المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الرؤيا ‌ ‌من الصحاح 3689 - قال عليه السلام: "لم يبق من - كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح - جـ ٤

[الصدر المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب اللباس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الخاتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب النعال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الترجل

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التصاوير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الطب والرقى

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الفأل والطيرة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الكهانة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب السلام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الاستئذان

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المصافحة والمعانقة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب القيام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العطاس والتثاؤب

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الضحك

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأسامي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البيان والشعر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الوعد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المزاح

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المفاخرة والعصبية

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البر والصلة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحب في الله

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما يُنهى عن التهاجُر والتقاطُع واتباع العورات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحذر والتأني في الأمور

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الغضب والكبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الظلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمر بالمعروف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرقاق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فضل الفقراء، وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمل والحرص

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التوكل والصبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرياء والسمعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البكاء والخوف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب تغير الناس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فيه ذكر الإنذار والتعذير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الفتن

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الملاحم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب أشراط الساعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب قصة ابن صياد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب نزول عيسي عليه السلام

- ‌من الصحاح

- ‌باب قرب الساعة، وأن من مات، فقد قامت قيامته

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب لا تقوم الساعة إلا على الأشرار

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

الفصل: ‌ ‌كتاب الرؤيا ‌ ‌من الصحاح 3689 - قال عليه السلام: "لم يبق من

‌كتاب الرؤيا

‌من الصحاح

3689 -

قال عليه السلام: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات"، قالوا: وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له".

قلت: رواه البخاري في الرؤيا من حديث أبي هريرة (1)، ومسلم (2) فيها من حديث ابن عباس إلا قوله:"يراها المسلم أو ترى له" وهذه الزيادة لم أقف عليها في البخاري ولا في مسلم في هذا الحديث لكن روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رؤيا السلم يراها أو ترى له جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة". (3)

وفي لفظ: "الرؤيا الصالحة"، وفي لفظ:"رؤيا الرجل الصالح"، ورواه البخاري أيضًا ولم يقل "أو ترى له" ولا قال في حديث أبي هريرة "الرجل الصالح" وروى مالك في الموطأ (4) عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له".

وقد رواه في شرح السنة (5) مستقيمًا فروى من طريق البخاري عن أبي هريرة يرفعه: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات" قالوا: وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة" مقتصرًا على ذلك ثمَّ قال وروي عن عبادة بن الصامت قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله سبحانه وتعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: هي الرؤيا الصالحة يراها

(1) أخرجه البخاري (6990).

(2)

أخرجه مسلم (479).

(3)

أخرجه مسلم (2263) و (2264).

(4)

(2/ 957).

(5)

انظر: شرح السنة للبغوي (12/ 202 - 203).

ص: 126

المؤمن أو ترى له، قال: ويروى مثله عن أبي الدرداء مرفوعًا، انتهى. فيلخص أن الذي أورده المصنف في المصابيح هو لفظ الموطأ المرسل عن عطاء.

3690 -

قال صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا الصالحة جزء من ستةٍ وأربعين جزءًا من النبوة".

قلت: رواه الشيخان في الرؤيا من حديث أنس يرفعه، واللفظ لمسلم (1)، قال عبد الحق الأشبيلي: ذكر أبو مسعود الدمشقي أنَّه روى مسلم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة" قال أبو مسعود: أخرجه مسلم في كتاب الرؤيا من حديث الضحاك ابن عثمان عن نافع عن ابن عمر (2)، قال الحميدي (3): ولم أجده في كتاب مسلم ولم يخرج البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة" وفي رواية: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزأً من النبوة"، وفي رواية:"رؤيا الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة وفي رواية: "الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة" (4) كما قدمناها، وفي رواية: "رؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءًا من النبوة".

فحصل ثلاث روايات المشهورة: "ستة وأربعين" والثانية: "خمسة وأربعين" والثالثة: "سبعين".

قال النوويّ (5): وفي غير مسلم من رواية ابن عباس "من أربعين جزءًا" وفي رواية: "تسعة وأربعين "، وفي رواية العباس:"من خمسين" وفي رواية ابن عمر: "من ستة وعشرين"، ومن رواية عبادة:"من أربع وأربعين".

(1) أخرجه البخاري (6983)، ومسلم (2264).

(2)

أخرجه مسلم (2265).

(3)

الجمع بين الصحيحين للحميدي (2/ 300 رقم 1502) وفيه قول أبي مسعود هذا. و (2/ 611 رقم 2013).

(4)

أخرجه أحمد (2/ 223)، وابن حبَّان (6044).

(5)

المنهاج (15/ 21).

ص: 127

قال القاضي (1): "أشار الطبري إلى أن هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي، فالمؤمن الصالح تكون رؤياه جزءًا، من ستة وأربعين جزءًا، والفاسق من سبعين جزءًا، وقيل: الخفي منها جزء من سبعين، والجلي من ستة وأربعين، قال الخطابي (2) وغيره: قال بعض العلماء: أقام صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ثلاثًا وعشرين سنة منها عشر سنين بالمدينة وثلاث عشرة بمكة، وكان قبل ذلك ستة أشهر، يرى في المنام الوحي وهي جزء من ستة وأربعين جزءًا.

قال المازري (3): وقدح بعضهم في هذا فإنَّه لم يثبت أن أمد رؤياه صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ستة أشهر وبأنه رأى بعد النبوة منامات كثيرة فلتضم إلى الأشهر الستة وحينئذ تتغير النسبة، قال المازري: وهذا الاعتراض الثاني باطل لأنَّ المنامات الموجودة بعد الوحي بإرسال الملك منغمرة في الوحي فلم تحسب، قال الخطابي: هذا الحديث توكيد لأمر الرؤيا وتحقيق منزلتها قال وإنما كانت جزءًا من أجزاء النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم، وكان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يوحى إليهم في منامهم كما يوحى إليهم في اليقظة، قال الخطابي: وقال بعض العلماء: معنى الحديث يأتي على موافقة النبوة لا أنها جزء باق من النبوة (4).

3691 -

قال صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي".

قلت: رواه الشيخان في الرؤيا من حديث أبي هريرة يرفعه (5)، وقال مسلم:"لا يتمثل بي".

3692 -

قال صلى الله عليه وسلم: "من رآني، فقد رأى الحق".

(1) انظر: إكمال المعلم للقاضي (7/ 213).

(2)

انظر: أعلام الحديث للخطابي (4/ 2315 - 2316).

(3)

انظر: المعلم بفوائد مسلم للمازري (3/ 117 - 118) وفيه فوائد أخرى مهمة.

(4)

انظر هذا الكلام في: المنهاج للنووي (15/ 30 - 32).

(5)

أخرجه البخاري (6993)، ومسلم (2266).

ص: 128

قلت: رواه الشيخان في الرؤيا من حديث أبي قتادة يرفعه. (1)

3693 -

وقال صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام، فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي".

قلت: رواه الشيخان في الرؤيا من حديث أبي هريرة واللفظ للبخاري. (2)

3694 -

قال صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحب، فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثًا ولا يحدث بها أحدًا فإنها لن تضره".

قلت: رواه الجماعة هنا إلا أبا داود فإنَّه في الأدب من حديث أبي قتادة يرفعه. (3)

قال المازري (4): مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، ولا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علمًا على أمور أخر يخلقها في ثاني الحال، أو كان قد خلقها، فإذا خلق في قلب النائم الطيران وليس بطائر فأكثر ما فيه أنَّه اعتقد أمرًا على خلاف ما هو، فيكون ذلك الاعتقاد علمًا على غيره، كما يكون خلق الله سبحانه وتعالى الغيم علمًا على المطر، فالجميع خلق الله تعالى ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي جعلها علمًا على ما يسر بغير حضرة الشيطان، وخلق ما هو علم على ما يضر بحضرة الشيطان، فنسبت إلى الشيطان مجازًا لحضوره عندها، وأنه لا فعل له حقيقة، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان" لا على أن الشيطان يفعل شيئًا، والرؤيا: اسم للمحبوب والحلم اسم للمكروه، انتهى كلام المازري.

(1) أخرجه البخاري (6996)، ومسلم (2267).

(2)

أخرجه البخاري (6993)، ومسلم (2266).

(3)

أخرجه البخاري (6986)، ومسلم (2261)، والترمذي (2277)، وابن ماجه (3909)، والنسائيُّ في الكبرى (7627)، وأبو داود (5021).

(4)

انظر: المعلم بفوائد مسلم للمازري (3/ 116)، وانظر كذلك: إكمال المعلم (7/ 205).

ص: 129

وقال النوويّ بعد نقله عن المازري ما ذكرناه (1): وقال غير المازري إضافة الرؤيا المحبوبة إلى الله إضافة تشريف بخلاف المكروهة وإن كانتا جميعًا من خلق الله تعالى وتدبيره وبإرادته ولا فعل للشيطان فيها، لكنه يحضر المكروهة ويرتضيها، ويسر بها، وسيأتي في الحديث بعده كيفية ما يفعل إذا رأى ما يكرهه.

قوله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا المحبوبة الحسنة: "لا يخبر بها إلا من يحب"، لأنه إذا أخبر بها من لا يحب دعاه ذلك إلى تفسيرها بمكروه فقد يقع على تلك الصفة وإلا فيحصل له في الحال حزن ونكد، وقوله صلى الله عليه وسلم في المكروهة:"لا يحدث بها أحدًا" لأنه ربما فسرها تفسيرًا مكروهًا على ظاهرها وكان ذلك محتملًا، فوقعت كذلك بتقدير الله تعالى (2).

3695 -

قال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثًا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثًا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".

قلت: رواه مسلم والنسائيُّ وابن ماجه ثلاثتهم في الرؤيا، وأبو داود في الأدب كلهم من حديث جابر ولم يخرج البخاري عن جابر في هذا شيئًا. (3)

وفي رواية: "فلينفث عن يساره ثلاثًا" وفي رواية: "فليتفل"، قال النوويّ (4): وأكثر الروايات فلينفث، قال: ولعل المراد بالجميع: النفث وهو نفخ لطيف بلا ريق، ويكون التفل والبصق محمولان عليه مجازًا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "فإنها لا تضره" أي أن الله تعالى جعل هذا سببًا لسلامته من مكروه يترتب عليها، كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببًا لدفع البلاء، قال: فينبغي أن يجمع بين هذه الروايات ويعمل بها كلها، فإذا رأى ما يكرهه، نفث عن يساره ثلاثًا قائلًا:"أعوذ بالله من الشيطان ومن شرها" وليتحول إلى جنبه الآخر وليصل ركعتين،

(1) انظر هذا الكلام في: المنهاج للنووي (15/ 24 - 25).

(2)

انظر: المنهاج للنووي (15/ 28).

(3)

أخرجه مسلم (2262)، والنسائيُّ في الكبرى (7653)، وابن ماجه (3908)، وأبو داود (5022).

(4)

انظر: المنهاج للنووي (15/ 26 - 27).

ص: 130

فيكون قد عمل بجميع الروايات، فإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى كما صرحت به الأحاديث (1).

قال القاضي عياض (2): وأمر بالنفث ثلاثًا طردًا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة، تحقيرًا له واستقذارًا، وخصت به اليسار لأنها محلّ الأقذار واليمين ضدها.

3696 -

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اقترب الزمان، لم تكد تكذب رؤيا المؤمن، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وما كان من النبوة، فإنَّه لا يكذب" قال محمَّد بن سيرين: وأنا أقول هذه، قال: وكان يقال: الرؤيا ثلاث: حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الله، فمن رأى منكم شيئًا يكرهه، فلا يقصه على أحدٍ، وليقم فليصل، قال: وكان يكره الغُلّ في النوم، وكان يعجبه القيد، ويقال: القيد ثبات في الدين.

وأدرج بعضهم الكل في الحديث.

قلت: رواه البخاري في الرؤيا من حديث محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة (3)، قال البخاري (4): رواه قتادة ويونس وهشام وأبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأدرجه بعضهم كله في الحديث، وحديث عوف أبين، وقال يونس: لا أحسبه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم في القيد. وأخرجه مسلم أيضًا من حديث أيوب عن محمَّد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءًا من النبوة، والرؤيا ثلاث: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا بما يحدث المرء نفسه، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس، قال: وأحب

(1) انظر: المصدر السابق (15/ 26)، وإكمال المعلم (7/ 206 - 207).

(2)

انظر: إكمال المعلم للقاضي (7/ 207)، والمنهاج للنووي (15/ 26).

(3)

أخرجه البخاري (7017)، ومسلم (2263).

(4)

انظر كلام الإمام البخاري في صحيحه (8/ 37) تحت رقم (7017).

ص: 131

القيد وأكره الغل، والقيد: ثبات في الدين، فلا أدري هو في الحديث أو قاله ابن سيرين.

وفي حديث معمر عن أيوب نحوه، وقال فيه: قال أبو هريرة: "فيعجبني القيد وأكره الغل" والقيد ثبات في الدين.

والذي ظهر من الروايات جميعها أن ذكر القيد والغل من قول أبي هريرة أدرج في الحديث (1)، قال أبو داود (2):"اقترب الزمان"، إذا اقترب الليل والنهار يستويان هذا آخر كلامه، وقد قيل: هو اقتراب الساعة ويؤيده ما جاء في بعض الروايات "إذا كان آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب"، ويحتمل أن يراد: اقتراب الموت عند علو السن، فإن الإنسان في ذلك الوقت غالبًا يميل إلى الخير والعمل به، ويقلّ تحديثه نفسَه بغير ذلك، كذا قاله المنذري (3)، وعندي فيه نظر لقوله صلى الله عليه وسلم:"يشيب ابن آدم وتشيب منه خصلتان: الحرص وطول الأمل".

3697 -

"قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت في المنام كأن رأسي قطع، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يحدث به الناس".

قلت: رواه مسلم في الرؤيا من حديث جابر يرفعه، ولم يخرج البخاري عن جابر في هذا شيئًا. (4)

3698 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم، كأنا في دار عقبة بن رافع، وأتيت برطب من رطب ابن طاب، فأولت أن الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب".

(1) ذهب الحافظ في الفتح إلى أن ذلك مدرج في الحديث (12/ 260 - 261). وانظر كذلك المنهاج للنووي (15/ 32).

(2)

انظر: سنن أبي داود (5/ 283).

(3)

انظر: مختصر سنن أبي داود للمنذري (7/ 298).

(4)

أخرجه مسلم (2268)، والنسائيُّ في الكبرى (7644)، وأبو داود (5025).

ص: 132

قلت: رواه مسلم والنسائيُّ كلاهما في الرؤيا، وأبو داود في الأدب ثلاثتهم من حديث أنس (1).

و"رطب بن طاب" رطب معروف في المدينة، ويقال له أيضًا:"عذق ابن أبي طالب".

3699 -

"في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس، خرجَتْ من المدينة حتى نزلت مَهْيعة، فتأولتها: أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة، وهي الجحفة".

قلت: رواه البخاري والترمذي كلاهما في الرؤيا من حديث عبد الله ابن عمر. (2)

3700 -

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت في المنام أني هاجرت من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهَلي إلى أنها اليمامة، أو هَجَر، فإذا هي المدينة يثرب، فرأيت في رؤياي هذه أني هزَزْت سيفًا، فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب [من] المؤمنين يوم أحد، ثمَّ هززته أخرى، فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين".

قلت: أخرجه الشيخان (3) في الروايات من حديث أبي موسى بزيادة في آخره وهي: "ورأيت فيها أيضًا بقرًا والله خير، فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد، وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر" إلا أن عند البخاري عن أبي موسى أري عن النبي صلى الله عليه وسلم بالشك، وعند مسلم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير شك، وقد جاء في بعض الروايات "ورأيت بقرًا" ويهذه الزيادة يفهم تأويل الرؤيا بما ذكر "فنحر البقر" هو قتل الصحابة رضي الله عنهم الذين قتلوا بأحد، قاله النوويّ (4).

قال القاضي (5): وضبطنا هذا الحرف على جميع الرواة "خير" برفع الهاء والراء على الابتداء والخبر، قال: ومعناه ما جاء الله به بعد بدر الثانية من تثبيت قلوب المؤمنين لأنَّ

(1) أخرجه مسلم (2270)، وأبو داود (5025)، والنسائيُّ في الكبرى (7644).

(2)

أخرجه البخاري (7039)، والترمذي (2290).

(3)

أخرجه البخاري (7035)، ومسلم (2272).

(4)

المنهاج (15/ 47)، وانظر: إكمال المعلم (7/ 231).

(5)

انظر: إكمال المعلم (7/ 232).

ص: 133

الناس جمعوا لهم وخوفوهم فزادهم إيمانًا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا {بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} ، وتفرق العدو عنهم هيبته لهم.

قال القاضي (1): قال أكثر شراح الحديث: معناه ثواب الله خير أي صنع الله بالمقتولين خير لهم من بقائهم في الدنيا، قال القاضي: والأولى قوله من قال: والله خير من جملة الرؤيا، وكلمة ألقيت إليه وسمعها في الرؤيا عند رؤياه البقر بدليل تأويلها بقوله صلى الله عليه وسلم "وإذا الخير ما جاء الله به".

والوهل: بفتح الهاء ومعناه: وهمي واعتقادي، وهجر: مدينة معروفة وهي قاعدة البحرين، وهي معروفة.

وسمى صلى الله عليه وسلم المدينة يثرب، وهو اسمها في الجاهلية، وجاء النهي عنه، فقيل: هذا قبل النهي، وقيل لبيان الجواز، وأن النهي للتنزيه لا للتحريم، وقيل: خوطب به من يعرفها به.

وهززت وهززته: قال النوويّ في شرح مسلم (2): وقع في معظم النسخ بالزايين فيهما، وفي بعضها: هزيت وهزته بزاي واحدة مشددة وإسكان التاء وهي لغة صحيحة.

3701 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائم، أُتيت بخزائن الأرض، فوضع في كفّي سواران من ذهب، فكُبرا عليّ، فأوحي إلى أن انفخهما، فنفختهما، فذهبا، فأولتهما: الكذابين اللذين أنا بينهما، صاحب صنعاء، وصاحب اليمامة".

قلت: رواه البخاري في المغازي وفي علامات النبوة، ومسلم والترمذي والنسائيُّ ثلاثتهم في الرؤيا، كلهم من حديث أبي هريرة (3)، ولكن الرواية في الصحيحين، موضع في (يدي) بدل (كفي) كذا رواه صاحب جامع الأصول (4)،

(1) المصدر السابق (7/ 231 - 232).

(2)

المنهاج (15/ 46 - 47).

(3)

أخرجه البخاري (4375)، ومسلم (2274)، والترمذي (2292)، والنسائيُّ في الكبرى (7649).

(4)

انظر: جامع الأصول لابن الأثير (11/ 801).

ص: 134

وكذلك الشيخ في "شرح السنة"(1) والإمام عبد الحق الإشبيلي في "الجمع بين الصحيحين".

والسوار: بكسر السين وضمها وأُسوار بضم الهمزة ثلاث لغات.

قوله صلى الله عليه وسلم: فأوحى إلى أن أنفخهما هو بالخاء المعجمة.

قوله في المصابيح: أتيت بخزائن الأرض: قال العلماء: هذا محمول على سلطانها وملكها، وفتح بلادها، وأخذ خزائن أموالها، وقد وقع ذلك كله ولله الحمد، وهو من المعجزات (2).

- وفي رواية: فقال: "أحدهما: مسيلمة صاحب اليمامة، والعنسي صاحب صنعاء".

قلت: رواها الشيخان أيضًا من حديث أبي هريرة (3).

3702 -

قالت: رأيت لعثمان بن مظعون في النوم عينًا تجري، فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ذاك عمله يُجرى له".

قلت: رواه البخاري في التعبير وفي كتاب الشهادات في باب القرعة في المشكلات مطولًا (4) فقال: عن أم العلاء وكانت ممن بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: طار لنا عثمان بن مظعون في السكنى حين أقرعت الأنصار على سكنى المهاجرين فاشتكى فمرّضناه حتى توفي ثمَّ جعلناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال لي: "وما يدريك؟ " قلت: لا أدري والله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما عثمان فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير من الله، والله ما أدري وأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفعل به ولا بكم" قالت أم العلاء: فوالله لا أزكي

(1) شرح السنة (3297).

(2)

انظر: المنهاج للنووي (15/ 50).

(3)

أخرجها البخاري (3621)، ومسلم (2274).

(4)

أخرجه البخاري في مواضع منها: في كتاب التعبير (7018)، وفي الشهادات (2687)، وفي الجنائز (1243).

ص: 135

أحدًا بعده قالت: ورأيت لعثمان بن مظعون عينًا تجري فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت بذلك له فقال: ذلك عمله يجرى له.

ورواه النسائيُّ في الرؤيا (1)، ولم يخرج هذا الحديث مسلم بل ولا أخرج عن أم العلاء في كتابه شيئًا، ولم يخرج عن أم العلاء من أصحاب الكتب الستة غير البخاري والنسائيُّ.

وقول أم العلاء: "طار لنا عثمان" أي: جعل لنا وحوى سهمنا.

3703 -

قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى، أقبل علينا بوجهه، فقال: "من رأى منكم الليلة رؤيا؟ " قال: فإن رأى أحد قصّها، فيقول ما شاء الله، فسألنا يومًا، فقال: "هل رأى أحد منكم رؤيا؟ " قلنا: لا، قال: "لكني رأيت الليلة رجلين، أتياني فأخذا بيديّ، فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فإذا رجل جالس، ورجل قائم بيده كَلّوب من حديد، يدخله في شِدْقه فيشقه، حتى يبلغ قفاه، ثمَّ يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتئم شدقه هذا، فيعود فيصنع مثله، قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهْر، أو صخرة، يشدخ بها رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر، فانطلق إليه ليأخذه، فلا يرجع إلى هذا، حتى يلتئم رأسه، وعاد رأسه كما كان، وعاد إليه فضربه، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى أتينا إلى نقب مثل التنور، أعلاه ضيق، وأسفله واسع، تتوقد تحته نار، فإذا أوقدت ارتفعوا، حتى يكادوا أن يخرجوا منها، وإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عُراة، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا، حتى أتينا على نهر من دم، وفيه رجل قائم، وعلى شطّ النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر، فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا، حتى انتهينا إلى روضة خضراء، فيها شجرة عظيمة، وفي أصلها شيخ وصبيان، وإذا

(1) أخرجه النسائيُّ في الكبرى (7634).

ص: 136

رجل قريب من الشجرة، وبين يديه نار يوقدها، فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارًا وسط الشجرة، لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشبان ونساء وصبيان، ثمَّ أخرجاني منها، فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارًا هي أفضل وأحسن، فيها شيوخ وشبان، فقلت لهما: إنكما قد طوفتماني الليلة، فأخبراني عما رأيت؟ قالا: نعم، أما الرجل الذي رأيته يشق شدقه، فكذّاب يحدث بالكذبة، فتُحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيُصنع به ما ترى إلى يوم القيامة، والذي رأيته يُشدخ رأسه، فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل بما فيه بالنهار، يُفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة، والذي رأيته في النقب فهم الزناة، والذي رأيته في النهر، آكل الربا، والشيخ الذي رأيته في أصل الشجرة، إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله، فأولاد الناس، والذي يوقد النار، مالك خازن النار، والدار الأولى التي دخلت، دار عامةِ المؤمنين، وأما هذه الدار، فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب -وفي رواية: مثل الربابة البيضاء-، قالا: ذاك منزلك، قلت: دعاني أدخل منزلي، قالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله فإذا استكملته أتيت منزلك".

قلت: رواه البخاري بطوله في كتاب الجنائز وله لفظ آخر ذكره في كتاب القدر، ولم يخرج منه مسلم إلا قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا صلى الصبح أقبل علينا بوجهه فقال: "هل رأى منكم أحد البارحة رؤيا"، لم يزد مسلم على هذا وزاد البخاري باقي الحديث بطوله. (1)

والكلوب: بفتح الكاف وتشديد اللام: حديدة معوجة الرأس.

والشدق: بكسر الشين وسكون الدال المهملة: جانب الفم.

والفهر: الحجر بملء الكف، وقيل الحجر مطلقًا.

والشدخ: بالشين والخاء المعجمتين، وهو الكسر، والشدخ: كسر الشيء

(1) أخرجه البخاري (7248)(1386) مطولًا ومختصرًا، ومسلم (2275).

ص: 137