المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قلت: رواه أبو داود وابن ماجه كلاهما في الأدب، والحاكم - كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح - جـ ٤

[الصدر المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب اللباس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الخاتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب النعال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الترجل

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التصاوير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الطب والرقى

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الفأل والطيرة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الكهانة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب السلام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الاستئذان

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المصافحة والمعانقة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب القيام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العطاس والتثاؤب

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الضحك

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأسامي

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البيان والشعر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الوعد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المزاح

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المفاخرة والعصبية

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البر والصلة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحب في الله

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ما يُنهى عن التهاجُر والتقاطُع واتباع العورات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحذر والتأني في الأمور

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الغضب والكبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الظلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمر بالمعروف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الرقاق

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فضل الفقراء، وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الأمل والحرص

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب التوكل والصبر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الرياء والسمعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب البكاء والخوف

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب تغير الناس

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب فيه ذكر الإنذار والتعذير

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌كتاب الفتن

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الملاحم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب أشراط الساعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب قصة ابن صياد

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب نزول عيسي عليه السلام

- ‌من الصحاح

- ‌باب قرب الساعة، وأن من مات، فقد قامت قيامته

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب لا تقوم الساعة إلا على الأشرار

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

الفصل: قلت: رواه أبو داود وابن ماجه كلاهما في الأدب، والحاكم

قلت: رواه أبو داود وابن ماجه كلاهما في الأدب، والحاكم في المستدرك في البر ثلاثتهم من حديث أبي أسيد الساعدي (1) بضم الهمزة وفتح السين وسكون الياء المثناة من تحت، واسمه مالك بن ربيعة، والصلاة عليهما: هو الدعاء لهما.

3981 -

قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحمًا بالجعرانة، إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هي؟ فقالوا: "هذه أمه التي أرضعته".

قلت: رواه أبو داود في الأدب من حديث أبي الطفيل وسكت عليه هو والمنذري واسم أبي الطفيل عامر بن واثلة. (2)

‌باب الشفقة والرحمة على الخلق

‌من الصحاح

3982 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرحم الله من لا يرحم الناس".

قلت: رواه الشيخان البخاري في الأدب والتوحيد ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم والترمذي في البر كلهم عن جرير بن عبد الله بألفاظ متفقة المعنى. (3)

(1) أخرجه أبو داود (5142)، وابن ماجه (3664)، والحاكم (4/ 154 - 155).

وإسناده ضعيف لجهالة: علي بن عبيد الذي تفرد بالرواية عنه ابنه أسيد بن علي بن عبيد وقد ترجم له الحافظ في "التقريب"(4801) وقال: مقبول، وانظر: الضعيفة (597).

(2)

أخرجه أبو داود (5144) وانظر: مختصر السنن للمنذري (8/ 39)، والجعرانة: هي ما بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، وهي مخففة وشددها بعضهم، والتخفيف أصوب. انظر المصدر السابق ومعجم البلدان لياقوت (2/ 142).

(3)

أخرجه البخاري (7376)، ومسلم (2319)، والترمذي (1922).

ص: 287

3983 -

قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أمر فرآه يقبّل الحسن ابن علي فقال: أتقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟ ".

قلت: رواه البخاري في الأدب ومسلم في الفضائل من حديث هشام ابن عروة عن عائشة ولفظ مسلم: قدم ناس من الأعراب، وجعل القصة لناس وكذلك ابن ماجه رواه في الأدب. (1)

قوله صلى الله عليه وسلم: أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك، يجوز في "أن" فتح الهمزة على أنها مصدرية أي لا أملك لك نزع الله من قلبك الرحمة، وفيه حذف مضاف أي لا أملك لك دفع نزع الله من قبلك الرحمة، ويجوز كسرها على أنها شرطية والجواب محذوف أي إن نزع الله من قلبك الرحمة، لا أملك لك دفعه، وقد روي الحديث بهما.

3984 -

قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني، فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها فَقَسَمَتْها بين ابنتيها، ثمَّ خرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدّثته فقال:"من بلي من هذه البنات شيئًا، فأحسن إليهن، كنّ له سترًا من النار".

قلت: رواه البخاري في الأدب ومسلم والترمذي كلاهما في البر ثلاثتهم من حديث عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن عائشة. (2)

قوله: من بلي هذه البنات شيئًا كذا هو في نسخ المصابيح المسموعة، والذي في مسلم وغيره: من ابتلي من هذه البنات بشيء، وهو الصواب، وما اختاره المصنف قد أنكره جماعة لمكان قوله: شيئًا، ولهذا رواه بعضهم يلي بالياء من الولاية ويحتاج هذا إلى إثبات ذلك روايةً.

3985 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة، أنا وهو هكذا" وضم أصابعه.

(1) أخرجه البخاري (5998)، ومسلم (2317)، وابن ماجه (3665).

(2)

أخرجه البخاري (5995)، ومسلم (2629)، والترمذي (1915).

ص: 288

قلت: رواه مسلم والترمذي كلاهما في كتاب البر من حديث أنس يرفعه واللفظ لمسلم (1) قال ابن الأثير (2) يقال: عال الرجل عياله يعولهم، إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة وغيرهما.

3986 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين، كالساعي في سبيل الله، وأحسبه قال: كالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر".

قلت: رواه البخاري في النفقات وفي الأدب ومسلم والترمذي في البر والنسائيُّ في الزكاة وابن ماجه في التجارات كلهم من حديث أبي هريرة. (3)

قال الجوهري (4): والأرملة: التي لا زوج لها، والأرمل: الرجل الذي لا امرأة له، وقد أرملت المرأة إذا مات عنها زوجها، وقال ابن السكيت: الأرامل: المساكين من الرجال والنساء، قال: ويقال لهم وإن يكن فيهم نساء، انتهى كلامه.

والألف واللام في القائم والصائم غير معرفتين، ولذلك وصف كل واحد بالجملة الفعلية بعده، فقال: لا يفتر ولا يفطر.

3987 -

أنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم، له أو لغيره في الجنة هكذا"، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرّج بينهما شيئًا.

قلت: رواه البخاري وأبو داود كلاهما في الأدب والترمذي في البر (5) ثلاثتهم من حديث سهل بن سعد إلا أن أبا داود قال: وفرق بين إصبعيه الوسطى والتي تلي

(1) أخرجه مسلم (2631)، والترمذي (1914).

(2)

النهاية (3/ 321).

(3)

أخرجه البخاري (6007)، ومسلم (2286، 2287)(2982)، والترمذي (1969)، والنسائيُّ (5/ 86)، وابن ماجه (2140).

(4)

الصحاح (4/ 1713).

(5)

أخرجه البخاري (5304)، وأبو داود (5150)، والترمذي (1918).

ص: 289

الإبهام، وروى مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين له ولغيره". (1)

وقال مالك بن أنس: بأصبعيه السبابة والوسطى، والكافل: القائم بأمر اليتيم، المربي له وهو من الكفيل.

والضمير في قوله صلى الله عليه وسلم: له ولغيره، راجع إلى الكافل أي سواء أكان من أقاربه وذوي رحمه أو كان أجنبيًّا عنه.

3988 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".

قلت: رواه الشيخان في الأدب من حديث النعمان بن بشير يرفعه (2) وفي الحديث: جواز التشبيه وضرب الأمثال وتقريب المعاني إلى الأفهام.

ومعنى تداعى له سائر الجسد: أي دعا بعضه بعضًا إلى المشاركة في ذلك، ومنه تداعت الحيطان: أي تساقطت أو قربت من التساقط.

3989 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى عينُه اشتكى كلّه، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله".

قلت: رواه مسلم في الأدب من حديث النعمان ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ بل خرج الذي قبله كما قدمناه. (3)

3990 -

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، ثمَّ شبك بين أصابعه.

(1) رواية مسلم برقم (2983) من حديث أبا هريرة.

(2)

أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586).

(3)

أخرجه مسلم (2586).

ص: 290

قلت: رواه الشيخان في الأدب من حديث أبي موسى (1) إلا تشبيك الأصابع فإنها من زيادات البخاري، كما قاله عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين" ذكره البخاري في باب تشبيك الأصابع في المسجد، وفي باب نصرة المظلوم.

وذكر ابن الأثير الحديث (2) بتمامه وعزاه إلى الشيخين ولم يبين، من ثمَّ قال: وأخرجه الترمذي إلى قوله: بعضًا، ذكره الترمذي في البر والنسائيُّ في الزكاة.

3991 -

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة، قال:"اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء".

قلت: رواه البخاري في الزكاة وفي التوحيد وهو ومسلم وأبو داود في الأدب والترمذي في العلم والنسائيّ في الزكاة كلهم من حديث أبي موسى (3).

وفيه: استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة، سواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كف ظلم أو إسقاط تعزير ونحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذا الشفاعة في تتميم باطل أو إبطال حق ونحو ذلك فهي حرام.

3992 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، فقال رجل: يا رسول الله! أنصره مظلومًا، فيكف أنصره ظالمًا؟ قال:"تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه".

قلت: رواه البخاري في المظالم والترمذي في الفتن كلاهما من حديث أنس يرفعه وروى مسلم معناه من حديث جابر. (4)

(1) أخرجه البخاري (6026)، ومسلم (2585).

(2)

جامع الأصول (6/ 564).

(3)

أخرجه البخاري (7476)، ومسلم (2627)، والنسائيُّ (5/ 77)، وأبو داود (5131)، والترمذي (2672).

(4)

أخرجه البخاري (2444)، والترمذي (2255)، ومسلم (2584) بمعناه عن جابر.

ص: 291

3993 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يُسْلِمَه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة".

قلت: رواه البخاري في الإكراه وفي المظالم وأبو داود كلاهما في الأدب والترمذي في الحدود والنسائيُّ في الرجم كلهم من حديث ابن عمر. (1)

قال ابن الأثير (2): يقال: أسلم فلان فلانًا إذا ألقاه إلى الهلكة، ولم يحمه من عدوه، وهو عام في كل من أسلمته إلى شيء لكن دخله التخصيص، وغلب عليه الإلقاء في الهلكة.

تنبيه: ذكر الشيخ زكي الدين المنذري (3) هذا الحديث في مختصر السنن وعزاه للترمذي والنسائيُّ وقال. وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة بعضه بمعناه انتهى كلامه، وهذا يقتضي أن الحديث من رواية ابن عمر ليس في البخاري ولا في مسلم، وليس كذلك بل هو ثابت فيهما كما بينته فلا تغتر بما وقع للمنذري فإنَّه ذهول، والله أعلم. قوله: ولا يسلمه، هو بضم الياء.

3994 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر: أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه".

قلت: رواه مسلم في الأدب وأبو داود قطعة منه: كل المسلم على المسلم حرام: ماله، وعرضه، ودمه، وفيه: حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، والترمذي في البر

(1) أخرجه البخاري (2442)(6951)، ومسلم (2580)، وأبو داود (4893)، والترمذي (1426)، والنسائيُّ في الكبرى (7291).

(2)

انظر: النهاية (2/ 294).

(3)

انظر: مختصر السنن (7/ 221).

ص: 292

وابن ماجه بعضه مقطعًا في الزهد، وفي الفتن، فلفظ المصنف إنما هو في مسلم، كلهم من حديث أبي هريرة (1).

ولا يخذله: بالذال المعجمة، قال العلماء: الخذل ترك الإعانة والنصرة، ومعناه: إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي.

ولا يحقره: هو بالحاء المهملة وبالقاف أي لا يحتقره فلا يتكبر عليه ويستقله، ورواه بعضهم: لا يخفره، بضم الياء آخر الحروف وبالخاء المعجمة والفاء أي لا يغدر بعهده ولا ينقض أمانته، قال القاضي عياض (2): والصواب المعروف هو الأوّل وهو الموجود في غير كتاب مسلم بغير خلاف. وروي: "لا يحتقره" وهذا يرد الرواية الثانية.

قوله صلى الله عليه وسلم: التقوى ها هنا، معناه أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته (3).

3995 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال، وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زَبْر له، الذين هم فيكم تَبَع، لا يبغون أهلًا ولا مالًا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دقّ إلا خانَه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل، والكذب، والشِّنظير الفحّاش".

قلت: هذا الحديث رواه مسلم مطولًا في أواخر الصحيح والنسائيُّ في فضائل القرآن كلاهما (4) من حديث عياض بن حمار، ولم يخرجه البخاري ولا أخرج في صحيحه عن عياض بن حمار شيئًا وليس في مسلم له إلا هذا الحديث.

(1) أخرجه مسلم (2564)، وأبو داود (4882)، والترمذي (1927)، وابن ماجه (4213).

(2)

إكمال المعلم (8/ 31).

(3)

انظر: المنهاج للنووي (16/ 183).

(4)

أخرجه مسلم (2865)، والنسائي (8070).

ص: 293

وهو حديث طويل عظيم الفائدة وذكره المصنف مقطعًا، ونحن نذكره كما رواه مسلم: رواه عن مطرّف بن عبد الله بن الشخير، عن عِيَاض بن حمار ابن عرفجة بن ناجية بن عقال المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، ذات يوم في خطبته: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني، يومي هذا، كل مال نحلته عبدًا، حلال، وإني خلقت عبادي حُنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرّمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابًا لا يغسله الماء، تقرؤه نائمًا ويقظان، وإن الله أمرني أن أحرّق قريشًا، فقلت: ربّ! إذًا يثغلوا رأسي فيدعوه خبزةً، قال: استخرجهم كما أخرجوك، واغزهم نُغزك وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشًا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، قال: وأهل الجنة ثلاثة:

" وساق الحديث إلى آخره (1).

زاد في بعض طرقه: عن مطر عن قتادة عن مطرف بن عبد الله عن عياض: "وإن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد"، وزاد:"وهم فيكم تَبَعًا لا يبغون أهلًا ولا مالًا" فقلت: وكيف يكون ذلك يا أبا عبد الله؟ قال: نعم، والله لقد أدركتهم في الجاهلية وإن الرجل ليرعى على الحيّ، ما به إلا وليدتهم يطؤها (2).

قوله: ذو سلطان مقسط: قال ابن الأثير (3): المقسط من أسماء الله تعالى وهو العادل، يقال: أقسط يُقْسِط فهو مُقْسِط إذا عدل، وقسط يقسِط فهو قاسط إذا جار، فكأن الهمزة في "أقسط" للسَّلْب، كما يقال: شكا إليه فأشكاه.

(1) أخرجه مسلم (63/ 2865).

(2)

أخرجه مسلم (64/ 2865).

(3)

انظر: النهاية (4/ 60).

ص: 294

قوله: موفّق أي هيء له أسباب الخير وفتح أبواب البر.

قوله: عفيف متعفف أي عفيف عما لا يحل له، متعفف كاف عن الحرام، مجتنب عن السؤال من الناس، متحاش عنه، متوكل على الله في أمره، ويجوز أن يشير بالأول إلى ما في نفسه من القوة المانعة من الفواحش، وبالثاني إلى إبراز ذلك بالفعل.

قوله: لا زبر له أي لا عقل يزبره وينهاه عن الإقدام على ما لا ينبغي.

فإن قلت: فإذا كان لا عقل له فلا تكليف عليه، فكيف يكون من أهل النار؟ قلت: ليس المراد نفي العقل التكليفي بل نفي الملكة التي بسببها يتماسك عن الشهوات فلا ير تدع عن فاحشة ولا يتوقف في حرام.

قوله: الذي لا زبر له، قال بعضهم: إن الذي، بمعنى: الذين، بالجمع كقول الشاعر:

إن الذي حانت بفلج دماهم

هم القوم كل القوم يا أم خالد

أي إن الذين، ولذلك قال: دماهم هم القوم، وهو الذي يجوز جعل قوله: الذين هم فيكم تبع، بدلًا من قوله: الذي لا زبر له، كأنهم أهل البطالات الذين لا هم لهم إلا تقضي الأيام بالباطل، فلا هم في عمل الآخرة ولا في عمل الدنيا.

قوله: والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، أي لا يخفي في نفسه طمعًا في شيء ما، وإن دق، بحيث لا يكاد يدرك إلا وهو يسعى فمن التطلع عليه حتى يجده فيخونه، ويحتمل أن يكون خفي من الأضداد، والطمع بمعنى المفعول، والمعنى: لا يظهر له شيء مطموع فيه إلا خانه وإن كان يسيرًا.

قوله: الشنظير الفحاش، الشنظير: هو سيء الخلق، كذا قاله الجوهري (1)، قال بعض الشارحين: الفحاش: نعت الشنظير وليس بتفسير له، أي يكون مع سوء خلقه مبالغًا في الفحش انتهى.

ويروى: الشنظير الفحاش بالنصب، عطفًا على مفعول، ذكر: أي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم البخل والكذب والشنظير، وبالرفع عطفًا على قوله خمسة.

(1) انظر: الصحاح للجوهري (2/ 698).

ص: 295

3996 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

قلت: رواه الشيخان في الإيمان (1) ولفظ البخاري: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ولفظ مسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أوقال لأخيه ما يحب لنفسه"، فالبخاري لم يذكر القسم، وقال: لأخيه من غير شك، ومسلم ذكر القسم، ووقع فيه الشك كذا قال عبد الحق، فلفظ المصنف ليس بلفظ واحد منهما، ورواه الترمذي في الزهد والنسائيُّ في الإيمان وابن ماجه في السنة كلهم من حديث أنس.

3997 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يأمن جاره بوائقه".

قلت: رواه البخاري خاصة في الأدب من حديث أبي شريح. (2)

وبوائقه: غوائله وشروره.

3998 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه".

قلت: رواه مسلم في الإيمان من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (3)

3999 -

قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنَّه سيورّثه".

قلت: رواه الشيخان وأبو داود ثلاثتهم في الأدب والترمذي في البر وابن ماجه في الإرث كلهم من حديث عائشة. (4)

(1) أخرجه البخاري (13)، ومسلم (45)، والترمذي (2515)، والنسائيُّ (8/ 115)، وابن ماجه (66).

(2)

أخرجه البخاري (6016).

(3)

أخرجه مسلم (46).

(4)

أخرجه البخاري (6014)(6015)، ومسلم (2624)(2625)، وأبو داود (5151)، والترمذي (1942)، وابن ماجه (3673).

ص: 296

4000 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن يُحزنه".

قلت: رواه البخاري ومسلم والترمذي ثلاثتهم في الاستئذان وأبو داود وابن ماجه كلاهما في الأدب كلهم من حديث عبد الله بن مسعود يرفعه. (1)

قال الخطابي (2): وإنما كان ذلك يحزنه لأنه ربما يتوهم أن نجواهم لسبب رأي فيه أو دسائس غائلة له وأن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة، قال أبو عبيد: هذا في السفر، وفي الوضع الذي لا يأمن الرجل فيه صاحبه على نفسه، أما في الحضر وموضع الأمن فلا بأس به.

4001 -

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة"، ثلاثًا، قلنا: يا رسول الله لمن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم".

قلت: رواه مسلم في الإيمان والنسائيُّ في البيعة (3) وذكر فيه قصة، وقال: إنما الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وفي رواية أبي داود في الأدب:"إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله عز وجل ولكتابه ولرسوله وأئمة المؤمنين وعامتهم أو أئمة المسلمين وعامتهم"، كلهم من حديث تميم الداري ولم يخرجه البخاري ولا أخرج في كتابه عن تميم الداري شيئًا، ولا أخرج له مسلم في صحيحه غير هذا الحديث، وهو حديث عظيم وعليه يدور الإسلام كما سنذكره.

(1) أخرجه البخاري (6290)، مسلم (2184)، والترمذي (2825)، وأبو داود (4851)، وابن ماجه (3775).

(2)

أعلام الحديث (3/ 2234 - 2235).

(3)

أخرجه مسلم (55)(96)، والنسائيُّ (7/ 156)، وأبو داود (4944).

ص: 297

قال النوويّ (1): وأما ما قاله جماعة من العلماء أنه أحد أرباع الإِسلام، أي أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإِسلام، فليس كما قالوه، بل المدار على هذا وحده.

قال أبو سليمان الخطابي (2): والنصيحة كلمة جامعة، معناها حيازة الحظ للمنصوح له، قال: ويقال: هو من وجيز الأسماء ومختصر الكلام، وأنه ليس في كلام العرب كلمة أجمع لخير الدنيا والآخرة منه، قال: ومعنى الحديث: عماد الدين وقوامه، كقوله صلى الله عليه وسلم:"الحج عرفة" أي قوامه ومعظمه، والنصيحة لله معناها: منصرف إلى الإيمان، ونفي الشرك عنه، وترك الإلحاد في صفاته، ووصفه بصفات الجمال والكمال كلها، وتنزيهه عن جميع أنواع النقائص، والقيام بطاعته واجتناب معصيته، والحب فيه والبغض فيه، وموالاة من أطاعه، ومعاداة من عصاه، وجهاد من كفر به، والاعتراف بنعمه وشكره عليها، والإخلاص في جميع الأمور، والدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة، والحث عليها، والتلطف في جميع الناس أو من أمكن منهم عليها.

قال الخطابي: وحقيقة هذه الأوصاف راجعة إلى العبد في نصيحة نفسه، فالله غني عن نصح الناصح، والنصح لكتاب الله على النحو الذي ذكرناه والأسلوب الذي بيناه في النصح لله، وكذلك النصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك النصح لمن ذكر بعده لا يخفى تفسيره من الأنموذج الذي ذكرناه، ولولا خوف الإطالة لبيناه مفصلًا كما بينه النوويّ في شرح مسلم (3).

4002 -

قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

(1) انظر: المنهاج (2/ 49 - 50).

(2)

انظر: معالم السنن (4/ 116 - 117).

(3)

انظر: المنهاج للنووي (2/ 49 - 52).

ص: 298