ضعيف، له في البخاري زيادة، في أول قيام الليل. التقريب (4184).
(3)
انظر: تهذيب التهذيب (6/ 378)، والمجروحين لابن حبان (2/ 144) ومنهج الإمام النسائي (5/ 2208).
وأبو النعمان مجهول وأبو وقاص مجهول انتهى كلام الترمذي. (1)
وقد اشتمل سند أبي داود على هذين المجهولين أيضًا، وسئل أبو حاتم عن أبي النعمان؟ فقال: مجهول، وعن أبي وقاص؟ فقال: مجهول (2).
وقد يستدل بهذا الحديث من يرى أن الوفاء بالوعد ليس بواجب، وهو ما ذهب إليه الجمهور، فإن قوله صلى الله عليه وسلم:"فلم يف، ولم يجىء للميعاد" فلا إثم عليه أي سواء كان قادرًا على الوفاء أو غير قادر.
3928 -
قال: دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تعطه شيئًا كتبت عليك كذبة".
قلت: رواه أبو داود في الأدب من حديث محمد بن عجلان أن رجلًا من موالي عبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي حدثه عن عبد الله بن عامر أنه قال: دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت تعال أعطيك: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما أردت أن تعطيه؟ " قالت: أعطيه تمرًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كتبت عليك كذبة".
فيه مولى عبد الله وهو مجهول. (3)
(1) أخرجه أبو داود (4995)، والترمذي (2633).
(2)
انظر: مختصر المنذري (7/ 283 - 284).
(3)
أخرجه أبو داود (4991) وإسناده ضعيف لجهالة مولى عبد الله بن عامر.
وله شاهد من حديث ابن مسعود كما قال: العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (3/ 135) ورجاله ثقات عند أحمد (3896).